إنسانيات عدد 28 | 2005 | المجال - الفعاليات الاجتماعية - الغيرية | ص 03-04 | النص الكامل 
ليس تغييرا للأسلوب إذا خصصنا لهذا العدد الحالي لإنسانيات، جمع موضوعين اثنين حتى و إن لا يوجد بينهما ارتباط موضوعي مباشر.
في الواقع، لقد وظفت المجلة سابقا، هذا النوع من التنظيم ليس لأسباب اقتصاد النصوص بل قصد السماح لعدد من الباحثين بتعريف أعمالهم التي لا تكون بالضرورة مدمجة ضمن نفس العدد الموضوعي.
إن الموضوعين الرئيسيين: "المجال و السكن" و "الفعاليات الاجتماعية والغيرية" الذي من خلاله يتضمن سبعة مساهمات، هي في واقع الأمر، يربط بينهما قاسم مشترك يؤسس بينهما علاقات تسمح بإحداث تفتحات على تأملات جديدة في مختلف حقول الأنثروبولوجيا.
إن الموضوع الأول حول "المجال و السكن" تبرزه ثلاث دراسات حالة تمثل كل واحدة منها ثلاثة دول مغاربية.
يعتمد الباحث محمد بن عتو من خلال مقاله حول مدينة القصر الكبير بالمغرب على الخصوصية الحدودية لهذه المدينة، وضعية تجعل هذه الأخيرة خاضعة شيء ما لصيرورة التمدين الهامشي أكثر كثافة.
يحاول المؤلف تحليل الصيرورة و ميكانيزمات التوسع لهذه المنطقة من الدائرة الحضرية. إذ نجد أيضا هذه المقاربة للفضاءات الدائرية للمدن المتوسطة في قلب اهتمام البحث الذي يحاول سيدي محمد طراش حصره من خلال حالة مدينة ندرومة لإقامته بواسطة أداة التحليل الجغرافي الحضري العلاقة التي تكمن بين التمدين الخارجي و الحركيات السكنية.
تضاف مساهمة عماد صولة الى المواضيع التي تم التطرق إليها آنفا بجعل من حالة السكن التقليدي، قراءة انثربولوجية، مفضلا خصوصية الرمزية للعتبة في الطقوس المتعلقة بالبيت في تونس.
و في ما يتعلق دائما بالممارسات الطقوسية، تعود بنا حورية عبد النبي أولعربي إلى الجزائر، و لكن هذه المرة في المجال الجبلي الذي يستقطب إهتمامها.
و باعتمادها على مقابلة التحليل الأنثروبولوجي بالوقائع المعقدة لجبال الجرجرة، تقدم لنا المؤلفة لوحة شاملة للممارسات الطقوسية الجماعية القديمة المرتبطة بالانتجاع مع إبرازها لنا الأنواع المختلفة للعلاقات الاجتماعية التي نستشفي من خلالها الممارسة الرعوية في الوسط الجبلي.
يتطرق الموضوع الثاني مع بداية الأمر، و المتمحور حول إشكالية الفعاليات الاجتماعية و الغيرية،إلى عدة تساؤلات حيث تكون موضوعا لدور مختلف الفاعلين المطالبين بانتمائهم إلى المجتمع المدني، سواء على الصعيد المحلي أو الصعيد العالمي. و عليه، فإن مساهمة عمر دراس تتموقع في منظور محلي لتحليل الحركة الجمعوية في الجزائر متزامنة مع الإصلاحات الجارية التي تمس إعادة التنظيم التشريعي و المراقبة السياسية الإدارية التي تحاول الضغط على هذه الحركة من خلالها السلطات العمومية.
و على مستوى آخر، يستضيفنا زهير بن جنات لنتقاسم معه التأمل حول المكانة التي يمكن أن تحتلها إستراتيجية الفاعل التنموي المتعارك مع متطلبات البيئة المحلية و الإكراهات المفروضة من طرف العولمة.
من التساؤلات المتعلقة بالفاعلين الاجتماعيين، تحيلنا مساهمة محمد العربي عقون إلى براديغم الغيرية الذي يحاول تحليله من خلال أحد أقطاب الأثنواغرفية الكولونيالية في الجزائر، و هو المترجم العسكري شارل فيرو المعروف بأعماله الأثنوغرافية حول منطقة القبائل و التي تعد مرجعًا أساسيا في الأوساط الأكاديمية.
صادق بن قادة
