إنسانيات عدد39-40| 2008 | رؤى حول الماضي ورهانات الذاكرة في الحاضر | ص 17-20 | النص الكامل
Algeria : a report concerning knowledge in human and social sciences (1954-2004) Abstract: To commemorate the fiftieth anniversary of the beginning of the Algerian Liberation War (1st November 1954), in September 2004, the CRASC organised a symposium on: “Algeria 50 years after. A report on knowledge in human and social sciences”. Keywords: Algeria - colonisation - independence and national State - knowledge in Human an Social sciences - Paradigms – Anthropology - Sociology - History and patrimony - Geography - Urbanism – Architecture - family and Childhood - School - Language and identity - Citizenship and society. |
Nouria BNEGHABRIT-REMAOUN : Sociologue, 31 000, Oran, Algérie
Centre de Recherche en Anthropologie Sociale et Culturelle, 31 000, Oran, Algérie
Mustapha HADDAB : Professeur, Université d'Alger, 16 000, Alger, Algérie
يجمع هذا العدد من مجلة إنسانيات بين دفتيه مجموعة من الإسهامات تقدم بها باحثون ينتمون إلى تخصصات مختلفة من العلوم الاجتماعية و الإنسانية، لكنها تعتني في الأساس و على مستويات متعددة بالماضي الجزائري بشكل خاص كما يمتد اهتمامها إلى الفضاء المغاربي بمعناه الواسع. و لا يتوقف هذا الأمر عند المراحل السابقة و حسب بل يتطرق إلى كيفية توظيف رهانات الذاكرة في الحاضر بشكل من الأشكال.
و لهذا السبب ارتأينا أن نحصر التقارب الإشكالي بين الأبحاث المعروضة في هذا العدد المزدوج من المجلة و نجملها في العنوان التالي: رؤى حول الماضي و رهانات الذاكرة في الحاضر. لقد أصبحت الذاكرة الإسطوغرافية (التاريخية) تتميز بالراهنية، أكثر من أي وقت مضى، و بخاصة بعد أن أعيد طرحها حاليا و في عدة فضاءات بواسطة النقاشات التي تسبب فيها القانون الفرنسي المؤرخ في شهر فبراير 2005 و الذي ينص على ضرورة تدريس تاريخ الاستعمار من قبل المعلّمين مع إضافة "الجوانب الإيجابية" لهذه الظاهرة في تلك الدروس. و قد نتج عن الاحتجاجات الحادة في فرنسا[1] و في مختلف البلدان المستعمرة سابقا، تعديل في هذا النص القانوني، الذي يجعل من رجل السياسة ينصب نفسه موجها روحيا للمؤرخ.
و هكذا عبرت مجموعات عديدة من المؤرخين و المختصين في العلوم الاجتماعية و الإنسانية، عن رفضها لمثل هذه الطروحات في العديد من المناسبات و في مختلف الملتقيات و اللقاءات التي نظمت بعد صدور هذا القانون في صيغته الأولى.
كما تمّ في هذا الصدد تقديم عدة مقترحات مطبوعة بالجدية، منها تأليف كتب للتاريخ مشتركة بين الفرنسيين و الجزائريين[2] و المغاربة، و في ذات الوقت هناك برنامج "تاريخ إفريقيا، في خطر" قيد الإعداد من قبل جامعيين أفارقة[3]. و مع ذلك، فإن الوصول إلى مثل هذه الأهداف لا يزال طويلا محفوفا بالمخاطر و المنزلقات، بسبب أن على الباحثين و رجال التربية و بالرغم من وعيهم بأن المسألة لا تخصّهم لوحدهم، التفكير في قابلية هذه المقترحات للتنفيذ و عليهم أيضا مواصلة البحث في حقل التاريخ و توضيح المسائل و القضايا التي تقتضي الإثراء و التجديد على مر العصور و تعاقب الأجيال بما تطرحه من تساؤلات و إشكاليات تتطلب المراجعة و التجاوز. و من هذا المنطلق، فإن القيام بحوصلة ما تم إنجازه في هذا الحقل ضروري و مفيد دائما و لأكثر من سبب، لا سيما و أن تراكم المعارف و الأبحاث في هذه التخصصات و المجالات لا يزال متواصلا، و يمكننا أن نشير أن هذا العدد من المجلة يتضمن ثلاثة إسهامات بحثية تأخذ هذا المنحى و تتوجه هذا التوجه بتواضع و جدية.
في هذا الإطار، نجد كل من نورية بن غبريط - رمعون و مصطفى حدّاب اللذان يشرفان على المؤلف الجماعي المتضمن لأعمال الندوة التي نظمت في شهر سبتمبر 2004 بمقر مركز الأبحاث في الأنثروبولوجية الاجتماعية و الثقافية، حول حوصلة المعارف في العلوم الاجتماعية و الإنسانية (من سنة 1954 إلى سنة 2004 بالجزائر)[4] ، يقدمان عرضا شاملا للأبحاث التي تم عرضها بالمناسبة (أي حوالي خمسين بحثا).
كما يتطرق حسن رمعون في هذا العدد من المجلة من جهته إلى مسألة تعليم التاريخ في الجزائر من خلال حرب التحرير (1954-1962)، و ذلك بمعالجته للتعييرات التي أدخلت على مضامين الكتب المدرسية القديمة من قبل الهيئات التربوية الرسمية، و يقارنها مع جميع الكتب الجديدة التي نشرت فيما بين 2003 و 2007. و في ذات الموضوع، يتجه جيلبار مينييه، في المساهمة الثالثة و الأخيرة، إلى الإسطوغرافية الكولونيالية و إلى الثورة التحريرية، ليتفحص العلاقات القائمة بين المؤرخين و بين الذاكرة، معتمدا في ذلك على الجهود الفكرية لكل من موريس هالبفاكس و سيغموند فرويد، التي قد تسمح قراءتها بتسليط الأضواء في هذا المجال، كما تم اقتراح وجهات نظر في هذا الجانب من الموضوع انطلاقا من مقاربات ذات طابع إسطوغرافي، و أنثروبولوجي تاريخي و سياسي و إيثنوغرافي و أدبي، و هكذا نجد جيمس ماك دوغال يعود فيما يخص الفترة الكولونيالية إلى فضائين مقدسين لهما سلطة رمزية قوية في مدينة قسنطينة سنة 1963، هما المسجد و المقبرة. كما يدرس سليمان رفيق نبية موضوع الرحالة إلى الجزائر سواء كانوا من الناس العاديين أو من الرسميين الألمان، إذ اهتم هؤلاء و أولئك في القرن التاسع عشر بالجزائر، باعتبارها حقلا للملاحظة و الإطلاع على المناهج الكولونيالية، أما مراد مولاي الحاج، فإنه يرحل بنا إلى منطقة طرارة، من خلال تحليله لبعض المؤلفات التي أعدها إداريون إستعماريون حول الغرب الجزائري.
و لا يتوقف الأمر عند هذه المرحلة، بل يمتد إلى الأزمنة الأكثر قدما، مثل المرحلة العثمانية و إلى العصر الوسيط بالجزائر و المغرب العربي و في هذا الاتجاه، يتوجه بنا أحمد أبي عياد إلى السياق الذي تم فيه حصار ميناء مرسى الكبير سنة 1563، فيقوم بتحليل زمكاني لنص دراسي يحمل عنوان " الإسباني الشجاع" للأديب ميغال دي سرفانتاس، و في النهاية، يحظى أيضا العلامة ابن خلدون بدراسة أعدها يزيد بن هونات، حول العلاقات التي قامت بين القبائل و السلط في المغرب العربي خلال الفترة التي تمتد من القرن الرابع عشر إلى القرن التاسع عشر، وذلك من وجهة خلدونية.
كما نقترح عليكم أيضا في هذا العدد المزدوج من مجلة إنسانيات مواقف بحث لكل من محند آكلي حديبي (حول بجاية و ضواحيها) و جون بيار بيرولو حول (8 ماي 1945 بقالمة) و ماري شومينو حول استعمالات الصورة خلال الحرب التحريرية بالجزائر، و تمثل هذه الإسهامات إضافة ملائمة للإشكالية المطروحة، زيادة على دراسة تقدم بها الهادي بووشمة تدور حول وعدة سيدي يحيى بمنطقة أولاد نهار.
و أخيرا تسلط بعض الدراسات التي تضمنها الجزء الخاص بالمقالات المتنوعة، أضواء مكملة لما تمت دراسته، و نعني بذلك مقال زهرة بوزيان- بن سفير التي يعالج محاولة انبعاث زراعة الكروم في منطقة عين تموشنت، و يقدم زهير بن جنات بحثا في موضوع الحكم الراشد بتونس في علاقته بالتشكل الراهني للدولة الأمة. كما يتساءل كمال كاتب من ناحيته حول "النافذة الديموغرافية" المغاربية، إضافة إلى ذلك يحتوي هذا العدد على الأبواب المعتادة من قراءات و عروض لكتب و مجلات و أخبار علمية، و كشّاف المجلة للأبحاث التي نشرت سنة 2007.
حسن رمعون
ترجمة محمد داود
Notes
[1] Cf. à ce propos Liauzu, Claude et Manceron, Gilles (dir.), La colonisation, la loi et l’histoire, Paris, Ed. Syllepse, 2006.
Se référer aussi aux textes et informations publiés sur le site http://www.ldh-toulon.net/spip.php/
[2] Sur le modèle du manuel de classe de Terminale franco-allemand, disponible depuis 2006.
[3] Cf. l’appel du Codesria (Dakar), pour une conférence portant sur le thème : Relire l’histoire et l’historiographie de la domination et de la résistance en Afrique, sur le site : http://www.codesria.sn/
[4] La publication des actes de ce symposium (édité par le CRASC) est programmée pour la fin de l’année 2008, et auront pour intitulé : Algérie 50 ans après. Etat des savoirs en sciences sociales et humaines (1954-2004).