Sélectionnez votre langue

الهياكل الاجتماعية والتحولات المجالية في النزلة- تقرت- مقاربة أنثروبولوجية

 إنسانيات عدد 27 | 2005 | السوسيو-أنثروبولوجيا في تحول | ص 39-41 | النص الكامل


Abdelkader KHELIFA : Magister en Anthropologie sociale et Culturelle


 

منذ عشريات قليلة تشهد الصحراء الجزائرية حركة عمرانية وتعميرية متسارعة[1] - (التسارع العمراني في 10 ولايات من الجنوب كان سنة 1987، 60% في الوقت الذي كان فيه في الشمال 50%) - واقع أصبح يطبع مدن الصحراء اليوم، أفرزته عوامل التحديث بالاندماج في المجتمع الوطني العام، وأيضا الدنياميكية الداخلية لمجتمعات هذه المناطق. مما يدفع للتساؤل بالدرجة الأولى عن طبيعة هذه الحركية، هل هي عمرانية صحراوية أم عمران في الصحراء؟

في حدود دراستنا الميدانية، في مدينة تقرت عاصمة إقليم وادي ريغ اخترنا كنموذج للبحث الميداني حي النزلة[2]، يتعلق الأمر في هذا الميدان بتعايش مجموعات اجتماعية مختلفة لفئتين، من السكان أساسا، سكان الواحات القدامى مزارعي النخيل "الحشاشنة" و مجموعات من البدو المتمدنين (سعيد أولاد عمر، فتايت، سوافة، طيبات، أولاد نايل....) الذين بدأ تثبيتهم منذ عشرينيات القرن الماضي ولم ينتهي حتى اليوم.

من خلال محاولة فهم نوعي، للهياكل الاجتماعية والأسرية للمجموعات الاجتماعية المكونة لهذا المجال العمراني وأشكال التعبئة من أجل السكن والإستراتيجيات الاجتماعية والأسرية التي تتخذها المجموعات الاجتماعية المختلفة، من القرويين مزارعي الواحات القدامى الحشاشنة سكان النزلة و البدو المتمدنين خاصة من أولاد نايل، والوافدين إلى هذه المنطقة بحثا عن العمل والاستقرار، ومفصلة هذه المسارات والاستراتيجيات مع التحولات التعميرية التي شهدتها المدينة. يمكن هذا أن يلقي الكثير من الأضواء و يجيب على إشكاليتا مركز التساؤل في البحث المتعلقة بالهياكل الاجتماعية اليوم ونوع علاقاتها بمجالها الإقاماتي والسكني من خلال استراتيجياتها الاجتماعية وممارساتها وتمثلاتها، هي جوانب أهملتها التقصيات الكمية. كون التساؤلات الاجتماعية والأنثربولوجية حول هذه المسألة متعددة، ناجعة وواعدة لفهم حاضر الواحة اليوم.

إن أدوات التقصي المناسبة والتي اعتمدناها لهذا الموضوع هي التحقيقات النوعية ضمن منظور أنثر وبولوجي يهدف إلى دراسة واقع اجتماعي بمعرفة تمظهراته الخارجية للعلاقات الاجتماعية ومنطق تدخلات الفاعلين، في إطار هذا الأفق تم اللجوء كمنهج مقاربة أساسا إلى أسلوب الـمـحادثة غـير الموجـهة (semi directive) مع الفاعلين والمخبرين، والتي تمثل منبعا معرفيا هاما، فإن هذا الأسلوب تجريبي مؤسس على التحقيق الميداني استلهم من التقاليد الأثنوغرافية من أجل تقنيات الملاحظة والذي يبني مواضيعه من الإشكاليات الاجتماعية.

دعمنا بحثنا باستجواب ميداني وضعناه كمصدر معلومات من الدرجة الثانية، إضافة إلى هذه المصادر فقد رأينا أن نطلع على سجلات عقود الزواج الموجودة في بلدية النزلة، كان هذا العمل جد مفيد لنا، يبرر ما صرفناه فيه من جهد ووقت، فقد زودنا بنظرة دقيقة لتطور أنواع الزيجات ونظام المصاهرات وعلاقاتها بالقرابة بالنسبة للمجموعات الاجتماعية والأحياء المختلفة.

كان العمل من خلال ثلاثة فصول الأول تعلق بدراسة مونوغرافية للنسق المجالي التقليدي في الواحات والمدن التاريخية وتحولاته في اطار الاندماج في المجتمع الوطني العام، أما الثاني تعلق بالنزلة من خلال المجال العمراني الأوساط الاجتماعية والهياكل الاجتماعية الموجودة، أما الفصل الثالث فتعلق بالتعبئة الاجتماعية من أجل المجال والاستراتيجيات الاجتماعية والأسرية وتمثل المجال عند السكان.

إن النتائج التي توصل إليها البحث رغم قصر المدة مما يحتم المزيد من التوغل في الميدان والموضوع فيمكن التأكد أنه لم تعد الواحة كما كانت! إن حقيقتها الاجتماعية والعمرانية اليوم تؤدي بنا إلى الوقوف على ساحة من التحولات العميقة وإعادة التشكل - انهيار عالم البدو أحال مجتمعات بأكملها على البطالة، وضعية كانت السبب في ضياع ثقافة بأكملها ومعارف بالصحراء، هذه المجموعات التي استوطنت المدن، بين اختيار العزلة أو التمدن تعاني صعوبات الاندماج، السكن العمل والوظائف التعليم...-

"الحشاشنة" سكان واحات وادي ريغ، هؤلاء السود الذين كانوا "خمامسة" لفترة طويلة في منطقة وادي ريغ، فتحت التحولات الجديدة أمام أبنائهم آفاقا جديدة، التمدرس والعمل في الشركات البترولية و الخدمة الوطنية وحتى التلفزة...، وسائل جعلت أبناء هذا المجتمع ينسون ماضي آبائهم والترقي الاجتماعي والاقتصادي، في مدة وجيزة.

هياكل اجتماعية وأسرية جديدة، تشكل مجالا جديدا في مدن الصحراء، أشكال من التعايش في الأحياء وفي المجال السكني دلالاتها هي استجابات لتحولات جديدة شهدها المجال العمراني الإقاماتي والسكني، الحي الهوياتي لتمييز مجموعة اجتماعية تبرز هويتها أو بقايا من ثقافتها، المنزل الفردي الكبير القابل للتوسع عموديا لإيواء الأسرة المركبة في مكان الأسرة الممتدة التقليدية، التشكلات الاجتماعية الجديدة تهيئ مجالها الجديد على صورتها اليوم.

حاضر ومستقبل الواحة في طور التشكل ملامحه النهائية لم ترتسم بعد، المذكرة خلصت إلى ضرورة استعجال البحث المعمق بأدوات مناسبة لفهم هذه التحولات للإجابة على إشكالات ومعضلات تخص التنمية ومصادمات أصبحت تطل برأسها من حين لآخر.


الهوامش

[1] Cote, Marc, «Dynamique urbaine au Sahara», in Insaniyat (Revue algérienne d’anthropologie et sciences sociales), n°05, Mai-Août 1998, p.89.

[2] النزلة : جزء من مدينة تقرت، قصر صحراوي، تتميز بنسيج عمراني تقليدي وتوسعات حديثة، تسكنها مجموعات اجتماعية من فلاحي الواحات "الحشاشنة" و البدو المتمدنين، أصبحت بلدية مستقلة، سنة 1984.

Appels à contribution

logo du crasc
insaniyat@ crasc.dz
C.R.A.S.C. B.P. 1955 El-M'Naouer Technopôle de l'USTO Bir El Djir 31000 Oran
+ 213 41 62 06 95
+ 213 41 62 07 03
+ 213 41 62 07 05
+ 213 41 62 07 11
+ 213 41 62 06 98
+ 213 41 62 07 04

Recherche