Sélectionnez votre langue

لجزائر: الإحالة على الديني في الحركة الوطنية

ثم الإعلان و ذلك منذ حصول الجزائر على استقلالها في جويلية 1962، على أن الإسلام هو "دين الدولة" باعتبارها ترتيبا مقيدا في مختلف الدساتير التي تعاقب تبنيها في هذا البلد.

و قد نتج عن هذا الأمر، انعكاسات مختلفة في مجال النظامين التربوي و التشريعي، و سنعود إلى ذلك لاحقا، لكنه، كان بمثابة ذريعة استغلها الإسلام السياسي منذ نهاية الثمانينيات، من خلال استخدام جميع الوسائل، بما فيها العنف الأكثر تطرفا، للاستيلاء على السلطة السياسية كليا و يسمح، ما عرفته هذه الحركة من فشل و تراجع نسبي بمعاينة مل يتضمنه المجتمع الجزائري من تعقيدات مرتبطة بوضع خضع منذ الاستقلال للتسيير المعروف للسياسي

و لكن لا يمكن إدراك و فهم ذلك، دون العودة للسياق الذي أسهم في تشكيل المجتمع خلال الفترة الاستعمارية إلى حدود انبثاق الحركة الوطنية و تبلور توجهاتها الأيديولوجية الأساسية.

ستشكل الديانات الإسلامية، على الرغم من وجود ديانات أخرى لها أتباع في الجزائر، المرجعية الأساسية في مناهضة الاستعمار منذ البدايات الأولى لتأسيس جبهة التحرير الوطني.

كان الإسلام بمثابة الديانة الوطنية الفعلية و هي الديانة الوحيدة التي اعلنت عن نفسها بهذا الشكل.

و تصبح بذلك، الإضاءة التاريخية، في هذا المجال و غيره من المجالات، ضرورة لا يمكن تجاوزها.

1-الديانات شمال أفريقيا، منذ الأصول الأولى إلى حدود الاستعمار الفرنسي للجزائر

تعرضت مع نهاية العصور القديمة الديانات الوثنية ذات الأصول الأفريقية و الليبية البربرية أو تلك التي أدخلت عن طريق البحر الأبيض المتوسط، من قبل الفينيقيين بخاصة (منذ نهاية الألفية الثانية قبل الميلاد) و من قبل الرومان فيما بعد (بواسطة الشعوب التي سيطروا عليها منذ نهاية حروبهم ضد القرطاجيين في 146 قبل الميلاد)، لمنافسة الديانة التوحيدية، التي دعت إليها اليهودية (ح.زفراني)، و كذلك المسيحية فيما بعد، و قد تم التأكد من وجود هذه الأخيرة بالجزائر منذ الألفية الثانية للميلاد (ش. أ جوليان، ج كووك).

و قد برهنت هذه الديانة الثانية على حيوية خاصة في تلك الفترة، حيث قامت كنيسة أفريقيا الشمالية، من خلال شخصيات مثل تورتوليان (القرن الثاني و الثالث) و سيبريين (القرن الثالث) و أوغسطين القرن الرابع و الخامس) بترك أثار عميقة في تاريخ المسيحية اللاتينية و يبدو و على الرغم كون هذه الديانة متجدرة أكثر في المدن، نجد أنها قد حاولت أن تخترق المناطق الريفية المناطق، كما يشير إلى ذلك الالتحام الذي تم في القرنين الرابع و الخامس بين الحركة الاجتماعية التابعة للسيركونسيليون و اليونانية،و قد اعتبرت في نظر الكاتوليكية بالحركة المارقة. و هكذا يرفع سقوط الإمبراطورية الرومانية في القرن الخامس و دخول الإسلام لأفريقيا الشمالية منذ القرن السابع الجماعات المسيحية إلى الهامش، و قد تعود الآثار التي تركتها في الجزائر (و كذلك بالنسبة للغة اللاتينية) إلى القرن الثاني عشر أما بالنسبة للديانة اليهودية الذي سبق تواجدها بأفريقيا الشمالية الديانة المسيحية، إذ يعود ذلك إلى الألفية الثانية قبل الميلاد، و التي انتشرت في الأوساط البربرية لتلل و بالصحراء (في منطقة توات بخاصة) قد تعززت بحكم قوافل الهجرة الآتية من المشرق و من البحر الأبيض المتوسط، و من اسبانيا بالضبط و بخاصة مع نهاية الفترة الفيزيقوطية و كذلك بعد سقوط الأندلس و غرناطة سنة 1492.

و على خلاف المسيحية، نجد أن اليهودية في المغرب الأوسط قد صمدت نسبيا أمام التوسع الإسلامي، و لكن سيكون مصيرها مرتبطا بالاستعمار الفرنسي، و بخاصة بعد صدور سنة 1871 لمرسوم كريميو الذي يمنح الجنسية الفرنسية لكل يهود الجزائر (ش. ر. أجيرون، ب، ويل) و يفسر هذا الحدث، بالإضافة إلى الاستعمار الصهيوني لفلسطين، الذهاب الجماعي لليهود و للمسيحيين من الجزائر فور حصول هذا البلد على الاستقلال سنة 1962. وقد أعادت المسيحية الظهور بالجزائر بوصفها ظاهرة دخيلة هذه المرة، و لكنها محصورة في السكان الكولونياليين ذوي الأصول الأوروبية (ويبقى عدد المتمسحين من الجزائريين عديم الأهمية) وستتمكن الديانة الإسلامية منذ دخولها إلى الجزائر في القرن السابع من تحقيق نجاحا كبيرا، إذ يعتنقها أغلب سكان المغرب الكبير، إلى حد أنه أصبح يشكل المصدر الأساسي للشرعية لمختلف الأنظمة السياسية التي ترى النور بالمنطقة، بما فيها الإمبراطورية العثمانية التي التحق بها المغرب الأوسط عندما أصبح الضغط الأوروبي (الأسبان في بداية) يلوح في الأفق. و لاداعي للتعجب إذا كانت الديانة الإسلامية مطلوبة باستمرار بوصفها دعامة أيديولوجية حاسمة في مقاومة الاستعمار الفرنسي

2-الإسلام و المجتمع الجزائري في مواجهة الاحتلال الكولونيالي.

كان المجتمع الجزائري، قبل الاحتلال، يعيش في سبات عميق فالمدن التي عرفت ازدهارا كبيرا في العصر الوسيط، خضعت بدورها لانحطاط كبير بحكم لتحول المركزي الخاص بالممرات التجارية العالمية نحو أوروبا ابتداءا من القرنين الخامس عشر و السادس عشر بعيدا عن العالم الإسلامي و عن المغرب العربي الكبير و قد مست هذه التحولات كذلك نشاطات القرصنة البحرية التي سمحت منذ الإعلان عن الوصاية العثمانية للجزائر سنة 1518 بتحويل جزء كبير من الخيرات التي تعبر الجهة الغربية من البحر الأبيض المتوسط لصالح الوصاية، إذ انعدمت من جراء الهيمنة الكاملة الأسطول الغربي على البحر المتوسط. كان المجتمع الجزائري آنذاك منغلقا أشد الانغلاق و بخاصة في عالمه الريفي الذي يمثل حوالي 95% من العدد الإجمالي للسكان، و قد أسهم في هذا الوضع النظام الاجتماعي الريفي و العشائري كما لعبت الزوايا دورا كبيرا في ذلك، بحكم نشاطاتها الدينية و الثقافية الضعيفة التي امتدت شبكاتها إلى العديد من المناطق على المستوى المغاربي و أحيانا إلى حدود المشرق.

بعد أن احتل المدن، أقامت الرأسمالية الكولونيالية التي هي في الأصل ذات أهلية زراعية، بتفكيك البنية الريفية الجزائرية و لإطارها الجماعاتي التقليدي، باستخدام العنف المسلح و العنف الرمزي، و يمثل هذا الأخير بخاصة في تلك الترسانة التشريعية التي يمكن أن نجد ضمنها القانون المتعلق بتحديد القطع الأرضية الصادر سنة 1851 و السيناتوس كونسيلت الصادر سنة 1863 و قانون وارني الصادر سنة 1873 قانون الأهالي الصادر سنة 1881 و هكذا تمر مقاومة توسع النظام الكولونيالي الجديد عبر تجنيد الإطار الجماعاتي و العشائري، لكن بواسطة الدعم الحتمي للزوايا التي تعطي الشرعية الدينية للمعركة ضد المستعمر و ذلك بإمدادها بقيادات لا يمكن الاختلاف حولها مثل الأمير عبد القادر في بداية الاحتلال (من سنة 1832 إلى سنة 1847)، و كذلك  قيادات أخرى و يمكن ذكر بعضها مثل شيخ الحداد (مع الشيخ المقراني) بالنسبة لثورة منطقة القبائل (و التي امتدت إلى مناطق أخرى) سنة 1871، و الشيخ بوعمامة و ثورة أولاد سيدي الشيخ في الجنوب الغربي للجزائر (سنة 1862 و سنة 1884).

و عندما يتم التحطيم النهائي للبنية الاجتماعية الماقبل رأسمالية من خلال تفكيك بناها العقارية و التنظيمية، و القضاء على المقاومة في الريف الجزائري، يلجأ المجتمع الجزائري إلى تكييف أشكال نضاله لمواجهة الأوضاع الجديدة و ذلك بالاعتراف بشكل جماعي من مؤسسة الديني لإعطاء الشرعية لمعركته السياسية لكن حسب كيفيات جديدة بطبيعة الحال.

3- انبثاق الحركة الوطنية في شكلها الحديث

بعد إنزال الجيش الفرنسي بالشواطئ الجزائرية و احتلال لأهم المدن (و قد تم ذلك في بضع سنوات)، فإن القرى و التجمعات الريفية هي التي تصبح بعدئد مستهدفة، بحكم أنها هي التي كانت تزود إلى حدود نهاية القرن التاسع عشر أهم بؤر الصراع بالمقاومين، لكن إضعاف هذه التجمعات من جراء التفكيك الاجتماعي العميق التي تعرضت له، يعلن كما يبدو عن انتصار المشروع الكولونيالي.

و بطبيعة الحال، كان من الضروري، انتظار بضع العقود حتى تتمكن حركة وطنية من الظهور، و التأصل في المدن أولا، و من تم الانتشار في بقية المناطق، من خلال تحديد هدف الدفاع عن حقوق الجزائريين و من تم الحصول على الاستقلال في إطار دولة ذات النموذج الحديث.

و في حدود نهاية القرن التاسع عشر و بداية القرن العشرين ستبرز نخب جديدة تمثل في الحقيقة أقلية في المجتمع، لتتدخل على المستوى الاجتماعي و الثقافي من خلال الجمعيات و النوادي التي أسستها و كذلك من خلال الصحف التي كانت تنشرها، لتشكل في نهاية المطاف ماسمي آنذاك بحركة الشباب الجزائري سيواجه هؤلاء، بوصفهم نتاج المدرسة الفرنسية و أحيانا ذوي التكوين المعرب أو المزدوج، الانعكاسات المتناقضة الواضحة بين الخطاب المتداول عن فرنسا المعروفة تفكر الأنوار و الدفاع عن حقوق الإنسان و بين يوميات الجزائريين المطبوعة بالتمايز في الحقوق و الظلم في المعاملات الناتجين عن الوضع الكولونيالي.

و سيفرز هذا التناقض توجهات موالية لفكرة الاندماج من خلال اكتساب الجنسية الفرنسية و توجهات أخرى تنظر لمشروع الاندماج نظرة مريبة و هي بالتالي أكثر تمسكا بوضعها القانوني المتمثل في الانتماء إلى فئة الجزائريين المسلمين.

و سيجد لاحقا عدد لا يستهان به من الأفراد الذين انتموا لحركة الشباب الجزائري أنفسهم في المنظمات التي تشكل الحركة الوطنية، أولا في فيدراليات المنتخبين المسلمين التي أسست ابتداءا من سنة 1927 من قبل قيادات مثل الدكتور بن جلول و فرحات عباس، و سيكون هذا الأخير على رأس منظمات عديدة، منها الاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري الذي برز سنة 1945، كما سيلتحق بعضهم بالحركة الإصلاحية التي تنشئ مع ابن باديس سنة 1931 جمعية العلماء المسلمين الجزائريين.

و هكذا سيكون المنتخبون و العلماء وراء دعوة المؤتمر الإسلامي الجزائري الذي يعقد جلساته سنة 1936 (أي في ظل حكومة الجبهة الشعبية في فرنسا)، و قد أفقهم في هذا العمل السياسي الشيوعيون الجزائريون و المعروف أن هذا الحزب كان يضم في بداياته أعضاء من أصول أوروبية لكن التحق به جزائريون بشكل كبير تحت غطاء الحزب الشيوعي الفرنسي منذ سنة 1920، لكنهم انفصلوا عنه ليؤسسوا الحزب الشيوعي الجزائري سنة 1936 و ستسهم نزعة هذه المنظمات الثلاث للتسوية من جهة أخرى، في صعود توجه رابع أكثر جدرية ضمن الحركة الوطنية.

و قد عرف هذا التوجه السياسي كل أنواع القمع و المنع إذ تشكل في بداياته الأولى ضمن نجم شمال أفريقيا التي ظهر في باريس منذ 1926، و من تم ضمن حزب الشعب الجزائري سنة 1937 و أخيرا ضمن حركة انتصار الحركات الديمقراطية التي برزت في الحقيقة سنة 1946.

و تمثل هذه التوجهات الأربعة، التي أشرنا إليها أعلاه، الأطراف الأساسية للحركة الوطنية في شكلها الحديث، بحكم أنها تدعو إلى تحديث البلد و يمر ذلك على مدى القصير أو الطويل عبر القطيعة مع النظام الهيمنة الاستعمار تتميز التوجهات الثلاثة الأولى بامتلاكها نظرة مشتركة تتمثل في عدم التفكير، في فترة الثلاثينيات في استقلال ممكن في الآجال القريبة، لكنها تختلف حول شكل التحديث و ربما حول نموذج الدولة الوطنية المزمع بناؤها في المستقبل كان التيار الذي يشمل المنتخبين و الاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري و هو ذو نزعة ليبرالية يوجه أنظاره نحو فرنسا و نحو الغرب، و يتمسك بالطابع الديمقراطي و ترقية المواطنة اللذين يميزان هذه البلدان. بينما يبحث التوجه الشيوعي دائما في الغرب و لكن من جهة الحركة الثورية التي انطلقت في روسيا في أكتوبر 1917 و التي تعطي الأولوية لشعار العدالة الاجتماعية أما العلماء و دون رفض القيم الغربية في مجملها، فقد ظل همهم الأساسي هو الحفاظ على الطابع الإسلامي للجزائر، من خلال استلهام تجربة الشرق الإسلامي الذي واجه المسألة نفسها، إذ حاول المشارقة ابتداءا من نهاية القرن التاسع عشر بالسعي للنهضة العربية الإسلامية عبر الإصلاح الديني و السياسي (مثلما سار الأمر في تركيا و مصر).

و ستبرز المفاهيم الثلاثة المرتبطة بالبناء الثلاثي القائم على: المواطنة – العدالة الاجتماعية – الهوية الإسلامية، كلها و بدرجات متفاوتة في كل خطابات هذه الحركات السياسية الثلاث، و لكن بشكل يهيمن فيه بصفة خاصة مفهوم من تلك المفاهيم الثلاث عند كل حركة على حدة.

تتبنى حركة (نجم شمال إفريقيا حزب الشعب الجزائري حركة انتصار الحريات الديمقراطية) كذلك المفاهيم الثلاث للثلاثية، لكنها تحاول من جهته صياغتها بشكل متميز يخضعها لهيمنة مرجعية رابعة، سيستغل هذا العنصر الرابعة في هذه الحالة مثل النموذج الحقيقي لا بد أن يخضع كل شيء للاستقلال الوطني "هنا و حالا" (ح. رمعون). ويمثل هذا الطرح، الطبيعة الأيديولوجية الأساسية لما سمي آنذاك "الوطنية الراديكالية" أو " الوطنية العامية أو الشعبية" (م. حربي، 1992) و سيميل هذا النموذج ابتداءا من الثلاثينيات أكثر فأكثر نحو النزعة العربية الإسلامية و نحو الأطروحة الإثنية و الدينية الغربية من توجه العلماء.

و لحصر الإحالة على الديني في الحركة الوطنية، يبدو الوقوف و لو بشكل سريع على المواقف جمعية العلماء، عملية لا يمكن تجاوزها و مناقشتها.

4- جمعية العلماء و الإحالة على الديني:

تأسست جمعية العلماء سنة 1931، انطلاقا من نواة شكلتها في العشرينيات، شخصيات تكونت بجامع الزيتونة بتونس أو عاشت لفترة بالشرق الأوسط، و التفت هذه الشخصيات حول عبد الحميد بن باديس الذي برز، منذ تأسيسه لمجلة الشهاب سنة 1925، بوصفه القائد الأساسي للإصلاح الإسلامي قبل أن يصبح رئيسا لجمعية العلماء (منذ تأسيسها إلى حدود وفاة الشيخ سنة 1940، و هو التاريخ الذي يعقبه على رأسها البشير الإبراهيمي).

تأثر العلماء الجزائريون بالأفكار الدينية التي بلورتها حركة النهضة الإسلامية التي بادرت بها، في المشرق الأوسط في نهاية القرن التاسع عشر و بداية القرن العشرين، شخصيات نذكر منها جمال الدين الأفغاني و محمد عبده إلى جانب مدرسة المنار التي كان يدعمها رشيد رضا.

و من الواضح أن هذه النزعة الأخيرة ذات التوجه الحنبلي الجديد التي تجد امتدادا لها في أفكار ابن تيمية، فقيه قرني الثالث عشر و الرابع عشر، هي التي ستلهم عقيدة الجمعية التي تميل دون شك إلى الوهابية مؤكدة في ذلك على المرجعية المالكية التي تمثل المذهب المهيمن منذ القدم في المغرب الكبير (ع. مراد).

و من خلال قراءة مختلف نصوص، نستنتج على المستوى الفقهي، أن مسعاهم الإصلاحي يهدف إلى العودة إلى المصادر الأساسية للدين الإسلامي (و بخاصة القرآن الكريم و السنة النبوية) التي تدعو إلى توحيد الله، و هو ما يتعارض، بطبيعة الحال، مع تقديس الأولياء و بناء الأضرحة و الزوايا و بطبيعة الحال، سيصطدم المصلحون المسلمون بالزوايا التي تسيطر في الممارسة الدينية في الجزائر (و بخاصة في القرى).

و كما يعلن عنه أحد البيانات الصادر عن الحركة و المنشورة في مجلة الشهاب في جوان 1937 " فمؤسسة الزاوية هي بدعة ينكرها أبناء الفترات الأولى للإسلام" بحكم أنها تشجع على "تحقير الناس" و "تدعم أولئك الذين يستغلونهم و يظلمونهم" (أنظر ك. كوللو و ج. ر. هنري- ص.ص: 95-100)

يقوم العلماء بنشاط هام يدعون من خلاله لأفكارهم بواسطة الخطب الدينية و المحاضرات، و الدروس التي تقدم ضمن شبكة المدارس التي أسسوها (مدارس حرة للغة العربية) و من خلال النشريات المختلفة التي يصدرونها.

و كما يبدو، أن نشاط الثقافي، لا يمكنه أن لا يتداخل مع السياسي و يبقى بعيدا عن هذا الحقل، كما يشير إلى ذلك الدور الذي لعبوه في مختلف الأفعال الوحدوية ضمن الحركة الوطنية مثل تنظيم المؤتمر الإسلامي الجزائري (في سنة 1936)، و مع أحباب البيان و الحرية (في سنة 1944) و في إطار الجبهة الجزائرية للدفاع و احترام الحريات في سنة 1951، و الذي شاركت كذلك شخصيات ليبرالية ذات الأصل الأوروبي) أو باندماجهم أيضا في جبهة التحرير الوطني.

في واقع الأمر، لم يسجل العلماء المطالبة باستقلال الجزائر في صلب برنامجهم طيلة مدة طويلة، إذ كانوا يفضلون التركيز على النضال الثقافوي بالدفاع على ما كان يبدو في نظرهم يمثل أسس الهوية الجزائرية، أي التمايزات اللغوية (العربية) و الدينية (الإسلام) بطبيعة الحال. و قد طالبوا باستمرار، فيما يتعلق بالإسلام، بتطبيق القوانين الفرنسية التي تنص على الفصل بين الدين و الدولة، كما حاربوا أنصار القبول بالمواطنة الفرنسية على حساب قانون الأحوال الشخصية الخاص بالمسلمين كما نص عليه السيناتوس كونسيلت في 1865.

انطلاقا من مقاربة قد نذكر بالنظرية الاغستنية ل "المدينتين" (ع. لرجان) و التي هي أيضا قريبة جدا من تلك التي دعى إليها فرحات عباس الذي حاول التوفيق بين "الوطن الروحي" أي الإسلامي و "الوطن الفكري" أي فرنسا (ج. بيرفييي) قام ابن باديس بالتمييز بين "الجنسية السياسية" و "الجنسية القومية" ذات البعد الإيثني و الديني (ع. مراد) و قد كان هذا الموقف التوفيقي للعلماء محل شك و ريبة في وطنية العلماء و ذلك لمدة طويلة إنه حكم جائر، كما يذكرنا بذلك المؤرخ الجزائري "حربي" الذي يقترض من كتابات المؤرخ المغربي عبد الله العروي مقولة "الوطنية التكتيكية" التي كانت تطبع نشاط العلماء المكيف وفق مقتضيات المرحلة التي يجب ربطها ب "الوطنية التاريخية" التي ستتدخل على المدى البعيد (م. حربي 1996) و لكن لا تمنعها الموقف "التكتيكي" المفروض من جراء ثقل الهيمنة الفرنسية من إدراك لدى ابن باديس نوع من الاستعداد المنفتح على فصل نسبي بين مجال السياسي و المجال الديني في البلاد الإسلامية و هو الأمر الذي يتأكد من خلال الدعم الذي قدمه ابن باديس في العشرينيات للقرار الذي اتخذه أتاتورك بتركيا بإلغاء الخلافة و كذلك من خلال تعبير عن تضامنه مع الشيخ علي عبد الرزاق بمصر، لما تعرض هذا الأخير لمناهضة شيوخ الأزهر لمواقفه النقدية حول طبيعة السلطة السياسية في الإسلام.

كما يبدو أن موقف ابن باديس لم يشاركه فيه جل أعضاء الجمعية كما لم ينل رضى التيارات التي تعتبر نفسها الآن مخلدة لتراثه الفكري (م. ن. محي الدين).

و انطلاقا من هذا التحديد لتصور ابن باديس للأمور التي يمكن أن تتضمن تشابهات مع ما يمكن نعته "بالعتبة الأولى للائكيه" (ج. بوبرو)، فإن الشيخ نفسه لا يمكنه أن يذهب بعيدا، كما يتضح من مواقفه، عن التسوية التي أقترحها للسلطات الفرنسية.

يتجلى موقفه المتشدد بالفعل و بوضوح عندما يرد بعنف عندما ترفض السلطات الفرنسية (تحت ضغط الكولون المتطرفين) مشروع بلوم –فيوليت، إذ يذكر في إحدى فتاويه المؤرخة في 10 أوت 1937:

"إن فعل اكتساب الجنسية غير الإسلامي يعني الابتعاد عن الشريعة المحمدية إن التخلي عن المبدأ واحد من مبادئ القرآن الكريم يؤدي، حسب إجماع كل فقهاء الإسلام، إلى الكفر فالمتجنس هو إذا ******(ك.كوللو و ج. ر. هنري. ص.ص: 126-127).

5- الإسلام و الوطنية الراديكالية:

و يطبع التشدد نفسه على المستوى الديني من ناحية أخرى و مبكرا الوطنية الراديكالية، أي لتوجه الممتد من نجم شمال أفريقيا مرورا بحزب الشعب الجزائري إلى حركة انتصار الحريات الديمقراطية ستعرف هذه النزعة التي ستصبح مهيمنة داخل الحركة الوطنية، انبثاقها و صعودها بفضل مجموعة من العوامل و نذكر منها على سبيل المثال:

-أهمية عدد المهاجرين الجزائريين إلى فرنسا إذ شارك حوالي 173.000 من الجزائريين المجندين في الجيش الفرنسي، في الحرب العالمية الأولى، بينما كان آخرون يعدون بمئات الآلاف يشتغلون طوعيا في الميتروبول، مما يعطينا حجما معتبرا بالمقارنة مع تعداد السكان المسلمين للجزائر الذي كان يقارب آنذاك خمسة ملايين ساكن هذا بالإضافة إلى أن الهجرة إلى فرنسا شملت كل مناطق الجزائر و بطبيعة الحال القرى الجزائرية.

كما ستفتح مقتضيات إعادة بناء فرنسا ما بعد الحرب السبيل لتدفق مستمر للعمال المهاجرين و إذا أخدنا بعين الاعتبار الذهاب و الإياب بين الجزائر و فرنسا، يمكن تعداد أن حوالي 100.000 جزائري، كانوا يقطنون بفرنسا في العشرينات و في الثلاثينات بلا شك.

فقد ظلت هذه الهجرة التي تم استئصالها لتوها من جذورها الريفية، متشبعة بالطابع الجماعاتي و الديني الذي كان يميز آنذاك القرى الجزائرية، لكن إقامتها في الميتروبول سيسمح لها بالاحتكاك في ذات الوقت بالسباق الديمقراطي و بتصور خاص لحقوق الإنسان و المواطن الموروثة عن الثورة الفرنسية و تختلف تلك الحقوق عن تلك التي تمارس آنذاك في بلد مستعمر، كما سمحت هذه الإقامة باكتساب تجربة سياسية و نقابية ضمن المنظمات الغربية من الكومينتري و الحزب الشيوعي الفرنسي (ع. كارلي و ك. بوقسة).

ستؤثر بلا شك كل هذه العوامل على كيفيات تكوين نجم شمال أفريقيا في سنة 1926، و على التيارات الأيديولوجية التي تصارعت داخل هذه الحركة، من خلال إسهامها في تشكيل تصوراتها العقائدية (و فيما تصورات حزب الشعب الجزائري و حركة انتصار الحريات الديمقراطية) المبنية على أساس تركيب و جمع مفاهيم البناء الثلاثي الذي أشرنا إليه أعلاه.

و يتعلق الأمر في الواقع بتوفيقية عقائدية التي ستعطي فيما بعد للوطنية العامية، التي ستتغلغل، بحكم أجواء أزمنة الثلاثينيات، في المدن و كذلك في القرى لتهيمن فيما بعد و تتمثل المميزات الأساسية لهذه العقيدة في:

  • التشدد الذي يواجه بشكل حاد ******الكولونيالية
  • الشعبوية التي تطبع بشدة المرجعية الاجتماعية
  • و أخيرا، و خاصة في نهاية الثلاثينات، النزعة الجماعاتية التي تؤكد على التصور الإيثني و الديني للأمة، و ميل كبير نحو النزعة العربية الإسلامية.

سيتعمق الطابع الجماعاتي الذي تشبعت منذ بداياتها القاعدة الاجتماعية لحركة نجم شمال أفريقيا، في الثلاثينات كرد فعل لقصور الحركة الشيوعية في نظرتها للمسألة الوطنية. لقد كانت هذه الحركة تتبنى تكتيكها المتمثل في "طبقة ضد طبقة" و كذلك فيما يخص "الوطنيات البرجوازية"، قبل أن تعطي الأولوية لمناهضة الفاشية بأوروبا كان الوطنيون الراديكاليون ينظرون إلى الوضعية الكولونيالية التي لم تقتصر على المغرب العربي، بل امتدت إلى المشرق و خاصة بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية، بحساسية مفروطة، و هكذا أصبحوا يملكون قابلية لتبني الأطروحات التي تدعو إلى الوحدة الإسلامية و الوحدة العربية، التي روّج لها رجال النهضة (على المستوى الثقافي و الديني على الأقل)، و تعمق لديهم هذا التوجه في العشرينيات و الثلاثينيات لما احتكوا بتيارات و شخصيات تتوجه الاتجاه نفسه، مثل السوري اللبناني شكيب أرسلان التي كان مقيما آنذاك بجنيف (حوليات بسيس).

وقد سجل مصالي الحاج في مذكراته المواقف التي تبنتها الحركة التي كان يتزعمها، إذ يقول عن تلك الفترة:

"سنعود إلى الإسلام، إلى القرآن الكريم، إلى سيرة سيدنا محمد، صلى الله عليه و سلم تبرز الشخصيات العظيمة التي تنتمي إلى العالم العربي الإسلامي مثل صلاح الدين، جمال الدين الأفغاني، اينفير باشا، مصطفى كمال، عبد الكريم و آخرون أمام عيوني المندهشة و المسرورة مثلما تبرز في شريط فيلم على الشاشة" (ذكره ب. سطورا)

و يسهم بلا شك الاهتمام الذي أولته الحركة الوطنية لتطور الأحداث بالمشرق، في تحوّل قاعدة الاجتماعية التابعة للوطنية الراديكالية جماعيا نحو الإصلاح الديني، و هي قاعدة اجتماعية ذات أصول ريفية في أغلبها و حضرية أحيانا، لكنها متأثرة بالزوايا (و قد كانت عائلة مصالي قريبة من درقاوة بمدينة تلمسان)

و قد لعبت أيضا، تهمة التعامل مع الاستعمار و الموجهة للزوايا في هذا التحول نحو الإصلاح الديني، كما تبرر ذلك الرغبة في الانخراط في كل مفاهيم البناء الثلاثي المشار إليه أعلاه، و منه بخاصة المفهوم الديني كما يبرز من خلال "علامات و رموز" العلماء (م. حربي 1996)، و تعمق ذلك في فترة الثلاثينات، حين بدأت مرحلة انتقال نضال نجم شمال أفريقيا و بعده حزب الشعب الجزائري من الميتروبول و تغلغله في البلد المستعمر و قد باءت بالفشل كل المحاولات التي قامت داخل الحركة لأجل إعادة توازن البناء الثلاثي في اتجاه يقل فيه تأثير التوجه العربي الإسلامي و يتعلق الأمر هنا بتلك المجموعة من الشباب الذين اقترحوا تعريفا للأمة الجزائرية لا يملك فيه المعيار الديني حضورا قويا، إذ وجهت لهم تهمة الانحراف "البربري المادي" (ع. لرجان) كما تعمق الخلاف بين أعضاء قيادة جبهة التحرير الوطني مباشرة بعد صياغة برنامج الصومام بسبب أن هذا النص قد حدد بدقة بأن "الثورة الجزائرية ليست حربا مدنيا، و حربا دينية" و إنما هدفها يتمثل في "النضال من أجل بعث دولة جزائرية في شكل جمهوري ديمقراطي و اجتماعي، و لا ترمي إلى إعادة بناء ملكية أو دولة دينية تجاوزهما الزمن كما نذكر أيضا أن المجموعة المنبثقة عن المنطقة الخاصة مباشرة بعد الأزمنة التي عرفتها حركة انتصار الحريات الديمقراطية و التي أسست جبهة التحرير الوطني سنة 1954، قد ذكرت في البيان المؤسس لثورة الفاتح من نوفمبر:

الهدف: الاستقلال الوطني من خلال:

  • بناء الدولة الجزائرية سيدة، ديمقراطية و اجتماعية في إطار المبادئ الإسلامية
  • احترام جميع الحريات الأساسية دون تمييز عرفي أو ديني.

و طبيعة الحال، نجد في هذا النص المرجعيات الأساسية التي اعتمدتها الوطنية الراديكالية، هذا بالإضافة  إلى وجود المفهوم المهيمن أو النموذجي، أي الاستقلال الوطني الدولة الجزائرية السيدة (مع مفهوم "الإصلاح" الذي عوضه برنامج الصومام بمفهوم "النهضة") و يضاف كل ذلك، البناء الثلاثي المعبر عنه في الفقرة التالية: "الديمقراطية و مع "احترام كل الحريات الأساسية بدون تمييز عرفي أو ديني"؟.

6- من الاستعمار إلى الاستقلال

المرجعية الدينية و الجماعاتية (كخلاصة)

كان قانون الأحوال الشخصية الإسلامية الذي ناضلت من أجل تطبيقه الحركة الوطنية في الفترة الكولونيالية معترفا به منذ صدور قانون السيناتوس- كوسيلت سنة 1865 و قد ترتب عن ذلك، و منذ استقلال الجزائر و الإعلان على أن الإسلام دين الدولة تثبيت في التشريع الخاص بالجنسية الصادر سنة 1963 و المعدل سنة 1970، الانتماء القانوني للإسلام عن طريق الولادة بوصفه معيارا أساسيا للحصول على الجنسية الجزائرية، و منذ إقرار قانون الأسرة سنة 1984، أصبح هذا المعيار محددا للعلاقة الشرعية التي تحدد الروابط الزوجية و العائلية، و يجد هذا المعيار أيضا امتدادا له في مجال الميراث.

وقد تتضمن قانون الجنسية بعض الكيفيات للحصول عليها من قبل أشخاص لا يدينون بالإسلام، لكن الذهاب الجماعي سنة 1962 للأوروبيين، سيجعل هذه الإجراءات لا تسري إلا على حالات قليلة يمكن وصفها بالهامشية. أما فيما يخص النساء، فإن المسألة تختلف لديهن عن الرجال، بحكم أنهن لا يستطعن نقل الجنسية الجزائرية لأبنائهن. وتظل المرأة، بحكم الشريعة، محصورة في علاقة غير متساوية مع الرجل في الحياة الزوجية داخل الأسرة و أيضا في الحصول على العمل.

و في الوصاية النسبية (التي هي للرجل) و في الطلاق و أيضا فيما يخص الحق في الميراث (ن. سعدي، س. بن جاب الله، ل. بروفو).

و باستثناء بعض الترتيبات التي تخص دروس التربية الدينية بالمدرسة، و الجدول السنوي الخاص بالاحتفالات الدينية أو بث صلاة الجمعة عبر التلفزة و الإذاعة، فان التوجه الجماعاتي الديني الذي تدعمه و تشرف عليه الدولة التي تبدو و كأن الهدف الأساسي من وراء ذلك يتمثل في المحافظة على النظام الأبوي (البطريكي) و على هيمنة الرجال على النساء.

و قد حاول الإسلاميون توظيف الأزمنة السوسيو اقتصادية و السياسية التي زعزعت الدولة مع نهاية الثمانينيات (و بعد أحداث أكتوبر 1988 بخاصة) إقامة "دولة إسلامية" و تعميم ممارسة تصوراتهم في كل مجالات الحياة الاجتماعية و السياسية لكن كل مساعيهم باءت بالفشل بحكم أن المجتمع و المؤسسات التي واجهوها قد أصبحت دنيوية بشكل واسع و منذ مدة طويلة، هذا على الرغم من هذه المؤسسات ظلت تقدس العلاقة البطريكية كانت التوجه الراديكالي من الحركة الوطنية يهدف قبل كل شيء إلى منح الجزائريين جنسية ذات طبيعة نموذجية أشبعت إلى حد الإتلاف لمحتوى المفاهيم المكونة للبناء الثلاثي المبرمج الإدعاء المؤسس للجزائر الحديثة، خصوصا من خلال الاستغلال المبالغ فيه للمرجعية الإثنية و الدينية و لا يمكن للمساعي التي تقوم بها السلطات العمومية خلال السنوات الأخيرة لأجل تقليص تأثير السلفية المتشددة عبر إعادة بعث نشاط الزوايا باعتبارها تحمل مقاربة أكثر "ليونة" للبعد الديني أو بتشجيع قراءة "أكثر تفتحا" لأعمال ابن باديس، أن تجد حلا للمسألة في صلبها.

لقد أصبحت المطالب الخاصة بالمواطنة، و بالعدالة الاجتماعية و الهوية مطروحة أكثر مما مضى داخل المجتمع، و انطلاقا من محتويات تطورات بشكل جديد منذ مرحلة ما بين الحربين العالميين و حتى بالنسبة للسنوات الأولى من الاستقلال.

كما يقتضي الأمر ضرورة تدعيم الجنسية من خلال بلوغ الجزائريين إلى مصاف المواطنة التي أصبحت مطروحة للعيان منذ أحداث أكتوبر 1988 و أخيرا عبر المطالب التي أعلن عنها في منطقة القبائل.

و مع ذلك تظل العلاقة البطريكية، التي تحاربها بعدئد الجمعيات النسوية و بعض التيارات داخل المجتمع من العوائق الأساسية لهذا التطور (م. فادان، ل. بروفو).

و هو الأمر الذي يبدو إشكاليا على الأقل داخل المجتمع، إلى حد أن محرري الأرضية التي تتضمن خمسة عشر مطلب و تطمح إلى مواطنة راديكالية مثل تلك حررت في القصر (في تاريخ 23 سبتمبر 2001)، لم يروا ضرورة طرحها من خلال الطعن، على الأقل، في محتويات قانون الأسر الساري المفعول إلى حد الآن.

يكشف هذا الوضع على أن الطريق لا يزال طويلا للقيام بعلمنة الجزائر و بلوغ مستوى من الفهم المتجدد بعمق لعلاقة مجتمعنا مع النزعة الجماعاتية و مع الظاهرة الدينية.

و إذا كانت الحركة الوطنية قد حددت آنذاك أهدافا للمجتمع الجزائري تتوافق مع أفاق الأجيال التي تناضل من أجلها، و هي أهداف قد تم التوصل إليها عموما، إلا أن هناك مطالب جديدة تلائم الواقع الاجتماعي الراهن للجزائر و للديناميكية التي يشهدها العالم الذي نعيش فيه، أصبحت "ترفع من درجة" إلزامياتها.

هذا هو بلا شك الرهان الأساسي الذي تواجهه الأزمنة الحالية و هو كذلك تحد لا يمكن تجاهله أكثر مما مضى.

الهوامش

* قدمت هذه المداخلة في إطار ماتقى نظم بمركز اليونسكو (باريس) يومي 30 و 31 جانفي 2003 بمناسبة سنة الجزائر بفرنسا، تحت عنوان: الديانات التوحيدية في الجزائر عبر الأزمنة: اليهودية المسيحية و الإسلام.

** جامعة وهران و مركز الأبحاث الأنثروبولوجية الاجتماعية و الثقافية

ترجمة محمد داود

الكاتب

حسن رمعون**

logo du crasc
insaniyat@ crasc.dz
C.R.A.S.C. B.P. 1955 El-M'Naouer Technopôle de l'USTO Bir El Djir 31000 Oran
+ 213 41 62 06 95
+ 213 41 62 07 03
+ 213 41 62 07 05
+ 213 41 62 07 11
+ 213 41 62 06 98
+ 213 41 62 07 04

Recherche