تقديم


إنسانيات عدد 91، حانفي – مارس 2120، ص. 07-13


 


يناقش هذا العدد الموضوعاتي المزدوج من مجلة إنسانيات مضامين بعض الدراسات المنجزة حول المدينة الجزائرية، كما يظهر في الوقت نفسه أنّ الفعل الحضري(le fait urbain)  يعرف تحوّلات متسارعة تثبتها جلّ الدراسات الحضرية الحديثة التي تستند إلى مقاربات مبتكرة توجّه التحليل نحو مواضيع وظواهر لم تنل كفايتها من البحث والدراية. وإذا كان موضوع بناء المدينة ومسارات تشكّلها مركزيا وحاضرا بشكل دائم الدراسات الحضرية، فإنّ تحليل الممارسات الحضرية ودينامياتها من الأسفل (التحت) قد عرف تجديدا في التناول العلمي.

شهدت الجزائر- هذا البلد الريفي نهاية الفترة الاستعمارية وغداة الاستقلال (1962)- سيرورة غير مكتملة للتمدّن أثرت على النمط المعيشي لساكنة مدنها، إذ ارتفع تعدادهم في الحواضر من 30٪ إلى أكثر من 70٪ خلال الفترة الممتدة ما بين 1966 و2020، في وقت الذي تضاعف فيه عدد السكان الاجمالي خلال الفترة ذاتها أربع مرات ليصل اليوم إلى 43 مليون نسمة، وبالمقابل توسّع الجانب الحضري بمقدار عشر مرات ليرتفع عدد ساكنة الحواضر من 3 ملايين إلى 30 مليون نسمة.

لقد عرفت الجزائر، ومع بداية سنوات الألفين، مرحلة جديدة في تحوّلها الحضري، إذ تُعدّ مدنها اليوم مزيجا بين منتوج السياسات العموميّة والتحضّر أو التمدين  العشوائي، وهو ما يجعلها تبدو وكأنّها مجموعات تضمّ أنسجة متعدّدة تشكّل كلاً مجزأً وغير منظّم. يمكن القول أنّ المدن الجزائرية، ومن وجهة نظر إمبيريقية، تشكّل في تفرّدها وعمقها التاريخيين، نسيجا متراكبا مشكّلا من المدينة "ما قبل الكولونيالية" (القصبة، المدينة القديمة أو القصر)، و"المدينة الكولونيالية" ومخطّطها الثماني و/أو تجزئتها الصغيرة والمركّزة، و"مدينة البناء الذاتي" أو "التمدّين الشعبي" و"المدينة المخطّط لها" والتي تعدّ منتوجا لبرامج التهيئة الحضرية، والمناطق الجديدة للإسكان الحضري والمجمعّات السكنية الجماعية الكبرى والتجزئات السكنية الفردية، يضاف إلى كلّ ذلك ما شهدته السنوات الأخيرة من أشكال جديدة للتجمّعات السكنيّة الترقوية الخاصة، والتي تمّ إنشاؤها غالبا ما بين فجوات أنسجة عمرانية موجودة/ أو في الضواحي الجديدة، وهنا تعيد المدن تشكيل ذاتها من خلال الاستمرارية في التطوّر.

تعمل الديناميات الحضرية -المعبّرة عن مجتمع حضري في طور التكوين- على مستوى النظام المكاني والتنظيم الاجتماعي وأنماط الحياة، إذ تنشأ المجموعات الاجتماعية مختلفة التي تشكّل المدينة وتُحييها سلوكات وممارسات يومية جديدة، كما تبني مفهوما جديدا للرابط الاجتماعي تتمظهر من خلال مختلف أشكال السكن والممارسات الخاصة بالاستهلاك والشغل والترفيه وأنماط تمّلك الفضاء العام، لذا يمكن القول أنّ المدن الجزائرية، وبعد مرورها بالعديد من التناقضات والضغوطات، تعيش انتقالا يمكن تتبع ملامحه في الأنماط الجديدة من العمل المشترك و/أو المتضارب مع السياسات العمومية ومختلف الفاعلين الاجتماعيين. (Belguidoum 2018 ; Semmoud, 2007, 2015 ; Lakjaa, 1998, 2009 ; Bendjelid, 1997, 2010)

تثري مقالات هذا العدد تخصّصات معرفية متعدّدة (علم الاجتماع، علم الاجتماع اللساني، التخطيط الحضري، الهندسة المعمارية، الجغرافيا) جوانبا ذات صلة بالفعل الحضري، تمّ طرحها وفق مقاربات تتناول بالتحليل ثلاثة محاور كبرى هي: حدود التخطيط الحضري المؤسساتي (أوّلا)؛ المدينة وأغوارها (ثانيا)؛ والاحتجاج والحركات الجماعيّة و"مدينة الأسفل" و"المدينة من الأسفل"(ثالثا).

يركّز الجزء الأول من هذا العدد الموضوعاتي المزدوج الموسوم "التمدين والسلوك الحضري" على التمدين المؤسساتي وعلاقتها بالمدينة التي تعتبر مكانا للتعبير والاحتجاج الاجتماعي. أمّا الجزء الثاني من هذا العدد المزدوج الموسوم "مدينة الأسفل والمدينة من الأسفل" فيعالج المدينة وسكّانها من خلال تحليل مبادراتهم ومساهماتهم في صنع مدينة حقيقية.

يجدر التذكير أنّ الدولة تعدّ أهم فاعل في تنظيم صناعة المجال الحضري المديني، إذ سعت من خلال برامجها الواعدة مواجهة ضغط المطلب الاجتماعي المتواصل وتقديم إجابة الكمية بغية تلبية الاحتياجات المتزايدة من السكن. فما بين سنوات 2010-2019، تمّ إنجاز ما يقارب المليونين ونصف المليون من الوحدات السكنية ضمن سياق البرامج العمرانية التطوّعية، لكن يبدو وكأنّها تفكّير في المدينة من خلال المشاريع السكنية فقط أصبح مُولّدا لسوء المعيش. سمح هذا النوع من التمدين الاستعجالي -المنحصر في بناء الأبراج والوحدات السكنية التي تخلو من المساحات الخضراء والمرافق المحليّة- باستحداث مساحات اجتماعية بشكل غير رسمي وغير مهيكل من طرف الفاعلين والسكان العاديين من أجل تعويض نقص المعدّات التجارية.

تعتبر مدينة علي منجلي الجديدة بقسنطينة نتاجا خالصا لهذا التمدين التطوّعي  الناتج عن التخطيط الحضري، فهي تضمّ اليوم حوالي 000 200 نسمة، حيث أنّ نشأتها وتاريخها وتصميمها وإعمارها جعل منها مصبّا للفائض السكاني الذي تشهده مدينة قسنطينة، وهو ما يعكس مفارقات التخطيط الحضري العلوي وحدوده. يحلّل في هذا السياق سعيد بلقيدوم السيرورة التدريجية لاكتساب المدينة الجديدة علي منجلي لهُويّة تتناوب فيها صورة المدينة الموصومة مع صورة أخرى مرادفة لحياة أفضل، إذ يبرز تنامي الفعل الاجتماعي المنتج من الأسفل بين ثنايا المجالات الحضرية المبرمجة (التخطيط الحضري) ومجالات المعيش (السكان) وداخل فجوات التخطيط الحضري المُبرمَج، ويعيد مساءلة عمليات بناء المدينة التي ستغلّ الديناميات التجارية وأجوائها غير المتوقعة أساسا- على مستوى برامج التخطيط الحضري- على إحداث تغيير عميق في وضع المدينة الجديدة.

تعتبر منطقة وادي ميزاب مثالاً آخر على المقاربة المؤسساتية في تخطيط المدن الصحراوية وتحوّلاتها التي تمسّ أنماط معيش السكان والبيئة التي تمثّل اليوم رهانا رئيسا. وفي هذا السياق تعالج خيرة بشار حدود نموذج التهيئة الناتجة عن التخطيط المؤسساتي للمدن الذي يتجاهل الظروف البيئية الخاصة بالمنطقة ويتعارض مع العناصر الأساسية للتخطيط الحضري في المدن الصحراوية، كما تبيّن محدودية المقاربات المركزية في ذلك وتفتح أفاقا للتفكير حول التنمية المستدامة الذي يعدّ الغائب الأكبر في النماذج المؤسساتية.

وضمن المجال الحضري نفسه، تمثّل منطقة وادي ميزاب نموذجا للمفارقة الموجودة  بين ثراء تقاليد الحضرية والمعمارية والتخطيط المؤسساتي، فعوض استثمار ذلك من أجل إعادة التفكير في المدينة الصحراوية أنشأ التخطيط العمراني نموذجًا لمدينة في الصحراء. تذكرنا في هذا السياق دانييلا رغيري بأنّ المعارف التطبيقية ذات العلاقة مع الميراث الثقافي العمراني للمنطقة كانت مصدر إلهام للعمارة المعاصرة، خصوصا أعمال أندري ريفيرو الذي كتب: "هناك نقطة انطلاق مهمة للتصميم المعماري والحضري ، ليس فقط في السياقات المناخية القاسية، ولكن أيضًا بشكل عام في مواجهة تغير المناخ. مقاربة ذلك ليست لغة عامة حصرية ولا تقنية فحسب، بل تحتوي على مكوّن شاعري وشمولي قوي".

وضمن سياق إشكاليات تحليل أثار التخطيط العمراني، تعرف المدن الجزائرية تناميا لمظاهر اللاتجانس بين سكّانها، وهو ما يدفع بالرابط الاجتماعي فيها نحو إعادة البناء والتشكّل في ظل ممارسات حضرية جديد تُدمج الهويّات المجهولة التي أوجدها التمدين من أجل إنتاج أشكال جديدة من تضامن أساسه المواطنة ورهاناتها المتعدّدة (الانتماء إلى المدينة وليس الانتماء إلى العشيرة أو النسب)، بحيث تتخذ مظاهر مختلفة من العمل الجماعي (جمعيات، حركات اجتماعية، نضالات حضرية). يمكن في هذا السياق مقاربة الهبّة الشعبية "الحَراك" التي احتلت الفضاء العام، وعلى وجه الخصوص وسط المدن، لما يفوق السنة (من فبراير 2019 إلى مارس 2020). يحلّل كل من حورية عريان وعبد الوهاب بوشارب كيفية إسهام هذا الحدث الوطني- الذي شمل الكثير من المدن- في إعادة بعث شعور تملّك وسط مدينة قسنطينة بشكل غير مسبوق أسهم في تحديث الأدوار الوظيفية لأغوار المدينة بصفتها مجالا يعبّر ضمنها سكان الأحياء عن آراءهم ويشغلون فضاءها العام، كما يعالج الباحثان الطقوس التي نشأت خلال هذه المسيرات الأسبوعية التي تركت أثرا لا يمحى في الشوارع والساحات التي اعتاد المتظاهرون المرور بها.  

ويتساءل جوهانس فريش في مقالته المقترحة في هذا العدد عن الشباب الحضري في البلدان المغاربية بوصفها فئة سوسيولوجية. ففي هذه البلدان، التي يمثّل فيها الأقل من 25 عامًا أكثر من 40٪ من السكان  والفئة العمرية الممتدة ما بين 15-24 سنة ما يقرب من 15٪، تنتج المشهدية المتزايدة لشباب المدن رؤية متجانسة عنهم، لكنّ واقعهم وخصوصياتهم المعيشية المختلفة جدًا تُظهر عكس ذلك تماما. يناقش الباحث في هذا السياق مفهوم "الشباب الحضري" انطلاقا من تحليل الظروف الحضرية التي تؤثّر في الحياة اليومية للشباب المهمشين في المدن، ويعتبر ذلك مدخلا مهما يُمكّن من فهم المسألة الاجتماعية وحركة احتجاجية وتعابيرها وتجلياتها في الوسط حضري، كما يشير الباحث إلى بروز دينامية جديدة للأجيال أساسها شباب المدن الذين يجدِّدون المطالبة بالحق في المدينة بوصفه حق في المواطنة.

تفتح المقالات هذه العدد الموضوعاتي المزدوج في جزئه الأوّل آفاقا للبحث، وتدعو إلى مواصلة التفكير في الفعل الحضري بالجزائر وإبراز الجوانب الخاصّة من المدينة وأغوارها وتأثيرات ذلك على الرابط الاجتماعي والسلوكات الحضرية الجديدة في المدن، خصوصا أثناء مساءلة حدود برامج التخطيط الحضري.

تم إثراء هذه العدد بمقابلة مع نورة صمود التي تحظى أعمالها البحثية حول التلقّي الاجتماعي لتخطيط المدن بالتقدير، إذ تسلط الباحثة الضوء في هذا السياق على استراتيجيات إعادة تملّك المجال الحضري بناءً على أطروحتها عن مدينة الجزائر، كما تعود بالنقاش للهوامش الحضرية، وتُقدَم لذلك نظرتها حول التسيير السياسي وأقاليم ضواحي المدن.

تبقى العقبات التي تهدّد أي نشاط بحثي معروفة جيدًا، أهمها عدم التمكّن من تجاوز المظاهر السطحية للظواهر المتعلّقة بالإشكاليات ذات المواضيع المستهلكة دون الاطلاع على التغييرات الجارية، أو تلك المرتبطة بالهروب نحو الأمام من خلال البحث في مواضيع لا علاقة بواقع المدينة الحقيقية.

لا تنحصر المدينة في نماذج محدّدة، بل هي كلّ معقّد ضمن حركيّة مستمرة يفرض تطوّرها وتحوّلها الاستجابة إلى مجموعة من التحدّيات الجديدة، بحيث لا ينبغي أن يؤدي التفكير في المدينة المرنة إلى ربطها بنماذج تنتمي إلى فترات زمنية مختلفة عنها، بل على العكس من ذلك، يجب إيجاد الطرق التي تسمح لها باستباق التغيرّات والتكيّف معها ومع الهشاشة الاجتماعية الجديدة التي تنشؤها والمخاطر الصحية والاقتصادية والبيئية.

سعيد بلقيدوم

ترجمة سارة بن عبدالقادر

بيبليوغرافيا

Belguidoum, S. (2008). La ville en question - analyse des dynamiques urbaines en Algérie. Penser la ville - approches comparatives, Khenchela. Bendjelid, A. (dir.), (2010). Villes d’Algérie : formation, vie urbaine et aménagement. Oran : Editions CRASC.

Belguidoum, S. (2018). La ville algérienne dans tous ses états : transition urbaine et nouvelles urbanités. Revue Moyen-Orient, 40, p. 62-68

Belguidoum, S., Boudinar, A. (2015). Dynamique marchande et renouveau urbain à Oran. Médina J’dida et Choupot deux quartiers du commerce transnational. Les Cahiers d’Emam, Etudes sur le monde arabe et la Méditerranée, 26, p.43-59.

Belguidoum, S., Mouaziz, N. (2010). L’urbain informel et les paradoxes de la ville algérienne : politiques urbaines et légitimité sociale, les territoires de l’informel. Dans Espace et société, 143, p. 101-116.

Bendjelid, A. (1997). Anthropologie d’un nouvel espace habité : enjeux fonciers et spatialités des classes moyennes à Oran et sa banlieue (Algérie). Insaniyat, 2.

Bendjelid, A. (dir.), (2010). Villes d’Algérie. Formation, vie urbaine et aménagement. CRASC.

Berry Chikaoui, I., Deboulet, A. (dir.), (2000). Les compétences des citadins dans le monde arabe. Penser, faire et transformer la ville. IRMC : Karthala, URBAMA.

Lakehal, A. (2015). Rôle des habitants dans l’invention de nouvelles formes d’urbanité dans la périphérie de Constantine (Algérie). Le cas de la ville nouvelle Ali Mendjeli. Dans L’Année du Maghreb, 12, p. 35-53.

Lakjaa, A. (1998). La ville : creuset d’une culture nouvelle. (Villes, cultures et société en Algérie). Insaniyat, 5. CRASC. 

Lakjaa, A. (2009). « Les périphéries oranaises : urbanité en émergence et refondation du lien social ». Dans Les Cahiers d’EMAM, 18, p .29-43.

Navez-Bouchanine, F. (2003). La fragmentation en question : des villes entre fragmentation spatiale et fragmentation sociale ? Paris : L’Harmattan.

ONS, (2011). L’armature urbaine. Collections Statistiques, 163.Série S : Statistiques Sociales, Alger.

Safar Zitoun, M. (2009). Alger d’aujourd’hui : une ville à la recherche de ses marques sociales. Insaniyat, 44-45, p. 33-59.

Safar Zitoun, M. (2012), Violence et rente urbaines : quelques réflexions critiques sur la ville algérienne d’aujourd’hui. Dans Insaniyat, 57-58, p. 57-72.

Semmoud, N. (2007). Habiter et types d'habitat à Alger. Autrepart - revue de sciences sociales au Sud. Presses de Sciences Po.

Semmoud, N. (2010). Mobilités résidentielles, pratiques de mobilités et constructions territoriales en périphérie(s) des grandes villes. Dans Les Cahiers d’EMAM, 19, p. 15-31.

Semmoud, N. (2015). Les marges urbaines : un analyseur privilégié de l'urbanisme d'Alger ? Les Cahiers d'EMAM. Tours: Équipe Monde arabe Méditerranée.

Semmoud, N., Florin, B. (2014), Marges urbaines en question. Dans N. Semmoud., B. Florin., O. Legros., F. Troin. Marges urbaines et Néolibéralisme en Méditerranée. coll. Perspectives villes et territoire : PUFR, p. 15-41.

Sidi Boumedine, R. (2002). Désordres ou “des ordres” urbains. Naqd, 16, p. 27-44.

Sidi Boumedine, R. (2016). Bétonvilles contre bidonvilles. Cent ans de bidonvilles à Alger. Préface de Jim House. Alger : APIC Editions, p. 314.

Sidi Boumedine, R., Signoles, P. (2017), Les villes nouvelles en Algérie : une question apparemment réglée, mais une réalité complexe. Les Cahiers d’EMAM, 29.

Signoles, P. (dir.), (2010). Faire la ville en périphérie(s) ? Territoires et territorialités dans les grandes villes du Maghreb. Cahiers d’EMAM, 19.

Souiah, S-.A. (2002). Mobilité résidentielle et recomposition socio-spatiale : le cas d’Alger. Dans Alger, lumières sur la ville, Alger. Algérie : Dalimen, p. 236-247.

Souiah, S-A. (2005). Les marginalités socio-spatiales dans les villes algériennes. Cahiers du GREMAMO, 8. L’Harmattan, p. 47 - 69.

Trache, S-M. (2010). Mobilités résidentielles et périurbanisation dans l’agglomération oranaise. [Thèse de doctorat d’État en géographie, Université d’Oran Es-Sénia].

 

Appels à contribution

logo du crasc
insaniyat@ crasc.dz
C.R.A.S.C. B.P. 1955 El-M'Naouer Technopôle de l'USTO Bir El Djir 31000 Oran

95 06 62 41 213+
03 07 62 41 213+
05 07 62 41 213+
11 07 62 41 213+

98 06 62 41 213+
04 07 62 41 213+

Recherche