Sélectionnez votre langue

الجمع بين تربية الماشية و الزراعات المسقية. ضرورة أم اختيار في منطقة أقصى شمال الشط الشرقي

إنسانيات عدد 38 | 2007 | المحلّي في تحوّل | ص 13-23 | النص الكامل


Stock farming and agriculture due to irrigation in the Chott Chergui Steppe zone (Algeria)

 Abstract: Agricultural practices due to irrigation in the last decade complementarily to stock breeding in the extreme north east of the High steppe plains south of Oran has revealed changes in a rural society stemming from former now sedentary nomads. This society has experienced crises and has been confronted with several hardships. These mutations appeared not due to politics, but owing to the agricultural shepherds’ initiative, influenced by what was happening in the neighbouring Tell milieu. Agriculture without irrigation based on cereal culture (a system of culture usually associated with breeding) became non profitable because of insufficient rainfall and small output. This situation has led them to adopt another agricultural system based on irrigation, dominated by market gardening products and to find complementary measures with stock breeding.
This change brought about profound agro-pastoral technical changes: introducing new cultures, finding and controlling water, mastery of irrigation techniques, adapting to demands of new cultures and social changes forming new links with an outside market. On the economic level; the family revenue has greatly improved over the years with the gains from this new complementary activity which was put into financing and increasing the number of stock. At the same time the agricultural campaign has been financed by the incomes from stock sales when necessary.

Keywords: stock - breeding - agriculture - irrigation - culture system - Chott Chergui.


َTayeb OTMANE : Centre de Recherche en Anthropologie Sociale et Culturelle, 31 000, Oran, Algérie


 

إن التحولات التي تعرفها الأوساط الريفية الجزائرية كثيرة و متعددة منها ما هو طبيعي بحكم تطور و نمو المجتمعات، و منها ما هو ناتج عن الظروف و العوامل الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية التي مر بها المجتمع الريفي.

ارتأينا في هذا المقال أن نسلط الضوء على إحدى هذه التحولات التي يعرفها بها مجتمع ريفي يتواجد في منطقة شبه سهبية، إذ تمثل نقطة التقاء بين الوسطين التلي والسهبي، كما تقع في أقصى شمال شرق الشط الشرقي بالسهول العليا السهبية الجنوبية الوهرانية. و قد عرف هذا المجتمع بنشاطه الرعوي منذ القدم و صاحبته زراعة جافة محصورة في المكان. و ساعده في ذلك وجود وسط طبيعي ملائم غني بمراعيه إلا أن هذه الظروف تغيرت وتقلصت المراعي بسبب عدة عوامل طبيعية و أخرى بشرية، و أضطر أفراده إلى البحث عن حلول أخرى لإنقاذ نشاط توارثوه و زاولوه أبا عن جد، فتحولوا بذلك إلى ممارسة نشاط آخر زراعي إضافي، لم يكن معهودا لديهم من قبل. يعتبر هؤلاء الأفراد أبناء لرحل مستقرين. إن النتائج المتوصل إليها هي عبارة عن ترجمة و تحليل لمعطيات تحقيق ميداني مس 116 مربي ماشية في شهر أوت 2006 يتوزعون على ثلاثة بلديات ذات طابع ريفي محض إذ لا زال السكان المبعثرون يمثلون بها نسبة كبيرة حسب تعداد 98 (سيدي عبدالرحمان 61 ٪ و شحيمة 75 ٪ و مادنة 74 ٪). نستهل تحليلنا هذا بإعطاء نظرة عن الوضعية الحالية التي يعيشها النشاط الرعوي في المنطقة ثم نتطرق إلى مجمل التحولات التي مست هذا النشاط.

1. تقلص المراعي بين سلوكات الأفراد و التقلبات المناخية

تضافرت عدة ظروف طبيعية و بشرية مما أدى إلى تقليص مساحات كبيرة من المراعي و تصحرها، الأمر الذي جعل تربية الماشية عبئا ثقيلا على أصحابها و دفعهم إلى إيجاد بدائل أخرى أو تقليص هذا النشاط أو التخلي عنه. إن الرعي المستمر لمدة طويلة في مكان واحد و ارتفاع الكثافة الحيوانية في الهكتار و تقلص عمليات الترحال أو ما يعرف بالعشابة و العزابة[1] بين الشمال و الجنوب و المناطق السهبية بنسب كبيرة التي تعود بداياتها إلى الفترة الاستعمارية (امحمد بوخبزة 1982) والاستقرار التدريجي للسكان الرحل، هي كلها عوامل نتجت عن سلوكات بشرية، و أدت إلى تدهور الغطاء النباتي و زاد من تأثيرها تذبذب الظروف المناخية تدريجيا و على مر السنوات بالإضافة إلى تناقص سقوط المطر.

تزامن ذلك مع انحصار النباتات العلفية السهبية مجاليا و زيادة الطلب على الأعلاف لتعويض النقص الغذائي للماشية. كان الموال يتزود بحاجياته من الحبوب و الأعلاف خلال عمليات الترحال السنوية نحو الشمال (العشابة) التي تتصادف مع عمليات الحصاد، لكن تناقصها و تدهور الإنتاج الزراعي بالمناطق الشمالية، بفعل المناخ و تعاقب سياسات لم تكن ناجعة في الغالب كرست تبعية مربي الماشية لسوق متذبذبة و خاضعة لعمليات الاستيراد بشكل كبير.

2. مربو الماشية بين حاجة السوق و المضاربة

يعتبر مربي الماشية أن قطيعه هو رأسماله، و تسميته بموال لها مدلولان يعبر الأول عن شخص يمتلك قطيعا كبيرا من الأغنام و الثاني عن صاحب مال، لأن الكلمة مشتقة منه وكثيرا ما يستعمل مربي الماشية كلمة المال كبديل عن مصطلح القطيع.

غالبا ما يعزى ارتفاع أسعار الماشية إلى مربيها لكن التحدث معهم في هذا الأمر خلال التحقيق الميداني أظهر وجود عدة أمور متداخلة فيما بينها، و أن هذا الانطباع ظاهري بما أنهم لا يمثلون إلا حلقة ضمن سلسلة من متعاملي السوق. إن سعر الماشية محكوم بالعرض في السوق – عنصر مهم كثيرا ما يغفله الناس – و يزداد كلما كانت الظروف المناخية غير مناسبة كفترات الجفاف، مما يدفع ملاكها إلى تقليص أعدادها ببيع جزء منها، لخفض نفقاتها من جهة، و من جهة أخرى لتأمين الأعلاف الباهظة الثمن للقطعان المتبقية بالمال المحصل عليه من بيع بعضها (كما يعبرون عنها بطريقتهم الخاصة بالعامية "الشاة تْعَيَّشْ أختها") بينما يحدث العكس في حال تحسن الظروف المناخية و تجدد المراعي فيقل استهلاك الأعلاف، الأمر الذي يدفع أصحابها إلى الاحتفاظ بها لذلك يقل عرضها في السوق و بالتالي ترتفع أسعارها. كما أن عدم خضوع السوق لنظام واضح و محدد المعالم له تأثيره على الأسعار، الأمر الذي جعل أصحاب الماشية المتضررون بالدرجة الأولى.

3. ندرة الأعلاف مشكلة متعددة الأبعاد

لقد أصبح وجود الأعلاف بين مد و جزر بسبب انفتاح السوق و تعدد الأطراف الفاعلة و انحصار دور دواوين تغذية الأنعام بحكم مشاكل تسييرها الداخلية و حدة المنافسة مع القطاع الخاص. إن تذبذب و ندرة الأعلاف نظرا للمضاربة و وجود النوعيات المغشوشة في غياب المراقبة الدورية لها من قبل الهيئات المختصة، هي من أهم الهواجس التي يعيشها مربو الماشية.

كما أن هذه الرحلة تمكنهم أيضا من اقتناء حاجياتهم خصوصا التمر من القصور الصحراوية. إن هذا التنقل ما بين الأوساط الثلاث الصحراوية، السهبية و التلية أوجد توازنا بيئيا كان يترك في كل رحلة مهلة للمراعي السهبية لتستريح و تتجدد و يتيح أيضا مجالا أوسع للتواصل الاجتماعي و التبادل الاقتصادي ما بين هذه الأوساط، إلا أن هذا النمط من التواجد البشري تقلص بشكل كبير في الفترة الاستعمارية و ما بعد الاستقلال لعدة ظروف سياسية، اجتماعية و اقتصادية. كانت القطعان تتنقل مشيا لمدة أسابيع عبر مسالك معينة و معروفة تحكمها و تحددها أعراف متوارثة ما بين القبائل المكونة للموالين لكنها تغيرت كثيرا و حل محلها النقل بالشاحنات و الرعي في مناطق تجاوزت الأعراف القبلية بشكل كبير.

4. تباين في التركيبة البنيوية للموالين

يقارب حجم القطيع مائتي رأس أو يزيد قليلا و يعبر عنه محليا "بالغَلمْ" و يأخذ بعين الاعتبار هذا العدد قدرة الشخص الذي يرعاها على التكفل بها. تضم العينة التي تم التحقيق معها فئات عديدة تراوحت ما بين كبار الموالين الذين يمتلكون 500 رأس غنم أو أكثر قد تصل حتى 1000 رأس، و ما بين صغار الموالين (20-50 رأس). كما أن حجم متوسط قطيع الأغنام لكل موال تراوح مابين 44 إلى 842 رأس (الجدول 1) و متوسطي الموالين (50– 499 رأس) يحتلون نسبة 50٪ من المجموع الكلي.

يلجأ كبار الموالين و حتى المتوسطين منهم عادة – إذا انعدمت اليد العاملة العائلية - إلى جلب رعاة لمواشيهم بمعدل راع لكل قطيع مقابل راتب شهري، عكس ما كان متعارفا عليه من قبل، حيث أن الراعي كان يدخل بالشراكة في فترة ما بالربع و تراجعت إلى الخمس من الخراف التي يتم إنجابها سنويا. قد يستعين بعض الموالين بما يعبر عنه محليا "بالعَزَّال" الذي يمتلك قطيعه الخاص و يقوم برعاية قطعان أخرى مقابل مشتقاتها (السمن، الصوف) لكن هذه الممارسة اندثرت تقريبا و أصبح الراعي يأخذ مقابلا شهريا من المال على كل شاة.

جدول 1 : توزيع الموالين حسب حجم القطيع

حجم القطيع

عدد مربي الماشية

عدد رؤوس الأغنام

متوسط حجم القطيع لكل مربي ماشية
العدد النسبة (٪) العدد النسبة (٪) العدد

أكثر من 500

07

6

5900

39.3

842

200 - 499

14

12.1

3365

22.4

240

100 – 199

17

14.6

1920

12.9

112

50 – 99

24

20.7

1430

9.5

60

20 – 49

54

46.6

2400

15.9

44

المجموع

116

100

15015

100

129

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المصدر: تحقيق ميداني أوت 2006.

5. إعتماد الرعي المستقر تحول جديد في ذهنيات مربي الماشية

إن تقلص مساحة المراعي بنسب كبيرة و ضعف تجددها السنوي كان له أثر كبيرا في تحول مربيي الماشية إلى الميل نحو الرعي المستقر، مما جعل القطيع لا ينتقل إلى المناطق الرعوية السهبية إلا في فترة محدودة خلال المواسم الممطرة و دفع بممارسة نشاط فلاحي إضافي يعتمد على الزراعة المسقية بالدرجة الأولى. إذا كانت الزراعة الجافة المرتكزة على الحبوب مألوفة لديهم بحكم أنها لا تتطلب مجهودا كبيرا و لا تقنيات صعبة و هي موجهة في الأساس للاستهلاك الخاص في تناقص مستمر بسبب ضعف التساقطات السنوية و امتناع الدولة عن تموينهم بالحبوب مع مطلع سنة 2000 -باعتبار هذه المناطق رعوية- فإن انتشار الزراعات المكثفة التي تعتمد على السقي و الموجهة إلى السوق يعكس تحولا اجتماعيا و اقتصاديا لهذا المجتمع الريفي. كل مربي الماشية الذين تم التحقيق معهم يمتلكون قطع أراضي خاصة أو استفادوا منها في إطار قانون الاستصلاح الزراعي (الجدول 2).

جدول 2 : توزيع الموالين حسب حجم القطيع و المساحات المسقية

حجم القطيع

عدد مربي الماشية

عدد رؤوس الأغنام

المساحة المسقية (هكتار)

العدد

النسبة (٪)

العدد

النسبة (٪)

العدد

النسبة (٪)

أكثر من 500

07

6

5900

39.3

39

10.8

200 - 499

14

12.1

3365

22.4

29.25

8.1

100 – 199

17

14.6

1920

12.9

68.75

18.9

50 – 99

24

20.7

1430

9.5

83.85

23.1

20 – 49

54

46.6

2400

15.9

141.45

39.1

المجموع

116

100

15015

100

362.3

100

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

إن تحسن ظروف الحياة لدى مربي الماشية يبدو واضحا من خلال تجديد و توسيع مساكنهم و تخصيص بناءات لحيواناتهم (إسطبلات وزرائب مبنية بالحجارة) و استفادة غالبيتهم من الإنارة الريفية. كما أن مستثمراتهم مجهزة بكامل عتاد الري الفلاحي و يمتلك أغلبهم وسيلة نقل.

6. هل الزراعة المسقية نشاط تكميلي أم ضرورة؟

تُعرف مناطق أقصى شمال شرق الشط الشرقي باستعمال زراعات معاشية جافة مرتبطة بالتساقطات ذات مردودات غالبا ما تكون ضعيفة، تعتمد نمط رعي توسعي إلا أن عدة تحولات بدأت تحدث في هذا الميدان من خلال توجه مربي الماشية إلى مزاولة الزراعات المسقية مع مطلع التسعينات و تزايد وتيرتها بعد مباشرة العمل بالمخطط الوطني للتنمية الفلاحية و الاعتماد في ذلك على المياه الجوفية الباطنية لحوض الشط الشرقي الذي ساعد استغلالها عن طريق حفر آبار تقليدية و أخرى عميقة على تثبيت السكان في أراضيهم (نسبة التبعثر 60٪) و إعادة بعث النشاطات الريفية من جديد.

يعود الفضل في إدخال الزراعة المسقية إلى مزارعي ولاية معسكر بعد انتقالهم و استثمارهم في المنطقة عن طريق الشراكة مع السكان المحليين، مما ساعدهم في اكتساب خبرة في نمط زراعي لم يكن معهودا لديهم من قبل و جعل المنطقة معروفة في الأسواق المحلية و حتى الجهوية.

تغطي الأراضي المسقية مساحة 362.3 هكتار وتتوزع على 116 مزارع، حيث يمثل المتوسط العام للمساحة الخاص لكل واحد منهم ما يعادل ثلاث هكتارات (الجدول 3). تتراوح مساحة قطع الأراضي المخصصة للسقي ما بين هكتارين و خمس هكتارات، و قد تصل حتى العشر هكتارات عند كبار الموالين المزارعين و تعتبر العلاقة في الغالب طردية ما بين المساحة و حجم القطيع و كلما كانا كبيرين زاد الاستثمار و زادت المساحة.

جدول 3: متوسط المساحة المسقية لكل مربي ماشية

حجم القطيع

عدد مربي الماشية

المساحة المسقية (هكتار)

متوسط المساحة المسقية لكل مربي ماشية (هكتار)

أكثر من 500

07

39

5.57

200 - 499

14

29.25

2

100 – 199

17

68.75

4

50 – 99

24

83.85

3.5

20 – 49

54

141.45

2.6

المجموع

116

362.3 3.1

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المصدر: تحقيق ميداني أوت 2006

إن الانتقال من زراعة واسعة و جافة لم تكن إلا تكميلية لتربية الماشية إلى أخرى مسقية و مكثفة يعكس مدى التحول في ذهنيات ممارسيها. يظهر هذا التحول جليا في اكتساب تقنيات هذا النوع من النشاط في اختيار المزروعات التي تتلاءم مع طبيعة المنطقة و فترات زرعها و وجود المزارع طيلة اليوم و خلال كامل الحملة الزراعية التي تدوم عدة أشهر في الحقل، على عكس ما كان يُمارس من قبل فيما يتعلق بالزراعة الجافة التي لا تتطلب سوى مدة شهر على أكثر تقدير ما بين الحرث و الحصاد ثم يتفرغ صاحبها لممارسة الرعي.

تعتمد الزراعة المسقية بالدرجة الأولى على الخضر خصوصا البطاطا و البصل و الجزر بنسب كبيرة ثم تليها أنواع أخرى كالفاصوليا و البطيخ... كما أن هناك عدد من المزارعين استفاد من الأشجار المثمرة، في إطار المخطط الوطني للتنمية الفلاحية، لكن هذه الأخيرة لم تدخل في الإنتاج بعد و تواجه مشاكل عديدة، منها ما هو طبيعي كالرياح و الصقيع، و منها ما هو بشري يعود إلى عدم دراية المزارعين بهذا النوع من الزراعة و خصوصياته.

إذا كانت تربية الماشية تعتمد في الغالب على العمالة العائلية، فإن هذا النوع من الزراعة يتطلب يد عاملة أخرى إضافية خصوصا الموسمية منها، عند بداية و نهاية الحملة الزراعية.

7. الزراعات العلفية المسقية لا زالت بمساحات صغيرة

يقوم الفلاحون في بداية الموسم الزراعي بتخصيص مساحات مسقية للزراعات العلفية (الشوفان و الشعير) تستعمل للرعي في الفترات التي يندر فيها العشب و يعبر عنها محليا "بالكْسِيلْ"، إلا أن هذا النوع من الزراعة لا زال قليل المساحة إذا ما قورن بتلك التي تخصص للخضر و البقوليات، لأن هذه الزراعة تستأثر بأكبر جهد من المزارعين، تأخذ أكبر حصة من مياه السقي و تدر أكبر ربح يساعد فيما بعد على تأمين حاجيات ماشيتهم.

8. الإنتاج الزراعي موجه للسوق و هو مورد اقتصادي عائلي إضافي مهم

إذا كانت زراعة الحبوب موجهة للاستهلاك العائلي فإن تلك المسقية موجهة للسوق بالدرجة الأولى بحكم أنها مكثفة و تجارتها مدرّة. إذا كانت معطيات السوق ايجابية فإن الدخل الزراعي غالبا ما يفوق مثيله في تربية الماشية. إذا أخذنا سنة 2006 كمعيار-من حيث الإنتاج و البيع- لشخص يمتلك 100 رأس غنم وقام بزراعة هكتارين من البطاطا و اعتمدنا سعر متوسطي، فإننا نستطيع ملاحظة الفارق على اعتبار أن الإنتاج الحيواني مدته سنة بينما محصول البطاطا يكون في 4 أشهر فقط ( الجدول 4).

جدول 4: مقارنة بين مداخيل الماشية و الزراعات المسقية

نوع النشاط

العدد

الإنتاج

سعر الوحدة (دج)

الدخل الكلي (دج)

العدد

الوحدة

تربية الماشية

100 رأس غنم

100

رأس

9000

900000

زراعة

هكتاران من البطاطا

700

قنطار

2000

1400000

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المصدر: تحقيق ميداني أوت 2006.

9. وضعية تكاملية بين تربية الماشية و الزراعة

يعتمد المزارعون في الغالب دورة زراعية واحدة خلال السنة، تمتد من بداية شهر أفريل حتى نهاية شهر سبتمبر بسبب صعوبة المناخ و بالأخص البرودة الشديدة في الفترة الشتوية.

تمتاز هذه الزراعة بمداخيلها المرتفعة الأمر الذي ساعد على توسعها و استمرارها، كما أن جزء من مداخيلها يخصص لتربية الماشية إما في زيادة عددها أو تأمين الأعلاف لها، و يحدث نفس الشيء بصورة عكسية في بداية الموسم الزراعي حيث يباع جزء من القطيع لتموين حملة البذر. إن هذه الإستراتيجية ساعدت بشكل كبير في الجمع بين النشاطين الرعوي و الزراعي و مزاولتهما بتزامن، و أكسبت أصحابها مرونة في الإلمام بمتطلبات المهنتين. كما أنها أظهرت حجم التحول في ذهنية مربي الماشية الذين توارثوا هذه المهنة أبا عن جد باعتبارهم قدماء موالين عرفوا الاستقرار بشكل تدريجي منذ أوائل و حتى منتصف القرن العشرين و أضافوا إلى تربية الماشية نشاطا زراعيا لم يكن معهودا لديهم من قبل. كما أن مداخيل الإنتاج الزراعي لم تغنهم عن ممارسة تربية الماشية أو حتى تقصيها.

10. تعبئة مياه السقي سند للري الرعوي

يعتبر الشط الشرقي من أهم المناطق الوطنية من حيث المياه الجوفية(42 مليون م3)، الأمر الذي ساعد في تعبئة المياه بشكل فردي على مستوى المستثمرات وقلص بشكل كبير تنقل الماشية مسافات طويلة، عكس ما كان معروفا من قبل، حيث أن تواجدها كان مرتبطا بالمراعي و قربها من منابع المياه. و قد تم إحصاء 124 بئرا ما بين عميق و تقليدي بصبيب معتبر (5- 15 لتر/ثا) حيث يمتلك كبار الملاك في الغالب بئرين عميقين.

11. المتابعة البيطرية المستمرة أصبحت ضرورية لدى مربي الماشية

أصبحت المتابعة البيطرية المستمرة للماشية لدى ملاكها من ضروريات الحفاظ عليها و تحسين مردودها بإتباع التخصيب الاصطناعي، الاستشارات الطبية اليومية و التلقيح الدوري. إن هذه العمليات لم تكن معروفة أو معتادة لديهم إذا استثنينا التلقيح الذي كانت تقوم به المصالح المختصة لدى الدولة بين فترة و أخرى، لكنها أصبحت من الممارسات اليومية لدى الموالين رغم تكاليفها المرتفعة، بخاصة بعدما أصبح ملاكها في راحة مالية نتجت عن ممارسة هذا النشاط الزراعي الإضافي. و لعل ما ساعد على انتشار هذه الظاهرة وجود معهد تكوين للأطباء البياطرة بالقرب من المنطقة و خريجوه هم أبناؤها.

و إذا كان إدراك أهمية استعمال الأدوية البيطرية لدى الموالين دافعه اقتصادي للحفاظ على الثروة الحيوانية و مضاعفة نسبة توالدها في السنة بمرتين، من خلال التخصيب الاصطناعي، فإنه يعكس كذلك التطور الذي حدث في هذه المجتمعات الريفية بتقبلها للتغيير و تحسين وسائل و آليات الإنتاج.

خلاصة

يمثل الجمع بين الزراعة المسقية و تربية الماشية جزءا من التحولات التي شهدها أفراد مجتمع ريفي بأقصى شمال السهول العليا السهبية الجنوبية الوهرانية في منطقة الشط الشرقي. إن ممارسة نمط زراعي جديد لم يكن معهودا لديهم من قبل أكسبهم تقنيات تختلف عن تلك التي يزاولونها في الزراعات الجافة المعتمدة أساسا على الحبوب، الأمر الذي تطلب منهم معرفة آليات ممارسته و التحكم في تقنيات الري الزراعي كما مكنهم من الانفتاح على أوساط أخرى والتعامل معها بالتبادلات التجارية و بتوظيف اليد العاملة الموسمية، بالإضافة إلى أن الدخل الاقتصادي العائلي تدعم من مداخيل النشاطين معا و أكسب أصحابه مرونة في تموين تربية الماشية بتأمين احتياجاتها و تمويل الحملات الزراعية.

Bibliographie

Bedrani, S., «La place des zones steppiques dans la politique agricole algérienne», Parallelo, 37, n° 16, 1993, pp. 43-52.

Bendjelid A., Brule J.-C. et Fontaine J., Aménageurs et aménagés en Algérie, héritages des années Boumediene et Chadli, Paris, l’Harmattan, 2004, p. 419.

Boukhobza, M., L’agro-pastoralisme traditionnel en Algérie, de l’ordre tribal au désordre colonial, OPU, Alger, 1982, p. 458.

Duvigneau, G., L’eau et les hommes, un grand projet exemplaire d’aménagement du territoire en milieu semi-aride, Annales de géographie, vol 17, 1998, pp. 1-81.

Duvigneau, G., «Mythe et réalité de l’aménagement en zone steppique; la mise en valeur en irrigue à Rechaïga, wilaya de Tiaret» In Bendjelid, A., Brule, J.-C. et Fontaine, J., Aménageurs et aménagés en Algérie, Paris, l’Harmattan, 2004, pp. 133-135 .

Duvigneau, G., «Un aménagement sans effet, el bnoud (wilaya d’el bayadh)» in Bendjelid, A., Brule, J-C. et Fontaine, J., aménageurs et aménagés en Algérie, Paris, l’Harmattan, 2004, pp. 104-108.

Duvigneau, G., (2004), «Un enjeu entre ksouriens et nomades sedentaires, le périmètre irrigué de Ghassoul (wilaya d’el bayadh)» in Bendjelid, A., Brule, J-C. et Fontaine, J.,aménageurs et aménagés en Algérie, Paris, l’Harmattan, 2004, pp. 113-114.

Hadeid, M., «Les mutations spatiales et sociales d’un espace a caractère steppique, le cas des Hautes Plaines Sud-Oranaises», thèse d’état, Univ. d’Oran, 2006, p. 494.

Khaldoun, A., «Contraintes d’aménagement dans la steppe, exemples des périmètres irrigués dans la Wilaya de Naâma» in Bendjelid, A., Brule, J-C. et Fontaine, J., aménageurs et aménagés en Algérie, Paris, l’Harmattan, 2004, pp. 118-120.

Otmane, T., (2003), «L’accession a la propriété foncière agricole par la mise en valeur dans le milieu steppique, cas de la Wilaya de Tiaret», Mémoire de Magister, Univ. d’Oran, p. 130.

 


الهوامش

1] العشابة و العزابة تعبران عن رحلتين يقوم بهما الموالون الرحالة على شكل قوافل مع قطعانهم. كلمة عشابة مشتقة من العشب الأخضر حيث، أن هذه الرحلة تنطلق من السهول العليا السهبية باتجاه المناطق التلية في الشمال للإقامة بها في الفترة الصيفية، و حيث تتصادف مع عمليات الحصاد أين يتم تزود الموالين بالمحاصيل الزراعية كالقمح و الشعير و اقتناء بعض المواد المصنعة من المدن و استغلال بقايا الحقول التي تم حصادها للرعي، كما أن الرحالة قد يحصلون بها على وظائف موسمية لدعم دخلهم العائلي. و مع نهاية الموسم يعودون إلى السهوب بعد تجدد الغطاء النباتي في بداية موسم الخريف (يعبر عنه محليا "بالخرفي") للمكوث بها مدة ثم ينتقلون في الشتاء مع قطعانهم إلى الجنوب (رحلة العزابة) بغية البحث عن المراعي في المناطق الصحراوية و الابتعاد عن ظروف الشتاء القاسية في السهوب العليا السهبية.

 

logo du crasc
insaniyat@ crasc.dz
C.R.A.S.C. B.P. 1955 El-M'Naouer Technopôle de l'USTO Bir El Djir 31000 Oran
+ 213 41 62 06 95
+ 213 41 62 07 03
+ 213 41 62 07 05
+ 213 41 62 07 11
+ 213 41 62 06 98
+ 213 41 62 07 04

Recherche