Sélectionnez votre langue

الطفل، المدرسة و الشارع فضاء للّعب: حالة الجزائر

إنسانيات عدد 41 | 2008 | الطفولة والتنشئة الإجتماعية | ص 11-34 | النص الكامل


The child, the school and the street like “a play space”: the example of Algeria

Abstract: The subject of our contribution aims at restoring the context of childhood play, which in Arabic countries and mainly those third world ones, means the street, the “zanka” the “haouma”. Imposed as a fact on public authority, the massive presence of children on the streets transformed to play spaces is the sign of urban policy failure. To these kids on the street are associated misery and poverty. The lack of space in their tiny dwellings is given as the major reason for their presence out of doors.
How can a child appropriate his immediate environment, the street, and what does he find outside institutional socialisation spaces such as family and school? What needs does this massive and almost permanent street occupation meet? How does the child occupy the street? How does he establish management with the other sex when one knows all the educational prohibitions linked to co-education?

Keywords: child - street - school - play space - social representation.


Nouria BENGHABRIT-REMAOUN : Sociologie, professeur de Recherche au Centre National de Recherche en Anthropologie Sociale et Culturelle, 31 000, Oran, Algérie



مقدمة

نحن نعيش في عصر أدت فيه كثافة المبادلات الطوعية و القصرية إلى فرض نماذج مهيمنة على كل المستويات، و بالأخص في مجال اقتصاد السوق و مخططات الإصلاحات الهيكلية. المسألة التي تهمنا في هذا المقام فلتت من اتجاهات "النمذجة"، كون الأمر يتعلق أولا بالمحافظة على بقاء و استمرار الذات، فنحن نتساءل عما إذا كانت المشاكل المرتبطة بصعوبات الاستجابة للمطالب الاجتماعية الكثيرة هي التي أدت، في العديد من الدول إلى فسح مجال الفعل بالنسبة للمجتمع، في حين أن التربية الوطنية نفسها مرتبطة بالسيادة السياسية.

قد يعود السبب إلى ضعف مستوى التكوين الخاص بالمربّين في مجتمعات العالم الثالث، و غالبا ما يؤدى التأطير النّسوي[1] إلى التقوقع حول انعكاسات و مبادئ التربية الأولية، التقليدية في أساسها، و التي توظف تربية ما قبل المدرسة باعتبارها امتدادا للتربية الأسرية. إذن، كيف يمكن إذن لمجتمع أن يحافظ بقوة، عمّا يعتبره مرتبطًا مباشرة بشخصيته القاعدية: أي تربية لما قبل المدرسة أو مرحلة الطفولة الأولى؟

يؤثر المحيط السوسيو- ثقافي، بعمق في الوضعيات البيداغوجية، التي تتعامل من خلالها المربية مع الأطفال، كما يلاحظ منذ نهاية الحقبة الاستعمارية ظهور فضاءات مؤسساتية جديدة تتكفل بالطفولة الأولى، إذ أدمجت على طريقتها، مكتسبات التجارب البيداغوجية و العلمية للدول المتطورة و عوضت تلك الفضاءات التقليدية السابقة كالكتاتيب[2] مثلا. و من هنا نتساءل هل سمح هذا التغيير في فضاءات التكفل بالطفولة الأولى ببروز تصورات و تصرفات جديدة تجاه الطفل؟ مع الإشارة إلى أنّه لا يمكن تجاهل تواجد هذه الفضاءات، المختلفة اجتماعيا مهما كانت أهميتها، حيث أن الأطفال في غالبيتهم، يتواجدون في الشارع، منفلتين بذلك من قواعد الانضباط، و المراقبة المستمرة من طرف الكبار.

فالملاحظ أن الأطفال يكتشفون العلاقة مع الغير، و يشاركون في الألعاب، و يحتلون فعليا، فضاء عاما، غير مهيأ لغالبيتهم منذ السنة الثانية من أعمارهم.

عندما نتطرّق لموضوع الطفل بين المدرسة و الشارع باعتباره فضاء للعب في الجزائر، نفضل بداية اعتماد المقاربة السوسيو- تاريخية التي تساهم كذلك في فهم مسألة الطفولة في وضعية معينة و في إطار ثقافي محدّد.

يساعدنا التحوّل الملاحظ في هذا الحقل بالاعتماد على أهمية "المدرسة القرآنية" بوصفها مؤسسة تحضيرية في توضيح التمثلات الغالبة لدى الطفل في فهم حاجات الطفولة في الوسط المغاربي.

سنوضح رؤيتنا في الفقرات القادمة محاولين الإجابة على ثلاثة أسئلة هي:

  • ما هي الأشكال التي نظمت التكفل المؤسساتي بالأطفال في سن ما قبل التمدرس في المجتمعات العربية الإسلامية قبل الصدمة الناتجة عن الاستعمار، و ما هو تأثيرها حاليا مقارنة بتأثير المنظومة الرسمية للتمدرس؟
  • ما هي مكانة الطفل في التصورات و الممارسات العائلية و المؤسساتية خصوصًا في الغرب و البلدان المغاربية؟
  • كيف يتملك الطفل محيطه المباشر أي الشارع؟ و ماذا يجد خارج الفضاءات المؤسساتية للتنشئة الاجتماعية باستثناء العائلة و المدرسة؟

I. الطفولة و التربية التحضيرية في المجتمعات العربية الإسلامية   و في الجزائر

يبدو أنه من المستحيل فهم وضعيات الدول العربية الإسلامية دون اللجوء إلى التاريخ. كانت الكتاتيب قبل إدخال النماذج الغربية في المرحلة الحديثة الوسيلة الأساسية لتعليم المسلمين. و من بين الأهداف التي كانت ترمي إليها نذكر تكوين المؤمن الحقيقي، و هذا منذ بداية المدّ العربي في الشمال الإفريقي (نهاية القرن السابع) فكانت الكتاتيب أو مدارس الأطفال أكثر المؤسسات التربوية أقدمية ذلك أن العلاقة بين الدراسة و الدين علاقة وطيدة، فقد كانت الآيات الأولى التي نزلت على الرّسول صلّى الله عليه و سلّم تمجد العلم و المعرفة و هي:

"اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ و ربّك الأكرم، الذي علّم بالقلم[3]، علّم الإنسان ما لم يعلم"[4].

كما ورد ذلك في الأحاديث النبوية مثل قول الرسول (ص):"أطلب العلم من المهد إلى اللّحد" و "أطلب العلم و لو في الصّين". هذه النصوص الدينية عبارة عن دعوة مباشرة لنشر المعرفة.

تؤثر دراسة و تعليم القرآن على مكانة المعلم (الفقيه) و علاقته مع الأولياء. فبناء على دراسة أنجزت في المغرب الأقصى، يتقدّم ولي الطفل في فترة التسجيلات في الكُتّاب متوجّها إلى الفقيه بهذه العبارة التقليدية التالية: "هاهو بْنِي راه بْنَك و تَرْبِيْتو راهي ليك أَضَرْبو أَقَتْلو ما عْلِيَ غِير نَدَفْنو"[5].

يعتمد الأولياء على "الفْقيه" في ما يخص تربية الابن على الطاعة. بينما تتردد البنات على "دار الفقيهات" و هي غرفة تخصصها الفقيهات من بيوتهن لتعليم البنات القادمات عادة من الأوساط الغنية. و في المغرب لا زال النظام التقليدي منتشرا، و"تعد المدارس القرآنية حاليا الوسيلة الوحيدة للتعليم بالنسبة للطبقة الفقيرة "[6].

شرع المغرب منذ سنة 1968، في عصرنة المدارس القرآنية، عصرنة ترمي إلى تحقيق ثلاثة أهداف :

  • بيداغوجية: تتمثل في تجديد مؤسسة منهارة.
  • مالية: تتمثل في استعمال عقلاني للهياكل الموجودة.
  • اجتماعية: تتمثل في توجيه غير مخصص فقط للفئات المنحدرة من الأوساط المحرومة.

كان هذا النوع من المدرسة التعليمية موضوع محاولة للتجديد خلال المرحلة الكولونيالية، حيث كلفت لجنة في سنة 1941 "بدراسة تنظيم المواقيت و برامج التعليم الفرنسي- المسلم قصد البحث عن وسائل تعزيز و تحسين تعليم اللغة العربية و التعليم القرآني"[7].

سميت المدرسة القرآنية أو الكتّاب تسمية أخرى هي المسيد، ثم أدخل عليها نظام[8] جديد يسمح بـ 50 % من التوقيت البيداغوجي لنشاط المدرسة و 2 % للرسم و التربية الحسية. و عوضت اللوحات الخشبية المخصصة للتعليم القرآني بلوحات مدرسية. يؤدي الكتّاب عموما في الدول الإسلامية التي بلغت فيها نسبة كبيرة من التمدرس وظيفة تربوية تحضيرية يغلب فيها حفظ القرآن. و بالنسبة للدول ذات نسبة تمدرس ضعيفة تعوض المدرسة القرآنية المدرسة الابتدائية في التكفل بعدد غير قليل من الأطفال.

يجب اعتبار الاستعمار الحدث الأكبر الذي ميّز المجتمعات المعاصرة حيث سبب لها قطائع عميقة. و من بين البلدان المستعمرة، نجد بلا شك الجزائر التي تكبدت الجزء الكبير منها. و من جرّاء الاستعمار الاستيطاني، كان تفكّك النظام التقليدي شاملا طيلة 132 سنة من الوجود الفرنسي و ذلك دون إنهاء هيمنة النظام السوسيو-الاقتصادي الجديد في كل الإقليم.

كانت أهم النتائج الملموسة للرأسمالية الأوروبية المنتصرة بالنسبة للأهالي الفقراء، النزوح الريفي و الأمية لجميع السكان، حيث حرمت أجيال كاملة من التعليم الذي كان يقدم لها سابقا في الفضاءات التربوية التقليدية، فأدت القوانين التي أدخلت على أملاك الحبوس[9] بغرض خوصصتها، إلى تقليص الموارد المادية الضرورية التي كانت تسيّر النظام ما قبل الكولونيالي، فتم تقليص المدارس القرآنية لتكتفي بوظيفة بسيطة.

أصبح تعلم القرآن فعلاً تربويا مركزيا يخدم أساسا تنمية الذاكرة، و قبل كل شيء، الحفاظ على الذات و على الهوية بوصفها الهدف المنشود. وبناء على هذا الهدف يسجل الأطفال ذوي 4 سنوات في المدارس القرآنية. و خلال الفترة الكولونيالية (1830-1962) كان أطفال الأهالي، الذين استفادوا من التمدرس بالمدرسة الفرنسية، يترددون على المدرسة القرآنية بين الساعة السادسة إلى السابعة و نصف صباحا و خلال العطل المدرسية.

كان يضم الكتّاب غالبا أطفالا ذوي أعمار مختلفة في نفس الفضاء، عادة ما يحافظ على نظام و مستوى التحصيل الشخصي لكل واحد منهم، و كانت البيداغوجية المستعملة من طرف "الطالب" (الفقيه) تسمح بالمتابعة الفردية في حفظ القرآن. فكانت المدارس القرآنية بمثابة الحضانة بالنسبة للأطفال في السن التحضيري، إضافة إلى أن تموقعها في أحياء المدن و القرى المختلفة كان يسهل التقارب بين العائلات، بل إن "الطالب" قد يتجاوز وظيفته البيداغوجية و التعليمية ليتحول في بعض الأحيان إلى مستشار لدى العائلات في كل مسائل الحياة اليومية (أخلاقية، اجتماعية...).

و قد كان يسيطر داخل الكتّاب، الموروث عن المجتمع الجزائري التقليدي، مبدأ في التعليم أشار إليه محمد بن شنب بقوله :

"تحفيظ القرآن بالنسبة للأطفال هي دلالة على التقوى التي يقوم بها المسلمون في جميع أحيائهم. يغذي القرآن الأطفال الصغار و ينمي مختلف قدراتهم"[10].

لقد فقد الكتّاب بعد ذلك الكثير من أهميته في المجتمع الجزائري، باعتباره من مخلفات مرحلة القرون الوسطى و مرحلة ما قبل الاستعمار، و كان موجها لمجتمع مختلف عن مجتمعنا الحالي حيث كان يمنح تعليما تمهيديا و أساسيا في الدين و الأخلاق. و من الوسائل التي كانت تمكّن من تعميم هذا التعليم في نظام مدرسي نجد كل من (المدارس التابعة للحركة الوطنية، الزوايا، و الجامعات) حيث كانت تدرس فيها أصول الدين و الفقه و كذلك الآداب، التاريخ، المنطق، الفلسفة، الرياضيات، علم الفلك، الطب، و كل المعارف الموروثة عن الفترة اليونانية و عن الحضارة العربية الإسلامية.

و مع مرور الوقت، تغيّر العالم، و استطاع النظام المدرسي العصري إيصال جملة من المعلومات بشكل أكثر نجاعة، باستخدام قواعد و طرائق عصرية في التعليم لا تتماشى مع الطريقة السكولاستيكية التي تعتمد على الحفظ و السرد. فقد تطور التصور الذي كان سائدا في ما يخص تربية الطفولة الصغرى (دور الحضانة، مدارس تحضيرية...) بشكل كبير في أنحاء العالم[11].

و خلافا للدول المغاربية الأخرى، لم تكن المدرسة القرآنية في الجزائر موضوع اهتمام خاص بالنسبة للسلطات، لاسيما وزارة الشؤون الدينية المكلفة بتسيير أماكن العبادة. فحاولت كل من وزارة التربية الوطنية بأقسامها التحضيرية الموجودة في بعض المدارس الابتدائية و المؤسسات الاقتصادية الكبرى (النفط و الحديد) إضافة إلى مؤسسات أخرى (لفائدة عمالها)، وضع أنظمة تعليمية بدور تحضيرية و تكميلية[12] ذات خمسة أهداف:

  • تفتح الطفل جسديا
  • تربية حسية و تربية فنية
  • إيقاظ الفضول الفكري
  • اكتساب سلوكات ملائمة (تنشئة اجتماعية، عمل أفواج، بذل الجهد، احترام الغير)
  • التحضير للدخول إلى المدرسة الأساسية.

تبدو سياسة الطفولة الصغيرة، مدمجة في إستراتيجية شاملة للتمدرس في البلاد، إذ منذ الاستقلال (جويلية 1962)، اعتمدت الجزائر سياسة شاملة للتمدرس تقوم أساسا على الشبكات المدرسية و البرامج التعليمية التي وضعتها فرنسا مع بعض التعديلات.

لقد ساعد التوجه الاشتراكي للحكومة الجزائرية في سنوات السبعينيات      و الذي ارتبط بمداخيل مالية معتبرة ناتجة عن المحروقات إلى تعميم التمدرس. إنّ الضغط الديموغرافي[13] الكبير و الأزمة الاقتصادية التي شهدتها البلاد مع منتصف الثمانينات، إضافة إلى الضعف البيداغوجي[14]، كلها عوامل حدت من إمكانيات تعميم التمدرس و أدت إلى غلق الكثير من الأقسام التحضيرية التي كانت مفتوحة أمام الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم الست سنوات.

و لم تستطع كل من الأقسام التحضيرية المفتوحة، مؤسسة الحضانة الخاصة و الكتاتيب الموجودة التكفل إلا بفئة قليلة من الأطفال في السن السادسة. في حين كان الأطفال المتمدرسون في المدرسة الأساسية الإجبارية(9 سنوات)، يعانون الاكتضاض في أقسام ذات نظام الدوام لمرتين أو ثلاث، الأمر الذي جعلهم يمارسون عدة نشاطات في الشارع. و قبل التطرق لمسألة الأطفال في الشارع، سنعالج مشكل الطفولة من خلال التمثلات الاجتماعية.

.II الطفولة و التمثلات الاجتماعية

بيّن كل من كلود شامبرودون (Claude Chamboredon) وجون بريفو (Jean Prevot)[15] العلاقة بين التمثلات الجديدة للطفولة و النشاط النسوي حسب حالة فرنسا، أما بالنسبة لواقعنا، فإننا نلاحظ رفع مستوى الطموحات النسوية من جهة، و من جهة أخرى ضرورة التمدرس المبكر بالنسبة للطفل. أما بالنسبة للأمهات الماكثات في البيت، فلم تقمن بتسجيل أبنائهن في المدارس التحضيرية بشكل قوي[16].

و في كثير من الأحيان، عندما تعمل المرأة خارج البيت، فإنها تلجأ إلى الجَدَّة لحضانة الأطفال، و يبدو أن الطفل أصبح مجهول الهوية لأن القواعد الاجتماعية أصبحت بدون فعالية مقارنة بما كانت عليه في السابق، و يرجع هذا الأمر إلى التغيرات الجذرية التي حدثت. يلعب كل من التلفزيون و الفضائيات المختلفة في الجزائر دورا كبيرا في هذه التغيرات. و هكذا أصبح الأطفال أكثر اطلاعا و أكثر مطالبة مما جعل الآباء يعجزون عن السيطرة عليهم.

"يمتلك الطفل في إطار الأسرة القواعد و القيم و يكيف سلوكاته وفق مختلف النشاطات المثمنة و ذلك بالرغم من الاختلافات العميقة للطبقات الاجتماعية المنتمية للمدرسة التحضيرية و المرتبطة بهذا النوع من التنشئة الاجتماعية الابتدائية التي تمارس خارجها[17].

تتمحور تربية الأطفال في إطار ثلاثة كلمات مفتاحية : الحرام، "الحشومة"  و "العيب"، بحيث يشكل الممنوع نواة لثلاث وظائف :

  • وظيفة دينية ترتبط بكلمة حرام.
  • وظيفة اجتماعية ترتبط بكلمة "حشومة".
  • وظيفة أخلاقية ترتبط بكلمة "عيب".

و تشكل هذه المتغيرات الثلاثة، المراجع الأساسية للمجتمع. و مهما كان الوسط الاجتماعي و الثقافي (محافظا أو متفتحا)، فإن لكل الأفعال علاقة مع التجارب الخاصّّة. و يرتبط التغير في سلوك الأسرة ذات المستوى الثقافي العالي تجاه أطفالها، بقلة عدد المواليد عندها.

نلاحظ أن الحاجة للحضانة و المواظبة تبرز بشكل جلي لدى العائلات التي تسكن في الأحياء الشعبية و هذا راجع من جهة لضيق المسكن، و من جهة أخرى لوجود ضرورة في التربية التحضيرية من خلال تمثلات الأولياء، مما سيجنبها المسؤولية تجاه تربية طفلها، و عكس ذلك، فإنها تبدو منشغلة بتربية طفلها، لأنه عوض أن تترك الأم طفلها في الشارع، فإنها تضعه في المدرسة التحضيرية مما يمكنّها من أخذ قسط من الراحة والتفرغ لأشغالها المنزلية بدون أن تتساءل عن مصير ابنها.

إذن، يمكن للمرأة "المطمئنة" و "المرتاحة" نفسيا، أن تتفرغ لوظيفتها الاجتماعية: سيدة بيت قبل كل شيء "شادة دارها". يعكس العرض المؤسساتي عموميا كان أو خاصًا، و المختلف من حيث الإستراتيجيات التربوية (روضة الأطفال، مدرسة تحضيرية، قسم تحضيري) نوعًا من الطلب الاجتماعي و لا سيما فيما يخص الوظيفة المهيمنة على المؤسسة التي يتردد عليها الأطفال[18] (كتّاب، أخلاق، انضباط، تذكر).

لم تفقد وظيفة التهذيب التي أدت إلى تمدرس الطفل في التحضيري من فعاليتها ولكنّها أكتسبت تعلما في السيطرة على الذات و طاعة الكبار. و يصبح الاستثمار كبيرا لدى الأولياء المنحدرين من الأوساط الاجتماعية و الثقافية المزرية حيث يعتبرون أنفسهم قد فقدوا في مرحلة ما السلطة الأبوية، مما جعلهم يعتمدون على المدرسة قصد استرجاع سلطتهم المفقودة من خلال إبراز و تثمين القيم التقليدية للطاعة بدون مناقشة، و احترام الكبار دون تفكير. "و هكذا و بواسطة العقوبات الموجهة، لا يستطيع الطفل في الوسط التقليدي العبور إلى السن التساؤلي"[19]. يؤثر المحيط على سلوك الطفل بواسطة النواة الأسرية و التفاعلات التي تحدث من خلالها، في حين أن التكفل المؤسساتي بالطفولة الصغرى، يمكنه أن يعكس التطورات التاريخية المتعلقة بمكانة الطفل.  و سيساعدنا مدخل سريع في هذا التاريخ المعاش ضمن المجال الأوربي على فهم أحسن لتجربتنا الخاصة.

مند زمن طويل، كانت تتم تربية الأطفال بوجود الكبار عوض مدرسة التعلم بوصفها وسيلة معممة للتربية مع نهاية القرن السابع عشر، أو ما نسميه "بالتمدرس"، حيث تمّ فصل الأطفال عن الكبار في أماكن خاصة للتعليم.

و كما عرّفت ، تعتبر هذه الظاهرة حديثة النشأة. "و هكذا بدأت سيرورة طويلة من الغلق على الأطفال بوصفهم (مجانين، فقراء، مومسات) ما فتئت تنتشر إلى يومنا هذا و أصبحنا نسميها تمدرسا"[20].

يعترف المؤرخون باللامبالاة المتأخرة تجاه الأطفال (إصرار على قتل الأطفال المسموح به مع نهاية القرن الثامن عشر) و بغياب الإشارة إلى مختلف الأعمار. كان الأطفال الممثلين في اللوحات القديمة يرتدون ألبسة مثل الكبار (بذلة وقبعة...). و كانت الأعمار مختلطة في مدارس القرون الوسطى. و ابتداء من القرن الخامس عشر، أخذ القسم المدرسي طابع قسم عمري. و بطريقة سطحية، إذا أردنا وضع خطوط فاصلة لدى المنظرين الذين ساهموا في التفكير البيداغوجي سنشير إلى ما يلي:

  • الفاصلة الأولى: المتعلقة بالأهداف التعليمية
    • اختيار المادة التكوينية للفكر "رأس مكوّنة" Tête bien faite
    • استيعاب كلي للعلم و الثقافة "رأس مملوءة" Tête bien pleine
  • الفاصلة الثانية: منتوج لأول منهاج للتعليم.

 -  الانطلاق من التجربة، الممارسة و الملاحظة.

- الانطلاق من المعرفة النظرية.

3- الفاصلة الثالثة: متضمنة الفاصلة الأولى بوصفها حكما مسبقا

- يتمتع الطفل بخصوصيات فردية في نمو مستمر

- يعتبر الطفل رجلا صغيرا، ذو معايير نجدها في حالة الكبر.

و باعتباره رجلا صغيرا، لا فردانيا حيث المرجع الأساسي بالنسبة له هو الكبير. فإن للطفل مكانة غير مثمنة. "اعتبر في العصر القديم كل من العبيد، السود المستعمرين، الخدم، الشعب و النساء مثل الأطفال و ينظر إليهم كأطفال"[21].

في العصر الإغريقي–الروماني القديم، يكلف العبيد بتربية الأطفال. كان العبد هو من يتكفل بالطفل و هو في اتصال مباشر معه، إنّه نوع من التكرار حيث تكمن مهمته في مرافقة الطفل من البيت إلى المدرسة و تلقينه حفظ الدروس اليومية.     و منذ زمن طويل، كانت العقوبات الجسدية موجهة للأطفال و العبيد على حد سواء. حسب أفلاطون "لا يمكن للأطفال الاستغناء عن الأشخاص الذين يقتادونهم مثلما لا يمكن للعبيد الاستغناء عن أسيادهم"[22]. و من مبررات الاستعمار في إفريقيا، قيل أن السود يعتبرون كأطفال.

يقول أحد المبشرين: "إن أحسن تعريف للأسود هو أنه طفل و يبقى كذلك مهما شاب شعره"[23]. إن قلة الذكاء، الانفعالية، العدوانية، سلوك طفولي و متقلب، لا مبالاة و لا مسؤولية، كسل تجاه العمل، تشكل كلّها صفات أساسية يشترك فيها كل من العبد و الطفل. و هناك صنف آخر يتمثل في الخدم، حيث أن لديهم نفس الميزة. صدر مرسوم في 1810 يمنع في فرنسا الباعة من شراء "الأطفال ذوي عائلات أو خدم بدون موافقة كتابية من طرف الأب أو السيد"[24].

و بما أن الطفل يسكن في منزل الآخرين فإنه يخضع لسلطتهم: "يجد الخدم (من خلال أسيادهم) أبا رحيما و عطوفا... فكن لهم أبا"[25]. هناك حذر و شك تجاه الخدام و العبيد، أليس هذا تناقضا مع دورهم الهام في تربية الأطفال ؟ أليس الهدف كما يشر إليه سنيدرز  Snydersبأن يوضع الطفل في جو يتميز بالطاعة.

يتمثل الشعب ببساطته و مزاياه بالطفل الذي لا نهتم برغباته لأنه غير ناضج. فلقد أعيد النظر في النزعة الأبوية عندما ظهرت منظمات عمالية تطرح المشاكل بشكل مستقل. و لقد تم مقارنة المرأة بالطفل لأنها غير قادرة على مواجهة صعوبات الحياة نظرا لضعفها الجسدي و العقلي.

و حسب كوندياك Condillac: "كل شخص عاجز عن معالجة الأمور الجدية يعتبر طفلا و معظم النساء يعتبرن أطفالا-شيوخا"[26]. المرأة بوصفها سريعة التأثر، غير ناضجة، طائشة تشترك مع الطفل في كل هذه النقائص. لقد وضع قانون نابليون "المرأة تحت الوصاية و اعتبرها قاصرة مثل الطفل"[27].

و هكذا يحمل الطفل سمات الطبقات المحرومة و عدم النضج الذي هو في أمس الحاجة إلى علاقة السلطة. و بالنسبة للحدث البيولوجي التاريخي، تعتبر سلالة الإنسان صنفا يستعمل اللغة الشفوية[28] حيث اكتساب اللغة عبارة عن نتيجة انتقاء طبيعي الذي حدث خلال ملايين السنين. و تمثل اللغة الشفوية النشاط الذي من خلاله يتواصل الإنسان مع الغير.

في المجتمعات بدون كتابة، تعتمد المحافظة على الثقافة في الخطاب المحتفظ في الذاكرة.  تمتد أبعاد التخزين من الإلقاء البسيط إلى الأسطورة المعمقة و الملحمة الطويلة مرورا بالنشيد المعتاد. يتمكن الطفل شيئا فشيئا من ممارسة و استعمال اللغة "إما بفصل أو إبعاد الأولياء، أو بتناول الوجبات الغذائية[29] برفقة الأب في الأوساط اليسيرة. يعتبر تردد الأطفال على أوساط الكبار من خلال ممارساتهم الشفوية و الاجتماعية الوسيلة الوحيدة لاندماجهم في هذه المجتمعات.

و في هذا السياق يملك الشاعر، النبي و الحكيم سلطة خاصة. إذ ترتبط هذه السلطة بدرجة التحكم في استعمال الكلام. فيصبح حضور الأب غير ضروري عند تعلم الطفل الكتابة.

إذا قام المؤرخون بتحديد ظهور الكتابة في القرن 4 ق.م (حسب المخطوطات الأولى المكتشفة في بلاد الرافدين من طرف السومريين)، فإن انتشارها خضع لسيرورة جد طويلة. و قد عرفت المجتمعات الشرقية القديمة الكتابة في شكلها الإيديوغرافي (الهيروغليفية المصرية)، و تعقيد نظامها هذا جعل التحكم فيها صعبًا حيث لم يتمكن منها في البداية سوى المختصون في الكتابة.اعتمدت الكتابة الأولى للأبجدية الفينيقية على حروف يونانية ودون شك على حروف عربية جدّ بسيطة، كسرت سيطرة الكهنة في استعمال الكتابة (القرن السابع ق.م، في اليونان). و تعتبر الكتابة الأبجدية الشرط الأول في بروز المدرسة.

يتحدث أفلاطون عن هوميروس بالمعنى الكامل للكلمة و يصفه بمربي اليونان، حيث يبقى القاعدة الأساسية لكل ممارسة بيداغوجية كلاسيكية. ينصح بيلي Pelée ابنه أشيل Achille: "بأن تكون دائما الأحسن، و أن تبقى في درجة أعلى عن الآخرين". يتم تحضير الطفل لنمط معين من الحياة مثل (استعمال الأسلحة، الألعاب البطولية، الفنون الموسيقية و اللغوية و حسن التصرف...) و يهيأ لفكرة مثالية معينة متعلقة بالوجود، نوع مثالي للرجل المُراد تكوينه. لم يهتم الرومان مثل الإغريق بالطفل و لا حتى بالمراهق. كان هدف التربية هو تكوين الرجل الراشد. و لم يعتبر الطفل طفلا ذا شخصية خاصة به، إنه رجل صغير يجب مرافقته بأنجع الوسائل إلى غاية سن البلوغ.

كان الأطفال الوحيدون الذين يثيرون اهتمام الناس، هم أولائك الذين كان لديهم تفكير مبكر يشبه تفكير الكبار. يقول توبي Tobie المسيحي في كتابه[30]: "كان أصغرهم ولكن لم يتصرف أبدًا مثل الطفل". إضافة الى الجهل السيكولوجي للأطفال الموروث عن العصر القديم، نذكر تشاؤم القديس أوغسطين و أتباعه الذين يعتبرون أن كل أفعال الطفل تشير إلى الخطيئة الأصلية. و منذ ميلاد الطفل، تحركه القوة الشريرة، و تصفه ب: المتقلب، المغرور، الكسول، اللص، لأنه منذ البداية، تركت الخطيئة الأصلية أثرها فيه.

تبرر كتب القرون الوسطى استعمال القوة كمنهج، لأن "الجنون مرتبط بقلب الطفل، و إبعاد هذا الأخير، يمر عن طريق الصرامة". "العصا و العقاب ينتج عنهما الحكمة، و يعتبر التخلي عن الانضباط عيب  و عار بالنسبة للأم"[31].

ترمي التربية الإسلامية الناتجة عن الطموح الإنساني نحو التربية الشاملة إلى تكوين أخلاقي. إن انتشار الإسلام في المناطق الواسعة و المتنوعة اجتماعيا و ثقافيا يؤدي إلى إعمال الفكر، التكيف و تقنين الفقه (التشريع الإسلامي) من طرف علماء الدين، إذ يأخذ التفكير الاجتماعي مصادره من المجال الديني.

سيسمح كل من "وجود فئة من التجار لهم علاقة مع العالم المعروف في ذلك العصر، حياة ثقافية كثيفة و الإرث القديم (حيث كانت الإسكندرية أول مركز كبير مع بيزنطة) من تحقيق حركية ثقافية ستبرز من خلالها مدينتا بغداد       و قرطبة"[32]. و رغم أن مسألة تقييم مراحل الأعمار، كانت لها مكانة كبيرة في الأدب العربي في القرون الوسطى و خاصة عند الفقهاء، إلا أنه لم يظهر تحسّن في مكانة الطفل"[33]. و حسب حديث للرسول (ص) "علموه سبعًا، و ربوه سبعا، و صاحبوه سبعًا، ثم أرمي الحبل على قضيه". "إذا كان الفكر السكولاستيكي قد قام بإعداد النظام المدرسي، و أنتج في عدة ميادين طريقة من أجل تنمية المعرفة، فإن عصر النهضة يمثل مرحلة إنتاج المثال البيداغوجي"[34].

شغلت التربية باعتبارها موضوعا اجتماعيا هاما، منذ زمن طويل، اهتمام الفلاسفة، المفكرين و السلطات العمومية. و كان التعليم موجها لذوي الامتيازات مستثنيا طبقة العبيد و الخدم. و الأمر الثابت في هذه المرحلة التاريخية هو تجاهل الطفل الذي من خلال تربيته يتم اقتراح نموذج مثالي للرجل المراد التوصل إليه.

سيساهم كل من الاستقرار السياسي و تراكم الثروات في تنمية المؤسسات التربوية و خاصة مع ظهور انشغالات جديدة: ضرورة المعرفة المعمقة لعلم نفس الطفل و ملائمة البيداغوجية مع قدرات التلميذ. و للمرة الأولى في القرن الثامن عشر، أخذت تربية البنات بعين الاعتبار (على الأقل لدى الأرستقراطية) بينما كانت مدرسة القرون الوسطى مخصصة لعدد قليل من رجال الدين. سيعرف القرن السابع و الثامن عشر تطورا شاملا لمحو الأمية، حيث اعتبر الإصلاحيون في مجال الدين جهل الطبقات السفلى أحد أسباب الطيش و التمسك بالشعوذة    و الرذائل. و هكذا ظهرت بعض الأفكار من ذلك ما جاء به جون جاك روسو (Jean-Jacques Rousseau): "لم نعرف قط الطفولة بالأفكار الخاطئة التي كوناها عنها. كلما تقدمنا في الفهم كلما تهنا"[35]. و يؤكد نفس المتحدث على أن البيداغوجيا ما هي إلا امتداد لقوانين علم نفس الطفل.

تشكل حركة المدارس الجديدة طابعا عالميا: نجد في الولايات المتحدة الأمريكية (ديوي Dewey) و في سويسرا (فيريار Ferrière) و في ايطاليا (مونتيسوري Montessorie) و في بلجيكا (دكلوري Decroly) و في فرنسا (فريني Freinet) . فالطفل ليس شخصا غير كامل أو عاجز أو ناقص، يتعلق الأمر بإرجاع الكرامة للطفولة و التأكيد على وجوديتها و الدعوة إلى الإبداع. 

هذا يعني "ربط المعرفة باحتياجات الطفل، حول المسائل التي يطرحها، و إقامة علاقة مع تطلعاته و عمله، و الاستجابة لرغباته"[36]. يأخذ العمل الجماعي بوصفه مكانا للتبادل في التربية الجديدة دورا بالدرجة الأولى. يبيّن سنايدز Snyders حدود هذه الاقتراحات: "التربية الجديدة بوصفها جهدا للانتقاء مع مصالح و حياة الطفل و لكن أيضا كمحاولة للتخلي عن النماذج التربوية".

لقد فقد عالم الكبار قيمته، يقول فريني Freinet: "لا تمنح الحضارة سوى الأعراف و ملذات وهمية"، و تعتبر الطفولة تكاملا و سعادة، بدون تدخل خارجي، و من خلال تعلم عشوائي، لا مُوَجّه، يقول كوزيني Cousinet في هذا السياق:"إذا كان صحيحًا، أن الطفل الصغير قادر على المشي دون أن يتلقى أي تعليم، فهل يمكن كذلك أن يحل معادلة جبرية بمفرده؟".سيتكوّن التلاميذ من تجارب الحياة بدون الاحتكاك مع الحياة الملوثة، و سيشكلون مجتمعات صغيرة محافظة.

و من جهة أخرى، يؤكد سنايدرز Snyders على أن الفضاء البيداغوجي الذي يعتمد عن النماذج مكتوب عليه الفقر و عدم الإستقرار[37]. يطرح جون ماري دولاري Jean-Marie Delarue و هو مستشار دولة بفرنسا، سؤالا عن مكانة التنشئة الاجتماعية المجانية، و المدفوعة الأجر من أجل تحقيق حياة جماعية، فيجيب قائلا: "عندما تطغى المجانية، فإن الحصة الاجتماعية لوجود الطفل في الشارع هي المرجحة"[38]. و هذا ما نلاحظه في جميع دول العالم الثالث.

ألايعدّ التواجد المكثف للأطفال في الشارع شكلا من أشكال فرض وجودهم بدل أن نعدّ ذلك جنوحا أو مرضا و نحسب عدد الأطفال المتمدرسين الذين يتمّ علاجهم؟

و باعتبارها موضوع انشغال، يفرض استعمال الفضاءات تكفلا متنوعا حسب الطلب.

الطفل و الشارع كفضاء للعب

عرفت المدن الجزائرية على غرار العديد من مدن الدول النامية نزوحًا ريفيا واسعا لأنها شكلت قطبا يجلب كثافة سكانية كبيرة.

و أمام هذا النزوح الريفي، أصبحت المدن تواجه نسبة كبيرة من احتلال الفضاء الذي يصعب تسييره.و تؤثر كل من وتيرة انجاز المشاريع السكانية و الضغط الديموغرافي على المشهد العمراني بشكل كبير. و تتمثل الخصوصية المهيمنة على الفضاءات الجديدة المبنية في العراء و في غياب تهيئة الخدمات.

و ستدفع أزمة السكن العائلات لكي تشغل سكنات تشبه حالة الورشات. تعكس المكانة الممنوحة للطفل في الحيز المسكون وضعيته داخل الأسرة. و يبرر ضيق السكن بعدد أفراد العائلة عدم وجود غرفة فردية مخصصة للطفل. نجد فقط التمييز بين الجنسين، الأمر الذي يبرر استعمال غرفتين حين وجودها. و عندما تكون هناك غرفة إضافية، فإنها تخصص للضيوف و تبقى مغلقة كي تستعمل في أي وقت حتى تتجنب المرأة انتقادات حول ترتيب البيت، فالترتيب و النظافة مبدءان أساسيان في تنظيمه ذلك أنّهما يظهران سيّدة البيت في صورة حسنة.

يسمى الشارع في هذا السياق "زنقة" و معناها ذلك الفضاء المجاور العمومي   و اللامسكون و اللامبني. الزنقة هي مكان للمرور، اللعب و التوقف. تستعمل فئتان أساسيتان الزنقة كمكان مفضل للّعب و التوقف و هما: الأطفال و الشباب. ما دمنا، نعرف أن %75 من سكان الجزائر هم شباب، إذ تتراوح أعمارهم ما بين (0 و 25 سنة)[39] فإننا نعتقد بسهولة نسبة تواجدهم في الشارع. و تشكل التمثلات السائدة لدى هذه الفئة في الفكرة التالية: "نفعل ما نشاء في الشارع". و في كثير من الأحيان، عندما توبخ الأمهات أطفالهن، يستعملن العبارة التالية:

"حسبت راسك في الزنقة ؟" أي " أظننت نفسك في الشارع؟"

يُعبّر الأطفال عن فكرة حرية التعرّف في أحياء مختلفة: أحياء فقيرة حيث تتمركز عدة عمارات أو أحياء غنية ذات سكنات فردية، لذا فإن الشباب و الأطفال لديهم نفس ممارسة تملّك الزنقة.  

في هذا الإطار، تطرح عدة أفكار مسبقة نفسها، و لذا يعتبر الباحث الشارع "المكان المفضل للطفل بدون مأوى، الذي يتردد عليه يوميا بعد أوقات الدراسة   أو الحضانة"[40]. يلعب الشارع دور قوة محركة لسيرورة التنشئة الاجتماعية للأطفال مما يمكنهم على المستويين الجسدي و الحس-حركي من تجريب الحركات و الإشارات المرغوب فيها، و يشكّل تواجد مختلف الأعمار و الطبقات الاجتماعية و الجنسية معطى أساسيا ملموسا في الدول النامية.

نجد تمثل الأطفال في الشارع من خلال صورة البؤس و الفقر. يعتبر ضيق السكن سببا رئيسيا في "طرد الطفل إلى الشارع"[41]. كما نشير هنا إلى إهمال الأم التي تعتبر المسؤولة الأولى، حيث تمنح هذه الفكرة حكما مسبقا يتوافق بشكل كبير مع الهيئتين و المتمثلتين في العائلة و المدرسة، و تلقي نظرة سلبية تجاه تواجد الأطفال في الشارع.

بناء على هذا الرأي، هل يمكن القول أن ما ينقص "الشارع"، ليس هذا الجو من الطاعة الذي يخضع له الطفل ضمن هاتين المؤسستين كما سبق و أن رأيناه؟ إلى أي متطلّب إذن يستجيب هذا الاشتغال المكثف و الشبه مستمر للشارع؟ كيف يشغل الطفل الشارع؟ كيف يتم التعامل مع الجنس الآخر حينما ندرك كل الممنوعات التربوية المرتبطة بالاختلاط ؟

إن الملاحظة التي تمت على مختلف مجموعات الأطفال في أحياء مختلفة اجتماعيا خلال سنة 1993-1994 في وهران (الجزائر)، هي بمثابة دعامة لملاحظاتنا.

و من خلال عدم الأخذ بعين الاعتبار المعطيات التي يقدمها المخططون حيث يعتبرون الأطفال أشياء يتم ترتيبها ضمن فصول متعلقة بالديموغرافيا، التمدرس  و الصحة، و في نفس الوقت يفقدون للزنقة هويتها الأولى باعتبارها فضاء للتنقل. ينجح الأطفال في فرض تواجدهم في مجتمع مغاير عوض أرقام للتمدرس أو للعلاج. و تعتبر أيضا تعبيرا عن الرفض للتكفل الشمولي و التأطير الدائم، و الاشتغال المكثف للزنقة من طرف الأطفال يخضع لمتطلبين اثنين:

  • البحث عن الحرية لدى الأطفال.
  • الراحة و الطمأنينة لدى الوالدين.

تشكل كل من الحرية في التصرف، الركض، القفز، الصياح و الشجار مطلبا ملازما من طرف جميع الأطفال الذين تم مساءلتهم من 5 سنوات إلى 13 سنة، "أفعل ما أريد و لا أحد يهتم بي".

و أمام مجتمع تحركه القيم المنظمة و الانضباطية التي تسود في الأسرة و المدرسة، فإن الأطفال يجيبون من خلال استغلالهم لفضاء آخر، ألا و هو الشارع.

يتردد الأطفال على الشارع مهما كان رأي الأم، فحسب تحقيق ميداني[42] أجري على 30 أستاذة و ربة عائلة، وجدنا أن أكثر من النصف  %59.3  يقولون أنهم لم يتركوا أولادهم يلعبون في الشارع، و ينظر إلى هذا الأخير باعتباره فضاء خطيرا على الصعيد الجسماني (حادث) و على المستوى المعنوي مثل: (عدم انضباط، قليل التربية، كثير الحرية). يؤثر الشارع على العلاقة بين الأم و الطفل في تركيبتها السلطوية. و تساعد الطفل للتهرب من المواجهة الذاتية و ذلك من خلال فتح آفاق العلاقات المتبادلة مع الآخرين.

و في العائلات التقليدية، ليس للطفل الحق عموما في إدخال أطفال آخرين (غريب) "براني" في المسكن العائلي، حيث أن احتمال إفشاء السر كبير، و أنّ سيدة البيت تعتقد أن الطفل سيخبر أمه عما شاهده و تذوقه. و جدير بالذكر في هذه المرحلة أن الطفل ينتقل من "ملايكة" (ملاك) إلى "الجن" (شيطان) بشكل سريع، و خصوصا بمناسبة ازدياد مولود جديد. و ما كان مسموحا به إلى غاية سنتين و 3 سنوات أصبح منعدما مثل: الضرب، الصراخ، كسر الأشياء و اللعب في البيت، فالطفل عليه التكفل بنفسه و القيام بتجاربه في أماكن أخرى إن أراد تجنب الضربات.

لا يوجد شخص يعارض القيمة التربوية للعقاب الجسدي. بينما يمكن لمؤشرات التغير ملاحظتها في هذا المستوى إذا كانت هذه الوسيلة ممارسة من طرف أشخاص آخرين. تم الاستغناء عن مشروعية العقاب الجسدي من طرف أساتذة يتمتعون بمستوى اجتماعي و ثقافي حسن. و على العكس من ذلك، فإن معظم الأولياء يطلبون من الأستاذة التعامل مع الطفل باعتباره ابنها و ذلك (بضربه عند الضرورة).

تفترض العلاقات التراتبية ضمن الأسرة أن " الوضعيات التناقصية للصغار تجاه الكبار و البنات تجاه الذكور، هي ناتجة عن الأدوار الاقتصادية المرتقبة حيث تتمثل لدى الأطفال في الأعمار الصغرى... و ينظر لأفراد الأسرة بوصفهم أدوارا قبل أن يكونوا أشخاصا"[43].

يتحول الشارع بفضل الأطفال إلى حيّز للتجارب و الإبداع. و من خلال وسط اجتماعي مشبع بالمعيارية، تتجلى الحياة في ظل التوجهات "التربوية" التي تجعل التجربة ممكنة. مثله مثل الكلام الذي يستعمل في أول الأمر بشكل معتدل بأمر من المعلم. و بواسطة الضحك و الاستهزاء من الكبير الذي يعاقب بمختلف الأسباب مثل: (الضجيج الكبير، الوقت غير مناسب...) فإنها تعتبر أحد أنماط الوجود بالنسبة للجماعة.

إن البحث في التفاعلات المتبادلة من خلال اللعب هي فرصة في تلقين قواعد اللعبة. و هكذا، يعتبر الأطفال أن ممارسة اللعبة في الشارع تعلّمهم  كيف"يعتمدون على أنفسهم" (الأولاد 12 سنة)، و ينظر إليها بوصفها فرصة " لتعلم المسؤولية" بالنسبة للفتاة (11 سنة).

و هكذا، و بالنسبة لجميع الأطفال الذين تحصلنا من خلالهم على آراء، فإن اللعب "ليس له أية قيمة في نظرهم"(11 سنة)، و نلاحظ أن أنواع الألعاب هي بالدرجة الأولى ألعاب جماعية. إن اللعب في الشارع هو قبل كل شيء اللعب مع الآخر. و يعمل الشارع مثل آلة اندماج للجماعات.

و يمثل الشارع أيضا فضاء للترويح، إذ يسمح بتنظيم العلاقات بين الأولياء   و الأطفال حيث يهيمن التوتر أكثر من التلاحم. إن نسبة اشتغال السكنات حيث يلتقي الكبار بشكل مستمر مع الصغار، جعلت أزمة السكن الابن الأكبر حينما يتزوج يبقى مقيما مع أولاده في نفس المكان، الأمر الذي يجعل التواصل صعبا. و عندما تطلب الأم من الأطفال الخروج "للعب في الخارج" يمثل هذا الأمر بالنسبة لها وسيلة لتأخير "العقاب و الضرب" الذي يتعرض إليه الطفل.

و يلعب الطفل بالقرب من البيت، ليكون تحت تصرف الكبير للقيام بالأعمال التقليدية مثل:

- القيام بالمشتريات مثل ( الخبز، الحليب، الإحضار المرهق للماء...).

- القيام بخدمات ( الذهاب عند الجار لجلب مستلزمات).

- حراسة الصغار من الإخوة و الأخوات.

إن هذا الإحساس بالحرية النسبية الذي يشعر به الطفل منذ أن يتعدى الباب الخارجي لبيته، يلازمه ضرورة في تسيير علاقاته مع الآخرين. و يستغل الطفل عن طريق اللعب الشارع الذي يتحول في هذا الوقت إلى حيز حقيقي للتعاون الاجتماعي، حيث تلعب الزعامة بشكل مستمر دورها ضمن المجموعات، "ألعب في الشارع لأنه يسمح لي في الحصول على العديد من الأصدقاء الذين يمكن مقارنتهم لي" مثل (الأطفال ذوي الـ 11سنة). يتم وضع التعلم الاجتماعي للاندماج و التفاوض من خلال قواعد اللعب ضمن كل مجموعة متكونة من أطفال في مختلف الأعمار.

ستتم التبادلات بالنسبة للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 3 و 5 سنوات في المجموعات المتكونة من سنتين إلى 3 سنوات و بالنسبة لكبار السن، ابتداء من 6 إلى 7 سنوات في المجموعات الكثيرة العدد. تعتبر الزنقة أيضا الفضاء الذي يعاد فيه إنتاج ممارسة اجتماعية جنسية مهيمنة في مجتمعاتنا. و هكذا، يلعب البنات و الأولاد في نفس الفضاء المختلف حسب قرب مكان السكن في المجموعات غير المختلطة.

قدمت سلسلة من التبريرات من طرف الأطفال: في البداية، إذ تشير إلى القيم الأساسية التي يعتمدها غالبية الأطفال. تشكّل كل من "الحشومة" و "العيب" عناصر مشكلّة للسجل التوضيحي. هذه القيم مأخوذة من القاعدة الاجتماعية حيث يضيف البعض مصطلح "لا يجوز" (الممنوع)، كمرجع مرتبط بالعقيدة الدينية. عندما لا يطبق مبدأ عدم الاختلاط، حينما تلعب البنت جنبا لجنب مع الولد أو العكس، فإن هذا الأمر يعتبر تافها. لأن الردع يأخذ طرقا مختلفة. 

إن عنف الألعاب الخاصة بالأولاد، عبّرت عنه بنت واحدة فقط، عمرها 6 سنوات. إضافة إلى ذلك، حينما يحدث أن بنتا تلعب في مجموعة متكونة من الأولاد و تسقط، فإن الآباء يتدخلون مركزين غضبهم على الأولاد.

و من خلال ألعابهن، فإن البنات يبقين بالقرب من بيوتهن، و ذلك للسماح للأم بالمراقبة المستمرة من خلال استعمال السلطة عن بعد عن طريق النافذة أو الشرفة.

و تظهر الأم هنا من لحظة إلى أخرى عن طريق تدخلّها الصارم أمام الآخرين، وبمنحها مسؤولية نسبية تجاه بنتها.

نجد أنّه"في مختلف الثقافات، تعطي مختلف السياقات إمكانيات مختلفة للطفل من أجل اللعب، على الأقل التصرف بحرية، آنية و إبداعية"[44]، فإذا اعتبرنا أنّ السلطة و الانضباط لا يزالان يشكلان المسارات التربوية ضمن الفضاء العائلي و الفضاء المدرسي، سيكون الشارع الفضاء المكمّل لهما.

لكن ماذا يلعب الأطفال في الشارع؟ إذا كانت الألعاب تبسط الانعكاسات النفسية الحركية المهيمنة في الممارسة، فإن التجربة الإبداعية لأدوات اللعب حاضرة.

مخطط الألعاب الممارسة المتشابهة و المختلفة، حسب الجنس

ألعاب الأولاد

ألعاب مختلطة

ألعاب البنات

كرة القدم

لعبة الكارطة

كاريكو (لوحة مجهزة بعجلات فولاذية)

لعبة التخبئة (غميظة)

حاويزة (لعبة المطاردة)

ميديا (لعبة القفز على الأرض)

القفز على الحبل الدميات

 

 

 

 

 

 

إذا كان الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 06 سنوات، 12 سنة في الفترة المدرسية يقضون ساعتين إلى 3 ساعات في الشارع فهي من 7 إلى 11 ساعة في فترة العطلة.

يقضي الطفل، إذن وقتا طويلاً "في الخارج" مع أصدقائه أو زملائه، الذين تم انتقاؤهم ضمن تلاميذ المدرسة. هذا التواجد يتخلله دخول متكرر للبيت قصد شرب الماء أو تناول الخبز، بالرغم من الانزعاج الذي يسببه  للحفاظ على النظافة داخل البيت، إلا أن الأم تكون مطمئنة عمومًا.

و غالبًا، يمنع الطفل من إخراج لعبه الشخصية في حالة امتلاكه لها لأنه قد يكسرها و في الغالب فإن خياله الإبداعي يسمح له بامتلاك لعب، كما هو الحال بلعبة (الكاريكو) التي يركبها الطفل على لوحة خشبية، مسامير و عجلات مستعملة، التي يستعملها لغرض التزلج. أما بالنسبة للبنات، فإنّهن يصنعن دميات قماشية بعيدان و خيط و بقايا القماش لغرض اللعب. أما الصغار الذين تتراوح أعمارهم بين سنتين و 4 سنوات فإنهم يلعبون بالقرب من سلم العمارة الذي يستعمل كانتقال من مرحلة "الاحتجاز في البيت" إلى مرحلة "الحرية في الشارع".

في الشارع أو "الزنقة"، يمارس الطفل من خلال اللعب نشاطًا مستقلاً و حرًا. و يمثل اللعب تعبيرا و شرطا في النمو الطفل حسب بياجي Piaget: و يقول أن :"لعبة القواعد هو نشاط لعب للإنسان المجتمعاتي".

يساهم الأطفال أيضا في بناء شكل الأحياء، رغم أن التملك اللعبي للفضاء العمومي غير مخصص لهذا الغرض، و هو مؤشر أساسي عن جهل المكلفين بالتخطيط لواقع اجتماعي عميق.

الخلاصة

يعتبر هذا المقال بمثابة فرصة للتطرق إلى مسألة اشتغال الفضاءات العمومية   و خصوصًا الشارع من طرف الأطفال، كما يهدف أيضًا إلى إبراز رؤية أخرى حول هذا الواقع، رؤية تساعد قبل كل شيء، على فهم ما يمنحه هذا المحيط الآني للأطفال على ما يسمح لهم بفعله، بقوله و بتجريبه. و من أجل رسم سياق اللعب لدى الطفل، يجب حتما المرور عبر كل دول العالم الثالث و الدول العربية خصوصًا، من خلال الإشارة إلى الشارع الذي تختلف تسميته حسب المناطق من "الزنقة" إلى "الحومة" إلى "البرة" و الشارع.

و الهدف من هذا هو أن يكون الإبداع و التنمية أو تحديث الهيئات ما قبل التحضيرية غير شبيه بأماكن الاحتجاز أو التجنيد ولكنّه متفتح على آفاق أخرى فيما يخص الإثراء و الدعم.

لم يمنع التمدن غير الكامل (راجع في جميع الأحوال إلى غياب فضاء مجهز  و مخصص للنشاطات المتعلقة بالطفل) الأطفال من التملّك التقليدي للمحيط الحالي. و باعتباره واقعا مفروضا على السلطات العمومية، فإن التواجد المكثف للأطفال في الشارع، يعدّ شكلا من أشكال معارضة الأطفال لسياسة وضعت بدونهم أو ضدهم. فتحوّل الشارع إلى فضاء للعب من طرف الأطفال هو مؤشر فشل لجزء من السياسة العمرانية.

يحافظ الشارع على الرغم من كل ذلك على النشاطات المهمة في نمو الطفل في أقسامه الثلاثة الحركية، المعرفية و الاجتماعية.

كان التحدي الذي أطلقته بعض دول العالم الثالث هو ضمان حد أدنى من التمدرس لجميع الأطفال من جيل معين، مع ما رافقه من اكتظاظ كبير لقاعات الأقسام، و تهيئة لمخططات استعمال الأماكن حسب 2 إلى 3 أشواط، و اختيار العلاقات البيداغوجية على حساب النشاط المعرفي لدى الطفل.

بينما تطرح علينا نهاية وهم التنمية "المركزية الذاتية" تساؤلا مؤلما حول كيفيات الإدماج لفائدة عالم الطفل و حول احترام المكتسبات الأساسية المتعلقة بالمحافظة على الفرد باعتباره كائنا بشريا.


هوامش

[1] الجزائر: نسبة التأطير البيداغوجي النسوي التابع وزارة التربية الوطنية خلال السنة الدراسية 1994-1995 حسب كل طور :

الثانوي

المتوسط

الابتدائي

التحضيري

37,6 %

45,9 %

43 %

85 %

 

 

 

 

المصدر: معطيات إحصائية رقم 30، 1995، وزارة التربية الوطنية.

[2] الكتاتيب جمع كتّاب نموذج من مدارس إبتدائية التي يسميها مؤلفون أوروبين المدرسة القرأنية. أنظر : In Encycopédie de l'Islam, Ed. LEIDEN, E.J. BRILL Tome V, 1986.

حاليا يلعب دورا أساسا في المؤسسة التحضيرية.

[3] القلم أداة يتم صقلها من قصب على شكل الريشة و تستعمل للكتابة.

[4] سورة العلق، الآيات من 1 إلى 5.

[5] Sadni-Azizi, Fouzia, « L’éducation pré-scolaire et la prévention des échecs scolaires (cas du Maroc) », Université de Paris V,  Thèse 3ème cycle, 1983.

[6] Op.cit.

[7] In Paye, Lucien, « Enseignement et société musulmane. Introduction et évolution de l’enseignement moderne au Maroc », Thèse de doctorat, Paris, 1957, cité par Sadni-Azizi, Fouzia, op. cit.

[8]  أقر هذا التنظيم الجديد في سنة 1968 إلزامية المرور عبر المؤسسة التحضيرية قصد التسجيل في الابتدائي حيث يعتبر الكتّاب جزءا منه.

In Sadni-Azizi, Faouzia, op. cit.

[9] الحبوس : أملاك تسيرها المؤسسات الدينية (المساجد و الزوايا) حيث تخصص مداخليها للصيانة و تمويل المناسك الدينية، التعليم و بعض الأعمال الخيرية.

[10] Bencheneb, Mohamed, « Notions de pédagogie musulmane », résumé d’éducation et d’instruction enfantine, Revue Africaine, 41ème année, n° 225-226, Alger, 1897, pp. 267-285.

[11] من خلال التحقيق الذي أجري لحساب الألسكو (ALESCO) حول دراسة منهاج رياض الأطفال في العالم العربي، تونس، 1989. يبين عبد الله معاوية درجة اهتمام الموجه إلى التربية التحضيرية. أنظر للجدول الموالي الذي يبين عدد صفحات مخصص للتربية التحضرية.

In "Enfance et éducation préscolaire dans le Maghreb", Actes des Journées d'Etudes des 25 et 26 mars 1990, cahier n° 3, LARESF-URASC.

[12] Haoum, Zakia, « Etude comparée de l’enseignement préscolaire en Algérie et en France », Doctorat de 3ème cycle, Université de Paris VII, 1985.

[13] يشكل الأطفال و الشبان 70%  من العدد الإجمالي للسكان. الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 0 و 14 سنة يشكلون نسبة % 44 من الجزائريين و هذا بتعداد يقدر بـ 11 مليون نسمة في 1994 من عدد الإجمالي للسكان و الذي يساوي 28,4 مليون نسمة.

قدرت نسبة التمدرس للأطفال الذين تتراوح أعمارهم 6-14 سنة بـ 80,6%.

قدرت نسبة المواليد في سنة 1992 بـ 30,4 %.

المصدر تقرير وطني للندوة الدولية حول السكان و التنمية، القاهرة، 5-13 سبتمبر 1994.

[14] ضعف في التكوين و التأطير البيداغوجي، مشكلة  اللغة التعليمية الموجهة للأطفال الصغار : عربية دارجة، عربية فصحة، لغة أمازيغية و حتى لغة فرنسية.

[15] Chamboredon, J.C. ; Prevot, J., « Le métier d’enfant, définition sociale de la prime enfance et fonction différentielle de l’école maternelle » in Revue française de Sociologie, 1973, XIV-3.

[16] يبين البحث الميداني حول التمدرس في الأقسام التحضيرية بوهران :

48,3 %  من الأمهات بدون نشاطات مهنية.

 38 %من الأمهات معلمات.

 5,7 %من الأمهات يشغلن وظائف حرة.

2,2 % من الأمهات عاملات.

Senouci, Zoubida, « L’accès à la préscolarisation en Algérie » in Actes du 1er colloque Maghrébin sur l’éducation préscolaire, chemins et pratiques, Université de Rabat Mohamed V, UNICEF, A.T.F.A.L.E, Fondation Vanleer.

[17] Plaisance, Eric, L’enfant, la maternelle, la société, éd. P.U.F, 1986.

[18] - كتّاب : من بين الوظائف التي تعطى لها الأهمية: الذاكرة، الإنضباط، الأخلاق.

- للتحضيري (عمومي و خاص) : وظيفتان مهمتان : التعلم و التفتح.

- رياض الأطفال الخاصة بالبلدية : وظيفة الحراسة مهمة.

- رياض الأطفال الخاصة بالمؤسسات / وظيفة اللعب مهيمنة نظرا لتوفر إمكانيات المالية.

[19] Sadni-Azizi, Fouzia, op. cit.

[20] Aries, Ph., L’enfant et la vie familiale sous l’ancien régime, Paris, Ed. du Seuil, 1973.

[21] Snyders, G., Il n’est pas facile d’aimer ses enfants, Paris, P.U.F., 1980.

[22] In « Les Lois », VII, 808.

[23] Briault, R.P., : « Les sauvages d'Afrique », 1923, cité par Snyders, op. cit.

[24] Ed. Robert : « Les domestiques », 1875, cité par Snyders, op. cit.

[25] Larousse, P., Grand Dictionnaire Universel du XIXème siècle article : Femme de chambre : grand enfant qui est le joujou de sa maîtresse.

[26] Cité in Snyders, op. cit.

[27] Idem.

[28] تظهر اللغة الشفوية أساسية بالنسبة للقراءة و للكتابة كونهما تشكلان ظاهرة حديثة نشأة.

[29] موائد غذاء ترافقها الموسيقى، الأغاني و الأبيات الشعرية.

[30] Riche, P., De l’éducation antique à l’éducation chevaleresque, Paris, Ed. Flammarion, 1968.

[31] مثل لسلومون Salomon سابق ذكره في بير غيش P. Riche.

[32] Remaoun, H., (Université d’Oran, I.S.S) : « Idéologie et pensée philosophique et sociale dans les formations pré-capitalistes : le cas du monde méditerranéen, des premières sociétés humaines du Moyen-âge (approche socio-historique) ». Document, dactylographié de l’Institut des Sciences Sociales, Université d’Oran.

[33] Driss, Ali, « L’histoire de l’éducation et des idées pédagogiques en Ifriqya ». (depuis Ibn Sahnûn m 256-869 jusqu’à Ibn Khaldûn m 808/1406), Thèse de Doctorat d’Etat - Université de la Sorbonne Nouvelle Paris III, 1978.

[34] Palmero, J., Histoire des institutions et des doctrines pédagogiques par les textes, Paris, Ed. SUDEL, 1958.

[35] Rousseau, J.J., L’Emile ou de l’Education.

[36] Snyders, G., Pédagogie progressiste, Paris, P.U.F., 1971.

[37] Idem.

[38] Delarue, Jean-Marie, "Rue et espace de socialisation, entre famille et lieux formalisés",  in L'enfant  et son intégration dans la cité. Ouvrage collectif sous la direction de S. Teissier, Ed. Syros, 1994.

[39] فيما يخص الفئة العمرية التي تهمنا 0-9 سنوات، يقدر عدد اطفال في الجزائر بـ

الفئة العمرية

المجموع

البنات

الأولاد

0-4 سنوات

3 718 000

1 816 000

1 902 000

5-9سنوت

3 651 000

1 788 000

1 863 000

 

 

 

 

 

مصدر : دليل لإحصائي للجزائر، رقم 15، 1991.

[40] Sadni-Azizi, Fouzia, op. cit.

[41] Mernissi, Fatima, « Pourquoi nos enfants sont dans les rues » in Lauralif cité par Sadni-Azizi, Fouzia.

[42] Kateb-Allel, Khadidja, « Pour une contribution au développement de l’enseignement préscolaire en Algérie », Thèse 3ème cycle, Université de Lille III, 1987.

[43] Zerdoumi, Nefissa, Enfants d’hier, l’éducation de l’enfant en milieu traditionnel algérien, Ed. MASPERO, 1982, p. 41.

[44] Visalberghi, A., « Le jeu humain et ses contextes », Conférence présentée lors des journées pédagogiques algéro-italienne, 19 mars 1993, portant sur l’enfant et jeu. Revue La Nuova Italia, n° 10, 31 Octobre 1993.

Appels à contribution

logo du crasc
insaniyat@ crasc.dz
C.R.A.S.C. B.P. 1955 El-M'Naouer Technopôle de l'USTO Bir El Djir 31000 Oran
+ 213 41 62 06 95
+ 213 41 62 07 03
+ 213 41 62 07 05
+ 213 41 62 07 11
+ 213 41 62 06 98
+ 213 41 62 07 04

Recherche