التقسيم البلدي ورهانات التّصرف العمراني بتونس الكبرى


انسانيات عدد مزدوج 80-81| 2018 | الصحة في الحياة اليومية بالبلدان المغاربية| ص 41-63| النص الكامل


Faouzi ZERAI: Université de Tunis, Faculté des Sciences Humaines et Sociales de Tunis, Unité de Recherche Régionalisation et Développement Régional, 1007, Tunis.


مقدمة

انقسم التشبيك الإداري للبلاد التونسية إثر الاستقلال (1956)، إلى صنفين أساسيين: الأول إداري يرجع بالنظر للدّولة (الولاية والمعتمدية والعمادة) والثاني بلدي، كما تطوّرت التقسيمات في اتجاه تكثيف التشبيك والزيادة المتواصلة في عدد الوحدات الترابية (Hayder, 2002, p. 102).

تجدر الإشارة إلى أن البلاد التونسية قد شهدت بداية الظاهرة البلدية منذ أواسط القرن التاسع عشر، ببعث بلدية تونس في سنة 1858، ثم تتالى استحداث البلديات خلال فترة الاستعمار الفرنسي وبعد الاستقلال ليبلغ عددها 282 بلدية في مارس 2015[1]. لقد مثّلت عملية بعث بلديات جديدة بعد الاستقلال، إحدى الوسائل المعتمدة من قبل الدولة لتأطير السكان وتقريب الخدمات منهم، لاسيما بالمدن الصغيرة المفتقرة لأبسط المرافق الاجتماعية، أمّا بالمدن المتوسطة والكبيرة فتعتبر هذه الاستحداثات من آليات مواكبة التمدّد العمراني وارتفاع عدد السكان من أجل تقريب الخدمات منهم وتخفيف الضغط على مراكز المدن.

من ناحية أخرى، بلغت مسألة التقسيم البلدي ذروة أهميتها بالمجموعات الحضرية الكبرى لاسيما بالمدينة المليونية الوحيدة بالبلاد والمتمثلة في تونس العاصمة، نظرا لاختلال توزيع التجهيزات والشغل حسب مناطقها الترابية؛ إذ تتركز أغلب مواطن الشغل في قطاع الخدمات بقلب العاصمة والضواحي الشمالية مقابل تركّز أغلب الشغل الصناعي بالضواحي الجنوبية، أمّا الضواحي الغربية فوظيفتها الأساسية الفلاحة مع غلبة السكن غير القانوني[2] (DGAT, 1996, p. 73, 2010) والحاجة الماسّة إلى استثمار كل الإمكانات الماليّة والبشريّة بما يوفّر الخدمات والمرافق للسكان ويحدّ من مشاكل الحياة الحضرية وتعقّدها.

سنبيّن فيما يأتي إن كان التشبيك البلدي الحالي بتونس الكبرى يساعد على كسب الرّهانات المطروحة، ومنها الحوكمة الرّشيدة في التصرّف البلدي، وذلك من خلال التطرّق إلى علاقة التقسيم بالتّحكم في التمدّد العمراني والحدّ من الإقصاء الاجتماعي والتهيئة العمرانية، وسنبرز جدوى اتباع سياسة تجميع للبلديات الصغيرة من أجل تحكم أنجع في المجال وجدوى أكبر في التهيئة.

التشبيك الترابي بتونس الكبرى وتفاوت مكانة البلديات

شهد التشبيك الترابي لتونس العاصمة عدّة تغيرات منذ الاستقلال إلى يومنا هذا، نظرا لدورها الوظيفي بوصفها عاصمة سياسية واقتصادية للبلاد، وباعتبار نمو سكانها وتوسّع مجالها العمراني؛ فحتى مطلع الثمانينات انحصر ترابها في ولاية واحدة[3] (ولاية تونس) قُسِّمت إلى ثلاث ولايات في سنة 1983 وهي تونس وأريانة وبن عروس[4]، وفي سنة 2000 قرّرت السلطة المركزية تقسيم ولاية أريانة إلى ولايتين وهما أريانة ومنوبة[5]، وبذلك أصبح إقليم تونس يتكون من أربع ولايات تشمل 48 معتمدية و327 عمادة، في حين بلغ عدد البلديات 34[6].

يُبرز الجدول أدناه تواجد نصف المعتمديات وقرابة نصف العمادات وقرابة ربع البلديات في إقليم ولاية تونس، ويمكن تفسير ذلك بتضخّم عدد السكان الذي فاق المليون نسمة، كما جمعت ولاية بن عروس أكثر من ثلث بلديات إقليم تونس مقابل أكثر من الربع بمنوبة.

جدول رقم 1: الوحدات الترابية والبلديات حسب ولايات إقليم تونس في2014

تطوّرت التقسيمات الترابية حسب التطوّر الديمغرافي والمجالي والوظيفي لتونس الكبرى، وقد اعتبرت الدولة عملية الترقية الإدارية من الحلول الممكنة للحد من مشاكل العاصمة وإحدى وسائل التحكّم في التراب وتأطير السكان ومراقبتهم.

خريطة رقم 1: التقسيم الإداري لإقليم تونس في سنة2014

المصدر: رسم فوزي زارعي، بالاعتماد على: الإدارة العامة للتهيئة الترابية، 1996 والمعهد الوطني للإحصاء،2014.

خريطة رقم 2: المجال البلدي بإقليم تونس في سنة 2014

رسم: فوزي زارعي، بالإعتماد على Turki S. Y., Verdeil, E. 2015

بُعثت بلدية "تونس المدينة"[7] في سنة 1858، وقد كانت تغطي المدينة العتيقة وأرباضها، ثم تتالى استحداث البلدية زمن الاستعمار بالضواحي التي تركزت بها جاليات أوروبية وخاصة الفرنسية منها (حلق الوادي وسيدي بوسعيد وحمام الأنف ومنوبة وأريانة والزهراء وباردو وقرطاج والمرسى ومقرين وبن عروس، فضلا عن مدينة صغيرة طرفية وحيدة وهي طبربة)، وقد بلغ عدد بلديات العاصمة تونس مع استقلال 14 بلدية، وبعثت منذ سنة 1956 إلى سنة 2004 تاريخ آخر الإحداث البلدي، 20 بلدية جديدة (الجدول رقم 2).

يُبرِز الجدول الآتي وجود تفاوت كبير بين بلديات إقليم تونس حسب الحجم الديمغرافي، من ذلك أن أكبر بلدية (بلدية تونس) تفوق بـ أكثر من 108 مرات حجم أصغر بلدية (سيدي بوسعيد)[8]، كما يفوق حجم البلدية الأولى بقرابة 4 مرات ونصف (4,5) حجم البلدية الثانية (التضامن المنيهلة) وبذلك يمكن أن نتحدث عن "عظمة رأس" بلدية تونس المدينة، بالمقارنة مع بقية بلديات إقليم تونس.

جدول رقم 2: تواريخ استحداث بلديات إقليم تونس وعدد سكانها في سنة2014

نتبيّن حسب الجدول الآتي وجود بلدية واحدة يتجاوز عدد سكانها 500 ألف نسمة (بلدية تونس) كما توجد ثلاث فئات أخرى من المدن حسب الحجم وهي الآتية:

  • البلديات الكبيرة: يترواح عدد سكانها ما بين 000 و499.999 نسمة، ويبلغ عددها ست بلديات وهي : أريانة وفوشانة-المحمدية والتضامن-المنيهلة والمروج وسيدي حسين وسكر والتي. يبلغ تعدادها النسبي قرابة ثلث سكان إقليم تونس.
  • البلديات المتوسطة: يترواح عدد سكانها بين 000 نسمة و99.999 نسمة، ويبلغ عددها 8 بلديات وهي: المرسى وبن عروس ورادس ووادي الليل ودوار هيشر ورواد وباردو والكرم. وتجمع أكثر بقليل من ربع سكان إقليم تونس، وتسجّل هذه البلديات أعلى نسب النمو الديمغرافي السنوي خلال الفترتين 1994-2004
    و2004-2014 (الخريطتان رقم 3 ورقم 4).
  • البلديات الصغيرة: لا يفوق عدد سكانها 999 نسمة ويبلغ عددها 19 بلدية وهي: حلق الوادي وسيدي بوسعيد وحمام الأنف والزهراء والبطان وقرطاج ومقرين وقلعة الأندلس والجديدة وبرج العامري وسيدي ثابت والمرناقية ومرناق والخليديّة والدندان وحمام الشط ودوار هيشر وبومهل-البساتين وطبربة، وتجمع قرابة خمس سكان إقليم تونس، وبهذه الفئة يمكن أن نميّز البلديات الصغيرة جدًّا وهي التي يقلّ عدد سكانها عن 10000 نسمة وعددها أربع بلديات وهي سيدي بوسعيد والبطان والخليدية وبرج العامري.


الجدول رقم 3: توزيع فئات البلديات حسب الحجم بتونس الكبرى في 2014

 

الفئات / الحجم

عدد البلديات

إجمالي السكان

% من إقليم تونس

الكبيرة جدا

500000 وأكثر

1

638.845

26.3

الكبيرة

100000-499999

6

707.575

29.1

المتوسطة

500000-99999

8

622.540

25.6

الصغيرة

30000-49999

7

266.830

11

10000-29999

8

166.657

6.9

أقل من 10000

4

27.353

1.1

الجملة

34

2.429.800

100

المصدر: إحصائيات المعهد الوطني للإحصاء، 2014 (بالتصرف)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تُهيمن البلديات الصّغيرة عدديّا بتونس الكبرى، نصفها الأوّل من الضواحي والنصف الثاني من المدن الصغيرة الطرفية، علما أن هذه الفئة من البلديات تشكو أكثر من غيرها من نقص الموارد المالية والبشرية وتواجه عدة صعوبات في التصرف اليومي في الشأن البلدي، وهي في حاجة متواصلة للدعم المالي للدولة.

خريطة رقم 3: المعدل السنوي لنمو سكان بلديات تونس الكبرى بين سنتي 1994 و2004(%)

المصدر: وكالة التعمير بتونس الكبرى، 2010 AUGT, (بتصرف)

خريطة رقم 4: المعدل السنوي لنمو سكان بلديات إقليم تونس بين سنتي 2004-2014

المصدر: إنجاز فوزي زارعي، المعهد الوطني للإحصاء، نتائج تعداد سنة 2014.

لا يغطي المجال البلدي إلا ثلثيّ مساحة تونس الكبرى وبذلك بقي الثلث الأخير ضمن المناطق غير البلدية (الريفية)، وتمتد أغلب أراضيه بأطراف ولايات منوبة وأريانة وبن عروس، وهكذا ترك قرابة 8% من سكان الإقليم[9] خارج الحدود البلدية، وهم لا يستفيدون من مختلف الخدمات البلدية بما فيها اليومية  مثل رفع النفايات والعناية بالمحيط، ولا يؤدون الواجب الانتخابي خلال فترة الانتخابات البلدية.

نشير إلى أنّ عددا لا يستهان به من السكان-غير البلديين- يقطنون في أحياء سكنية بعضها كبير نسبيا ومجاور للحدود البلدية لبعض ضواحي تونس الكبرى، على غرار "حي شاكر" بمعتمدية رواد شمال العاصمة و"سيدي علي الحطاب" بغربي ولاية منوبة، وفضلا عن هذا فإن مسألة عدم تغطية البلديات لكامل تراب إقليم تونس و"تفتيتها" إلى فسيفساء من حيث المساحة والحجم الديمغرافي ومحدودية صلاحيات المجالس البلدية وخضوعها لهيمنة السلطتين المركز والجهويّة[10] تطرح رهانات عديدة تهم التصرّف العمراني.

رهانات التقسيم البلدي بتونس الكبرى: عدم النجاعة، رهانات التحكم المجالي والاقصاء الاجتماعي

لقد سعت الدولة من خلال الزيادة في عدد البلديات بالمجموعات الحضرية الكبرى كتونس وصفاقس، إلى تقريب الخدمات من السكان وتدعيم تأطير التراب الحضري (Bennasr, 2005, p. 3)، غير أنّ أحجام البلديات وإمكانياتها الماليّة والجبائيّة متفاوتة، جعل الصّغرى منها تواجه مشاكل عديدة. نذكر منها بالخصوص مسألة نقص الموارد المالية والبشرية التي تحدّ من نجاعة التصرّف العمراني في التراب البلدي، ومن هذه البلديات نذكر برج العامري (6519 نسمة في سنة 2014) والبطان (6453 نسمة) والخليديّة (8470 نسمة) بتونس الكبرى.

من ناحية أخرى، انتهجت الدولة كذلك إجراء تمثّل في تقسيم بلديات كبيرة أو متوسطة من حيث تعداد السكان إلى بلدتين أو أكثر لعدّة عوامل، منها ما هو مرتبط بإرادة تأطير السكان وتقريب الخدمات منهم، ومنها ما هو ناتج عن ضغوطات أعيان بعض الجماعات المحليّة وسكانها ومطالبتهم باستقلالية منطقة ما من تراب البلدية لتصبح بلدية مستقلّة بذاتها لأسباب ذات علاقة بالانتخابات البلدية أو بالمنافسة بين منطقتين. وفي هذا الصدد نذكر مثال بلدية أريانة (من الضواحي الشمالية لتونس الكبرى) التي قُسّمت في سنة 2003 إلى ثلاث بلديات وهي: أريانة ورواد وسكرة، وقد اعتبر أحد رؤساء البلديات السابقين لأريانة ذلك بمثابة " إنجاز كبير للتخلّص من أعباء سُكرة ورَوّاد"[11]، كما أكّد سعيه مع عدد من أعيان أريانة والنّافذين فيها إلى إقناع السّلطتين المركزية والجهوية بوجاهة فصل حيي النّصر 1 و2 والمنارات والمنازه عن بلدية أريانة لتكوّن بلدية جديدة مستقلة عن البلدية الأم أريانة، و علّل ذلك بأنّ الوزن الانتخابي لهذه الأحياء معتبرٌ يَحُولُ دون نجاح المترشحين من دائرة أريانة المدينة في الانتخابات البلدية المقبلة[12].

وقد تتابعت هذه النزعة للاستقلالية والتمسّك بـ"هويّة" البلديات الصغيرة، من قبل السكان المحليين وأعيانهم بحيي النّصر، بالنّسبة لعدد من البلديات الطرفيّة بصفاقس. نذكر منها خاصة ساقية الزيت وساقية الدّاير (Bennasr, 2005, p. 3). كما أكّد بلهادي أن البحث عن توازن القوى والمنافسة بين البلديات على المستويين المحلي والمركزي يفسّر إلى حدّ كبير الخريطة البلديّة التونسية بمعزل عن أي مقياس موضوعي لبعث البلديات (بلهادي، 1991).

تعتبر عملية استحداث بلديات جديدة من الآليات التي استعملتها الدولة للتصرّف العمراني ومواكبة التمدّد الحضري وتقريب الخدمات من السكان بالمجموعات الحضرية الكبيرة. فقد مرّت مساحة المجال العمراني من 6180 هكتارا في سنة 1975 إلى 23000 هكتار في سنة 2004، وبصفة موازية لذلك ارتفع عدد البلديات من 19 إلى 34 بلدية في نفس الفترة (الجدول رقم4).

الجدول رقم 4: تطور مساحة المجال الحضري وعدد البلديات بتونس الكبرى

 

1956

1975

1985

1991

2004

2015

المساحة العمرانية (هك)

4000

6180

15360

19520

23000

28000

عدد البلديات

14

19

25

29

34

34

زيادة عدد البلديات

5

6

4

5

0

المساحة الإضافية

2180

9180

4160

3480

5000

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المصدر: مصادر إحصائية مختلفة، أهمها وكالة التعمير بتونس الكبرى.

نشير إلى أنّ عمليّة بعث بلديات جديدة شملت خاصة الضواحي والمجالات شبه الحضرية في علاقة بالتمدّد المجالي وارتفاع عدد السّكان. يُفسّر ذلك من ناحية أولى بتخصّص المجال المركزي في الخدمات وخروج السكان نحو الأطراف، ومن ناحية ثانية بظهور برامج سكنية متنوّعة بالضواحي أنجزتها هياكل الدولة والمقاولون العقاريون الخواص وبتنامي السّكن غير القانوني. لقد أدت عملية بعث البلديات إلى  تراجع نسبة سكان مركز العاصمة (التابع إداريا لبلدية تونس المدينة) من مجموع سكان تونس الكبرى من 30.4% في سنة 1975 إلى 4.7% في سنة 2014، بينما ارتفع عدد سكان الأطراف من 69.9% إلى 95.3% خلال الفترة نفسها (الجدول رقم 5)

 

جدول رقم 5: تطور الوزن النسبي للسكان حسب المجال المركزي الرئيسي والأطراف بين 1966 و2014

المصدر: احتساب شخصي، المعهد الوطني للإحصاء.

من ناحية أخرى، لم تواكب سياسة بعث بلديات جديدة عملية التحكّم في التمدّد العمراني السّريع، ولم تحدّ من آثاره السلبية. فقد بيّنت خريطة المجال العمراني لتونس الكبرى والصّور الفضائية "تفتّت" المجال المبني بالأطراف (Charmes, 2011, p. 3)، ويبرز ذلك، من خلال تعدّد مجالات السكن غير القانوني المنتشرة بالمجالات شبه الحضرية وداخل الأراضي الفلاحية، عدد منها داخل الحدود البلدية كصنهاجة والترجمان بوادي الليل، والبعض الآخر خارجها مثل أحياء السعيدة والنسيم والرّياض بأطراف ولاية منوبة وحي شاكر والبُكري بأطراف ولاية أريانة.

إنّ في تعدّد الأحياء السكنية غير القانونية، بالضواحي وبالمجالات شبه الحضرية لتونس الكبرى، عدّة آثار مجالية لعلّ من أهمّها دعْم التفْرقة الاجتماعية وتعدّد مظاهر الإقصاء الاجتماعي.

ولئن مثّل استحداث بلديات جديدة، بأطراف العاصمة، إحدى الآليات التي اعتمدتها الدولة للتحكّم في التمدّد الحضري وتأطير السكان وتقريب الخدمات منهم بغرض التخفيف من حدّة بعض مشاكلهم اليوميّة، فقد أسهم رسم الحدود البلدية في عديد من الحالات في تهميش الفئات الاجتماعية الضعيفة، لاسيما بالأطراف. ويمكن أن نتبيّن ذلك من خلال المثالين اللذين يمثلهما كل من "حي التضامن" بالضاحية الغربية و "حي شاكر" بالمجال شبه الحضري الشمالي لتونس الكبرى.

  • حي التضامن: تكونت النواة الأولى لحي التضامن[13]، في سنة 1966، من 132 مسكنا اجتماعيا بنتها الدولة في منطقة فلاحية على ملكها. وقد قدّر عدد سكانها في ذلك التاريخ بـقرابة 800 نسمة
    (Chabbi M, 2012, p. 181). تعدّدت المساكن حول النواة المذكورة بنسق سريع خلال سبعينات وثمانينات القرن الماضي، خاصة نتيجة لتقسيم أراضي الدولة من قبل "المقسّمين السريّين" الذين وفّروا قطع أراض صغيرة الحجم متماشية مع القدرة الشرائية لمحدودي الدخل، وقد وجدت الدّولة في ذلك جزءًا من الحلّ للسّكن الخاص بالفقراء بسبب إقصائهم من السّوق الرسميّة للسكن التي لا تعطي لمحدودي الدخل الإمكانات لاقتناء قطعة أرض أو مسكن من الهياكل العقارية التابعة للدولة أو من الشركات الخاصة الناشطة في القطاع المنظّم، خصوصا أنّ هؤلاء الفاعلين يفرضون شروطا مجحفة للتحصّل على قروض لا تَقدر عليها الفئات الاجتماعية محدودة الدخل، وجزء من الفئات المتوسطة.

تطور حي التضامن خارج الحدود البلدية، وتنامى عدد سكّانه بنسق سريع، وقد ارتفع تعداد سكانه من 7000 نسمة في سنة 1975 إلى 60000 نسمة في سنة 1981 (المرجع السّابق، ص. 182)، كما بلغ نسق النّمو السنوي معدلات عالية جدّا فاقت 41% بين سنوات 1975 و1979 وتجاوزت 46% بين سنوات 1981 و1984 (الجدول رقم 6).

 

جدول رقم 6: تطور عدد سكان حي التضامن بين سنتي 1975 و2000

 

1975

1979

1981

1984

2000

عدد السكان

7000

28000

60000

80000

100000

السكان الإضافيون

21000

32000

20000

20000

م.س.ن السكان %

41.4

46.4

10.1

1.40

المصدر: Chabbi, 2012 والمعهد الوطني للإحصاء.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

وبالرّغم من احتشاد السكان خارج الحدود البلدية والنّقص الفادح في التجهيزات والمرافق الاجتماعية وتضخّم عدد السكان، تجاهلت الدّولة هذا الواقع الحضري وأبقت على إقصاء سكانه، ومن مظاهر ذلك عدم تمكينهم من أبسط الخدمات البلدية بصفة منتظمة، مثل رفع الفضلات. لكن إثر انتفاضة[14] سنة 1978 التي انطلقت أساسا من الأحياء الشعبية الكبرى ومنها حي التضامن، وبعد تزايد المطالب بضرورة إدماج الأحياء غير القانونية ومن أجل تلطيف الوضع الاجتماعي، أولت الدّولة خلال سنوات 1980 اهتماما بمسألة تهذيب الأحياء الشعبيّة، وفي هذا الإطار أدخلت في مطلع الثمانينات بحي التضامن بعض المرافق مثل المدارس الابتدائية ومعهد ثانوي، كما أحدثت بالحي المذكور بلدية في سنة 1984. وعلاوة عن هذا لم تقتصر ظاهرة إدماج الأحياء السكنية غير القانونية في المحيط البلدي حي التضامن فقط، بل شملت أحياء أخرى، خصوصا وأن السكن غير القانوني يمثّل مكوّنا رئيسيا من مكونات التمدّد العمراني لتونس الكبرى بأطرافها (زارعي، 2006، ص. 43) على غرار حي شاكر.

  • حي شاكر: يعتبر هذا الحي من الأحياء الطرفية التي ظهرت ببرج الطويل شمالي العاصمة[15] بأحد المجالات شبه الحضرية الشمالية للعاصمة، وقد برزت نواته الأولى وتطورت منذ مطلع سبعينات القرن الماضي ليمثّل اليوم حيا كبيرا نسبيا بلغ عدد سكانه في سنة 2014 قرابة 6000 نسمة، لكن لم يتم ضمه لبلدية رواد بالرّغم من تواجده قرب حدودها البلدية وبالرّغم من الدعوات المنادية بذلك منذ أواخر الثمانينات. تجدّدت الدّعوة لإدماج حي شاكر في المجال البلدي المذكور أعلاه منذ الشروع في مراجعة مثال التهيئة العمرانية لبلدية رواد[16] في سنة 2003، وقد رأى سكان الحي في تجاهل هذا المطلب تهميشا لهم وطالبوا منذ 2010 (تاريخ المصادقة على مثال التهيئة لبلدية رواد) باستحداث بلدية جديدة وهي بلدية "برج الطويل" يكون مقرّها حي شاكر (الشيحاوي، 2015، ص. 54).

وفضلا عن هذا، اعتبر أحد المسؤولين بالنيابة أنّ إدماج حي شاكر في تراب رواد عنصر إعاقة للتنمية بالبلدية نظرا للنقص الكبير للتجهيزات الأساسية والمرافق الاجتماعية، كما اعتبر أن ذلك سيتطلب موارد مالية كبيرة تعجز البلدية عن توفيرها، هذا علاوة عن وجود مشكل بيئي يتمثل في تعدّد المصبّات العشوائية ومشكل التعدّي على الأراضي الفلاحية العمومية من خلال تعدّد البناءات غير القانونية، وهذا الموضوع محلّ نزاع بين السّكان ووزارة الفلاحة. وتجدر الإشارة إلى أن التقرير النّهائي للمثال المديري للتهيئة لتونس الكبرى، لم يشر بتاتا إلى تنامي السكن غير القانوني ببرج الطويل، كما تغافل عن الإشارة إلى حي شاكر، وجاءت الخريطة التي اقترحها لتوجّهات التهيئة الحالية والمستقبلية بالقطاع الشمالي للعاصمة منقوصة جدا. (DGAT,2010, p. 120)       

تمثل مسألة التهيئة العمرانية لتونس الكبرى موضوعا بالغ الأهمية نظرا لتعدّد وظائفها التقريرية والتسييرية العليا ودورها المحوري في انفتاح البلاد على الخارج واندماجها في منظومة العولمة. ومن أبرز الرّهانات المطروحة بها، نذكر التمدّد الحضري غير المتحكم فيه ومشاكل النقل والبيئة والسكن (MEHAT, 2010). لقد أعدّت الدّولة عدة أمثلة تهيئة ترابية وعمرانية، تأخذ بالاعتبار كامل مدينة تونس الكبرى بغية الإسهام في الكشف عن مختلف المشاكل وتقديم الحلول لها، ويعتبر "المثال الجهوي للتهيئة" (1977) أولها، تلته أمثلة أخرى أهمها "المثال المديري لتهيئة تونس الكبرى"[17] (2010)، وقد بيّنت بعض الدراسات التقييميّة لتجربة التهيئة العمرانية بالعاصمة[18] العديد من الاختلالات والنقائص في علاقة بالتقسيم البلدي نلخّصها فيما يلي:

  • تَحَوّل "المثال الجهوي للتهيئة" الذي أنجز للإسهام في تنظيم مدينة تونس الكبرى وإعادة هيكلتها (1977) من إطار تنسيقي يعتمد على نظرة شمولية للعاصمة إلى أداة تصرّف مجالي. وقد تمّ تجاوزه ولم يُعتمد في تهيئة تونس الكبرى منذ أواسط الثمانينات. يرجع ذلك لوجود عديد العراقيل الإدارية والمالية والاقتصادية من أهمها هيمنة التمشّي القطاعي العمودي المركزي على التمشّي الشمولي الأفقي بالنسبة لكل هياكل الدولة، وغياب هيكل إقليمي ينسّق بين البلديات[19] وهيمنة المنظومتين المركزية والقطاعية وأخيرا غياب إمكانات التنفيذ (DGAT,1996, p 247).
  • لكلّ بلدية من بلديات تونس الكبرى، استراتيجيتها الخاصة في ميدان التهيئة الترابية، والتي لا تتكامل في كل الحالات مع استراتيجية بقية البلديات. لذلك "تتصرّف كل بلدية بطريقة منفردة في ميدان التهيئة العمرانية، ولم تأخذ بعين الاعتبار إلاّ حاجياتها الخاصة" (المرجع السّابق الذّكر)، وقد اقترح التقرير النهائي لدراسة "المثال المديري لتهيئة لتونس الكبرى"، بعث آلية وسيطة بين المثال المديري وأمثلة التهيئة البلديّة تشرح مقترحات المثال المديري على المستوى المحلّي حتى تنجز وتطبّق الأمثلة البلدية في تجانس مع المثال المديري بدون تجاوز أو تشويه له (DGAT,2010). لكن لم تُحدَث هذه الآلية إلى اليوم، ولم تحترم توجهات "المثال المديري لتهيئة لتونس الكبرى"، خصوصا بعد ثورة 2011 وما صاحبها من ضُعف لسلطة الدّولة ومن تعيين لنيابات خصوصية للبلديات ليست لها مصداقية أو مشروعيّة لدى السكان مثّل التخطيط الحضري آخر اهتماماتها[20].
  • تشكو التهيئة البلدية من بطء مراجعة الأمثلة التهيئة العمرانية في الآجال المحدّدة[21] ولا تمتلك البلديات وسائل تطبيق هذه الأمثلة باعتبار أنّ " التصرّف العمراني هو عمل يومي كبير يجمع عدة مهام: المراقبة على الميدان والبتّ في رخص البناء ومتابعتها ودراسة أمثلة المقاسم والبتّ فيها في الآجال، والالتجاء المتكرر إلى تحويل صبغة الأراضي من فلاحية أو مناطق خضراء أو طبيعية إلى حضرية أبرز دليل عن ضعف نجاعة التهيئة الحضرية بالمستوى البلدي. وقد أدّى ذلك في غالب الأحيان إلى "إلغاء مثال التهيئة" (Belhedi, 1992, p. 220)، علما أنّ من يستفيد من هذه الوضعية غير المستقرة و"الفوضوية" هي الأطراف النافذة والتي يمكنها الوصول للمعلومة بيسر على جميع المستويات ومنها التسلسل الإداري
    (Belhedi, 1992, p. 221).
  • من ناحية أخرى، وإن أعطت مجلة التهيئة العمرانية (1994) البلديات إمكانية إعداد أمثلة التهيئة العمرانية، فإنّ الدّولة لم تمكنها من الوسائل الكافية، الماليّة والبشريّة والتقنيّة لإنجازها وفق المعايير العلميّة المطلوبة في مجال التخطيط الحضري، فضلا عن طول فترة إنجازها. يمكن القول أنّ المنظومة التشريعية المعمول بها منذ عقود المكرسة لهيمنة المستوى المركزي على المستوى المحلي، والتي تعتمد على "تفتيت" البلديات حسب إرادة السلطة السياسية ومراعاة لمصالح أطراف خاصة بالمستوى القاعدي، لم تتمكن من حسن التصرّف في المجال العمراني. هذا في الوقت الذي تندمج فيه البلاد تدريجيا في العولمة وتفتح أسواقها للخارج، وهذا ما يفرض في المستقبل اعتماد سياسة تجميع البلديات الصغيرة وتغيير القوانين التي تسمح بالتعاون فيما بينها وترسّخ الحوكمة المحلية الرشيدة في إطار ما جاء به دستور سنة 2014 من دعم للاّمركزية والجماعات المحليّة.

الخاتمة

تمثّل البلدية أحد أهم المستويات الترابية القاعدية بالبلاد التونسية[22]، وقد تطوّرت الظاهرة البلدية منذ سنة 1858، تاريخ استحداث أول بلدية (بلدية تونس المدينة) ليبلغ عددها إبان الاستقلال 75 بلدية ويرتفع إلى 264 حاليا[23].

يرتبط استحداث البلديات في البلاد التونسية بقرار سياسي إداري، بمقتضى أمر يصدر عن وزير الداخلية، وبالرّغم ما لهذه الظاهرة من فوائد بالنسبة للسكان خصوصا توفير بعض الخدمات المنقوصة واستفادتهم من بعض التجهيزات الاجتماعية الجماعية الجديدة (معهد ثانوي، مستشفى محلّي،)، إلا أنّ السلطة المحلية البلدية تشكو العديد من النقائص التي تعيق نجاعة عملها لخدمة المواطنين، نذكر منها بالخصوص ما هو قانوني تشريعي وما هو نتيجة لضعف الموارد المالية والبشرية. وقد استفحل عجز البلديات في التصرّف العمراني الرشيد بعد ثورة 14 جانفي 2011 بسبب الوهن الذي أصاب مختلف أجهزة الدولة وحالات الانفلات الاجتماعي المتكرر وحلّ المجالس البلدية التي عوضت بنيابات خصوصية فاقدة لكل شرعية وليست لها مصداقية لدى المواطنين.

تتجلى نقائص عمل السلطة المحلية البلدية بالمدن الكبرى، وخاصة بمدينة تونس الكبرى المتركبة من 33 بلدية إضافة للبلدية المركزية "تونس-المدينة"، وترتبط هذه النقائص بالخصوص بعدم وجود هيكل يشرف على التنسيق بين مختلف البلديات وغياب رؤى موحّدة بينها للتصرّف العمراني في المجال الحضري. وفضلا عن هذا، تتضارب استراتجيات بلديات تونس الكبرى، في عديد الميادين نذكر منها مخططات التهيئة الحضرية والمسائل التي لها علاقة بالبيئة والمحافظة على الموارد والتحكم في النّمو الحضري وحماية الأراضي الفلاحية الخصبة والإدماج الاجتماعي لسكان الأحياء الفقيرة، وهذا ما أسهم في ظهور مشاكل مختلفة تعاني منها جلّ بلديات تونس الكبرى ولا تخدم نموها كمجموعة حضرية متكاملة وفق منظومة علاقات متناسقة.

إنّ النقائص العديدة التي تعاني منها بلديات تونس الكبرى، مردّها بالخصوص هيمنةُ السّلطة المركزية على سير السلطة المحليّة البلدية، وغلبة المقاربات القطاعية من قبل مختلف هياكل الدّولة لمختلف المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية وغيرها، وهذا ما أسهم في الحدّ من نجاعة العمل البلدي وزاده تعقيدا، وسبب في بعض الحالات في شلله.

لقد فتح دستور سنة 2014 آفاقا جديدة لدعم اللاّمركزية وإسناد العمل البلدي من أجل التمتّع باستقلالية عن السلطة المركزيّة، وإرساء ديمقراطية في تسيير الشأن البلدي، ومن تجليات ذلك التأكيد على مبادئ الحوكمة والعمل التشاركي الذي يجمع بين مُمثلي الجماعات المحليّة والمجتمع المدني والسكان، وقد ارتفع عدد البلديات منذ ماي 2016 إلى 350 بلديّة (غطّت كامل التراب الوطني) وصدرت مجلّة الجماعات المحليّة الجديدة، ولا يمكن حاليا تقييم التجربة البلديّة الجديدة إلا بعد فترة من تطبيقها.


المراجع باللّغة العربية

الإدارة العامة للتهيئة الترابية (1996). أطلس تونس الكبرى، 80 ص.

بلهادي، عمر (1991). المدن الصغيرة والمتوسطة بالبلاد التونسية، مداخلة بندوة" المدينة المغاربية المتوسطة رهان اللاّمركزية والتنمية المحلية" صفرو. المغرب، ص. 142-167.

الميعادي-العلوي، فضيلة (2006). السياسات السكنية والتهيوية: مثال أحياء السكن العفوي بالتضامن- دوار هيشر- المنيهلة: مركز النشر الجامعي، ص. 255.

زارعي، فوزي (1995). التوسع الحضري بأريانة الشمالية: المظاهر والعوامل. المجلّة التونسية للجغرافيا، 27، 23-61.

زارعي، فوزي (2006). التوسّع الحضري بإحدى ضواحي تونس العاصمة: مثال أريانة الشمالية. تونس: كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية.

زارعي، فوزي. (2016) ، تأثير الحوضرة في المدن الصغيرة: مثال قلعة الأندلس بإقليم تونس. المجلة التونسية للعلوم الاجتماعية، 143، 39-70.

الشّيحاوي، إنصاف )2015). التوسّع الحضري بأحد المجالات شبه الحضرية لتونس الكبرى مثال برج الطويل. (إشراف فوزي زارعي)، مذكرة ماجستير في الجغرافيا، تونس: كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية..

المراجع باللّغة الفرنسيّة

Agence Urbaine du Grand Tunis, (2004). Bilan de l'urbanisation dans le Grand Tunis (1996-2002).

Agence Urbaine du Grand Tunis, (2010). Bilan de l'urbanisation dans le Grand Tunis  (2002-2009).

Baccouche, A. (2015). L’Ariana : du village à la grande ville, Arabesque, p. 233.

Baklouti, A. (2004). Les quartiers périurbains du Grand Sfax : formation, fonctionnement et aménagement. Thèse de doctorat en géographie. FSHST.

Belhedi, A. (1992). L’aménagement de l'espace en Tunisie. Tunis : FSHS.

Belhedi, A. (1996). Développement Régional, Rural, Local. Cahiers du CERES, série géographie, 17.

Belhedi, A. (2012). Dimension spatiale de la Révolution tunisienne. Wassiti. Editions, Coll. Ibraz.

Belhedi, A. (2004). Le découpage administratif en Tunisie. Revue de Géographie du Maroc, Vol. 13, n° 2, p. 3-25.

Benjelid, A., Brulé, J., Fontaine, J. (2004) (éds), Aménageurs et aménagés en Algérie. Héritages des années Boumediene et Chadli. Paris : l’Harmattan.

Bennasr, A. (2005). Aménagement urbain et gouvernance : le cas de Sfax (Tunisie), les villes au défi de développement durable. http://www.cgdr.nat.tn/upload/files/21.pdf

Chabbi, M. (2004). Potentialités et obstacles à la constitution d'une région urbaine le cas du Grand Tunis, http://www.isocarp.net/Data/case_studies/548.pdf,

Chabbi, M. (2012). L'urbain en Tunisie. Tunis : Nirvana.

Charmes, E. (2011). La ville émiettée, essai sur la clubbisation de la vie urbaine. Paris : Puf.

Direction Générale de l’Aménagement du Territoire (DGAT), 1996- Étude du Schéma Directeur d'Aménagement du Grand Tunis, Rapport final de 1ère phase, p. 287.

DGAT, (2000). Étude du Schéma Directeur d'Aménagement du Grand. Tunis : Rapport Final de deuxième phase, p. 233+annexes.

DGAT, (2010). Étude du Schéma Directeur d'Aménagement du Grand. Tunis : Rapport Final.

Hayder, A. (2002). Découpage administratif et territoire en Tunisie, dans  connaissances et pratiques des milieux. IIème colloque de géographie, Faculté des Sciences Humaines et Sociales de Tunis, Publication de l’École Normale Supérieure de Tunis, p 97-117.

Turki, S. Y, Verdeil, E. (2015). La Constitution (du Printemps) ouvre le débat sur la décentralisation. Dans Harb M.; Atallah. S. (eds.), Decentralization Policies in the Arab World (p.11–46). Beirut, LCPS.

 

(1) Université de Tunis, Faculté des Sciences Humaines et Sociales de Tunis, Unité de Recherche Régionalisation et Développement Régional, 1007, Tunis.

[1] حتى مطلع سنة 2015 بلغ عدد البلديات 264 وحدة، وفي مارس 2015 قرر رئيس الحكومة إحداث 18 بلدية جديدة، لذلك بصدور النصوص القانونية الرسمية سيبلغ إجمالي البلديات في البلاد التونسية 282 بلدية.

[2] أُطلِقت في البلاد التونسيّة عدّة تسميات للإشارة لسكن الفئات الاجتماعية محدودة الدخل والمبني في إطار القطاع غير المهيكل. نذكر منها "السكن العفوي" و"السكن الفوضوي" و"السكن العشوائي" و"السكن غير القانوني". ونرى بأن المصطلح الأخير يمثل أدقّ المصطلحات المعبّرة عن الظاهرة المذكورة. يعبّر "السكن غير القانوني "عن كلّ أشكال السكن المبني خارج إطار القوانين المعمول بها في ميدان التعمير والمنجز بدون التحصّل على رخصة بناء من المصالح البلديّة المختصّة وبدون تطابق مع توجهات مثال التهيئة العمرانية. لمزيد من التفاصيل حول الموضوع يمكن الاطلاع على المرجع التالي: زارعي، 2006، ص. 13-15.

[3] قُسم تراب الجمهورية التونسية إلى 24 ولاية (مرادف "المحافظة" في عدد من البلدان العربية كمصر) ويسيّر الولاية "الوالي" الذي يُعيّن من قبل السلطة التنفيذية المركزيّة. وتُقسّم كل ولاية إداريا إلى عدد من المعتمديات التي بدورها مقسّمة إلى عمادات (جمع عِمَادة). يرأس المعتمدية "المُعتَمَد" والعِمادة "العُمْدة" وكلاهما معيّنان من قبل السّلطة المركزية. وقد بلغ عدد المعتمديات في الجمهورية التونسية في سنة 2014، 264 وحدة، وبلغ عدد العمادات 2073. مثلا: ولاية تونس مقسمة إلى 24 معتمدية التي بدورها مقسمة على 159 عمادة. (المعهد الوطني للإحصاء، التعداد العام للسكان والمساكن، 2014. أما البلدية فتشمل المجال العمراني فقط ولا تُغطي بالتّالي كل التراب التونسي في سنة 2014، ويتم انتخاب المجلس البلدي كل خمس سنوات، الذي ينتخب بدوره رئيس البلدية.

[4] ولاية تونس (ولاية مركزية إذ يوجد بها قلب المدينة الرئيسي وعدد من الضواحي الشمالية الساحلية) وأريانة (تغطي الأطراف الشمالية لتونس الكبرى) وولاية بنعروس (تغطي الأطراف الجنوبية لتونس الكبرى). تشمل "الأطراف الضواحي" و"المجال شبه الحضري".

[5] تم اقتطاع تراب ولاية منوبة من ولاية أريانة، وبذلك غطت الولاية الجديدة الأطراف الغربية وامتدت على مساحة 1137 كلم2.

[6] لا يوجد تطابق بين حدود المعتمدية والبلدية، إذ يمكن أن تشمل حدود البلدية عدة معتمديات مثل ما هو الحال بالنسبة لبلدية تونس.

[7] بلغ عدد البلديات بتونس الكبرى في سنة 2014، 34 بلدية. وتمثل "تونس المدينة'' البلدية الرئيسية من حيث الوزن الديمغرافي، إذ جمعت 638845 نسمة في سنة 2014. وأغلب مجالها يغطي المركز الخدمي الرئيسي بتونس الكبرى الممتد حول شارع الحبيب بورقيبة والمدينة العتيقة وأرباضها والأحياء السكنية المحيطة بالمركز المذكور. ولا ينبغي الخلط بين مصطلحي "تونس المدينة" و"تونس الكبرى". يشير الثاني لتراب العاصمة التونسية المتركبة إداريا من أربع ولايات وهي تونس ومنوبة وأريانة وبن عروس. ويطلق المعهد الوطني للإحصاء على المحيط الإداري المتكون من الولايات الأربع المذكورة مصطلح إقليم تونس. لذلك فإن مصطلح "تونس الكبرى" مرادف لـمصطلح "إقليم تونس" من حيث الامتداد الترابي والتركيبة الإدارية، وهو مختلف عن "تونس المدينة".

[8] تبلغ مساحة بلدية تونس 10 673 كلم2 مقابل 164 كلم2 فقط بالنسبة لبلدية "سيدي بوسعيد" (المعهد الوطني للإحصاء).

[9] يقدر عدد السكان غير البلديين بإقليم تونس في سنة 2014 بقرابة 214.000 نسمة (المعهد الوطني للإحصاء، تعداد سنة 2014).

 [10]تبعث البلديات في الجمهورية التونسية بقرار إداري سياسي صادر عن السلطة التنفيذية المركزية، ولا يخضع الإحداث لأيّ معيار عدديّ. كما أن القانون الأساسي للبلديات لسنة 1975، لا يُعطي السّلطة البلدية إلاّ صلاحيات محدودة لا تتجاوز التصريف اليومي للشأن المحلي وتقديم بعض الخدمات للسكان مثل النظافة والعناية بالمحيط وتقديم بعث الوثائق الإدارية (مثل وثائق الحالة المدنية ورخص البناء). أمّا مدّ الطرقات وصيانتها ونركيز شبكات الكهرباء والغاز والماء الصّالح للشّرب وتصريف المياه المستعملة ومياه الأمطار فهي بيد هياكل الدّولة المركزية من وزارات ودواوين وشركات وطنية. كما أن قرارات المجلس البلدي تخضع للمراقبة القبليّة من قبل الوالي (ممثل الدّولة جهويا).

[11] انتشر ببلديتي رواد وسكرة السكن غير القانوني، وتشكو الأحياء الفقيرة من مشاكل نقص التجهيزات الأساسية والمرافق وتطلب بتهذيبها. كما توجد مشاكل استهلاك الأراضي الفلاحية المحمية.

[12] عن محادثة مع أحد أعيان أريانة وهو رئيس أسبق لبلدية أريانة.

[13] لا يبتعد موقع حي التضامن عن المركز الرئيسي لتونس العاصمة إلاّ 6 كلم عن مركز المدينة، وقد بلغ عدد سكانه في سنة 2014 قرابة 150 000 نسمة.

 [14]نذكر أن في أواخر السبعينات بلغت العلاقات بين الحكومة والإتحاد العام التونسي للشغل درجة عالية من التوتّر والتأزّم، وصلت إلى حدّ إعلان الإتحاد يوم الخميس 26 جانفي 1978 كموعد للإضراب العام. وقد تعاطي النّظام بشكل عنيف مع الإحتجاجات النقابية والشعبية، فكانت النتيجة وفاة 40 شخصا وجرح 325 واعتقال 400 مواطن في مدينتي تونس وسوسة (حسب جريدة "الصباح" التونسية ليوم السبت 29 جانفي 1978).

[15] حي شاكر من الأحياء غير القانونية ظهر بالمجال شبه الحضري ببرج الطويل بمنطقة فلاحية سقوية محمية.

[16] في سنة 2003 بعثت بلدية رواد بعد تقسيم بلدية أريانة إلى ثلاث بلديات هي أريانة رواد وسكرة.

[17] بالفرنسيّة: "المثال الجهوي للتهيئة": Plan Régional d’Aménagement، مثّل صدوره أوّل محاولة جديّة للتنسيق بين بلديات تونس الكبرى والتركيز على مسألة التهيئة الترابية بها.

"المثال المديري لتهيئة تونس الكبرى": Schéma Directeur d’Aménagement du Grand Tunis. يمثّل الإطار العام للتهيئة الترابية بتونس الكبرى. ويجدر بأمثلة التهيئة العمرانية البلدية لكل بلديات العاصمة التقيّد بالتوجهات الكبرى الواردة بالمثال المديري المذكور.

[18] نذكر منها خاصة دراسة المثال التوجيهي لتهيئة تونس الكبرى، تقرير المرحلة الأولى، 1996 (DGAT, 1996) ومؤلف بلهادي حول تهيئة المجال بالبلاد التونسية، 1992، (Belhedi, 1992)
و (Belhedi, 2012)

[19] أحدثت في سنة 1972 إدارة إقليم تونس وهو هيكل تخطيط وتنسيق على مستوى تونس الكبرى، أعدّ المثال الإقليمي للتهيئة في سنة 1977 الذي حدّد آفاق تطور العاصمة حتى سنة 1986، لكن تم التخلي عن تجربة إقليم تونس في سنة 1994 وحول إلى مكتب دراسات عمومي وهو وكالة التعمير بتونس الكبرى له مشمولات محدودة جدا خاصة في مجال التنسيق بين البلديات (Chabbi, 2004).

[20] عن محادثة مع أحد مدراء الإدارة العامة للتهيئة الترابية المهتم بملف التهيئة العمرانية.

[21] على سبيل المثال شُرِع في مراجعة مثال التهيئة العمرانية لبلدية أريانة منذ 2003 بعد تقسيمها إلى ثلاث بلديات (أريانة وسكرة ورواد) ولم تتم المصادقة عليه إلى يومنا هذا لأسباب مرتبطة بمصالح ضيقة لأشخاص نافذين ولاختلافات في التوجهات بين بعض هياكل الدولة (تحقيق شخصي ببلدية أريانة والوكالة العمرانية لتونس الكبرى -2014-) علما أنه تمت المصادقة على مثالي سكرة ورواد في سنة 2010.

[22] أشار إليها كل من دستوري سنتي 1959 و2014.

[23]  باستثناء 18 بلدية الجديدة التي صادق مجلس الوزراء على بعثها في مارس 2015.

Appels à contribution

logo du crasc
insaniyat@ crasc.dz
C.R.A.S.C. B.P. 1955 El-M'Naouer Technopôle de l'USTO Bir El Djir 31000 Oran
+ 213 41 62 06 95
+ 213 41 62 07 03
+ 213 41 62 07 05
+ 213 41 62 07 11
+ 213 41 62 06 98
+ 213 41 62 07 04

Recherche