حوصلة بحث وثائقي حول المدرسة الجزائرية : الدراسات الموجودة بمركز البحث في الأنثروبولوجية الاجتماعية والثقافية

مقدمة

- حظي كل من المدرسة و النظام التربوي في العالم باهتمام العديد من التخصصات و الميادين العلمية : علم الاجتماع، علم النفس، علم التربية، الاقتصاد، ديموغرافيا... الخ.

- فما هو حال البحث العلمي في هذا المجال عندنا ؟

- و ما الذي يشدّ اهتمام باحثينا بالمدرسة لحدّ الآن ؟

- و أخيرا كيف يمكن تصنيف الدراسات و البحوث المحلية من حيث ما خلّقته على المستويين المعرفي و المنهجي ؟

- انطلاقا من هذه الانشغالات و رغبة منّا في الاقتراب من وضع ما أُنتج عندنا من خلال عينة احتوت على 282 عنوانا (بنسبة 4 % تقريبا من مجموع 7150 عنوانا) من الدراسات و البحوث المتواجدة بمركز البحث في الأنثروبولوجية الاجتماعية و الثقافية، قمنا ببحث وثائقي متواضع اتبع المراحل التالية :

مراحل البحث

  • المرحلة الأولى : عملية مسح، اشتملت كل ما كتب حول المدرسة (282 عنوانا) و الأنظمة التربوية في مختلف الأطر بعدة لغات : الفرنسية، العربية، الإنجليزية، الإيطالية، الإسبانية، الألمانية.

مكنتنا هذه الخطوة من إحصاء جميع المواضيع حول المدرسة فوجدنا ثلاث مجموعات :

أ- 118 عنوانا حول المدرسة و التربية في الإطار العام و الدول المصنّعة (حوالي 60 عنوانا في الإطار الفرنسي وحده).

ب- 80 عنوانا في إطار دول العالم الثالث بما فيها دول العالم العربي-الإسلامي.

ج- 84 عنوانا حول المدرسة و النظام التربوي في الجزائر.

توزع العناوين الموجودة بالمركز حول المدرسة و النظام التربوي بين :

  • 89 مونوغرافية
  • 193 مقالا و وثيقة بما فيه منشورات المركز

المرحلة الثانية : قمنا فيها بقراءات للمواضيع المتعلقة بالمدرسة الجزائرية للباحثين المحليين خاصّة.

أغلب هذه العناوين مكتوبة باللغة الأجنبية (58 %) منها 55,4 % باللغة الفرنسية بينما تمثل العناوين المكتوبة باللغة العربية بـ 41,66 % من مجموع العناوين حول المدرسة و النظام التربوي بالجزائر.

مكنتنا هذه القراءات من استخلاص تصنيفية[1] و لو بسيطة لتلك الدراسات والبحوث وفق معياري المنهجية و استيفاء الشروط العلمية كحد أدنى لقبول أي بحث.

1) المحاولات: - تشكل الدراسات التي تدخل ضمن هذه المجموعة 21,7 % من مجموعة العناوين حول المدرسة و النظام التربوي في الجزائر. بينما تمثل العناوين الصادرة باللغة العربية 31,4 % مقابل 14,6 % باللغة الفرنسية.

تدور جل دراسات هذه المجموعة حول قضايا ظرفية تمثل نقاط صراع داخل المجتمع كالهوية، الأصالة و الحداثة، التعريب، سياسة التعليم و التنمية و هي مواضيع من اهتمام باحثي علم الاجتماع و اللغويين خاصة و يمثلون 66,66 % من مجموع الباحثين في هذه الفئة، بينما يعني المتخصصين في علم النفس و علوم التربية و يمثلون 33,33 % بمواضيع تقترب أكثر من الديداكتيك و فلسفة التربية. و الملاحظ في هذه الفئة، هو تطرق معظم الباحثين (خصوصا من علم الاجتماع) إلى هذه المواضيع في الإطار الماكروسوسيولوجي بمقاربة فلسفية لا تأخذ بعين الاعتبار دور الفاعلين الاجتماعيين في التأثير على الفعل الاجتماعي و التأثر به في نفس الوقت بل تهتم بالفعل نفسه من خلال إرجاعه باستمرار إلى نموذج مثالي موجود مسبقا في ذهن الباحث[2]، وأحيانا الانطلاق من وجهة نظر متسلطة و بالتالي كثيرا ما يصبح الغرض من الموضوع أخلاقي إصلاحي و سياسي أكثر منه علميا.

- ما أمكن تسجله من الجانب المنهجي : هو عدم اعتماد هذه الدراسات على تحقيقات ميدانية ماعدا 22 % من مجموع هذه الفئة، استعمل فيها الباحثون تقنية الاستمارة، إلا أن استعمال هذه ليس بطريقة دقيقة بحيث تحمل الأسئلة الكثير من الإيحاءات عن الأجوبة. تتميز أيضا هذه الفئة بعدم وضوح منهجية البحث المتبعة بحيث يغيب التحليل السوسيولوجي للنتائج في إطار نسق مفاهيمي واضح و يصبح النصّ عبارة عن خطاب تبريري[3]. كما يوجد نوع من الفصل المنهجي و الشكلي بين الجانب النظري و الذي يشكّل معظم البحث (ثلثي البحث في أغلب الأحيان) و جانب ميداني يعرض فيه الباحثين نتائج بحثهم دون إبراز أهمية المفاهيم (الإطار النظري) في تفسير معطيات الميدان.

2) البحوث النظرية : فئة البحوث النظرية تشكل 44,5 % من مجموع العينة، من هذه الفئة 42,8 % بلغة كتابة عربية و 48 %بلغة كتابة فرنسية.

مثل الفئة السابقة : لها اهتمام واسع بالمواضيع الظرفية و مواضيع المرجعية والهوية الوطنية، اللغة و التعريب 43,2 % المشاكل النفسية للتلميذ و فلسفة التعليم (40,5 %).

تقترب هذه المجموعة من المدرسة و النظام التربوي من خلال منظور تبادل التأثير بين الفاعلين الاجتماعيين و مؤسسات المجتمع.

منهجيا لا ترتكز هذه الدراسات على تحقيقات ميدانية بتقنيات البحث التجريبي إلا قليل جدا، (بالتركيز في هذه الحالة على تقنية الملاحظة المباشرة للميدان بمقاربة أنثروبولوجية) و إنما تعتمد في تحليلها للواقع على : البحث عن المؤشرات، تحليل المحتويات، تحليل الإحصائيات الرسمية و التدليل بتحقيقات ميدانية أخرى (نتائجها) فهي عبارة عن بحوث وثائقية[4].

الملاحظة إضافة إلى ذلك أن 8 %من بحوث هذه الفئة لها صيغة فلسفية في اقترابها من الموضوع و تحليلها له.

3) البحوث الميدانية : - تشكل هذه الفئة 33,7 % من مجموع العينة أغلبها بلغة كتابة فرنسية 39,5 % من مجموع العناوين بالفرنسية حول المدرسة الجزائرية، مقابل 25,7 % باللغة العربية من مجموع العناوين بهذه اللغة. تتميز باعتمادها منهجية تجريبية من خلال تحقيقات ميدانية بوسائل تقنية متعددة من بينها : الاستمارة و تمثل الاستعمال الأوسع بحوالي 80 % من مجموع التقنيات المستعملة إلى جانب الملاحظة المباشرة، سيرة الحياة، المقابلات...

75 % من هذه العناوين عبارة عن مقالات بينما تمثل المونوغرافيات 25 % من المجموع.

و إن كانت تبحث (هذه الدراسات) في ظواهر متعددة، إلا أنها تركّز على أهمية المكنزمات المتحكمة في الفشل المدرسي، التكوين و الوظيفة، الحركية الاجتماعية و المدرسة، الثقافية و المدرسة... و هي في هذه العينة من اهتمام باحثي علم الاجتماع و علم النفس خاصة.

- للعامل الزمني دور في عملية التراكم العلمي بحيث لاحظنا أن الدراسات الحديثة (نقصد هنا دراسات فترة التسعينات) هي في الغالب أكثر دقة و صرامة – من الناحية المنهجية – من سابقاتها ويظهر ذلك جليا في المجموعة الأولى أين تنحصر معظم البحوث التي تصنف ضمنها (المحاولات) ما بين سنة 1980 و 1990 بنسبة 60 % من مجموع المحاولات.

- أخيرا، هذا التصنيف لا يعني بالضرورة انغلاق كل صنف على نفسه إقصائيا فقد يجمع البحث الواحد خاصيات الأصناف الثلاث أو اثنين منها.

كما نجد في أحيان أخرى بحوثا ذات صرامة منهجية تسقط في مسلّمات يبنى عليها البحث قد تحتمل المراجعة و تستدعي التحقّق منها.

الهوامش

[1]- فقط ما كتب حول الجزائر مستثنى منها المذكرات.

[2]- راجع : أحمد بن نعمان التعريب بين المبدأ و التطبيق في الجزائر و العالم العربي الشركة الوطنية النشر التوزيع 1986 (على سبيل المثال).

[3]- راجع على سبيل المثال : الشريط عبد الله.- نظرية حول سياسة التعليم و التعريب.- الجزائر، المؤسسة الوطنية الكتاب، 1984.

[4]- على سبيل المثال راجع : زايد مصطفى.- التنمية الاجتماعية و نظام التعليم الرسمي في الجزائر.- الجزائر، ديوان المطبوعات الجامعية، 1986.

HENNI, Ahmed.- La mise en œuvre de l’option scientifique et technique en Algérie: le système d’enseignement et de formation.- Alger, CREAD, 1987.

* طالبة ماجستير بمعهد علم الاجتماع – جامعة وهران - 

الكاتب

مرابط إيمان*

Appels à contribution

logo du crasc
insaniyat@ crasc.dz
C.R.A.S.C. B.P. 1955 El-M'Naouer Technopôle de l'USTO Bir El Djir 31000 Oran

95 06 62 41 213+
03 07 62 41 213+
05 07 62 41 213+
11 07 62 41 213+

98 06 62 41 213+
04 07 62 41 213+

Recherche