Sélectionnez votre langue

المجلس البلدي لمدينة قسنطينة من 1947 إلى 1962

إنسانيات عدد 35-36 | 2007 | قسنطينة. مدينة في تحول | ص 19-37 | النص الكامل


Constantine town-council from1947 to 1962

 Abstract: This contribution tries to explain a socio-historical approach of colonial situation politics, through an Algerian town council experience.
Three moments characterize the Constantine town council: The 1947 statute, the start of the armed struggle in November 1954, and the advent of the 5th Republic in 1958.
Looking over these three periods of council history is to analyze one of the specific grounds that is to say the differential statute of members making up the council from an unprecedented if not paradoxical relation established between nationality and citizenship.
In this discriminatory context, the 2nd electoral body members had to undergo a vote apprenticeship, initiating themselves to the secrets of policy making, taking part in clientistic practices and modern city management.

Keywords: town council experience - vote-citizenship - nationality -clientism.


Ouanassa SIARI-TENGOUR : Maître de conférence en Histoire, Université de Constantine, 25 000, Constantine, Algérie.
Centre de Recherche en Anthropologie Sociale et Culturelle, 31 000, Oran, Algérie


 

مَرّت تجربة النظام البلدي[1] بين فترتيْ صــدور قـانــون الــجــزائـر (1947) و الإستقلال (1962) بثلاثة مَراحل متتالية. و شملت المرحلة الأولى البلديّتين المنتخَبتين في سنتي 1947 و 1953 و هِيَ لم تختلف عن المراحل السابقة، ذلك أنّها كرّست نظاما تمثيليّا قائمًا على وجود هيئتين منفصلتين و عدد غير متساو من مستشاري البلديّّات ممّا جعل إبقاء الهيئتين أمراً متناقضا مع الأحكام التي أدخلها قانون لامين قاي Loi Lamine Gueye لسنة 1946، الذي يعترف بالمواطنة لكافة سكان المستعمرات الفرنسية. وهذا يعني نظريّا أنّّ الرعايا الأهالي، اِبتداءًا من هذا التاريخ، أصبحوا يتمتعون بجميع الحقوق التي تمنحها الجنسية الفرنسية.

أمّا المرحلة الثانية، فقد كانت نتيجة للتطور السياسي الناشئ عن اِندلاع حرب التحرير الوطني منذ أول نوفمبر 1954 و ترتب عنها تعطل السير العادي للمداولات البلديّة بسبب اِنسحاب أغلبيّة المستشارين المسلمين، كما أدى تصويت "الأحكام الخاصة"، فضلا عن حالة انعدام الأمن العامة، إلى اِستحالة إجراء اِنتخابات لتجديد المجلس البلدي، فكان من ذلك ظهور مرسوم 11 ديسمبر 1956 الذي أعلن عن حلّ جميع المجالس البلديّة المنتخَبة أمّا في مدينة قسنطينة فقد نصبت في شهر مارس 1958 مندوبيّة خاصّة تخضع إلى مراقبة مشدّدة من قبل السلطات العسكريّة و لأول مرّة في تاريخ الجزائر الإستعماري، ألغى الهيكل الجديد، الذي أسنِدَت إدارته إلى "فرنسي مسلم" هو حسين علواش، التمييز بين الهيئتين بالإضافة إلى إشراك النساء بشكل ملحوظ. و في الواقع كانت هذه المندوبيّة الخاصّة مجرّد جهاز أفرغ من صلاحيّاته و وقع تحويلها لصالح القطاع الإداري الحضري .[2](SAU) Section administrative urbaine

أما المرحلة الثالثة فقد تمثّلت في عودة الوضع العادي و ذلك مع بدايات عهد الجمهوريّة الخامسة، حيث تم تنظيم اِنتخابات بلديّة في شهر أفريل 1959 تميزت بمشاركة النساء المسلمات لأول مرة، وفقا لقرار جويلية 1958[3].

تسمح لنا هذه المراحل الثلاث من تاريخ بلديّة قسنطينة، والتي يمكن تعميمها على أهم المدن الجزائرية، بطرح عدّة قضايا ترتبط بسيْر المؤسّسة البلديّة في سياقها الإستعماري و يتعلق أهم سؤال بالوضع القانوني الذي ميّز بين أعضاء المجلس البلدي و خلق علاقة مستحدثة، بل ظاهريّة التناقض، بين مصطلحي "الجنسيّة" و "المواطنة" و هكذا أدت هذه الضغوط التأسيسيّة إلى سيْر غير متواز لمجلس بلدي دُعي فيه المنتخَبون الأهالي إلى التآلف مع التسيير الحديث للمدينة

أمّا الهيمنة الإستعمارية التي مارسها منتخَبو الهيئة الأولى إلى غاية سنة 1959 و كرستها تدخلات الإدارة المتعددة، فقد رهنت بشكل فظيع الممارسات السياسيّة، مُحافظة على رعاية العلاقات الزبائنيّة (les rapports clientélistes)، هذا ما يتجلى من خلال تدخّلات أعيان المدينة الذين كانوا يعقدون و يفصلون المناصب السياسيّة حسب أهوائهم و خدمةً لمصالحهم المباشرة. و في الواقع، أضفت هذه التصرفات الشائعة و المتداولة في الجزائر المستعمَرة، صبغة غريبة على التطور التاريخي للتقدم السياسي، سواء عند النّخب الفرنسية أو الأهليّة، في حين، تسمح لنا بتسليط الضوء على العلاقات و المبادلات التي لم تتم بين الطرفين من خلال التعارض الذي نقلته الإسطوغرافيات الوطنية[4].

هيئتان لمجلس بلديّ واحد / حدود المدينة

سمح قانون الجزائر الذي أقر بتاريخ 20 سبتمبر 1947 ب" دحض ذلك الوهم الأزلي الذي كانت تبديه صيغة "سياسة الإدماج" دحضاً نهائيّّا"[5] و بالتالي لم يستطع قانون الجزائر تحاشي معارضة مزدوجة:صدرت الأولى عن المُعمّرين و الثانية عن الوطنيين. و رغم ذلك فإنْ ألقينا نظرة فاحصة على هذا الملف، نجد أنّ التغييرات المنتظَرة و المتمثلة في المساواة السياسيّة و المدَنيّة بين الـفـرنـسـيـين و الرعايا، قد بقيت حبرا على ورق. ففي جميع المجالس (الـمـجـلس الجزائري و المجلس العام و المجلس البلدي) لم يناقش القانون و لو مبدأ الهيئتين المنفصلتين باِعتبار أنّّ الأولى تمثل الناخبين الفرنسيين و أنّ الثانية تمثل الناخبين الرعايا/ المسلمين. و لم يثبت التكافؤ التمثيلي إلا في المجلس الجزائري أمّا في المجالس المحليّة (المجلس البلدي و المجلس العام) فلم يكن عدد المرشحين "الرعايا" ليتجاوز خمْسي العدد الإجمالي.

لقد حجب هذا التباين التمثيلي، الذي كرّسه النواب البرلمانيون لصالح الهيئة الأولى، اِلتباسًا خطيرًا لم يجرؤ أحد على التنديد به. و تمثل هذا الإلتباس في عدم وجود فرق في الحالة القانونية بين المجموعتين السكنيتين الموجودتين في الجزائر، و هذا حسب الأحكام التي أدخلها قانون لامين قاي (17 ماي 1946)، الذي كان يفترض اِرتقاء سكان الجزائر، باِعتبارهم رعايا فرنسيين -غير مواطنين- إلى مستوى المواطنة الفرنسية و يعني هذا منطقيّا أنّ تمثيل السكان في قلب المجالس المحليّة لم يصبح قائمًا على التفرقة التي ظلت تميّز بين منتخَبي الهيئة الأولى المُتمتعين بحقوق الجنسيّة الفرنسية و منتخَبي الهيئة الثانية اللامواطنين، لاِنتسابهم إلى قانون شخصيّ مختلف. و قد أدّى هذا التناقض إلى اِختلاق مواطنة خاصّة سُـمِّـيـت "فـرنــسي مـسـلـم" و بالتالي أرادت الجمهورية الفرنسية، بحفاظها على تمييز كهذا، أنْ تدخِل إلى جانب المواطنين الفرنسيين – الواضح إنتماؤهم إلى التشكيلة الوطنيّة (la configuration nationale) – تعريفا ثانيا للمواطنة، مُقيّدا بالإنـتماء الـدّيــنــي و رغم ذلك يعود له الفضل في كسر وهم الإدماج.

لكنْ من الغريب أنّ "إغلاق أبواب المواطنة"[6]، لم يستوقف الضمائر المعاصرة رغم ما يكتسيه هذا النزوح المعنوي (glissement de sens) من أهمية في دراسة عرقلة التجربة البلديّة في وضعها الإستعماري. و من هنا يستوقفنا هذا التشويه للقواعد الديموقراطية أكثر من مرة أمام طبيعة الدولة و الأمة التي تشملها هذه القواعد و إنْ كان التمثيل المبهم لأمثال الجمهورية العليا يعني الهيئتين على حد سواء، فقد تأقلمتا مع هذه الإنحرافات القانونية لأسباب تحتاج إلى مزيد من البحث و الدراسة.

و هو الأمر الذي نلاحظه في سلوك حزب الشعب الجزائري و حركة انتصار الحريّات الديموقراطيّة (PPA-MTLD) الذي شارك في الإنتخابات التشريعيّة للدستور الثاني (1947) ثم اِنسحب من المناقشات حول قانون الجزائر، قبل أنْ يلتحق من جديد بالسّباق الإنتخابي، ممّا زرع الشك في صفوف مناضليه.

الإنتخابات البلديّة لسنة 1947

نقلت صحيفة La Dépêche de Constantine أنّ من ضمن 16234 ناخبا مسجلا، لم ينتخب منهم سوى 5327. وهنا يظهر الفارق جليّا بين عدد المسجلين و عدد المنتخِبين، رغم أنّ قائمة حزب الشعب الجزائري PPA-MTLD لم تفز فقط في قسنطينة، بل تقريبا في جميع المدن الجزائرية الكبرى...

و بالفعل، فازت في دورة الإنتخابات الثانية التي جرت يوم الأحد 26 أكتوبر 1947 القائمة التي قدمتها حركة اِنتصار الحريات الديموقراطية MTLD التي حلّّّّّّت محلّ حزب الشعب الجزائري PPA فوزا مُعلنا. وكان جمال دردور[7] على رأس القائمة التي شملت 22 مستشارًا للبلديّة، جميعهم منضمون إلى حركة اِنتصار الحريات الديموقراطية MTLD. أمّا قائمة الإتحاد الديموقراطي للبيان الجزائري UDMA لفرحات عباس، فلم تفز إلا ب 1731 صوتا. مما أدى إلى اِستدعاء منتخَبي حركة اِنتصار الحريات الديموقراطيةMTLDإلى تسيير شؤون المدينة صحبة 34 عضوا من الهيئة الأولى اِنتخِبُوا ضمن قائمة إتــحـاد الـيـمـيـن و التجمع الشعبي الفرنسي RPFالذي كان يقودهEugène Valle . و تمّ خلال الجلسة الأولى للمجلس البلدي التي اِنعقدت يوم 30 أكتوبر 1947 تعيين Eugène Valle رئيسا لبلديّة قسنطينة ب 34 صوتا ضمن ال 35 التي كان يحويها صندوق التصويت. و اِحتجاجًا على ذلك، اِمتنع منتخَبو الهيئة الثانية عن المشاركة في الإنتخاب على أساس أنّ "كلّ عضو من الهيئة الثانية قد اِنتخِب مستشارًا، يمكنه نظريّا أن يُنتخَب رئيسًا للبلديّة"[8].

وقد شرح جمال دردور اِمتناع فريقه عن التصويت بقوله : "ما دمنا منتخَبين وفقا لبرنامج محدّد، فمن واجبنا أن نكون مُمثلين لرأي الناخبين الذين وثقوا بنا. وفقا لهذا، إنّنا نندد بالطابع اللاديموقراطي الذي اِتصف به تكوين المجالس البلديّة، حيث نجد الأقلية الأوربية متغلبة عدديّا، بينما تمثل الأغلبية المسلمة أقلية. إنّ هذا خلل فرضه النظام الإستعماري، نظام موجّه نظريّا لتفوق المصالح الفرنسية و هو يدوس على السيادة الشعبيّة. و إننا على اِستعداد للمشاركة في المؤسسة البلديّة و الدفاع بكل ما نملكه من طاقة عن مصالح مواطنينا. هذا و وفقا لقناعاتنا السياسيّة، سنمتنع عن المشاركة في اِنتخاب رئيس البلديّة. و ليُنظر إلى هذا الموقف كاِحتجاج ضد التعسف الذي يطغى على المصائر في بلادنا[9]."

يبقى الأسلوب معتدلا مقارنة بالشعارات التي وُزِّعَت خلال الحملة الإنتخابية:"مع النظام الإستعماري أو ضده، مع الأمة الجزائريّة أو ضدها، مع قانون الجزائر أو ضده، مع اِنتخاب جمعيّة تأسيسيّة جزائريّة مستقلة أو ضده"[10].

أمّا بقيّة الجلسة فخُصّّّصت لاِنتخاب مساعدي رئيس البلديّة السّبعة الذين كانوا ينتمون جميعا إلى الهيئة الأولى وهم: Manuel Troussel، Charles Cimino، Etna Luciani، Louis Bize، Albert Joly، Albert Bonici و André Berthier. و عبثاً، جرّب الهاشمي بغريش (من الهيئة الثانية) حظه للفوز بمنصب المساعد الثاني و الثالث و الرابع. و في كل مرة، لم يتحصل إلا على 23 صوتا، أي أصوات هيئته زائد صوت واحد. و في عقب هذه التعيينات، اِحتجّ مستشاران أولهما Drai Henri (من الهيئة الأولى) الذي أشار إلى " قلة التمثيل اليهودي" رغم ثقته في"الوحدة في دار الشعب الحقيقية"[11] أي في المجلس البلدي. أمّا الإحتجاج الثاني، فقد صدر عن جمال دردور الذي دعا زملاءه إلى اِحترام مقررات قانون 12 سبتمبر 1945 الذي حدّد عدد مناصب المساعدين إلى خُمسيْ عدد أعضاء الهيئة الأولى الإجمالي. و هو ما أكده منشور 17 أكتوبر 1947 كما أعرب جمال دردور عن تمنيه بأن يحترم المجلس البلدي هذه القاعدة.

و قد أشار محضر هذه الجلسة إلى حوادث عديدة و منها تعرّض منتخَبي الهيئتين لنزاعات عنيفة. و هو ما جعل رئيس البلديّة Eugène Valle يذعن ويعلن عن تجديد الإنتخابات لتعيين مساعدي رئيس البلديّة خلال الجلسة التي اِنعقدت بتاريخ 4 نوفمبر 1947. بينما اِِضطر كل من Louis Bize، Albert Joly، Albert Bonici و André Berhier و هم على التوالي المساعدون الرابع و الخامس و السادس و السابع إلى تقديم اِستقالتهم. في حين طلب الرئيس من المجلس البلدي تعيين مساعدي رئيس البلديّة في إطار اِحترام القانون ممّا اِنجر عنه اِرتفاع عدد المساعدين إلى 11 مساعدا وفقا للنصوص. و هكذا اِكتسبت الهيئة الثانية 4 مناصب، فاز بها كل من الهاشمي بغريش (المساعد 4) و إبراهيم عوطي (المساعد 5) و حسان بوجنانة (المساعد 8) و عبد المجيد بن وطاف (المساعد 11). و هو ما مكن المجلس البلدي من الشروع في تعيين اللّجان المختلفة و المتمثلة في الشؤون المالية و النظافة و الأعمال الخاصة بالبلديّة و السكن و الرياضة و التربية.

كانت النتيجة أن اِنتقد أحمد بن محمد بشدة في مقال كتبه هذا التوزيع المتفاوت للنفقات كما ندّد بتورط الوالي Petitbon و اِعتبره "حكَما غير عادِل"[12]. و بالفعل قد تفاقم الإختلاف من جلسة لأخرى و اِشتد الصراع، ممّا تسبب في اِستقالة ثلاثة منتخَبين مسلمين قبل نهاية ولايتهم و هم ابراهيم عوطي و زوبير دقسي و عبد السلام زرطيط. و تمحورت أغلب الخلافات حول ممارسة السياسة داخل الساحة البلديّة، الأمر الذي اِضطر حسان بوجنانة إلى التذكير بأن حضورهم في المجلس هو بصفتهم "منتخَبين للدفاع عن مصالح سكان قسنطينة [...]. فنحن هنا لم نرفع صوتنا و لو مرّة للدفاع عن أفكار سياسيّّّة، لدينا ساحات أخرى لذلك [...]. أودّ أنْ أضيف أنّ حركة اِنتصار الحريات الديموقراطية MTLD قابلة كل التحديات السياسيّة إذا ما تمّ إدخالها إلى هذه الساحة"[13] .

بينما تمثل خط الدّفاع الذي اِتخذه آنذاك (1947) معظم منتخَبي الهيئة الأولى (من اليمين) في إعلان أنّ المجلس البلدي لا سياسي، تبعا لشعار Casagne Renéرئيس بلديّة الجزائر العاصمة[14] و بوسعنا أنْ نضيف أنّه نظرا لتعصب مواقف الهيئتين المفرط فيه، لم يكن لأيّّة مبادرة إلا نظرة سياسية واحدة.

و هو ما يتجلى من خلال ما عرضه صالح بعزيز إثر الدورة الأخيرة للبلديّة في قوله: "تصوروا... عهد منتخَبي الهيئة الثانية منذ 6 سنوات، العوائق التي لاقيناها، المسؤوليات التي لم تعط لنا. أحيانا كانت الـمـنـاقـشـات صـريـحـة و خالصة... و أحيانا كنّا نغادر جلسات المؤتمرات إننا نشاهد متألمين و العصر عصر الذرّة و التلفزيون، أننا رجال أذلاء، فعلا، إننا نُمثل خمس السكان عوض ثلاثة أخماس... طبعاً هذا يتجاوز الإطار البلدي. لكنني أؤكد لكم أنه لمؤسف ملاحظة أنّنا أذلّة على هذا المستوى.[15]"

الإنتخابات البلديّة لسنة 1953

لم تنجح حركة اِنتصار الحريات الديموقراطية MTLD خلال الإنتخابات البلديّة لشهر أفريل 1953 في تجديد الفوز الباهر الذي حققته سنة 1947 في قسنطينة، و هذا خلافاً لما حصل في الجزائر العاصمة. و بالفعل هزمتها قائمة الحركة الديموقراطية للدفاع عن مصالح المسلمين التي كان على رأسها شريف بن الحاج سعيد و هو محامي و مُناصر الإتحاد الديموقراطي للبيان الجزائري UDMA الذي اِلتحق به عدّة زعماء من الحزب الشيوعي الجزائري PCA. أمّا بالنسبة للهيئة الأولى، فقد تم نقل أكثر من نصف منتخَبي سنة 1947 إلى القائمة التي كان يُسيّرها رئيس البلديّة الخارج .Eugène Valle

ما إن اِفتتِحت الجلسة الأولى للمجلس البلدي الجديد في 8 ماي 1953 و بن الحاج سعيد "يُندّد بحالة الظلم المفروضة على المسلمين : إننا ندخل البلديّة بإرادة العمل من أجل تحقيق مطالبات مفوضينا و من أجل المساهمة في كل عمل مفيد و بنّاء. و رغم التصويت النسبي المطبَّق في فرنسا على مستوى جميع البلديّات التي يتجاوز عدد سكانها 9000 نسمة، لم يُتح القانون الإستعماري لأغلبية السكان إلا تمثيلا أقليًّا. مما جعل المجلس البلدي لقسنطينة يتكون من 31 مستشارا من الهيئة الأولى و 21 مستشارا من الهيئة الثانية أي ثلاثة أخماس لهؤلاء و خُمسيْن لأولائك إنّ زملاءنا من الهيئة الأولى لمّا قرّروا الإستبداد بمنصب رئيس البلديّة و 8 مناصب مساعدين، هم يتحملون مسؤولية التأزم و هذا من دون سبب بيّن حالة هي أصلا حالة ظلم."[16]

و في الحال تبعه أرزقي بـراهـيـمـي (مـن الحزب الشيوعي الجزائري PCA) و اِقترحه لمنصب رئيس البلديّة مقابل Eugène Valle الذي هزم في النهاية شريف بن الحاج سعيد ب 31 صوتا ضد 21 صوتا. بعدها، اِنتخَب المجلس مساعدي رئيس البلديّة التسعة و كانوا ينتمون كافة إلى الهيئة الأولى و هم: Troussel، Dérommaigné، Cimino، Rousseau، Cazeaux،Ghozlan Bonici ،Berthier و Luciani. و تقدم علاوة عباس و عز الدين مزري، كلاهما من الحزب الشيوعي الجزائري PCA، دون نتيجة، لمنصبي المساعد الأول و الثاني باِِسم الهيئة الثانية. و اِختتِمت الجلسة بخطاب ل Eugène Valle الذي ذكّر لشريف بن الحاج سعيد أنّه كان مستعدًّا "لتقديم ثلاثة مناصب مساعدين لمرشحي الإتحاد الديموقراطي للبيان الجزائري UDMA [...] لكن الشيوعيين فلا أريد السماع بهم".[17]

و رغم تعقد المعارضة التقليديّة بين الهيئتين بسبب خلافات مذهبية، إلا أنه ابتداء من نوفمبر 1954 تم وضع هذه التوترات التي طالما أرقت المداولات جانباً

في شهر جويلية 1955، وُضِع كل من عز الـديـن مــزري و إبراهيم أرزقي و حسين مساد تحت الإقامة المحروسة في الجنوب القسنطيني و قد ندّد شريف بن الحاج سعيد بإجراء الإبعاد هذا خلال الجلسة الأخيرة للمجلس البلدي التي جمعت الهيئتين[18] و بالفعل، بدأت مقتضيات الحرب تؤثر على مجرى الأحداث وهو ما دفع منتخَبي الهيئة الثانية إلى الإنسحاب من المداولات، هذا إنْ لم يقدِّموا اِستقالتهم[19] كالسّي حسان علي، خوفا من ردود فعل جبهة التحرير الوطني. و قد تبعهم حتى بعض منتخَبي الهيئة الأولى من بينهم Blanc،de Binisti و Alessandri .

و بعد اِغتيال علاوة عباس [20]، منتخَب الحزب الشيوعي الجزائري PCA، بتاريخ 20 أوت 1955، لم يعد المجلس البلدي يضم سوى منتخَبي الهيئة الأولى و رغم فصله من مُمثلي الهيئة الثانية، فقد واصل المجلس نشاطاته حتى بعد تاريخ 11 ديسمبر 1956[21] إلى أنْ عوّض بالمندوبيّة الخاصة التي عيّنت السلطات العسكرية أعضاءها في 19 مارس1958.

الجنسيّة و إنكار المواطنة

بدا المجلس البلدي خلال الفترة الممتدة بين 1947-1956 كمجلس مزدوج، كان يحتك فيه مواطنون فرنسيون و مواطنون مسلمون غير فرنسيين. و قد شكلت هذه التجربة المتناقضة ميزة للجمهورية الفرنسية داخل المستعمرة حيث كان رفض تطبيق مبدأ المساواة سبب فشل النموذج السياسي للمواطنة. الحاصل أنّ الجمهورية الفرنسية أعدّت و حافظت على أشكال الإقصاء من الميدان السياسي. و لعلّ أهم دليل على ذلك يكمن في وجود قانون ذاتي مختلف (يخصّ المسلمين) اِعتُبِر متناقضًا مع القانون المَدَني الفرنسي و كافّة الحقوق المَدَنية و السياسيّة. هذا و إنْ كان من المفروض أنْ ينتهي قانون لامين قاي إلى إلغاء الحاجز الذي كان يفصل بين الهيئتين حتى الآن.

إنّ الرفض الذي عبّر عنه مُمثّلو الإستعمار و التّأييد الذي حظِيُوا به من طرف مجلس النواب إثر المداولات حول قانون الجزائر ينطقان بالكثير عن تفضيل "المواطنة الجزئيّة". و بالتالي جاءت سياسة الإدماج التي خصّت الأوروبيين وحدهم متبوعة باِستبعاد البقيّة المستعمَرة إلى غاية صدور قانون 1946 و هو ما يشرح لماذا ظل الإنفساخ قائما بين رعايا الأمس الذين اِرتقوا بقوة القانون إلى مرتبة المواطنين و بين المواطنين "الحقيقيين". إلا أنّ حرمان جزء من السكان من التّمتع بحقوقهم المدَنيّّّّة و السياسيّّة يُعيد وضع مبدأ المساواة ذاته موضع تساؤل كما يخالف روح العقد الإجتماعي الذي يساهم في بناء المؤسسة البلديّة (l'organisation communale).

إنّنا أمام تطبيق منفرد للمواطنة في وضعيّة إستعمارية؛ تطبيق أبقى على هامش حدود المدينة رعايا هم قانونيًّا فرنسيين و من ثمّ مالكين جميع خاصيّات الجنسية الفرنسية و قد ثبت على المدى البعيد أنّ هذه البنية ضعيفة و مآلها الفشل: و ما دام طريق الإدماج موصداً، فإنّه طريق القطيعة سيفرض نفسه. لقد برّر أنصار هذه الوضعيّة الراهنة موقفهم بخوفهم أمام اِرتفاع العدد. علاوة على ذلك، سيتبنى هذه الحُجّة الوطنيون الذين دخلوا المنافسة و هذا مع اِستبطانهم في غير وعي طرح معادلة العلاقات بين المواطنين و اللا مواطنين.

كما عبّر جميع منتخَبي الهيئة الثانية، بغض النظر إلى اِنتمائهم السياسي، عن عدم المساواة بلفظي "الأقلية" و "الأغلبية". غير أنّ الأمر يتعدّى بكثير الحساب التمثيلي لطرف أو لآخر داخل المجلس البلدي. ففكرة "المواطنة دون حقوق مدنيّة"[22] تعني الرّفض مادام الأهالي المسلمون، و لو أنهم أصبحوا رسميّا فرنسيّين-مسلمين، غرباء عن المدينة و من هذا الجانب، تبدو "تناقضات الشمولية الصارمة المطبّقة على الواقع الإستعماري"[23] صارخة.

إنّّّّّّ الثنائية مواطنة-جنسية تحدّد نموذجَ رابطٍ سياسيٍّ يـجمع بـيــن الـفــرد و الدولة من جهة و يشارك في بناء الهويّة الوطنية من جهة أخرى. بالنسبة للحالة الجزائريّة، ألغت الجماعات المختلفة بعضها بعضاً من هذه الأمّّة المتخيَّّلة[24] و التي لا تدرَك إلا من خلال التقسيم و إعادة التوزيع. و من ثم أدى هذا الإختلاف الذي يُثبّت المعيار العرقي أو الثقافي لصياغة المواطنة إلى إفشال أقوى الإرادات الراغبة في "بناء المدينة جماعيّاً"[25] و هكذا نجحت السياسة الإستعماريّة في إفراغ المواطنة من معناها كنمط سديد لتقسيم العمل السياسي. إنّ إنكار المواطنة الذي ترجمته صيغة "فرنسي مسلم" هو حقّاً منبع إضطهاد حسب المعنى الذي اِستعملته [26]Hannah Arendt.

و من الواضح أنّ التعامل المختلف الذي خصّ الفرنسيين المسلمين كان يسعى إلى إبقاء ممارسات تعسّفية تؤدّّّّي لا محال إلى الحرمان الفعلي من حقوقهم المَدَنيّة و كأنهم أجانب. في هذا الصدد، إنّ الجمهورية الفرنسية فشلت في مهمتها في مَدّ نموذجها لتنظيم و إدماج المجتمع المَدَني و إلى حدٍّ ما، "الفرنسيون المسلمون" هم دون وطن (apatrides) لا أحد عبّر أفضل من فرحات عباس عن هذه الحيْرة أمام إغلاق أبواب المدينة و عن هذا الفصل بين الجنسية و مـمــارســة الـمـواطـنــة[27] و تلقائيّا، وُجدَت التجربة البلديّة عكس التصور الذي يفترضها "ساحة مقبولة لإعادة التوزيع". غنيّا عن هذه الحدود و علاوة عن العلاقات شبه الدائمة، جرّب مستشاري البلديّة التّابعين للهيئة الثانية قلب العلاقة التغلبيّة هذه لصالح تركيبة اِجتماعية و سياسيّة جديدة تستجيب لمبدأ المساواة في الأدوار و المهام الواجبة على الجميع على حدّ سواء، إنّ ما يتجلى من نشاط المشاركة (l'action participative) للمنتخَبين المسلمين، هو دخول المجتمع المحلّي بدوره في سباق التشييد السياسي. كما ساهم التأييد الذي حظِي به المرشحون و برنامجهم في إعادة بناء السّاحة السياسيّة فخلق دينامكيّة جديدة كمُقدّمة لتغيير اِجتماعي.

و لعل ما صادفه هذا النمط من التنظيم من نجاح يعود نسبياً إلى رفع التحديدات التي كانت تمارس الضغط على جماعة الناخبين. فاِبتداءًا من سنة 1946، اِِِِِتسعت جماعة ناخبي الهيئة الثانية إلى جميع المسلمين البالغين أكثر من 21 سنة، بينما ظلت النساء مُهمّشات.

مُمارسة الإنتخاب

اِنحرفت فكرة الإقتراع العام في الجزائر بسبب وجود هيئتين اِنتخابيتين مفترقتين و لم تعرف الإنتخابات العامّة تعبئة مُتزايدة إلا بتطور الحركة الوطنية. فمُجرّد تحديد جماعة الناخبين كان قد أعاق إمكانيّة تدرب المواطنين على ممارسة الإنتخاب[28] (l'apprentissage citoyen) و بالفعل، كان التسجيل على القوائم الإنتخابية مقيّدا بشروط عِدّة ؛ حيث جاء فتح الهيئة الإنتخابية لجميع المسلمين البالغين 21 عاماً، سنة 1946، في سياق عسير و منطبع بتدابير القمع التي تبعت مظاهرات 8 ماي 1945 كما يجب لفت الإنتباه إلى التباطؤ الذي أبدته الإدارة المحلية في تطبيق القرارات الجديدة.

و أعلمت صحيفة La Dépêche de Constantine في 21 جانفي 1946 أنّ "المواطنين الفرنسيين المسلمين [...] الذين لم يشاركوا في اِنتخابات سنة 1946، بأنّ اللّجنة الإدارية قد ألغتهم تلقائياً خلال جلسة 3 جانفي 1947 على أساس أنهم تركوا البلديّة نهائياً. لكنّهم و وفقا للقانون، لديْهم الحق في الإحتجاج ضدّ هذا القرار بتقديم طلب لرئيس البلديّة (مكتب المصلحة الإنتخابية) قبل تاريخ 4 فيفري 1947."

لا بأس! كتب الناخبون للجريدة و تمرّدوا ضدّ هذا القرار مُتذرّعين بأنّ "القانون لا يُشير إلى طرد من لم ينتخبوا" و جاء الجواب سريعاً و تلخص في ردّ الحُجّة التي قدِّر بأنّها غير مقبولة؛ و اِستنادًا إلى قرار تنظيمي ل 2 فيفري 1852 و إلى قانون 7 جويلية 1874، رأت اللجنة الإدارية المكلّفة بمراجعة القوائم الإنتخابيّة أنّهم تركوا البلديّة نهائيّا[29].

و هكذا أصبحت الهيئة الإنتخابيّة، بعدما كانت تضم حوالي 20587 مسجّلا في اِنتخابات سنة 1946 للدستور الثاني، لا تضم سوى 16234 مسجّلا في الإنتخابات البلديّة لأكتوبر 1947، إنّ إجراءاً كهذا يُعطينا فكرة مسبقة عن الحملات الإنتخابية و عن أسلوب تكوين قوائم المرشحين و عن المواجهة العنيفة بين المرشحين المتنافسين داخل نفس الهيئة و بين الهيئتين. و أما الجرائد المحلية، فقد نسخت مدى المُجادلات و التنديدات و الضغوط بشكل نسبي. أخيرًا، إنّ التدخّل المُتعمَّد للإدارة الفرنسية في تنظيم الإنتخابات أصبح مُمارسة متداوَلَة و على العموم، فهي سابقة لتوسّع جماعة الناخبين مع فرق واحد يكمن في أنّ الإدارة لم تعد تخفي ممارساتها و هذا اِبتداءًا من تنظيم اِنتخابات شهر أفريل 1948 لتعيين مُمَثلي المجلس الجزائري. حيث صار اِنشغالها الرئيسي هو صناعة قائمة بشخصيّات طيّعة. و هكذا لتحاشي عودة حركة اِنتصار الحريّات الديموقراطيّة MTLD، تدبّرت الإدارة الفرنسية بحيث أيّدت قائمتين خلال اِنتخابات أفريل 1953: الأولى قائمة مستقلة على رأسها صالح بن جلول و الثانية قائمة عمل محليّة مع حسين علواش[30]، لمواجهة قائمة الإتحاد الديموقراطي للدفاع عن المصالح القسنطينية (الإتحاد الديموقراطي للبيان الجزائري و الحزب الشيوعي الجزائري UDMA & PCA) و قائمة الإتحاد للدفاع عن الحريات الديموقراطيّة و النشاط البلدي (حركة اِنتصار الحريّات الديموقراطيّة MTLD).

في الدور الأول، أخفقت قوائم الهيئة الثانية الأربعة مما تسبّب في اِزدياد التوتر بين مختلف المُرشحين ما بين الدورين. و هوجم حسان بوجنانة، نائب رئيس البلديّة 1947-1953 ( من حركة اِنتصار الحريات الديموقراطية MTLD) في شجار أثاره أنصار الإتحاد الديموقراطي للبيان الجزائري UDMA يوم السبت 3 ماي 1953 أي صبيحة الدور الثاني، حيث تلقى ضربة قويّّة على الرأس و ما كان لينجوَ لولا تدخّل الشرطة التي نقلته على عجل إلى المستشفى. و عاد الفوز في النهاية إلى قائمة الإتحاد الديموقراطي للبيان الجزائري و الحزب الشيوعي الجزائري UDMA & PCA.

و لكن هل القائمة مدينة بنجاحها للمساومات التي صرّح بها رئيس البلديّة الذي خرج إثر الجلسة الأولى للبلديّة الجديدة (مشيراٌ إلى المحادثات بين بن الحاج سعيد و Eugène Valle)؟

مرّة أخرى، فإنّ نموذج اِنتخابات 1953 يُعطي فكرة عن ظاهرة الزبائنيّة التي كانت تطبع العلاقات بين المؤسسة (الإدارة) و مختلف الممثلين الــسـيـاسـيّــين و فعلا، يصعب علينا فهم التكوين المختلط للقائمتين "المحليّة" و "الحرّة" (أعيان و مُرَشَّحون مُتسترون) بطريقة أخرى. حيث لم تتردد الإدارة، أمام الأحزاب المنظِمة، للجوء إلى "سماسرة إنتخابيين [...] بهدف حمل الناس[31]" لِمنح أصواتهم لهذا أو ذاك من المرشحين. و قد كان هؤلاء السماسرة ينظمون الوفود الإنتخابية و يُثيرون الشجارات و يمدحون فلان و طبعاً يَعِدون بمكافاءات عديدة[32] في نهاية المطاف.

إنّ اِنتشار هذه العلاقات الزبائنيّة قد حرّف الفعل الإنتخابي الذي أصبح عبارة عن علاقة تبعيّة شخصيّة متوجة بإعادة توزيع موارد ماديّة. بل نلمح وراء هذه المبادلات الخفيّة تعدد التلقيّات الإجتماعية (la diversité des réceptions sociales) للنشاط السياسي في سياق إستعماري، و من دون شك إرادة ســيــطرة و مراقبة مجموعة على كل المجتمع. و لقد جاءت جسامة أساليب التزوير بقدر الإمتيازات التي كان يجب حمايتها، الأمر الذي ندد به، على حدّ سواء، الوطنيون (جريدة المغرب العربي) و شخصيّات سياسيّّة صُدِمت عميقاً بهذا السلوك. كما شكا الكثير من المرشحين من المصاعب التي واجهتهم إبّان الحملة الإنتخابيّة من قاعات مرفوضة أو مغلقة و مناشير غير مطبوعة.

و في الواقع، إنّّ "فبركة" الإنتخابات هذه، التي وُضعت كَحاجز أمام تقدّم الوطنيين الحتميّ، قد شكلت دافعاً قوياً لإفشال النظام الإنتخابي و التنديد به، حيث جاء إجراء الإحجام صارخًا: إثر إنتخابات 1947 قاطع الناخبون صناديق التصويت وهذا في جميع المدن الكبرى: كانوا 75% في قسنطينة و 60% في وهران و 55% في الجزائر العاصمة. أمّا القاعدة الإجتماعية التي تبنّت شعارات حركة اِنتصار الحريات الديموقراطية MTLD فلم تتوهّم كثيرًا و لو أنّ هذا السّباق كان سيُبدي التجذر الحقيقي للحزب.

و تمّ شرح مدى هذا الإحجام بتأثير سلسلة متتالية من الأسباب على المشهد السياسي لما بعد الحرب، كقمع مظاهرات ماي 1945 و الملل الناشئ عن مضاعفة الإنتخابات العامّة و التزوير و ليس بالمُؤكّد إطلاقاً أنّ أهميّة السباق الإنتخابي كانت حقيقيّة و متبادلة لدى الجميع. فنظراً لضعف مستوى التعليم في المجتمع الذي كان منشغلاً أكثر بمصاعب الحياة اليومية، لم تكن المشاركة الإنتخابيّة من ضمن أولوياته. و من جهة أخرى، لعب تضخم المجتمع المدني بسبب النزوح الريفي الهامّ لسنوات 1940 دوراً في إيقاف المشاركة الإنتخابيّة، بدلاً من أن يشكل مصدر تعبئة سياسيّة. هذا لا يعني أنّ السيْر السياسي (le processus politique) كان غائبا تماماً، و لكن كان لابدّ من الأخذ بعيْن الإعتبار توابعه المعقدة في بناء المواقف السياسيّة. و بصيغة أخرى، يظهر أنّ الإمتناع و المشاركة في الإنتخابات لا يعكسان حتميّاً اِهتماماً سياسيّاً، بل تبدو درجة الوعي السياسي تأخذ أهميّة أكبر عند سكان أكثر حُريّّّّّّّّّة و من ثمّ أكثر إحساسا بمُراودات زُعماء مُختلف التيّارات السياسيّة.

إنّ هذا الإحتكاك المباشر مع سكان غير مُدرّبين على سريّة الإنتخاب و على ما يكتسيه من معنى، لا يكفي لتأسيس خيار اِنتخابي مُحَرّر من الإرغامات المرتبطة بالإنتماء الجماعي.

البروز البطيء و الصعب للرأي العام

تجنّدت الجماعات السياسيّة المختلفة عَشيَّة الإنتخابات العامّة و قد سمحت الجغرافية الضيّقة للمدِينة بتحقيق إشهارًا مؤكداً لِمُعظم مظاهراتهم؛ حيث تركزت جميع النشاطات في مساحة توافق منطقة الصّخر (Le Rocher) و تمّ إدخال بعض التعديلات على خطابات الزعماء السياسيّة لتكون أكثر اِنسجاماً مع الحضور فلم يُضايق الخطباء لغتهم بحذاقات البرامج السياسيّة التي أعدّتها مُديريّة الأحزاب بل اِستعملوا لغة بسيطة رغم أنّها كانت تأخذ نبرة راديكالية حال تطرّقها إلى مواضيع الحملة الانتخابية و يبقى المجال مفتوحاً لدراسة خطابات الحملات لمن يريد إبراز التّّّّّّّّّّّحرّي التاريخي (l'investigation historique) للرؤى النابعة من المؤسسات الرسميّة و التعرّض لتاريخ المصطلحات السياسية في سياق إستعماري[33]. و لِجلب اِستفتاء الجماهير الشعبيّة، لم يتردد مُرشحو حركة اِنتصار الحريات الديموقراطيةMTLD أمام اِستعمال و بكثرة "العبارات المُجنِّدة الأكثر نجوعًا [...] و المشبَّّّّّّعة بالحماس الديني"[34] كـالوطن و الدين و الديموقراطية التي اِختلطت في دفعة واحدة و اِستعمِلت كمؤشرات لسيْر الفكرة الوطنية.

أمّا بالنسبة للسياسة البلديّة، فلم يكن بوسع منتخَبي الهيئة الثانية إلاّ أن يقترحوا وعودًا غامضة لصالح الدفاع عن مصالح ناخبيهم. و لكن أيّ أثر سيُحدِثه، لدى ناخبي المستقبل، تشابك كهذا للشعارات مع كثافة المراجع المنقولة ؟ بل ليس لنا سوى أن نلاحظ الفجوة الموجودة بين الدّعوات التي كانت تطرح القضيّة الوطنيّة و بين غرض التعبئة الفورية الذي كان يسعى إلى الإنسجام في التشكيلة البلديّة (la configuration municipale). و رغم ذلك يُحسن أنْ نشير إلى أنّ فضل هذه الحملات الإنتخابيّة هو أنّها اِسترجعت التوترات المستتِرة التي كانت تشمل العلاقة بين المواطنة و الجنسيّة و التي أرادت الهيمنة الإستعماريّة حجبَها. أمّا الرأي العام الذي كان يسعى إلى الظهور، فقد وجد نفسَه رهيناً بين قطبيْ الثنائيّة مواطنة/ جنسيّة و من ثمّ موجهّا نحو حلّ القضيّة الوطنيّة. و لأنّّّّّّّّّه كان منشغلا بالتعبير عن رغبات الجماهير "المسلمة"، أهمل مختلف الأشكال المرتبطة بالمواطنة و هو ما أدّى إلى تقوية الإحساس بالإنتماء إلى نفس الأمّة الوطنيّة. ولم تترك هذه الحركة لبناء الهويّة السياسيّّة إلا مجالا ضيّقاُ لممارسة فرديّة مستقلّة. في حين، نلاحظ أنّ التنافس الإنتخابي أو الإحجام قد شاركا في تمتين هذا الإحساس بالإنتماء إلى نفس الأمّة الوطنيّة خاصّة أنّهما اِستوليا على السّاحة العامّة.

هيئة واحدة 1958-1962

لقد جاء الإصلاح البلدي الذي طالما كان منتظرًا في رائعة الحرب. وهكذا بعد أن انتخبت "الأحكام الخاصة"، إلتزمت حكومة Guy Mollet عبْر قرار 28 جوان 1956 ب "تغيير بلديّات الجزائر المختلطة إلى بلديّات خاضعة لقانون 5 أفريل 1884 "[35]. في الجزائر، وضع Robert Lacoste، الوزير المقيم، جميع آماله في تحقيق هذا الإصلاح الذي كان يهدف إلى تشجيع عودة السّلام. و بالفعل اِعتُبِر أنّ تأسيس هيئة واحدة و اِنتخاب المجالس بالإستفتاء العام كان ضروريّا ل : "ممارسة المسؤوليّات [...] و للتكوين التدريجي و السريع لنخب حقة". إلا أنّ الإصلاح اِصطدم بضخامة عمليّات تحديد المساحة العقارية للبلديّات الجديدة التي كان يجب إنجازها في المناطق الموجودة تحت حراسة عسكريّة عالية. وقد نتج عن ذلك تأسيس 1468 بلديّة في نهاية سنة 1957 ليرتفع عددها إلى 1525 سنة 1959 لكنّ الإنتخابات المنصوص عليها ستتأخر و لن تجري قبل شهر أفريل 1959 مما كانت نتائجه حلاّ مؤقتّا تمثل في المندوبيّة الخاصّة طيلة الوقت الضروري.

و تمّ في قسنطينةّّ حلّ المجلس البلدي فعلا في شهر ديسمبر 1956 و في الواقع اِستمر المجلس البلدي في التفرّغ لمهامّه مع مستشاري الهيئة الأولى فقط إلى غاية 19 مارس 1958 و هو التاريخ الذي أقام فيه Jacques Aubert، الكاتب العام لعمالة قسنطينة، المندوبيّة الخاصّة لقسنطينة. و لقد كرّم هذا الأخير رئيس البلديّة Eugène Valle و الوالي Maurice Papon تكريمًا مزدوجًا و لم يُشِر أحد إلى الحرب... لكنّ مفاوضات المندوبيّة الخاصّة الواردة في السِّجل العادي لمداولات المجلس البلدي (السّجل رقم 120) تتضمّن الإمضاء المضادّ للعميد قائد منطقة الشمال القسنطيني و لأول مرّة حدث التحام بين المندوبين الأوربيين ال 25 الجالسين إلى جانب المندوبين المسلمين ال 31 (56 عضو في الإجمال) تحت رئاسة حسين علواش. و كان يساعده 11 نائب رئيس و هم:Eugène Valle (رئيس بلديّة قسنطينة 1947-1956) و حميدة بن شيكو و Marcel Bort، Michel Bousquet، Maurice Dessens،Jacqueline Febvre، Elie Stora و محمد الشريف بن مصطفى و حاج عبد الكريم خطابي و صالح مبارك و مصطفى رودسلي.

و أخيرًا، حققت عدّة مكاتب وحدتها (كالمكتب الخيري للأوربيين و المكتب الخيري للمسلمين). و يندرج خطاب حسين علواش في نطاق "القالب القانوني الذي ينبغي في نظرنا أن يُطبَّق بطريقة مخلصة و سريعة و تامّة و حُرّة، و وفقا لنفس الكلمات التي اِستعملها السيد رئيس المجلس [...] ليس هنا من مسلمين أو نصارى أو يهود، إنّما هناك فقط جزائريون عازمون على العمل لصالح السكان في إطار فرنسي"، و أنهى بأن وجّه "اِعترافا حارّا للسيّد Papon الذي عرف كيف يجمع شمل الطاقات في الشرق الجزائري"[36]. و هكذا تركت المندوبيّة الخاصّة مكانها لبلديّة اِنتخِبَت بالإستفتاء العام ؛ إستفتاء مفتوح للرجال و للنساء على حدّ سواء، بهيئة موحّدة في 27 أفريل 1959. و مرّة أخرى، كانت القوائم الإنتخابيّة الثلاثة من صناعة الإدارة و الجيش. و ينقل Collot أنّ بعض مرشحي منطقة قسنطينة تقدّموا بأمر من جبهة التحرير الوطني.

اِنتخِب حسين علواش رئيساً للبلديّة ب 34 صوتاً من ضمن 36 و جاء تكوين البلديّة الجديدة كالتالي : 36 مستشاراً من ضمنهم اِمرأة : الأرملة ربيحة شابي و 9 أعضاء أوربيِّين. حيث تمّ تطبيق التمثيل النسبي لأول مرة. إلا أنّ تعيين النواب أثار غضب رئيس البلديّة Edgard Guyon و العبارات التي اِستعملها هي تقريبا تلك التي كان يردّدها منتخَبو الهيئة الثانية : "ما دمنا تحت نظام التمثيل النسبي، أرى أنّه من واجبنا أن نحترمه إلى آخر نقطة، أي تقدير التمثيل النسبي لمناصب المساعدين" [37]. في النهاية، Baptistin Lapica هو الذي اِنتخِب أوّل نائب، مـتـبـوعًـا ب Paul Bernard، Guy Auclair و لـحـسـن عـلام و عبد الحميد درويش و مصطفى رودسلي و ربيحة شابي و ناصر بودراع.

في خريف سنة 1960، قتلت جبهة التحرير الوطني ثلاثة أعضاء من هذا المجلس البلدي و هم: محمد أوعمر و محمد الشريف بن عاشور و مولود نوي. وجُرح ثلاثة آخرون هم: مصطفى بن جلول و حاج عبد القادر خطابي و حمو بن لبجاوي.

و اِنعقدت آخر جلسة لهذا المجلس بتاريخ 4 جوان 1962، في مدينة هجرها سكانها الأوربيون و في 14 جويلية 1962، تزودت الجزائر المستقلة حديثا هي الأخرى بمندوبيّات خاصّة. و أعادت مندوبيّة قسنطينة تنصيب منتخَبي بلديّة سنة 1947 كحسان بوجنانة رئيسًا و عبد المجيد بن وطاف و عبد السلام راشي. و وفقا لاِتفاقيات إيفيان، مثّل الفرنسيّّين الباقين في المدينة: Emile Bianco، Jean Lebail و Jean Pierre Murey .

ختامًا لبحثنا هذا، يُمكننا القول بأنّ دراسة التجربة البلديّة تشكل مقاربة ممتازة للتاريخ الإجتماعي للسياسة في وضعية إستعماريّة، تلم على حدٍّ سواء بقضيّة العلاقات بالمجتمع المزدوج و بالمؤسسة ذاتها، أي تنظيمها و الممارسات التي نجمت عنها. فمن بلديّة إلى أخرى، شهدت مشاركة المنتخَبين في مجملهم، تطورا حاسما و خلقت ديناميّة إجتماعيّة على الصعيد المحلّي بدأنا نقيس أهميتها.

و بالفعل، وراء الحدود المفروضة و قساوة شركاء الهيئة الأولى، ساهمت التجربة البلديّة في إعطاء شكل لِحدود الرابط السياسي و بعث الإحساس الوطني. إنّ تسييس النخب و الإنتخاب و المهن السياسيّة و المواطنة و الجنسية و ضغط الإدارة و الزبائنيّة... كلها قضايا تستدعي اِهتمام الباحثين لأنها تسمح لنا بالتعرض اليوم للتاريخ الإجتماعي للدولة الإستعماريّة في الجزائر. طبعاً تبقى هذه المهمّة مقيّدة بوجود وثائق أصليّة. و هي الآن مُتوفرة في الجزائر على مستوى جميع البلديّات الجزائرية التي اِحتفظت بسجلات المداولات، و كذلك في فرنسا على مستوى أرشيف ما وراء البحار التي قامت حديثا بترتيب Le Fonds des Réformes [38].

ترجمة أسماء-هند طنقور


الهوامش

Construction, analyse et usages des sources : l’histoire à l’épreuve de l’identité nationale,  au CRASC d’Oran. « Dictionnaire des élus municipaux de Constantine 1854-1962 » الدراسات الجارية : « Les Aurès en guerre 1954-1962 ». Cette adresse e-mail est protégée contre les robots spammeurs. Vous devez activer le JavaScript pour la visualiser..

[1] لا تعني سوى نوعا من البلديّات: تلك التي سٌمّّيت بالبلديّات ذات الصلاحيّات التامّة على خلاف البلديّات المختلطة.

[2] تأسس القطاع الإداري الحضري في 1 أفريل 1957 و يوجد على مستوى أرشيف ما وراء البحار عدّة ملفات تحت الرقم 8 SAS.

[3] قرار 3 جويلية 1958 رقم 58-568 الذي أثبت ما قُرِّر في 2 جوان 1958 فيما يتعلق بممارسة النساء الأهالي لحق الإنتخاب.

[4] هذا التفكير ناتج عن دراسة قِيدَت ضمن مخبر:

«Construction, analyse critique et usages des sources : l’histoire à l’épreuve de l’identité » (CRASC, Oran).

اِستنادًا إلى سجلات مداولات المجلس البلدي لمدينة قسنطينة.

[5] Léon, Blum, cité par Charles-André Julien, L’Afrique du Nord en marche, Paris, Julliard, 1952, p. 278.

[6] Jean, Leca, «La citoyenneté entre la nation et la société civile», in Dominique Colas, Claude Emeri, Jacques Zylberberg (dir.), Citoyenneté et nationalité, Perspectives en France et au Québec, Paris, PUF, 1991, p. 479-505.

[7] ولد جمال، دردور سنة 1917 و هو جرّاح أسنان و مناضل في حزب الشعب الجزائري PPA، قد سيّر خزينته سنة 1944 و اِنتخِب بعد أن رشح نفسه في الإنتخابات التشريعية لنوفمبر 1946 على قائمة حركة اِنتصار الحريات الديموقراطية MTLD (ex PPA). لمزيد من المعلومات، راجع إلى:

Dictionnaire des parlementaires français, tome 3, 1940-1958, Paris, La Documentation française, 1994; Le Fonds des réformes, 93/127, Archives d’outre-mer, et les mémoires de l’auteur: De l’Étoile nord-africaine à l’indépendance, Alger, éd. Hammouda, 2001.

[8] Claude, Collot, Les Institutions de l’Algérie durant la période coloniale, 1830-1962, Paris, Alger, CNRS-OPU, 1987.

[9] سجل المداولات البلديّة، رقم 113، جلسة 30 أكتوبر 1947.

[10] جريدة المغرب العربي El Maghreb El arabi، 15 أكتوبر 1947.

[11] نفس المرجع، السجل رقم 113.

[12] In le journal Égalité du 22 novembre 1947, Archives d’outre-mer, FM 81F/691 (élections municipales 1947).

[13] السّجل رقم 117، جلسة 17 أفريل 1953.

[14] Cité par Jean, Mélia in le journal Démocratie du 22 novembre 1947, FM 81F/691.

[15] نفس المرجع، السّجل رقم 117.

[16] المرجع السابق.

[17] السجل رقم 117، جلسة 8 ماي 1953.

[18] السّجل رقم 119، جلسة 18 جويلية 1955.

[19] حسب اِبن عبد العزيز، لمداوي، مستشار للبلديّة اِنتخِب سنة 1953، اِِِِِِستقال منتخَبي الهيئة الثانية الذين كانوا مازالوا متردّدين بعد اِغتيال علاوة عباس.

[20] علاوة، عباس، كان صيدليا بقسنطينة و اِبن أخ فرحات عباس. و في نفس اليوم نجا الشريف بن الحاج سعيد من عمليّة اِغتيال. راجعْ إلى صحيفة La Dépêche de Constantine، 22 أوت 1955.

[21] حُلت في هذا التاريخ جميع المجالس المنتخَبة في الجزائر.

[22] Pierre, Rosanvallon, Le Sacre du citoyen, histoire du suffrage universel en France, Paris, Gallimard, 1992, p. 427 et suiv.

[23] «Les contradictions de l’universalisme jacobin appliqué au fait colonial» Id., p. 432.

[24] Benedict Andersen, L’Imaginaire national, réflexions sur l’origine et l’essor du nationalisme, Paris, La Découverte, 1996.

[25] Simona, Cerruti, «Processus et expérience: individus, groupes et identités à Turin», in Jacques Revel (dir.), Jeux d’échelles, la micro-analyse à l’expérience, Paris, Gallimard-Seuil, 1996.

[26] Hannah, Arendt, Les Origines du totalitarisme, Paris, Gallimard, 2002.

[27] Journal L’Entente, 23 février 1936.

[28] Alain, Garrigou, Histoire sociale du suffrage universel en France, 1848-2000, Paris, Seuil, 2002.

[29] La Dépêche de Constantine 26-27 octobre 1947.

[30] نودِيَ حسين علواش في شهر مارس 1958 لترؤّس المندوبيّة الخاصّة و اِنتخِب رئيسا لبلديّة قسنطينة في شهر أفريل 1959.

[31] Rapport SLNA, 12 décembre 1951, Archives d’outre-mer, Fonds des Réformes 93.

[32] ثمّة رخصتان كانتا موضع مراودة إدارة مقهى و فتح خط نقل

[33] حول مسألة معنى المصطلحات، راجع إلى:

Gérard, Noirel, «Socio-Histoire d’un concept, les usages du mot ‘nationalité’ au XIXe siècle», Genèses, n°20, septembre 1995, p.4-23.

[34] Mahfoud, Kaddache, Histoire du nationalisme algérien, question nationale et politique, 1919-1951, Alger, SNED, 1980, p. 13 et suiv.

[35] كانت منطقة شمال الجزائر مجزءة بين بلديّّّّّّّات ذات الصلاحيّات التامّة (التي تفترض وجود أغلبيّة سكانيّة أوربيّة) خاضعة لقانون 1884 و بلديّات مختلطة (مُتضمّنة أغلبيّة سكانيّة أهليّة). و كان قانون الجزائر لسنة 1947 قد نصّّ على إلغائها. لكن في سنة 1956، كنا لا نزال نحصي 78 بلديّة مختلطة و 333 بلديّة ذات الصلاحيّات التامّة.

[36] السّجل رقم 120.

[37] نفس المرجع.

[38] إعداد قاموس يشمل جميع مستشاري البلديّة لمدينة قسنطينة (1854-1962) هو حالياً في صدد الإنجاز.

 

Appels à contribution

logo du crasc
insaniyat@ crasc.dz
C.R.A.S.C. B.P. 1955 El-M'Naouer Technopôle de l'USTO Bir El Djir 31000 Oran
+ 213 41 62 06 95
+ 213 41 62 07 03
+ 213 41 62 07 05
+ 213 41 62 07 11
+ 213 41 62 06 98
+ 213 41 62 07 04

Recherche