علوم اللّسان العربي وأهميتها في صناعة المعاجم العربية: - لسان العرب لابن منظور نموذجا-

إنسانيات عدد 46 | 2009 | ألسنة وممارسات خطابية | ص 13-37 | النص الكامل 


Language Sciences and their importance in compiling Arabic dictionaries: Ibn Mandour’s “Lissan El Arab” example

Abstract: Arabic dictionaries make working tools for research workers in the language field, in literature, sociology, psychology, and philology. From their linguistic riches, they guarantee a generous terminological fluidity. Among these dictionaries is “Lissan El Arab”, an important encyclopedic work whose author took advantage of those proceeding him in this field and considered them as fundamental sources in the accomplishment of his work.
The lexicologists main objective was to realize multiple functions among which, language confirmation, precisely at the novel period, and word meaning standardization. Their main concern was to record Arabic terminology.
Grammar accompanies the set words and aims at showing the semantic variations, to ignore them would lead to ambiguity and confusion, for this reason the first lexicologists favored using language sciences in standardizing language so that it could accomplish its role

Keywords: language sciences - grammar - syntax - dictionaries - Lissan El Arab - Ibn Mandour.

Mohamed MELIANI, Maître de conférences, Faculté des arts, les langues et les arts, Université d'Oran, 31 000, Oran, Algérie.


1. علوم اللّسان العربي وعلاقتها باللغة

يدعو الكلام عن علوم اللّسان بالضرورة إلى الكلام عن اللغة والعلاقة التي تربطها بهذه العلوم؛ لأن النحو والصرف علمان نشآ في أحضان اللغة وارتبطا بها ارتباطا وثيقا، وفي ضوء هذا الفهم نطرح سؤالا هاما هو ما هي العلاقة بين النحو والصرف واللغة ؟ وللإجابة عن هذا السؤال، كان لزاما علينا أن نقف على الفرق بين ثلاث مصطلحات ذات علاقة متينة وهي: اللغة والنحو والصرف؛ أما اللغة فتعني اسم جنس للكلام المنطوق أو المكتوب، وأما النحو فيعني العلم الذي يقيد ذلك الكلام بقوانين وأحكام خاصة، وأما الصرف فهو العلم الذي يعني ببنية الكلمة في ذاتها من حيث تركيبها وهيئتها.

في ضوء ما تقدم نلاحظ أن علمي النحو والصرف يعتمدان على اللغة، فليس ثمة نحو وصرف بلا لغة، كما يستحيل أن تقوم لغة بدون نحو وصرف، ونظرا لهذه العلاقة المتينة بين اللغة والنحو والصرف، يتعين علينا أن نقف على علاقة اللغة بالنحو من جهة ثم علاقة اللغة بالصرف من جهة أخرى.

أ. علاقة النحو باللغة     

لقد تطور المجتمع العربي، واتّسعت رقعته، ورافق ذلك اتساع في الثقافة، وارتقاء في التفكير بسبب التفتح على الثقافات الأخرى، فكان لابدّ أن ينتقل هذا العقل إلى طور التفكير والابتكار، فكما نشأت حركات التأليف في مجالات أخرى كالطب والهندسة والفقه وأصول الفقه واللّغة، فمن الطبيعي أن ينبّه انتشار اللحن علماء اللّغة إلى الاعتناء بالدراسات النّحوية، ولا غرابة أن يطالعنا سيبويه     (ت 180هـ) بكتاب متكامل في النّحو العربي.

 ومن هنا شعر علماء اللّغة بأهمية النّحو في الدراسات اللغوية، واعتبروه مقياسا أساسا للتفريق بين المعاني المتداخلة في مختلف التراكيب اللغوية، وبخاصة حينما يتعلق الأمر بالقرآن الكريم، فإن اختلاف الحركات الإعرابية التي تَعتوِرُ أواخر الكلمات يترتب عليها اختلاف في الدلالات، وإذا كان النّحو هو العلم الذي يحدد العلاقات بين الكلمات في التراكيب اللغوية، ويبيّن وظائفها الدلالية، فإن الإعراب هو تلك الحركات التي تعدّ أعلاما لتبيان المعاني النّحوية، ويذكر الزجاجي (ت 333هـ) الفائدة من تعلّم النّحو بقوله: "فإن قال قائل: فما الفائدة في تعلّم النّحو، وأكثر الناس يتكلمون على سجيّتهم بغير إعراب، ولا معرفة منهم به، فيفهمون ويفهمون غيرهم مثل ذلك ؟ فالجواب في ذلك أن يقال له الفائدة فيه الوصول إلى التكلم بكلام العرب على الحقيقة صوابا غير مبدّل ولا مغيَّرٍ وتقويم كتاب الله عزّ وجلّ الذي هو أصل الدين والدنيا والمعتمد ومعرفة أخبار النبي - صلى الله عليه وسلم- وإقامة معانيها على الحقيقة لأنه لا تفهم معانيها على صحة إلاّ بتوفيتها حقّها من الإعراب..."[1].

يفهم من كلام الزجاجي هذا أن وظيفة النّحو تتجاوز الصناعة اللفظية التي بموجبها تتحدّد الوظائف النّحوية للكلمات في التراكيب اللغوية، كمعرفة الفاعل والمفعول والمبتدإ والخبر إلى غير ذلك، إلى قوله "الوصول إلى التكلم بكلام العرب..." وهذا يعني التعمّق في فهم طبيعة الكلام العربي لاكتساب السليقة العربية عن طريق المران والممارسة والتدرّب على النصوص المتواترة عن العرب، وفي قمتها القرآن الكريم الذي قال فيه عزّ وجلّ: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِياًّ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُون}[2]، وقال {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبٍين}[3] وقال: {وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْماً عَرَبِيّاً}[4]، فوصف القرآن بكونه عربيا مرفوقا بالدعوة إلى التأمل، ووصفه بكونه عربيا مبينا وعربيا مستقيما، كل ذلك إشارة إلى تأمله في حركاته وسكناته، أي في نحوه للنفاذ إلى معانيه ودقائق أسراره التي لا يتوصّل إليها إلاّ بمعرفة خصائص الكلام العربي، ولن يتأتّى ذلك إلاّ بمعرفة ضوابط هذا الكلام التي صاغها لنا النحاة في قواعد نحوية.

ونخلص إلى أن النّحو ليس مقياسا شكليا يعتمد عليه كالمنوال تصب فيه الكلمات والتراكيب، وإنما هو تدرب على طبيعة الكلام العربي للتحكم في صياغته اللفظية والدلالية معا في آن واحد، ولقد كان ابن جني على درجة كبيرة من الوعي حين عرّف النّحو بقوله السابق: "أما حدّه فهو انتحاء سمت كلام العرب"[5]، فلننظر إلى قوله هذا ليتبين لنا أنه يريد احتذاء كلام العرب في طبيعة نطقها وكيفية صياغة تراكيبها من حيث الإعراب والدلالة معا، ولننظر إلى قوله: "ليلحق من ليس من أهل اللّغة العربية بأهلها في الفصاحة"[6]، والفصاحة عند ابن جني هنا هي أن يتوصل الناطق باللسان العربي إلى اختيار ألفاظه، وصياغة تراكيبه، وفصاحة لسانه وفق ما كان مألوفا من قَبْلُ لدى العرب.

ومازال المتأخرون من علماء اللّغة والبلاغة معا يشعرون بأهمية النّحو لمعرفة اللّغة والوقوف على دلالاتها المختلفة، إيمانا منهم بأن النص العربي الفصيح، وفي قمّته القرآن الكريم لا يتوصل إلى دقائق معانيه، وخواص تراكيبه، واستجلاء دلالاته، إلاّ بالتعمّق في فهم النّحو، وتجاوز البنى السطحية التركيبية إلى الدلالات الباطنية التقديرية، كذلك يقول السكاكي(ت 626هـ): "اعلم أن علم النّحو هو أن تنحو معرفة كيفية التركيب فيما بين الكلم لتأدية أصل المعنى مطلقا بمقاييس مستنبطة من استقراء تلك الكيفية..."[7].

ومما يقصده من كيفية التركيب تقديم بعض الكلم على بعض، ولا تخفى أهمية التقديم والتأخير في عناصر الكلام وما يترتّب عليها من اختلاف في الدلالات المستفادة من الكلم، كما أنه قد يكون سببا في تشويش العبارة وجعلها خاطئة، إذا لم يجر على سنن العرب في كلامها ومقاصدها.       

ونجد عند التأمل أنّ علماء اللّغة كانوا نحويين في معظمهم، وأنّ علماء النّحو كانوا لغويّين أيضا، وقد عبّر ابن خلدون (ت 790هـ)عن هذه الحقيقة، حيث اعتبر النّحو من أركان اللسان العربي، بقوله في فصل علوم اللسان العربي:"أركانه أربعة، وهي اللّغة والنّحو والبيان والأدب، ومعرفتها ضرورية على أهل الشريعة"[8].

ويتبين من هذا القول أن هذه الأربعة مرتبطة حتى لا انفصام بينها، ولا يكون العالم عالما باللّغة حتى يكون ملمّا بهذه الأربعة كلها، فلا يتصور عالم باللّغة بغير علم بمقاصد الكلام و وجوهه التي هي من خصائص البيان، والنّحو والوقوف على المتواتر من كلام العرب.

ويقول في موضع آخر عن النحو:"به يتبيّن أصول المقاصد بالدلالات، فيعرف الفاعل من المفعول والمبتدأ من الخبر ولولاه لجهل أصل الإفادة... لذلك كان علم النحو أهم من اللغة إذ في جهله الإخلال بالتفاهم"[9].

ولقد سمّي النّحو العربية، وفي ذلك دلالة على أنه لابدّ لعالم اللّغة من معرفة النّحو وإلاّ ضاع منه معرفة وجوه الكلام والتفريق بين معانيه، كما سمّوه كلاما ولحنا وإعرابا وجاء في عيون الأخبار: "إذا سرّك أن تعظم في عين من كنت في عينه صغيراً، ويصغر في عينك من كان في عينك عظيماً، فتعلم العربية، فإنها تجريك على المنطق وتدنيك من السلطان... ويقال النّحو في العلم بمنزلة الملح في القدر والرامك في الطِّيب."[10]   وقال بعض الشعراء[11]:

النّحو يَبْسُطُ مِنْ لِسَانِ الأَلْكَنِ          وَالمَرْءُ تُكْرِمه إِذَا لَمْ يَلْحَنِ

وَإِذَا طَلَبْتَ مِن العلوم أَجَلَّهــَا          فَأَجَلُّهَا مِنْهَا مقيم الأَلْسُنِ

ولا غرابة أن نجد علماء اللّغة يلجأون إلى النّحو لتوضيح المعاني، وتبيان المقاصد يقول الإمام أبو القاسم عبد الرحمن القاسم الزجاج : وأما قوله: سَلاَمُ اللهِ يَا مَطَرٌ عَلَيْهَا.

فإنه منادى مفرد ونوّنه ضرورة، فأما الخليل(ت786 م) وسيبويه (ت 180هـ- 796م) والمازني (ت 247هـ) فيختارون أن ينوّنونه مرفوعا، ويقولون: لمّا اضطررنا إلى تنوينه نوّناه على لفظه، وعلى هذا كان يذهب الفرّاء ويختاره، وأمّا عمرو بن العلاء ويونس بن حبيب... فينشدونه: سَلاَمُ اللهِ يَا مَطَراً عَلَيْهَا

"بالنصب والتنوين ردّه التنوين إلى أصله، وأصله النصب..."[12].

ومن هذا يتبيّن أن اللغويين كانوا يعتمدون على النّحويين، ويعتدّون بأقوالهم في تفسير كلام العرب؛ لأنّ اللّغة تقتضي بالضرورة قوانين تسيّرها وتحفظ انتظامها، وهذا ما جعل عالما نحويّا كالزّجاج يعتمد على أقوال النحاة وهو بصدد شرح المعاني وبيان مزاياها اللغوية والبلاغية.

 ب. علاقة الصرف باللغة

لقد ظهر علم الصرف مع علم النحو وأصفى دليل نستشهد به على ذلك كتاب سيبويه الذي تناول في أحد عناوينه:" باب ما بنت العرب من الأسماء والأفعال غير المعتلة والمعتلة، وما قيس من المعتل الذي لا يتكلمون به، ولم يجئ في كلامهم إلا نظيره من غير بابه، وهو الذي يسميه النحويون: التصريف والفعل"[13]. ولم يلبث أن انفصل عنه بظهور كتاب التصريف للمازني (ت 247هـ) الذي جاء ضمن المنصف وهو شرح له، وبعده توالت المؤلفات التي استعملت مصطلح التصريف[14] إلى أن صار علم الصرف[15].

والحديث عن لفظة الصرف يقتضي منا تعريفها في وضعها اللغوي، وقد عرفها ابن منظور بقوله:"ردّ الشيء عن وجهه... والصرف: أن تصرف إنسانا عن وجه يريده إلى مصرف غير ذلك، وصرّف الشيء : أعمله في غير وجه كأنه يصرفه عن وجه إلى وجه"[16]. أما في وضعها الاصطلاحي فهي العلم الذي يعنى ببنية الكلمة في ذاتها، أي إجراء تغيير في تلك البنية بصيغتها المؤلفة من الحروف والحركات[17].

وقد قسم العلماء هذا العلم إلى قسمين: الأوّل عملي والثّاني علمي، فالأول يختص بتحويل اللفظة الواحدة إلى صيغ مختلفة المعاني كتحويل الفعل من الماضي إلى المضارع والأمر، وإلى اسم الفاعل، وإلى غيرها من المشتقات، ينضاف إلى ذلك تحويل اللفظة الواحدة إلى صيغ لغير معنى كالزيادة والحذف والإدغام؛[18] أما الثاني فلا يخرج عن تلك القواعد التي تساعد الدارس على معرفة أحوال بنية الكلمة.[19]

وفائدة علم الصرف لم تخف على أحد من العلماء، فهو يحفظ اللّسان من الخطأ في تركيب الألفاظ الصحيحة بفضل ما يوفره من قواعد لغوية، الأمر الذي جعل الحاجة إليه ماسة، وكان لزاما على المشتغل باللغة أن يكون ذا علم ودراية بقواعدها الصرفية والنحوية، وأصفى شاهد نقدمه لتأكيد هذا الفهم قول ابن جني:"يحتاج إليه جميع أهل العربية أتم حاجة، بهم إليه أشدّ فاقة؛ لأنّه ميزان العربية"[20]، ولهذا عُدَّ علم الصرف أساسا في فهم أساليب اللغة العربية، وأكد السيوطي (ت 911هـ) هذه الحقيقة بقوله:" إنّ من فاته علمه فاته المعظم".[21]

ج. علاقة النحو بالصرف

في ضوء ما سبق يتبين لنا أن علم النحو يدرس خصائص التراكيب اللغوية وكيفياتها واستعمالاتها للوقوف على طبيعة العربية وسنن القول فيها، وفي ضوء هذا الفهم يكون النحو مفهوما قائما في الفكر الجماعي للأمة الناطقة؛ لأنه يشكل تلك الذاكرة المشتركة الموجودة بالقوة في أذهان أفراد الأمة الناطقة ذات خصائص ثقافية وحضارية متجانسة، وجاء في حاشية الصبان أن "النحو له حقيقة في نفسه سواء علم أو لم يعلم"[22]، إذ لا يكون الكلام كلاما ولا تصدق عليه هذه الصفة إلاّ إذا أفاد، ولا يفيد إلاّ إذا كان جاريا على طبيعة اللغة ومناحي أهلها في القول، وهذه المناحي والكيفيات هي النحو، ولا يمكن تصور انصراف الكلام المفيد عن النحو، وأما علم الصرف فهو فرع متمم للنحو، ولا يجوز الاستغناء عنه؛ لأنه يحدد دلالة الكلمة من خلال تغير بنائها.

ونلفي أبا علي الفارسي (ت 377هـ) يبين الفرق بين العلمين في قوله:"النحو علم بالمقاييس المستنبطة من استقراء كلام العرب. وهو ينقسم إلى قسمين: أحدهما تغير يلحق أواخر الكلم والآخر يلحق ذوات الكلم وأنفسها"[23] أراد بالأول النحو وبالثاني الصرف، وذهب الأسترباذي (ت 688هـ) في شرح الشافية إلى"أنّ التصريف جزء من أجزاء النحو بلا خلاف من أهل الصناعة"[24].

2. الصناعة المعجمية

تعتبر المراحل الثلاثة لتدوين اللّغة بداية التأليف المعجمي عند العرب، ولقد كان لكل مرحلة خصوصياتها؛ فالمرحلة الأولى هي مرحلة الجمع غير المنظم، ولقد بدأت منذ أواخر القرن الأول الهجري لتستغرق مدة قرن تقريبا، وكان علماء اللّغة في هذه المرحلة يأخذون الألفاظ من أفواه عرب الصحراء المعروفين بفصاحتهم، والذين لم يختلطوا بعد بالأعاجم، ويكاد الاتفاق ينعقد على أنهم أخذوا اللّغة من القبائل الآتية: أسد، قيس تميم، وهذيل، وهذا ما أشار إليه السيوطي في قوله: "والذين عنهم نقلت اللّغة العربية وبهم اقتدي، وعنهم أخذ اللسان العربي من بين قبائل العرب هم قيس، تميم، أسد، فإن هؤلاء هم الذين عنهم أكثر ما أخذ ومعظمه، وعليهم اتّكل في الغريب والإعراب والتصريف، ثم هذيل، وبعض كنانة، وبعض الطائيين، ولم يؤخذ عن غيرهم من سائر قبائلهم"[25].

لقد تمّ تحديد الخريطة الجغرافية التي أخذت منها اللّغة العربية -ولا غرابة في ذلك- لأن العرب كانوا شديدي الحرص على لغتهم، ولقد تواترت الأخبار عنهم، أنهم كانوا يتذوّقون ما يسمعون، ويحكمون عليه بالجودة أو الرّداءة.

لقد حرص العرب على سلامة اللّغة من اللّحن، واكتساب الملكة اللّغوية بالفطرة والسليقة، وإرسال أبنائهم إلى البادية لاكتساب الفصاحة؛ كل ذلك يجعلنا نصدّق، بل نجزم بأنّ اللّغة العربية التي وصلتنا جمعت في عصور الاحتجاج قد كانت مواطنها بعيدة عن الاحتكاك الأجنبي، كما أننا نميل إلى القول بأنّ ما وصلنا من كلام العربّ جزءا ضئيلا بالقياس إلى اللّغة عامة، ولذلك يقول ابن سلاّم: "ما انتهى إليكم مما قالت العرب إلاّ أقلّه، ولو جاءكم وافرا، لجاءكم علم وشعر كثير."[26]

ويعدّ أبو عمرو بن العلاء (ت 154هـ)من روّاد هذه المرحلة، وقد كان يستنطق الأعراب ويطيل الاستماع إليهم؛ أما المرحلة الثانية، فقد بدأت بتدوين الألفاظ في رسائل متفرقة عرفت قدرا كبيرا من التنظيم، ومنهجية في التأليف، كجمع الألفاظ التي تشترك في حرف واحد مثلا، أو الألفاظ الأضداد، أو التي ألفت في مثلث الكلام كمثلث قطرب (ت206هـ)[27]، ومنها ما ألّف في موضوع واحد كموضوع اللبإ واللبن، والأمطار، والخيل، والإبل.

واعتمد أصحاب المرحلة الثالثة على المرحلتين السابقتين، وتعتبر أكثر شمولية واتساعا، وبرز فيها تخصص جديد يختلف عما جمع في المراحل السابقة فهو ليس بأدب ولا رواية شعر، ولا جمع أخبار، وإنما تأليف معجمي، حاول أصحابه أن ينحوا نحو التجريد لنقل أكبر عدد من ألفاظ اللّغة العربية وشرحه شرحا دقيقا.

لقد ابتكر الخليل بن أحمد الفراهيدي أول معجم عربي في النصف الثاني من القرن الثاني الهجري، وسمّاه كتاب العين، من باب تسمية الكل بالجزء، ثم حذا حذوه في هذه الصناعة الجديدة عدد من العلماء، فأغنوا المكتبة العربية بتآليفهم المعجمية التي أمدّت الدارسين العرب على مرّ العصور بفيض غزير من الكلام العربي في شكل ألفاظ وتراكيب، واستعمالات شتى؛ وتعتبر المعاجم سواء منها معاجم الألفاظ أو معاجم المعاني تحولات راقية شهدها الفكر العربي نحو استكمال حضاري شامل بوصفها موسوعات علمية وأداة تربوية تعليمية.

وتعتبر المعجمات العربية زاد الباحث في اللّغة والأدب والاجتماع وعلم النفس وفلسفة اللّغة، وهي في ثروتها اللغوية التي تمدّنا بطاقات هائلة من الألفاظ، تساعدنا على التعبير عن أرقى المعاني الحضارية الحديثة في أساليب متنوعة، فهي وعاء فكري ومخزون لغوي تعتمد عليها الدراسات اللغوية الحديثة.

ومن أهمّ هذه المعاجم "لسان العرب" الذي يعدّ عملا موسوعيّا ضخما استطاع صاحبه أن يستفيد من التجارب التي سبقته في هذا المجال، واعتبرها مصادر أساسية لابدّ من اللجوء إليها ليكتمل العمل المعجمي الذي قدّمه ويتّصف بالشمولية والإحاطة، وهي:

 أ- تهذيب اللّغة للأزهري (ت 370 هـ).

 ب- تاج اللّغة وصحاح العربية للجوهري (ت 393 هـ).

 ج- المحكم والمحيط الأعظم في اللّغة لابن سيده (ت 458 هـ).

 د- التنبيه والإيضاح عمّا وقع في الصحاح لابن بري (ت 582 هـ).

 هـ- النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير (ت 606 هـ).

أما منهجه في جمع المادة اللغوية حسب ما يتبين للدارس وهو يتصفح هذا العمل الضخم (لسان العرب) فهو كالآتي:

لقد درس ابن منظور[28] هذه المعاجم الخمسة التي سبقته وفهم محتوياتها، وألّف في ضوئها معجمه المشهور، فهو من حيث اختيار المادة اللّغوية ناقل لا مبتكر، أما ابتكاره فيتمثل في أنه قد أخذ من كل معجم ما رآه يفضل به، يقول: "ورأيت علماءها بين رجلين: أمّا من أحسن جمعه، فإنه لم يحسن وضعه، وأمّا من أجاد وضعه، فإنه لم يجد جمعه، فلم يفد حسن الجمع مع إساءة الوضع، ولا نفعت إجادة الوضع مع رداءة الجمع"[29].

وهكذا أراد المؤلف أن يجمع بين الحسنين، حسن الوضع وحسن الجمع، أي سلامة العرض من حيث التبويب والتنظيم والاستيعاب والاستقصاء، وقد وجد طريقة الجوهري أفضل طرق الوضع، فاعتمدها وعلى هذا الأساس تحدث الجوهري قائلا: "أودعت هذا الكتاب ما صحّ عندي من هذه اللّغة، على ترتيب لم أسبق إليه، وتهذيب لم أغلب عليه."[30]، فضّل الجوهري التهذيب والاختصار في صحاحه وبيّن ترتيبه الذي أقامه على فكرة الباب والفصل، وجاء ابن منظور فأدرج معجمه المذكور على نهج الجوهري[31]. استمد هذا المنهج عناصره من أسلوب القافية كما في الشعر، وهو الأساس الذي بني عليه اللسان، ونظر إلى كتب اللّغة غزيرة المادة كتهذيب الأزهري الذي وصفه بقوله: "كتابي هذا وإن لم يكن جامعا لمعاني التنزيل وألفاظ السنن كلها، فإنه يحوز جملا من فوائدها ونكتا من غريبها"[32].

ولم يجد صاحب اللسان أجمل من تهذيب اللّغة للأزهري، ولا أكمل من المحكم لابن سيده وهما من أمهات كتب اللّغة على التحقيق، وهذا ابن سيده(ت 458ه) يصف كتابه: "إن كتابنا هذا مشفوع المثل بالمثل، مقترن الشكل بالشكل، لا يفصل بينهما غريب، ولا أجنبي بعيد ولا قريب، مهذّب الفصول، مرتّب الفروع بعد الفصول"[33]؛ يعتمد معجم ابن سيده التقليب الصوتي، ويمتد بترابط أشكاله إلى جذور المادة المعجمية لينقل بعيدها وقريبها من الألفاظ والمعاني على أساس الفرع والأصل.

واعتمد أيضا صاحب اللسان على كتابين هامين أوّلهما كتاب التنبيه والإيضاح الذي كان ابن منظور يرى في تعليقات وتنبيهات ابن بري على الصحاح تصويبات واستدراكات، تنصبّ على الروايات اللغوية؛ وثانيهما النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير الذي وصف كتابه قائلا: "وجدت في الحديث كلمات كثيرة في أوائلها حروف زائدة، قد بنيت الكلمة عليها حتى صارت كأنها من نفسها، وكان يلتبس موضعها الأصلي على طالبها...فرأيت أن أثبتها في باب الحرف الذي هو في أوّلها، وإن لم يكن أصليّا، ونبّهت عند ذكره على زيادته."[34]

لقد بذل ابن منظور جهدا كبيرا حتى أخرج لنا كتابا من أكبر معجماتنا اللغوية وأكثرها جمعا لألفاظ اللّغة، وأوفاها شرحا لمختلف المعاني التي تعبّر عنها هذه الألفاظ لأن صاحبه عُنِيَ بتفسير المفردات على أفصح اللغات[35]، في هذا الصدد قال المرتضى الزبيدي(ت 1374ه) في مقدمة كتابه: "إن اللسان يشتمل على ثمانين ألف مادة، وتحت كل مادة كثير من المشتقات، وهذه المشتقات من الصعب تعدادها في اللّغة العربية لكثرتها."[36]

وهذا مما يدلّ على أنّ ابن منظور قد استوعب قدرا كبيرا من المادة اللغوية التي حوتها تلك المعاجم التي اعتمدها، وساعده على ذلك ميله وشغفه بدراسة المطوّلات وتلخيصها.

3. أهمية النّحو في المعاجم العربية

كان يهدف أصحاب المعاجم إلى تحقيق عدّة وظائف من أبرزها تأكيد صحّة اللسان في عصر الرواية بخاصة، وضبط دلالة الكلمة وتأثيلها، كما كان جلّ همّهم ينحصر في تسجيل مفردات اللّغة العربية برمّتها، وكذا كان عليهم أن يبرهنوا على وجود المفردات النادرة التي يريدونها في معاجمهم، ومنهم من اعتمد كثرة الشواهد تأكيدا لصحة اللّغة والقواعد النّحوية أكثر من تأكيده على الاستخدامات الدلالية المتنوعة للمفردة [37].

ولم ينتهج مؤلفو المعاجم طريقة معينة في معالجة المادة اللغوية، وإنما جمعوا بين عدّة طرق، فهم يفسّرون اللفظ بلفظ آخر يؤدي معناه، أو بلفظ فأكثر، ويذكرون بعض أوجه استعمالاته عند العرب في المنظوم والمنثور، قصد تعزيز الاستعمال الفعلي للكلمة وهي مدمجة في خطاب ضمن النظام اللساني.

ولقد أدرك رواد المعاجم القدماء أهمية الشاهد النّحوي منذ البدايات الأولى لنشأة المعاجم، واعتبروا استعماله يعزّز عملهم، ويدعّم قصدهم، فكانوا يلجأون إلى بيان إعراب اللفظ الذي هم بصدد شرحه من خلال الأمثلة والشواهد التي يرد فيها، إيمانا منهم أنّ الوظيفة النّحوية للكلمة في سياق الجملة تبيّن وتوضّح معناها، يقول محمد أحمد أبو الفرج: "وكثير من اللّغويين يعقدون صلة بين دراسات النّحو وبين المعنى ويجعلون دراسة اللّغة في النّحو"[38].

ذلك أن النّحو لازم للكلام المركب وغايته إظهار الفروق في المعاني، ولا يمكن الاستغناء عنه -أبدا- وخاصة إذا كان تركه قد يؤدي إلى فساد المعنى أو إلى اللبس ولهذا السبب لجأ المعجميون القدامى إلى توظيف النّحو لضبط اللّغة، فتظل مؤدية دورها ووظيفتها الطبيعية، وذلك أنّ النّحو يبيّن كيفية تأدية المعنى، فالدلالة النّحوية الموقعية-غالبا- ما تنبني على المعنى الذي يختص به اللفظ في السياق اللغوي، وهذا ما عبّر عنه ابن يعيش(ت643هـ) بقوله:"لأنّ الاسم إن كان وحده مفردا من غير ضميمة إليه، لم يستحق الإعراب لأن الإعراب إنما يؤتى به للفرق بين المعاني، فإذا كان وحده كان كصوت تصوت به فإذا ركّبته مع غيره تركيبا تحصل به الفائدة، نحو قولك: زيد منطلق، وقام بكر، فحينئذ يستحق الإعراب لإخبارك عنه."[39]

يتبيّن لنا أن الكلمة المفردة إذا لم يتمّ ربطها بغيرها من الكلمات، فلا تزيد عن كونها صوتا نصوت به، إذ لا فائدة خبرية ولا بلاغية ولا سمة نحوية، وإنما تظهر فيها الفائدة الإخبارية والصفات النّحوية عند دخولها في الجملة وتأليف الكلام.

وسنحاول الوقوف عند بعض الشواهد التي لجأ ابن منظور فيها إلى الاستعانة بالقواعد النحوية والصرفية على الترتيب:

 أ. النحو في لسان العرب

ولقد انتهج ابن منظور كل هذه الطرق في معجمه، والذي يعنينا منها أنه ركّز كثيرا على الوظيفة النّحوية للكلمة التي هو بصدد دراستها، لذلك جاء معجمه حافلا بشتى المسائل النّحوية، وهذا ما يجعلنا نميل إلى القول بأن رواد الصناعة المعجمية قد وجدوا أمامهم ثروة من الدراسات النّحوية والأدبية فاستعانوا بها على توضيح معاني الألفاظ، وما يعتورها من دلالات قد تختلف باختلاف موقع الكلمة في الجملة، وبالنظر إلى العلاقة الناشئة بينها وبين غيرها، فالنّحو في حقيقته هو توضيح للوظائف الدلالية التي تؤديها الكلمات في التركيب اللغوي بالاعتماد على العلاقات التي تربط بعضها ببعض[40].

ولا شكّ بأن أصحاب المعاجم عندما لجأوا إلى النّحو أحيانا، وهم بصدد تفسير ألفاظ اللّغة، قد كانوا على بيّنة من أمرهم، وذلك أنّ ألفاظ اللّغة ترتدي من الدلالات النّحوية ما يحمّله إيّاها التركيب اللغوي.

ولكي نبيّن حاجة المعجمي إلى النّحو يمكن الرجوع إلى اللسان للاستشهاد بنموذج من نماذجه الكثيرة، وليكن: تساكر الرجل: أظهر السكر واستعمله؛ قال الفرزدق:

أَسَكْرَان كَانَ اِبْنَ المرَاغَةِ إِذَا هَجَا      تَمِيماً بِجَوْفِ الشَّامِ، أَمْ مُتَسَاكِرُ

فابن منظور كان بصدد معالجة لفظتي سكران ومتساكر في مادة سكر فقال: "تقديره: أكان سكران ابن المراغة، فحذف الفعل الرافع وفسّره بالثاني فقال: كان ابن المراغة؛ قال سيبويه: فهذا إنشاد بعضهم وأكثرهم ينصب السكران ويرفع الآخر على قطع وابتداء، يريد أن بعض العرب تجعل اسم كان سكران ومتساكر وخبرها ابن المراغة وقوله: وأكثرهم ينصب السكران ويرفع الآخر على قطع وابتداء يريد أن سكران خبر كان مضمرة تفسّرها هذه المظهرة، كأنّه قال: أكان سكران ابن المراغة، كان سكران ويرفع متساكر على أنه خبر ابتداء مضمر، كأنه قال: أم هو متساكر."[41]

ففي هذا الشاهد أدرك صاحب المعجم أن الغاية الأساسية من الشاهد الفهم، إذ لا فائدة منه ما لم يؤدّ هذا الغرض الهام، ولهذا راح يلجأ إلى النّحو لتوضيح الدلالة وكشف غموضها واستكناه معناها الخفي؛ لأن في المعنى تكمن العلاقات التي تفسّر الدلالات ولقد قال السّكاكي في هذا الشأن: "علم النّحو هو أن تنحو معرفة كيفية التركيب فيما بين الكلم لتأدية أصل المعنى مطلقا بمقاييس مستنبطة من استقراء كلام العرب، وقوانين مبنية عليها.    

والأصل في ترتيب الجملة الفعلية أن يذكر الفعل ثم الفاعل ويليهما المفعول به إن كان الفعل متعديا، وهذا هو الترتيب الطبيعي للفاعل[42]؛ والأمثلة التي أوردها صاحب اللسان حول هذه المسألة قول ساعدة بن جؤية[43]:

صَبَّ (اللَّهِيفُ) لَهَا السُّبُوبَ بِطَغْيَةٍ   تُنْبِي العُقَابَ، كَمَا يُلَطُّ المِجْنَبُ

ذكر صاحب اللسان قول ابن سيده[44]: "يجوز أن يكون (اللهيف) فاعلا بصبَّ"[45].

الملاحظ في هذا المثال محافظة الفاعل على رتبته الأصلية، وجاء بعد الفعل مباشرة.

واجتزأت المثال الثاني في هذا المضمار متمثل في قول الشاعر:

حَتَّى كَأَنْ لَمْ يَكُنْ إِلاَّ (تَذَكُّرُهُ)      وَالدَّهْرُ أَيَّتَمَا حِينٍ دَهَارِيرُ

أورد صاحب اللسان توضيح ابن بري حول قول الشاعر بأنّ "يكن" تمامة     و "تذكره" فاعل بها، ويصبح الكلام كأن لم يكن إلاّ تذكّره [46].

جاء الشاعر بـ (كان) التامة الدالة على الحدث والوجود، والمكتفية بفاعل مستعملا في ذلك الحصر المستفاد من (لم...إلا...) والمعنى يحدث ويوجد تذكره[47].

والأصل في الفاعل أن يكون مرفوعا وجوبا لفظا ومحلا[48]؛ ومن الأمثلة التي عثرت عليها في اللسان في هذا المضمار قول حسان بن ثابت[49]:

وَلأَنْتِ أَحْسَنُ، إِذَا بَرَزْتِ لَنَا        يَوْمَ الخُرُوجِ بِسَاحَةِ القَصْـرِ

مِنْ دُرَّةٍ بيضَاءَ صَافِيَـــةٍ         ممِاَّ تَرَبَّبَ (حَـائِرُ) البَحْرِ

اعتمد صاحب اللسان في هذا المثال توضيح حواشي الصحاح: "الهاء العائدة على مما محذوفة، تقديره: مما تربّبه حائر البحر، يقال ربّبه، وتربّبه بمعنى"[50].

بين ابن بري أن لفظة (حائر) مرفوعة الموضع، وهي مما يشتبه فيه بين الفاعلية والمفعولية، ولرفع هذا الالتباس أوضح أن حائر فاعل لفعل تربّب والهاء العائدة على ما محذوفة، وحينئذ فالمعنى مستقيم، وهو تشبيه المرأة في بياضها وصفائها بالدّر ة التي رباها مجتمع الماء في قاع البحر.

واخترت المثال الثاني في هذا المضمار من قول حصين بن حمام المرّي[51]:

فَلَسْنَا عَلَى الأَعْقَابِ تَدْمَى كُلُومُنَا      وَلَكِنْ عَلَى أَقْدَامِنَا يَقْطُرُ (الدَّمَا)

نقل  صاحب اللسان توضيح ابن بري: "و(الدما) في موضع رفع بيقطر وهو اسم مقصور"[52].

هذا المثال استدل به المبرد[53] على أنّ أصل الدم (فَعَلَ) بتحريك العين ولامه ياء محذوفة كدليل، وأن الشاعر اضطر وأخرجه على أصله وجاء به على الوضع الأول الدمى بفتح الدال فاعل يقطر والضمة مقدرة على الألف لأنها لام اسم مقصور[54].

والأصل في الفاعل وجوب الرفع لفظا ومحلا كما سبقت الإشارة إليه، إلا أنه قد يجر لفظا لا محلا في مواضع[55]؛ ومن الأمثلة التي وقفت عليها في اللسان حول هذه المسألة قول لبيد بن أبي ربيعة[56]:

حَتَّى تَهَجَّرَ فِي الرَّوَاحِ، وَهَاجَهُ           طَلَبُ (المُعَقِّبِ) حَقَّهُ المَظْلُومُ

استدل صاحب اللسان بقول الجوهري[57]: (المعقب) خفض في اللفظ، ومعناه أنه فاعل[58].

جاء الفاعل مضافا إلى المصدر، ويكثر هذا في حالات استبدال المصادر بالأفعال وفي هذا الشأن يقول ابن جني: "فأنت إذا أضفت المصدر إلى الفاعل جررته في اللفظ واعتقدت مع هذا أنه في المعنى مرفوع...كما تصوّرت في المجرور معنى الرفع"[59]. والشاهد في البيت هو أن لفظة (المظلوم) وردت بالرفع وهي نعت للمعقب المجرور لفظا والمرفوع محلا على أنه فاعل المصدر (طلب)، وفي هذه الحالة يكون الشاعر قد أتبع النعت بمنعوته على المحل.[60]

والمثال الثاني الذي وقفت عليه في اللسان في هذه المسألة قوله تعالى: {لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ إِيلاَفِـ(هِمْ) رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ}[61].

نقل صاحب اللسان ما جاء في الصحاح وهذا نصه: "فيمن جعل الهاء مفعولا، ورحلة مفعولا ثانيا، وقد يجوز أن يكون المفعول هنا واحدا على قولك: آلفت الشيء كألفته وتكون الهاء الميم في موضع الفاعل، كما تقول: عجبتُ من ضربِ زيدٍ عمراً"[62].

وهذا الشاهد تطرّق إليه بالدراسة كثير من اللّغويين والنحويين، وكانت تخريجاتهم كلها تصبّ في نفس الاتجاه، وهو الذي عبّر عنه الزمخشري بقوله: "نصب الرحلة بإيلافهم مفعولا به كما نصب يتيما بإطعام"[63]. وقال ابن خالويه[64]: "لإيلاف هو مصدر آلف، يُؤلِفُ، إيلافاً، فهو مؤلفٌ، مثل: آمن، يؤمن، إيمانا فهو مؤمنٌ"[65].

والملاحظ أن إيلاف هو مصدر آلف يؤلف إيلافا، وعمل عمل فعله، وأضيف إليه فاعله وهو "هم" الضمير المتصل به، و (رحلة) مفعول به، والتقدير: أَلفُوا رحلةَ الشتاءِ. 

يكون عامل المفعول المطلق فعلا من لفظه ومعناه معا، وقد يكون من معناه فقط كما سبقت الإشارة إليه، ومن الأمثلة التي وردت في اللسان في هذا المضمار قول كثير عزة[66] يصف أتانا:

تَلَقَّطَهَا تَحْتَ نَوْءِ السِّمَاكِ        وَقَدْ سَمِنَت (سَوْرَةً) وَانْتِجَاثَا[67]

نقل صاحب اللسان قول ابن سيده: (سَوْرَة) منتصب على المصدر، لأن سمنت في قوة سارت، أي تجمع سمنها[68].

في هذا البيت جاء المفعول المطلق متضمنا لمعنى الفعل، وهذا ما ينوب عن المصدر في أداء وظيفة المفعول المطلق المؤكد لعامله لأن الوظيفة في الأساس هي للمصدر قبل غيره.

ومن الأمثلة التي وقفت عليها في اللسان في هذا المضمار قول عمر بن أبي ربيعة[69]:

قَالَتْ: وَعَيْشِ أبِي وَحُرْمَةِ إِخْوَتِــي  لأُنَـبِّهَنَّ الحـَيَّ، إِنْ لـَمْ تَـخْـرُجِ!

فَخـَرَجْتُ خِيفَةَ قَولِهَا فَتَبَسـَّمَـتْ    فَعَلِمْتُ أَنَّ يـَمِينَهـَا لَمْ تُـحْــرَجِ

فَلَثَمْـتُ فـَاهَـا آخـِذاً بِقُُونِهَـا        (شُرْبَ) النَّزِيفِ بِبَرْدِ مَاءِ الحَشْـــرَجِ[70]

اعتمد ابن منظور توضيح ابن برّي: "ونصب (شرب) على المصدر المشبه به لأنه لما قبلها امتص ريقها، فكأنه قال: شربت ريقها كشرب النزيف للماء البارد[71].

وردت لفظة (شرب) مفعولا مطلقا، وعلة ذلك أن الشاعر حمل الفعل (لثم) على معنى شرب لاستلزام أحدهما الآخر في هذا السياق، ثم بنى عليه المصدر المنصوب (شرب) ليكون مفعولا مطلقا، أو أن يقدر العامل محذوفا فيكون التقدير فلثمت فاها أشرب ريقها شرب النزيف للماء البارد فأضمر الفعل ودل عليه الظاهر.

إن الأمثلة الدالة على المصدر المتضمن معنى العامل الواردة في اللسان غير كثيرة ودرست منها المثالين السابقين، أما الباقي فبينت مواضعه في اللسان ومصادره[72].

إن الكلمات التي تصلح أن تنوب عن المصدر كثيرة، منها ما يصلح للإنابة عن المصدر المؤكد وقد ينوب عن المصدر المبين أيضا إذا وجدت قرينة تعيّن المصدر المبيّن المضمر ومنها ما لا ينوب عن المصدر المؤكد ولكنه ينوب عن غيره من باقي أنواع المصادر. ومن الأمثلة التي أوردها ابن منظور في هذا المضمار قول الراعي[73]:

كَهُدَاهِدٍ كَسَرَ الرُّمَاةُ جَنَاحَهُ       يَدْعُو بِقَارِعَةِ الطَّرِيقِ (هَدِيلاَ)[74]

ذكر صاحب اللسان تنبيه ابن برّي (الهديل صوته)، وانتصابه على المصدر على تقدير يهدل (هديلا)، لأن يدعو يدل عليه[75].

العامل فيه هو الفعل يدعو، والهدهد طائر معروف وصوته هو هدهدته ويدعو بمعنى يهدل.

ليحترز بها من الخطإ في التركيب".[76]  

ب. الصرف في لسان العرب

بعد تناول ما له علاقة بعلم النحو في معجم لسان العرب، فإنّنا سنحاول الوقوف عند بعض الشواهد الخاصة بالصرف بوصفه علما يختص بالأسماء والأفعال التّي يحدث فيها التصرّف من بنية إلى أخرى، ومنه ما ورد في شأن زيادة الهمزة التّي عبّر عنها القدماء بالألف:"وهي على ضربين: ألف الوصل وألف القطع. فكل ما ثبت في الوصل فهو ألف القطع، وما لم يثبت فهو ألف وصل، ولا تكون إلاّ زائدة، وألف القطع قد تكون زائدة مثل ألف الاستفهام، وقد تكون أصلية مثل أخذ         و أمر"[77]، والهمزة إذا رافقت ثلاثة أصول فهي زائدة في أول الكلمة وهذا يوافق قولهم: "إذا جاءت ثلاثة أحرف لا يشك في أنها من الأصول"[78]  

وذكر صاحب اللسان في موضع آخر عند ما تناول بالشرح كلمة " ضَهْيَأُ "، فقال:"وضهيأ  فعلأ، الهمزة زائدة كما زيدت في سَمْأَلٍٍٍٍ وفي غِرْقِىءِ البيض، قال: ولا نعلم الهمزة زيدت غير أوّلٍ إلاّ في هذه الأسماء ... قال ابن جني:امرأة ضهيأةٌ وزنها فعلأة لقولهم في معناها ضَهْيَاءُ، وأجاز أبو إسحاق في همزة ضَهْيَأَة أن تكون أصلا وتكون الياء هي الزائدة، فعلى هذا تكون الكلمة فَعْيَلَةً، وذهب في ذلك مذهبا من الاشتقاق حسنا لولا شيئ اعترضه، وذلك أنه قال يقال ضاهيت زيدا و ضاهأت زيدا، بالياء والهمزة"[79] .فصاحب اللسان اعتمد على هذه الآراء بغية شرح كلمة "ضهيأ"، والغاية الأساسية هي الفهم ، ومن ثم يأتي ببعض الشواهد من كلام العرب شعره ونثره قصد التأثيل لها، ولهذا كان يلجأ لعلم الصرف لدفع الغموض والوقوف على المعنى الإجمالي للكلمة.

وفي موضع آخر يورد صاحب اللسان ما نجده في اللغة:"النِّسبةُ والنُّسبةُ والنَّسبُ: القرابة"[80]. ويعني في الاصطلاح إلحاق ياء مشددة في آخر الاسم من الآباء أو البلاد أو الصناعة[81].

والنسب إلى ما جاء على فعيلة نحو : عشيّة وتحيّة هو : عَشَويٌّ وتَحَوِيٌّ بحذف إحدى الياءين وقلب الأخرى واوا[82]. والسبب في ذلك أنهم يستثقلون تتابع الياءات فيخففون.[83]

أما مثال ما تغيرت فيه الحركة مع الحذف، ولا قياس له، قولهم في النسب إلى الخريف: خَرْفِيّ وخَرَفِيّ[84]، ومثال ما قلبت فيه الحركة الحرف معا النسب إلى  هَدْأَة : هَدَوِيّ[85]، البادية : بَدَوِيّ[86]، حيّة وحَيَوِيّ[87]، ومثله: قرية وقرَويّ[88]، ومنه ما تغيرت حركته مع الحرف والحذف في نحو: الشتاء، قالوا: شَتَوِيّ وشَتْوِيّ [89].

ولعلّ ابن منظور حين اعتمد النّحو والصرف في تفسير المعنى، قد رأى في هذين العلمين أهمّ وسيلة لتفسير المعنى، ولابدّ من الإشارة إلى أن النحاة قد اعتبروهما في المقام الأوّل مقياسا لصفة استعمال اللّغة؛ أمّا المعجميّون فقد ذهبوا إلى أعمق من ذلك، إذ استعانوا بهما على تفسير المعنى، وإنّهم بهذا الصنيع يسهمون إسهاما فعّالا في توضيح معاني الشواهد المعتمدة في معاجمهم.

لقد وجد ابن منظور أمامه ثروة من الدراسات المعجمية والنّحوية والصرفية فاستعان بها لإنجاز عمله الضخم (لسان العرب)، والحقيقة أن المعجم لا يمكن أن يستغني عن علوم اللسان العربي، فالمادة اللغوية التي يقدمها المعجمي تكون في صور نحوية وصرفية، كأن تكون فعلا ماضيا أو مضارعا مسندا إلى ضمير فاعل، أو مسلطا على اسم منصوب مفعول به أو يقدّم لنا اسما متصلا بأداة التعريف، أو منكّرا إذ اقتضى الأمر، وبعبارة أدقّ فإنّ المعجم يقدّم المادة اللغوية في أشكال من التراكيب والتعابير، أي في أنساق نحوية وإن لم يصرّح بذلك، فالمصرّح به لدى المعجميين هو ذكر الوظائف النّحوية الموقعية للألفاظ المراد شرحها بالفاعلية والمفعولية والحالية والبدلية والظرفية...فهذه كلها مواضع نحوية في عرف النحاة وهي نفسها وظائف دلالية لدى المعجميين. 

وكثرت الرواية في المعاجم عن النحاة باختلاف مدارسهم ومذاهبهم، وذكر آرائهم واختلافاتهم الإعرابية وما يتبعها من تأويلات معنوية كما هو الشأن في لسان العرب، وهذه الميزة تكاد تكون مشتركة بين جلّ المعاجم العربية القديمة.

ومن ههنا نخلص إلى أن علوم اللسان العربي تبيّن طريقة اللّغة في تأدية المعنى، فلا يمكن أن يتصوّر هذه المعاجم بدون هذه العلوم إلاّ بفساد نظامها وتقليص دورها العلمي والتربوي.

المصادر والمراجع

القرآن الكريم، برواية ورش، وزارة الشؤون الدينية، الجزائر، 1984.

د. الحديثي، خديجة، أبنية الصرف في كتاب سيبويه، بغداد، مكتبة النهضة، د.ط، 1385ه-1965م.

ارتشاف الضرب من لسان العرب لأبي حيان الأندلسي، تح د. مصطفى أحمد النحاس، القاهرة، مطبعة المدني، ط.1، 1987م.

الأعلام، قاموس تراجم لأشهر الرجال والنساء من العرب والمستعربين والمستشرقين: خير الدين الزركلي، بيروت، دار العلم للملايين،ط.6، 1984م.

الأمالي في المشكلات القرآنية والحكم والأحاديث النبوية لأبي القاسم عبد الرحمن القاسم الزجاج، بيروت، دار الكتاب العربي، د.ط،د.س .

الإيضاح في علل النحو لأبي القاسم الزجاجي، تح د. مازن المبارك، بيروت، دار النفائس، ط.4، 1982م.

بغية الوعاة في طبقات للغويين والنحاة لجلال الدين السيوطي، تح محمد أبو الفضل إبراهيم، مطبعة عيسى البابلي وشركاه، 1964م.

البيان والتبيين: أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ، دار الفكر للجميع، د.ط، 1968م.

تاج العروس من جواهر القاموس: أبو الفيض محمد المزنفي الزبيدي، بيروت، مكتبة دار الحياة، د.ط، 1960م.

تاج اللغة وصحاح العربية لإسماعيل بن حماد الجوهري، تح أحمد عبد الغفور عطال، بيروت، دار الملايين، د.ط، 1984م.

تقنيات التعريف بالمعاجم العربية المعاصرة: حلام الجيلالي، دمشق، من منشورات اتحاد الكتاب العرب، 1999م.

التكملة لأبي علي الفارسي، تح د. حسن شادلي فرهود، الجزائر، ديوان المطبوعات الجامعية، 1984م.

تهذيب اللغة لأبي منصور محمد بن أحمد الأزهري، تح عبد الكريم العربوي ومراجعة الأستاذ محمد علي النجار، الدار المصرية للتأليف والترجمة.

حاشية الصبان للشيخ محمد بن علي الصبان الشافعي على شرح الأشموني على ألفية ابن مالك، ضبطه وصححه وخرج شواهده إبراهيم شمس الدين، بيروت دار الكتب العلمية، منشورات محمد علي بيضون، ط.1، 1997م.

الخصائص: أبو الفتح عثمان بن جني، تح محمد علي النجار، دار الكتاب العربي.

خصائص العربية والإعجاز القرآني في نظرية عبد القاهر الجرجاني اللغوية: أحمد شمية، الجزائر، ديوان المطبوعات الجامعية، 1995م.

شرح الأشموني لألفية مالك المسمّى منهج السالك إلى ألفية مالك، تح عبد الحميد السيد محمدعبد الحميد، القاهرة، المكتبة الأزهرية للتراث.

شرح التصريف لعمر بن ثابت الثمانيني، تح د. إبراهيم بن سليمان البعيمي، الرياض، مكتبة الرشد،ط.1، 1994م.

شرح شافية ابن الحاجب لرضي الدين محمد بن الحسن الأسترابادي النحوي، تح الأساتذة محمد نور الحسن ومحمد الزفزاف ومحمد محي الدين عبد الحميد، بيروت، دار الكتاب العلمية، 1975م.

شرح المفصل: موفق الدين يعيش بن علي بن يعيش النحوي، بيروت، عالم الكتب.

طبقات فحول الشعراء لمحمد بن سلام الجمحي، تح محمود محمد شاكر، القاهرة، مطبعة المدني، 1974م.

في أصول النحو: سعيد الأفغاني، جامعة دمشق، ط.3، 1963م.

كتاب التعريفات للشريف الجرجاني، بيروت، دار الفكر، ط.1، 1997م.

كتاب سيبويه، تح عبد السلام هارون، بيروت، عالم الكتب، ط.3، 1983م.

كتاب عيون الأخبار لأبي محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري، بيروت، دار الكتاب العربي (طبعة مصورة عن طبعة دار الكتب المصرية، 1925م).

لسان العرب لابن منظور، بيروت، دار صادر، ط.3، 1994م.

اللغة ومعاجمها في المكتبة العربية: د. عبد اللطيف الصوفي، دمشق، طلاس للدراسات والترجمة والنشر، ط.1، 1986م.

المحكم والمحيط الأعظم في اللغة: علي بن إسماعيل بن سيدة، تح مصطفى السقا والدكتور حسن النصار، طبعة الحلبي، ط.1، 1958م.

المزهر في علوم اللغة وأنواعها للعلامة السيوطي، شرح وتعليق محمد جاد المولى بك ومحمد أبي الفضل إبراهيم وعلي محمد البجاوي، بيروت، منشورات المكتبة العصرية صيدا، 1987م.

المعاجم اللغوية في ضوء دراسات علم اللغة الحديث:د. محمد أحمد أبو الفرج، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، 1966م.

المعجم العربي نشأته وتطوره للدكتور نصار حسين، دار مصر للطباعة،ط.2، 1968م.

مفتاح العلوم للإمام أبي يعقوب يوسف بن أبي بكر محمد بن علي السكائي، تح نعيم زرزور، بيروت، دار الكتاب العلمية، ط.2، 1987م.

المقدمة لابن خلدون، بيروت مطبعة محمد عبد الرحمن محمد لنشر القرآن الكريم والكتب الإسلامية.

المنصف، شرح الإمام أبي الفتح عثمان بن جني النحوي لكتاب التصريف للإمام أبي عثمان المازني النحوي البصري، تح إبراهيم مصطفى وعبد الله أمين، القاهرة، دار إحياء التراث القديم، ط.1، 1954م.

النهاية في غريب الحديث والأثر للإمام مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري بن الأثير، تح طاهر أحمد الزاوي ومحمود محمد الطناحي، دار إحياء الكتب العربية، عيسى البابلي وشركاه، ط.1، 1963م.


الهوامش

[1] الإيضاح في علل النّحو لأبي القاسم الزجاجي، تح د. مازن المبارك، بيروت، دار النفائس، ط.4، 1982م، ص.95.

[2] سورة يوسف/02.

[3] سورة الشعراء/195.

[4] سورة الرعد/37.

[5]  الخصائص: أبو الفتح عثمان بن جني، تح محمد علي النجار، دار الكتاب العربي؛ ص.ص.1-34

[6] المصدر نفسه، ص.ص. 1-34.

[7] مفتاح العلوم للإمام أبي يعقوب يوسف بن أبي بكر محمد بن علي السكائي، تح نعيم زرزور، بيروت، دار الكتاب العلمية، ط.2، 1987م، ص. 75.

[8] المقدمة لابن خلدون، بيروت، مطبعة محمد عبد الرحمن محمد لنشر القرآن الكريم والكتب الإسلامية، ص.409.

[9] المصدر نفسه ص.409.

[10] كتاب عيون الأخبار لأبي محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري، بيروت، دار الكتاب العربي (طبعة مصورة عن طبعة دار الكتب المصرية، 1925م، 02-157.

[11] البيتان لإسحاق بن خالف النهراني (توفي نحو 230 هـ). ينظر الأعلام، 01/295.

[12] الأمالي في المشكلات القرآنية والحكم والأحاديث النبوية لأبي القاسم عبد الرحمن القاسم الزجاج، بيروت، دار الكتاب العربي، د.ط،د.س، ص.53.

[13] كتاب سيبويه، تحقيق عبد السلام هارون، بيروت، عالم الكتب، ط.3/1983م 4/242.

[14] لا يختلف معنى التصريف عن الصرف، فهما مترادفان ويجوز توظيف أحدهما بدل الآخر؛ لأن دلالتهما لا تخرج عن التغيير والتحويل والتبديل والقلب، ينظر المسائل الصرفية في لسان العرب ص.05.

[15] ينظر أبنية الصرف في كتاب سيبويه:د.خديجة الحديثي، بغداد، مكتبة النهضة، د.ط، 1385هـ-1965م، ص.27، والمسائل الصرفية في لسان العرب لابن منظور-جمعا ودراسة- رسالة ماجستير في اللغة العربية، إعداد لخضر عسال، سنة 2001م، (مخطوط) ص.07 .

[16] اللسان 9/189 (صرف).

[17] ينظر المنصف، شرح الإمام أبي الفتح عثمان بن جني النحوي لكتاب التصريف للإمام أبي عثمان المازني النحوي البصري، تح إبراهيم مصطفى وعبد الله أمين، القاهرة، دار إحياء التراث القديم، ط.1/1954م 1/3، وشرح التصريف لعمر بن ثابت الثمانيني، تح د. إبراهيم بن سليمان البعيمي، الرياض، مكتبة الرشد،ط.1/1994م، ص.211، وأبنية الصرف ص.23.

[18] ينظر ارتشاف الضرب من لسان العرب لأبي حيان الأندلسي، تح د. مصطفى أحمد النحاس، القاهرة، مطبعة المدني، ط.1/ 1987م، 1/13.

[19] ينظر شرح الأشموني لألفية مالك المسمّى منهج السالك إلى ألفية مالك، تح عبد الحميد السيد محمد عبد الحميد، القاهرة، المكتبة الأزهرية للتراث 4/404-405، وأبنية الصرف ص.23.

[20] المنصف 1/2.

[21] المزهر في علوم اللغة وأنواعها للعلامة السيوطي، شرح وتعليق محمد جاد المولى بك ومحمد أبي الفضل إبراهيم وعلي محمد البجاوي، بيروت، منشورات المكتبة العصرية صيدا،1987م 1/330.

[22] حاشية الصبان للشيخ محمد بن علي الصبان الشافعي على شرح الأشموني على ألفية ابن مالك، ضبطه وصححه وخرج شواهده إبراهيم شمس الدين، بيروت دار الكتب العلمية، منشورات محمد علي بيضون، ط.1/1997م 1/23.

[23] التكملة لأبي علي الفارسي، تح د. حسن شادلي فرهود، الجزائر، ديوان المطبوعات الجامعية/1984م ص03.

[24] شرح الشافية 1/6.

[25] المزهر 01/211.

[26] طبقات فحول الشعراء لمحمد بن سلام الجمحي، تح محمود محمد شاكر، القاهرة، مطبعة المدني/1974م، ص.59.

[27]  محمد بن المستنير بن أحمد أبو علي، الشهير بقطرب (ت206 هـ) نحوي، عالم بالأدب واللّغة، من أهل البصرة، من الموالي تلميذ سيبويه. ينظر الأعلام 07/95.

[28]  محمد بن مكرم بن علي، وقيل رضوان بن أحمد بن أبي القاسم بن حقة بن منظور الأنصاري الإفريقي المصري جمال الدين أبو الفضل، صاحب لسان العرب في اللّغة الذي جمع فيه بين التهذيب والمحكم والصحاح وحواشيه والجمهرة والنهاية، ولد في سنة 630 هـ، وسمع من ابن المقير وغيره، وجمع، وعمر، وحدّث، واختصر كثيرا من كتب الأدب المطولة كالأغاني والعقد والذخيرة ومفردات ابن البيطار، وترك بخطه نحو 500 مجلدا، وخذم في ديوان الإنشاء بالقاهرة، ثم وليّ القضاء في طرابلس وكان رئيسا فاضلا في الأدب، مليح الإنشاء، روى عنه السنيكي والذهبي وقال: تفرّد في العوالي وكان عارفا بالنّحو واللّغة والتاريخ، والكتابة، وعاد إلى مصر فتوفّي فيها سنة 711 هـ، ومن أشهر كتبه لسان العرب، جمع فيه أمهات كتب اللّغة، فكاد يغني عنها جميعا ومختار الأغاني، ومختصر مفردات ابن البيطار، نثار الأزهار في الليل والنهار وهو الجزء الأول من كتابه سرور النفس بمدارك الحواس الخمس، هذّب فيهما كتاب فصل الخطاب في مدارك الحواس الخمس لأولي الألباب لأحمد بن يوسف التيفاشي، وله لطائف الذخيرة، اختصر فيه ذخيرة ابن سبام الأندلسي ومختصر تاريخ دمشق لابن عساكر، ومختصر تاريخ بغداد للسمعاني، واختصار كتاب الحيوان للجاحظ، وأخبار أبي نواس، ومختصر أخبار المذاكرة ونشوار المحاضرة المنتخب والمختار في النوادر والأشعار، وله شعر رقيق. ينظر بغية الوعاة في طبقات للغويين والنحاة لجلال الدين السيوطي، تح محمد أبو الفضل إبراهيم، مطبعة عيسى البابلي وشركاه/1964م 01/248، والأعلام 07/108.

[29] مقدمة اللسان 01/07.

[30] تاج اللغة وصحاح العربية لإسماعيل بن حماد الجوهري، تح أحمد عبد الغفور عطال، بيروت، دار الملايين، د.ط/1984م 01/33.

[31] ينظر المعجم العربي، نشأته وتطوره للدكتور نصار حسين، دار مصر للطباعة،ط.2/1968م 02/496.

[32] التهذيب 01/05 وما بعدها.

[33] المحكم 01 والمحيط الأعظم في اللغة: علي بن اسماعيل بن سيدة، تح مصطفى السقا والدكتور حسن النصار، طبعة الحلبي، ط.1/1958م /07.

[34] النهاية في غريب الحديث والأثر للإمام مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري بن الأثير، تح طاهر أحمد الزاوي ومحمود محمد الطناحي، دار إحياء الكتب العربية، عيسى البابلي وشركاه، ط.1، 1963م، 01/11.

[35] ينظر اللّغة ومعاجمها في المكتبة العربية: د. عبد اللطيف الصوفي، دمشق، طلاس للدراسات والترجمة والنشر، ط.1، 1986م، ص.185..

[36] تاج العروس من جواهر القاموس: أبو الفيض محمد المزنفي الزبيدي، بيروت، مكتبة دار الحياة، د.ط، 1960م، 01/09.

[37]  ينظر الجيلالي، حلام، تقنيات التعريف بالمعاجم العربية المعاصرة، دمشق، من منشورات اتحاد الكتاب العرب، 1999م، ص.206.

[38]  المعاجم اللغوية في ضوء دراسات علم اللّغة الحديث:د. محمد أحمد أبو الفرج، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، 1966م، ص.13.

[39] شرح المفصل: موفق الدين يعيش بن علي بن يعيش النحوي، بيروت، عالم الكتب 01/49.

[40] ينظر خصائص العربية والإعجاز القرآني في نظرية عبد القاهر الجرجاني اللغوية: أحمد شمية، الجزائر، ديوان المطبوعات الجامعية /1995م، ص66.

[41] اللسان 04/373، والنص نفسه في المحكم 06/443.

[42] ينظر الكتاب 1/34، والمقتضب 4/102، والنكت 1/243، والمفصل ص.47، وشرح المفصل 1/75، والإرشاد إلى علم الإعراب ص101.، وارتشاف الضرب 1/180، وشرح شذور الذهب ص158.، وشرح ابن عقيل 2/76، والأشباه والنظائر 2/82.

[43] ساعدة بن جؤية بن كاهل، شاعر مخضرم، يراجع الأعلام، 3/70.

[44] علي بن إسماعيل، المعروف بابن سيده، أبو الحسن، إمام في اللغة وآدابها (ت458هـ). ينظر الأعلام 4/263.

[45] اللسان 9/322 س4/1، والمحكم 4/229.

[46] ينظر اللسان 4/294، والتنبيه والإيضاح 2/125.

[47] لمعرفة الفرق بين كان التامة والناقصة ينظر الكتاب 1/46، والمقتضب 4/116-117، والمفصل ص339، وارتشاف الضرب 2/77، والنحو الوافي 1/549.

[48] ينظر الكتاب 1/33، والمقتضب 1/08، والأصول في النحو 1/72، والنكت 1/243، والمفصل ص.47، وشرح المفصل 1/74، والإيضاح في شرح المفصل 1/157، وشرح الألفية ص218، والإرشاد إلى علم الإعراب ص101، وشرح شذور الذهب ص158، شرح ابن عقيل 2/74، وأوضح المسالك 1/335، وحاشية الصبان 2/52، والنحو الوافي 2/62.

[49] حسان بن ثابت بن المنذر الخزرجي الأنصاري، أبو الوليد (ت54 هـ)، شاعر الرسول -صلى الله عليه وسلم توفي بالمدينة، وله ديوان. ينظر الأعلام 2/175.

[50]  اللسان 1/402 س1/1، والتنبيه والإيضاح 1/79.

[51] حصين بن حمام المري من بني مرّة، جاهلي، ويعد من أوفياء العرب. ينظر الشعر والشعراء 2/542، والمعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية 2/823.

[52] اللسان 5/311 س16/2.

[53] محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الثمالي الأزدي، أبو العباس (ت286هـ)، إمام العربية بغداد في زمنه وإمام الأدب والأخبار. ينظر الأعلام 07/144.

[54]  ينظر شرح كافية ابن الحاجب 3/424، والأشباه والنظائر 3/113.

[55] ينظر المقتضب 1/13-14، والأصول في النحو 1/76، وأوضح المسالك 1/336، والأشباه والنظائر 2/210، وحاشية الصبان 2/61.

[56] لبيب بن ربيعة بن مالك العامري (ت41 هـ)، أحد الشعراء الفرسان الأشراف في الجاهلية، وفد على النبي -صلى الله عليه وسلم- ويعد من الصحابة، وله ديوان. ينظر الأعلام 5/240.

[57] إسماعيل بن حماد الجوهري، أبو نصر، لغوي، من الأئمة، أصله من فاراب (ت 393 هـ). ينظرالأعلام 1/313.

[58] اللسان 1/614 س20/1، والصحاح 1/186.

[59]  الخصائص 1/282.

[60] قال الزمخشري:" كأنه قال: طلبا المعقب حقه، ثم أضاف المصدر إلى المعقب وهو فاعل بدليل أنه قال المظلوم بالرفع حملا للوصف على الموضع، وإضافة المصدر إلى الفاعل أكثر من أن تُحصى". ينظر الإنصاف في مسائل الخلاف 1/232، وأورده ابن مالك وقال: "وتابعوا المجرور يجر على اللفظ. ينظر أوضح المسالك 2/246؛ وذكره جلال الدين السيطوي من باب المصدر المضاف إلى فاعله، ينظرالأشباه والنظائر 4/337، وفي المفصل قال: حمل الشاعر الصفة على محل الموصوف. ينظر المفصل ص278.

[61]  سورة قريش/1، 2.

[62]  اللسان 9/10 س4/1، والصحاح 4/1332.

[63]  الكشاف 6/256.

[64] الحسين بن أحمد بن خالويه، أبو عبد الله، لغوي من كبار النحاة (ت 370 هـ). ينظرالأعلام 2/231.

[65] كتاب إعراب ثلاثين سورة من القرآن الكريم ص195، والكشاف 6/256.

[66] كثير عزة بن عبد الرحمان بن الأسود بن عامر الخزاعي (ت105هـ) شاعر متيم مشهور من أهل المدينة، أكثر إقامته في مصر. ينظروفيات الأعيان 4/106، والأعلام 5/219.

[67] سورة: أي يسور فيها الشحم، بمعنى دار وارتفع، ينظر اللسان 4/385.

[68] اللسان 2/195 س1/2، والمحكم 7/260.

[69] عمر بن أبي ربيعة المخزومي القرشي أبو الخطاب، (ت93هـ)، أرق شعراء أصله، من طبقة جرير والفرزدق. ينظر وفيات الأعيان 3/436، والأعلام 5/52.

[70] النزيف: هو المحموم الذي منع من الماء، الحشرج: الماء العذب من ماء الحسيّ. ينظر اللسان 2/237.

[71] اللسان 2/237 س4/2، والتنبيه والإيضاح 1/198.

[72] الأمثلة اتلتي أوردها ابن منظور الدالة على المصدر المتضمن معنى العامل يمكن مطالعتها في اللسان 2/574 س17/1  واللسان 3/434 س9/2، والتنبيه والإيضاح 2/63، واللسان 4/99 س15/2، والتهذيب 15/80، واللسان 4/131 س25/1 والنهاية 1/259، واللسان 6/18 س15/1، واللسان 6/223 س27/1، والنهاية 4/356، واللسان 12/289 س15/2، والتهذيب 12/448، واللسان 12/535 س14/1، واللسان 14/422 س8/1، واللسان 15/32 س11/2، والتهذيب 3/108-109.

[73] هو عبيد بن حصين بن معاوية بن جندل النميري (ت 90 هـ) لقب بالراعي لكثرة وصفه الإبل. ينظر  الأعلام 4/188.

[74] المشبه بالهدهد الذي كسر جناحه هو رجل أخذ المصدق إبله بدليل قوله في البيت قبله:

            أَخَذُوا حُمُولَتَهُ فَأَصْبَحَ قَاعِداً      لاَ يَسْتَطِيعُ عَنِ الدِّيَارِ حَوِيلاَ

            يَدْعُو أمير المؤمـنــيــن دونـه      خَرْقٌ تَجُرُّ بِهِ الرِّيَــاحُ ذُيُولاَ

ينظر اللسان 3/434.

[75] المصدر نفسه 3/434 س9/2، والتنبيه والإيضاح 2/63.

[76] مفتاح العلوم ص53.

[77] اللسان 15/430 (آ).

[78] المنصف 1/100، وينظر شرح التصريف ص 238.

[79] اللسان 14/487 ( ضها).

[80] اللسان 1/755.

[81] ينظر المصدر  نفسه  1/755.

[82] ينظر االمصدر  نفسه  15/490.

[83] ينظر الكتاب  4/344.

[84] ينظر اللسان 9/63.

[85] ينظر المصدر نفسه1/181.

[86] ينظر المصدر نفسه 14/67.

[87] ينظر المصدر نفسه14/220.

[88] ينظر المرجع نفسه 15/178.

[89] ينظر المصدر نفسه 14/421.

Appels à contribution

logo du crasc
insaniyat@ crasc.dz
C.R.A.S.C. B.P. 1955 El-M'Naouer Technopôle de l'USTO Bir El Djir 31000 Oran

95 06 62 41 213+
03 07 62 41 213+
05 07 62 41 213+
11 07 62 41 213+

98 06 62 41 213+
04 07 62 41 213+

Recherche