تقديم

إنسانيات عدد 49 | 2010 | معرفة  و ديناميات اجتماعية | ص13-14 | النص الكامل 


 

يضم هذا العدد المتنوع من مجلة إنسانيات بين طياته جملة من الإسهامات التي تهدف إلى الإحاطة بالواقع من خلال تفعيل عدد من الأدوات النظرية و المنهجية. كما يهدف هذا الإصدار من خلال تبنيه لاهتمامات متعددة إلى تسليط الضوء على النظرية السوسيوتاريخية، هذا بالإضافة إلى معالجته لأشكال مختلفة  من التنشئة الاجتماعية. يساءل أصحاب هذه الدراسات وجهة نظر الفاعلين بغية فهم أفضل للإستراتيجيات الفردية و الأسرية في مواجهتها لمختلف المواقف، هذا مع الأخذ بعين الاعتبار حسن التدبير و التجارب اليومية التي تميزهم.

يحاول مصطفى حداب استقراء أعمال ابن خلدون من جديد، بالكشف عن  المقام الابيستيمولوجي الذي يتأسس عليه البحث التاريخي، الذي سمح  لهذا المفكر بإنتاج معرفة و خطاب علميين  يملكان مستوى رفيعا.

و يرى صاحب هذا الطرح، أن ابن خلدون، و من خلال معرفته الموسوعية قد اهتم بالعديد من مجالات النشاط الاجتماعي، السياسي و الفكري التي تجلت في عصره، و لا سيما تلك التناقضات الموجودة بين العالم الحضري و الفضاء الريفي، و يمكن تلخيص ذلك في "تحصيل المعارف بالارتباط مع حالة المجتمع". و لهذه الأسباب، يعتبر مؤلف "المقدمة"، رائدا من رواد علم الاجتماع بالنسبة للكثير من الباحثين، إذ درس بشكل كبير "العمران" بوصفه تعبيرا عن عملية البناء و الهدم للنظام الاجتماعي و السياسي الذي كان قائما في العصر الوسيط بهذه المنطقة من العالم.

و في هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى ظهور أشكال أخرى من التنظيم الاجتماعي، ارتبطت، في السياق الحالي، بالتنشئة الاجتماعية، حيث يتطرق هشام حشروف للحركة الجمعوية بمنطقة بجاية، و يشير في هذا، إلى تميّز الفضاء الريفي بهذه الولاية بدينامكية جمعوية بالغة الأهمية، و ذلكم خلافا للفضاء الحضري.

و لا يمكن لهذه الممارسات أن تتم، في هذا الإطار، دون الاصطدام بالـ "مصالح العائلية سواء كانت أسرية أو فردية، تسلطية أو معيارية، اقتصادية أو ثقافية". و هو ما يحاول محند أكلي حديبي الكشف عنه من خلال تحليل قصة حياة خمسة شباب من قرية، تقع في ضاحية الصومام، قد توقفوا عن الدراسة في سن مبكرة.

أما بخصوص تعلم "القراءة، الكتابة و الحساب" بوصفهم عناصر مؤسسة في كل تنشئة اجتماعية عصرية، فقد تم تسليط الضوء عليها من قبل عبد القادر كلكل، حيث  يحاول هذا الأخير رسم جدول للمعارف في الجزائر منذ عهد ما قبل الاستعمار، وإلى غاية الساعة.

و من جهته، يقوم منصف المحواشي بقراءة لوظائف الطقوس و الرموز في المجتمعات المحلية التي تستهلك المنتوجات التكنولوجية الحديثة. إذ يرى، أن هذه الممارسة التي تمتد بجذورها أكثر فأكثر عند سكان الجنوب يمكن أن "توسع حالات الاغتراب".

إن الانخراط في القيم الجديدة التي رفعتها العقلانية التقنية التي واكبت انتصار البراغماتية، جعل  السكان المحليين يضطرون إلى "الرجوع في ممارساتهم الثقافية إلى "اللاعقلاني" باعتباره فضاء للترويح على النفس و للحفاظ على التوازن "السيكولوجي" المهدد من قبل التحولات العميقة و السريعة"، و يمس هذا الأمر بوجه خاص، أولئك الذين يشعرون بالتهميش أو بالإقصاء من دائرة الاستهلاك الجديدة.

ويعود بنا دحا شريف با، إلى مناحي الحياة العديدة، العسكرية منها، و السياسية و الاجتماعية التي ميزت هذه الفترة من تاريخ المنطقة المغاربية، و ذلك من خلال البحث التاريخي. إذ حاول سكان تلك المرحلة، تبني العديد من الإستراتيجيات للرد على التسلط الاقتصادي و على القوى العسكرية المسيطرة آنذاك و كان الهدف من وراء ذلك، تجنب الفوضى و الضربات القاضية. بالنسبة للسجناء أو جنود الحصون العسكرية الاسبانية (البريزيديو) الذين كانوا يعانون من ظروف قاسية لم يكن لديهم خيار آخر سوى محاولة الهروب من هذا المكان و مواجهة تبعات ذلك الفعل، في بعض الأحيان، أو اللجوء إلى تغيير الهوية بتحول إلى  الانتماء البربري (المور) أو تبني المسيحية بالنسبة للسجناء المسلمين.

و في الواقع، فإن تحليل، و معانية الأسباب الكامنة خلف الظواهر، و الكشف عن مختلف التداخلات الخاصة بالمجموعات البشرية، و كذا إنتاج معرفة انطلاقا من رؤى مختلفة للبحث من خلال تسييق الأهداف المنهجية و المدونات، تصب كلها في الاهتمامات التي تشغل الباحثين في العلوم الاجتماعية و الإنسانية بشكل مستمر و متواصل، لهذا فإن هذا العدد، على غرار الأعداد السابقة، يدخل في إطار الغرض نفسه.

لجنة التحرير

ترجمة صورية مولوجي-قروجي

Appels à contribution

logo du crasc
insaniyat@ crasc.dz
C.R.A.S.C. B.P. 1955 El-M'Naouer Technopôle de l'USTO Bir El Djir 31000 Oran
+ 213 41 62 06 95
+ 213 41 62 07 03
+ 213 41 62 07 05
+ 213 41 62 07 11
+ 213 41 62 06 98
+ 213 41 62 07 04

Recherche