الشورى بين النظرية والتطبيق


إنسانيات عدد 12 | 2000 | إشكالية التراث ؟ | ص61-73| النص الكامل


Chamri GHAZI  : Maître de conférences, Université d'Oran, 31 000, Oran, Algérie


 

يحتل موضوع الشورى في اختيار الحكم ­­خليفة الرسول) مركز ا متميزا في الكتابات التاريخية والفقه السياسي .

وقد ثبت بما لا يقبل الجدل انه لم يرد عن النبي مما يمكن أن يلتمس منه تكليف أمر من يخلفه بعد مماته إلى الشورى، بل إن الأدلة الصريحة من القرآن والسنة تؤكد عدم توصيته إلى أحد من الأمة مطلقا.

ومما يشهد بذلك أن النبي لما عرض الإسلام على القبائل إشترط عليه بعضهم أن يكون الأمر لهم

من بعده، فرفض هذا الشرط وهو في أشد ما يكون إلى الأنصار والمؤيدين وفي ظروف عسيرة.

ذكر إبن هشام إن النبي عرض نفسه على بني عامر بن صعصعة، فأجابوه : "أرأيت إن نحن بايعناك على أمرك،ثم أظهرك الله على من خالفك، أيكون لنا الأمر من بعدك ؟ قال : الأمر إلى الله يضعه حيث يشاء"[1] .

وعدم ورود شيئ عن النبي في هذا الموضوع، قضية مفروغ منها، متفق عليها، لانزاع فيها، فمتى ولد التفكير في إسناد هذا الأمر إلى الشورى؟

إن المصادر التاريخية وكتب الحديث تؤكد أن هذا المبدأ (الشورى) سنهُ عمر بن الخطاب قبل وفاته، وليس له قبل هذا التاريخ أثر.

قال القرطبي، بعد حديث طويل في استحباب الشورى "وقد جعل عمر بن الخطاب الخلافة،وهي أعظم النوازل-شورى "[2].

وقال أبن كثير :-"وأمرهم شورى بينهم "أي لا يبرمون أمرا حتى يتشاوروا فيه، ليساعدوا بآرائهم، في مثل الحروب وما جرى مجراها، كما قال تعالى: "وشاورهم في الأمر " ولهذا كان صلى الله عليه وآله وسلم يشاورهم في الحروب ونحوها لتطيب بذلك قلوبهم، وهكذا لما حضرت عمر بن الخطاب الوفاة حين طعن جعل الأمر بعده شورى"[3].

إن التساؤل المطروح هو كيف حدث هذا التحول الكبير ؟ وتحت أي دافع تم التصرف بالمقدس، وفي ظل أي معطيات ؟

لقد أجاب عمر بن الخطاب عن هذا السؤال الهام وذلك في خطبته الشهيرة التي ذكر فيها سقيفة بني ساعده، ثم قال "لايغترن أمرؤ أن يقول إنما كانت بيعة أبي بكر فلته وتمت، ألا إنها قـد كانت كذلك، ولكن وقى الله شرها، فمن بايع رجلا من غير مشورة من المسلين فلا يبايع هو ولا الذي بايعــه، تغّرة أن يقتلا"[4].

و يعود سبب هذه الخطبة التي أفرزت "الشورى" مبدأ في إختيار خليفة المسلمين لأول مرة،كمـــا يذكره القسطلاني إن عبد الرحمن بن عوف جاء إلى ابن عباس في موسم الحج وقال له:

لو سمعت مـا قاله أمير المؤمنين –يعني عمر ابن الخطاب –إذ بلغه أن "فلانا" قال لو قد مات عمر لبايعت "فلانا" فما كانت بيعة أبي بكر إلا فلتة، فهّـم عمر أن يخطب الناس ردا على هذا القول، فنهيته لاجتماع الناس كلهم في الحج وقلت له إذا عدت إلى المدينة فقل هناك ما تريد، فانه أبعد عن إثارة الشغب، فلما رجعوا من الحج إلى المدينة قام عمر في خطبته المذكورة… فمن هو "فلان" القائل ؟ ومن هو "فلان " الآخر؟

حين تردد بعض الشارحين في الكشف عن هذين الاسمين، استطاع ابن حجر العسقلاني أن يتوصل إلى ذلك بالإسناد الصحيح المعتمد عنده والذي ألغى به كل ما قيل من أقوال أثبت ضعفها و وهنها، فقال : وجدت في الأنساب للبلاذري باسناد قوي، من رواية هشام بن يوسف، عن معمر، عن الزهري، بالإسناد المذكور في الأصل، ولفظه : (قال عمر : بلغني أن الزبير قال :لو قد مات عمر لبايعنا عليا…) الحديث [5] ذلك هو السر في ولادة مبدأ الشورى في الخلافة!

إن الدعامة الكبرى التي قامت عليها نظرية الشوري هو أن أمر الخلافة شأن الأمة… ومن هنا ابتدأت الأسئلة تنهال على هذه النظرية، عند البحث عن الدليل الشرعي في تفويض هذا الأمر إلى الأمة، وعند محاولة إثبات شرعية الأسلوب الذي تسلكه الأمة في الإختيار.

والدليل الشرعي الذي يدعم هذه النظرية هو قوله تعالى " وأمرهم شورى بينهم "[6] ومن هنا قالوا إن أول وجوه انتخاب الخليفة هو الشورى.

لكن لو عدنا إلى المصادر التاريخية وكتب التراجم و السير لو جدنا أن إنتخاب أبي بكر كـان بمعزل عن هذا المبدأ تماما، فإنما كان "فلتة" كما وصفه عمر، وهو الذي أبتدأه وقاد الناس إليه. ثم كان انتخاب ثاني الخلفاء الراشدين بمعزل عن هذا المبدأ. وحين أدركته الوفاة على أثر الاعتداء عليه من قبل أبي لؤلؤه (غلام المغيرة بن شعبة ) أصبح يبحث عن شخصية يرتضيها فيعهد إليه بالخلافة بنص قاطع بعيدا عن الشورى !فقال : لو كان سالم مولى أبي حديقة حيا لوليته[7] ثم قال : لو كان أبو عبيدة حيا لوليته[8] ثم قال لو كان معاذ بن جبل حيا لوليته[9] إذن لم يكن الخليفة عمر ابن الخطاب يعتقد أن الأصل في التولية هو الشورى، و إن كان قد قال بالشورى في خطبته الأخيرة إلا أنه لم يعمل بها إلا إضطرارا حين لم يجد من يعهد بها إليه.

ثم اسـتقر رأيه على ستة من كبار الصحابة علبي وعثمان وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص و الزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله على أن يختارو ا رجلا منهم . وقال لصهيب الرومي : صّل بالناس ثلاثه أيام، وأدخل هؤلاء الرهط بيتا وقم على روؤسهم، فإن إجتمع خمسة وأبى واحد فأشذخ رأسه بالسيف وإن إتفق أربعة وأبى إثنان فاضرب رأسيهما و إن رضي ثلاثة رجال و أبي ثلاثة رجال فـحكموا عبد الله إبن عمر فإن لم يرضوا بحكم عبد الله بـن عمر فكن مع الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف واقتلوا الباقين إن رغبوا عما اجتمع فيه الناس [10] وهكذا نجد أن الشورى التي إرتضاها عمر هي :-

  1. انها بين سته نفر، عينهم الخليفة وحده دون سائر الأمة.
  2. ان يكون الخليفة المنتخب من الستة، لامن غيرهم .
  3. إذا أتفق أكثر الستة على رجل وعارض الباقون ضربت أعناقهم .
  4. إذا إتفق نصف الجماعة على رجل و النصف الأخر على غيره، رجحت الكفة التي فيها عبد الرحمن بن عوف –أحد الستة –وإن لم يسلم الباقون ضربت أعناقهم.
  5. يتولى صهيب الرومي مراقبة ذلك في خمسين رجلا من حملة السيوف على رأسهم أبو طلحة الأنصاري .

لقد تم إختيار عثمان بن عفان كخليفة بعيدا عن رأي الأمة وخلافا لمبدأ الشورى، بل هو نـظام حدده الخليفة، ومنحه سمة الأمر النافذ الذي لا محيد عنه ولا تغيير فيه، ولا يمكن لصورة كهذه أن تسمى شورى بين المسلمين، ولا بين أهل الحل و العقد .

إن تـلك الظروف كانت كفيلة بتعطيل أول شورى في تاريخ الإسلام عن محتواها، فطعنت إذن في تلك القاعدة الأساسية المفترضة. (قاعدة الشورى)

إن هذه القاعدة لم يكن لها عين ولا أثر من قبل، فلم يكن أبوبكر مؤمنا بمبدأ الشورى قاعدة للنظام السياسي وأصلا في إنتخاب الخليفة ولا مارس ذلك بنفسه، إذ ولى عمر خليفة له.

إن عـمر كان صريحا كل الصراحة في الإجتهاد في تفسير النص المقدس ( وأمرهم شـورى بينهم )، وذلك حين قال ( لو كان سالم حيا لوليته ). إن عهدا كهذا ليلغي رأي الأمة، وحتى رأي الجماعة التي يطلق عليها ( أهل الحال والعقد).

سئل بعض الفقهاء : إذا عهد الخليفة إلى آخر بالخلافة بعده، فهل يشترط في ذلك رضى الأمة؟

فأجابوا: إن بيعته منعقدة، وإن رضى الأمة غير معتبر، ودليل ذلك أن بيعة أبي بكر لعمر لم تتوقف على رضى بقية الصحابة [11]. لم يكن إذن لقاعدة الشورى أثر في تعيين الخليفة.

وقـد يكون هذا الأمر هو الذي دفع إبن حزم إلى تأخير مبدأ الشورى وتقديم النصّ و التعيين الصريح من قبل الخليفة السابق، فقال "وجدنا عقد الإمامة يصح بوجوه، أولها و أصحها وأفضلها : أن يعهد الأمام الميَّت إلى إنسان يختاره إماما بعد موته[12].

و بذلك هبط مبدأ الشورى في الواقع عن المرتبة التي إحتلها في النظرية، فتم التنازل عنه تنازلا صريحا-بعد إقراره-وذلك بتصحيح وإعتماد كل ماحدث على الساحة رغم منافاته الصريحة لمبدأ الشورى .

ولم يكتف بذلك، بل تم تبرير تلك الوجوه المتناقضة بلا إستثناء وبدون الرجوع إلى أي دليل من الشرع، والدليل الوحيد هو " فعل الصحابة " رغم أننا نعلم علم اليقين أن الصحابة لم يجتمعوا على رأي واحد من تلك الأراء و الوجوه.

و إن خـلاف المخالفين وإنكار المنكرين كان ينهار أمام الحكم الغالب .وتم منح القرار الغالب والنافذ في الواقع، صبغة الإجماع، بحجة أنه لم يكن لينفذ في عهدهم إلا بإجماعهم عليه، أو إقرار هم إياه . وهذا ينفي حقيقة إن القرار النافذ كان يبتلع كل ما صادفه من أصوات المخالفين والمنكرين، ولا يلقي لها بالا، وهذا هو الغالب على كل ما يتصل بالخلافة و المواقف السياسية الكبرى.

هل أخذ إعتراض بني هاشم ومن معهم من المهاجرين والأنصار على نتائج سقيفة بني ساعدة بعين الإعتبار؟ هل أخذ إنكار بعض الصحابة على أبي بكر يوم إستخلف عمر ؟

هـل كانت هناك من جدوى لإعتراض بعض الصحابة على سياسة عثمان في قضايا كثيرة؟ هل كان إستخلاف علي بإجماع رأي الأمة؟

و إذا كانت الخطوة الأولى في التراجع عن مبدأ الشورى هي القبول بتسليم الأمر إلى الخليفة القائم ليستخلف بعده من يشاء، فإن الخطوة الثانية، كانت خطوة مرة حقا، وهي اختيار مبدأ القهر و الإستيلاء والتغلب بالسيف .

إن إقرار مبدأ التغلب بالسيف ليعد اكبر انتكاسة لمبدأ الشورى .وإذا كانت الشورى مستمدة من القرآن، فمن أين استمدت قاعدة التغلب بالسيف؟

و إذا كـانت الشورى هي القاعدة الشرعية المستمدة من القرآن، فماذا عن عهود الخلافة التي لم تتم وفق هذه القاعدة ؟

لقد انبرى العديد من الكتاب لتبرير الأفعال، قصد إنقاذ هذه النظرية من المأزق الكبير، حتى أصبحت الخلافة وراثة لا اثر للدين فيها.

إن تبرير الأمر الواقع لم تسقط الشورى وحدها، بل اسقط معها أهم شروط الإمامة الواجبة لصحة عقدها، والتي منها :

  1. العدالة :لا تنعقد إمامة الفاسق، لان المراد من الإمامة مراعاة النظر للمسلمين، والفاسق لم ينظر لنفسه في أمر دينه، فكيف ينظر في مصلحة غيره [13] وقالوا إن هذا الفسق يمنع من انعقاد الإمامة، ومن استدامتها، فإذا طرأ على من انعقدت إمامته خرج منها[14].
  2. الاجتهاد :-أن يكون من أفضلهم في العلم والدين، والمراد بالعلم هو العلم المؤدي إلى الاجتهاد في النوازل والأحكام، فلا تنعقد إمامة غير العالم بذلك، لإنه محتاج لان يصرف الأمور على النهج القويم ويجريها على السراط المستقيم، و لأن يعلم الحدود ويستوفي الحقوق و يفصل الخصومات بين الناس، وإذا لم يكن عالما مجتهدا لم يقدر على ذلك [15].

إلا أن هذين الشرطين سرعان ما إنهارا حين تغلب على الخلافة في أحيان كثيرة رجال لم يكن فيهم شئ منها، لا العدالة، ولا العلم المؤدي إلى الاجتهاد.

قال الفراء: قد روى عن الإمام أحمد الفاظا تقتضي إسقاط اعتبار العدالة و العلم و الفضل، فقال (و من غلبهم بالسيف حتى صار خليفة و سمي أمير المؤمنين، فلا يحل لأحد يؤمن بالله و اليوم الأخر أن يبيت و لا يراه إماما عليه، برا كان أو فاجرا، فهو أمير المؤمنين)[16].

وقال القلقشندي:-{إن لم يكن الخليفة المتغلب بالقهر و الاستيلاء جامعا لشرائط الخلافة، بأن كان فاسقا أو جاهلا، فوجهان لأصحابنا الشافعية أصحهما:ـ إنعقاد إمامته أيضا [17].

إن هذا الرأي الخطير لابد له من تبرير أو تخريج، و كان جاهزا و هو [ الاضطرار] لأنه لو قرر عدم إنعقاد إمامته، لزم ذلك بطلان أحكامه كلها المالية و المدنية فيتعين على الخليفة الـذي يليه وفق الشروط الشرعية أن يقيم الحدود ثانية و يستوفي الزكاة و الجزية و هكذا[18]. والضرورة أيضا تقتضي صحة خلافته :لحفظ نظام الشريعة و تنفيذ أحكامها و لأنه لابد للمسلمين من حاكم [19].

إذن قبولها على هذه الصورة يستدعي السعي الدائم لإزاحتها و إرجاع الأمر إلى صيغته الشرعية متى وجدت الأمة سبيلا إلى ذلك.

هذا ما ذهب إليه الشيخ محمد رشيد رضا و قد إستعرض هذه الآراء فقال :{معنى هذا إن سلطة التغلب كأكل الميتة و لحم الخنزير عند الضرورة، تنفذ بالقهر، و تكون أدنى من الفوضى و مقتضاه أنه يجب السعي دائما لإزالتها عن الإمكان، و لا يجوز أن توطن الأنفس على دوامها، و لا أن تجعل كالكرة بين المتغلبين يتقاذفونها و يتلقفونها كما فعلت الأمم التي كانت مظلومة و راضية بالظلم [20].

إلا أن واقع الأمر كان على الضد من ذلك، فقد حرموا دائما الخروج على السلطان الجائر و الفاسق، و عدوا أية محاولة من هذا القبيل من الفتن التي نهى عنها الدين و حرم الدخول فيها.

يقول الزرقاني :ـ{أما أهل السنة فقالوا :ـ الاختيار أن يكون الإمام فاضلا، عادلا، محسنا.فإن لم يكن فالصبر على طاعة الجائر أولى من الخروج عليه، لما فيه من استبدال الخوف بالأمن، و إهراق الدماء وشن الغارات و الفساد، و ذلك اعظم من الصبر على جوره و فسقه. [21]

كما ثبت عن أحمد بن حنبل انه قال:ـ {الصبر تحت لواء السلطان على ما كان منه من عدل أو جور، و لا يخرج على الأمراء بالسيف و إن جاروا}.[22]

استعرض الشيخ أبو زهرة هذين القولين، ثم قال:ـ{و هذا هو المنقول عن أئمة أهل السنة، مالك و الشافعي و أحمد.}[23]

إلا إننا قد لا نتفق تماما مع ما ذهب إليه الشيخ أبو زهرة فيما يتعلق بموقف الإمام مالك و أبي حنيفة من السلطة العباسية و بعض مظاهرها الاستبدادية.

فقد ذكرت المصادر التاريخية أن الإمام مالك أجاز الخروج على السلطة العباسية في خلافة أبي جعفر المنصور {136ـ158هـ}، مساندا لثورة محمد ذو النفس الزكية العلوي عام 145هـ في المدينة، فقد ذكر ابن الأثير :ـ{وكان أهل المدينة قد استفتوا مالك بن أنس في الخروج مع محمد، و قالوا :ـإن في أعناقنا بيعة لأبي جعفر فقال :ـإنما بايعتم مكرهين و ليس على مكره يمين، فأسرع الناس إلى محمد و لزم مالك بيته.} [24]

و قد كلف هذا الموقف مالكا الكثير من العنت و الاضطهاد و الإهانة على يد عامل المنصور على المدينة آنذاك جعفر بن سليمان، و كان أقصاها أن خلعت كتفه.

و الإمام مالك لم يؤيد مُلك بني أمية و لا مُلك بني العباس لأنه يرى أن كلاً من النظامين بعيد عن الشورى و الإسلام.

و قد سئل مالك مرة هل يجوز قتال الخارجين على الخلفاء ؟ فأجاب إجابة تتسم بالدقة و الحنكة قائلا:ـ يجوز إن خرجوا على مثل عمر بن عبد العزيز .ومعنى ذلك إنه يجوز مقاتلة الخارجين على بقية ملوك الأمويين و العباسيين فليس أحدا منهم شبيهًا بعمر بن عبد العزيز.[25]

إلا أن ذلك لم يمنع مالك من أن يتسلم الصلات و الهدايا من خلفاء بني العباس و لم ير حرجا في ذلك، و لقد سئل في هذه الأموال ومدى شرعية قبولها فكانت إجابته تفيد أنه كان يستحلها لذاته ويحمل غيره تبعة قبولها إذا ما سأله في ذلك.

أما الإمام الأعظم أبو حنيفة قد رفض أن يتولى منصب القضاء و ديوان المظالم {و هو أشبه بمحكمة الاستئناف حاليا}في عهد أبي جعفر المنصور [26].

و عندما احتاج المنصور إلى دعم شرعي من فقهاء عصره في حربه ضد أهل الموصل، كان لأبي حنيفة موقف متميز، فقد ذكر ابن الأثير :ـ{و عزم المنصور على إنفاذ الجيوش إلى الـموصل و الفتك بأهلها فاحضر أبا حنيفة، و ابن أبي ليلى، و ابن شبرمة وقال لهم :ـ إن أهـل الموصل شرطوا لي أنهم لا يخرجون علي فإن فعلوا حلت دماؤهم و أموالهم و قد خرجوا، فسكت أبو حنيفة و تكلم الرجلان وقالا :ـ رعيتك فإن عفوت فأهل ذلك أنت و إن عاقبت فبما يستحقون، فقال لأبي حنيفة :ـ أراك سكتت يا شيخ، فقال :ـ يا أمير الـمؤمنين أباحوك ما لا يملكون، أرأيت لو أن إمرأة أباحت فرجها بغير عقد نكاح و ملك يمـين أكان يجوز أن توطأ؟ قال :ـ لا وكف عن أهل الموصل وأمر أبا حنيفة و صاحبيه بالعودة إلى الكوفة [27].

و قبل ذلك في العهد الأموي كان لأبي حنيفة مواقف جريئة تعرض بسببها للسجن و الاعتقال والضرب، منها موقفه المؤيد لثورة زيد بن علي بن الحسين سنة 121هـ،و كان حينها الخليفة هشام بن عبد الملك، و كانت ثورة زيد هي الثورة الثالثة على بني أمية . فقد كان أول مـن حاربهـم عبد الله بن الزبير، و الخروج الثاني كان لسيد الشهداء الإمام الحسين بن عـلي، والخروج الثالث هو لزيد، و كانت جموع المسلمين تؤيد زيدا و تتمنى فوزه، وقد خرج معه أربعون ألفا من المسلمين، و التقى الجمعان، و استشهد زيد بعد قتال باسـل جعل منه إماما للفرسان المقاتلين بالإضافة إلى كونه إماما للبررة من المؤمنين. و يحزن أبو حنيفة و يقول:{ لو علمت أن الناس لا يخذلونه كما لا يخذلون أباه لجاهدت معهم لأنه إمام حق }[28].

وكان لأبي حنيفة دورا هاما في ثورة محمد ذي النفس الزكية و أخيه إبراهيم الإمام في البصـرة، حيث دعي الناس إلى المساهمة فيها بالمال و الروح، وعمل على ثني قادة المنصور عن تزعم الجيوش لمحاربة الثائرين.[29]

يقول الفزاري : جائني نعي أخي من العراق، و كان قد خرج مع إبراهيم بن عبد الله الطالبي،فقدمت الكوفة فأخبروني أنه قتل، و أنه قد استشار سفيانا الثوري و أبا حنيفة، فأتيت سفيان أنبئه مصيبتي بأخي و قلت له :قد أخبرت أنه استفتاك، فقال نعم، فقلت ماذا أفتيته؟ قال : قلت له لا آمرك و لا أنهاك، فأتيت أبا حنيفة فقلت له :بلغني أن أخي أتاك فاستفتاك قال نعم، جاءني فاستفتاني، قلت : فبما أفتيته ؟ قال: أفتيته بالخروج .فقلت : لا جازاك الله خيرا، قال :هذا رأيي.

و تزيد رواية أخرى أن الفزاري كان يقص ذلك على الإمام الأوزاعي، وكان الفزاري قادما من المصيصة، وإن أبا حنيفة قال له : ـ لو أنك قتلت مع أخيك كان خيرا لك من المكان الذي جئت منه .[30]

و لعل خبر الفزاري هذا يوضح لنا آراء الأئمة و الفقهاء في خروج محمد ذي النفس الزكية و أخيه إبراهيم، فالإمام أبو حنيفة يرى مناصرة هذه الثورة الحسنية ضرورة وواجبًا، بل إنه فضل الاشتراك فيها، و القتال في صفها، على الرباط في الثغور الإسلامية، و كان الفزاري راوي الخبر مرابطا في المصيصة حسب ما هو مفهوم من الخبر .و أما الإمام سفيان الثوري فكان محايدا، لم يأمر بالخروج كما لم ينه عنه، والحياد هنا يعني المناصرة، إذ انه لو رأى فيه ما ينافي البيعة أو استشعر حرمة دينية لمنع الفزاري من القتال حين استفتاه في ذلك.{رغم أن سفيان الثوري، سيموت لاحقا و هو متخفٍ عن أعين السلطة، وأما الإمام الاوزاعي و كان يعيش في بيروت، فيرى أن مثل هذا الخروج يعتبر حراما،

و هو لهذا كان يحمل على أبي حنيفة و يتهمه بأنه رجل يرى السيف في أمة محمد، يعني يبيح قتال المسلمين بعضهم بعضا.

و الحقيقة أن أبا حنيفة لم يكن يرى السيف في أمة محمد، و إنما كان يرى السيف أداة لمناصرة الحق، و وسيلة لإزاحة الباطل، و سبيلا للقضاء على الحاكم المنحرف.

بينما يتميز الإمام الشافعي عن سابقيه فهو يرى أن الإمامة قد تجئ من غير بيعة إن كان ثمة ضرورة، بل لقد اثر عنه رأى ابعد من ذلك و اشد جرأة رواه عنه تلميذه حرملة بن يحيى التجيبي :ـ

و هو أن كل قرشي غلب على الخلافة بالسيف حتى سمي خليفة و اجتمع عليه الناس فهو خليفة، [31] و إذن فالعبرة عنده في الخلافة حسب ما رأى الشيخ أبو زهرة في أمرين:كون المتصدي لها قرشيا و اجتماع الناس عليه سواء أكان الاجتماع سابقا على إقامته خليفة كما هو الأمر في حالة الانتخاب أو البيعة، أم لاحقا لتنصيب نفسه خليفة كحال المتغلب الذي أشار إليه . [32]

وهذا رأى خطير لأنه إذا صحت نسبته إليه كانت خلافة معاوية صحيحة تمام الصحة، بل و {خلافة يزيد} صحيحة إذا صح لها أن تسمى خلافة، أما بيعة الحسين بن علي و بيعة زيد بن علي لا تكونان صحيحتين في ظل فتوى الإمام الشافعي و اجتهاده، ذلك أن الحسين كان يحمل بيعة صحيحة كل الصحة و كذلك كان زيد يحمل بيعة صحيحة كل الصحة. إن هذا الرأي يصطدم اصطداما مباشرا بالحديث النبوي الصحيح الإسناد :ـ {الناس سواسية كأسنان المشط لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى} و أن الشورى هي أساس الحكم في الإسلام، و أن هذه الشورى واحدة من مفاخره التي لم تطبق .و كذلك كان حال الإمام أحمد بن حنبل في موقفه من السلطة السياسية، فعلى الرغم مما فعل به العباسيون بسبب رفضه القول بخلق القرآن، من التعذيب و السجن و الجلد و مصادرة الدروس، فكان يرى:ـ {السمع و الطاعة للائمة و أمير المؤمنين، البر و الفاجر، و من ولي الخلافة فأجتمع الناس عليه، و رضوا به، و من غلبهم بالسيف حتى صار خليفة و سمي أمير المؤمنين…، و من خرج على إمام من أئمة المسـلمين و قد كان الناس اجتمعوا عليه، و أقروا له بالخلافة بأي وجه كان بالرضا أو بالغـلبة، فقد شق هذا الخارج عصا المسلمين، و خالف الآثار عن رسول الله، فإن مات الخارج عليه مات ميتة جاهلية}[33].

لقد تناول الشيخ محمد رشيد رضا بالانتقاد الصبر على جور السلاطين و الأمراء حين قال {و قد عني الملوك المستبدون بجذب العلماء بسلاسل الذهب و الفضة و الرتب و المناصب، و كان غيرهم اشد انجذابا، ووضع هؤلاء العلماء الرسميون قاعدة لأمرائهم و لأنفسهم هدموا بها القواعد التي قام بها أمر الدين و الدنيا في الإسلام، و هي انه يجوز أن يكون أولياء الأمور فاقدين للشروط الشرعية التي دل على وجوبها و إشتراطها الكتاب و السنة، و إن صرح بها أئمة الأصول و الفقه، فقالوا:يجوز، إذا ُفقِدَ الحائزون لتلك الشروط.

مثال ذلك:ـإنه يشترط فيهم العلم المعبر عنه بالاجتهاد، و قد صرح هؤلاء بجواز التقليد، تقليد الجاهل، و عدوه من الضرورة، و أطلق الكثيرون هذا القول و جرى عليه العمل. و ذلـك من إسناد الأمر إلى غير أهله، الذي يقرب خطوات ساعة هلاك الأمة، و من علاماتها: ذهاب الأمانة و ظهور الخيانة…و لا خيانة أشد من توسيد الأمر إلى الجاهلين…

روى مـسلم و أبو داود حديث إبن عباس :{من استعمل عاملا من المسلمين وهو يعلم أن فيهم أولى بذلك منه و أعلم بكتاب الله و سنة نبيه، فقد خان الله و رسوله و جميع المسلمين}[34] ثم وجه ضربة أخرى للقول بالصبر على طاعة الطغاة المستبدين {ما أفسد على هـذه الأمة أمرها و أضاع عليها ملكها إلا جعل طاعة هؤلاء الجبارين الباغين واجبة شرعا على الإطلاق، و جعل التغلب أمرا شرعيا كمبايعة أهل الحل و العقد للإمام الحق، و جعل عهد كل متغلب باغٍ إلى ولده أو غيره من عصبته حقا شرعياً و أصلاً مرعياً لذاته}. [35]

لقد اتفق الكثير من فقهاء المسلمين على حق الخليفة في النصّ على من يخلفه، لان الإمام أحق بالخلافة، فكان اختياره فيها أمضى، و لا يتوقف ذلك على رضى أهل الحل و العقد[36].

و إنما صار ذلك للخليفة خوفاً من وقوع الفتنة و اضطراب الأمة[37] . فمن أجل ذلك كان بعض الصحابة يراجع عمر ويسأله أن ينصّ على من يخلفه [38].

تُرى لماذا لا يكون النبي أولى بالتفكير في ذلك، و برعاية هذه المصلحة؟

إنه الرحمة المهداة، بلا شك…أليس من تمام الرحمة و جمالها أن يجنب أمتُه المحذور من الاختلاف بعده؟ لقد أحب أمتُه و حرص عليها{عزيز عليه ما عِنتّم حريصٌ عليكم بالمؤمنينَ رؤوُف رحيم}[39].

لقد بصر ابن حزم بذلك، فحاول أن يتداركه، فقال:ـ{وجدنا عقد الإمامة يصح بوجوه: أولها وأصحها وأفضلها أن يعهد الإمام الميت إلى إنسان يختاره إماماً بعد موته، سواء جعل ذلك فـي صحته أو عند موته، كما فعل رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم بأبي بكر، و كما فعل أبو بكر بعمر، و كما فعل سليمان بن عبد الملك بعمر بن عبد العزيز.

قال :ـ و هذا هو الوجه الذي نختاره و نكره غيره لما في هذا الوجه من اتصال الإمامة، و انتظام أمر الإسلام و أهله، و رفع ما يتخوف من الاختلاف و الشغب مما يتوقع في غيره من بقاء الأمة فوضى، ومن انتشار الأمر و حدوث الأطماع }[40].

لقد انتبه ابن حزم إلى وجود اكثر من ثغرة في نظرية الشورى، فاظهر مهارة في محاولة رتقها، بان جمع بين الضرورات الدينية و العقلية و الاجتماعية و بين الأمر الواقع، ليخرج بصيغة اكثر تماسكاً.

فترك الأمة دون تعيين وليّ الأمر الذي يخلف زعيمها يعني بقاء الأمة فوضى، و تشتت أمرها، و ظهور الأطماع في الخلافة لا محالة… و هذا مما ينبغي أن يدركه النبي فيبادر إلى تلافيه، و لو في مرضه الذي توفي فيه .وتعيين الخليفة بهذه الطريقة سيضمن اتصال الإمامة و انتظام أمر الإسلام.و إذا كان أبو بكر قد أدرك ذلك فنص على من يخلفه، و أدركه أيضاً عمر، و أدركه سليمان بن عبد الملك، فكيف نظن بالنبي قد اغفل ذلك ؟

إنها إثارات جادة دفعته إلى حلٍ وحيد يمكنه أن ينقذ هذه النظرية، كما ينقذ الأمر الواقع بعد الرسول، و تمثل هذا الحل عنده بنص النبي على أبي بكر بالخلافة .

إنها أطروحة متينة، كفيلة بقطع النزاع، لو تمّت، و لكنها، كانت عبارة عن مجازفة، فمن البديهي أن تكون عاجزة عن تحقيق الأمل المنشود منها .فلا هي تداركت تلك النظرية و عالجت ثغراتها، و لا هي أنقذت الأمر الواقع .

و ذلك لسبب بسيط، و هو أن النص على أبي بكر لم يثبت، بل لم يدّعِ وجوده أحد، بل تسالمت الأمة على عدمه. فمن أراد أن يثبت مثل هذا النص على أبي بكر بالخصوص فعليه أن ينفي حادثة السقيفة جملة و تفصيلاً.عليه أن يكذب بكل ما ثبت في الصحاح من كلام أبي بكر و عمر وعلي والعباس و الزبير في الخلافة …عليه أن ينفي ما جاء في المصادر التاريخية حول الخلافة .

قائمة المصادر و المراجع

  1. القرآن الكريم .
  2. ابن هشام .السيرة النبوية .الطبعة الثانية . القاهرة 1955.
  3. الطبري.تاريخ الأمم و الملوك .الطبعة الثانية .دار الكتب العلمية .بيروت .1988.
  4. ابن الأثير .الكامل في التاريخ .دار الكتاب العربي .بيروت .{دون تاريخ.}
  5. الخطيب البغدادي .تاريخ بغداد .دار الفكر . القاهرة . {دون تاريخ}
  6. ابن سعد .الطبقات الكبرى .دار صادر . بيروت .1985
  7. ابن حزم .الفصل في الملل و الأهواء و النحل .دار المعرفة .بيروت .1983
  8. القسطلاني .إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري .دار الكتاب العربي .بيروت 1983
  9. القرطبي .الجامع لأحكام القرآن و المبين لما تضمن من السنة و آي الفرقان. دار إحياء التراث العربي . بيروت 1952
  10. الزرقاني . شرح موطأ الإمام مالك .القاهرة .1979
  11. القلقشندي .مآثر الأنافة في معالم الخلافة .تحقيق عبد الستار أحمد الفراج .الكويت. 1964
  12. الماوردي .الأحكام السلطانية و الولايات الدينية .ديوان المطبوعات الجامعية .الجزائر. 1983
  13. الفراء. الأحكام السلطانية .صححه محمد حامد الفقي.دار الكتب العلمية بيروت،1983/1403هـ
  14. ابن كثير .تفسير ابن كثير .دار الحديث .الطبعة الأولى .القاهرة .1988
  15. السبكي.طبقات الشافعية الكبرى .محمود محمد طناحي .القاهرة .1383 هـ
  16. ابن البزاز مناقب الإمام الأعظم .دار المعرفة .بيروت.1983
  17. محمد رشيد رضا . الخلافة.دار الفكر .القاهرة {دون تاريخ}
  18. محمد أبو زهرة . تاريخ المذاهب الإسلامية .دار الفكر العربي .القاهرة .{دون تاريخ}
  19. مصطفى الشكعة .الأئمة الأربعة .الطبعة الأولى .دار الكتاب اللبناني .بيروت.1983

الهوامش

[1]- إبن هشام.-السيرة النبوية .- القسم الأول، الجزء الثاني.- ص.ص. 424-425

[2]- تفسير القرطبي.- ص.ص. 161-162.

[3]- تفسير إبن كثير ،الجزء 4.- ص.119.

[4]- سيرة أبن هشام الجزء 4.- ص.658.

[5]- مقدمة فاتح الباري في شرح صحيح البخاري.- ص.337 ؛ القسطلاني إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري الجزء 10.- ص.19.

[6]- الشورى ، الأية 38

[7]- إبن الأثير.-الكامل في التاريخ.- الجزء 3.- ص.65.

[8]- إبن الأثير .- الكامل في التاريخ.- الجزء 3.- ص.65.

[9]- إبن سعد.- طبقات أبن سعد.- جزء 3.-ص.343.

[10]- إبن الأثير.- المصدر السابق.- جزء 3 .- ص 34-35 ؛ الطبري.- المجلد الثاني.- ص.581.

[11]- القلقشندي.- مآثر الأنافة.- ج1.- ص.52 ؛ الماوردي ؛ الأحكام السلطانية .- ص.10 ؛ الفرّاء.- الأحكام السلطانية.- ص.ص. 25-26.

[12]- أبن حزم.- الفصل في الملل و النحل.-ج4.- ص.169.

[13]- مآثر الإنافة، ج 1 ص36 ؛ الماوردي.- ص.16 / الفراء،20

[14]- الفراء.- ص.20.

[15]- مآثر الإنافة.-ج1.- ص.58.

[16]- المصدر السابق.- ص.58.

[17]- القلقشندي.- مآثر الإنافة.-ج1.- ص.58.

[18]- القلقشندي.- مآثر الإنافة.-ج1.- ص.71.

[19]- الفراء.-الأحكام السلطانية.- ص.24.

[20]- محمد رشيد، رضا.- الخلافة،ص.45.

[21]- الزرقاني ،شرح الموطأ.-ج1.- ص.292.

[22]- الشيخ، ابو زهرة.-المذاهب الاسلامية.- ص.155.

[23]- الشيخ، ابو زهرة.- المذاهب الاسلامية.- ص.155.

[24]- ابن الأثير.- الكامل في التاريخ.-ج5.- ص.3.

[25]- د.مصطفى، الشكعة.- الأئمة الاربعة ؛ (2)الإمام مالك بن أنس.- ص.75.

[26]- إبن الأثير.-ج5.- ص.15.

[27]- إبن الأثير.-ج5.- ص.25.

[28]- إبن البزازي.- مناقب أبي حنيفة.-ج1.- ص.55.

[29]- إبن البزازي.- مناقب أبي حنيفة.- ج 2.- ص22.

[30]- الخطيب البغدادي.- تاريخ بغداد.-ج13.- ص.385.

[31]- طبقات الشافعية.- ص.17.

[32]- الشافعي.- ص.138.

[33]- إبن الجوزي.- مناقب.- ص. 176.

[34]- تفسير المنار.-ج5.- ص.51.

[35]- محمد رشيد، رضا.- الخلافة.- ص.51.

[36]- الفراء.- الأحكام السلطانية.- ص.10.

[37]- إبن حزم.- الفصل.- ج4.- ص.169.

[38]- إبن الآثير.- الكامل في التاريخ.- ج3.- ص.65.

[39]- (التوبة)، الأية 128.

[40]- إبن حزم.- المصدر السابق.- ص.169.

Appels à contribution

logo du crasc
insaniyat@ crasc.dz
C.R.A.S.C. B.P. 1955 El-M'Naouer Technopôle de l'USTO Bir El Djir 31000 Oran
+ 213 41 62 06 95
+ 213 41 62 07 03
+ 213 41 62 07 05
+ 213 41 62 07 11
+ 213 41 62 06 98
+ 213 41 62 07 04

Recherche