Sélectionnez votre langue

Habib – Allah Mansouri, La Kabylie dans les écrits français du XIXe siècle, Alger, ENAG Editions, 2011

تظهر أهمية كتاب حبيب الله منصوري ""القبايل في الكتابات الفرنسية للقرن 19م" في كونه يسلط الضوء على "المجتمع القبايلي" كما فهمه وكما لاحظه عدد من الكتاب والعسكريين الفرنسيين خلال بدايات الحقبة الاستعمارية، حيث تم تسليط الضوء على القوى الحقيقية المتحكمة في هذا المجتمع، الدينية منها والاقتصادية بالخصوص. ومن جملة المواضيع المُتطرق إليها في هذا الكتاب، ما يخص مفهوم "الأسلمة السطحية والجوهر المسيحي"، أين ظهر لهؤلاء الملاحظين الأجانب أن الإسلام في القبايل كدين ليس له جذور عميقة، رغم حضور المرابطين الذين كان لهم مهمة نشر الرسالة القرآنية، لا يتعدى، في هذا المجال، الإسلام في نظرهم الصيغة التقليدية والمعتادة للتوحيد، كما لا يوجد في الحياة اليومية "للقبايل" تعصب للإسلام، ولا يظهر هذا التعصب إلا في حالة ما إذا استثير من طرف قوة أجنبية غير مسلمة.

و ضمن هذه الكتابات الفرنسية، يوجد من يعتبر أن القرآن لدى "القبايل" مجرد وثيقة ثانوية في إدارة المدينة والأسبقية ممنوحة إلى عاداتهم، حيث يورد صاحب الكتاب شهادة كل من دوماسDaumas ودوفو Devaux والتي جاء فيها ما يلي: "إن الخنزير عند القبايل ليس محرما لحمه كلية، فهم يكتفون برمي جزء صغير منه يعتبرونه هو المقصود بالتحريم"، كما يختلف "القبايل" عن المسلمين كونهم ميالين إلى حرمان المرأة من حقوقها مع وقوف المرابطين من هذه التجاوزات موقفا سلبيا غير مبالي.

وحول أصل المعتقدات والممارسات الدينية في القبايل، فهناك ميل إلى محاولة إثبات أن هناك أصل مسيحي لدى هذه المجموعة البشرية، الشيء الذي يسهل تمسيحهم من جديد، حيث لاحظ دوفو وضع "القبايل" للصليب من خلال الوشم، كما وأن هناك أصل وثني في ممارساتهم ومعتقداتهم، وقد استنتج آخرون بأن محاولة تمسيح "القبايل" لا يمكن أن يولد إلا التعصب الإسلامي أما حول "الأصل الأجنبي للمرابطين"، فقد ظهر عدد من الطروحات منها من يعتبر أن إسبانيا (الموريسكيين) هي أصل مرابطي تلك المنطقة، ولهذا السبب تم إقامة علاقة بين المورسكيين والمرابطين وفق ما توصل إليه كل من دوفو وأوكبيتان واللذان أظهرا سهولة استقرار المرابطين المورسكيين في منطقة القبايل، نظرا لتحكمهم في العلوم وعلوم الدين (علوم دنيوية وعلوم دنيوية). ولكن هناك من رفض هذا الطرح (الأصل الأندلسي للمرابطين) من أمثال لوتورنو      Letourneux A. و أنيتو A. Hanoteau وحول "نمط انخراط المرابطين في المجتمع القبايلي"، فقد ساد الرأي القائل أن من أسباب اندماج المرابطين في "القبايل" هو تحكمهم في علوم زمانهم، والدين لم يكن إلا عاملا ثانويا في اندماجهم الاجتماعي. وأدرك المرابطون مدى تحكم تملك الأرض على "القبايل"، فتبنوا موقفا لامباليا منها، وهذا الموقف مكنهم من أن يصيروا حكما موثوقا فيه. ومع الوقت صار المرابطون ملاكا للأراضي. ومن أجل المحافظة على مكانتهم التحكيمية أصبغوا تلك الملكية بصبغة دينية. إن الطابع الديني للمرابطين ليس إلا سطحيا، بغرض التميز عن الجماهير. وبالنسبة لــ دوماس، فقد كان للمرابطين سلطة أكبر من سلطة الأمناء. كما أن الطابع الحيادي للمرابطين جعلهم بمنأى عن الحروب الدائرة بين "العشائر القبايلية". ويرى دوفو أن هناك سلطتان: سلطة المرابطين الدينية وسلطة "التاجماعت" السياسية، علما أن سلطة الأوائل أكبر وأقوى. ويرى كارات Carete أن المرابطين لا يملكون سلطة أكبر من "التاجماعت"، لأن سلطة المال أقوى من سلطة الدين. وعن وضعية "المسجد والزاوية" في المنطقة، فيبقى المسجد مكانا محايد والذي عنده تنتهي جميع المنازعات. ويعتبر أوكابيتان H. Aucapitaine أن إنشاء المساجد في منطقة القبايل، هو لأغراض سياسية أكثر من كونه لأغراض دينية. أما بالنسبة لـ دوماس، فإذا كانت منطقة "القبايل" لا تعرف في تلك الفترة انتشار الجوع والتسول، فذلك راجع إلى دور الزوايا، فالزاوية هي رمز الكرم والاستضافة. إلا أن أونوتو ولوتورنو، حاولا أن يجردا الزوايا من خاصية الكرم والجود، ففي نظرهما، تستعمل الزوايا الكرم والاستضافة كوسيلة من أجل جلب وإدخال مزيدا من المنفعة والمداخيل المادية.

إن ملاحظات وطروحات العسكريين والكتاب الأجانب مهمة بالنسبة للدراسات الأنثروبولوجية والاجتماعية وحتى التاريخية اليوم. واختلاف الطروحات وتناقضها في كثير من الأحيان يدل على أن الملاحظة والوصف الإثنوغرافي لم يكونا أساس تلك النتائج/الطروحات، بل أن كل من التأويل والإديولوجيا كان لهما دور في صياغة هذا الموقف أو ذاك من جماعة/مجتمع "القبايل". ولا يمكن أن ننفي انخراط تلك الطروحات في المشروع الاستعماري الواسع.

الكاتب

محمد حيرش بغداد


logo du crasc
insaniyat@ crasc.dz
C.R.A.S.C. B.P. 1955 El-M'Naouer Technopôle de l'USTO Bir El Djir 31000 Oran
+ 213 41 62 06 95
+ 213 41 62 07 03
+ 213 41 62 07 05
+ 213 41 62 07 11
+ 213 41 62 06 98
+ 213 41 62 07 04

Recherche