إنسانيات عدد 46 | 2009 | ألسنة وممارسات خطابية | ص127-142 | النص الكامل
Nadia GUEDJAL, professeur, Université de Mostaganem, 27 000, Mostaganem, Algérie.
مقدمة
إنّ الرسم المحاكي للواقع لغة فنّية عالمية تخاطب الجميع باختلاف مستوياتهم الثقافية حيث يستطيع المتلقّي أن يفهم من اللوحة ما يتلاءم مع مستواه الفكري والثقافي، وبالتالي فهي مثل الصورة الفوتوغرافية تسقط وتزيل حواجز وعوائق اللغة بين بني البشر، فتقوم بدور الاتصال ومن خلاله تعرّف بالآخر. ومن المعروف أنّ المستشرقين خلّفوا عددا كبيرا من اللوحات التي تصف الشرق وهذه الأعمال الفنية لا تعرّف الأوروبيين على الأهالي فحسب، بل تكسر أيضا الحواجز الزمنية لتبقى بمثابة نافذة أبدية للأجيال على الماضي.
ولكنّ هذه الصور تراوح بين الحقيقة والزيف فتصف الحياة الشرقية تارة بصدق وطورا يغشاها التلفيق والافتعال والإيديولوجيات، ممّا يجعل المتلقّي في حيرة ولا يجد سبيلا إلى القراءة الصحيحة في غياب الأدوات التي تساعده على غربلة هذا الفن من الشوائب العالقة به.
ويكمن أحد أهمّ مفاتيح القراءة في تصنيف اللوحات حسب الوظيفة التي تؤدّيها، ذلك أنّه بالتعرّف على الوظائف الأساسية للرسم الاستشراقي يسهل فهم أهدافه، وتصنيف الأعمال الفنية وفق الوظيفة، ومن ثمّ تتوضّح القراءة ويسهل سبر غور الإيديولوجيات التي تتضمّنها، وكذا الاستفادة منها في تدوين التراث والتاريخ.
1. توظيف الرسم الاستشراقي في التمهيد للحملات التوسّعية الأوروبية
أ.مفهوم الاستشراق
إنّ الاستشراق في جوهره هو اهتمام بالغ بسبر مفاهيم الشرق والتعمّق في دراسته والكشف عن خباياه، وهو قديم جدّا بدأ منذ صراع الإغريق والفرس[1]. ولكنّه "لم يتبلور معرفيّا إلاّ في القرون الوسطى".[2]
ومصطلح الاستشراق أنتجه الفكر اللاهوتي المسيحي مثلما أنتج معظم المقولات المعرفية التي تداولها الأوروبيون قبل القرن الثامن عشر، وقد أشار المستشرق "أربري" أنّه كان يقصد به في سنة 1883م بحث المستشرق العضو في الكنيسة الشرقية أو اليونانية.[3]
وبتراكم الأبحاث التي درست الشرق في أواخر القرن السابع عشر ظهر مفهوم الاستشراق. على أنّ الشرق كما يشرح منير بهادي ليس المقصود به الأمصار المتاخمة لأوروبا من الجهة الشرقية إنّما يمثّل جغرافيا الأقاليم غير الأوروبية أي آسيا وإفريقيا، ويمثّل ثقافيا النطاق الخارج عن الهيمنة الثقافية الأوروبية المسيحية، وعرقيا الأجناس التي تختلف عن الجنس الأبيض، ولغويا اللغات السامية، وسياسيا ما يطلق عليه اسم العالم الثالث أو المستعمرات الأوروبية[4].
واعتمد المستشرقون على معرفة اللغات الشرقية وساهموا بشكل كبير في الثراء التاريخي والجغرافي والفلسفي واللغوي واهتمّوا بترجمة المخطوطات الشرقية.[5] وحسب القاموس الموسوعي فإنّ المستشرق هو المختصّ في الحضارات الشرقية، والاستشراق هو مجموعة العلوم التي تهدف إلى دراسة هذه الحضارات وهو أيضا الميول إلى الأشياء الشرقية، كما أطلق على الرسّام المختصّ في تمثيل المناظر الغرائبية في القرن التاسع عشر[6].
ب. التخطيط لاستعمار العالم العربي الإسلامي ودوافعه
لقد كانت الأنظمة الغربية شديدة العزم على احتلال العالم العربي الإسلامي وذلك من أجل تحقيق هدفين أساسيين : الهدف الأوّل سياسي اقتصادي يتمثّل في توسيع خارطاتها والاستحواذ على المواقع الإستراتيجية الهامّة والثروات الطبيعية والأسواق الجديدة لمنتوجاتها الصناعية، وأمّا الهدف الثاني وهو الأهمّ فهو ديني يتمثّل في القضاء على الإسلام في عقر داره.
ويشرح جلال العالم أنّ "المتتبّع لتاريخ العلاقات ما بين الغرب وشعوب الإسلام يلاحظ حقدا مريرا يملأ صدر الغرب حتّى درجة الجنون، يصاحب هذا الحقد خوف رهيب من الإسلام إلى أبعد نقطة في النفسية الأوروبية"[7]. وقد خطّط الغرب لتدمير الإسلام والمسلمين برويّة ودقّة.
وكانت فرنسا من أبرز الدول الأوروبية الممثّلة لروح الغرب وحضارته الحديثة وأشدّها عزما على إبادة الإسلام ونصرة الصليب، وتتجلّى صليبية الفرنسيين في شخص الجنرال "غورو" الذي ما أن تغلّب على جيش "ميسيلون" خارج دمشق حتّى أسرع إلى قبر صلاح الدين الأيّوبي عند الجامع الأموي وركله بقدمه وقال له ها قد عدنا يا صلاح الدين[8].
وكانت الجزائر بموقعها الهام وثرواتها الطبيعية الهائلة واعتزاز شعبها بالإسلام مثيرة للأطماع والمخاوف الفرنسية. والحقيقة أنّه في الفترة التي تعزّزت فيها هيمنتها على البحر الأبيض المتوسّط بأسطولها العظيم، كانت الدول الأوروبية تتوجّس خيفة من هذه القوّة الإسلامية التي تشكّل خطرا على المنطقة، وذلك لأنّ الأوروبيين "لا يرون الإسلام جدارا في وجه مطامعهم فقط، بل يعتقدون جازمين أنّه الخطر الوحيد عليهم في بلادهم"[9].
وهكّذا اشتدّ خوفهم من الشعب الجزائري، ولم يزل هذا الخوف بتحطيم الأسطول في معركة "نافارين" بل ظلّ في نظرهم مصدر تهديد يستوجب القضاء عليه نهائيا، لاسيما أنّ همّته تتجدّد باستمرار وتستمدّ طاقتها من الإسلام.
وقد وضّح أحد كبار المستشرقين أنّ فرنسا لم تسخّر نصف مليون من الجند من أجل نبيذ الجزائر أو صحاريها أو زيتونها، إنّما لأنّها كانت تعتبر نفسها حصن أوروبا الذي يمنع ما يحتمل أن يقوم به الجزائريون وإخوانهم المسلمون من زحف إسلامي لاستعادة الأندلس و الولوج إلى أعماق فرنسا واكتساح أوروبّا وإتمام حلم الأمويين بتحويل المتوسّط إلى بحيرة إسلامية خالصة[10].
وانتهجت الأنظمة الاستعمارية في تخطيطها لاستعمار العالم العربي الإسلامي الجاسوسية وسبر القدرات الدفاعية، وكان الرسم بطبيعة الحال من ضمن الأدوات الفعّالة التي وظّفت وساهمت بإسهاب في تحقيق هذه الغاية.
ج. الدور الفعّال للرسّام المستشرق في الجاسوسيّة
لقد ساند الفنّ الغربي الحملات التوسّعية الغربية، ومثّل دورا كريها في التمهيد لها، حيث كان الرسّامون المستشرقون العيون التي تجوس بلاد الشرق وتحت غطاء السياحة وحب الأسفار والانجذاب إلى جمال الشرق وسحره ومناظره الغريبة، كانت رسومهم مشبّعة بالتفاصيل التي تعرض بدقّة متناهية الجغرافيا السياسية والاقتصادية وتعاين التقاليد والسلوك والأوضاع الاجتماعية والثقافية والإدارية وتسبر القدرات الدفاعية[11]. وكانت من حيث القيمة التوثيقية مماثلة للصور الفوتوغرافية لاعتماد الرسّامين على أسلوب محاك للواقع يرصد كلّ صغيرة وكبيرة لكشف أسرار الضعف والقوة. والرسم هنا ليس موجهّا للجمهور إنّما هو للنظام العسكري، وظيفته النقل الدقيق للواقع دون حذف أو زيادة لضمان وصول المعلومة.
وكان الرسّامون يجوبون بلاد الشرق ويقيمون فيها لفترات طويلة يتسنّى لهم خلالها معاشرة الأهالي والتعرّف عليهم عن قرب، والولوج إلى ذهنيّاتهم[12] ثمّ يعودون برصيد من المعلومات المطلوبة.
2. توظيف الرسم الاستشراقي في دراسة الشعوب المحتلّة
أ. انتهاج الدراسات السوسيولوجية من أجل السيطرة على الأهالي المهزومين
لا جرم أنّ الأنظمة الاستعمارية الغربية حرصت على الدراسة الدقيقة لشعوب الشرق المحتلّة، وسعت إلى اختراق المنافذ المؤدّية إلى المعرفة العميقة لذهنياتها ومعتقداتها، وعلومها وأفكارها، وفنونها وآدابها، وطقوسها وشعائرها، وعاداتها وتقاليدها، لأنّ الإلمام بهذا كلّه يكشف عن أسرار ضعفها وقوّتها، ويسهّل انتقاء المنهجية الملائمة والفعّالة من أجل السيطرة عليها، ومن ثمّ بناء مدنية استعمارية جديدة وغريبة ترفضها الأصالة رفضا عنيفا على حطام البنية الثقافية والحضارية الأصلية للأوطان المحتلّة.
ويعتبر هذا المنهج الاستعماري من أشدّ المناهج قسوة على الشعوب المستعمرة ذلك أنّه يفتك بكيانها الثقافي، ويجتثّ هويّتها وشخصيّتها الوطنية من الجذور ويبيد المعالم التي تشهد على ماضيها، ويطمس تاريخها وعراقتها وانتماءها الحضاري ويجرّدها من حصانتها أمام الغزو الفكري والثقافي والإيديولوجي والسياسي. ويقسّمها أيضا كما أشار "أندري بروتون" إلى سلالات وطبقات اجتماعية، ويعدّها ويحصيها للتمكّن من تحريض بعضها على البعض الآخر[13]. ورأى أنّ هذا "الانحراف العقلي للفكر الإنساني أدّى إلى مجازر واضطهاد يثير الغثيان".[14]
والجدير بالذكر أنّ الاستعمار الفرنسي للجزائر كان ثقافيا بالدرجة الأولى استهدف الدين والثقافة باعتبارهما الركيزتين الأساسيتين لكيان الشعب الجزائري. وسخّر وسائله العسكرية المدعّمة بآخر مبتكرات العلوم والتكنولوجيا لتحقيق ذلك وفرض الهيمنة الكاملة على الجزائر، فهدم المساجد وأحرق المكتبات وسلب الأراضي، وجوّع وفقّر، وأصدر القوانين الجائرة التي تخصّ الأهالي دون سواهم تطبيقا لسياسة تمييزية تهدف إلى تضييق الخناق وكبت الأنفاس، تحت سلسلة من العقوبات الصارمة تحسبا لأي ثورة شعبية[15]. وتعتبر هذه القوانين أقصى إجراء يمكن أن تضغط به سلطة استعمارية على رعاياها في الوقائع الاحتلالية، وأمّا في الوقائع الإنسانية فيمكن أن ينظر إليها على أنّها بقية من ظلمات العصور الوسطى ومحاكم التفتيش[16].
ب. مساهمة الرسّام المستشرق في دراسة الأهالي المهزومين
كان الرسم من بين الأدوات الفعّالة التي ساهمت بإسهاب في دراسة الشعوب المحتلّة من أجل تطوير المناهج الاستعمارية لضمان السيطرة الكاملة عليها.
وتجدر الإشارة أنّ "نابوليون بونابارت" جلب معه في حملته على مصر عددا من الرسّامين الذين خلّدوا انتصارات الجيش الفرنسي، ودوّنوا الكثير من المشاهد الشرقية، وفتحوا باب الاستشراق في الفن[17]. ووفد إلى الجزائر عدد من الفنّانين نذكر من بينهم "أوجين دولاكروا" و" أوجين فرومونتين" و" تيودور شاسيريو" و"رونوار" و"ماركييه" و"هونري ماتيس" وغيرهم[18].
وكان الرسّامون يجوبون أرجاء البلاد ويطوفون الواحات مرورا بالقرى الصغيرة وكان النظام العسكري يؤمّن لهم الحماية الكاملة فدوّنوا في لوحاتهم العادات والتقاليد، والعمارة والفنون، والطقوس والقدرات القتالية، وما إلى ذلك.
وتتميّز الأعمال الاستشراقية التي تندرج ضمن الدراسات السوسيولوجية بأسلوب محاك للواقع ولغة تشكيلية بليغة الوصف والابتعاد عن التجريد والغموض ويتّصف رسّاموها بالصبر ودقّة الملاحظة، والقدرة على تحمّل مشقّة وطول الأسفار والمهارة الفائقة في فنّ التصوير، والتفاني في الرسم والانقطاع له، والتأقلم مع البيئة، واللباقة في التقرّب من الأهالي والاحتكاك بهم ومعاشرتهم، والولوج إلى خباياهم النفسية لبلوغ الأسرار.
ونذكر على سبيل المثال الرسّام "أدولف شراير" الذي أقام لفترات طويلة بين البدو في الهضاب العليا وشاطرهم حياة الترحال و وتعلّم لغتهم وأظهر ميولا إلى تمثيل المشاهد الحربية عند شيوخ القبائل والسبايس والقوم.[19]
و"هونري روسو" الذي جال في ربوع الجزائر من تلمسان في أقصى الغرب إلى خنشلة شرقا ثمّ اتجه إلى الجنوب في رحلة طويلة على ظهر بغلة.[20] وذكر أنّه كان تارة ينزل ضيفا على شيخ قبيلة، وطورا يلجأ إلى ولي صالح، وكان دوما يجد سريرا وزاد يومه، وكانت تقنيّته تزداد سرعة وحريّة يوما بعد يوم[21].
ونذكر أيضا "غوستاف غيومي" الذي قضى فترة طويلة من حياته في صحراء الجزائر، وجدّ في دراسة الحياة العربية الأصيلة في منطقة الحضنة وبوسعادة وأنجز سنة 1863م أوّل لوحة جزائرية له موضوعها الصلاة في الصحراء وأثبت جدارته في الوصف الدقيق للمناظر الطبيعية والحياة اليومية في مجتمعات البدو والواحات والقرى القبائلية.[22]
وأيضا "ديكومب أليكسوندر غابريال" الذي ذهب إلى اليونان عام 1827م وكلّف بمهمّة تخليد معركة "نافارين"، وانتقل إلى تركيا في السنة الموالية، واعتبر رائدا للمدرسة الاستشراقية الجديدة، وعرض 45 لوحة في المعرض العام لسنة 1855م، وتوج بميدالية شرفية[23]، ونظرا لما بلغه من شهرة أسديت إليه مهمّة تزيين جريدة " الحملة على أبواب الحديد" التي وزّعت في 1844م على الضبّاط الذين شاركوا في غزو الجزائر[24].
وترأّس "أوجين فرومونتين" قافلة الرسّامين المستشرقين وأظهر جدّية قلّ نظيرها في دراسة الصحراء وتمثيل سكّانها، وقد أفصح قائلا: "لا زلت إلى حدّ الآن مجرّد عابر سبيل (...) لكن هذه المرّة سأقيم في البلاد وأعيش فيها(...) سأتعوّد عليها وأتطبّع ببعض العادات التي ستساعدني على التقرّب بحميمية من المكان"[25].
ويرى "فونسوا بويون" أنّه لا يمكن لملاحظ جادّ أن يقنع بجولات سياحية خاطفة أو سريعة فالمهمّة، تتطلّب وقتا أوسع ورؤية المجتمع من الداخل[26]. وكان "شاسيريو" مثل "فرومونتين" مدفوعا بحبّ فهم البلاد وأهلها[27] وكتب من قسنطينة رسالة إلى أخيه في ماي 1846م يقول فيها:"البلد جميل جدّا وجديد إنّي أعيش في ألف ليلة وليلة، وأظنّ أنّ فنّي سيستفيد منه حقّا" وهكّذا رسم مشاهد الصيد والقتال وأسواق الخيل وحياة البدو، وصوّر المرأة وهي تغزل وتربّي صغارها، ومشاهد الرقص، والمدارس القرآنية وما إلى ذلك[28].
ونجح هؤلاء الرسّامين وأمثالهم في دراسة الأهالي والحياة العربية إلى حدّ بعيد، لكنّهم واجهوا صعوبة في تمثيل المرأة باعتبارها نصف المجتمع المكنون خلف الجدران الصمّاء، وكذا في تمثيل الحريم والأماكن المقدّسة كالمساجد والزوايا وحسب "ماريون فيدال بوي" فإنّ "كلّ رسّامي الجزائر تأسّفوا لصعوبة إيجاد نماذج إناث بين المسلمات" وكان رسم اليهوديات أهون عليهم بكثير في المجتمع الجزائري[29].
وسجّل" أوجين فرومونتين" بهذا الشأن " إنّ الولوج أكثر في الحياة العربية قبل أن يؤذن به هو حبّ اطلاع مفهوم بشكل خاطئ، يجب أن ينظر إلى هذا الشعب من المسافة التي تتناسب مع ما يريد إظهاره، الرجال عن قرب والنساء عن بعد، غرفة النوم ]...[ لا ينظر إليها أبدا، إنّ وصف شقّة للنساء ] ...[ في اعتقادي أخطر من الغش وهو ارتكاب خطأ في وجهة النظر باسم الفنّ"[30].
ونجد عند المقدّم الفرنسي "فيلو" شرحا يقول فيه:"الزاوية أو الدير تكوّن الأئمة والقضاة وكتّاب التمائم والمعلّمين، والأطبّاء وعلماء الفلك والمجربين والملهمين والمجانين، الزاوية إذن عالم قائم بذاته يجب دراسته ومعرفته، وهذا ليس هينا لأنّ أصحابها يخفون أسرار حياتهم بعناية"[31].
وعلى أي حال فإنّ الرسامين المستشرقون لم يوفّروا أي جهد في جمع أكبر رصيد ممكن من المعلومات عن حياة الشعوب المحتلة لفائدة الأنظمة الاستعمارية قصد تطوير مناهجها الاستعمارية وإحكام قبضتها عليها، وكانوا يتحايلون للحصول على المشاهد المطلوبة بالتقرّب من الأهالي أو بالتنكّر، ونذكر على سبيل المثال الرسّام "أدريان دوزات" الذي وظّفه البارون "تايلور" للقيام بأسفاره إلى الشرق فتنكّر بوصوله إلى مصر في زي مسلم، ونفذ إلى المساجد والمنازل قبل أن يستدعيه الدوق "ليون" إلى مرافقته إلى الجزائر في 1839م لرسم المواقع والمناظر المختلفة[32].
ج. الرسم الاستشراقي المطابق للواقع سلاح ذو حدين
إنّ أعمال الفنّانين المستشرقين الذين جدّوا في دراسة الأهالي لأغراض استعمارية تتميّز بقيمة توثيقية مهمّة، وتعتبر قطعا مرئية من التاريخ تحفظ جزءا معتبرا من ذاكرة الشعوب المحتلة. والمثير في الأمر أنّها انقلبت بعد مرور الزمن إلى شهادات على عراقة الأهالي في الوقت الذي انتهجت فيه الأنظمة الاستعمارية لاسيما الفرنسية منها سياسة طمس الهوية والتعتيم على التاريخ والتجهيل، لتدخل في روع الأهالي أنّهم ينحدرون من مجتمعات بدائية وهمجية، وأنّ للاستعمار الفضل في جلب الحضارة إليهم.
وبالتالي يمكننا القول أنّ هذه اللوحات باتت سلاحا ذا حدين لاسيما تلك التي تمثّل الفنون الشعبية من عمارة وأزياء تقليدية وحلي، وفرش، ونسج، وأثاث وتحف وما إلى ذلك من الصنائع التي لا ترسخ في الأمصار إلاّ برسوخ الحضارة وطول أمدها. فهي دليل على استبحار الشعب في الحضارة آنفا لأنّها كما وضّح ابن خلدون عوائد للعمران والأوان، تستحكم صبغتها في الأجيال بكثرة التكرار وطول الأمد، ويعسر نزعها حتى وإن تدهورت أوضاع البلاد وتبقى دوما آثار من هذه الصنائع لا توجد في غيرها من الأمصار المستحدثة العمران[33].
3. توظيف الرسم الاستشراقي في اجتذاب الأوروبيين والترويج للاستيطان
أ. تصوير نساء الحريم
بعد أن أحكمت فرنسا قبضتها الرخاميّة على الجزائر، حاولت أن توطّن فيها أعدادا كبيرة من الفرنسيين خاصّة والأوروبيين عامّة لتجعل منها مستعمرة توطين أو امتدادا لها عبر البحر.
واستعمل الرسم في الترويج لجمال البلاد المستعمرة والتشويق لسحرها وروعة العيش فيها بالكشف عن سمائها الصافية وطبيعتها الغريبة وشمسها الحارّة وألوانها البهية الدافئة، فصوّر الرسّامون المستشرقون عالما مثاليا يغمره السكون والعزلة، يتراءى كجنّة نعيم تجتذب الرومنسيين وعشّاق التغريب.
على أنّ الشرق لطالما ارتبط في المخيال الغربي بالأسطورة وحكايات ألف ليلة وليلة. والخصوبة التي منحتها قصص الأميرة شهرزاد والكتاب المقدّس لمخيلة الطفل الأوروبي الصغيرة، زرعت فيه شغفا بسحر العالم الإسلامي وتوقا شديدا إليه[34]، لذا نجد أنّ اللوحة الاستشراقية تتعمّد في معظم الأحيان إيقاظ هذا التوق في نفسية الأوروبي من خلال المشاهد التي تمثّل حياة البذخ داخل القصور والحريم، حيث العمارة الرشيقة، والتحف النفيسة، والألبسة الأنيقة، والنساء الفاتنات، ومشاهد الرقص الشرقي، والغناء والاستجمام، وما إلى ذلك من المقبّلات التي تفتح شهية الاستيطان. لكنّ هذا النوع من اللوحات لا يعكس الواقع ويعتمد في كثير من الأحيان على المشاهد المركّبة، والنماذج البديلة المزيّفة والخيال، وينتابها اللبس وتتدفّق إيديولوجية أكثر ممّا ينسب إليها من غرائبية وتتبّع لسحر الشرق والروح الرومنسية.
لذا يجب أن يقف المتلقّي منها وقفة ممحّص وناقد مغربل. فإذا أخذنا على سبيل المثال لوحة "دولاكروا" الموسومة "بنساء الجزائر" تستوقفنا دقّة التفاصيل في رسم أثواب النساء، ونقل صيغ التطريز والأزرار، والزخارف والتخاريم، والبلاط والفرش والباب الخشبي المنقوش، والمرآة المذهبة، والنارجيلة وما إلى ذلك من التفاصيل الكثيرة، علما أنّ زيارته للجزائر لم تتعدّ ثلاثة أيام من 25 إلى 28 جوان 1832م[35]. وذكر أنّه حظي بزيارة حرم بمدينة الجزائر وأنّه كان جميلا جدّا وكانت النساء يعتنين بتربية الصغار ويقمن بغزل الصوف وتطريز النسج الفاخرة. ويبدو أنّه أنجز بعض الدراسات للحرم، وعددا من "الكروكيات" التي اعتمد عليها في نقل تفاصيل الأثواب والتحف والباب[36].
لكن عند تأمّل اللوحة نلاحظ أنّه استعان بنموذج واحد لامرأة أوروبية في رسم النساء الجزائريات الثلاث، فالتشابه صارخ، بمعنى أنّه لجأ إلى نموذج بديل. ولا شكّ أنّ هذا يرجع إلى أنّ العرب لا يسمحون باستعراض نسائهم للغرباء كما سبق أن أشرنا، وتعذّر إيجاد نماذج إناث في المجتمع الجزائري المسلم المحافظ.
وفضّل "دولاكروا" أن تبدو آثار النعمة والراحة على النساء الثلاث في حياة شبيهة بحياة جواري السلاطين، ولم يصوّرهنّ يغزلن أو يمارسن أشغالهن اليومية كما جاء في وصفه، بل أعدّ لهنّ متكأ لتعاطي التدخين بالنارجيلة، وتجاذب أطراف الحديث وقد ارتدين أثوابا فاخرة شفّافة، بتقويرات واسعة تكشف عن مفاتنهن، وتزيّنّ بالحلي والجواهر النفيسة. وتعمّد رسم الخادمة السوداء ليدعّم فكرة الترف والهدوء واللذة والثراء، ويغطس بالجمهور الغربي في عالم شبيه بعالم الأميرة شهرزاد.
وتكرّر موضوع نساء الحريم على امتداد فترة الاحتلال الفرنسي للجزائر. وتندرج لوحة الرسام "فيليكس هونري فيليبتو" الموسومة "بنساء موريات من الجزائر في شقتهن" ضمن السياق نفسه والأسلوب ذاته، لكنّها تبدو أكثر ثراء وتأنّقا في الأثاث واللباس والفرش والتحف.
ب. مشاهد العري
وامتلأت الصالونات الغربية بلوحات العري التي تصف مفاتن المرأة العربية المسلمة وتحايل الرسّامون في الحصول على هذه المشاهد، ونذكر من بينها سلسلة الأعمال التي أنجزها "هونري ماتيس" رائد المدرسة الوحشية، والتي تحمل كلّها عنوان "المومس"، وكذا لوحة "جورج أونتوان" الموسومة "بالعاهرة" ولوحة "أوندري فيجيراس" التي تمثّل مجموعة من النساء العاريات وما إلى ذلك. ورسم المستشرقون المرأة العربية داخل الحمّام وهناك من رسمها تستجم في الواحات على ضفاف الوديان أو تحت الشلالات مع أنّها لا تفعل ذلك إطلاقا في الواقع.
وهذا لعدّة أسباب أهمّها أنّها تعيش في مجتمع محافظ لا يسمح حتّى بالكشف عن وجهها، كما أنّ الوديان والشلالات ليست بالأماكن الآمنة التي يمكن أن تتجرّد فيها من ثيابها وتضطجع بالطريقة التي تضطجع بها الأوروبيات على شواطئ البحر ولا يمكن أيضا أن تستحمّ في العراء والحمّامات موجودة في كلّ بلدة صغيرة، بعد أن نجح المسلمون في تطويرها ونشرها عبر أرجاء البلاد الإسلامية[37].
إذن مشاهد العري هذه لا علاقة لها بوصف الواقع إنّما هي نوع من أنواع الترويج للسياحة والاستيطان بالتفنّن في مزج الحقيقة بالخيال، والمزاوجة بين جمال الطبيعة وجمال المرأة، بدليل أنّ الكثير من هذه اللوحات كانت تنشر على شكل بطاقات وطوابع بريدية.
وكان بعض الرسّامين يستعينون ببنات الهوى اللواتي لجأن إلى المقاهي حيث الخمر والطرب والمجون، وهنّ نساء منبوذات محكوم عليهن بالإعدام فارقن أهلهنّ إلى غير رجعة، ولعلّ أشهرهنّ "النايليات" المعروفات بالحسن والجمال . وحين كنّ يسألن إن كنّ يرغبن في العودة إلى قبيلتهن للزواج، كنّ يجبن بلفّ مناديلهن حول أعناقهن، وهي إشارة يقصدن بها القتل[38]، ذلك أنهنّ يدركن تماما حجم العار الذي ألحقنه بسكّان الخيمة الحمراء، ويعين جيدا أنّ احتراف الرقص والبغاء جرم لا يمكن أن يغفره لهنّ الأهل ولا القبيلة.
وليس غريبا أن ينتهج الرسامون الأوروبيون هذه الأساليب في تمثيل الحياة العربية للمساهمة في تشجيع عملية الاستيطان وإيجاد موضوعات جديدة للوحاتهم على حساب تزييف التاريخ وتشويه العادات والتقاليد، لكن الغريب هو أن يحذو الرسّامون الجزائريون حذوهم، ونحن لا نجد تفسيرا لمشاهد العري التي أنجزها محمد راسم كلوحة "نساء في الشلاّل" مثلا.
ولا بدّ من التأكيد أيضا أنّ كشف المرأة المسلمة واستعراضها في الصالونات الغربية له بعد إيديولوجي آخر، يكمن في ترسيخ فكرة اقتحام الأبواب الفولاذية. فالجيش الفرنسي اقتحم الأسوار الجزائرية واستحوذ على البلاد، والرسامون اقتحموا أسوار العرض والحشمة التي ضربها المجتمع المسلم على المرأة المكنونة بين الجدران الصمّاء كالدرّة الثمينة، وجرّدوها من ثيابها واستعرضوها كغنيمة حرب لتعزيز فكرة القهر والسبي وانتهاك الحرمة ولو بانتهاج التحايل والتلفيق.
ج. مشاهد الرقص النسوي
إنّ الرقص فنّ شعبي محتشم له آدابه وتقاليده. وكان "أوجين فرومونتين" قد لاحظ أنّ الرقص العربي بالجنوب يتسم باللطافة والعفّة ويعبّر بلغة إيمائية جدّ فصيحة عن دراما قصيرة مشوّقة مفعمة بالمشاعر الرقيقة[39]. وعلى أيّ حال فإنّ معظم الرسامين المستشرقين تعذّر عليهم تصوير الرقص الشعبي الحقيقي المحتشم عند المرأة، بحكم تقاليد المجتمع، فراحوا يبحثون عن نماذج بديلة في "المقاهي والحفلات الخاصّة التي كانوا يدعون إليها"[40] وترجموه من خلال ما أملته إيماءات بنات الهوى، وقدّموا صورا عنه لا تخلو من المعنى الجنسي، واقترن بالخلاعة في الأذهان، وترسّخت هذه الفكرة في المخيال الغربي.
وهناك من لم يكتف بنقل هؤلاء الراقصات المحترفات، وأطلق العنان لخياله الماجن مثل "بول لوروي" في لوحته "رقصة عربية" التي تمثّل مجموعة من النساء المتبرجات تبرج الجاهلية الأولى في الحريم، و "وجورج كلارين" في لوحته "راقصات الحريم" التي تمثّل امرأة نايلية كئيبة جالسة في قصر يبدو بطراز إسباني-موري، وفي اليسار نساء يعزفن على آلات الموسيقى بجنون بينما اضطجعت أخريات وهنّ يتابعن بلذّة الشخصية المركزية التي توشك على إنهاء رقصة المناديل السبعة، وهي شفّافة إلى درجة تدعو إلى التساؤل لماذا تشقّ على نفسها بعناء خلعها ؟[41]. ومهما يكن من شيء فإنّ المرأة استعملت في الترويج للاستيطان والسياحة كما تستعمل اليوم في الإشهار على شاشات التلفزيون.
ولا بدّ من الإشارة قبل الختام أنّ هناك بعض المستشرقين الذين فتنوا حقّا بعالم الشرق الساحر وفزعوا لرؤيته ينهار بوتيرة جدّ سريعة أمام توسّعات المدنية الاستعمارية، فكرّسوا أدبهم وفنّهم لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من التراث، وهناك من اجتذبته الحياة العربية وبدلت عقليته الأوروبية حتى بات مماثلا للأهالي، يحيا حياتهم وبروحهم، واعتنق دينهم مثل "إيتيان دينيه" الذي تقلّد اسم "ناصر الدين" وعمل فعلا على نصرته سياسيا وعلميا، و "كريستيان شارفيس" الذي تكنّى بكنية "عبد الحق". وقد لقي ناصر الدين دينيه صدودا وجحودا وقدحا في مقدرته الفنية وتعمّدت الأوساط الإعلامية في الغرب التعتيم على "أعماله الفنية، وكان هذا بمثابة الضربة القاضية للسمعة الجيدة في الأوساط السياسية والفنية والصحفية". و أصبحت سنة 1913 م التي أعلن فيها إسلامه "بالنسبة للكثير من المؤرّخين التاريخ الفاصل بين "المستشرق الموهوب" و "المرتد صديق العرب".[42]
ويرى"فرنسوا هالم "أنّ أي فرنسي يعتنق الإسلام إنّما يندّد من خلال فعلته بالحركة الاستعمارية لبلاده" واعتبر إسلام دينيه خطيئة في حقّ الأمّة الفرنسية بقوله: "إذا كان دينيه قد كرّس جهده لدراسة فنّ وذهنية لا علاقة لنا بهما البتّة فالأجدر به لو أنّه اشتغل لصالح وطنه، واكتفى عند حدود الدراسة ليساعدنا على الولوج إلى نفسية الأهالي، لا أن يخضع للإسلام ذاك الدين الوضيع حيث ألقى بحياته وكذا بأمّته"[43]. إذن اعتناق الإسلام في نظر أمثال "هيلم" وهم كثر خيانة لفرنسا، وهذا طبيعي مادامت الغاية الحقيقية من الاستعمار الفرنسي للجزائر وغيرها من البلدان المسلمة هي القضاء على الإسلام في عقر داره.
الخاتمة
وفي النهاية نخلص إلى القول أنّ الرسم الاستشراقي يحفظ جزءا مهمّا من ذاكرة الشعب من جهة، وينتابه اللبس والتزييف ويغشاه الاصطناع من جهة أخرى، فهو إعادة بناء للآخر وفق التصوّر والمصلحة. ويمكن الاستفادة منه في كتابة التاريخ إذا أحسنّا غربلته من الشوائب العالقة به، كما يمكن دراسة الفكر الغربي من خلاله، ولكي يحسن المتلقي تحليله، لابدّ أن يكون مجهّزا بمجموعة من الأدوات أهمّها العودة إلى الثقافة الشعبية، و التراث باعتبارهما المنهل الذي نهل منه الرسامون موضوعاتهم، وكذا الاطلاع على الوقائع التاريخية والجذور الحضارية والرصيد الكافي من المعلومات حول سير الرسّامين المستشرقين وأساليبهم الفنية، والمذاهب الفنية وعلم الجمال.
المصادر والمراجع
مردوخ، إبراهيم، الحركة التشكيلية المعاصرة بالجزائر، الجزائر، المؤسسة الوطنية للكتاب، 1988م.
مهديد، إبراهيم، القطاع الوهراني ما بين 1850-1919م، دراسة حول المجتمع الجزائري الثقافة والهوية الوطنية، وهران، منشورات دار الأديب، 2006م.
سعد الله، أبو القاسم، الحركة الوطنية الجزائرية 1900-1930م، بيروت، ط1، 1969م.
العالم، جلال، قادة الغرب يقولون : دمروا الإسلام أبيدوا أهله، البليدة، دار ابن تيمية للنشر والتوزيع، .ب.ت.
ابن خلدون، عبد الرحمان، مقدمة ابن خلدون، ضبط وشرح وتقديم محمد الاسكندراني، بيروت-لبنان، دار الكتاب العربي، 2006م.
بهادي، منير، الاستشراق والعولمة الثقافية، الجزائر، دار الغرب للنشر والتوزيع، ط2، 2002م.
Charnay, J.P., Les contres orients ou comment pense l’autre selon soi. La Bibliothèque arabe Simbad, Paris, 1980.
Dinet, Etienne et Ben Brahim, Slimane, Khadra danseuse ouled Nail. Entreprise G. Kadar, Paris, 1926.
Dinet, Etienne et Ben Brahim Slimane, Tableaux de la vie arabe, Alger, Marsa, 2003.
Fromentin, Eugène, Une année dans le sahel, in œuvres complètes Gallimard, bibliothèque de la Pléiade, 1984.
Fromentin, Eugène, Un été dans le sahara, in œuvres complètes Gallimard Bibliothèque de la Pléiade, 1984.
Vidal-Bué, Marion, Alger et ses peintres 1830-1960, Paris, Edition Méditerranée EDIF, 2000.
Marion, Vidal-Bué, L’Algérie des peintres 1830-1960, Paris, Edition Méditerranée EDIF, 2000.
Pouillon, François, Les deux vies d’Etienne Dinet, Paris, Edition Ballond, 1997.
Thornton, Lynne, La femme dans la peinture orientaliste 1830-1960, Paris, Edition ACR, 1985.
Villot, E., Mœurs coutumes et institutions des indigènes de l’Algérie, Jourdan, Edition Adolphe, 1880.
عرفة، عبده علي، من سحر الشرق إلى روعة الاكتشاف، مجلة العربي، العدد 508، مارس 2001م.
Bourboune, Mourad, « Nasreddine Dinet, Les chemins de la lumière » Actualité de l’émigration, n° 61, 29 Octobre 1986.
Breton, André, Baya, Revue derrière le miroir, Paris, Novembre 1947.
Helme, François « Un Français chez Allah » E.D. Etudes (revue), Paris.
Lachatre, Maurice, Nouveaux dictionnaire universel, Tom II. Administration Rue Bleu 7, Paris.
Petit Larousse en couleurs, Dictionnaire encyclopédique pour tous, Paris, Librairie Larousse, 1980.
الهوامش
[1] Charnay, J.P., « Les contres orients ou comment pense l’autre selon soi », la bibliothèque arabe Simbad, Paris, 1980, p.p. 28-33.
[2]بهادي، منير الاستشراق والعولمة الثقافية، دار الغرب للنشر والتوزيع .ط1، 2002م، ص.11.
[3] المرجع نفسه الصفحة نفسها
[4] المرجع نفسه الصفحة نفسها
[5] Lachatre, Maurice, Nouveaux dictionnaire universel, tome II, administration Rue Bleu 7, Paris.
[6] Petit Larousse en couleurs, Dictionnaire encyclopédique pour tous, Librairie Larousse, Paris, 1980.
[7] العالم، جلال، قادة الغرب يقولون : دمّروا الإسلام أبيدوا أهله، البليدة، دار ابن تيمية للنشر والتوزيع، ب.ت.، ص.7
[8] المرجع نفسه، ص.25.
[9] المرجع نفسه، ص.35.
[10] المرجع نفسه،ص.ص. 40-41 .
[11] عرفة، عبده علي، "من سحر الشرق إلى دهشة الاكتشاف" مجلة العربي، العدد 508، مارس 2002م، ص.60
[12] Note de l’éditeur de « Khadra danseuse Oulèd Nail» de Dinet Etienne et Ben Brahim Slimane, Entreprise G. Kadar, Paris, 1926.
[13] Breton, André, « Baya », Revue derrière le miroir, Paris, Novembre 1947, p.12.
[14] Idem.
[15] مهديد، إبراهيم، القطاع الوهراني ما بين 1850-1919م دراسة حول المجتمع الجزائري، الثقافة والهوية الوطنية، وهران، منشورات دار الأديب، 2006م، ص. 16 .
[16] سعد الله أبو القاسم، الحركة الوطنية الجزائرية 1900-1930م، بيروت، ط1، 1969م، ص.103.
[17] مردوخ، إبراهيم، الحركة التشكيلية المعاصرة بالجزائر، الجزائر، المؤسسة الوطنية للكتاب، 1988م، ص.27 .
[18] المرجع نفسه، ص.ص. 27-28.
[19] Vidal-Bué, Marion, « L’Algérie des peintres 1830-1960 », Paris, Edition Méditerranée EDIF, 2000, p.241.
[20] ibid, p.240.
[21] idem
[22] ibid, p.288.
[23] Vidal-Bué, Marion, « Alger et ses peintre 1830-1960 », Paris, Edition méditerranée EDIF, 2000, p. 256.
[24] ibid, p.16.
[25] Fromentin, Eugène, « Une année dans le sahel » in œuvres complètes, Gallimard, Bibliothèque de la Pléiade, 1984, p.190.
[26] Pouillon, François, « Les deux vies d’Etienne Dinet », Paris, Edition Ballond, 1997, p.48.
[27] Vidal-Bué, Marion, « Alger et ses peintre », p.19.
[28] ibid, p.20.
[29] Vidal-Bué, Marion, « L’Algérie des peintres… », p.34.
[30] Fromentin, Eugène, « Un été dans le sahara » in œuvres compètes, Gallimard, Bibliothèque de la Pléiade, 1984.
[31] Villot, E., Mœurs coutumes et institutions des indigènes de l’Algérie, Jourdan, Edition Adolphe, 1880, p. 455.
[32] Vidal-Bué, Marion, « Alger et ses peintres… », p.17.
[33] ابن خلدون، عبد الرحمان "مقدمة ابن خلدون" ضبط وشرح وتقديم محمد الإسكندراني، بيروت-لبنان، دار الكتاب العربي، 2006، ص. 372.
[34] Bénidite, Léonce, avant – propos de « Tableaux de la vie arabe » de Dinet Etienne et Ben Brahim Slimane, Alger, Marsa, 2003.
[35] Vidal-Bué, Marion, Alger et ses peintres, p. 217.
[36] idem
[37] Thornton, Lynne, La femme dans la peinture orientaliste, Paris, Edition ACR, 1985, p.66.
[38] Dinet, Etienne, préface de « Khadra danseuse Ouled Nail ».
[39] Fromentin, Eugène, « Un été ….. » in œuvres complètes, p.32.
[40] Vidal-Bué, Marion, « L’Algérie des peintres … », p.34
[41] Thornton, Lynne, Op.cit, p.96.
[42] Bourboune, Mourad, « Nasreddine Dinet : les chemins de la lumière », actualité de l’émigration, n° 61, 29 Octobre 1986, p.36.
[43] Helme, François, « Un Français chez Allah » E.D. Etude (revue), Paris, 1932, p.441.