الدولة و علاقات العمل في إقتصاد السوق : مثال بريطانيا العظمى

 إنسانيات عدد 04 | 1998 | الأسرة: الأمس و اليوم | ص 51-75 | النص الكامل


Layachi ANSER: Département de sociologie, Université de Annaba, 23 000, Annaba, Algérie.
Centre de recherche en Anthropologie Sociale et Culturelle, 31 000, Oran , Algérie.


 

تعالج هذه الورقة موضوع الدولة، طبيعتها و تدخلها في العلاقات الصناعية في النظام الإقتصادي الرأسمالي و تندرج هذه المعالجة ضمن مقاربة تؤلف بين مفهومي البنية والفعل. و نسعى من خلال هذا التوليف إلى التعبير عن رفضنا للموقف الذي يتخد البنية كنظام معطي مسبقا سواء كان أخلاقيا أو ماديا و هو في ذلك يحدد و يصوغ الفعل ونتائجه. كما نـهدف في الوقت ذاته إلى إبراز رفضنا للموقف الذي يعتبر الفعل عاملا محددا، بينما البنية مجرد سيل من الأحداث، وبالتالي ليس لها وجود فعلي ماعدا كونـها صياغة نظرية قائمة على مجموعة من المفاهيم والمقولات.

نتبنى في مقابل هذين الموقفين نظرة تشكل ضمنها البنية شروط الوجود ومجموعة من القواعد و الموارد. لكن هذه ليست معطاة مسبقا، بل هي ثمرة الممارسة الإنسانية، أي الفعل. ذلك أن الإنسان يصنع التاريخ و لكن ليس في فراغ، بل في ظل ظروف ليست دائما من إختياره بالرغم من كونها نتاج لنشاطه باعتبارها كائـنا إجتماعيا.

مادام إنشغالنا الأول و الأساسي يتمثل في تحايل أشكال تدخل الدولة في علاقات العمل في مرحلة هيمنة الإقتصاد الرأسمالي كنموذج عالمي، فإن مهمتنا الأولى ستكون عرض جزء مهم من النقاش الذي دار حول طبيعة الدولة ووظيفتها ضمن التيار الفكري الماركسي باعتباره إنشغل أكثر من غيره بهذه القضية. يشكل ذلك مدخلا للجزء الثاني هذا العمل حيث نقدم تحليلا مفصلا لأوليات وأشكال تدخل الدولة في علاقات العمل. و سوف نستعين خلال هذا التحليل بأمثلة تاريخية نستمدها من التجربة الإنكليزية باعتبارها مثلت النموذج الأول للنظام لليبرالي في المجتمعات الصناعية الحديثة.

1- الدولة: طبيعتها ووظائفها

لقد شكلت قضية تحديد طبيعة الدولة إحدى المعضلات التي دار حولها النقاش لفترة طويلة ضمن الأدبيات المنتمية للتيار الماركسي على إختلاف تفرعاته الفكرية، و مع ذلك فإن المحاولات المنشغلة بمعالجة هذه القضية قد إنقسمت إلى إتجاهين نظريين رئيسين يستند كلاهما إلى قراءة محددة في أعمال مؤسسي المادية التاريخية. يقوم الإتجاه الأول على أطروحة الإستقلالية النسبية للدولة، أو ما يدعي بخصوصية المستوى السياسي. بينما يعتمد الثاني على النظر إلى الدولة و البنية الفوقية ككل إنطلاقا من طبيعتها الإشتقاقية من علاقات الإنتاج الرأسمالية.

إن فكرة إستقلالية الدولة قد تم تطويرها من قبل ماركس عند تحليله للدولة البونابرتية. و حتى قبل ذلك أشار أنغلز إلى إستقلالية الدولة باعتبارها نتيجة لحالة التوازن الطبقي في المجتمع: "كحالة إستثنائية تظهر فترات يحدث فيها توازن بين الطبقتين المتنازعتين لدرجة أن قوة الدولة باعتبارها وسيط مزعوم تكتسب لوقت معين درجة من الإستقلالية عن الطرفين"[1].

غير أن أطروحة الإستقلالية النسبية للدولة تبدو بشكل أقوى من الموقف الذي عبرت عنه المدرسة البنيوية في الفكر الماركسي، وبخاصة في عمل "بولنتزاس POULANTZAS" حيث يبدو ان هذا الاخير يتبنى الرأي القائل أن الدولة رأسمالية مادامت توجد في مجتمع تسيطر فيه العلاقات الرأسمالية وهكذا أن "الدولة ليست كيانا له جوهر ذرائعي فعلي، بل إنها هي ذاتها علاقة و بدقة أكبر تكثيف لعلاقة"[2].

 بالنسبة لبولنتزاس ترتبط إستقلالية الدولة بشكل وثيق بأفكار مثل رأس المال بصفة عامة، و رؤوس الأموال الخصوصية، بمعنى إنقسام الطبقة الرأسمالية إلى مجموعات جزئية ذات طبيعة و مصالح محددة. وهكذا فإن الإستقلالية سواء كانت نسبية أم لا، تصبح ضرورةبفعل الوظائف التي تقوم بها الدولة.

"الإستقلالية النسبية مصدرها في ذات الواقت التناقض الرئيسي (البرجوازية/الطبقة العاملة) و (الذي يهمنا هذا) النضالات والتناقضات داخل رأس المال ذاته، الإستقلالية النسبية ليست سوى تجسيدا دور الدولة من أجل تحقيق التماسك السياسي و تنظيم هيمنة الرأسمال الإحتكاري"[3].

هذا الموقف عبر عنه كذلك المفكر الإنكليزي"رالف ميليباند R.MILIBAND الذي قبل خلال النقاش الذي دار بينه و بين بولنتزاس بفكرة أنه دون ضمان مدى معين من الأستقلالية للدولة الرأسمالية فإنها لن تستطيع أداء وظيفتها المتمثلة في حل الخلافات بين رؤوس الأموال الخصوصية. هكذا في حالة الإستقلالية النسبية، تكون الدولة في أحسن وضعية لخدمة المصالح البرجوازية تحت غطاء خدمة المصالح العامة، مثلما يبدو في الإقتراع العام، و تشريعات العمل وغيرها. لعل النقطة الحاسمة في موقف ميليباند هي تمييزه بين قوة الدولة و قوة الطبقة، حيث يختلف مصادرها في كل حالة. إذ بينما يمكن تحديد قوة الطبقة في علاقتها بوسائل الإنتاج، فإن قوة الدولة تركت دون تحديد[4].

أما بالنسبة لبونتزاس فالدولة تبدو كأنها متسامية فوق الطبقات إنطلاقا من مسلمة مفادها أن للبيروقراطيين مصالح منفصلة عن تلك الخاصة بالطبقة المسيطرة، أنهم يشكلون "جماعة مصلحة متضامنة". لعل مثل هذه النظرة تجد جذورها في مفهوم فيبر حول البيرقراطية إذ بالرغم من بعض الإختلافات يقترب بولنتزاس كثيرا من هذا الموقف:

" يشكل جهاز الدولة منظومة موضوعية مكونة في فروع خاصة تفصح العلاقات فيما بينها عن وحدة داخلية محددة، تخضع إلى حد كبير لمنطقها الخاص"[5].

 من المؤكد أن بولنتزاس لا يستطيع التمسك بهذا الموقف بجدية مادام المشكل الخاص بمصدره قوة الدولة لم يجد حلا. إن أفضل ما بإمكانه تحقيقه بهذا الصدد هي فكرته حول الدولة باعتبارها جهاز يضرب الطبقات ببعضها البعض. وهي طريقة تتم عن فقر كبير في تصور الصراع الطبقي. وفي نفس السياق يشير النقاد إلى تصور بولنتزاس حول السياسات الإجتماعية باعتبارها مفروضة على الطبقات المسيطرة من قبل الدولة نتيجة للضغط الذي تمارسه الطبقات الخاضعة. و تعتبر هذه الوضعية مصدر العداء بين.

الدولة و الطبقات المسيطرة... و هكذا خلال أدائها لوظائفها السياسية نجد الدولة الرأسمالية نفسها مضطرة للإعتماد على الطبقات الخاضعة، و أحيانا تستعملها لضرب الطبقات المسيطرة والخاضعة ببعضها [6].

لو أردنا التخليص، يمكننا القول أن و بولنتزاس يركزان على المستويين السياسي و الإيديولوجي دون الإشارة إلى الشروط الإقتصادية لسيرورة التراكم الرأسمالي.

هكذا نجد ميليباند يعيد إنتاج الإنشغال البرجوازي بمناقشة السياسة بمعزل عن علاقتها المعقدة بالقوى الإقتصادية. و في الحالات التي يجمع بينهما، فإنه يقوم بذلك على مستوى الروابط الفردية متجاهلا التبعية المتبادلة بين الإثنين على المستوى البنيوي. ويرى كثير من النقاد أنه يفشل في تحديد الطبيعة الحقيقية للدولة الرأسمالية وكذلك حدودها الداخلية و جوانبها الإيجابية بالنسبة لرأس المال[7].

يبدو بولنتزاس بدوره مترددا بيم موقفين: في الأول، ينظر إلى الدولة بإعتبارها وسيلة بيد كتلة القوة في ظل هيمنة الرأسمال الإحتكاري، و بذلك فهي عامل يقوي التماسك. أما في الثاني، فإن الدولة رأسمالية في جوهرها مادامت وظيفتها الموضوعية محددة من طرف العلاقات الرأسمالية بصرف النظر عن الطبقة التي تراقب أجهزتها[8].

 تقودنا الملاحظات السابقة إلى التوقف عند النقد المفصل و الدقيق الذي يتقدم به كل من "هولواي Holloway وبوشيوتو Pocciotto" اللذين يعتبران أن النقاش حول هذه المسألة قد تميز في بريطانيا خاصة بسيطرة أراء تعكس نموذجا ثنائيا. يمنح القطب الأول قليلا من الخصوصية، إن لم ينفها أحيانا، للمستوى السياسي في بنية النظام. في هذه الحالة يكون فعل الدولة مستمدا مباشرة من مصالح رأس مال. و بذلك فإن هذا الموقف أن يكون في النهاية سوى "إختزاليا" أو تغلب عليه "الحتمية الإقتصادية". أما القطب الثاني فإنه بمغالاته في الرد على الموقف السابق، يتطرق في تأكيد الإستقلالية النسبية للمستوى السياسي و يمنح إهتماما ضئيلا للشروط المحيطة بسيرورة تراكم رأس مال[9].

لكن بالرغم من إختلافاتهما فإن لهذين الموقفين نقطة ضعف مشتركة، هي تلك التي يعبر عنها هولواي وبوشيوتو "بالتنظير غير الملائم للعلاقة بين المستويين الإقتصادي والسياسي باعتبارهما أشكالا مباشرة للعلاقات الإجتماعية الرأسمالية"[10].

بالنسبة لميليباند وبولنتزاس يرى هذان المفكران أنه رغم الإختلافات العديدة الموجودة بينهما، فإنهما يشتركان في تبنيهما لفكرة ضمنية مفادها أن الشرط المسبق لبلوغ فهم علمي للدولة يكمن في الإعتراف بخصوصية السياسي. وبذلك فإنهما قد حادا عن تحليل المادي المقترح من طرف ماركس في عمله "رأس المال" كمنهج لتطوير نظرية الدولة. لقد فهم الإثنان "رأس المال" على أنه تحليل للإقتصادي بكونه موضوعا مستقلا للتحقيق و البحث، تلك هي القاعدة التي يستند إليها بولتنزاس في اعتباره السياسي موضوعا مستقلا للبحث بحاجة إلى مفاهيم خاصة.

لكن فكرة "الإستقلالية النسبية" للسياسي، كما يرى كل من هولواي وبوشيوتو تقفز على المشكلة. بل أكثر من ذلك تؤدي إلى موقف أين لا نجد لدى بولنتزاس أي تحليل لنمو المجتمع الرأسمالي والتغيرات الحادثة في أشكال الدولة. إضافة إلى غياب تحليل للعلاقة بين الدولة الرأسمالية وقاعدتها الموضوعية المتمثلة في علاقات الإنتاج (إستغلال الطبقة العاملة خلال سيرورة التراكم و بالتالي غياب أي تحليل خاص بالصعوبات و الحدود أو القيود التي تواجهها الدولة، أو تحد من فعلها.

هناك نتيجتان أساسيتان مرتبطتان يفشل هذه المقاربة في إعتبار النمو التاريخي لسيرورة التراكم كنقطة بداية في تحليلها للدولة.[11] أولا، عدم قدرتها على تحليل الأشكال والصيغ السياسية كما تتموضع ضمن تشكيلة إجتماعية محددة، لعل أفضل مثال على ذلك تحليل بولنتزاس للفاشية أين لا نجد ضمن الكتاب بأكماله أشارة واحدة للإستغلال، بمعنى عملية تراكم فائض القيمة بكونها مركز العلاقة بين رأس المال و قوة العمل. ثانيا: عدم القدرة على تصور الحدود المفروضة على الدولة بفعل علاقتها بسيرورة تراكم رأس المال.

إن هذه الفجوات و الثغرات في تحليل الدولة الذي يقترحه بولنتزاس وأولئك الذين يشاطرونه نفس المقاربة قد جرى توقعها ومعالجتها من خلال المساهمة التي قدمتها المدرسة الألمانية المسماة "إشتقاقية الدولة" لكن قبل النظر إلى هذه الأخيرة هناك مقاربة أخرى تطورت في بريطانيا بحاجة إلى تسليط الضوء عليها. إنها معروفة بالتيار الريكاردي الجديد.*

و هكذا مقابل التحليل الماركسي الذي يقترحه ميليباند، يحاول كل من غلين GLYN وساتكليف SUTCLIFFE أن يبينا أمبريقيا كيف تعمل الدولة لخدمة رأس المال.

إذ ينظر إلى الدولة في هذا التيار بصفتها أداة في يد الطبقة الرأسمالية. بينما يتم الإحجام عن طرح أسئلة مهمة مثل لماذا تتصرف الدولة بهذه الطريقة. و نفس الشيء يقال عن الأثار المتناقضة الناجمة عن السلوك الدولة و الحدود المفروضة عليها في ظل الأزمة التي تعرفها.[12] يتعامل هذا التيار مع فئات حسية مثل الأسعار، الأجور، الأرباح...إلخ. ولا يثير أبدا مسألة فائض القيمة وتراكمها، والإتجاه الأساسي في تطور الرأسمالية و بالذات، ميل معدل الربح إلى التناقص[13].

في مقابل كل ذلك تحاول المدرسة الألمانية القائلة "باشتقاقية الدولة" تحليل هذه الأخيرة باعتبارها شكلا من السيطرة الطبقية تجد جذورها في الطبيعة الخاصة لعلاقات الإنتاج الرأسمالية و تقسيم العمل المميز لها. في هذا الإتجاه جرى التعامل مع عمل ماركس "رأس المال" دون تشويه، أي باعتباره نقدا ماديا للإقتصاد السياسي البرجوازي الذي يفصل المستوى الإقتصادي عن بقية مستويات الكلية الإجتماعية. و اعتبرت مفاهيمه (مثل القيمة، فائض القيمة، التراكم) ملائمة لتنظير ليس فقط المستوى الإقتصادي، بل أيضا العلاقات الإجتماعية عموما و البنية الطبقية و أشكال التنظيم والسلوك السياسي خصوصا.

يمكن التمييز بين ثلاث مقاربات ضمن هذه المدرسة عندما يتعلق الأمر بطبيعة الدولة ووظيفتها[14]. تشبه المقاربة الأولى الموقف الذي طوره بولتنزاس، حيث يتم إشتقاق شكل الدولة بإعتبارها مؤسسة مستقلة من العلاقات الموجودة بين الأجزاء المختلفة لرأس المال. إذ تمثل فكرة وجود رأس المال في صيغة رؤوس أموال فردية مقدمة جوهرية. و يضمن تموقع الدولة فوق رؤوس الأموال الخصوصية هذه إعادة انتاج رأس المال الإجتماعي في كليته. لكن هناك مجموعة من الإعتراضات التي جرى تسجيلها على هذا الموقف[15].

أو لا: إن هذا الموقف لا يقيم الدليل إطلاقا على الطبيعة الرأسمالية للدولة، بقدر ما يعبر عن كونها مجرد عملية تأسيس للمصالح الخاصة برأس المال بصفة عامة. ذلك ما يتم إشتقاقه من الحاجة إلى أداء وظيفة، بينما تشكل قدرة الدولة على ادائها فرضية ثم قبولها مسبقا.

ثانيا: من خلال التركيز على الدولة باعتبارها المنظم لعلاقات التعارض والعداء القائمة بين الأجزاء المختلفة لرأس المال، فإن هذه المقاربة تتجاهل تماما الدولة باعتبارها صيغة للسيطرة، أي أنها تمثل علاقات القمع و الشرعية التي يمكن أن توجد بين الدولة و الطبقة العاملة.

ثالثا: إن هذه المقاربة لا تاريخية مادامت القوة الدافعة للتطور الرأسمالي لا تكمن في الصراع بين أجزاء رأس المال كما يعتقد أصحاب هذا الإتجاه، بل في علاقات العداء بين رأس المال و العمل، "في تراكم رأس المال باعتباره سيرورة نضال طبقي".

أما المقاربة الثانية فتقيم تحليلها للدولة ليس على أساس تحديد جوهر رأس المال، بل بالعكس على قاعدة التجليات التي تظهر بها العلاقات الرأسمالية على سطح المجتمع. إن الإنشغال الرئيسي في هذه الحالة هو محاولة تفسير كيف تستطيع الدولة، و هي صيغة للسيطرة الطبقية، أن تأخذ مظهر مؤسسة مستقلة عن المجتمع البرجوازي. إن الإجابة كما يعتقد أنصار هذه المقاربة ، لا تكمن في الطبيعة الجوهرية للمجتمع الرأسمالي، بل في الأشكال الخارجية التي يتخذها. لكن عندما يتعلق الأمر بمسألة إستقلالية الدولة لا نجد إختلافا عن المقاربة الأولى، بمعنى أنها ضرورة تفرضها المنافسة بين المجموعات المكونة للطبقة المالكة. إن الإعتراض الرئيسي على هذه المقاربة لا يعود إلى كونها تكتفي بالتركيز على جانب واحد من بنية العلاقات الإجتماعية. و لكن نظرا لتركيزها على المظاهر البدية للمجتمع الرأسمالي، وباعتبارها كذلك فإنها بدون شك تفتقد إلى قدرة الفهم التاريخي للمجتمع الرأسمالي[16].

أما المقاربة الثالثة فتتعارض تماما مع الأولى كونها تركز ليس على العلاقات بين الأجزاء المختلفة لرأس المال و لكن على علاقات الإستغلال بين رأس المال والعمل باعتبارها شرطا ضروريا لوجود الدولة الرأسمالية. و هكذا فإن الأشكال المحددة لا تشتق من الحاجة لضبط و تنظيم المصالح العامة، بل "من طبيعة العلاقات الإجتماعية للسيطرة في المجتمع الرأسمالي". و بذلك فإنه تاريخيا ومنطقيا يتزامن إقامة سيرورة الإنتاج الرأسمالي باستبعاد علاقات القوة من السيرورة المباشرة للإنتاج لتشكل مجالات "سياسية وإقتصادية" خفية[17].

و بالرغم من الشك الذي يثيره مثل هذا الطرح حول مقاربة "إشتقاقية الدولة" عندما يؤكد أن ليس هناك تطابقا بين أفعال الدولة و مصالح رأس المال بصفة عامة. فإن قيمة هذا الطرح تكمن في تركيزه ليس على الشكل بل على نشاطات ووظائف الدولة باعتبارها محددة بواسطة ردود فعل الدولة نحو سيرورة الإنتاج وإعادة الإنتاج، بمعنى، نمو سيرورة تراكم رأس المال. كما أن له ميزة أخرى تتعلق يرفضه للموقف المعاكس و المشوه و المرتكز على إعتبار "منطق رأس المال" نقطة بداية بديلة عن "النضال الطبقي" عند تحليل الدولة. إذ كما يشير أحد  ممثلي هذه المقاربة.

"إن البحث في وظائف الدولة ينبغي أن يقوم على تحليل مفهومي للمسار التاريخي لسيرورة التراكم الرأسمالي، لكن ينبغي أن نضع في الحسبان بأن الأمر لا يتعلق باستنتاج منطقي لقوانين تجريدية، بل بفهم قائم على تصور مفهومي لسيرورة تاريخية"[18].

بالإمكان ان نضيف إلى المناقشة النظرية السابقة حول طبيعة الدولة مناقشة أخرى أقل نظريا و تجديديا تتعلق بالوظائف الملموسة للدولة. و بهذا الصدد يقدم لنا "مندل" E.Mandel تحديدا وظيفيا للدولة يقول فيه:

"إن الدولة منتوج للتقسيم الإجتماعي للعمل. لقد ظهرت نتيجة لتنامي إستقلالية بعض النشاطات الخاصة بالبنية الفوقية، و هي بمثابة وسيط للإنتاج المادي، و يتمثل دورها في المحافظة على البنية الطبقية و علاقات الإنتاج"[19].

بالنظر إلى هذه الطريقة في تحديد أصل و نشأة الدولة يقوم مندل بالتمييز بين ثلاث وظائف رئيسية للدولة الرأسمالية.

1-توفير الشروط العامة للإنتاج التي يتمنع رأس المال لأي سبب عن تحضيرها و الإستثمار فيها.

2- قمع التهديدات الموجهة نحو نمط الإنتاج السائد، سواء كان مصدرها الطبقات الخاضعة، أو شرائح من الطبقة المسيطرة.

3- إدماج الطبقات الخاضعة من خلال التمثيل الإيديولوجي والسياسي الذي قد يتخذ صيغا مختلفة، ودون اللجوء إلى أساليب القمع المباشر[20].

لعله من المفيد الإشارة إلى أن عددا آخر من الباحثين قد توصلوا إلى تحديدات مماثلة لوظائف الدولة في التشكيلات الإجتماعية الرأسمالية القائمة في أوربا الغربية. و في هذا السياق، يحدد كل من "غمبل وولتون Gamble et Walton" ثلاث وظائف للدولة:

أولها: تسيير المطالب، ثانيا: تشريك التكاليف، و ثالثا: الحفاظ على السلم الإجتماعي والإستقرار السياسي[21].

نفس التحديد تقريبا نجده لدى "برافرمان Braverman"[22]. وكذلك الباحث الإنكليزي المتخصص في العلاقات الصناعية "هايمان R.Hyman"[23].

و يبدو من المنطقي القول أن مثل هذا التماثل في تصور الدولة تعود جذوره مباشرة إلى تأثير فكر ماركس. و بهذا الصدد يذهب هايمان إلى القول أن تزايد تدخل الدولة في الإقتصاد ليس سوى "تشريك للخسائر" أي توزيعها بين مختلف القوى الإجتماعية بدلا من أن يتحملها رأس المال لوحده. و يشير في هذا الإطار إلى موقف أنغلز الذي يبدوانه تنبأ بهذه الوضعية: "إن الممثل الرسمي للمجتمع الرأسمالي سوف يضطر في النهاية إلى أن يأخذ على عاتقه إدارة الإنتاج"[24].

و هكذا تبدو الفكرة الأساسية التي تتخلل جميع هذه المواقف هي أن الدولة تتحمل شروط الإنتاج الرأسمالي وإعادة إنتاج العلاقات الإجتماعية المرتبطة بهذا النمط. أما نقطة الإختلاف الرئيسية بينها فتمثل في إعتبار الدولة ذات جوهر رأسمالي بالنسبة للبعض، مقابل كونها ليست سوى صيغة أو أداة بالنسبة لأخرين. و لكن حتى في الحالة الثانية فإنها مبنية بطريقة تجعل وجودها ذاته متوقفا على مدى تلبيتها لشروط نمط الإنتاج الرأسمالي. لكن في الحالتين، هناك قيود على تصرف الدولة و لايمكن إستبعاد التأثيرات العكسية لتدخلها. وبهذا الصدد يقول بعض الباحثين أنه يمكننا القول من الناحية التاريخية أن تنامي تدخل الدولة الذي ساعد "على توفير أرضية صلبة لتراكم رأس المال بعد الحرب الثانية هو ذاته الذي يهدد الأن إستمرار التراكم ذاته"[25].

في العقود الأخيرة تجسد الدور المتناقض لتدخل الدولة في إرتفاع معدلات التضخم كنتيجة لإرتفاع تكلفه المحافظة على تراكم رأس المال و معدلات الربح. ويغرض الحفاظ على إستمرار الطلب إزدادت الحاجة إلى مزيد من الإنفاق الحكومي و الحصول على قروض خاصة. و بذلك تجاوز إصدار العملة معدلات الإنتاج. ذلك أن رفع المنتوج يعني زيادة الأرباح ورفع معدلات الإنتاجية، مما يعني ضرورة التدخل المباشر للدولة لإعادة هيكلة رأس المال، و التوسط في إعادة توزيع الدخول للشركات من خلال منظمومة الضرائب، وكذلك المواجهة المباشرة لمطالب المنظمات النقابية. لكن الدولة تواجه إختيارا صعبا ليس له على ما يبدو حل سريع في الأفق. ذلك أن الدولة ليست فاعلا حرا يتصرف بمحض إرادته، بل تمثل مؤسسة وسيطة تتعرض باستمرار لضغوطات متعارضة، داخلية وخارجية. إذ كما يشير غمبل ووالتن في دراستهما، "من أجل القضاء على الإرتفاع الشديد في معدل التضخم، و هو دور تسمح به الدولة وتشجعه سوف يكون لزاما على الدولة إما توسيع تدخلها أكثر من ذي قبل أو تقليصه بشدة"[26].

و في كلتا الحالتين يعرض ذلك سيطرة رأس المال إلى مخاطر لأنه إذا تركت عملية التراكم للأليات الإقتصادية الصرفة، فإنها لاشك ستتعرض لتوثرات شديدة مع تزايد حدة المنافسة بين رؤوس الأموال في عصر يميل فيه معدل الربح إلى التناقص. و في المقابل يهدد توسيع تدخل الدولة بتوعية الطبقة العاملة من خلال كشف الأليات الإجتماعية، الإقتصادية و السياسية التي يقوم على النظام ككل وكذلك سلوك الدولة.

يقودنا التحليل السابق حول طبيعة الدولة ووظائفها إلى إثارة سؤال على غاية الأهمية، هل يعني التحديد السابق للدولة أنها لا تتأثر بالضغوطات و المطالب الشعبية؟ عندما طرح الباحث الإنكليزي كولين كروش C.Crouch هذا السؤال وجد أمامه خيارين للإجابة عليه، أولا: بإمكاننا الإعتراف أن الدولة تستجيب لتلك الضغوطات القادمة من تحت، و بذلك فإننا نستبعد طبيعتها الوظيفية الرأسمالية. ثانيا: يمكننا قبول الأطروحة القائلة أن الرأسمالية نظام تعددي مما يسمح بتلبية مصالح العمل[27].

نعتقد من جهة نظرنا أن الخيارين يعانيان من نقائص رغم أن الأول يبدو أكثر تماسكا من الثاني. ذلك أن قبول الفكرة القائلة باستجابة الدولة لمصالح العمل لا يؤدي حتما إلى إستبعاد طبيعتها الرأسمالية، بل يجعلنا نعترف بمكانة النضال الطبقي ضمن الدولة ذاتها، بين المصالح المتعددة لرأس المال من جهة، و بينها وبين مصالح الطبقة العاملة التي تتكفل بها الدولة باعتبارها الوسيط  و في ذات الوقت بؤرة الصراع الطبقي في المجتمع.

لعل أوضح صياغة لهذه الأطروحة تلك التي قدمها غمبل في عمله " الأمة المحافظة" أين يميز بين ما أسماه "سياسة الدعم" و "سياسة القوة". حيث تمثل الأولى قيودا يفرضها النظام الإنتخابي الليبرالي القائم على رجل واحد، صوت واحد، بينما تمثل الثانية قيودا مفروضة على ممارسة الدولة لقوتها و مصدر تلك القيود التغيرات الشاملة التي تطال الإقتصاد، السياسة و الإيديولوجيا. و تتلخص الفكرة في حقيقة أن برامج سياسة الدعم هي ذاتها مفيدة بما تفرضه سياسة القوة من قيود، و لا يمكن تحقيقها إلا ضمن ما تسمح به هذه الأخيرة من هامش المناورة لمختلف التنظيمات السياسية وأجهزة الدولة[28].

هذه الفكرة التي يعبر عنها كل من هولواي وبوشيوتو في هذا الإقتباس الذي نورده رغم طوله لما يكتسبه من أهمية بالغة: "...إن أشكال الدولة تعاد صياغتها، إستبدالها أو إصلاحها كجزء من سيرورة الإحتواء الخاصة بالتناقضات الجديدة الناتجة عن مراحل جديدة في نمو رأس المال من أجل بعث أو إعادة تشكيل علاقات رأس المال في صيغ جديدة.

و على نفس المنوال تجري مراجعة وظائف الدولة وإستبدالها، مادامت هي كذلك تتأثر بالتناقضات السائدة في كل برهة من نمو الرأسمالية" [29].

بعد هذا العرض لمواقف مختلف الإتجاهات النظرية حول طبيعة الدولة ووظائفها في ظل سيادة نمط الإنتاج الرأسمالي، سوف نحاول في الجزء الثاني من هذا العمل التعرف على أشكال تدخل الدولة في العلاقات الصناعية و الأليات المتنوعة المستخدمة من قبلها لتحقيق هيمنتها في هذا المجال.

  1. رقابة الدولة على العلاقات الصناعية:

يتميز سلوك الدولة تاريخيا بخصوص العلاقة الصناعية بالتأرجح بين الإجراءات القسرية التي تتبعها عادة ردود فعل مثير للإضطرابات من قبل المنظمات النقابية، أو اللجوء إلى طرق إذماجية يترتب عنها عادة حالات التعاون والإستقرار، رغم أنها قد لا تعمر طويلا. هكذا يصبح النظام في مجموعه، ليس الخاص بالعلاقات الصناعية فحسب بل الخاص بالتمثيل السياسي أيضا متأرجحا بين صيغة معينة من الليبرالية تارة ونظام متحدي* تارة أخرى corporatism يحدث ذلك بقدر كبير من الصعوبة و تزايد الشكوك حول قدرة النظام على إحتواء التناقضات.

تلك هذ الوضعية التي يعتبرها هايمان مسؤولة عن الأهمية البالغة التي تكسبها اللإيديولوجيا ضمن عملية تدخل الدولة. بالفعل لقد أصبحت علاقات العمل و النقابات موضوعات يومية للدعاية الرأسمالية بمختلف مؤسساتها وتنوع صيغ تعبيرها. و تتغدى العملية في مجموعها على شعار أساسي هو "الحفاظ على المصالح الوطنية" وبهذا الصدد يجري تقديم مصالح الطبقة العاملة، أهدافها وافعالها باعتبارها فئوية، غير مسؤولة، مثيرة للإضطراب و كارثية بالنسبة للإقتصاد و المجتمع ككل[30].

لكن تبقى الطريقة الأنجح بالنسبة للدولة من أجل مراقبة علاقات العمل هي الصيغة التي تجمع بين عناصر من الإستراتجيين، الليبرالية والتدخل المباشر. وفي كل الحالات فإن مثل هذه الصيغة ينبغي أن تعالج ثلاث قضايا محددة: المطالب الأجرية، تزايد قوة الطبقة العاملة، و قدرة الدولة وأجهزتها على إدارة هذه العملية (أي رقابة علاقات العمل). و على هذا الأساس تظهر لدينا ثلاث مجالات متداخلة في الواقع لكننا نميز بينها لغرض التحليل. هذه المجالات التي ينبغي معالجتها هي: سياسات الدخل، إصلاح هياكل التفاوض، وإعادة هيكلة أجهزة الدولة المعنية بمراقبة علاقات العمل.

  1. 2. سياسات الدخل:

تكتشف كل الممارسات المتعلقة بفرض رقابة الدولة على العلاقات الصناعية أن سياسات الدخل تعد محورا رئيسيا في إقامة نظام متحدي نظرا لأنها تضمن تعاون النقابات. و في كل الحالات فإن سياسات الدخل تهدف إلى تركيز المفاوضات حول الأجور، وتقوية المستويات الرئاسية داخل التنظيمات النقابية الشيء الذي يساعد على إضعاف حركة القاعدة العمالية. كما تهدف مثل هذه السياسات إلى تجميد إجراءات المفاوضة المحلية و الإضرابات غير الرسمية التي يصعب توقعها. هكذا، فإن غاية هذه السياسات تتجاوز الهدف المعلن المتعلق بمراقبة الأجور إلى إعادة هيكلة الممارسات التفاوضية التي أثرت بشكل قوي على تراكم رأس المال في مواجهة المطالب الأجرية التضخمية، بخاصة في فترات الإرتفاع النسبي في معدلات التشغيل أين يتنافس أصحاب العمل على اليد العاملة. لذلك فإن سياسات الدخل تمثل رد فعل واضح من قبل الدولة لتعديل ميزان القوة بين الطبقات المتعارضة. و على سبيل المثال حاولت حكومة حزب العمال في بريطانيا سنة 1964 صياغة عقد إجتماعي تتكون قاعدته الأساسية من سياسة للدخل ومراقبة الأسعار. في البداية كان الإجراء طوعيا، و حظي بقبول معظم، إن لم تقل كل النقابات، لكن عندما حاولت الحكومة إتخاذ إجراءات قانونية لضمان إحترامه، تحول ذلك القبول بسرعة إلى رفض و معارضة، بالرغم من تصريح الناطق الرسمي للحكومة أنذاك بأن تلك الوثيقة "تبشر بنهاية الحرب الطبقية".

لقد أصبح واضحا أنه منذ أن إتخذ النضال في المجتمعات الرأسمالية المتقدمة طابعا مؤسسيا في المجال السياسي، فإن المجال الصناعي سيتحول إلى ساحة مفضلة حيث يستمر ذلك النضال. و هكذا فإن سياسات الدخل المتعاقبة في بلد مثل بريطانيا كانت تهدف إلى القضاء على تبقى من نضالية لدى الطبقة العاملة في مجال على غاية الاهمية بالنسبة لرأس المال[31]. إن هذا الهدف الأساسي في سياسات الدخل تجسد بوضوح في سلوك حكومة حزب العمال سنة 1964 التي حاولت إقامة قيود قانونية على الأجور بينما تركت الأسعار دون مراقبة. و هكذا من جملة تسعة ملايين سعر لم تعدل الهيئة الحكومية الجديدة المسماة "المجلس الوطني للأسعار و الدخول" سوى 355 سعر[32]. لذلك فإن بعض الباحثين يشيرون إلى أن سياسات الدخل ليست بالأساس "مهمته بإعادة توزيع المداخيل بين الطبقات، بل تسعى فقط إلى تضييق فوارق الدخل في صفوف الطبقة العاملة". هذه الحقيقة التي أطلق عليها بانيتش Panitch بحق عقيدة "الإشتراكية في طبقة واحدة"[33].

هكذا، فإن سياسات الدخل على حد تعبير أحد القادة النقابيين في إيطاليا لا تعني سوى "محاولة إفتكاك قبول من الطبقة العاملة بزيادة إستغلالها من خلال اللجوء إلى تصور تضامني، يحدد إتحاد المصالح بين رأس المال و العمل بإسم مصلحة إفتراضية تتسامى على الطبقات الإجتماعية"[34]. لقد أشرنا في بداية هذا العمل إلى حدود هذه الإجراءات الخاصة مثل سياسات الدخل و مع ذلك لابد من تكرير القول أن المعارضة الصريحة لهذه السياسات قد ظهرت في البلدان الرأسمالية المتقدمة منذ نهاية الستينات. ذلك ما يؤدي إلى القول أن سياسات الدخل باعتبارها إحدى الطرق المفضلة من قبل الدولة في محاولتها فرض رقابة على علاقات العمل تعاني نقائص جوهرية، بل و يترتب عنها التشكيك في شرعية الدولة باعتبارها حكما محايدا كما تحاول أن تظهر عند قيامها بهذه المهمة. بالفعل، لقد أدت هذه السياسات إلى نتائج عكسية مثل تقوية المطالب الرامية إلى تقليص الفروق بين الفئات المختلفة من القوى العاملة. كما أدت إلى تسييس الإختلافات الناتجة عن الأجور على عكس ما كانت تسعى إلى تحقيقه. كل هذه النتائج ساعدت على إبراز أهمية الأساليب الأخرى التي لجأت إليها الدولة و في مقدمتها إعادة هيكلة علاقات التفاوض.

  1. 2. إصلاح هياكل التفاوض

حدث في بريطانيا تحول واضح في سلوك الدولة سواء تحت حكم العمال أو المحافظين (سنة 1968و1971 على التوالي) تمثل في التخلي عن سياسات الدخل لصالح إجراء إصلاحات في هياكل التفاوض. ويبقى التجسيد الواضح لهذا التحول هو قانون العلاقات الصناعية لسنة 1971. في هذا الإطار أعيد تحديد أهداف النقابات العمالية من قبل دولة لتسبغ الشرعية على تلك التي تقبل الوضعية الجديدة دون غيرها.

إضافة إلى ذلك هناك عدد مهم من التغيرات أدخلت بمناسبة إعتماد هذا القانون.

أولا: إلزام النقابات بتسجيل نفسها لدى موثق معين من قبل الحكومة و تابع للدولة له صلاحيات لمراقبة مضمون القانون الداخلي للنقابات.

ثانيا: إقامة محاكم صناعية للنظر في ما سمي "بالممارسات غير العادلة "التي تقوم بها النقابات.

ثالثا: إعطاء الطابع الإلزامي قانونيا لكل الإتفاقات الجماعية، وبذلك يكتسي كل إضراب مادامت تلك الإتفاقات نافذة طابع السلوك أو "الممارسة غير العادلة" التي يعاقب عليها القانون.

رابعا: إدخال نظام الٌإقتراع السري حول أي قرار تتخذه النقابة لإعطاء المنخرطين فرصة معارضة القرارات الراديكالية.

خامسا: تبني إجراءات من شأنها أن تجعل تقليد "الورشات المغلقة"* صعب التحقيق بهدف تقليص عضوية النقابات و إضعافها.

سادسا: تقليص الإضرابات غير الرسمية من خلال تحميل النقابات مسؤولية ضمان الإنضباط في صفوفها و متابعتها قانونيا أمام المحاكم الصناعية التي تفرض عليها غرامات تقيلة كما تستطيع حلها[35].

إن الأهداف التي سعي إصلاح 1971 إلى تحقيقها عديدة و في مقدمتها، تعديل ميزان القوة في العلاقات الصناعية لصالح رأس المال على حساب العمال ومنظماتهم. إنهاء حالة اللامركزية التي ميزت هياكل المفاوضات الجماعية. تقوية المستويات الرئاسية داخل النقابات لتقوية الهياكل المركزية و جعلها قادرة على مراقبة أعضائها. و فوق كل شيء لم يكن الهدف تحطيم النقابات كما قد يبدو منذ الوهلة الأولى، بل تحديد إلتزامات النقابات نحو رأس المال والدولة و تقنينها و إيجاد السند لها من خلال العقوبات التي تفرضها الدولة[36]. و بذلك يمكن القول أن قانون 1971 كان يندرج ضمن نظام متحدي مع مسحة كبيرة من الغموض. لأنه حاول أن يؤلف بين صيغ مختلفة من المراقبة، الأولى جماعية و الثانية فردية أو ليبرالية. ذلك مايرى فيه بعض الباحثين مؤشرا عن التناقض الجوهري والعميق في دور الدولة في التشكيلات الرأسمالية المعاصرة، و في أديولوجية معظم الاحزاب الليبرالية و بين الفئات المختلفة المشكلة لرأس المال[37]. لقد قدم قانون 1971 مثالا جيدا عن الصراع بين مختلف مجموعات المصالح حول الدور المنوط بالدولة وقد تجسد ذلك في غياب رد فعل متجانس من قبل الفئات المكونة لرأس المال. كما سلط الضوء على العلاقات المعقدة بين الدولة، شروط تراكم رأس المال، و مصالح الطبقات ونضالاتها.

لقد قاومت النقابات ذلك القانون بشدة وواجهت الحكومة حركة واسعة من العصيان المدني مما جعلها تتراجع عن القانون و تتخلى عن الإصلاحات المرتبطة به. و قد نبع ذلك محاولة إستدراج النقابات للتعاون باءت هي الأخرى بالفشل، الشيء الذي أدى إلى إصدار قانون للأجور و سياسة للأسعار خلال الفترة 1972-1974، قامت بتنفيدها و متابعتها هيئات جديدة مثل مجلس الأجور، و لجنة الأسعار.

لقد كانت محاولة الإصلاح هذه، كما يقول كروش، مجرد تقليد مباشر لتجارب أخرى، بخاصة تلك التي عرفتها السويد و الولايات المتحدة الامريكية، و ألمانيا...إلخ. غير أن الأحداث بينت عدم فعالية هذا الأسلوب في معالجة العلاقات الصناعية في بريطانيا بالخصوص.

لعل إحدى التفسيرات المحتملة و المعقولة تكمن في تقليد قديم تمثله ممارسات التفاوض المحلي و لا مركزية مميزة للحركة النقابية الإنكليزية. إضافة إلى ذلك تجذر الثقافة السياسية الليبرالية في هذه البلاد، و حقيقة أن التدخل المباشر للدولة في مجال العلاقات الصناعية ظاهرة حديثة تطورت في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية فقط. أما في البلدان الرأسمالية الأخرى فقد كانت الدولة، بدون إستثناء، طرفا مباشرا و نشطا منذ المراحل الأولى للتصنيع. لعل ما يكتسي دلالة مهمة هي حقيقة أن تلك الإجراءات المتخذة من قبل الدولة في ذلك الوقت غايتها التمييز أو الفصل بين المجالات الصناعية والسياسية. بينما يمثل ذلك التصرف في حد ذاته فعلا سياسيا. و قد كشفت الأحداث أن الحركة العمالية عموما لا تحمل أو هاما بخصوص هذه الحقيقة. فالعمال في بريطانيا عبروا مرارا عديدة عن رفضهم للدور المزدوج الذي تحاول الدولة القيام به، كما حدث في إضطرابات 1969 بخصوص الأجور، أو فشل حزب العمال في الإنتخابات التشريعية سنة 1970. و الإضطرابات السياسية خلال الفترة 1972-1974 التي انتهت بسقوط حكومة هيث E. HEATH المحافظة. يبدو كأن الأحداث تتكرر مرة أخرى كما تشهد على ذلك موجات الإضطربات لشتاء 1979 و الأحداث التي أعقبتها مؤدية إلى فشل حزب العمال و صعود المحافضين بعد تشريعيات 1980. و قد عبرت حكومة المحافظين عن عزمها في إعادة نفس السيناريو الذي فشل في بداية السبعينات، أي إدخال إصلاحات جذرية على قوانين و هيئات المفاوضة، والنقابات. و قد بينت السنوات اللاحقة أن حظ تلك الإصلاحات كانت هذه المرة أفضل من السابق و لكنه يبقى مع ذلك نسبيا و محدودا جدا بالنظر  إلى الأهدف المخططة لها.

  1. 2. إعادة هيكلة أجهزة الدولة:

تستدعي عملية مراقبة العلاقات الصناعية تبعا للإجراءات المختلفة المتخذة إعادة هيكلة أجهزة الدولة سواء كانت معنية مباشرة أو بطريقة غير مباشرة بعملية التدخل. و المهم بهذا الصدد هو أن إعادة هيكلة أجهزة الدولة لها عواقب ذات دلالة على العلاقات بين الدولة ورأس المال. فيما يخص تجربة بريطانيا نجد أن فترة ما قبل 1970 سيطرت فيها الدولة على العلاقات الصناعية من خلال وزارة الشغل ثم بعد ذلك دائرة التشغيل. أما بعد سنة 1974 فقد عادت مهمة الرقابة على العلاقات الصناعية إلى أجهزة جديدة من بينها مصالح التوجيه و المصالحة والتحكيم، و لجنة خدمات القوى العاملة، و مكاتب تسيير التشغيل. أما إصدار الإجراءات الخاصة بصياغة سياسات الدخل فقد أعطيت لكل من الخزينة، ومؤتمر النقابات (T.U.C.) Trades union congress وكونفدرالية أرباب العمل (C.B.I) confederation of british industry [38].

إضافة إلى ذلك هناك قائمة أخرى من الهيئات التي ظهرت في فترات مختلفة منها: مكتب التنمية الإقتصادية الوطنية، المجلس الوطني للأسعار والمداخيل، هيئة إعادة التنظيم الصناعي، المجلس الوطني للمؤسسة، لجنة العلاقات الصناعية، و أخيرا مصالح التوجيه والمصالحة و التحكيم المشار إليها أنفا. لقد كانت الهيئتان الأخيرتان معنيتين مباشرة بالعلاقات الصناعية، بينما تعني الهيئات الأخرى بالإقتصاد عموما[39].

لقد أشرنا سابقا إلى أن مواقف الأجزاء المختلفة من رأس المال اتسمت بالغموض تجاه محاولة الدولة القيام بإصلاحات تخص هياكل التفاوض، او فرض سياسات الدخل. هكذا نجد منظمة أرباب العمل C.B.I ترفض اللجوء إلى الإجراءات القانونية المتضمنة في قانون 1971. لقد كانت تفضل وضعية تقوم فيها الدولة بإصدار و تنفيذ مثل هذه الإجراءات دون إعطائها صيغة قانونية. لكن الدولة رفضت ذلك بسبب حاجتها إلى موازنة هذه المطالب بمطالب أخرى لأقسام أخرى من رأس المال و بالذات المنشآت الصغيرة. وفي مواقع أخرى كان تراجع الدولة بسبب تأثير الأيديولوجيا الليبرالية للمحافظين التي منعتهم من التمادي في التدخل و الذهاب إلى أبعد الحدود[40].

لقد كانت هذه جملة من الأسباب التي فرضت على الدولة تغيير طريقة تعاملها من الأسلوب القانوني إلى أسلوب مرن غير ملزم تقوم به هيئات مثل لجنة العلاقات الصناعية، و مصالح التوجيه، المصالحة و التحكيم. لقد تشكلت هذه الهيئات بإعتبارها شبه حكومية، و مستقلة أيديولوجيا عن رقابة الحكومة، وبذلك فهي تمثل طريقة مموهة لمراقبة العلاقات الصناعية و في ذات الوقت تساعد على إقامة نظام تمثيل سياسي متحدي.(corporatist) لقد إستمدت هذه الهيئات قيمتها و دلالتها أيضا من خلال إبعادها عن تأثير البرلمان و تأثيرات النضالات السياسية المنظمة و المطالب الشعبية.

لقد أقيمت لجنة العلاقات الصناعية كهيئة تابعة للدولة مهمتها الوقاية من النزاعات الصناعية و فرض أسلوب تفاوض جماعي منظم، لقد ركزت بالخصوص على قيمة وجود نقابات قوية و منظمة تسهل مهمات الإدارة. كما أكدت ظاهريا الأسلوب الإرادي و الحر في التعامل بين الأطراف المعنية، بينما عملت في الواقع على تقوية تدخل الدولة من خلال مساهمتها النشطة في تنفيذ قانون العلاقات الصناعية. لكن رفض النقابات المساهمة في تلك العملية وغياب الإتفاق على حد أدنى عطل هذه الهيئة و أفشل مهمتها و إستطاعت هذه الهيئة البقاء و الإستمرار إلى فترات لاحقة بمخالفتها لباقي أجهزة الدولة و الخروج عن خطها، و قد أوصت بمثل هذا الموقف لكل هيئة تعني مستقبلا بالعلاقات الصناعية.

هذا الخط الذي تم إعتماده من قبل مصالح التوجيه والمصالحة و التحكيم (ACAS) التي دشنت مرحلة جديدة من الهيئات شبه الحكومية لتمرير التشريعات حول العلاقات الصناعية مثل قانون حماية التشغيل. و يعمل التركيز أيديولوجيا على مثل هذه الأجهزة على إبعادها عن الرلمان و المعارضة المباشرة لمنظمات الطبقة العاملة في محاولة لإعطائها طابعا حياديا واضحا. لقد أثبت هذا الإجراء أنه طريقة لفرض رقابة الدولة على العلاقات الصناعية بعيدا عن التدخل المباشر للدولة. و قد أولت الحكومة المحافظة في بداية الثمانينات أهمية معتبرة لهذا الأسلوب مع أنها لازالت تطمح إلى إتخاذ إجراءات تشريعية و فرض قيود قانونية. ذلك ما قامت به بالفعل منذ منتصف الثمانينات تحت حكم تاتشر التي كانت مصممة على التقليص إلى أبعد الحدود من قوة النقابات[41].

إضافة إلى الإجراءات السابقة تجدر الإشارة إلى الدور الأبوي الذي لعبته العدالة، حيث عرفت المحاكم بمخالفتها للمارسات الراسخة و التقليدية التي تحدد حقوق النقابات، إستقلاليتها و حقها في التنظيم و النشاط. من ذلك إعادة النظر في الحصانة الشرعية الممنوحة للنقابات في السنوات السابقة فيما يخص المفاوضات الجماعية. الإضطرابات الشرعية و نظارة الإضراب*، إلى غير ذلك من الممارسات المقبولة تقليديا. ويرجع الباحثون هذا الموقف من رجال العدالة إلى أسباب عديدة بخاصة الخلفية الطبقية و المواقف المسبقة المشبعة بإحكام خاطئة مصدرها الأيديولوجيا[42]. لكن الأهم من ذلك هو بنية القانون العرفي المعمول به في نظام القضاء البريطاني الذي يجد جذوره في الأيدولوجيا الليبرالية الفردية مما يجعل كل الأفعال التي تقوم بها مجموعات معينة غير شرعية. و بالرغم من الحصانة التي تتمتع بها النقابات في هذا المجال، فإن الحالات التي يشوبها الغموض تفقد فيها النقابات حصانتها [43].

ذلك ما جعل بعض الباحثين يشير إلى التوترات الموجودة في الديمقراطيات الليبرالية بين أجهزة الدولة الإدماجية مثل البرلمان وهيئات أخرى مثل القضاء. ويرون بهذا الصدد أن الميل نحو إقامة نظام متحدي يمثل علاجا لمشكلة نشاز القائم بين الهيئات الشرعية للدولة مثل البرلمان و مؤسسات ذات إستقلالية نسبية كالقضاء التي تتمتع بمناعة نسبية تجاه الضغوط السياسية المباشرة و يسود الإعتقاد أن بروز الدور القمعي للعدالة في العلاقات الصناعية يخدم مصالح رأس المال الصغير الذي لا يكون عادة ممثلا في النظام المتحدي. ذلك ما يجعل الدولة، حسب هذا الإعتقاد، تحاول محاصرة هذه الممارسة و التقليص منها لكونها تقف في طريق توسيع تدخل الدولة. و يشير ذلك على العموم إلى مواجهة بين التيار الليبرالي و المتحدي[44].

تواجه هذه الأراء معارضة أولئك الذين يشيرون إلى وجود ميل في ظل النظام المتحدي نحو تأكيد قوة الهيئات التنفيذية و الهياكل و المؤسسات الجديدة على حساب الهيئات الليبرالية القديمة، بخاصة البرلمان كما يشير أصحاب هذا الموقف إلى أن المؤسسات النظام المتحدي لايطالها الضغط الديمقراطي الشعبي و بذلك فإنها تفشل في تمثيل مصالح الجماعات التي ليس لها حضور في المؤسسات المتحدية.

الخلاصة

إن ما تشير إليه هذه الأراء على إختلافها و تنوعها هو تعدد الإحتمالات المفتوحة أمام الدولة لفرض رقابتها على العلاقات الصناعية، إضافة إلى تأثيرات مختلف الأجهزة والهيئات بإعتبارها تلعب دور الوسيط بالنسبة "للدولة والعلاقات الإقتصادية و توفيرها بذلك لشرط المحافظة على تراكم رأس المال" كما تبرز الحدود و القيود سواء البنيوية أو الرمزية التي تواجهها الدولة في تصرفها كمؤسسة إجتماعية، تلك القيود التي تلعب دورا في تحديد طبيعة الدولة ذاتها. إن رقابة الدولة على العلاقات الصناعية بغض النظر عن الأساليب المتبعة غاية تفسر الميل الواضح نحو تدخل الدولة في الحياة الإقتصادية. هذا التدخل الذي لا يمكن فهمه إلا بإعتباره يمثل بحثا مستمرا من طرف الدولة عن مخرج من الأزمة الحادة و الدائمة التي تواجهها عملية تراكم رأس المال. و لن يكون ذلك ممكنا سوى يفرض رقابة على قوة العمل وتأطيرها و إخضاعها لمنطق سيرورة التراكم الرأسمالي. و بذلك يكون التكيف مع هذه الوظيفة تحت ظروف دائمة التغير هو المفسر لظهور صيغ وآليات مختلفة في عملية التدخل و المراقبة التي تمارسها الدولة.


الهوامش

[1]- قول أنغلز وارد في: PARKIN, F..-Marxism and class theory; A" Bourgeois Critique".- LONDON, TAVISTOK, 1979.

[2]- أنظر مقال:

HINDESS, B..- IN LITTLE JOHN, G. and al.- Power and the state .-p.93.

[3]- POULANTZAS, N..- Les classes sociales dans le capitalisme d’aujourd'hui.- Paris, Editions du Seuil, 1974.- p.161.

[4] - MILIBAND, R .- The   state in capitalist society.- London, Quarter books LTD, 1973.- p.p.45-50.

[5] - بولنتزاس، ن.- مصدر سابق.- ص.166.- POULANTZAS, N

[6]- بركين، ف.- مصدر سابق .- ص.141.- PARKIN, F.

[7]- JESSOP, B..- Recent theories of the capitalist state.- Cambridge Journal of - Economics, . n°1, 1977.

[8] - بولنتزاس، ن.- مصدر سابق. POULANTZAS.-

[9]- HOLLOWAY AND POCCIOTTO.- State and capital: a marxist debate.- 1978.-

[10]- نفس المرجع، ص.3.

[11]- هولواي و بوشيوتو.- مصدر سابق.- ص.10.- HOLLOWAY AND POCCIOTTO

*- نسبة إلى الإقتصادي الإنكليزي ديفيد ريكاردو (1772-1823) أحد المنظرين الأوائل للإقتصاد السياسي الكلاسيكي و قد إشتهر خاصة بصياغته قانون الريع العقاري.

[12]- مصدر سابق JESSOP, B..-

[13]- هولواي و بوشيوتو.-مصدر سابق.- ص.12HOLLOWAY et Pocciotto.-

[14] - نفس المرجع.- ص.ص 13-14.

[15]- نفس المرجع.- ص.15.

[16]- نفس المرجع.- ص.23.

[17]- نفس المرجع.- ص.24.

[18]- نفس المرجع.- ص. 26.

[19]- Mandel, E..- Late capitalism.- N.Y, Monthly Review Press., 1974 .- p.474.

[20]- نفس المرجع.- ص.475.

[21] - Gamble and Walton.- Capitalism in crisis.- p. 165.

[22]- BRAVERMAN, H..- Labour and monopoly Capital.- London, N.Y, Monthly Review Press, 1974.

[23]- HYMAN, R. .- Industrial Relations: A Marxist Introduction.- London, Mac Millan, 1975.

[24]- نفس المرجع.- ص. 133.

[25]- غمبل، وولتون.- مصدر سابق.- ص.ص. 169-170.

[26]- نفس المرجع.- ص.173.

[27]- CROUCH, C..- State and Economy in Contemporary Capitalism.- London, Fontana, 1980.

[28] - مصدر سابق Little john, G. and al. .-Power and the state.-

[29]- HOLLOWAY and Poccioto's Paper.- In Capitol and Class, n°2, 1977.- p.p. 90-91.

* - النظام المتحدي Corporatismeشكل من النظام السياسي القائم على التعاون بين كيانات مؤسسية مثل منظمات أصحاب العمل، و النقابات العمالية و أجهزة الدولة تحت رعاية و هيمنة هذه الأخيرة، حيث يخضع سلوك الجميع لعقد إجتماعي ، أو إتفاق عام تضيعه الدولة و ترعاه أنظر:

WINKER, j.t. .- The corporate economy: theory and administration in scase, R. Industrial society : class, cleavage and control. London, George Allen and Unwin, 1977.

[30]- هايمان.- مرجع سابق.

[31]- PANITCH, L..- social Democracy and Industrial Militancy.- London, Mac Millan, 1978.

[32] - نفس المرجع .- ص.214.

[33]- نفس المرجع.- ص.216.

[34]- مذكور من طرف بانيتش PANITCH .- نفس المرجع.- ص.4.

* - "الورشات المغلقة" ممارسة قديمة للنقابات الإنكليزية تجبر من خلالها العمال الملتحقين بالمنشأة على الإنخراط في النقابة كإحدى الشروط للتوظيف. و هي ممارسة متعارف عليها و ليس لها طابع قانوني، الهدف منها خلق تجانس في صفوف العمال و تقوية صفوف النقابات.

[35]- CROUCH, C.- The politics of industrial relations.- London, fontana, 1979.

[36]- مصدر سابق.- PANITCH.

[37]- STRINATI, D..- Capitalism, the state and industrial Relations, in CROUCH, C..- .-مصدر سابقthe politics in industrial Relations.

[38]- كروش.- نفس المرجع السابق.

[39]- سترياتي.- المرجع السابق.- ص. 225.

[40]- ستريناتي.- نفس المرجع.- ص. 227.

[41]- ستريناتي.- نفس المرجع.- ص.ص 229-230.

* - المقصود بها مرابطة مجموعة من العمال أمام أبواب المصنع لإقناع العمال والزبائن بعدم الدخول أثناء الإضراب، و هي ممارسة تقليدية في بريطانيا قامت حكومة المحافظين بمنعها مع بداية الثمانينات.

[42]- هايمان.- مرجع سابق.

[43]- كروش.- مرجع سابق .

[44]- ستيريناتي.- مرجع سابق.- ص. 225.

logo du crasc
insaniyat@ crasc.dz
C.R.A.S.C. B.P. 1955 El-M'Naouer Technopôle de l'USTO Bir El Djir 31000 Oran
+ 213 41 62 06 95
+ 213 41 62 07 03
+ 213 41 62 07 05
+ 213 41 62 07 11
+ 213 41 62 06 98
+ 213 41 62 07 04

Recherche