*مشروع الحياة عند المراهقين الجانحين

إنسانيات عدد 55-56| 2012 |  الشباب بين الحياة اليومية و البحث عن الهوية | ص 83-96 | النص الكامل 


 خديجة مقدممركز البحث في الانثروبولوجيا الاجتماعية و الثقافية، وهران، 31000، الجزائر.


 

تعتبر دراسة مشروع الحياة في فترة المراهقة مسألة هامة، و ذلك لما تكتسيه هذه المرحلة من أهمية في حياة الفرد باعتبارها مرحلة البناء الذاتي و الاختيارات المستقبلية. تؤثر المراهقة على مسار حياة الفرد حتى أن علماء الـنفس مثل إريك سون Eriksson[1] سموها بمرحلة الأزمات، لاسيما "أزمة الهوية"، حيث ينشغل الفرد بتحديد "من هو" ومن "سيكون" أي الفرد أمام مسألة "ما يريد" و من «سيكون" و ماذا" سيفعل". فهي فترة انتقال  تدريجي نحو النضج البدني والجنسي والعقلي  و النفسي، تفصل بين مرحلة الطفولة و مرحلة الرشد. و تمثّل الانتقال من التبعية إلى الاستقلال الذاتي التدريجي، وهي أيضا فترة انتقال من دور الطفل و الاتكال على المحيط إلى الاعتماد على النفس و تقمص الأدوار التي تقربه من الرشد و الاستقلالية بوصفها مطلبا أساسيا من مطالب هذه الفترة من العمر و الالتفات إلى الذات على أنها مختلفة عما سبقها من المراحل. تتميّز بتحولات و تغيرات متنوعة، تقلب رأسا على عقب التوازن الداخلي للأفراد و تؤدي إلى إعادة بناء الأنا، و تمنح أساليب جديدة للتواجد في الحياة.

إن المراهقة في اعتقاد الكثير ممن تناولوها بالدراسة وقفة، أول موعد يمنحه المجتمع للمراهق ليعطيه فرصة حتى يتمكن من اختيار طريق شخصي أو هوية أو مهنة. فهي إذن مرحلة ديناميكية لبناء الهوية، تتميز بتفاعل جدلي بين الهوية الشخصية و الهوية الاجتماعية التي تتشكّل في مجملها بالتفاعل مع الآخرين.

و المراهقة بمعناها السيكولوجي فترة حاسمة في حياة الفرد يترتب عليها ما سوف يكون هذا الأخير مستقبلا تبعا لتكوينه الجسمي الوظيفي الذي لم يعتد عليه من قبل، هذا إلى جانب التكيف مع هذه التغيرات  وتكييف علاقاته مع الأقران والراشدين ضمن النسق الاجتماعي الذي ينتمي إليه ومن ثم بناء الهوية. فانتقال المراهق من مرحلة الطفل الصغير بفضل التغيرات الجسدية إلى مرحلة المراهق الناضج على كل المستويات الفسيولوجية، الاجتماعية، الذهنية و النفسية يفرض عليه إعادة النظر في معاييره واهتماماته واختياراته. وتتزايد أهمية العلاقات الاجتماعية فيصبح أكثر حرصا على القبول الاجتماعي الذي يتحدّد بفضله مفهومه عن ذاته وتقديره لها. فهو يتعلّم أن يرى نفسه من خلال نظرة الآخر إليه أثناء ممارسة أدواره الاجتماعية. ويعتبر تجديد التجربة الزمنية أحد أهم التحولات التي يجب على المراهق أن يعيشها: فمن الطـفولة إلى المراهقة يتشـكل الفضاء الزمني. وتنضج الحياة الجنسية للمراهق. وينغمس المراهـق في علاقات خارج الأسـرة ويستثمر مشروع حياة (مدرسي، عائلي، تكويني أو مهني) يوصله إلى الاستقلالية وتكوين ذات متفردة عن الآخر. تتبدّل نظرة المراهق إلى جسده و إلى مكانته في الأسرة و إلى العالم الخارجي و بناء على كل هذا يجب على المراهق تعبئة نفسه و جهوده لمواجهة التحولات التي تؤدي إلى تغييرات في النظام الاقتصادي الديناميكي و الموضوعي للحياة النفسية. إنّه و لأهمية وشدّة هذه التغيّرات يرى الكثير ممن اهتموا بدراسة المرحلة و تحوّلاتها أنّه لا يصح، إرجاع الخروج و الانتقال من الطفولة إلى المراهقة مجرد "أزمة مراهقة" بل هي صيرورة لا بد المرور بها، و بأنّ هذا الخروج هو الذي يبرهن و يبيّن لنا على أنّه ليس هناك عمر بيولوجي يحدد الانتقال من الطفولة إلى المراهقة.

فصيرورة التكوين هذه تعني أن الهوية ليست مجرد امتداد للماضي بل انفتاح على المستقبل و إمكانية إثبات الشخصية من خلال التمسك بفكرة و بالنجاح أو من خلال الرغبة في تحقيق الذات و الاستقرار و تتصف بالديناميكية و تأتي نتيـجة التبادل الذي يحدث في بنى الشخصية. و نفهم من هذا، أن الشعور الذاتي بالهوية يحمل ميزة التوجه نحو المستقبل، و يتعلق الأمر بتمثل الذات مسقطة نحو الغد و يسمح بإعطاء معنى لحياة الشخص و للعالم المحيط به. و هكذا نجد Erikson, E. يؤكد دوما على أنّ المشروع يقترن بالشعور بالانا   و بالإحساس بالثقة و بالإرادة الحرة و الخيال و النشاط الفعال.

و يسمح نمو الطفل و تطوره بالاستقلال التدريجي عن الصور الوالدية دون أن يلغيها بوصفها مرجعيات معرفية و اجتماعية و عاطفية و يشجع فيه الرغبة إلى التطلع و التفتح بما يوفره له المحيط العائلي و المدرسي من إمكانات ضرورية لذلك مما يساعده على تكوين الشعور بالذات و معرفتها و تنمو عنده القدرة على التمييز بين أناه و الآخر و يمنحه القابلية ليتحكم في الزمن و مواجهة مسؤولية بناء المستقبل.

إن المراهقة مرحلة انتقال ليست بالمستقلة و لا بالمنفصلة عن باقي مراحل النمو الشامل حيث تتأثر بما سبقها و تترك آثرها على ما يليها من فترات. فالانتقال الكبير للمراهق من دور الطاعة و الخضوع إلى تكوين الإحساس بالمسؤولية يساعده على تكوين شخص ناضـج له حقوق، و عليه واجـبات، يعرف ما يريد و إلى ما يطمح و إلى أين هو ذاهب؟ و ماذا يريد أن يفعل؟ فصيرورة التكوين الشخصي تضع الفرد أمام حتمية البحث المستمر عن الوسائط لمواجهة المشاكل التي تعترضه.

و لهذا تكوّن عملية الدعم و المرافقة أمورا أساسية للبناء النفسي و الشعور بالجـدوى و خلق روح المنافـسة و المثابـرة على الشيء و استحسان الصورة الذاتـية و من ثمة تقدير الذات و الاعتراف بها بوصفها استراتيجية ضرورية لإمكانية إسقاط الذات نحو اختيارات حرة ومسؤولة، مما ينمي الشعور بالثقة و يساعد على التفتح على الغير و التواصل و اكتساب خبرات تساعد على الاستقلالية. و يقترن موضوع البحث عن الذات في فترة المراهقة بقدرة المراهق على تحديد وضعيته الاجتماعية في الوسط الذي يعيش فيه و يتفاعل معه من خلال رسم مشروع حياة يوجه طريقه نحو مستقبل مرتقب.  

فنحن نتساءل هنا: إن كانت هذه سيرورات المراهق في الحالات العادية، فما مصير المراهق أو المراهِقة اللذين يعيشان بمراكز لإعادة التربية، و الذين ينظر إليهما المجتمع نظرة سلبية و هما في قطيعة مع المجتمع، حرما في سن مبكرة من الأسرة كخلية اجتماعية أولى ضرورية للتنشئة الاجتماعية. و تركا المدرسة في سنّ مبكّرة كمؤسسة اجتماعية و تربوية هامة تساهم بفعالية في التنشئة الاجتماعية لما توفره للطفل من نماذج أخلاقية و اجتماعية و علائقية ضرورية لعملية التكيّف مع لمواقف المختلفة تساعده على القيام بالأدوار المنوطة إليه، و من ثم بناء مشروع حياة. ففي ظلّ كل هذه المحددات، يتمحور موضوع دراستنا الذي يعالج إشكالية مشروع الحياة عند المراهقين فتيانا كانوا أم فتيات، الموجودين بمركزي الطفولة الجانحة بمدينة وهران. و بما أنّه لكل دراسة ميدانية أسسا و مناهجا تقوم عليها، اخترنا في الدراسة الحاليـة المنهج الاجتماعي الإكلينيكي، ذلك لأنّ دراسة الظواهر الاجتماعية باعتبارها مواضيع متفردة واجتماعية تخص الأفراد أثناء تفاعلهم في فضاءات اجتماعية بحتة يتطلب اعتماد وسائل تأخذ بعين الاعتبار في الوقت نفسه شمولية الكائن البشري. فالشخصية محصلة عمليات تجمع بين عوامل نفسية داخلية و عوامل اجتماعية خارجية. كما اعتمدنا على طريقة دراسة الحالة للتحقق من صـدق الفرضيات، حيث تهتم هذه الطريقة بتوضيح أوضاع التأزم المختلفة وما تخلفه من انعكاسات خطيرة على جوانب الحياة النفسية، السلوكية والاجتماعية، ذلك لأنها تنطلق من حالات ملموسة وواقعية. و تبنّينا طريقة تحليل المضمون في مقاربة المعطيات المحصل عليها بفضل الوسائل المستعملة كالمحادثة العيادية الموجهة وسلم كوبر سميث و هذا لما تمنحه لنا هذه الأدوات من تشفير المعطيات الكامنة و الظاهرة التي قدّمها المفحوصون.

تناولنا في الفصل الأول من هذه الرسالة المنهجية و الأدوات المستعملة للتحقق من الفرضيات، مع شرح و تفسير و وصف الخطوات التي تم بها إعداد الدراسة و استغلال ميدانها والحديث عن المركزين اللذين تمت بهما الدراسة الميدانية: مركز إعادة التربية بنين و بنات بمدينة وهران. و في الفصل الثاني و الثالث والرابع من الجانب النظري تطرّقنا لمصطلح المشروع، المراهقة و بناء الهوية ثم الانحراف، الصورة الذاتية تقديرها و مشروع الحياة. أما في الجانب التطبيقي، فتناولنا فصلا لعرض نتائج الدراسة الحالية من نتائج دليل المقابلة وسلّم كوبر سميت. و فصلا آخر لتقييم فرضيات الدراسة في ضوء النتائج النهائية. أما في الفصل الأخير فعرضنا خلاصة أعطينا فيها نظرة وجيزة عن النتائج المحصّل عليهما.

تهدف دراستنا لموضوع مشروع الحياة عند المراهق و المراهقة الجانحة إلى  معرفة ما إذا كان هؤلاء ينوون التخلص من الوضعية التي يوجدون فيها عن طريق إنجاز مشروع، كيفما كانت طبيعة و نوعية هذا المشروع أي مشروع مدرسي، مشروع عائلي أو مهني أو مشروع حياة. أي نهدف إلى فهم الأبعاد الديناميكية التي تتخذها الرغبة في تجاوز التهميش و مدى معقولية و واقعية المشاريع التي يتبنونها. و ما هو المعنى الذي يعطيه هؤلاء لهذه الرغبة؟ أي الأشكال التي يتخذها مفهوم المشروع؟ و معرفة ما هي السبل والوسائل، التي يتوقعون الاستعانة بها للخروج من الأوضاع المزرية التي يعيشونها؟ هذه الدراسة -كما سبق وأن أشرنا- لم تنطلق من العدم، و لم تكن وليدة الصدفة فهي في محتواها امتدادا لدراستنا السابقة في الماجستير التي تناولنا فيها موضوع المراهقة الجانحة و الأبعاد الديناميكية و الاجتماعية و النفسية التي ميزت شخصية المراهق الجانح -فمجال دراستنا هذه لم يسمح لنا بتناول بعض الجوانب الهامة التي كانت تشكل محور اهتمامنا مما جعلنا نستغل الفرصة لنتناولها في هذه الدراسة-. كما جاءت هذه الدراسة لتأكيد تجربتنا العملية في ميدان الطفولة و المراهقة الجانحة بمكتب الحماية الاجتماعية لولاية وهران باعتبارنا أخصائية نفسانية و مسؤولة فيما بعد لمدة تفوق الاثني عشر سنة. فالمشاكل التي واجهتنا و نحن نخوض مهمة إعادة توجيه و إدماج المراهقين المنحرفين و محاولة فهمهم و استيعاب مشاكلهم، و الأسباب التي أدت بهم إلى الانحراف و فهم تاريخهم الشخصي، مشاكل منها ما يرتبط بنقائص مادية كندرة المؤسسات الخاصة في استقبال المراهقين و الأطفال في خطر معنوي، قدم القوانين و المواد القانونية التي تسيّر شؤون الطفولة الجانحة. أضف إلى ذالك رغبتنا في المساهمة و تقديم الطرق المناسبة في مواجهة هذه الآفة الاجتماعية، كلها أمور دفعتنا إلى البحث في هذا الموضوع دون غيره. زيادة على كل هذا سعينا الحثيث لرد الاعتبار لهؤلاء المغبونين اجتماعيا الذين قلما اهتمت بشؤونهم الأبحاث والدراسات و لا سيما موضوع رغبتهم و نيتهم في العودة الاجتماعية من خلال مشروع حياة في حدود معلوماتنا.

و نذكّر بإشكالية الدراسة إذ أردنا من خلال دراسة مشروع الحياة في مرحلة المراهقة توضيح أن الاختيارات تتم في هذه المرحلة الانتقالية من الطفولة نحو الرشد حيث يعمل الفرد على تأكيد ذاته و إعطائها معنى بوصفها فردية مستقلة  لها مبادئها و مسؤولة عن ما تفعله و ما تقوله في ممارسة الحياة من أجل تحقيق اختيارات شخصية و مكانة اجتماعية و تعبّر عن وعي المراهق بالمستقبل. فمسألة المشروع هنا ترتبط بأزمة المراهقة و بقدرة المراهق على إسقاط ذاته نحو المستقبل  بكل حرية مع الأخذ بعين الاعتبار الإطار المكاني الذي يترعرع ضمنه و الديمومة الزمنية و الاختيارات المستقبلية وأيضا نماذج التطابق و الظروف و الإمكانيات الضرورية للنمو من أجل تسجيل الذات في المستقبل ذلك لأن بناء المشروع له علاقة بتأسيس الذات و ببناء الهوية.

و انطلاقا من مقتضيات صيرورة تكوين المشـروع و التي تحددها الأمور النفسية و تفترض كفاءات معرفية و الدافعية، يعتمد الفرد على التصور الحقيقي للمستقبل و تخطيط معالم الطريق التي يسلكها لبناء شخصيته تبلورت إشكالية الدراسة الحالية التي تبحث في مشروع الحياة عند المراهق و المراهِقة الجانحة الموجودين  بمراكز للطفولة الجانحة و التي انطلقت من فكرة أن هؤلاء لا يتطلعون إلى المستقبل و ليست لهم القدرة على التخطيط له لما يجاذبهم من أوضاع نفسية واجتماعية و انفعالية صعبة، بسبب حالة الجنوح التي يتخبطون فيها: فهم في انفصال عن الأسرة، المدرسة و المجتمع، الأمر الذي دفعهم إلى انتهاج طريق العنف و التهميش و التمرد على القانون و على المعايير وقيم المحيط الذي يعيشون فيه. كل هذا من المفترض أنه يؤثّر على نظرتهم الذاتية، و يسيء إلى الوعي الذاتي و إلى المكانة التي يتميّز بها هؤلاء بين المجتمع، و يخل بالأدوار المنسوبة إليهم. و يضاعف وجود هؤلاء بمراكز لإعادة التربية شعورهم بالإهمال و الإحساس بالدونية و السلبية و النبذ. و حتى يتمكن المراهق في الحالات العادية من بناء ذاته فهو في حاجة ماسة إلى وسـط اجتماعي مستقر، قادر على توفير كل الإمكانيات الضرورية، لتمكينه من النمو السليم و تأكيد الذات و تمثيل الأدوار المنسوبة إليه، و من ثم التخطيط للمستقبل و هذا ليس شأن العينة المدروسة. فالإحساس بقيمـة الذات أو تقديرها و الحاجة إلى الاعتراف أساسها الآخر، أي التغذية الرجعية، و النظرة التي يوجهها لنا الآخر و الأحكام التي يصدرها في حقنا، كل هذا من شأنه أن يحفزنا أو العكس، إذ أن الإحساس بالاعتراف الاجتماعي و بتأكيد اختلافنا يتم عن طريق الاعتراف الذاتي بشخصنا، بفردانيتنا و الاقتناع الدائم بأننا مقبولون اجتماعيا ومحبوبون من طرف الآخر باعتباره محدّدات هامة للتكوين الشخصي: ماهي نظرة هؤلاء لأنفسـهم وما هي الصورة التي تشكلت لديهم عنها؟ و ما هي علاقة الجنوح بتقدير الذات و بمشروع الحياة عند المراهق والمراهِقة؟ فعندما نتساءل عن الجنوح و تقدير الذات و مشروع الحياة، فإننا نحاول توضيح العلاقة الفعلية التي يمكن أن تربط هذه المتـغيرات الثلاث باعتبارها رهانًا وجوديًا و شخصيًا أساسياً لبلوغ النضج و الدخول في الحياة. إذ تضع هذه العناصر الثلاثة "الجنوح، تقدير الذات و مشروع الحياة"، هؤلاء المراهقين أمام إشكالية إعادة النظر في إدارة و تنظيم التجارب الماضية المعاشة التي تشكل قاعدة هامة للاختيارات المستقبلية المهنية و التعليمية و العائلية و الاختيارات الشخصية بصفة عامة.

ماهي مشاريع هؤلاء وما هي الآليات النفسية والاجتماعية التي يستعملونها لتخليص الذات مما هي عليه؟ نحاول من خلال طرحنا هذا فهم وحصر الاستراتيجيات التي تُمكّن هؤلاء من بناء الذات والوصول إلى تحديد الهوية الشخصية و من ثم التطلع إلى المستقبل. و هنا نجد عناصر كثيرة يجب أن نأخذها بعين الاعتبار، منها ما يرتبط بتجربة المراهق الخاصة، و منها ما يتعلق بالتحولات التي ميزت مجتمعنا مؤخرا و منها ما يتعلق بتكوين الذات في فترة المراهقة بما في ذلك المقومات العاطفية و الاجتماعية و الاستثمارات النفسية، و الممارسات التي تسمح للمراهق بتكوين هويته الشخصية و الاجتماعية. و تحصيل القدرات التي تساعد على الاختيارات المستقبلية. ذلك لأن مشروع الحياة يرتكز على استجواب الذات عن اهتماماتها الحالية و ما يريد، الشخص فعله وما يريد أن يكون. فإذا أخذنا بعين الاعتبار عينة دراستنا الموسومة بالانحراف و انطلاقا من فكرة أن العلاقة بين التجارب السابقة و النظرة إلى الذات هي أمر بديهي، عندما نكون أمام مراهقين و مراهقات في صعوبـة على كل المستويات و في ظـل ما نفترضه حول ارتباط الانحـراف  و التهميش و تقدير الذات فإنّنا نتساءل: كيف وصلوا إلى الانحراف؟ حيث لا يمكننا  فهم معنى مشروع الحياة عند هؤلاء ما لم تكن لدينا فكرة عن الأوساط الاجتماعية التي شبّوا بها و الصيرورة الاجتماعية التي مروا بها من جهة والآليات التي استعملها المحيط و العائلة لنقل القيم و المعايير الأخلاقية إلى هؤلاء و كيف تم إدماجهم. إن دراسة مسارات هؤلاء و تحليلها قد تساعدنا على إدراك ما إذا كان لهؤلاء الرغبة و النية في التخلص من هذه الظروف السلبية و كيف يتصورون إعادة بناء و تحديد الذات مستقبلا و كيف يخططون للمستقبل مع الأخذ بعين الاعتبار النظرة إلى الذات و نظرة العائلة و المجتمع إليهم، و علاقاتهم بمؤسسات التنشئة الاجتماعية كمراكز إعادة التربية، و هذا الأمر الذي يساعدنا على فهم و إدراك مدى مساهمة هذه المؤسسات في دفع هؤلاء نحو الأمـام و نحو إعادة ترميم الصورة الذاتية و استعادة المكانة الاجتماعية و إصلاح الروابط الاجتماعية من خلال تكفل بنّاء يرتكز على برنامج ناجـع و مدروس. أي البـحث في الاستراتيجيات التي تنتهجها مؤسسات إعادة التربية و الوسائل التي توفرها لمساعدة هؤلاء المراهقين على تجاوز فشلهم و استعادة مكانتهم الاجتماعية واعتبار الذات. تأخذ الدراسة الحالية بعين الاعتبار البعد النوعي إذ تهتم بمشروع الحياة عند الجنسين. و عليه فإننا نتساءل فيما إذا كانت مشاريع المراهقين المنحرفين هي نفسها عند المراهِقات المنحرفات؟ هل تستعمل المراهِقات المنحرفات الاستراتيجيات نفسها التي يستعملها المراهقون المنحرفون لاستعادة مكانتهن الاجتماعية و استعادة الاعتبار بحكم الفروقات الفردية بين الجنسين و بحكم اختلاف الأدوار التي يسندها المجتمع لكل واحد منهما؟ و عندما نتناول مشروع الحياة عند الجنسين و مدى التساوي في إمكانية التطلع إلى المستقبل و مدى وجود رغبة في استعادة المكانة الاجتماعية و تصحيح الصورة الذاتية، فإننا نريد أن نفهم و نحلل ما إذا كانت الظروف التي ساقت الفتى و الفتاة إلى عالم الانحراف هي نفسها عند الجنسين و ما إذا كانت الاستراتيجيات المستعملة لإعادة بناء الذات واحدة آخذين بعين الاعتبار التحولات و التغيرات الاجتماعية التي طرأت على أدوار الجنسين و مكانتهما.

نتائج الدراسة

-نتائج سلّم الكوبر-سميث: يتّضح من النتائج الخاصة بالمفحوصين الذكور أو الإناث ضعف مرودهم فيما يخص تقدير الذات بمختلف مستوياته العامة أو العائلية أو الاجتماعية أو المدرسية مع تفاوت دال بين الذكور و الإناث خاصة على مستوى تقدير الذات الاجتماعي و العائلي إذ نسجّل ضعفا ملحوظا فيما يخص هذه الأبعاد عند الإناث، الأمر الذي يؤكد ما توصّلنا إليه من نتائج عن طريق تحليل مضمون الخطاب و ما أفرزته التجربة العملية في الميدان فيما يخص  التعامل الاجتماعي المختلف مع جنوح المرأة و جنوح الرجل في المجتمع الجزائري. فلا العائلة و لا المجتمع يتسامح مع المرأة و يسمح لها بالعودة إذا ما هي تخطّت عتبة المنزل. فالمجتمع و إن كان يقصي الرجل في حالة ارتكاب الخطأ و المروق على أعرافه بدرجة فهو يقصي المرأة بشكل مضاعف. أما بعد تقدير الذات المدرسي فالنتائج الإحصائية تدل على تقدير عال عند الإناث منه عند الذكور إذ ثبت من النتائج المحصّل عليها من تحليل دليل المقابلة أنّ عيّنة الإناث اللواتي تناولتهن الدراسة كلّهن زاولن تعليما و تفوّقن و وصلن إلى المدرسة. كان بالإمكان لو لم يواجهن تلك المسارات الصعبة و الأحداث التي باغتت هذه المسارات أن يكون لهن مصير تعليمي مختلف مقارنة بعيّنة الذكور و القلّة منهن لم يصلن إلى المستوى المتوسّط و انسحبن في مرحلة مبكّرة من العمر. فالنتائج التي أفرزها المقياس تعبّر عموما على أنّ المبحوثات و المبحوثين يعانون من ثقل الصورة السلبية التي كوّنوها عن الذات و عن المجتمع بمختلف مؤسّساته العمومية الخاصة بالتنشئة الاجتماعية و التربوية، وإن كان ذلك بشكل متفاوت و إن كانت هناك اختلافات نوعية يفسّرها اختلاف النماذج التربوية المقترحة على الجنسين و التي تقوم على التسامح أكثر مع الذكر منه مع الفتاة و التشدّد معها و الحكم عليها في حالة أي إخفاق الأمر الذي يفسّر اختلاف بين الاستراتيجيات الذاتية المستعملة من طرف المراهقات و المراهقين من أجل إعادة بناء الشخصية باختلاف الأدوار و المسؤوليات التي يسندها المجتمع للرجل و المرأة على حدّ الاختلاف في المجتمع الواحد مهما بلغت درجة التغيير الحاصلة به. فهؤلاء يقعون تحت وطأة إخفاقهم في بناء الذات في ممارسة الأدوار الاجتماعية التي أسندها إليهم المجتمع و فشل في الفوز بمكانة معتبرة بين أفراد المجتمع الذي يعيشون ضمنه و التي لو استطاعوا التحرّك داخلها لكان من شأن كل هذا أن يساعدهم على تأسيس مفهوم صحيح عن الذات و عن الآخر و التفاعل السليم داخل المجتمع. كان من نتائج كل هذا، اللجوء إلى الانحراف و مضايقة الآخر -وسيلةً وإن كانت شاذة يرفضها المجتمع- للاحتماء من مشاعر الدونية و عدم الاعتبار واستراتيجية وإن كانت غير متوافقة للتواصل و الدخول في علاقة مع الآخر. و تتفق هده النتائج المحصّل عليها من اختبار الكوبر سميث مع تلك التي استقيناها من تحليل مضمون دليل المقابلة.

- نتائج دليل المقابلة: نتناول بالشرح و التحليل، ما أفرزه دليل المقابلة من حديث عن الذات و عن المسار الشخصي للحالات المدروسة  مقسّمين هذه النتائج إلى ثلاث مجموعات :مجموعة المراهقين و المراهِقات الذين لهم الرغبة و النية الفعلية في تجاوز هذه المسارات الصعبة عن طريق إسقاط الذات نحو مشروع. و المجموعة الثانية التي سمّيناها "في أزمة مشروع" و مجموعة ثالثة تعاني من تدبدب و عدم واقعية في إسقاط الذات، إذ يتّضح من خلال النتائج التي توصلنا إليها في هذه الدراسة أنّ المسار الصعب الذي سلكه هؤلاء ارتبط إلى حد ما، بظروف العلاقات الأسرية المتأزمة والعلاقات مع باقي المؤسسات الاجتماعية المنيبة.  فمشاكل هؤلاء بدأت مع الآخر المختلف و إشكالية التعايش معه بالمعايير التي فرضها عليهم. و يبدو تأثير المحددات الأسرية السلبية و فشل التجربة المدرسية و غيرها، -كعلاقة هؤلاء بالمؤسسات الاجتماعية الأخرى- واضحا على مفهوم الذات و الصورة السلبية التي أسسها هؤلاء عن ذواتهم و عن الآخرين واضحة خلال مسار حياة محفوف بالمشاكل والصراعات في مرحلة انتقال غالبا ما تتميز بإشكالية تأكيد الذات و المعارضة، قادت هؤلاء المبحوثين و المبحوثات إلى عدم قبول الهوية السلبية. كما أنّ الغلق عليهم بمراكز لإعادة التربية عمّق شعورهم بالسلبية وعدم الجدوى الذاتية وأدى إلى سوء تقدير الذات اجتماعيا و التمادي في السلوكات المتمردة بوصفها رموزًا تواصلوا بها مع العالم الخارجي تعويضا عن فشلهم في التحاور معه بصورة عادية، و تعبيرا عن عدم الرضا عن الذات بالنسبة للكثير منهم. و يعترف البعض منهم بشرعية ردّ الفعل هذه ضد أسرة فرطت في توفير المطالب الضرورية لنموّه، وضد المدرسة التي لم تفلح برأيهم في تسطير برامج ومواد ترغبّهم في الاستمرار بها، أي ضد المجتمع الذي همّشهم وأقصاهم. و بيّنت الدراسة في هذا المضمون ثلاثة أنماط داخل العينة نفسها نقدّمها باختصار: 

المجموعة الأولى، مجموعة المراهِقات و المراهقين التي أظهرت نية فعلية في تجاوز الصورة السلبية و إعادة بناء الذات و إن كان العدد الإجمالي لهذه المجموعة صغير بالنسبة للمجموعة التي يتسم معظمها بما أسميناه "أزمة مشروع"، إما بفضل استغلال فرصة التكوين المهني الذي اقترحته عليهم مؤسسة إعادة التربية أو تسوية العلاقة مع الأسرة أو بفضل فرصة و جودهم و لأول مرة وجها لوجه مع ذواتهم بعد رحلة التشرد، مما سمح لهم بإدراك القيمة الحقيقية لذاتهم و الاستماع لأنفسهم و بالتالي استبصروا المسارات التي مروا بها و عبّروا بعد ذلك عن رغبة فعلية في تصحيح صورتهم الشخصية من خلال مشروع مهني. فالشيء الذي نقوله عندما نعرض مثل هذه المظاهر التي ميّزت كل مجموعة على حدى، أن الميل إلى السواء أو عدم التكيف أو الاستقرار على صورة ذاتية ما ليس صيرورة حتمية أي ليس اكتسابا قد يلازم الفرد مدى العمر. فالشخص قد يحمل بذور نجاحه مثل ما يحمل عوامل دمارها في ذاته أو فيما تهيئه الظروف ويتجه إليها بفعل قوى قد تكون داخلية أو خارجية. و تبقى العبرة في الكيفية التي نصل بها إلى الوعي بكل ذلك و المرونة و القابلية التي تتصف بها الشخصية للتغيير و التحول.

و المجموعة الثانية من المراهقات و المراهقين الذين و صفناهم بمن ليس لهم نية فعلية في إعادة بناء الذات و تصحيح الصورة الذاتية و قلنا بأنهم في "أزمة مشروع" و يشكلون أغلبية أفراد العينة المدروسة. فهم لا يريدون أن يكونوا إلا ما أرادوا أن يكونوا في ظل تلك المسارات الصعبة و الوعرة، مع عدم الرغبة في التغيير. فالمبادرات التكوينية المتفرقة التي اقترحها المركز لم تغيّر موقفهم من الذات أو من الآخر، و لم تعالج الجرح النرجسي الذي يؤرق وجودهم، حيث تؤكد المعلومات التي جمعناها عن التاريخ الشخصي لهؤلاء مدى الصعوبة التي يجدونها في التخلص من هذا الطريق المنحرف الذي اتجهوا نحوه في غياب الدعم  سواء الأسري أو المدرسي أو الاجتماعي السياسي.

أما المجموعة الثالثة من المراهقات و المراهقين الذين اتصفوا بعدم الواقعية و المعقولية في إسقاط الذات، و عددهم أقل من المجموعتين، يكاد ينحصر في ثلاثة أفراد من عينة الدراسة (مراهِقة ومراهقين). يتميز و جودهم بعدم استقرار الاختيارات المستقبلية فهم في كل مرة يعبرون عن رغبة في الخلاص مختلفة عن الأولى و متباينة مع إمكانياتهم النفسية و الاجتماعية و المادية. فهؤلاء و إن كانوا يعبرون على هذه الحالة من الانشطار و التمزق والتأزم و عدم الرغبة في فعل أي شيء أو التردد و عدم التأكد مما يريدونه فعلا و غموض المستقبل كما هو الحال بالنسبة للمجموعة الثالثة، فذلك لأنهم لم يجدوا أنفسهم لا في تلك النماذج التربوية المقترحة من الأسرة و لا في تلك التي تعرضها المؤسسات البديلة. فكأنهم يحتمون من مشاعر الإخفاق و الفشل وعدم الاعتبار من خلال هذه الرغبة اللاواعيية في عدم تجاوز هذه الهويات "المنحرفة"، إذ يتخذون الاستمرار عـلى التمرد و تجاهل المجتمع نموذج حياة يحققون بفضله توازنهم الشخصي و الذاتي.

الخلاصة

تطرح الدراسة الحالية و نتائجها إشكالية ندرة الاهتمام العلمي الأكاديمي بمثل هذه المواضيع. فهناك دراسات قليلة في حدود معلوماتنا تناولت موضوع مشروع الحياة لا سيما عند هذه الشريحة المهمّشة من المراهقين و استراتيجيات إعادة بناء الذات و الهوية الشخصية و الفروق الجنسية في مواجهة أزمات الذات و صراعات الهوية. و اهتمامنا بالمراهقة باعتبارها فئة عمرية فعّالة و فاعلة و مرحلة انتقالية من منزلة الطفل إلى منزلة الراشد و بالإطار الاجتماعي الثقافي الذي تكوّنت فيه تلك الذاتيات التي تناولتهم الدراسة دعوة حقيقية للسياسات الاجتماعية و المجتمع المدني إلى الالتفات إلى هذه الفئة الهامة من المجتمع و تسجيلها ضمن اهتماماتهم العملية و صرخة مدوية لتجديد المواضيع العلمية التي تتناول هذه الفئة بالجزائر و تجاوز الخطابات النموذجية الدوغماتية و توجيه البحث العلمي نحو مواضيع تتعلق بالذاتية و المراهق، بالتحولات الاجتماعية و دورها في الرهانات التي يعوّل عليها المراهق في تأسيسه الشخصي. فنحن و إن كان احتكاكنا بمحاكم الأحداث من خلال تجربتنا العملية و ممارستنا لمهمة الوسيط القضائي و المحلّفة لدى محاكم الأحداث قد سهّل علينا دخول ميدان الدراسة التطبيقية بدون عراقيل بيروقراطية إلاّ أنّ الفراغ النظري لم يسهل علينا مهمة إنجاز هذه الدراسة و كان أحد الأسباب التي صعّبت نوعا ما هذا العمل. و عليه فإنّ الدراسة الحالية قد تكون مساهمة علمية يستفيد منها الدارسون و القائمون بظروف هذه الشريحة للوعي بها و حسن توجيهها و التصرف معها. كما نسجل إسهامات نتائج هذه الدّراسة في كونها قدّمت مقياس تقدير الذات لكوبر سميث في شكله المدرسي بعد ما تمّ تكييفه على المجتمع الجزائري من طرف الأستاذ فراحي فيصل الذي شكل السلم موضوع دراسته في الدكتوراه، ربما قد يتسنى استخدامه من قبل غيرنا من الباحثين و الدّارسين و الاستعانة به في دراساتهم.

 المراجع باللغة العربية و المترجمة

داستور، فرانسواز (2002)، هايدغر و السؤال عن الزمان، ترجمة سامي أدهم، طبعة ثانية، بيروت الحمرا، المؤسّسة الجامعية للدراسات و النشر و التوزيع.، .

رولو، ماي. (1993)، البحث عن الذات دراسة نفسية تحليلية، ترجمة و تعليق و تقديم عبد العالي الجسماني، بيروت، المؤسسة العربية للدراسات و للنشر.

دعد، الشيخ. (2007)،  مفهوم الذات بين الطفولة و المراهقة، دمشق، دار كيوان للطباعة و النشر و التوزيع.

الريماوي، محمد،عودة. (1994)، سيكولوجية الفروق الفردية و الاجتماعية في الحياة النفسية، عمان، دار الشروق للنشر و التوزيع.

 حبيب، مجدي، عبد الكريم. (1997) سيكولوجية صنع القرار، لقاهرة، مكتبة النهضة المصرية.

إيغورن كون. البحث عن الذات دراسة في  الشخصية  و وعي الذات ،ترجمة غسان نصر، دار معد للنشر و التوزيع، دمشق، سوريا، بدون تاريخ.

Bibliographie en langue française

Braconnier, A. et Marcelli, D. (1988), Psychopathologie de l’adolescent, 2ème édition Paris, Masson.

Freud, A. (1968), Le normal et le pathologique chez l’enfant. Estimation du développement, Paris, Gallimard.

Birraux, A. (1994), L’Adolescent face à son corps, Paris, Bayard.

Osson, D. (1988), « L’Adolescent d’Aujourd’hui, entre son passé et un avenir », Lille, Presse universitaire de Lille.

Marlinot, D. (2002), Le soi les approches psychosociales, Grenoble, Presse universitaire de Grenoble.

Théodose, E. (1992),  Ces jeunes qui galèrent  Paris, Les Éditions.

Eriksson, E. (1993), Adolescence  et crise, la quête de l’identité, Paris, Flammarion.

Marck, E. (2005), Psychologie de l’identité, Dunod, Paris.

Edmond, M., Lipiansky, I., Taboada, L., Vasquez Peyer, H., Camillerie, C., et Kastersztein, J. (1998), tratégie identitaire, Paris, PUF.

Rodriguez-Hector, T., (1972), Le moi et l’autre dans la conscience de l’adolescent, Neuchâtel, Delachaux et Niestlé.

Bergès, J., Bergès, M., Bounes, S., et Calmette, J. (2003), Que nous apprennent les enfants qui n’apprennent pas, Paris, Ères.

Boutinet, J.-P. (1993), Psychologie des conduites à projet, Paris, Coll. Que sais-je, PUF.

Boutinet, J.-P. (1993), Anthropologie du projet », Paris, PUF.

Guichard, J. (1993), L’école et les représentations d’avenir des adolescents, Paris, PUF.

Guichard, J. (1993), « Les Projets des jeunes, une question d’identité »,in  Projet d'avenir et adolescence, Les enjeux personnels et sociaux, Paris,  .ADAPT.

Guillaume, J.-F. (1998),  Histoires de jeunes. Des Identités en construction, Paris, l’Harmattan.

Nuttin, J. (1980), Motivation et perspectives d’avenir, Paris, Presse universitaire de Louvain.

Walgrave, L. (1992), Délinquance systématisée des jeunes et vulnérabilité sociétale. Essai de construction d’une théorie intégrative, Genève, Médecine et hygiène.

Baugnet, L. (1998), L’Identité sociale », Paris, Dunod.

Born, M. (2003), « Psychologie de la délinquance », Bruxelles, De Boeck.

Fize, M. (2003), Ne m’appelez plus crise ! Parler de l’adolescent autrement, Paris, Eres.

Debesse, M. (1941),  La Crise d’Originalité Juvénile, Paris, PUF.

Tape, P. et Oubraylie, N. (1993), « Projet et réalisation de soi à l'adolescence », in Projet d'avenir et adolescence. Les enjeux personnels et sociaux, Paris, ADAPT.

Alleon, M., Morvan, O., et Lebovoci, S. (1990), Devenir adulte, » 12ème éd., Paris, PUF.

Castellan, Y. (1988), L’Enfant entre mythe et projet, Paris, Paidos du Centurion.

 


 الهوامش

 *رسالة دكتوراه، مشروع الحياة عند المراهقين الجانحين، دراسة بمركزي إعادة التربية بنين و بنات بوهران" إعداد مقدم خديجة تحت إشراف الأستاذة شريف حلومة. جامعة وهران معهد علم النفس و علوم التربية قسم علم التفس العيادي، أفريل 2012.

 [1] Erikson, E., psychanalyste américain, né le 15 mai 1902, et décédé le 12 mai 1994. Il est le premier à avoir proposé une théorisation du concept d’identité dans le champ de la psychologie du développement.

 

Appels à contribution

logo du crasc
insaniyat@ crasc.dz
C.R.A.S.C. B.P. 1955 El-M'Naouer Technopôle de l'USTO Bir El Djir 31000 Oran
+ 213 41 62 06 95
+ 213 41 62 07 03
+ 213 41 62 07 05
+ 213 41 62 07 11
+ 213 41 62 06 98
+ 213 41 62 07 04

Recherche