Sélectionnez votre langue

التغير في الثقافة العمالية في مؤسسـة تريـفيلور (1936-2003). مقاربة أنثروبولوجية للتغير اعتمادا على بعد الذاكرة

إنسانيات عدد 28 | 2005 | أبحاث أولى 2 (أنثروبولوجيا، علم الاجتماع، جغرافيا، علم النفس، أدب) | ص107-127 | النص الكامل


Le changement dans la culture ouvrière dans l’entreprise Tréfilor (1936-2003). Approche anthropologique du changement basé sur la dimension de la mémoire

Abstract: Cette approche anthropologique vise à étudier les changements qu’a connus la culture ouvrière dans l’Entreprise publique algérienne en se basant sur la comparaison entre deux périodes « période de la protection politique et idéologique pendant les années 1970-1980 » et «  période de désengagement de l’Etat qui a précédé les événements d’Octobre ». Cette étude de terrain commence à partir des interrogations suivantes : quelles sont les mutations  connues par la culture ouvrière ? Comment les ouvriers qui ont subi des opérations de licenciement observent la période antérieure de leur vie professionnelle au sein de l’entreprise ? Est-ce que la nouvelle réalité économique a influencé la culture ouvrière héritée ? Comment cela s’est-il passé ? Cette étude vise alors à examiner la réalité ouvrière actuelle après la vague de licenciements qui s’est concrétisée par départ volontaire ou retraite anticipée ou partielle.
Notre choix a porté sur l’angle de la mémoire ouvrière pour approcher le changement, surtout que la crise qu’a connue la plupart des entreprises publiques industrielles s’est illustrée par des opérations de licenciement qui ont touché un nombre important d’ouvriers qui ont vécu au à la fois la période des années 1970-1980 et la période de crise. Pour répondre à ces interrogations, une seule hypothèse à double dimension s’est imposée ; son premier aspect s’illustre ainsi « la culture ouvrière, héritage de la période antérieure des années 70-80, va connaître une destruction du capital professionnel et culturel qui constituait la période de l’ancienne protection idéologique de l’entreprise. Cela va se concrétiser par l’écartement de plusieurs identités de métiers qui considéraient que l’ancienne période, est une phase référentielle pour la comparaison de l’état de crise que traverse l’entreprise » alors que le deuxième aspect  « au coeur de la culture ouvrière en cours de destruction ; le noyau du nouvel aspect se forme pour essayer de traiter
avec la nouvelle réalité idéologique caractérisée par l’économie de marché ».
Suivre les représentations de la mémoire ouvrière de la période antérieure de leur vie professionnelle et celles de la période de crise traversée par l’entreprise, ont constitué le domaine d’étude du changement dans la culture ouvrière.

Mots clés : culture ouvrière - mémoire ouvrière - idéologie - imaginaire - légendes - entreprise industrielle - organisation du travail - travail - histoire de l’entreprise.

 

Fouad NOUAR : Centre de Recherche en Anthropologie Sociale et Culturelle, 31 000, Oran, Algérie.


 تمهيد

  • عرفت المؤسسات الصناعية العمومية منتصف العشرية الماضية العديد من التحولات الهيكلية و التنظيمية، و قد ارتبطت هذه التحولات أساسا بالتغيرات التي طرأت عقب تبني الدولة خيار الديمقراطية، باعتباره خيارا سياسيا و "أيديولوجيا اقتصاد السوق" خيارا اقتصاديا.
  • و بعد أن كانت المؤسسة الصناعية في قلب الخطاب السياسي الرسمي[1] لمدة عشريتين، أي من بداية السبعينيات إلى حدود نهاية الثمانينيات، ستجد نفسها في مواجهة تبعات الانتقال من لحظة اقتصادية /سياسية / اجتماعية ذات طابع اشتراكي و شعبوي[2] تحت هيمنة الحزب الواحد إلى لحظة أخرى ذات طابع "ليبرالي" متزامن سياسيا ذلك مع التعددية الحزبية و النقابية.
  • إن تاريخ المؤسسة الصناعية الجزائرية[3] هو تاريخ مشروع التصنيع الذي سعى إلى إعادة إحياء فكرة المرور إلى "الحداثة المستمدة من مشروع قسنطينة"[4]. و انخراطا في النظرة التطورية التي تسعى إلى إعادة إنتاج تاريخ المجتمعات المسماة متقدمة أو متحضرة و الموجودة وفق هذه النظرة الأيديولوجية في أعلى السلم الزمني، أسندت إلى المؤسسة بداية السبعينات، إضافة إلى دور إرساء السلم الاجتماعي، مهمة نقل المجتمع من المرحلة التقليدية إلى المرحلة العقلانية، لذا كانت إشكالية التثاقف مطروحة وفق مستويات عديدة (اكتساب ثقافة المصنع / اكتساب العقلانية الصناعية / اكتساب ثقافة العمل النقابي /...). لقد كانت التجربة الصناعية الجزائرية محل اهتمام الباحثين خاصة من خلال "الأساطير" التي أنتجتها و "الوعود" التي قدمتها و التي تتميز بالإثارة حول المستقبل الموعود و المكانة التي سيصل إليها المجتمع.
  • و في ظل انخفاض الريع البترولي الذي مول التجربة الصناعية منتصف الثمانينات، بدأت هذه الأخيرة تواجه مصيرها، كما أن الأزمة التي بدأت معالمها الأساسية تظهر بداية من سنة 1993 ساهمت في إعطاء المشروعية لسياسة تخلي الدولة و انسحابها مما كانت تعتبره مجال فعلها الاجتماعي و السياسي.
  • و قد ساهم الظرف الجديد في إعادة طرح السؤال حول "المكتسبات" التي حققتها المؤسسة الصناعية سواء تعلق الأمر بالتراكمات في الثقافة التسييرية أو في مجال الثقافة العمالية، و هذا ما أتاح الفرصة لبروز مجموعة من الحلول لمواجهة الأزمة[5] التي لم تكن ضمن فضاء التنبؤ مثل غلق المؤسسات، تسريح العمال بمختلف ألوانه و طرح خيارات الخوصصة.
  • و تنطلق هذه الدراسة الميدانية من التساؤلات التالية : "ما هي التغيرات التي عرفتها الثقافة العمالية[6] ؟ كيف ينظر العمال الناجون من عمليات التسريح إلى المرحلة السابقة من حياتهم المهنية داخل المؤسسة؟ و هل أثر الواقع الاقتصادي الجديد على الثقافة العمالية الموروثة من الفترة السابقة ؟ و كيف ذلك؟" كما يهدف هذا البحث إلى دراسة الواقع العمالي الحالي خاصة بعد موجة التسريحات التي تجسدت في شكل "خروج إرادي" أو تقاعد مسبق أو نسبي.
  • لقد وقع اختيارنا على زاوية الذاكرة[7] العمالية لمقاربة التغير في الثقافة العمالية[8]، خصوصا أن الأزمة التي عرفتها جل المؤسسات العمومية الصناعية و التي تجلت مظاهرها في عمليات التسريحات، أكسبت قطاعا مهما من العمال الذين عايشوا في نفس الوقت السبعينات والثمانينات و فترة الأزمة، صورة واعية عن التغير الإيديولوجي و السياسي و الاقتصادي للدولة.
  • للإجابة على التساؤلات طرحت فرضية واحدة ذات وجهين :
  • ستعرف الثقافة العمالية باعتبارها ميراث المرحلة السابقة (السبعينيات و الثمانينيات) هدما لرأس المال المهني والثقافي الذي تشكل في فترة الحماية الأيديولوجية السابقة للمؤسسة، و سيتجلى هذا الأمر في إقصاء العديد من الهويات الحرفية و يؤدي إلى اعتبار المرحلة السابقة مرحلة مرجعية للمقارنة مع حالة الأزمة التي تمر بها المؤسسة.
  • تتشكل ضمن الثقافة العمالية – نتاج فترة الحماية الأيديولوجية للمؤسسة – الآخذة في الهدم، نواة الوجه الجديد الذي يسعى إلى التعامل مع الواقع الأيديولوجي الجديد المتمثل في اقتصاد السوق.

 تريفيلور : ميدان الدراسة الانثروبولوجية

 عرفت هذه المؤسسة الصناعية على مدار 68 سنة أربع تسميات، أرتبط كل أسم منها بظرف تاريخي (سياسي، اجتماعي، ثقافي، أيديولوجي) معين، أذكرها : Acilor (1936-1967)،SNS (1968- 1982)، ENTPL (1983- 1997) و أخيرا تريفيلور منذ 1998 إلى الوقت الحالي. نشأت هذه المؤسسة "المخضرمة" و عاصرت الفترة الكولونيالية (26 سنة) و أصبحت بعد 6 سنوات تابعة لـ SNS.

  • عرفت المؤسسة محل الدراسة - باعتبار أن المؤسسة هي "منظومة تبادل"[9] مفتوحة التأثير بينها و بين الظرف التاريخي الذي نعيش فيه - ثلاث مراحل كبرى هي :
  1. المرحلة الكولونيالية و هي مرحلة النشأة، استمرت إلى غاية الاستقلال (1962) و واصلت فعاليتها الثقافية في السنوات الأولى من الستينات، أهم ميزة لهذه المرحلة وجود تقسيم إثني بين العمال الأوروبيين الحاملين لثقافة عمالية و مهنية معتبرة و العمال الجزائريين الذين كان يجب عليهم أن يتعلموا كل شيئ.
  2. لمرحلة الثانية تميزت بانخراط الخطاب السياسي الرسمي في الأيديولـــوجية التطورية (المخطط الثلاثي 1967-1969)، أنتجت العامل الشائع[10] الذي زُوّد انطلاقا من هذا الخطاب – الذي صاحب التصنيع – بصورة مخيالية حول حاضرهم الآخذ في التطــــور و المستقبل المضمون، جعلت هذا المنتوج في مواجهة ثقافة العامل السابق (عامل الفترة الكولونيالية). و قد كانت دعامة هذا الخطاب الحزب الواحد، النقابة الواحدة و الريع البترولي.
  3. المرحلة الثالثة تطبعها التعددية السياسية و النقابية و اقتصاد السوق. تميزت هذه المرحلة بموجتين من التسريحات العمالية و بتغيير الحرفة الأساسية للمؤسسة خصوصا بعد ضيــــاع "القيمة الأيديولوجية للحديد" (دعامة الصناعة المصنعة).

تزامنت المراحل الثلاثة التي عرفتها المؤسسة محل الدراسة مع مرور ثلاثة أجيال عمالية ما بين 1936 و 2003، تتمثل خصائصها الكبرى في :

  1. الجيل الأول هو جيل يتكون من العمال الأوربيين المالكين لثقافتين، عمالية و مهنية معتبرة و من عمال جزائريين منعدمي المعرفة حول الفضاء الجديد الذي وجدوا فيه، و قد اشتغل هؤلاء بوصفهم عمالا مساعدين. هجر العمال الأوروبيون عقب سنة 1962 المصنع و أصبح العمال الجزائريين هم الوارثون للثقافة العمالية و الحرفية للمؤسسة. و قد عرف هذا الجيل المخضرم ناهيته مع أواخر السبعينات و بداية العشرية التي تلتها.
  2. الجبل الثاني (ما يزال موجودا في المؤسسة)، جيل توظف زمن SNS (1968- 1982) و زمن ENTPL (1983-1997)، و كان لزاما عليه أن يتعلم كل شيء من "أساتذة المهنة" (عمال الفترة الكولونيالية). كما عايش هذا الجيل فترة نشاط ورشتي الفرن (القديم 1956- الجديد 1984) و المصفحة Laminoir و تعلم فيها خصائص مهنة عامل الحديد.

بإمكاني القول أن هذا الجيل العمالي تكون فترة ميلاد التحالف الاجتماعي بين الدولة و المجتمع (علي الكنز) و عرف نهايته مع نهايتها.

  1. الجيل الثالث هو جيل دخل إلى المؤسسة عقب غلق الورشتين الأساسيتين و تغيير الحرفة الأساسية للمؤسسة، فهو جيل لم يعاصر فترة النشاط الصناعي المهني السابق (الفرن و المصفحة)، و لم يعاصر كذلك فترة الحماية الأيديولوجية للمؤسسة، لا يعرف إلا نشاط الدرفلة. و لا تمثل الورشتان المغلوقتان بالنسبة لهم إلا أطلالا بلا معنى. و يمكن اعتبار هذا الجيل بجيل "بعد موجة التسريحات" الذي يطمح إلى تكوين مسار مهني في ظل "المؤسسة في أزمة".
  • عرفت المؤسسة محل الدراسة عبر المراحل و الأجيال التي مرت بها، ثقافات عمالية، ساهمت الظروف السياسية و الاقتصادية و الأيديولوجية في تشكيل ملامحها الكبرى. كما شكلت فترة السبعينيات التي تميزت بالحماية الأيديولوجية للمؤسسة الصناعية، نموذجا معينا من الثقافة العمالية، لكن انخراط الخطاب الرسمي في "أيديولوجية اقتصاد السوق" سيجعل الثقافة العمالية السابقة في مواجهة هذا المضمون الجديد. و تمثل إشكالية التكيف، الرفض و القبول، الإقصاء و التهميش العناصر التي أبحث عن فهمها من خلال " تمثلات الذاكرة العمالية حول الماضي و الحاضر ".
  • العمل الميداني: يشكل العمال ذوي الأقدمية خاصة الذين توضفوا فترة SNS (1968-1982) و السنوات الاولى لـENTPL النواة الأساسية للدراسة الميدانية، عرف هؤلاء العمال الحاملين للذاكرة العمالية المرتبطة بتاريخ و مراحل المؤسسة مسارات مهنية متباينة. اعتمدت أمام الذاكرة[11]، على المقاربة الكيفية باستعمال جهاز تقني يتدرج كالتالي: على الترتيب من الملاحظة المباشرة، المقابلة نصف الموجهة و التقنية البيوغرافية[12]Récit de vie . شملت الدراسة 30 عاملا ذوي أقدمية عمالية تجاوزت 27 سنة و 06 إطارات ذات أقدمية معتبرة. قسمت الدراسة الميدانية إلى ثلاث مراحل هي: مرحلة الدراسة الاستطلاعية (04 أشهر)، مرحلة الدراسة الاستغلالية (06 أشهر) و مرحلة الدراسة البيوغرافية (03 أشهر).

1. الأيديولوجــية و المخيــال : حديث الذاكـرة العمالية[13]

  • إذا اعتبرنا الذاكرة "هي الحياة المحمولة دائما من طرف جماعات حية، فهي في تطور مستمر و مفتوحة على جدل الذكريات و النسيان، لاواعية في طريقة تكوينها المتتالي"[14]، فإن دراسة التغير الثقافي اعتمادا على بعد الذاكرة سيكون أساسا للبحث. كيف ينظر العمال ذوي الأقدمية إلى ماضيهم المهني بعد مرحلة التسريحات ؟ هو السؤال الذي سيتيح للذاكرة أن تستعرض ملامح التغيير.

SNS .1.1 واقع مرجعي للمقارنة 

  • تزامنت بداية المسارات المهنية للعديد من عمال المؤسسة[15] مع فترة المخططات التنموية، و يعتمد حديثهم عن ماضيهم دائما على "المقارنة". فهم يقارنون بين الجو الاجتماعي الذي كان سائدا في المؤسسة فترة SNS و ENTPL و ذلك الذي نتج عن فترة الأزمة (1995-1997) و ما بعدها، كما يقارنون بين المكانة التي كان يتمتع بها عامل قطاع الحديد و المكانة "المذلة" التي انجرت عن فترة ما بعد التسريحات. لا تتخذ أوجه مقارنة الذاكرة العمالية أبعادا مادية (منصب عمل دائم، أجر مضمون نهاية كل شهر، امتيازات اجتماعية معتبرة،...) بل تعداها إلى أبعاد معنوية لا ترتبط بالوضعية داخل المؤسسة (أسرة العامل).
  • يستمد العمال ذوي الأقدمية (48 عاملا من بين 250 عاملا و إطارا تتجاوز أقدميتهم 27 سنة) معالم حديثهم عن الماضي من أماكن الذاكرة المادية (ورشة الفرن العالي و المصفحة المغلوقتان) التي لا تزال شاهدة على الماضي الذي يوصف عادة من طرفهم بـ" الذهبي"، كما يستمدون ذلك من الصور التي التصقت بمخيلتهم حول مؤسسة SNS (1968-1982) و المهام التي أوكلت إليها سابقا[16]. و لا تتوان هذه الفئة من العمال في استحضار الأدوار الإستراتيجية التي أسندت إلى مؤسستهم SNSمع Sonatrach اللتان كانتا أساس الاقتصاد الصناعي في فترة السبعينيات. ارتبط ماضيهم المهني، بناء على تمثلات ذاكرتهم-بمهمة "تطوير البلاد" و هي نفس مهمة SNS (1968-1982) و إطاراتها خصوصا عندما تذكر الحديد و الصلب، إضافة إلى قيمتيهما الاقتصادية، بقيمة إيديولوجية التنموية إضافية.
  • تتجاوز المقارنة حدود المؤسسة (ماديا و معنويا) لتصبح مقارنة جغرافية. يقارن العمال المستجوبون ذوي الأقدمية منهم أيضا مؤسستهم (و دولتهم) مع الدول العربية الإفريقية. يصرح احد المبحوثين (توظف سنة 1973 و عمره حاليا 56 سنة): "كل العرب، كل الأفارقة كانوا ينظرون إلى ما كان يحدث في الجزائر في فترة السبعينيات، مباشرة بعد الاستقلال بدأنا في تطوير البلاد بالصناعة. لا يوجد دولة مخن هؤلاء عندهم مثل الحجار".
  • و الشيء نفسه ينطبق على الإطارات ذات الأقدمية [17] و التي اشتغلت لمدة طويلة في المؤسسة، فالتصنيع ما زال عندهم يمثل علامة دالة و بقوة على "تطور الدولة" و قوتها، و هذه النظرة راجعة إلى الأهمية التي كانت تعطيها الدولة للصناعة الحديدية.
  • أحد الإطارات المسيرة (58 سنة توظف سنة 1970) و عضو نقابي يقول: "الدولة القوية هي الدولة الصناعية و ليست الدولة السياحية، الأوائل الذين قادوا البلاد لم يغلطوا عندما أعطوا الأهمية للمصنع".
  • و يواصل نفس الإطار حديثة متهكما على اقتصاد السوق واصفا إياه بـ "اقتصاد طاق على من طاق". أنتجت شدة التأثر بالايدولوجيا الماضي القريب و عدم نجاعة الإصلاحات الاقتصادية لحد الآن هذا التمثل الفردي، بالنسبة للعمال ذوي الأقدمية و نظرائهم من الإطارات، المؤسسة الصناعية العمومية لم تفشل و لكن"سياسي البلاد هم الذين فشلوا في مواصلة المسار التنموي الذي بدأه بومدين".
  • تؤكد الأمثلة المقدمة هنا اختصارا أن جزءًا كبير من الفاعلين[18] داخل المؤسسة القدماء منهم خاصة، متأثرين بشدة بالخطاب السياسي و الأيديولوجي الذي ميز الفترة الممتدة بين 1968 و 1985، و تعود شدة هذا التأثر إلى الصدمة الناتجة عن تسريح 500 عاملا على دفعتين و تغيير الحرفة الأساسية للمؤسسة (من الصناعة الثقيلة إلى الصناعة الخفيفة)، كما تعود أيضا إلى الخطابات التي صاحبت سياسة التصنيع.
  • لقد أنتجت هذه الأخيرة خطابات أيديولوجية كثيرة حولت المؤسسة الصناعية[19] نتاج المشروع التنموي إلى مكان للترويج للخطاب الأيديولوجي الرسمي و هذه الصورة ما تزال ماثلة في أذهانهم. يعتمد المخيال العمالي الذي تستحضره الذاكرة العمالية كثيرا على بقايا الخطاب الأيديولوجي حول العامل، المصنع و الحديد و الصلب لفترة السبعينات، لذا تصبح أيديولوجية الخطاب السياسي السابقة الباني الأساسي لحديث الذاكرة العمالية[20] (و حتى ذاكرة إطارات الصناعة).
  • إن علاقة الايدولوجيا بالأسطورة تتجلى عندما نتطرق إلى مواضيع أنثروبولوجيا الذاكرة، فكلاهما يتملكان المخيال[21] (الفردي / جماعي) و يصبح من خلالهما الماضي حاضرا و لكن وفق الاستدعاءات الآنية. يقول كلود ليفي ستراوس: "فلا شيء أشبه بالفكر الأسطوري من الأيديولوجية السياسية. و ربمـا كانت الأيديولوجيا قد حلت في مجتمعاتنا المعاصرة مـــــحل ذلك الفكر ليس إلا.... مـا الذي يفعله المؤرخ عندما يأتي على ذكر الثورة الفرنسية؟.... لـــكن الثورة الفرنسية بالنسبة للإنسان السياسي و بالنسبة لمن يسمعون إليه واقع من خطاب آخر. إنها آونة من أحداث ماضية لكنها ذات فعاليـــة دائمة"[22].
  • لقد أثر المضمون الأديولوجي لمسار سياسة التصنيع بشكل واضح على تشكل الثقافة العمالية التي كانت في لحظة معينة في قلب الخطاب السياسي الرسمي. تكمن إحدى تجليات ذلك أولا في الصورة التي رسمها المخيال العمالي حول الماضي و حول المستقبل، كما تكمن ثانيا في فعل "المقاربة" التي يلجأ إليها العمال عندما يريدون أن يستعرضوا تمثلاتهم حول الماضي.
  • يمثل بالنسبة للعمال الذين عايشوا فترة SNS (1968-1982) و الفترة ENTPL (1983-1997) حاضرSNS و ENTPL واقعا مرجعيا تطوريا تعود إليه الذاكرة العمالية متى أرادت الحديث عن واقعها الحالي.

2.1. مقومات هذا الواقع المرجعي عند الذاكرة : التطور

  • ما الذي يجعل الذاكرة العمالية (و حتى ذاكرة الإطارات) تعتبر فترة SNS و السنوات الأولى ENTPL فترة مرجعية تميزت بالتطور(مــاضي سمح لها بالتطور) ؟
  • انخرطت الأيديولوجية الرسمية في نهاية الستينات في فكرة التطور الشمولي[23] لذا فنموذج التصنيع الجزائري كان رهين لهذه الفكرة وهذا من أجل " خلق و تقاسم الرفاهية ".
  • و يحمل نموذج الصناعة المصنعة (دو بارنيس) صراحة ملامح الفكرة التطورية، بل و يجعل منه الطريق الأوحد لاختصار المراحل و "استدراك أو اللحاق" بالجزائر في ميدان التصنيع. يقول دو بارنيس :"لا يمكن للدول في طريق النمو أن تتطلع للحاق بالدول التي بدأت التصنيع منذ أكثر من قرن إلا إذا حرقت بعض المراحل و اعتمدت من الآن سيرورة إنتاج أكثر حداثة" (التسطير لا يوجد في النص الأصلي بالفرنسية). إذا كانت الأسطورة تشكل جزء لا يتجزء من اللغة على حد قول ليفي ستراوس، فإن كلام دوبارنيس يحمل أسطورتين مندمجتين في خطاب واحد، تملكهما الخطاب التنموي سابقا. الأولى هي"أسطورة التطور" التي تقدم الدول الصناعية في أعلى السلم الزمني للتاريخ و يصبح التاريخ الاقتصادي لها و بالضبط الثورة الصناعية المرجع الذي ينبغي إعادة إنتاجه، أما الثانية فهي أسطورة اللحاق[24] أو الاستدراك المشتقة من الأولى. هذه الأخيرة تجعل من إمكانية تجسيد الأسطورة الأولى أمرا ممكنا.

1.2.1 صورة SNS عند ذاكرة الإطارات

  • تتحدث ذاكرة الإطارات المستجوبة عن ثلاث أدوار أسطورية أسندت إليهم في فترة السبعينيات، هذه الأدوار هي: "تحقيق النصر في معركة التصنيع"، "تطوير المجتمع و الخروج من التخلف" و "الوصول بالجزائر إلى مصاف الدول المتقدمة". سمحت تقنيات تحليل المضمون للمقابلات المسجلة ببروز هذه الأدوار الثلات المميزة لفترة السبعينات و الثمانينات و التي لا تختلف عما كانت الإطارات الأولى لـ SNS قد صرحت به[25]. و إذا اعتبرنا هذه الأدوار عبارة عن معالم للذاكرة[26] فهل تقدم هذه المعالم نفس الهوية للمؤسسة ؟
  • إن تعبير الإطارات الحالية التي تملك مناصب مفتاحية في المؤسسة عن نفس المعالم و الأدوار الأسطورية التي عبرت عنها الإطارات السابقة (أي في الفترة 1968-1982) لا يعني بتاتا أن هوية الإطارات الحالية هي امتداد لهوية الإطارات السابقة. فالإطارات السابقة عبرت عن حجم "أزمة المهمة المسندة إليهم" نتيجة طغيان الجانب الاجتماعي على الجانب الاقتصادي. لنتابع تصريحا سجل في الفترة 1978-1982 لأحد الإطارات (SNS وهران) قال فيه: "يجب على السلطة أن تقرر إما أن نقوم بالدور الاقتصادي و إما أن تقوم بالدور الاجتماعي، حددوا مهامنا بوضوح"[27]. قدمت الإطارات السابقة صورة عن حجم معاناتها بين دورين أحدهما اقتصادي و الآخر اجتماعي، بينما لم تقدم ذاكرة الإطارات المستجوبة إلا "صورة اجتماعية محضة للمؤسسة SNS". تكمن هذه الصورة فيما يلي: مطاعم لصلح العمال و الإطارات، النقل، طب العمل، المساعد الاجتماعي، التعاونيات التموينية، المخيمات الصيفية، الأجر المضمون. يصرح أحد الإطارات(59 سنة) المستجوبة حول ماتعني له الـ SNS؟ مايلي :
  • "الـ SNS تعني الخيمة الكبيرة، كما تعني أفضل إطار للعمل بالنسبة للإطارات و العمال، فالعمال كان لهم كل الحقوق بما فيها كيس الحليب ..... المخيمات الصيفية لأبناء العمال، الإطعام، وحتى العلاج في الخارج للعمال الذين تعرضوا لحوادث عمل خطيرة. شهادة العمل في الـ SNS كانت تعني الكثير".
  • و على الرغم من وجود نفس المعالم (الأدوار الأسطورية) عند جيلي إطارات المؤسسة؛ لكن الذاكرة لا تقدم نفس الهوية للمؤسسة SNS، بمعنى أن واقعSNS/ (كما قدمتها تمثلات الإطارات السابقة) تختلف عن ذاكرة SNS/(كما تقدمها الذاكرة حاليا).

2.2.1. صورة SNS عند ذاكرة العمـال[28]

  • إذا اعتبر العمال ذوي الأقدمية الماضي SNS مرحلة مرجعية للمقارنة، فما الذي يجعل نظرتهم إلى الماضي نظرة تطورية ؟ ماهي خصوصيتها ؟
  • إن حديث العمال عن فترة معينة من مسارهم المهني يحمل في مضمونه عناصر مهمة لدراسة الثقافة العمالية خصوصا إذا كانت التجربة المهنية تمثل قسطا كبيرا من أعمارهم و / أو كانت ضمن إطار ثقافي عرف تغييرا كبيرا في الحاضر.
  • و انطلاقا من أن الذاكرة العمالية تمثل عنصرا من العناصر المهمة لدراسة الثقافة العمالية، حاولت و من خلال التقنية البيوغرافية المسجلة ميدانيا دراسة منطق سرد الماضي عند الذاكرة العمالية بغية فهم التصور "التطوري لها".
  • العناصر التي جسدت النظرة التطورية بالنسبة للمسارات المهنية لمختلف العمال المستجوبين هي:
  • اكتساب الحرفةun métier و التدرج في السلم الهرمي للمؤسسة كبعد تطوري ممثل للثقافة المهنية.
  • تعدد المعارف التقنية المكتسبة مقارنة مع نوع و قيمة المعارف التي كانت عند العامل سابقا (كبعد تطوري).
  • SNS كمؤسسة للتنشئة المهنية.
  • لقد دخل أغلب العمال المستجوبين إلى SNS وهم لا يعرفون أي شيء عن مهنة عامل الحديد، فهم ذوي أصول فلاحية، لا معرفة لهم بمهنة و تخصص المؤسسة، توظفوا في البداية كعمال مساعدين، و تعلموا أصول المهنة و طرق التعامل مع الحديد و الآلة على يد العمال الذين تكونوا في الفترة الكولونيالية. دخل الكثير من العمال المستجوبين المؤسسة بوصفهم عمالا مساعدين مؤقتين ليتحولوا على مدار 10 سنوات فقط إلى رؤساء فرق أو عمال مهنيين جد مؤهلين. أعطت الـ SNS الفرصة للعديد من العمال أن يتحولوا من "زوفري في وهران" إلى عامل مساعد مؤقت، إلى عامل مساعد دائم، إلى عامل مهني مؤهل إلى رئيس فرقة. و يوضح المثال التالي لمسارات أحد العمال المستجوبين – 58 سنة، إذ دخل المؤسسة جويلية 1975 عاملا مساعدا مؤقتا ليتحول قبل نهاية نفس السنة إلى عامل دائم في نفس الرتبة. و أصبح في مارس 1976 عامل متخصصا، سنة بعد ذلك ينتقل إلى عامل مؤهل، و في 1979 يصبح في مرتبةOPHQ ، و في سنة 1982 يصبح رئيس فرقة Contre maître ، أما مارس 1985 فكانت سنة التتويج بعرش الورشة "رئيس ورشة الفرن". لقد اندمج هذا العامل في منظومة التكوين المهني و الثقافي المؤطرة من طرف العمال الذين تكونوا في الفترة الكولونيالية مما سمح لـ "التلاميذ الذين توظفوا في فترة SNS" أن يصبحوا بدورهم أساتذة خصوصا بعد تحديث الفرن سنة 1984"[29]Four Martin . مثل اكتساب الحرفة و تعدد المعارف التقنية بالنسبة للذاكرة العمالية معالم التطور الذي حصل في مساراتهم المهنية، فهم كانوا يجهلون كل شيء عن نشاط المؤسسة ليصبحوا بعد انخراطهم في منظومة التنشئة المهنية و الثقافية لها مفاتيح نشاطها. تنظر الذاكرة العمالية بكثير من الإعجاب المصحوب بالحصرة. "مؤسسة SNS هي مؤسسة ليست كباقي المؤسسات" هو التمثل المركزي للذاكرة العمالية، كما أن إطارات نفس المؤسسة لم تكن كباقي المؤسسات.
  • يقدم الخطاب العمالي الحالي لنا صورة مكتملة عن فترة السبعينات و هذه الصورة تجسدها ذاكSNS/، و إذا كان الخطاب العمالي قد عبر في فترة السبعينات عن المقاومة[30] فإن الخطاب الحالي لنفس العمال يعبر عن فخر الانتماء إلى الماضي في خطاب ذي صوت واحد.
  • تعتبر ذاكرة العمال القدماء مرحلة الـSNS مرحلة العمر الذهبي، كما تجعل من نفس المؤسسة مرجعا دائما للمقارنة خصوصا و أن الواقع الحالي لتريفيلور يتميز بالتهديد الدائم لمناصب العمل بفعل صعوبة التكيف مع واقع المنافسة التي بدأت تفرض منطقها على هذه المؤسسة العمومية.
  • تعبر المرجعية الدائمة لأحداث تخللت تاريخ المؤسسة عن فخر العودة إلى النظام القديم المتميز بالحماية و التجانس و الاندماج، كما تعبر في نفس الوقت عن صورة العمر الذهبي لهذه الفترة. يوحي فعل الذاكرة العمالية الذي يستلطف الماضي و يتخذه مرجعية للمقارنة أن الحاضر عاش و يعيش فترة أزمة أنتجت إنقلابا اجتماعيا و ثقافيا. لقد لعب الريع البترولي دورا هاما في بناء المخيال الاجتماعي العمالي، و المؤسسة الصناعية كانت فضاءا للترقية . يقول الجيلالي اليابس مايلي :"سمح الريع البترولي للمخيال الشعبوي من التشكل انطلاقا من الجانب الاجتماعي للمؤسسة و انطلاقا من الترقية الاجتماعية المهنية "[31].

2. الثقافة العمالية بين " المؤسسة في أزمة " و الأساطير

  • إذا كانت للذاكرة العمالية من خلال ما سبق دورا كبيرا في رسم صورة عن SNS و السنوات الأولى ENTPL بوصفه واقعا مرجعيا لها، فإنها كانت بطريقة أو بأخرى تحت تأثير صدمة التغييرات التنظيمية و الهيكلية التي عرفتها المؤسسة، كما كانت و لا تزال تحت القلق الذي يهدد المؤسسة باستمرار. عملت الذاكرة تحت تأثير الصدمة و التهديد المباشر لمصير المؤسسة على استلطاف الماضي من خلال إعادة إنتاجه في صورة ذهبية، و هذا يبين أن ما تنتجه الذاكرة العمالية ليس إلا تركيبا لواقعها السابق انطلاقا من الحاضر القلق، و من المستقبل المجهول. يقول كوندو (Candaux) : "الذاكرة تسمح بربط ما كنا عليه، مع ما نحن عليه، مع ما سنكون عليه"[32]، ما قدمناه سابقا يعكس فعل الذاكرة و التغيير الثقافي الحاصل في الوقت نفسه.
  • لقد بينت الدراسة التي قمت بها في الأوساط العمالية داخل مؤسسة تريفلور أن صفتي المرجعية و العمر الذهبي التي احتلتهما الفترة SNS لا ترجع فقط إلى كثافة الأحداث التي ميزت هذه الفترة و لا إلى المسار التطوري المعبر عنه وفق أبعاد الحرفة، و تعدد التقنيات و الاعتزاز بالانتماء إلى الماضي فقط، و إنما يرجع إلى عاملين آخرين لهما نفس الأهمية في إنتاج صورة المرجعية و يمسان تقريبا جل العمال على اختلاف سنوات الأقدمية و التأهيل و الوضعية داخل السلم الهرمي للمؤسسة، وهما :
  • توطن الأزمة داخل المؤسسة و صعوبات التكيف مع المحيط السياسي و الأيديولوجي الجديد" اقتصاد السوق".
  • انعدام، أو لنقل صورة جد قلقة حول الواقع المستقبلي للمؤسسة الذي يمثل الشك المطلق.
  • و لا ينبغي مع هذين العنصرين، أن ننسى أن الواقع الحالي للمؤسسة ما هو إلا نتاج فترة الأزمة التي عرفتها المؤسسة و أثرت بشكل كبير على الجسم الاجتماعي العمالي، فسنتا 1996-1997 تمثلان على التوالي سنتا غلق ورشتي الفرن العالي و المصفحة و إنهاء علاقة العمل لـ 500 عامل في شكل "خروج إرادي"، كما تمثلان سنتي تبلور الإستراتجية الحرفة الجديدة التي ارتكزت على نشاط الدرفلة كنشاط إنتاجي وحيد و رئيسي لمواجهة التهديد بالزوال و الغلق.

إن صورة SNS/mémoire التي أنتجتها الذاكرة لا ترجع فقط إلى كثافة أحداث الماضي و معالمه التي ما تزال راسخة في أذهان من عايشوا الفترة السابقة، بل الواقع الحالي المتأزم بفعل نقص المبيعات و عدم القدرة على التكيف مع المنافسة، إضافة إلى مرحلة الأزمة التي شهدت تسريح 500 عاملا و انعدام آفاق مستقبلية دالة على قرب الخروج. 

  • من الأزمة هي التي أسهمت في بروز فعل الذاكرة، التي ربطت صورة الحاضر و استشرفت المستقبل و رجعت إلى الماضي[1]. لقد لعبت الأزمة التي مرت بها المؤسسة دورا في إنتاج صورة Mémoire SNS/ و كان لزاما دراسة مايلي: - تمثلات الذاكرة حول فترة الأزمة، و تقديم تمثلات العمال الناجين من عمليتيي التسريح (لا يمكن تقديم هذا الجزء لأن ذلك يؤدي إلى تجاوز عدد الصفحات المسموح بها)، ثم تقديم أليات تحول الذاكرة الجماعية لعمال المؤسسة إلى أسطورة بانية للمخيال العمالي.

1.2. الذاكرة العمالية و فترة "المؤسسة في أزمة"

  • عرفت المؤسسة محل الدراسة خلال سنتي 1996 و 1997 المظاهر الكبرى للأزمة من خلال موجتي التسريحات التي مست على دفعتين 500 عاملا و 20 إطارا [2]. بينت دراسة تمثلات الذاكرة حول بداية الأزمة في المؤسسة وجود 4 مواقف عمالية مختلفة حول بداية الأزمة ، فمنهم من ربط بدايتها بـ:
  • غلق ورشة الفرن التي أدت إلى أول موجة تسريح - لسنة الموافقة
  • بداية بروز المخزون نتيجة منافسة المستوردين للحديد - لسنة الموافقة
  • غلق المطعم و إلغاء المخيمات الصيفية و الصحة في العمل - لسنة الموافقة
  • بداية الأزمة السياسية 1992.
  • عرفت الأزمة مظاهر عديدة أثرت على أشكال العمل داخل الورشتين، و أدت إلى انتشار الإشاعة و تقلص مظاهر التضامن العمالي. تركز الذاكرة عندما تتحدث عن فترة الأزمة على العناصر السلفة الذكر، ففيما يخص العنصر الأول (العمل في الورشات)، كانت بوادر الأزمة موجودة منذ بداية التسعينات، فورشتي الفرن و المصفحة بدأتا تعرفان نقصا حادا في المواد الأولية و قطع الغيار و هذا أدى إلى زعزعة تنظيم العمل الذي لم يكن يشتغل حتى في الفترات العادية بطريقة فعالة، مما سيقلص من سلطة رؤساء الفرق. أثرت الأوضاع الأمنية بدورها على أشكال الانضباط داخل ورشات العمل خصوصا على الورشات التي كانت تشتغل وفق نظام 8 x 3 حيث كان جل العمال يسكنون الأحياء الساخنة أمنيا و هنا بإمكاننا فهم ارتفاع نسبة الغيابات و التأخرات بين صفوف العمال من جهة، و عجز الإدارة على فرض الانضباط في ظل الأزمة الأمنية التي يعرفـــها "المحيط السياسي للأزمة" .
  • تفاقم الأزمة في ورشتي الفرن و تأخر الحلول المنتظرة كان فضاءا مناسبا لميلاد الإشاعة[3] و توسعها في صفوف عمال الوحدة بداية من و ارتبط ميلاد الإشاعة بحالة الغموض التي طبعت مصير العمال خصوصا بعد تراجع المبيعات، و تأخر الأجور الشهرية و عدم قدرة المؤسسة على شراء المواد الأولية و قطع الغيار، و في نفس الوقت كان العمال يتابعون عن كثب مصير وحدات "أسواق الجزائر" و"الأروقة الجزائرية" و عمالها الذين تم الاستغناء عنهم. لقد طرح العمال العديد من الأسئلة في تلك اللحظة و التي ماتزال الذاكرة تحتفظ بها من بينها :
  • ماذا لو تواصل مسلسل ضعف المبيعات ؟
  • هل سيحدث لنا مثلما حدث لعمال الأروقة الجزائرية (البطالة التقنية) ؟
  • هل بإمكان المؤسسة العودة إلى حالة الإستقرار الماضي ؟
  • مثلت الأجوبة المقدمة في ذلك الوقت تأويلات مخيالية أعطت الفرصة لميلاد الإشاعة في ظل شح المعلومة الرسمية و "تعطل أنظمة الاتصال الرسمي داخل المؤسسة". يمكن تصنيف ثــــلاث أشكال للإشاعة من خطاب الذاكرة العمالية حول تلك الفترة (موجودة بالتفصيل في المذكرة) هي:
  • إشاعات حول مكانة المنتوج في السوق.
  • إشاعات حول الأجر نهاية كل شهر.
  • إشاعات حول المصير المستقبلي للمؤسسة.

لقد أثرت مظاهر الأزمة على ورشات الإنتاج و أنتجت الإشاعة، مما أدى ذلك إلى تقلص التضامن العمالي خصوصا بعدما طرحت الإدارة خيارات التسريح المختلفة. و بإمكاننا القول أن الـتقاليد الموروثة عن فترتيSNS و ENTPL فشلتا في مسايرة حالة "المؤسسة في أزمة" مما أكسبها صفتي المرجعية و العمر الذهبي.

2. 2. من الذاكرة العمالية إلى الأساطير

  • لقد عملت الأزمة التي عرفتها المؤسسة- و ما نتج عنها من إعادة توزيع الأدوار داخلها- على إنتاجها على صورتي Mémoire/ SNSوENTPL Mémoire المتماثلتين. أنتجت المرجعية الدائمة لأحداث الماضي المهني للمؤسسة المرتبطة بالحرفة الأساسية السابقة عند من يتقاسمون نفس الذاكرة الجماعية أسطورة SNS/ Mythe و ENTPL / Mythe.
  • من بين العوامل التي ساعدت على تشكل هذه الأسطورة نذكر :
  • وجود ماضي مسجل في الذاكرة الجماعية.
  • وجود أزمة في الراهن المعيش يشعر به من يتقاسمون نفس الذاكرة الجماعية.
  • صورة جد قلقة حول مصير و مستقبل المؤسسة.
  • نظرة مثالية مقترنة بالتقديس للفترة السابقة.
  • تتمثل فرضيتي فيما يلي: يكفي لنموذج الذاكرة الجماعية أن يتحول إلى أسطورة [4] إذا توفر عنصر "النظرة المثالية المقترنة بالتقديس للماضي الذي تحتفظ به الذاكرة".

  • لقد ماثل العديد من الانتروبولوجيون بين الفعالية الاجتماعية و الثقافية للأساطير و الأيديولوجيا، فإذا كانت نظرة الاستعلاء عند الباحثين الأنثروبولوجيين الأوائل تجعل المجتمعات البدائية فضاء للأسطورة و المجتمعات الحديثة مكانا للأيديولوجيا، فإن الدراسات الحدثية أثبتت أن حتى هذه الأخيرة (المجتمعات الحديثة) لها أساطيرها التي لا تختلف في بنيتها و عمقها عما هو معروف عن المجتمعات المسماة بدائية.
  • أن محاولة دراسة الأساطير في مؤسسة حداثية للتنشئة الاجتماعية مشروع من منطلق هذه الاعتبارات الإبستمولوجية.

1.2.2  أسطـــــورة الـSNS

  • لقد رأينا في الجزء الأول من العرض، أن الذاكرة الجماعية للعمال القدماء في المؤسسة رسمت صورة الـ SNS وENTPL انطلاقا من ربط مسارها المهني و الاجتماعي مع الهويتين الإسميتين سابقتي الذكر.
  • سعت الذاكرة العمالية إلى بناء صورة مستقرة و متشابهة حول ماضيها المهني داخل أستمرارية خطية متجانسة، كما ربطت هذه الصورة بالفضاء الاجتماعي الذي ساعد على ذلك.
  • الـ SNS/ Mémoireهي نتاج فعل الذاكرة، و هذا الفعل مـــا كان ليوجد لو لم تعرف المؤسسة و مختلف المسارات المهنية التغيير و التهميش أو الإقصاء أو هما معا. إن SNS/ Mémoire هي نتاج تركيب للعناصر المشكلة لها:
  • وجود ماضي مسجل في الذاكرة الجماعية.
  • وجود أزمة في الراهن المعيش يشعر بها من يتقاسمون الذاكرة الجماعية نفسها.
  • وجود صورة قلقة حول مصير المؤسسة.
  • إن العناصر الثلاثة السابقة عندما تحالفت مع عنصر "تقديم النظرة المثالية المقترنة بالتقديس حول الفترة السابقة" حولت SNS/ Mémoire إلىSNS/ Mythe. الصورة الأسطورية حول السنواتSNS و هي صورة تعتمد على الذاكرة باعتبارها بعدا تأسيسيا، و تتخذ لذلك مجموعة من المواضيع (الورشتان المغلوقتان، التضامن العمالي، و الدور الصناعي للـ SNS).
  • تأخذ الـ SNS شكلها الأسطوري من أماكن الذاكرة الموجودة (الورشتان المغلوقتان) و التي أصبحت بدون فعالية اقتصادية بد ضياع القيمة الأيديولوجية و التنموية للحديد. كانت الورشتان بالنسبة للإطارات ذات الأقدمية، مرتبطتين بنشاط إنتاجي، سمح للجزائر بالإنخراط في التنمية الشاملة. يتمتع إطارات هذه المؤسسة بنوع من التميز مقارنة مع إطارات باقي المؤسسات. يصرح نائب المدير العام :"مؤسستنا كانت تنتمي إلى المؤسسة العملاقة SNS، هذه المؤسسة كان لها نفس دور Sonatrach و كثير من إطارات هذه المؤسسة أصبحوا في مناصب عالية في الدولة ".
  • أما العمال، فالكثير منهم فقد عبر عن نفس النظرة، خصوصا و أن الذاكرة ما تزال تحتفظ بصورة مخيالية لمركب الحجار. و يصرح أحد العمال من ذوي الأقدمية 58 سنة: "لقد كنا في مؤسسة SNS و ما أدراك ما SNS، أكبر مصنع في الجزائر و إفريقيا، كنا سابقا من المحسودين". النظرة التقديسية للورشتين ليست مرتبطة بالمكانة الاجتماعية و الاقتصادية فقط، بل مرتبطة أيضا بما انتجته من عمال محترفين و بما انتجته من كفاءات اصبحت فيما بعد يضرب بها المثل في قوة التحمل و الشجاعة المهنية المصحوبة بالجرأة خصوصا أثناء العمل في ظروف خطيرة مليئة بالحوادث المهنية. إن الورشتين لا تعدوان أن تكونا مكانين للعمل، فنسجت تمثلات حول الورشتين أساطير عديدة و كذلك حول التضامن العمالي الذي كان سائدا و "الرجولة" التي تميز بها نقابيو المؤسسة.
  • بإمكاننا القول أن صورة SNS/ Mythe تتركب هي الأخرى من ثلاث عناصر مكونة لها هي :
  • صورة تقديسية حول أدوار الورشتين المغلوقتين.
  • صورة تقديسية حول التضامن العمالي الذي كان سائدا
  • صورة تقديسية حول الأدوار الاستراتجية للمؤسسة SNS .

الخاتمة

  • قد فرضت نهاية التفاف بين الدولة و المجتمع (علي الكنز) على المؤسسة الصناعية العمومية عدة تغييرات هيكلية و ثقافية. الظرف الجديد الذي جاء بعد أكتوبر 1988 كان تعبيرا عن إنخراط الخطاب السياسي في برادقم جديد دعامته الديمقراطية و اقتصاد السوق. ضمن هذا الانتقال، مثلت سنوات 1995/1996/ 1997 سنوات حل المؤسسات المحلية و تسريح العمال، كما مثلت أيضا ميلادا لمفاهيم بدأت تأخذ مكانتها في الأوساط العمالية مثل الخروج الإرادي، التقاعد النسبي، التقاعد المسبق و البطالة التقنية.
  • لقد رسم الخطاب الأيديولوجي سابقا أدوارا أسطورية للمؤسسة الصناعية و العامل خصوصا عندما حدد الأهداف الواجب الوصول إليها بطريقة تطورية تعتمد حرق المراحل و الاستدراك. حالة "المؤسسة في أزمة" هي انعكاس لحالة القلق، و مثلما أصبحت المؤسسة مجبرة على إعادة النظر في الحرفة الأساسية لها، في عدد العمال، باختصار إعادة النظر في الرأسمال الاجتماعي و الثقافي ميراث فترة الحماية و الاستقرار، بدأت الدولة تتخلى أحيانا و تعيد النظر أحيانا أخرى في علاقتها مع الشركاء الاجتماعيين لها.
  • لقد بينت الدراسة الميدانية التي قمت بها في الأوساط العمالية داخل تريفيلور أن صفتي المرجعية و العمر الذهبي التي احتلتهما مؤسسة SNS ليست راجعة فقط إلى كثافة الأحداث التي ميزت الماضي، و أنما راجعة إلى حالة الأزمة التي طرأت بين 1995 و 1997 على المؤسسة، و أيضا إلى حالة الشك التي تطبع مصير هذه المؤسسة. لقد سمحت الذاكـــرة بمقاربة التغير في الثقافة العمالية، فـ "تمثلات الذاكرة العمالية حول الأزمة" و "تمثلات العمال حول نتائج الأزمة" فسرت بطريقة واضحة فعل الذاكرة كما كشفت عن تشكل الأساطير المرتبطة بهذه الحالة. يشير ميلاد الأساطير حتما أن "الميراث الثقافي السابق" لم يستطع مسايرة التغيير الحاصل في المحيط القريب للمؤسسة، كما يشير إلى تغير في الثقافة العمالية التي طبعت المؤسسات الصناعية.

الهوامش

* ماجستير في علم الاجتماع، تحت إشراف، غريد جمال الدين و مدني محمد، جامعة وهران، ماي 2004.

[1] لقد كانت المؤسسة الصناعية العمومية و العامل خلال الفترة (1968- 1988) في قلب الخطاب السياسي الرسمي. خطابات رئيسا الجمهورية لهذه الفترة لم تستثن أبدا "التعليق عن الثورة الصناعية و فاعليها الاجتماعيين". عبرت هذه الخطابات بصورة صريحة على أن المؤسسة الصناعية العمومية كانت قضية الدولة.

[2] حول مفهوم " الشعبوية " أنظر مايلي : Harbi, M.,Le FLN mirage et réalité, Paris, Les éditions J .A., Deuxième édition 1986, p. 14.

Addi, L. M.,L’Algérie et la démocratie, Paris, La découverte, 1994, pp. 98 à 108.

[3] Bouyacoub, A., dans son ouvrage «la gestion de l’entreprise industrielle publique en Algérie, T1, T2, OPU Alger 1984 » propose une sorte d’histoire organisationnelle de l’entreprise algérienne, une histoire quand on peut comparer à l’histoire politique d’une organisation. Le social et le culturel comme expérience de l’industrialisation n’est pas visible dans les deux tomes.

[4] Guerid, D., L’Algérie, l’une et l’autre société, Oran, CRASC, 1996, p. 05.

[5] تعددت المقاربات السوسيولوجية للأزمة التي عرفتها الجزائر بين العديد من السوسيولوجيين ، فبعضهم يرجع بداياتها إلى بداية الثمانينات . الأزمة بالنسبة لهم كانت نتيجة لأزمة النموذج الصناعي و الإنتاجي . أنظر في هذا الصدد :

(Voir; El Kenz, A., au fil de la crise, Alger, Bouchene ENAL, 1993).

بينما يرجع البعض الآخر الأزمة إلى أزمة الشعبوية التي تحالفت مع الريع البترولي (عدي الهواري)، فيما يرجع البعض الآخر ذلك إلى نطاق أوسع ، هذا النطاق الذي نتج عن أزمة الدولة الوطنية ليس في الجزائر فحسب فقط بل في بلدان المغرب العربي، أنظر :

(Voir Chentouf, T.,Le Maghreb post colonial, communication au 5ème congrès de l’association des historiens africains, Bamako, 14/10/2001. 

[6] تحديد مفهوم " الثقافة العمالية " مرتبط بمختلف تيارات علم الاجتماع العمل و التنظيمات. لهذا أقترح العودة إلى الأدبيات المدونة في المراجع التالية :

Tripier, M.,«Culture ouvrière et culture d’entreprise», in Revue sociologie du travail, n° 3/ 86, p. 374.

Thévenot, M.,La culture d’entreprise, Paris, PUF, 1993, pp. 45- 47- 52

Verret, M.,La culture ouvrière, ACL Edition. St Sébastien 1988, page (9 – 124); Hierle, J.P., Pour une approche ethno historique du travail, Paris, L’ Harmattan, 1955, page (124 – 133); Hierle, J.P.,Relations sociales et cultures d’entreprise, Paris, L’Harmattan, 1995

[7] اعتبرت الذاكرة " كهويات متنقلة عبر الزمن " . أنظر في هذا الصدد : Candau, J.,Mémoire et identité, Paris, PUF, 1996.

Galibert, Charlie,«Ethnologie du passé et histoire du présent. Pour une ethnologie du présent historique», in Histoire et Anthropologie, N° 24, 1er semestre 2002 (125- 165).

[8] Barbichon, Gay, «L’ethnologie et la problématique des cultures ouvrières», de la page 17 à la 23, in Diniot, J., Dutheil, C.,Métamorphoses ouvrières, Paris, 1995, Tome II.

[9] Hierle, J.P.,Relations sociales et cultures d’entreprise, Paris, L’Harmattan, année1998.

[10] El Kenz, A., Chikhi, S., Guerid, D.,SNS Industrie et société 1978 – 1982, p. 88.

[11] أظر العديين اللذان خصصتهما مجلة إنسانيات حول " العمل، أشكال و تمثلات، العدد رقم 1 سنة 1997 " و حول " ذاكرة و تاريخ ، العدد رقم 3 ، سنة 1997"

[12] Voir, Bertaux, D., Les récits de vie, Paris, Nathan, 1997.

 Candau, J.,Mémoire et identité. Paris, PUF, 1996.

Candau,J., Pour une anthropologie de la mémoire, Paris, PUF, 1996.

Halbwachs, M., Les cadres sociaux de la mémoire, Paris, PUF, 1927.

[13] Ibrrola, J., «Mémoire ouvrière, Mémoire d’une classe», in Diniot, J.; Dutheil, C., Métamorphoses ouvrières, Paris, Tome II, 1995, pp. 327- 336).

[14] Nora, P.,(sous la direction), Les lieux de mémoire, Paris, Gallimard, 1984, page xix.

[15] 48 عاملا من بين 250 عاملا و إطارا في المؤسسة محل الدراسة توظفوا في الفترة مابين 1968 و 1982.

[16] Voir, De Bernis. G.D.,«Industries industrialisantes et contenu d’une politique d’intégration régionale», in Economie appliquée, tome XIX, N° 2- 4, 1966

De Bernis, G.D., Deux stratégies d’industrialisation du tiers monde, Tiers monde, 1966, N°47.

[17]31 أطارا من بين 51 أطارا حالي توظفوا في الفترة مابين 1968 و 1982. هذه الجماعة تمثل بالنسبة للعديد من العمال الجماعة التارخية للمؤسسة .

[18] عدد العمال و الأطارات الذين توظفوا زمن SNS و الموجودين حاليا في المؤسسة هو 102 فرد (40.96%)

 عدد العمال و الأطارات الذين توظفوا زمن ENTPL و الموجودين حاليا في المؤسسة هو 102 فردا (40.96%)

عدد العمال و الأطارات الذين توظفوا زمن Tréfilor و الموجودين حاليا في المؤسسة هو 45 فردا (%18.08)

[19] Redjem, N., L’entreprise publique algérienne, Alger, OPU, 1987, p. 19.

[20] J’ai eu l’occasion de comparer le produit de la mémoire ouvrière actuel (2003) sur la période SNS (1968- 1982) et les représentations des ouvriers sur la même entreprise (mais des représentations enregistrées durant la période 1978- 1982). Comparer le SNS/ Mémoire (représentations des ouvriers Tréfilor 2003) au SNS/ Réel (représentations de 1978- 1982) était un choix méthodologique pour repérer les changements entre les deux images sur la SNS.

[21] Balandier, G., Le détour, pouvoir et modernité, Paris, Fayard, 1985, p. 222.

[22] Strauss, C.L., Anthropologie structurale, Paris, Plon, 1974, p. 231.

[23] Voir Bouvier, P., Lecture "socio- anthropologique" du contemporain, in Serge. M. (sous la direction) : Mythes, rites, symboles dans les sociétés contemporaines, Paris, L’Harmattan, 1997, page 26.

Hadjsayd, M., L’industrie algérienne en crise et tentative d’ajustement, Paris, L’Harmattan, 1996, page 18.

[24] Djaghloul, A., Les inepties du rattrapage, Journal La voix de l’Oranie, 25/ 01/ 2001.

[25] Voir le discours des cadres de la SNS recueillait entre la période de 1978 à 1982 dans :

El Kenz. A, Chikhi, S. Guerid, D., Op cit, pp. 10-40

[26] Candau, J., Mémoire et identité, Paris, PUF, 1998, p. 28

[27] El Kenz, Chikhi, S. Guerid, D., Op cit, p. 06.

[28] الهدف الأساسي في هذا الجزء من المذكرة هو مقارنة بين العناصر التي تبني تمثلات SNS/mémoire  لعمال تريفلور (2003) و SNS/ réel

[29] L’installation du nouveau four Martin en 1984 est un moment repère pour la mémoire ouvrière. L’enjeu du « défit » était très grand. Pour les ouvriers recrutés dans la période SNS, il fallaient pour eux de mettre en fonction cette nouvelle technologie pour prouver la réussite de la socialisation à l’ancien Atelier 1956-1983).

[30] Voir l’étude de El Kenz et Chikhi et Guerid sur la SNS. Une étude réalisée entre 1978 et 1982.

[31] Liabes. D., « L’entreprise entre l’économie politique et société », in El Kenz. A (sous la direction) : L’Algérie et la modernité, Dakar, Codesria, 1989, p. 224.

[32] Candaux, Mémoire et identité, Op Cit, p. 49.

[33] Ibid, p. 49.

[34] مس التسريح في شكل الخروج الإرادي 470 عاملا أي 90.38 %  من عمال الإنتاج و 30 عاملا من عمال الصيانة أي 5.76 % و 20 إطارا.

[35] Reumaux, F., La rumeur, message et transmission, Paris, Armand colin, 1998, pp. 16- 27.

[36] يأخذ مفهوم الأسطورة العديد من المعاني حسب التيارات و المدارس الفكرية الأنثروبولوجية. بإمكاننا أن نذكر في هذا الأساس كلود ليفي ستراوس، إرنست كاسيرار، جورج بالاندي، بارث و مارسيا إلياد. لكن تبقى العلاقة جد وطيدة بين "الأسطورة" "الذاكرة" و "المخيال" و "طقوس" و حتى الذاكرة و هذا مايجعل مواضيع الذاكرة و الأسطورة من أخصب ميادين التفكير الأنتروبولوجي .

logo du crasc
insaniyat@ crasc.dz
C.R.A.S.C. B.P. 1955 El-M'Naouer Technopôle de l'USTO Bir El Djir 31000 Oran
+ 213 41 62 06 95
+ 213 41 62 07 03
+ 213 41 62 07 05
+ 213 41 62 07 11
+ 213 41 62 06 98
+ 213 41 62 07 04

Recherche