Sélectionnez votre langue

تظاهرات علمية : فعاليات الملتقى الدولي حول الأمير عبد القادر تحت عنوان: "إرث الأمير عبد القادر بين الخصوصية والعالمية: مقاربات تحليلية." (جامعة وهران يومي 29 و 30 نوفمبر 2008(

وفق ما ورد في ديباجة الملتقى، فإن الحرص على عقده نابع من أن العالم وبعد قرنين من ولادة الأمير يعيد اكتشافه، واكتشاف الإرث الذي تركه للإنسانية، فهو الشخصية التي تركت بصمتها في القرن 19م. ومكانته تجاوزت حدود الزمان والجغرافيا لتفرض نفسها على المستوى الكوني، وذلك بفضل صفاته القيادية و الفكرية و الشعرية، وهو أيضا السباق للدعوة إلى حوار الحضارات. ولقد جمع الملتقى متدخلين من الجزائر والمغرب العربي ومن أوروبا وأمريكا، ومداخلات الملتقى كلها مهمة.

ولفت انتباهنا مداخلة جمال محرزي من جامعة ليون 2، التي تطرق فيها لقدرة الأمير على إيجاد الحلول العملية الناجعة لمواجهة المشاكل المرتبطة بتأسيس الدولة الجزائرية الحديثة، والمتعلقة خصوصا بتحصيل الضرائب، فقد كانت له في ذلك نظرة مخالفة لما شرعه الأتراك، وحاول أن يطبق مبدأ مساواة المواطنين أمام الضرائب، داعيا إلى ضرورة مراقبة التحصيل الجبائي وإقامته على أساس تضامني، كما رأى ضرورة تحصيل الضرائب إذا اقتضت الضرورة بطريقة إجبارية بالنسبة للأشخاص الذين لا يرغبون في دفعها.

وكانت مداخلة علي العلامي من جامعة تونس عبارة عن مقارنة بين شخصية الأمير وشخصية الوزير خير الدين التونسي، من حيث أن كليهما مصلح وحداثي. وقد أكد أننا أمام شخصية استثنائية حاملة لفكر استشرافي مدرك لقيمة التعايش بين الشعوب، ومؤمنة بالقيم الكونية المتمثلة في الإنسانية والأخوة ومحبة الأخر. وكان الأمير في نظر المتدخل، راغبا في تعلم اللغة الفرنسية والانضمام إلى الجمعيات، كما كان من جهة أخرى حاملا لفكر ثوري تحرري، يرى أن التحرر يبدأ بالتحرر من الجهل. وقد أدرك كل من الأمير وخير الدين أن الأخذ من علوم الغرب لا يعني الأخذ بعلمانيتهم، وعالم الدين في نظرهما لا يحق له أن يعيش منعزلا عن مجتمعه وعن العالم الخارجي، فمن واجبه معرفة أحوال العصر، وعدم الاكتفاء بما قدمه الأوائل، لأن التقليد يعارض سنة الحياة.

وقد أكد الدكتور عشراتي أثناء المناقشة أن الأمير كان يراهن على الترجمة، ولكنه واجه عوائق من طرف المستعمر حالت دون تعلمه اللغة الفرنسية. وفيما يخص علاقته مع خير الدين، فهناك ما يؤكدها ويؤيدها فقد أرسل هذا الأخير أحد كتبه إلى الأمير، الذي رد عليها معقبا.

وقد طرح السائلون قضية أساسية هي: هل روحانية الأمير هي في خدمة الفعل أم العكس؟

و في اليوم الثاني للملتقى تدخل برنارد جافو بمداخلة "اليوم ما نزال نتذكر الأمير"، وقد تطرق لفترات متباينة في التعامل مع التاريخ الجزائري عموما ومع الأمير خصوصا، فهناك بعض البرامج الدراسية الخاصة بالمرحلة الثانوية تعتبر إما أن الأمير شخصية نبيلة وشجاعة، وخاصة ما تعلق بأحداث دمشق، وإما أن شخصيته توضع في موضع الشخصية المستسلمة والمنهزمة. واليوم هناك حركة قوية في فرنسا تحاول إحياء ذكراه من خلال تسمية بعض الشوارع والساحات باسمه، حتى أن هناك طابعا فرنسا يحمل صورته، كما يتم بناء مسجد يحمل اسمه أيضا. ورأى المتدخل أنه من خلال الأمير توجد فرصة كبيرة للمصالحة بين الجزائريين والفرنسيين، لأن رسالته متعلقة بالمستقبل بالدرجة الأولى (حوار الحضارات).

وقد كانت مداخلة شرف عبد الحق من جامعة تيارت متميزة لأنها لم تتوقف عند الإعجاب بشخص الأمير، فقد عادت إلى كتابات العربي مشرفي الفقيه والشاعر الذي كان مزامنا للأمير، وقد بين أن مشرفي في مؤلفه " الحسام المشرفي" لم يكن موافقا على التدابير المتعلقة بالضرائب وطريقة جمعها، ولا على المبايعة أو طريقة التعامل مع القبائل الموجودة تحت ولاية النصارى. ولكن المشرفي بعد 1873 غيّر موقفه من الأمير، وألف كتابا أسماه "ذخيرة الأواخر" حيث أبدى فيه تأييده للأمير.

ومن أهم مداخلات الملتقى تلك التي ألقاها أحمد ملاح " الأخوة الإنسانية عند الأمير عبد القادر"، وقد تطرق فيها إلى قضايا أساسية هي:

  1. من أين استمد الأمير مبادئ الأخوة؟
  2. الأخوة أثناء المعارك.
  3. رفض الفرنسيين لمشروع الأخوة.

وقد اعتبر أن الأخوة عند الأمير مستقاة من القرآن، ما جعله يتجه إلى خدمة الله والتصوف، وخدمة الأخريين من خلال قبول الإمارة. ولقد كانت الفردانيات في نظره مجرد عوارض، أما الأخوة فهي جوهر الإنسان، لذلك كان محاربا عرضيا ومفكرا إنسانيا بالماهية، ورغم أن الفترة التي ظهر فيها كانت محكومة بنظرية الأعراق (عرق أدنى - عرق أعلى)، إلا أنه استطاع أن يفرض نفسه ويرسخ مبادئه في التاريخ. وحوادث دمشق اختبار عملي تثبت أن الأمير لم يكن يفكر فقط أو ُينَظر بل كان يعيش ما كان يؤسس له.

وكخلاصة لأعمال الملتقى، فإنه لا بد من التنويه بالمداخلات التي راهنت على ضرورة أن يأخذ الأمير نصيبا وافرا في برامج التعليم الجزائرية حتى يتمكن النشء من تعلم قيمه وأفكاره. وبذلك فإن الملتقى كان فرصة للأساتذة والباحثين لتدقيق المسائل التاريخية والثقافية والدينية التي لها علاقة مع الأمير ومع زمانه، ومناقشة خصوصيته وعالميته من أجل نشر أهدافه المتعلقة بحوار الحضارات والسلام والإنسانية بين الأمم والحضارات. وفي مواجهة إيديولوجيا الصراعات والعنف التي توشك أن تؤدي بالعالم إلى حذفه، وبذلك يصبح إرث الأمير وسيلة من وسائل الحماية والمحافظة على السلام العالمي.

محمد حيرش بغداد

 

logo du crasc
insaniyat@ crasc.dz
C.R.A.S.C. B.P. 1955 El-M'Naouer Technopôle de l'USTO Bir El Djir 31000 Oran
+ 213 41 62 06 95
+ 213 41 62 07 03
+ 213 41 62 07 05
+ 213 41 62 07 11
+ 213 41 62 06 98
+ 213 41 62 07 04

Recherche