Sélectionnez votre langue

عروض لمجلات

مقدمات المجلة المغاربية للكتاب، العدد 38، 168 صفحة، مؤسسة عبد العزيز آل سعود، الدار البيضاء، ربيع 2009

تعود هذه المجلة التي تصدر بالمغرب منذ 1993 ورئيس تحريرها محمد صغير جنجار، لتطرح بشكل جديد قراءات تراها جديدة لتراث وحاضر الإسلام والمسلمين بقسمين فرنسي وعربي.

يحتوي القسم العربي على دراسات تناول من خلالها  مقالا عبد الأحد السبتي حول مدينة فاس -بمناسبة الاحتفال بالذكرى 1200 لتأسيسها عنوانه "فاس بين زمن الأصل وزمن التاريخ "، بالنسبة لزمن الأصل يرى الباحث أن التطورات التاريخية مجرد تشخيص لما حدّده الأصل و يسعى زمن التاريخ إلى تلمس تاريخ المجموعات البشرية كمسار معقد .وقد اعتمد الكاتب في كل هذا على مصادر من القرن 14 م إلى القرن 19م ليتوقف عند "روض القرطاس" و"وصف إفريقيا" ومن الملاحظ أن  زمن الأصل يغلب  زمن التاريخ فتتغلب الذاكرة على المعرفة التاريخية، في إشارة منه إلى تأثير القراءة الاستشراقية المتأثرة بابن خلدون وإهمال المنظور الاجتماعي الثقافي للمدينة. بينما تناول نعمان الربودي في مقاله "أزمة الثقافة السياسية العربية الحديثة بين المهدوية الإسلامية ومنطق العلمنة" حيث كشف مظاهر الأزمة الفكرية التي تجمع بين التيار العلماني والتيار الإسلامي في المجال العربي، إذ عانى الأول من الشروط التاريخية والثقافية والمجتمعية غير المتوفرة في المجتمعات العربية و ألغى الثاني البعد التاريخي وخلط العبادات بالمعاملات وجعل السيرة مرجعا مطلقا.

أما محسن لحسن خوخو فقد سجل في مقاله"ملاحظات نقدية حول حوار الثقافات "النزاعات حول الدولة، الدين والثقافة"، عارضا مختلف تعاريف الثقافة منتقدا مقولة "حوار الثقافات" انطلاقا من التعريف الأنثروبولوجي للثقافة الذي  يجعل حسبه كل حوار مستحيلا، إذ من العبث أيضا أن ندرس الثقافات دون انتقاد بحيث يتحول الاجتماعي الثقافي إلى طبيعي والتبعية إلى خصوصية وبالتالي يمجّد التخلف.

أما في ملف العدد الذي يحتوي على موضوع المساواة بين الجنسين في الإرث فنجد مقالا مقتطفا من كتاب الطاهر حداد "امرأتنا في الشريعة والمجتمع 1992 مؤكدا فيه صاحبه" أن المساواة في الميراث غاية التشريع الإسلامي وذلك انطلاقا من قراءة مقاصدية للشريعة، وصولا إلى أن الإسلام لا يمانع في تقرير المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة متى انتهت أسباب التفوق. في السياق نفسه، عالجت زهية جويرو من خلال مقالها "مواريث النساء:النص والتأويل (2006) مسألة الميراث باعتباره بناءا تأويليا مبرزة أن الفقهاء يعتمدون منهجا تقليديا في حين يجب إعادة قراءة النصوص وتأويلها وفق المناهج المعاصرة. أمّا ألفة يوسف فاتجهت مباشرة إلى قراءة الآيات القرآنية المتصلة بالميراث من خلال مقالها"حيرة مسلمة (2008) لتصل إلى أن ما هو موجود من أحكام مجرد إجماع الفقهاء والمفسرين ويكون أحيانا مخالفا لصريح النص القرآني بدليل التناقض في مسألة ما يسمى توريث ذوي القربى. و من خلال المقال المقتطف من كتاب عبدالله العروي" عوائق التحديث (2006) إشارة إلى نظام الميراث الإسلامي ومنطق النمو الاقتصادي الحديث على اعتبار أن هذا الميراث "الإسلامي" وسط بين النص القرآني والمتقاضين الأثر الذي ما يجعله لا يتماشى مع التنمية الاقتصادية للبلاد لأن  الدولة في هذه الحالة تكون على الهامش.

في قسم القراءات يقدم عز الدين العلاّم قراءة في كتاب محمد كلاوي المغرب السياسي على مشارف الألفية الثالثة 1996-2006[1]، الصادر بالفرنسية سنة 2007، المتتبع للحياة السياسية المغربية من سنة 1996 إلى 2006 مبّينا التعارض بين منطق التقليد ومبادئ الدولة الحديثة في المغرب، ومسألة البيعة كحركة تاريخية كما يناقش صاحب المقال مؤلف الكتاب في كونه يسمح للدولة باستخدام الدين في الوقت الذي يرفض استعماله من طرف باقي الفاعلين.

في قسم المناقشات يرد محمد الشريف الفرجاني على قراءة نقدية كتبها أحد مشايخ وجدة المغربية وهو مصطفى بن حمزة ينتقد من خلالها الدراسة السوسيولوجية حول القيم والممارسات الدينية في المجتمع المغربي والمنشورة باللغة الفرنسية في كتاب "الإسلام اليومي2007"[2] يدعو الفرجاني فيما سماه "في سبات العقل : نقاش هادئ مع شيخ تزعجه المقاربة السوسيولوجية للتدين بالمغرب" ضرورة قراءة الكتاب مباشرة وليس من خلال ترجمات أو قراءات أخرى وهذا مبدأ خلقي ومعرفي ويبيّن أيضا الخصائص المنهجية والتقنية للدراسة السوسيولوجية لممارسة التديّن والتي تختلف تماما عن مقاربة رجال الدين ويؤكد في النهاية أن الوصول إلى الحرية والديمقراطية يقتضي الاستخدام الحر للعقل واحترام كرامة الإنسان.

خصّ القسم الفرنسي محور حول الإسلام والعولمة بثلاث مقالات، المقال الأول لعياض بن عاشور"الإسلام والعولمة" يرى فيه أن الإسلام له عالميته الخاصة مما جعله يتخذ  صورا جديدة وأشكالا مختلفة للتدين على الرغم من العلاقة المتناقضة بين الإسلام والعولمة إلا أن هذه الأخيرة جعلته عالميا، فالإسلام الحالي- انطلاقا من المسلمين المغتربين والوسائل التكنولوجية المستعملة- قد عاد لعالميته الضائعة من خلال الأراضي الجديدة غير الإسلامية. في حين يتحدث محمد طالبي في المقال الثاني عن "اقتصاد معولم على ضوء الإيثيقا القرآنية"  انطلاقا من الحقيقة الروحية المتمثلة في المساهمة في الخير الاجتماعي للإنسانية، مستخدما مفهومي الزكاة والصدقة كأفق للتطهير الأخلاقي والروحي والمحافظة على الشرف الإنساني ومن هنا يدعو إلى امتحان نقدي للتراث على اعتبار أن الإسلام خرج من التاريخ منذ 08 قرون ومن ثم إعادة إدخاله للتاريخ من الجانب الاقتصادي بعيدا عن الشريعة بمعناها الحرفي بل بالاقتراب من المعنى القرآني للولاية والصداقة مع الله. يقدّم احميدة النيفر في مقاله "حوار من أجل لغة دينية جديدة" عرض حال مختلف الحوارات بين الأديان ليصل في النهاية إلى أن الخطاب الإسلامي حول الحوار ما يزال في بدايته ،مبرزا الحاجة إلى نظرة نقدية للإرث التاريخي و تيولوجيا معاصرة تجعل كلمة الله تمس الإنسان بلغة إنسانية زمانية والاعتماد على مقاربة تأويلية للنص تفتح الباب لقراءات جديدة لكلام الله ولكل الديانات التوحيدية.

بالنسبة لمحور الإسلام والسياسة يتناول، محمد الشريف الفرجاني في مقاله "الإسلام السياسي والديمقراطية" متسائلا إذا كان التطور الذي أنتج الديمقراطية المسيحية في الغرب ممكنا في حالة الإسلام السياسي، مبينا من خلال عرضه للتجارب المعاصرة أن حركات الإسلام السياسي مكرهة على استعمال الديمقراطية لذا الحل في رأيه هو بناء قطب ديمقراطي قادر على أن يكون بديلا للإسلام السياسي.

يعالج علية علاني في مقاله "الإسلاميون في تونس بين المواجهة والمشاركة 1980-2007"  بداية الحركة في الإسلامية في السبعينيات وصولا إلى التصحيحات الحالية لحركة النهضة التونسية مبينا أن ازدواجية الخطاب لدى هذه الحركة سببه المواجهة مع النظام السياسي.كما بين أنه بعد أحداث11سبتمبر2001 رأى الغربيون أن القضاء على الإسلام الراديكالي يتطلب مشاركة الحركات الإسلامية المحدثة كما هو حال النهضة التونسية. يبّين حسان رمعون في مقاله "الاستعمار، الحركة الوطنية والاستقلال في الجزائر :حول العلاقة بين الدين والسياسة"، أن الحركة الوطنية قامت على مرجعيتين –جماعاتية ودينية- في كفاحها من أجل دولة وطنية حديثة، كما أن الحركة الإصلاحية بزعامة ابن باديس دافعت عن فصل نسبي بين المجال السياسي والمجال الديني. كانت هذه المرجعية المزدوجة إضافة إلى النظام الأبوي في مواجهة المؤسسة الدنيوية أو العلمانية في إطار بناء الدولة الوطنية، ثم تجلت الصعوبات أكثر مع أزمة سنوات 1980 بحيث تبين عدم إمكانية نجاح المسار العلماني دون فهم جديد لعلاقة المجتمع الجماعاتي والديني.

في قسم وجهات نظر ودائما باللغة الفرنسية، تناول  عبد السلام الشدادي في مقاله "من أجل خطة لتنمية اللغة العربية بالمغرب" التوازن بين الوظيفة الهوياتية والوظيفة العلمية،وتحدث عن أهمية وضع سياسة للعلاقة بين اللغة الكلاسيكية والعامية ،المكتوبة والمنطوقة من أجل تقليص المسافة بينهما، وتأهيل اللغة العربية في المدرسة وفي ميدان البحث العلمي أيضا. أمّا إدريس خروز فتعرض إلى "هيئة الإنصاف والمصالحة" (IER)[3] التي عرفها المغرب سنة 2004، والتي تعتبر تجربة مختلفة عن باقي التجارب (كتجربة إسبانيا مع فرانكو، والوئام الذي عرفته الجزائر)، والغرض من هذه الهيئة المغربية هو التعريف بالحقيقة حول سنوات الضغط والحبس العشوائي وذلك من أجل فتح باب جديد لبرنامج اجتماعي وثقافي، لاحترام حقوق الإنسان، والشفافية من أجل طي صفحة الماضي،ليصل في النهاية إلى العوامل الكفيلة بنجاح الهيئة والمتمثلة في رأيه في الديمقراطية واحترام الحقوق الفردية والاعتراف الفعلي بالحقوق الثقافية واللغوية والشفافية ومحاربة الفساد.

في قسم قراءات، ودائما باللغة الفرنسية، تناول علي بن مخلوف في مقاله "إسلام، لغة، حرية" مؤلفّين منشورين بالفرنسية  لكل من  سليمان بشير دياغن (كيف نتفلسف في الإسلام 2008)[4] ومصطفى صفوان (لماذا العالم العربي ليس حرا:سياسة القراءة والإرهاب الديني  2008)[5] أبرز من خلالها إستراتيجية اللغة في تفكير علاقات الإسلام بالحرية من خلال عرض كيفية تعامل هذا الفكر مع المعراج النبوي والتقاطع المشترك بين الكتابين وكتاب علي عبد الرازق" الإسلام وأصول الحكم "، مشيرا إلى أهمية اللغة اليومية المنطوقة في العلاقة بالحرية. ويشير الكاتب في النهاية إلى أن التحليل المقارن بين المؤسسات و مستويات اللغات يسمح بقياس الصعوبات التي نواجهها في العالم العربي.

عبد الوهاب بلغراس


الهوامش

[1] Gallaoui, Mohamed, Le Maroc politique à l’aube du troisième millénaire : 1996-2006, 230p, Fondation du Roi Abdul-Aziz, Casablanca, 2007.

[2] El-Ayadi, Mohamed ; Rachik, Hassan et Tozy, Mohamed, Casablanca. L’islam au quotidien : enquête sur les valeurs et les pratiques religieuse,  Editions Prologues, Casablanca, 2007.

[3] IER= Instance Equité et Réconciliation.

[4] Souleymane, Bachir Diagne, Comment philosopher en islam ? 235p. Editions du Panorama, 2008.

[5] Safouan, Moustapha, Pourquoi le monde arabe n’est pas libre : politique de l’écriture et terrorisme religieux, 170p, Denoël, Paris, 2008.

 

 

logo du crasc
insaniyat@ crasc.dz
C.R.A.S.C. B.P. 1955 El-M'Naouer Technopôle de l'USTO Bir El Djir 31000 Oran
+ 213 41 62 06 95
+ 213 41 62 07 03
+ 213 41 62 07 05
+ 213 41 62 07 11
+ 213 41 62 06 98
+ 213 41 62 07 04

Recherche