مراد مرداسي،المراهقة في الجزائر. الروابط والعيادات.لارماتان، 2016، عدد الصفحات210

 انسانيات عدد مزدوج 83-84| 2019 |جنوح الأحداث : الواقع والتكفّل| ص 53-58| النص الكامل


 


يقترح مراد مرداسي على القارئ كتابا في علمالتربية وعلم النفس، يتناول فيه مسألة "المراهقة في الجزائر، الروابط والعيادات". يتألف الكتاب من تسعة فصول، ويسعى صاحبه من خلال هذا المخرج العلمي إلى أن يقدّم حصيلة معرفية حول "المراهقة ومجالاتها" والمواضيع المرتبطة بها لدى هذه الفئة من خلال التركيز على العلاقة بمسألة الهامشية والعنف والنماذج الأسرية. ويتناول الكتاب أيضا الصدمة النفسية لدى هذه الفئة، والجانب العيادي عندها وبعض ما يرتبط بمسألة التواصل الاجتماعي والمؤسساتي.

يقدم الباحث في مقدمة الكتاب توجهاته النظريّة لمقاربة ظاهرة المراهقة في الجزائر، ويعتبرها "جزء من الأزمة الهيكلية النفسية والبيولوجية والنفسية الاجتماعية "، كما يخضع هذا المفهوم إلى تفكيك ابستيمولوجي ومعرفي انطلاقا من الممارسات الخاصة بالواقع المتعدّد للمجتمع الجزائري. وغايته في ذلك:" تسليط الضوء،وفق مقاربة تعبّر عن اهتمام معرفي والاستكشافي، من أجل تحديد المسالك البحثية والنماذج المعرفية (أي البراديغمات) المرتبطة بالمراهقة والتي يمكنها أن تُترجم وفق نماذج مفاهيمية للتحوّلات والممارسات السياسات والأنماط التطوريّة وسيناريوهات الصراع في البنى الاجتماعية في مجال الطفولة ".

يتناول الفصل الأول من الكتاب مشكلة الشباب في الجزائر، ويوضّح ذلك من خلال الممارسات الأسرية والبنى والمؤسسات الاجتماعية. ويؤكد الباحث على عدم تكيّف التعاريف " المرتبطة بتحديد مهام البنى الخاصة بالشباب والتي لا تزال تتّسمبكونها نظام للتفاعل المؤسسي ". وبالنسبة لمرداسي، لا يوجد إلا هيكل مؤسساتي واحد ينظّم السياسات العامة تجاه الشباب، على الرغم من المشاكل المتعدّدة التي تواجه هذه الفئة من السكان سواء ارتبطت بالبطالة أو بالعمل الهشّ أو بنقص الترفيه. ولا يتوقف الباحث عند هذه الفئة الاجتماعية بل يوسّعها للحديث عن فئة الشباب الهشّ من الناحية الصحية والذين يعانون من أمراض مزمنة، كما لا يستثني في ذلك فئات أخرى مثل " الأمهات العازبات" (وهو سؤال يصنّف ضمن الطابوهات الاجتماعية) والشابات المعنّفات". ويختتم الباحث الفصل الأوّل بعرض خمس "محطات إرشادية" من أجل مقاربة الظواهر المرتبطة بهذه الفئة والمتمثلة في : التنشئة الهامشية، التواصل المستحيل، الوساطة الاجتماعية، الممارسة الرياضة، الوساطة الجسدية، القطبية المؤسسية والتنبؤ الاجتماعي. كما يدعونا في ختام إلى " إعادة صياغة لمهام البنى المهتمة بالشباب وأدائها الوظيفي في ظل المتطلبات النفسية والاجتماعية المعقّدة وتراجع الاتصالات البشرية ".

أمّا الفصل الثاني فيناقش فيه الباحث مسألة الهامشية والعنف في مرحلة المراهقة من خلال مقاربة علم النفس المرضي، حيث يناقش مسألة الصدمات النفسية-الاجتماعية وسياقات العنف والاضطرابات الخاصة بالهامش وذلك انطلاقا من العلاجات المقترحة لجنوح الأحداث في ظل تزايدها العددي. كما يتناول في ثلاثة فصول وبالتحليل مسألة النماذج الأسريّة في مرحلة المراهقة في علاقاتها مع الوساطة، ويعتبر نجاحها مرتبطا بمدى فهمنا للسياق العائلي. كما يشير إلى أسباب رفض الوساطة الاجتماعية - التعليمية نظرا لارتباطها بالممارسات المعيارية (مثل ممارسة النشاط الرياضي، الأنشطة الثقافية...).أمّا الفصل السادس فيخصّصه الباحث لمناقشة إشكالية فشل المدرسة في سنّ المراهقة ويعتبره شكلا من أشكال " إلغاء التنشئة الاجتماعية " و" السلوك الذي يضفي التراجع ". كما سيتتبع ذلك بمناقشة المقاربات العلاجية من خلال فصل يخصّصه لـ" عيادات المراهقة " ويتناول فيه بشكل رئيس الأمراض النفسية للمراهقين (السلوكات العصبية، والاضطرابات النفسية، واضطرابات الأكل، واضطرابات الهوية الجنسية، السلوكات المسببة للإدمان والانتحار، محاولات الانتحار والسلوك العنيف).

أمّا الفصلان الأخيران فيخصّصهما الباحث لموضوعي"الاتصالات الاجتماعية والمؤسسية لدى المراهقين و"المراهقين والعمل المؤسساتي"، ويوضّح من خلالهما الحاجة إلى مؤسسات رعاية الشباب من أجل "توفير أماكن جوارية لتبادل المعلومات وتحفيز ومرافقة إجراءات التحوّل الاجتماعي وتعلم الأدوار الاجتماعية"، كما يعتبر أنّ إمكانية التواصل مع المراهقين تمثل تأمينًا ودفاعًا ضد حالات التقسيم الاجتماعي،وهذا ينطبق بشكل خاص على الفتيات المراهقات. يمكن أن يشكل كل فصل من هذا الكتاب بمفرده مجالا لمخرج علمي آخر(المراهقة والأسرة، المراهقة والتعليم، علم النفس المرضي للمراهقين، السياسات العامة للشباب...)، ومع ذلك فإنّ الباحث لا يخصّص حيزا معرفيا لمناقشة مسألة المراهقة من حيث النوع الاجتماعي: فهل معيش المراهقة في الجزائر متماثل لدى الفتيات والفتيان؟ هل ينظر إليهما اجتماعيا بالطريقة نفسها؟ وإذا طرحت مسألة صورة الجسد في علاقته بالذات (وهو ما تمت مناقشته في الفصل الرابع)، فهل يمكن القول بأن التغيّرات الفسيولوجية لكلا الجنسين متماثلة ؟... ما يقترحه مراد مرداسي في هذا الكتاب هو دعوة لاستكشاف الطابع المتعدّد للمراهقة والتي تستدعي الطرح المتجدد للأسئلة البحثية وباستمرار.

نادية سبع بروايل

Appels à contribution

logo du crasc
insaniyat@ crasc.dz
C.R.A.S.C. B.P. 1955 El-M'Naouer Technopôle de l'USTO Bir El Djir 31000 Oran

95 06 62 41 213+
03 07 62 41 213+
05 07 62 41 213+
11 07 62 41 213+

98 06 62 41 213+
04 07 62 41 213+

Recherche