- تحتفل المجلة التاريخية المغاربية، هذه السنة، بعيدها الفضى. إن المناسبة فرصة للاعتزاز المشروع و التقويم الصحيح.
- منذ العدد الأول الذي ظهر في جانفي 1974 إلى العدد 92 الذي صدر في ماي 1998، نشرت المجلة 1266 مشاركة أي بمعدل يتجاوز 50 مشاركة في السنة و هو ما يؤكد الثقة العلمية التي تحظى بها لدى الدوائر البحثية العربية والدولية المهتمة بتاريخ المغرب في العهدين الحديث و المعاصر.
- اختارت المجلة التي تشرف عليها مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات، التعدد اللغوي (عربية، فرنسية، إسبانية و غيرها) بهدف الرابط بين الدوائر الأكاديمية المختلفة. تتصدر اللغة العربية بقية اللغات بنسبة 44,8 % من جملة ما نشرت المجلة خلال الفترة المعنية. و تحتل اللغة الفرنسية المرتبة الثانية بنسبة 44 % مما يدل على المكانة التي تحظى بها في الفضاء العلمي المغاربي.
- تعتبر المجالة التاريخية المغاربية همزة وصل حقيقية بين عدة أوساط جامعية دولية و عربية، وغطت الإشكاليات المتعلقة بالتاريخ المغاربي الحديث والمعاصر. إن نظرة إجمالية إلى محتواها من شأنها أن تبين مدى تنوع الإشكاليات المطروحة. فقد وقع تجاوز التاريخ الحدثي و التاريخ العام إلى تاريخ العقليات والذهنيات و تاريخ الأطراف و الهوامش بحثا عن المعالجات المعمقة و الجريئة والشاملة. فساهمت، بذلك، في جعل البحوث المغاربية في هذين العهدين، تخطو خطوات ثابتة إلى الأمام.
- حافظت المجلة التاريخية المغاربية، منذ نشأتها على انتظام صدورها و لم تسجل في هذا أي تأخير، كما لم تشك قط من ضآلة المادة الموجهة لها قصد النشر. فقد بلغ الحجم الذي وصلته المجلة 1200 صفحة سنويا بعد أن كان في البداية أقل من 250 صفحة و تأكيدا لتوجهها المغاربي، نشرت إلى غاية العدد 92، 237 مساهمة عن الجزائر و 388 عن تونس و 134 عن المغرب الأقصى و 66 عن ليبيا.
- احتوى المجلد (العددان 91 و 92) على دراسات و وثائق هامة (أكثر من 613 صفحة بين القسم العربي و القسم الفرنسي و الإنكليزي)، تناولت موضوعات و قضايا تتصل بالتاريخ السياسي و التاريخ الاجتماعي و التاريخ الثقافي للمغرب في العهدين الحديث و المعاصر.
نستخلص من هذه الدراسات، البحوث التالية :
* الصيت و السلطة في المعجم السياسي المغربي خلال القرن السابع عصر – لطفي عيسى جامعة تونس.
- يحاول المقال الوقوف عند مفهومي الصيت و السلطة و توضيح مدى اتصالهما بالسياق التاريخي الذي ساهم في نضج مؤسسات الدولة المخزنية واكتمالها في بداية العصر الحديث. و يتكون المصدر الرئيسي لإنجاز هذه المقاربة من نمط خاص للترسل، تداوله أبرز أقطاب الصيت (Autorité) و أكبر رجال السلطة مفصحين من خلاله عن أرائهم و تمثلاتهم الخاصة للأدوار و المسؤوليات المناطة بعهدتهم سياسية كانت أم اجتماعية – دينية و ذلك ضمن إطار زماني – مكاني مثله المغرب الأقصى خلال القرن السابع عشر.
و تتوزع تساؤلات المقال إلى إشكاليتين تمثلت أولادهما في رصد الأشكال التي عبر من خلالها مؤلفو هذه الرسائل عن تصوراتهم الخاصة و كيفية تعريفهم بمفهومي السلطة و الصيت و تتعقب ثانيتهما الحدود التي وضعها هؤلاء لتأطير مهامهم و نطاق تحركاتهم و مجال فاعليتهم بالقياس إلى بقية منافسيهم من ذوي الوجاهة و النفوذ.
* أحمد بلافريج : مرحلة الصبا و التكوين : عبد المجيد بن جلون جامعة الرباط المغرب.
يحاول صاحب المقال أن يبين إلى أي حد استطاعت مرحلتا الطفولة و المراهقة أن تقوما بدورهما في تكوين الوطني المغربي أحمد بلافريج و انخراطه في العمل السياسي. و اعتمد في ذلك على فرضيتين متعارضتين تحيلان إلى التحليل النفسي.
في الحالة الأولى، مرّ بلافريج الصغير بفترة حرجة نتيجة فقدان والده و لجوئه إلى خاله خلال أزمته الأوديبية مع العلم أنه عاش مع أمه كل انفعالاته. و في الحالة الثانية عاش الشاب بلافريج مراهقة شبه عادية، ذلك أن أمه بقيت بعد وفاة أبيه و أنه خلق لنفسه صورة تعويضية للأب. لقد عوّض أحمد بلافريج الفراغ العاطفي الذي سببه الفقدان المبكر لوالده، بانخراطه قلبا و قالبا في العمل الوطني و مثلت فترة المراهقة بالأحداث السياسية التي شهدتها، مرحلة حساسة في تكوين الإنسان.
* التاريخ و المؤرخون في الجزائر خلال القرن الثامن عشر محمد غالم – كراسك – جامعة وهران.
يتعرض الباحث في هذه المقالة إلى الأسباب التي دعت إلى العناية بالتاريخ في الجزائر العثمانية. فربطها بمؤسسة الدولة التي تحتاج في ظل الأزمات إلى علماء ينتجون لها شرعية تستند إليها في إقرار وجودها على المجتمع ثم انتقل إلى تحليل مضمون هذه الشرعية، فلاحظ أن مؤرخي القرن الثامن عشر بحكم تكوينهم الديني، اتخذوا من الفقه منطلقا لهم في تبرير المؤسسة العثمانية و حاولوا التوفيق بين المقتضيات الفقهية و البيئة السياسية التي ينتمون إليها (الحكم العسكري) فتوصلوا إلى صياغة شرعية فقهية تقوم على ثلاثة شروط هي : الجهاد – العدل – الإمارة القوية.
و في الأخير، حلل الباحث مفهوم التاريخ كما تبين من التأليف التاريخية التي خلفها علماء القرن الثامن عشر. إن هذا المفهوم لا يخرج عن المنظور الإسلامي التقليدي للتاريخ، إذ أن العناية بالماضي لا تصدر عن رغبة في القصص و الإمتاع لان التاريخ يحقق الحكمة و الاعتبار لا يخرج عن نطاق الأخلاق.
* قبيلة أولاد سيدي عبيد : مسار إخضاع البداوة.- حفيظ طبابي، باحث – تونس.
نشأت قبيلة أولاد سيدي عبيد بفرعيها الجزائري (أولاد سيدي عبد الملك) والتونسي (أولاد سيدي لحمادي) نتيجة ظروف تاريخية و جغرافية مستفيدة من عوامل التفكك السياسي و انتشار التصوف الشعبي و ظاهرة الأولياء، لتنمو وتتوسع و نمارس نشاطاتها الرعوية و التجارية عبر الشريط الحدودي التونسي – الجزائري.
على إثر الاحتلال الفرنسي، تعرضت القبيلة إلى ضربات استهدفت مصالحها و بنيتها، انتهت بها إلى فقدان فاعليتها كوحدة اجتماعية إدارية إزاء الوضع والأطر التنظيمية الجديدة. فقد صادرت السلطات الاستعمارية أرضها (بين 1846 و 1888) و ضيقت على نشاطاتها الرعوية و التجارية و الحقتها بأطر إدارية جديدة لا علاقة لها البتة بتقاليدها القائمة على الاستقلال بعزل زعاماتها التقليدية و إخضاعها لسلطة أشخاص غرباء عنها يتم اختيارهم وفق مقاييس الولاء للسلطة الاستعمارية. و نتيجة التفقير التي تعرضت له في ظل ظروف طبيعية و اقتصادية غير ملائمة (جفاف – مجاعات)، سيتجه أبناء القبيلة بثبات إلى العمل المنجمي كنشاط مكمل بداية ثم كنشاط أساس في مرحلة مقبلة خصوصا بعد الحرب العالمية الثانية.
مجلة مجلس الأعلى الإسلامي : العدد الأول – الجزائر سبتمبر 1998
هي دورية جديدة في الثقافة الإسلامية مهمتها الأولى : المساهمة في التثقيف بالإسلام بما في هذا التثقيف من تنوع و توسع. "و يعني" التطرق إلى الموضوعات البحثية التي بفرضها التجديد و رهانات المستقبل.
تطرق العدد في محوره الأول لـ "صورة الإسلام في الإعلام العالمي" إذ أن أهم وسائل الإعلام في العالم تقدم العنف و الإرهاب و التعصب الديني كظاهرة خاصة بالمسلمين. أم المسلمون فيؤكدون هذه الصورة المشوهة للواقع الإسلامي بسبب عزلتهم و عدم تبليغهم بحقائقهم و عالج المحور الثاني حقيقة الفكر الصوفي عند الأمير عبد القادر بهدف تنفيذ الأحكام المتسرعة في اتهام المتصوفة بالمروق عن الدين و التمذهب المنغلق الذي يثير الفتن بين المسلمين.
ساهمت في إنجاز هذا العدد شخصيات فكرية و دينية مثل الدكتور عبد المجيد مزيان رئيس المجلس الأعلى و أسقف الجزائر : هنري تيسيي و السيد : بوعبد الله غلام الله : وزير الشؤون الدينية و السيد : دليل بوبكر عميد مسجد باريس و غيرهم...
دراسات جزائرية : العدد الأول : وهران جوان 1997
صدر عن معهد اللغة العربية و آدابها العدد التجريبي من مجلة "دراسات جزائرية" التي تهتم بالثقافة الجزائرية قديمها و حديثها، و تسعى إلى إعادة الاعتبار لها بهدف التأكيد على الهوية الوطنية و الشخصية الجزائرية.
تناولت المجلة بحوثا و دراسات تطرقت إلى موضوعات متنوعة تتعلق بالتاريخ الثقافي و الأدب الجزائري القديم و الحديث و الشعر الشعبي والبيليوغرافيا... شارك في العدد أساتذة من جامعة وهران : كالدكتور عبد المالك مرتاض، د/ مختار بوعناني، د/ مختار حبار، د/ فخار ابراهيم، د/ يحيى بوعزيز و غيرهم.
يبدو أن المجلة حصرت اهتماماتها في الآداب الجزائرية الناطقة باللغة العربية و أهملت الآداب الجزائرية الناطقة باللغة الفرنسية و اللغة الأمازيغية وهذا إجحاف في حق الثقافة الجزائرية.
مجلة "الحضارة الإسلامية" وهران : نوفمبر 1997
خصص المعهد الوطني للتعليم العالي للحضارة الإسلامية العدد الثالث من مجلته لأعمال الملتقى الذي نظمه في وهران حول "المصطلح العلمي في التراث الإسلامي و العلوم الشرعية و الإنسانية". توزعت المقالات التي تقدم بها عدد من الأساتذة في الجامعات الجزائرية و العربية (المغرب و سوريا على الخصوص) على أربعة محاور هي : المصطلح في التراث الإسلامي من حيث التأصيل والتأسيس – المصطلح في اللغة و العلوم الإنسانية ثم واقع المصطلحات في الجامعات و المجامع العلمية في العالم العربي.
إلى جانب هذه الدراسات، أدرجت المجلة مقالات باللغة الانكليزية و اللغة الاسبانية تناولت موضوعات تاريخية.
يلاحظ على هذا العدد، تقصير في ترتيب المقالات ترتيبا منطقيا و إهمال في ذكر المراجع و الإحالات (مقال د : يحي بوعزيز).
الكاتب
محمد غالم