Sélectionnez votre langue

منطقة طرارة من منظور الدراسات الكولونيالية

إنسانيات عدد 39-40 | 2008 | رؤى حول الماضي ورهانات الذاكرة في الحاضر | ص 73-81 | النص الكامل


The Trara region through colonial studies

Abstract: In this article we have tried again to look at some colonial studies devoted to the Trara region. Our interest in this study is based on the wealth of data and information on the topic which gives a complete view of the geographical history of a region. This region is known for the passage of several populations and civilisations that had an impact on the building of a specific local social culture. Beyond the colonial objective of these studies, we can affirm they are characterised by a certain contribution resulting in a certain monographic and ethnographic aspect. They are certainly presented as a socio- cultural acquisition for social scientists, and all those researchers who have a scientific interest in this region of our country.

Keywords: Colonial studies - monographic studies - ethnographic studies - beliefs - cultural practises - Trara history - way of life -  trade and crafts.


Mourad MOULAI HADJ : Enseignant en sociologie, Université d'Oran, 31 000, Oran, Algérie
Centre de Recherche en Anthropologie Sociale et Culturelle, 31 000, Oran, Algérie



مــقـدمـة

ظل المجتمع الريفي الجزائري محل اهتمام الباحثين في العلوم الاجتماعية، فجل الدراسات المنجزة إبان التواجد الاستعماري عالجت الخصائص البيئية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية لهذا المجتمع.لا نستغرب إذا إنجاز هذه الأعمال من طرف الفئات المثقفة والإدارية الفرنسية التي عاشت بالمناطق الحضرية في المدن الجزائرية، فالانتماء الجغرافي والاجتماعي لبعض هؤلاء الإداريين إلى هذه المناطق، كان له دور في دفعهم إلى القيام بأعمال ودراسات مونوغرافية للمجتمع الجزائري هم جزء منه.فهذه الأعمال قد تسمو إلى مرتبة العلمية ذات الطابع الأنثروبولوجي.

شكلت الحياة البسيطة والغنية بمميزاتها ودلالتها الاجتماعية في الريف الجزائري والمناطق الجبلية اللبنة الأساسية لكل المحاولات والدراسات المنجزة التي كانت تنشر عادة في المجلات والمواثيق ومن أهم هذه المنشورات:"المجلة الإفريقية" و "وثيقة جمعية الجغرافيين وعلم الآثار لمنطقة وهران".

تعتبر منطقة طرارة من بين المناطق التي نالت حصتها في هذه الدراسات والاهتمامات الأنثروبولوجية. و نحاول من خلال مقالتنا هذه تقديم بعض هذه الأعمال ذات الطابع الأنثروبولوجي التي أنجزت حول هذه المنطقة.

  • 1. ندرومة ومنطقة طرارة

يقدم لنا كنال جوزيف J. Canal في الجزء الثالث من دراسة مونوغرافية لولاية تلمسان، عملا ظل مصدرا أساسيا لكل الدراسات الاجتماعية اللاحقة يحمل عنوان "ندرومة ومنطقة طرارة"، نشرت في الجزء السابع من مجلة الجغرافيين والأركيولوجيين لمنطقة وهران سنة 1887. 

يصف كنال وصفا دقيقا بيئة منطقة طرارة مؤكدا عن طابعها الجبلي المجاور للبحر وأن القاطنين بها هم من أصل بربري يمتازون بنوع من الاستقرار، و يسكنون بيوتا وأكواخا مبنية من الطين.

يتطرق كنال إلى مسألة أصل سكان المنطقة ليبرز التضارب والتناقض في الكتابات التي عالجت هذه المسألة، فهناك بعض من الإثنوغرافيين العسكريين[1] الذين يقرون بأن السكان المحليين هم من أصل بربري يعدون من أقدم سكان المنطقة، فنطقهم ولغتهم تظهر أنه لا وجود لأي صلة لهؤلاء السكان بالمجتمعات ذات العرق السامي ولا بالمجتمعات الأوروبية، ليستخلص أنهم كانوا من سكان البربر في العصر الروماني. و من هنا يرى كنال أن هذا الطرح متناقض مع ما هو ملاحظ في المنطقة ومع كل الطروحات المتقدمة من طرف العديد من الملاحظين.

ونظرا للجانب العقائدي للولي سيدنا يوشع وكل الأساطير المرتبطة بهذا الوليّ، يرى بعض الدارسين للمنطقة أن أهل المنطقة هم في الاصل يهود قد اعتنقوا الاسلام، كما تطرح بعض الفروض أن هؤلاء السكان، تحولوا إلى مسيحيين إبان العصر الروماني أي قبل مجيء الإسلام.

يستعين جوزيف كنال  بالملاحظة التي يقيمها لوصف ملامح الوجه للأنواع البشرية القاطنة بهذه المنطقة. ولإبراز هذا الطرح يواصل كنال الاستشهاد بأسماء بعض الأولياء الصالحين المتواجدين بالمنطقة كسيدي موسى، سيدي نون، سيدنا يوشع، سيدي إبراهيم، سيدي عيسى....وكذا أسماء بعض القرى المتواجدة في نفس المنطقة كقرية أولاد داود، وأولاد إيشوا، وأولاد هارون[2]

ويواصل المؤلف الاستشهاد بأبحاث ميدانية قام بها باحثون عن طريق مقابلة عينة من السكان المحليين ليؤكد ويدعم فكرة أن العرب استطاعوا أن يفرضوا ديانتهم على السكان المحليين، حيث لم يعرف المنتصر من المنهزم. فالدين الاسلامي استطاع أن يوّحد بين القبائل المتواجدة بالمنطقة. إذ يؤكد أن: "بسبب الاستعمار الروماني وهجوم العرب وطرد المسلمين من إسبانيا، أدخلت شيئا فشيئا عناصر غريبة بالنسبة للسكان المحليين"[3].

وللاقتراب من خصائص الإنسان الطراري، قام الباحث بإعطاء وصف دقيق لأسلوب حياة هؤلاء الأفراد. فالطراري هو ذلك الإنسان الراجل والجبلي الذي يمتاز ببنيته القوية والمتشبث بالأرض وبخدمتها. فلا يقوم التراري ببيع أرضه إلا في حالات قصوى. كما يقدم سكان طرارة على أنهم يمتازون بالاستقرار ويعيشون في بيوت مبنية بالطين، و يسكنون في أعالي الجبال للدفاع عن أنفسهم. ويزرعون السهول والتي تنعت بالعزيب (المكان الذي ينتقل إليه السكان في مواسم الحصاد والرعي)، فعادة ما تكون هذه المناطق محل نزاع بين القبائل[4]، إلا أن هذه المناطق قد تم تعميرها من طرف مالكيها، بعد توفير الأمن من طرف السلطة الفرنسية، إذ شيدت منازل في هذا السهول دون هجر تام للتي كانت متواجدة في الجبال.        

كما يقدم وصفا للمرأة الطرارية على أنها تقوم بأعمال مماثلة للمرأة الريفية بفرنسا، تقطع مسافة طويلة بحثا عن الماء و الحطب، تخرج سافرة الوجه، وتزرع الحقول وتربي الحيوانات، وتقوم بالحصاد إلى جانب الرجل. أما الشباب فينتقلون إلى المدن الداخلية بحثا عن العمل بعد حصولهم على أموال قد تفيد العائلة في حياتها بالمناطق الريفية يعودون إلى أهلهم.  

كما يواصل الباحث تقديمه للمنطقة ليبرز أهم الصناعات التي تنتج والتي تعتمد على نوع من المهارات (savoir faire)، وكذا استعمال المواد الأولية من الطين والخشب والدوم لتصنع منها أدوات ومستلزمات تلبي حاجيات الإنسان الطراري و يباع ما كان زائدا منها في السوق.

أما الفلاحة فتعتبر مصدر رزق أغلب سكان منطقة طرارة الذين يهتمون بزراعة الشعير والقمح والأشجار المثمرة من تين ولوز، الخ... وأن المحراث العربي هو أهم أداة مستعملة في زراعة الأرض. 

ومن أجل زراعة هذه الحقول يرجع مالكو إلى تشغيل بعض الفلاحين على أن يُقدم لهم جزءا من المحصول مقابل العمل المبذول، أو يتم تقديمه إلى الخمّاس الذي يعمل في الأرض ويؤخذ خمس الناتج الزراعي. أما العاملون في مواسم الحرث والحصاد فتقدم لهم أجورا في نهاية العمل على أساس أن التفاوض حول العمل والأجور يتم مناقشتهما يوميا. و هكذا تتم العمليات "الخاصة بتوظيف العمال اليوميين في الساحات والطرقات العمومية في مدينة ندرومة، حيث يلتقي منذ طلوع الفجر الموظفون والعمال اليوميون"[5].    

ونظرا لاستقرار السكان بهذه المنطقة يركز كنال على الممارسات الدينية منذ العصور الأولى، فقد مورس الدين اليهودي والمسيحي ليأتي الإسلام لتتقبله قبائل طرارة ولينتشر مع الدولة الموحدية. و لهذا تأسست عدة زوايا ليصل عددها إلى سبع زوايا و هي: الزاوية القادرية، العيساوية، الكرزازية، الطيبية، الشاذلية، السنوسية، والزيانية. و بفضل ذلك أصبحت كل القرى تملك مساجد وأن ندرومة عاصمة طرارة كانت تتواجد بها 10 مساجد. 

2. طرارة من خلال  دراسات  أخرى

لقد تم نشر دراسات أخرى في مجلة الجغرافيين والأركيولوجيين لمنطقة وهران من طرف مهتمين بالمنطقة ومن بينهم إميل جانييه  [6]Emile Janier و روبرت تنتوان Tinthoin [7]Robert . فقد حاول جانيه من خلال بحثه أن يقدم دراسة إثنوغرافية، بغية تتبع بقايا الثقافة البربرية بالمنطقة. لقد إعترف هذا الأخير بعدم قدرته على الإجابة على كل المشاكل المطروحة للدراسة على أساس غياب الدراسات السوسيولوجية حول المنطقة ومن هنا يقول: "قد أعجبنا بماضي  المنطقة أكثر من حاضرها"[8].

قسم المؤلف عمله إلى أربع محاور وهي: دراسة أهم الحوادث التي يمكن أن تشكل ذاكرة المنطقة، الدلالات ومعنى الأسماء التي أعطيت للمنطقة عبر تاريخ  المنطقة، و الأمور التي تجب معرفتها لفهم تاريخ المنطقة وأخيرا الأساطير الخاصة بالسلطان الأسود المتداولة بين سكان المنطقة.

أما تنتوان فلا يختلف عمله عن العمل الذي قدمه جوزيف كنال، فقد استطاع أن يؤكد ما جاء به هذا الأخير في مسألة تتمثل في أن بالمنطقة نوع من استقرار السكان وأن تواجدهم بها قد يرجع إلى بداية القرن الحادي عشر ويعتمد تانتوان على أعمال المؤرخين العرب وبخاصة مؤلفات البكري لإظهار أن السكان قد شكلوا تجمعات صغيرة بطرارة و أقاموا بها منازل ومساجد منتصبة في وسط الحقول الضيقة بندرومة وتونت (الغزوات) وميناء هنين والقرية الكبيرة ترنانة بمنطقة جبالة.

يرى تنتوان  أنه في سنة 1839 أقام إداريون مكاتب العرب بتعداد مائة قرية بطرارة ليشكلوا قبيلة ب4000 منزل منتصبة في الجبال. فيشبه هذه القرى بتلك الموجودة بجرجرة في القبائل أو الأطلس البليدي أو الظهرة أو بني سنوس[9].   

كما يقدم وصفا مماثلا لذلك المقدم من طرف جوزيف كنال، و المتمثل في أن للإنسان الطراري ارتباط شديد بالأرض والعمل الفلاحي، والرعي، والحياة القروية، وله نوع من المعرفة في التعامل مع الماء وصناعة الأدوات اللازمة للحياة اليومية. ويضيف في عمله هذا أهم الحرف المنتشرة بمنطقة طرارة وندرومة، ليبيَن الخصوصية الثقافية والحرفية للمنطقة.كما يقوم بإظهار دور السلطة الفرنسية في تحديث المنطقة عن طريق بناء مدارس ليصل عدد التلاميذ المسجلين سنة 1938 إلى 800 تلميذ.[10] وكذلك الشروع في تأسيس نوع من المناطق الحضرية لتصبح ندرومة لها صبغة المدينة الإسلامية و الغزوات مدينة أوروبية بميناء أصبح مركز تموين المدن الداخلية كمدينة وجدة، تلمسان ومغنية.

3. نمور (جامع غزوات): دراسة مونوغرافية

قام فرانسيس لبدور Francis Llabador بدراسة مونوغرافية لمدينة الغزوات[11] مدعمة بصور من الواقع معتمدا عن تجربته البيوغرافية والمكانة الاجتماعية التي كانت تمتاز بها عائلته نظرا للمراكز السوسيو مهنية التي مر بها أبوه الحامل لشهادة الليسانس في الحقوق، و المراسل لجريدة  l’écho d’Oran ثم رئيس لبلدية الغزوات سنة 1939.

يعتبر العمل الذي قام به لبدور عملا علميا استطاع من خلاله أن يمس كل جوانب الحياة بمدينة الغزوات، من دراسة للبيئة، والحياة الاجتماعية والممارسات الدينية بالمنطقة والمعتقدات كما عالج المسار التاريخي للمدينة. فهذا العمل قد يعد عملا إثنوغرافيا وأنثروبولوجيا لمدينة عرفت مرور عدة شعوب وإثنيات من البربر والرومان، واليهود، والعرب حتى وصول الفرنسيين لتمتزج وتشكل عناصر ثقافية جديدة جعلت المنطقة تعرف فوارق ثقافية ولغوية بينها وبين السكان القاطنين في مدينة ندرومة والتي لا تبعد عن مدينة الغزوات إلا ببعض الكيلومترات (ما يعادل 18 كلم).   

حاول هذا المؤلف الكشف عن تاريخ المنطقة وعن خصوصياتها الاجتماعية والثقافية، معترفا بأن هذا العمل لم يكن سهلا وإنما تطلب منه زيارة العديد من المكتبات في العاصمة وكذا مصالح الأرشيف و مكتبات مدينة وهران وكل الوثائق المتعلقة بالمدينة والمتواجدة في هذه البلدية. كما استعان بالجرائد الرسمية والمنشورات الخاصة بالحكومة. وفضّل الاعتماد على قصص المؤرخين والعسكرين الذين مروا بالمدينة. و بالإضافة إلى هذه الأساليب المنهجية في دراسة المنطقة، اعتمد على الملاحظة المباشرة للمجتمع الذي ينتمي إليه وأخذ صور من الواقع.

ويعترف بكل المساعدات التي قدمت له من طرف مجتمع موضوع البحث وكذا التشجيعات التي تلقاها من طرف ألفرد بل M. Alfred Bell والملاحظات المقدمة من طرف روبرت تنتوان بصفته رئيس مصلحة الأرشيف بوهران.

من بين المسائل التي عالجها لبدور، التاريخ السياسي لمدينة الغزوات حيث يشير إلى أن أول انتخاب للمجلس البلدي تم يوم 02 ماي 1869، و بمشاركة السكان المحليين في إدارة هذا المجلس البلدي. كما عرف عدد الممثلين للسكان المحليين في المجالس البلدية تطورا مع مرور الزمن.

أما التحولات الاجتماعية والاقتصادية التي عرفتها المنطقة فقد عالجها "لبدور" ليبرز تلك المميزات الديموغرفية الناتجة عن تعمير المنطقة وتحضيرها عن طريق بناء مرافق إدارية وهياكل تجارية ومصالح خاصة بالنشاط المهني التجاري للميناء. كما شيدت مدارس لتعليم الأطفال، فأول مدرسة للذكور بنيت في ديسمبر من سنة 1849 و إضافة إلى مدرسة للإناث في سنة 1850.

ومن النشاطات المهنية التي عرفتها المنطقة يركز "لبدور" على مهنة الصيد ودور الميناء في خلق فرص للعمل للسكان المحليين، و الصيد استطاع أن يطور نوعا من المعامل الخاصة بتصبير السمك والتي تزايد عددها مع مرور الزمن لتصبح مركزا لتشغيل العدد الهائل من النساء والأطفال.

الحياة الدينية من معتقدات و طقوس، كانت هي الأخرى حاضرة في عمل "لبدور" ليتطرق إلى ظهور الديانة الكاثوليكية وتنصيبها في يوم 26 فبراير 1847 وأنها تواجدت بالمدينة قبل بناء الكنيسة من طرف الدولة سنة 1865 –1867. أما الديانة الإسلامية فتمارس من طرف السكان المحليين وأن ثمة مساجد مبنية في كل أحياء المدينة، كما يقدم وصفا دقيقا لكل قاعات الصلاة والمساجد و الأدوار التي كانت تقوم بها هذه المساجد في تعليم الأطفال القرآن.

ثم يقدم لنا وصفا دقيقا ومدعما بصور لكل الأولياء الصالحين ومواقعهم والممارسات الدينية والاعتقادات المرتبطة بها. فحاول من خلالها الكشف عن كل الطقوس الشعبية و خاصة الممارسات التي تقوم بها النساء عند زيارة أضرحة الأولياء الصالحين وإعطاء نوع من التخصص لكل ولي صالح في معالجة مرض من بين الأمراض، "فقد لعب هؤلاء الأولياء دورا كبيرا في الحياة الخاصة وحتى السياسية للسكان المحليين" [12].

يرى هذا الباحث أن ببلدية الغزوات، التي تعدّ من بين أصغر البلديات مساحة، ثلاثة أولياء صالحين لهم قبب مصبوغة بالبياض و تتميز بجاذبية خاصة بالنسبة للسوّاح. ويعطي تفسيرا لغويا لكل التسميات الخاصة بكل مواقع هؤلاء الأولياء الصالحين من القبة، الحويطة، الحوش، الضريح، المرابط، الزاوية، المقام…

وأخيرا يشير إلى الديانة اليهودية التي كانت ممارسة من طرف أقلية من اليهود القاطنين بالمدينة والذين استطاعوا بناء معبدهم.Synagogue

4. ندرومة: تطور مدينة

 إن الأهمية العلمية والخصوصية الثقافية للمنطقة دفعت ببعض الباحثين إلى القيام بأعمال علمية حديثة، إعتمدت أساسا على تلك الدراسات السابقة والتي قام بها الإداريون والعسكريون إبان التواجد الاستعماري[13]. نخص بالذكر الدراسة التي قام بها الباحث الفرنسي جلبرت غراند غيليوم Gilbert Grandguillaume حول مدينة ندرومة.

في سنة 1976 قام هذا الأخير بنشر كتاب تحت عنوان ندرومة: تطور مدينة(Nedroma : l’évolution d'une Médina) ، استطاع من خلاله أن يلم بكل جوانب التحول الهيكلي للمدينة مع محاولة الكشف عن خصوصياتها الأنثروبولوجية معطيا أمثلة عن الممارسات الثقافية الخاصة بالأعراس والمناسبات الدينية، كما قدم لنا تحليلا للتحول الاجتماعي والثقافي للمدينة، ليبرز أهم مراحل تطورها، مع الكشف عن الحياة المادية التقليدية وهذا عن طريق وصف تقاليد الأكل والوجبات الغذائية، والألبسة ونوعية المساكن التقليدية. بالإضافة إلى هذا قدم لنا أهم الصناعات التقليدية التي تفتخر بها المنطقة، والتي أصبحت جزءا من هوية المجتمع الندرومي. كما تطرق إلى مسألة الصراع الإيديولوجي القائم بين فئة الحضر و القبائل.

فالهدف الأساسي لهذه الدراسة هو القيام بعمل سوسيو إثنولوجي لتطور مدينة في الغرب الجزائري (ندرومة) باعتبارها مدينة إسلامية قديمة عايشت مراحل من الرفاهية في تاريخ المغرب العربي، وتأثرت بالتواجد الكولونيالي ليؤثر في وثيرة تحولها وتطورها حتى ما بعد مرحلة الاستعمار.

خـاتمة

ما يمكن استخلاصه من خلال هذه الدراسات أنها إعتمدت على نوع من الأعمال الاثنوغرافية القائمة على الوصف ومحاولة القيام بمسح كل الخصائص الثقافية للحياة الاجتماعية لقبائل طرارة ومدنها. كما استطاعت، هذه الدراسات أن تبيّن خصوصية الإنسان الطراري على أنه جد متمسك بالأرض التي هي مصدر رزقه. وكان هناك نوع من التركيز على الحياة الدينية والممارسات الثقافية، والعقائدية للمجتمع الطراري، محاولة إبراز دور الحملات الدينية التي عرفتها المنطقة في نحت هوية السكان الطراريين وجعلهم يشكلون فئة اجتماعية متعددة الثقافات.

لم تتوقف الأهمية الأنثروبولوجية لمنطقة طرارة عند هذه الدراسات بل أسهمت عوامل التغير الاجتماعي على الكشف عن عناصر جديدة من الثقافة والممارسات التي تعد بحق مواضيع خصبة لدارس العلوم الاجتماعية بصفة عامة والباحث الأنثروبولوجي بصفة خاصة. فعامل الهجرة والتصنيع والتحضر الذي عرفته منطقة طرارة تعد مواضيع ذات طابع أنثروبولوجي دفعت ببعض الجغرافيين[14] و الباحثين الجدد القيام بمحاولات علمية لدراسة مسألة التحول الاجتماعي بهذه المنطقة[15].         


الهوامش

[1] Niox, Géographie physique de l’Algérie.

[2] Cf. J. Canal, “monographie de l’arrondissement de Tlemcen” in B. S.G.A.O, tome 7, 1887, p. 80

[3] ibid.

[4] ibid, p. 83.

[5] ibid, p.90.

[6] Janier, Emile, « Nemours et sa région » in B.S.G.A.O, n°227-228, 1949-1950 pp. 1-41

[7] Robert Tinthoin, « Les Trara : étude d’une région musulmane d’Algérie », in B.S.G.A.O, TL XXIII, pp. 217-309

[8] Janier, Emile, op.cit., p.2

[9] Tinthoin, Robert,  op.cit., p.241.

[10] Ibid, p.280.

[11] F. Llabador, Nemours  (Djemâa- Ghazaouet) : Monographie illustrée, la Typo-Litho et Cârbonal, 1948.

[12] Ibid, p.475

[13] من بين الدراسات الكولونيالية حول منطقة طرارة، والتي لم تأخذ حصتها في هذا النص وكانت مرجعا للدراسات التي قام بها الباحثون المعاصرون، يمكن ذكر:

Prenant-Thumelin, Marie-anne, Nedroma 1954, Alger, 1967, Annales Algériennes de Géographie, N°4, 1967, pp : 21-64.

Marçais, Georges, La chaire de la mosquée de Nedroma, In cinquantenaire de la faculté des lettres d’Alger. Revue Africaine, 1932, pp : 321-331.

[14] Cf. Sari, Djilali, les villes pré-coloniales de l’Algérie occidentale, Nedroma, Mazouna, Kalâa, Alger, SNED, 1960. 

[15] cf .Salah, Ferhi, Moulai-Hadj, Mourad et Hamdaoui, Mohamed, Les Trara entre tradition et modernité, rapport de recherche, CRASC, 1999.

 

Appels à contribution

logo du crasc
insaniyat@ crasc.dz
C.R.A.S.C. B.P. 1955 El-M'Naouer Technopôle de l'USTO Bir El Djir 31000 Oran
+ 213 41 62 06 95
+ 213 41 62 07 03
+ 213 41 62 07 05
+ 213 41 62 07 11
+ 213 41 62 06 98
+ 213 41 62 07 04

Recherche