إنسانيات عدد 74| 2016| المرأة في البلدان العربية: التغيّرات الاجتماعية والسياسية| ص.47-70 |النص الكامل
Mohamed HANIN: Women’s movement and challenge of democracy in Morocco: the case of abortion The issue of the right to abortion caused a polemic between the different components of women’s movement; as it split public opinion into various tendencies. The various reports written by (inter)national institutions in concern of women and child care highlight the rising number of hazardous abortion. They also call attention to the fact that discrimination against women caused them various aspects of violence due to laws forbidding abortion except for some delicate cases. How does Moroccan feminist activism process vis-à-vis masculine domination and patriarchal dominance in relation with the achievement of women’s rights? What are the ideological and ideal bases structuring feminist protesting movements? Is it possible to talk about an agreement in feminist activism regarding abortion? What types of strategies of resistance are being adopted by women and what are the limits of their effectiveness? Such are the questions we attempt to approach in this article. Keywords: Right to abortion - women movement - healthcare discrimination - violence - Morocco. |
Mohamed HANIN, Université Mohammed Premier, 60000, Oujda, Maroc
Faculté des Sciences Juridique et Économique Oujda (FSJE), Laboratoire d’Études et de Recherches en droit de l’Homme (FSJES), 60000, Oujda, Maroc.
مقدمــــة
برزت قضية الحقوق الجنسية والإنجابية للمرأة، بشكل طردي على الصعيد الدولي في سياق جهود المجتمع الدولي لإقرار حقوق المرأة في المواثيق الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان. كما شكلت موضوعا للجدل في مختلف المؤتمرات الدولية الخاصة بالمرأة، وفي مقدمتها مؤتمر السكان والتنمية لعام 1994، الذي أسفر عن اعتماد وثيقة ترسم خارطة الطريق الأساسية لإعمال حقوق المرأة وتكريس المساواة بين الجنسين. وقد كان للحركة النسوية العالمية دور كبير في إقناع المجتمع الدولي بضرورة منح ضمانات أقوى للمرأة، والتأكيد على أهمية حماية حقوقها المرتبطة "بالصحة الإنجابية والجنسية وتعزيزها"، باعتبارها رافدا من روافد النهوض بوضع المرأة والقضاء على مختلف أشكال التمييز والعنف الممارس ضدها.
ويعد المغرب، باعتباره دولة طرفا في الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، مطالبا باعتماد قوانين وسياسات عمومية للنهوض بالمساواة بين الجنسين، وتجاوز إكراهات الداخل الاجتماعي الذي يعرف مختلف أشكال التمييز القانوني والاجتماعي والسياسي ضد المرأة.
وقد عرف على غرار باقي المجتمعات الديمقراطية ميلاد حركة نسائية تعمل على مقاومة العلاقات الاجتماعية المعززة للهيمنة الذكورية في المجتمع، وذلك في أفق بناء مجتمع حداثي يقوم على المساواة بين الرجل والمرأة في جميع المجالات.
من ثمَّ، تبرز أهمية دراستنا هذه من خلال ما طرح داخل النسق السياسي والاجتماعي المغربي من قضايا جِدالية وحساسة، تعتبر التحولات التي عرفها المغرب خلال السنوات الأخيرة، اجتماعيا، قيميا، سياسيا، اقتصاديا وحقوقيا من عواملها الأساسية. ونعتقد أن قضية "الإجهاض" نموذج هذه الدراسة، من شأنها أن تسعفنا في تتبع وتحليل ما أفرزته من تناقضات وجِدالات واسعة داخل الحركة النسوية المغربية.
تحاول هذه الدراسة الإجابة عن إشكالية أساسية تتعلق بكيفية تفاعل الحركة النسوية مع منظومة "الحقوق الجنسية والإنجابية".
فما هي المنطلقات الايديولوجية والفكرية المهيمنة على الحركة الاحتجاجية النسوية؟ ما هو السياق الذي طرحت فيه قضية الإجهاض في أجندة الحركة النسوية بالمغرب؟ هل يمكن الحديث عن إجماع داخل الحركة النسوية بخصوص إباحة الإجهاض؟ إلى أي حد ساهمت الحركة النسوية في إنجاح مسلسل التحول الديمقراطي الذي انخرط فيه المغرب؟
الحركة النسوية وقضية الإجهاض: جدل التقنين والتحرير
يعتبر "الإجهاض الآمن"، من الشروط الأساسية لصحة جنسية وإنجابية آمنة للمرأة، ومطلب تحرص الحركة النسوية العالمية على إثارته والدفع نحو إقراره في كل مؤتمراتها الدولية، خصوصا في ظل الإحصائيات المقلقة التي تسجل تنامي ظاهرة "الإجهاض السري"، في ظل غياب أبسط الشروط الصحية والآمنة، وخصوصا بالمجتمعات النامية، ما يزيد من ارتفاع نسبة الوفيات في صفوف الأمهات والأطفال.
وتعتبر الحركات النسوية أن الحقوق الإنجابية هي أساس حق النساء في تقرير مصير أجسادهن وحياتهن الجنسية، وأنها أمر هام لتحقيق المساواة بين النساء والرجال، وبناء مبادئ العدالة الاجتماعية والديمقراطية داخل المجتمع. ومع ذلك، وفي ظل الأبعاد الأيديولوجية التي يحملها في ثناياه، يبقى من القضايا الجدالية بين مختلف التيارات السياسية والمدنية بالنظر للتناقضات التي يطرحها الوعاء الثقافي والإيديولوجي الذي ينهل منه كل فاعل سياسي ومدني.
فما هي طبيعة الإشكالات التي يطرحها جدل الإجهاض بالمجتمع المغربي؟ وما هي أبرز اتجاهات الرأي لدى مكونات الحركة النسوية بخصوصه؟ وما خصائص الجدال العمومي حوله؟ وما هي دلالاته السياسية؟
مدارات الجدل حول الإجهاض
تنطوي قضية الإجهاض على العديد من التناقضات، وتتداخل فيها عدة مستويات تتباين من حيث التحليل وتقدير المواقف، فما يعتبره البعض ضرورة طبية، هو في اعتقاد الآخرين مخالفاً للأحكام الشرعية الثابتة، وما يعتبره البعض من الثوابت الاجتماعية والأخلاقية يرى فيه آخرون ضرورة قانونية.
يمكن تحديد مدارات الجدل حول قضية الإجهاض في نقطتين أساسيتين:
تخلف القانون الجنائي عن الواقع الاجتماعي المتغير
ينص القانون الجنائي المغربي على تجريم الإجهاض من خلال عشرة فصول ضمن الباب الثامن المتعلق بالجنايات والجنح ضد نظام الأسرة والأخلاق العامة، من خلال الفصول من 449 إلى 458.
وقد كان الفصل 453 من القانون الجنائي الصادر في 17 جوان 1963[1] لا يعتبر الإجهاض مُجرَماً ولا يعاقب عليه إذا كانت حياة الأم في خطر، ثم وقع تعديله بمقتضى المرسوم الملكي المؤرخ في 1 جويلية 1967 الذي ينص على أنه لا عقاب على الإجهاض إذا استوجب ضرورة المحافظة على صحة الأم متى قام به علانية طبيب أو جراح بإذن من الزوج، ولم تخضع منذ هذا التاريخ لأي تعديل.
يقدم دعاة تحرير الإجهاض مجموعة من المؤشرات الاجتماعية المقلقة، والتي تتحدث عن ارتفاع ظاهرة الأمهات العازبات وارتفاع نسبة وفيات الأمهات والأطفال نتيجة إقبالهن على عمليات الإجهاض السري.
ما يعكس حسبهم أزمة القانون الجنائي المغربي في إنتاج آثاره بشكل فعلي، كما تؤكد على ذلك بعض الأبحاث المنجزة ميداينا[2]، فقد سجلت الإقبال المتزايد على عمليات الإجهاض السري ما نسبته حوالي 800 حالة يوميا، يقوم بانجازها مهنيو الصحة من أطباء ومولدات وممرضات[3]. كما أن القضاء لا يبث في أغلب الحالات التي تحال عليه إلا نادرا (46 حالة سنة 2009).
تناقض دعوات تحرير الإجهاض مع "الثوابت الدينية"
يحتدم جدل الإجهاض حول أولوية حقوق المرأة عن حقوق الجنين والطفل في الحياة، فالمرجعية الحقوقية الكونية تنطلق من كون حقوق المرأة لا تتعارض مع حقوق الطفل، وبالنسبة لها لا تبدأ حقوق الطفل في الحياة إلا بعد ولادته، وهي منطلق التعارض مع المرجعيات الدينية الثابتة، التي تتباين من حيث موقفها من بداية نفخ الروح في الجنين، كما تشكل أيضا نقطة خلافية في الفقه الإسلامي أيضاً.
و من جهة أخرى، فإن المرجعية الدولية لحقوق الإنسان لا تعترف بمبدأ حماية حياة الطفل في مرحلة الإخصاب أو أية مرحلة معينة من الحمل، وهو الأمر الذي أكدته اجتهادات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان "التي رفضت اعتبار الجنين "شخصا" ٲو مواطنا له حقوق، وقد نصت اللجنة الأوربية لحقوق الإنسان على عبارة "كل شخص" لا تنطبق على الطفل الذي سيولد.
كما تعتبر لجنة الأمم المتحدة الخاصة بالقضاء على كل أشكال التمييز ضد النساء أن "منع الإجهاض "هو شكل من أشكال التمييز ضد النساء، وانتهاك لحقوقهن في الحياة والصحة.
وتعتبر اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (CEDAW) أن الأمومة اختيار حر للمرأة، وتنص المادة 16 من الاتفاقية على أن تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في كافة الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات العائلية، وعلى أساس المساواة بين الرجل والمرأة.
ومن أهم الملتقيات الدولية التي أسست للمرجعية الدولية لحقوق النساء في الإجهاض، المؤتمر الدولي للسكان والتنمية (القاهرة 1994) الذي ألزم الدول بضمان العلاج والمعلومات الضرورية لكل النساء اللواتي يلجأن إلى الإجهاض، وبرنامج العمل للمؤتمر الدولي للأمم المتحدة للنساء (بكين 2015) الذي ألزم الدول بتمكين النساء من التحكم في خصوبتهن، وأكد على حق كل شخص في التمتع بأكبر قدر ممكن من الصحة الإنجابية والجنسية، والحرية في اتخاذ القرار في ميدان الإنجاب دون تمييز أو إكراه ٲو عنف. كما أوصى المؤتمر في برنامج عمله الدول بمراجعة كل القوانين المجرمة للنساء اللواتي يلجأن إلى الإجهاض قصد التخلص من حمل غير مرغوب فيه.
وبدوره أوصى الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب الخاص بالمرأة في أفريقيا، تمكين النساء من الإجهاض المطبب في حالات الاعتداءات الجنسية (الاغتصاب) والعلاقات مع محرم، وفي الحالات التي يكون فيها الحمل خطرا على صحة الأم البيولوجية والعقلية او خطرا على حياتها.
في المقابل، ينظر الفقه الإسلامي لمسألة الإجهاض من منطلقات مناقضة تماماً للمرجعية الكونية، فهو يتحدث عن مراحل تطور الجنين وتحدد مرحلة نفخ الروح فيه، بالاستناد إلى بعض الأدلة الواردة في القرآن الكريم، وبعض الأحاديث النبوية.
ومن الزاوية الفقهية، يقول الأستاذ سعد الدين العثماني[4] بأن الموقف الفقهي العام يميل نحو معصومية نفس الجنين، على اعتبار أن حفظها إحدى الضرورات الخمس. ومع ذلك تختلف المسوغات الشرعية لإسقاطه من حيث درجتها باختلاف مراحل تطور الجنين، فهي بعد نفخ الروح لا تكون إلا للضرورة، عندما تقع حياة أو صحة الأم في خطر. فالضرورات تبيح المحظورات كما في القاعدة الشرعية الثابتة، ويكون العذر المسوغ للإجهاض في المرحلة الثانية قبل نفخ الروح أخف من تلك الضرورة، ثم يكون في المرحلة الأولى قبل التخلق أو قبل الأربعين عذرا أخف من الثاني.
إن موقف الفقه من الإجهاض، كان سببا رئيسيا في انفجار الجدل العمومي حوله بالمغرب، ومنها المجادلات التي عرفتها أشغال المناظرة الوطنية التي نظمتها وزارة الصحة حول الإجهاض يوم 11 مارس 2015، حيث انتقد الباحث عبد الصمد الديالمي القراءة الفقهية التي قدمها رئيس المجلس العلمي بوجدة مصطفى بنحمزة حول الإجهاض من منظور فقهي، وصفه الباحث بأنه "موقف مُتمذهب" في إشارة لتغييب موقف باقي المذاهب الإسلامية. وأكد أن المذهب المالكي هو وحده الذي يحرم الإجهاض منذ الحمل، عكس المذاهب الأخرى، التي "تبيح الإجهاض إلى حدود نهاية الأربعين يوما بعد الحمل، أي قبل التخلق في نظر الشافعية والحنبلية، أو إلى نهاية الشهر الرابع قبل نفخ الروح عند الحنفية"[5].
لكن الرأي الفقهي الرافض للإجهاض للأستاذ مصطفى بنحمزة لم يمنعه من مناقشة بعض الاستثناءات موضوع الجدل العمومي، حيث أكد "أنه لا يجوز التصرف في حياة الجنين إلا إذا كان يشكل خطرا حقيقيا على صحة الأم، ويحرُم إجهاضه لمجرد الرغبة في إخفاء الحمل أو تحت ذريعة وجود تشوهات خلقية قد تكون في بعض الأحيان بسيطة أو لكون الحمل ناتجا عن زنا المحارم، لأنه لا يحق تحميل الجنين أثر فعل لا يد له فيه". وطالب وزارة الصحة ببذل المزيد من الجهود على المستويين العلمي والطبي من "أجل الاستباق والوقاية من تشوهات الجنين لتقليل من فرص ظهورها".[6]
اتجاهات الجدل حول تقنين الإجهاض: أي دور للحركة النسوية ؟
ينقسم التدافع العالمي حول حق المرأة في الإجهاض، إلى اتجاهين متناقضين، سواء من حيث المنطلقات أو التصورات. ينطلق الاتجاه الأول من كون الإجهاض حق خالص للمرأة، من منطلق حقها في التصرف في جسدها بكل حرية، ويعتبر أن حرية الإجهاض للمرأة هو الأصل، ومواصلة الحمل يبقى خيارا لها، ويسمى هذا الاتجاه:" Pro-choix" يقابلها باللغة العربية "من أجل حرية الاختيار". أما الاتجاه الثاني، فيرى أن حق الجنين في الحياة هو الأصل وأن الإجهاض إجراء استثنائي، يلجأ إليه في حالات استثنائية فقط، كأن تكون حياة الأم في خطر مثلا، ويسمى "Pro-vie" يقابلها باللغة العربية "من أجل الحق في الحياة".
وجدير بالملاحظة، أنه يصعب في السياق المغربي الحديث عن حركة نسائية للدفاع عن حق المرأة في الإجهاض أو مناهضته، على غرار التجارب العالمية المقارنة، مثل "حركة تحرير النساء (MLF) بفرنسا، وحركة تحرير النساء(Women’s Lib) بالولايات المتحدة الأمريكية[7]. ماعدا بعض التنظيمات المدنية المهتمة بشكل موضوعي بقضية الإجهاض، مثل الجمعية المغربية لمناهضة الإجهاض السري عام 2008، وقبل ذلك الجمعية المغربية للتخطيط العائلي التي أشارت إلى قضية الإجهاض من خلال دراسة أعدتها في الموضوع لتنبيه المؤسسات الرسمية بارتفاع حالات الإجهاض السري بمعدل 600 حالة يوميا، وذلك عام2007. كما سبق للجمعية المغربية لحقوق الإنسان أن قدمت في تقاريرها السنوية إشارات متفرقة حول خطورة انتهاكات حقوق المرأة في هذا المجال، وطالب الدولة المغربية بتقوية الضمانات الحقوقية للمرأة في الإجهاض الآمن.
ويبدو أن لذلك التحفظ ما يبرره في طبيعة البنية الثقافية والدينية للمجتمع المغربي، ما يدفعها لتفادي التصادم مع هذه البنية، وعدم إثارة هذه القضية، كما أن منطق الصراع السياسي للتنظيمات اليسارية والحداثية مع القوى الإسلامية والمحافظة جعل القضية بمثابة "الكرة الحارقة"[8].
هذا بالرغم من المؤشرات المقلقة اجتماعيا حول تنامي "الإجهاض غير الآمن"، فقد بلغ عدد حالات الإجهاض ما بين 600 إلى 800 حالة يوميا، حسب دراسة قامت بها "الجمعية المغربية لمكافحة الإجهاض السري" وأكدت أنه من بين الأسباب الرئيسية في وفيات الأمهات بنسبة تقارب 13 في المئة، كما صرحت عائشة الشنا، رئيسة جمعية التضامن النسوي، أن حوالي 153 طفلا يولدون يوميا خارج إطار الزواج.
وهكذا لم تكن "قضية الإجهاض" ضمن أولويات الحركة النسائية، فلم يطرح حتى في أوج الإصلاحات الوطنية من أجل تعزيز حقوق المرأة، التي عرفت انفتاح النظام السياسي على مختلف مكونات الحركة النسائية بعد طرح "مشروع الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية" للنقاش العمومي، بل لوحظ أن أفق الجمعيات التي خاضت في القضية من جوانب مختلفة لم يتجاوز سقف المطالبة "بالتكفل ببعض حالات الإجهاض (ضحايا الاغتصاب) أو الحمل الناجم عن علاقة غير شرعية، كما هو الشأن بالنسبة لجمعية التضامن النسوي التي تأسست سنة 1985 وتعمل على توفير المأوى للأمهات العازبات وضحايا الاغتصاب. ولم يصل النقاش الوطني ليشمل المقتضيات المتعلقة بإعادة النظر في الضوابط القانونية المنظمة للإجهاض، سواء في اتجاه تحريره أو إعادة النظر في لائحة الاستثناءات المتعلقة به.
وأمام تواري الحركة النسوية بمختلف تياراتها عن طرح "قضية الإجهاض" للنقاش العمومي، تأسست سنة 2008 جمعية وطنية بمبادرة من متخصصين في مجال طب النساء والتوليد، تحت اسم "الجمعية المغربية لمكافحة الإجهاض السريAMLC ". وتركز في عملها على الدفع نحو إعادة النظر في شرعنة الإجهاض وإباحته، وفق المنظور الكوني لحقوق المرأة، يراعي التوجهات الأممية بهذا الخصوص.
ولم ينطلق النقاش العمومي حول الإجهاض فعليا إلا بعد طرح الحكومة المغربية المنبثقة عن الانتخابات التشريعية لعام 2011 مسودة مشروع القانون الجنائي، التي شملت مراجعة عدد من الفصول المنظمة للإجهاض، وبعد المبادرة الملكية بتعيين لجنة مختلطة، تضم وزير العدل ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية ورئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان لإطلاق مشاورات موسعة والاستماع لكل الآراء حول الموضوع، ضمن احترام أحكام الدين الإسلامي وإعمال الاجتهاد والتنسيق مع المجلس العلمي الأعلى.
في هذا السياق احتلت قضية "تقنين الإجهاض" حيزا مهما في النقاش العمومي، فقد نظمت عدة ندوات ولقاءات علمية وحوارية، شاركت فيها فعاليات مختلفة، من متخصصين في الطب، وأساتذة جامعيين من مختلف التخصصات القانونية والاجتماعية والنفسية، بالإضافة إلى الفقهاء والباحثين في المجال الديني والفقهي.
وعموما، فقد انقسم الجدل حول قضية الإجهاض في المجال العام إلى اتجاهين أساسيين، يضم الاتجاه الأول، جمعيات مدنية تركز عملها النضالي على قضايا المرأة والمساواة بين الجنسين، مثل الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب[9]، بالإضافة إلى جمعيات حقوقية أخرى تهتم بقضايا المرأة بشكل عام وبباقي قضايا حقوق الإنسان مثل حرية التعبير، ضمانات المحاكمة العادلة، الحقوق الاقتصادية الاجتماعية، الهجرة...إلخ. أما الاتجاه الثاني، فيشمل كل الأصوات التي تتحفظ على المقاربة الحقوقية في معالجة قضية الإجهاض، ومنها الجمعيات النسائية الإسلامية بالإضافة إلى بعض التنظيمات السياسية والشخصيات الدينية والثقافية المستقلة.
نماذج من مواقف الاتجاه الأول
يضم هذا الاتجاه عدة جمعيات نسائية تدافع عن تصورها لحق المرأةفي الإجهاض. وقد بادرت عدة جمعيات مدنية وحقوقية لتأسيس إطار مدني موسَع للترافع أمام المؤسسات الوطنية حول مطالبها التي تتقاسم بخصوصها نفس الرؤية والمبادئ، ومن أبرزها "تحالف ربيع الكرامة"[10]، الذي يضم بالإضافة إلى المنظمات النسائية عدة منظمات حقوقية من بين اهتماماتها الأساسية حقوق المرأة.
تحالف ربيع الكرامة
في سياق النقاش العمومي حول مراجعة بنود القانون الجنائي الذي أطلقته وزارة العدل أكد "تحالف ربيع الكرامة" على قصوره في حماية حق المرأة في التمتع بحقوقها الصحية والإنجابية على نحو كامل من خلال ما وصفه بالمعالجة "اللاحقوقية واللاواقعية للإجهاض وتجريمه بصفة شبه مطلقة". وأوضح أن ثمة حاجة مجتمعية ضاغطة لا تقبل التسويف لرفع التجريم عن الإجهاض الطبي ولوضع حد للتبعات المأساوية الناجمة عن الإجهاض السري غير الآمن، والوفاء بالتزامات البلاد تجاه تعهداته الدولية، وعلى رأسها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة وإعلان مؤتمر بكين المنعقد سنة 1995.
وبمناسبة النقاش الوطني لتعديلات القانون الجنائي، أكد التحالف على ضرورة إعمال المقاربة الحقوقية التي يجب أن تراعي احترام حقوق المرأة والطفل كما هو متعارف عليها دوليا.
الجمعية المغربية لحقوق الإنسان
من جانبها ساهمت الجمعية المغربية لحقوق الانسان[11] في فتح النقاش العمومي حول الحقوق الجنسية والإنجابية للمرأة بالمغرب، من خلال ما تطرقت إليه من نقائص تشوب نصوص القانون الجنائي المغربي في تقاريرها المتواترة حول الوضع الحقوقي بالمغرب، وطالبت بإلغاء الفصول التي تعتبرها "تمييزية" ضد المرأة، ومنها الفصل 489 المتعلق بتجريم المثلية الجنسية والفصل 490 الذي "يعاقب كل رجل أو امرأة أقاما علاقة جنسية خارج إطار الزواج"[12].
وقد دأبت في إطار أنشطتها الترافعية على إدماج بند خاص بحقوق المرأة في الصحة الإنجابية والجنسية، تطالب من خلاله بـ"إقرار الحق في الإجهاض وجعله تحت إشراف طبي، في جميع الحالات التي يشكل فيها الحمل خطرا على الصحة الجسدية أو النفسية للمرأة، وفي الحالات التي تشكل فيها الولادة تهديدا لصحة المرأة أو الرضيع...".
وبمناسبة النقاش العمومي حول الإجهاض، وحسب بيان لها صادر بتاريخ 19 مارس 2015 اعتبرت أن " تجريم الإجهاض انتهاك لحرمة جسد المرأة، الذي هو ملك لها وحدها، ولها حق التصرف فيه، وقبول أو رفض الأمومة، وفي غير ذلك فهو يمثل شكلا من أشكال العنف ضد المرأة". واعتبرت أن" تجريم الإجهاض في القانون الجنائي المغربي يعد من الفصول الأشد إيلاما للمرأة، والأكثر إضرارا بها، إذ أنه ساهم في تغذية كل العوامل المفضية إلى ارتفاع ممارسة الإجهاض السري، خارج الإشراف الطبي...".
وحاججت الجمعية في هذا النقاش بالمضاعفات السلبية الناجمة عن الاستمرار في حظر الإجهاض، ومنها ما تذهب إليه بعض الإحصائيات التي نشرتها الجمعية المغربية لمكافحة الإجهاض السري، حيث سجلت أن حوالي 24 رضيعا يتم التخلي عنهم يوميا، فيما تتراوح حالات الإجهاض بين 500 و800 حالة يوميا، بالإضافة إلى ما أوردته منظمة الصحة العالمية بخصوص 13 % من مجموع حالات وفيات الأمومة المسجلة بالمغرب، تكون ناجمة عن عمليات الإجهاض غير الآمن.
وهذا ما جعل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تطالب "بتغيير جذري وشامل للقانون الجنائي، وملاءمته مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، بما يرفع التمييز ضد المرأة ويضمن كرامتها الإنسانية، وبمراجعة شاملة للمقررات والبرامج التعليمية، وللمادة الإعلامية في اتجاه إدماجها للتربية الجنسية، ولثقافة المساواة ونبذ التمييز والعنف ضد المرأة"، وأوصت أيضا بجعل الإجهاض الطبي والآمن جزءًا لا يتجزأ من الخدمات الصحية، ورفع كل العقبات التي تحول دون وصول النساء لهذه الخدمة، احتراما لحقوقهن الإنسانية والتي تشمل الحق في الحياة، والحق في التمتع بأفضل صحة ممكنة، وفي التمتع بفوائد التقدم العلمي، والحق في التثقيف والحصول على المعلومات.
نماذج من مواقف الاتجاه الثاني
في مقابل الاتجاه الأول، اجتمعت عدة تنظيمات نسائية ومدنية إسلامية، تهتم بقضايا الأسرة والمرأة والطفل، في إطار تحالف مدني، للتصدي لدعوات تحرير الإجهاض، تحت لواء" الائتلاف الوطني للدفاع عن حق الجنين في الحياة"[13]. وقد شدد على ضرورة مقاربة القضية، من منظور يراعي الخصوصية الدينية والثقافية للمجتمع المغربي، و على مراعاة مصلحة الجنين أيضا، ولم يمانع من مناقشة باقي الاستثناءات المتعلقة بالصحة الجسدية للمرأة وظروف حملها خارج إطار الزواج، ومسألة التشوهات الخلقية.
يأتي تأسيس الائتلاف الوطني للدفاع عن حق الجنين في الحياة، كرد فعل على دعوات تحرير الإجهاض، وانطلاقا مما تسجله من تزايد حالات الإجهاض السري وما يترتب عن ذلك من انتهاك للحق في الحياة بالنسبة للجنين، فالائتلاف يحرص على مقاربة الموضوع من منطلق أن الأصل هو حق الجنين في الحياة، بخلاف المنطلقات المرجعية للاتجاه الأول. وهكذا ساهم الائتلاف في إثراء النقاش العمومي حول قضية الإجهاض من خلال إعداد مذكرة ترافعية في الموضوع، وجهها للهيئة العليا للحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة.
ركز الائتلاف في مذكرته انطلاقا من تشخيصه لواقع الحال وما يشهده من انتهاك لهذا الحق. وأكد أيضا في المذكرة على أن الخبرة العلمية الطبية أثبتت على انطلاق وجود الجنين بتلقيح البويضة وبداية نبضات قلب الجنين من اليوم الثاني والعشرين من الحمل وهو ما يسمى طبيا بمرحلة الخفقان المنتظم.
وبخصوص حالات إباحة الإجهاض رفض الائتلاف "الربط غير المنطقي الذي يجعل من مطلب تقنين الإجهاض حلا للمشاكل المترتبة عن الاغتصاب وزنا المحارم في حالة حدوث حمل. "ودعت إلى إصلاح نصوص القانون الجنائي خاصة المتعلقة بهذه الجرائم، بما يعزز من ضمانات حماية الحق في الحياة ويضمن ولادة طبيعية للأجنة وكذا الحرص على تفعيل النصوص الموجودة بما يكرس مبدأ عدم الإفلات من العقاب، خصوصا وأن معدلات الإجهاض في ارتفاع متزايد، وأن الجريمة لا تكون إلا بفعل فاعل واستمرار التعاطي مع الظواهر الاجتماعية بالتساهل وغض الطرف لا يساهم في حلها وإنما يزيد من تفاقمها وتعقيدها. وقدم الائتلاف بهذا الخصوص مجموعة من المقترحات والإجراءات المسطرية من شأنها تعزيز حق المغتصبة وحمايتها وتفعيل الجانب المسطري (التبليغ والإثبات) وتسريعه.
وبالنسبة لـ حنان الإدريسي[14] رئيسة "الائتلاف الوطني للدفاع عن حق الجنين"، فإنه ينبغي التعامل مع الإجهاض من منطلق أنه جريمة ينبغي أن يعاقب عليها القانون[15]، مع إعمال منظومة حقوق الإنسان وعلى رأسها الحق في الحياة، وذلك من منطلق ما تعتبره "أبا الحقوق" والحق الأول الذي تتأسس عليه منظومة حقوق الإنسان كاملة وذلك لارتباطه بحفظ النفس البشرية؛ إذ لا يستقيم التمتع بباقي الحقوق إلا بحماية الحق الأساسي. ويحتج في ذلك بكون جميع الشرائع السماوية والمواثيق الدولية والقوانين الوطنية اتفقت على حماية هذا الحق.
وفي قراءتها لرأي الفقه في قضية الإجهاض، تذكر حنان الإدريسي برأي فقهاء المذهب المالكي والذي يشكل في نفس الوقت الموقف الرسمي للدولة، والذي يحرم بشكل قطعي الإجهاض، ماعدا في حالة وجود خطر محدق بحياة الأم وتوفر شرط الضرورة، وهذا الأخير مرتبط حسبها بالخبرة الطبية، التي يعود لها وحدها القول الفصل في ذلك، وهو رأي يجمع عليه معظم علماء المذهب المالكي.
كما تضيف إلى قائمة المرجعيات التي ينبغي استحضارها في هذا النقاش، الاتجاه الذي تكرسه المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وعلى رأسها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948، والإعلان العالمي لحقوق الطفل، التي تمنح للحق في الحياة مكانة مركزية ضمن الحقوق المحمية.
وبخصوص الحجج التي يستند إليها دعاة الإجهاض، أكدت رئيسة الائتلاف بكونها "مغالطات" ينبغي الحذر منها، فالادعاء بكون تقنين الإجهاض من شأنه تخفيض نسبة وفيات النساء الحوامل غير صحيح، بالنظر للتجارب المقارنة والإحصائيات الموجودة التي أثبتت أن تخفيض نسبة وفيات النساء الحوامل مرتبط بتحسين جودة الخدمات الصحية المقدمة لهن، والمغرب لديه تجربة ناجحة في هذا المجال بعدما أطلقت وزارة الصحة سياسة عمومية أسهمت في انتقال نسبة الوفيات من 332 سنة 1992 إلى 112 حالة وفاة سنة 2011.
ويرفض الائتلاف إطلاق تعبير "الآمن" على عملية الإجهاض، لأنه ليس كذلك، فالأصل فيه حسبه أنه: "عنف ضد المرأة وخطر على صحتها الجسدية والنفسية عكس ما يدعيه دعاة الإجهاض".
وحذرت رئيسته حنان الإدريسي في مقابل ذلك من المخاطر المحتملة من تحرير الإجهاض، حيث توقعت الارتفاع الكبير لنسبة الإجهاض على غرار تجارب مقارنة، وتوفير غطاء قانوني لتجار الإجهاض (أطباء ومستشفيات خارج القانون، لوبيات الإتجار بدماء الأجنة). كما أن التقنين سيقف ضد تطور البحث العلمي في مجال طب الجنين، ويؤدي إلى انتشار العلاقات غير الشرعية، ويساهم في تحول الهرم السكاني بالمغرب في اتجاه توسيع قمته لفائدة الشيوخ وتقليص القاعدة عل حساب الشباب والفئة النشطة في المجتمع[16]؛ لذلك ولتفادي هذه المخاطر فهي تقترح تطوير مقاربة شمولية وقائية لمواجهة هذه الآفة التي تهدد المجتمع في قيمه وأمنه الاجتماعي.
بالموازاة مع انطلاق النقاش الوطني حول "الإجهاض"، نظمت الجمعية المغربية للدفاع عن الحق في الحياة ندوة علمية تحت عنوان: "حق الجنين في الحياة: أية مقاربة"، يوم الأربعاء 25 مارس 2015[17]، وذلك بهدف تسليط الضوء على الأبعاد الطبية والشرعية والقانونية لقضية الإجهاض، حضره ثلة من الأساتذة الجماعيين والمتخصصين والخبراء في مجال طب الأجنة وأمراض النساء والولادة.
وترى الجمعية من جهتها أن تقنين الإجهاض يتناقض مع حماية حق الجنين في الحياة، ومن شأن ذلك توسيع دائرة المُقبلات على عمليات الإجهاض، كما أنه سيشجع على زيادة العلاقات الجنسية خارج الزواج، والدليل على ذلك ارتفاع نسبته بعدد من الدول التي تقننه مثل فرنسا. واعتبرت عائشة فضلي رئيسة الجمعية أن الأطباء الذين يقومون بعمليات الإجهاض "يشاركون في جرائم قتل، ويسهمون في عملية تطهير للعرق البشري، ودعت إلى التراجع عن استعمال مفهوم الإجهاض الآمن لأنه ليس كذلك".
ساهمت جماعة العدل والإحسان في الجدال المحتدم حول "تقنين الإجهاض"، وقدمت موقفها من خلال إثارة النقط التالية:" أن الأصل في الإجهاض "مُحرَم شرعا"، وينبغي تجريمه قانونا، لأنه جناية على موجود، وله استثناءات أيضا، لأن الشريعة وضعت لمصالح العباد في العاجل والآجل، ولم يقصد من وضعها إيقاع الناس في الحرج".
واعتبرت أن النقاش الدائر حول "الإجهاض" يعرف مجموعة من النقائص، تجعل معالجته جزئية إلى حدَ كبير، لأنه ينصب على "الهوامش"، دون الغوص في لب المشكل"، كما أنه يدور أساسا حول الاستثناءات التي قد لا تمثل سوى 2%، مثل حالة الأم في وضع صحي خطير ومحقق، وحالة الاغتصاب وزنا المحارم، والتشوهات الخلقية المحتملة للجنين"، فهذه التشوهات –حسب الجماعة- لا تشكل إلا نسبة نادرة جداً، وأغلبها قد يتسبب في إسقاط الجنين تلقائيا، وأن 90% من هذه التشوهات أصبح قابلا للعلاج حاليا".
كما أكدت الجماعة أن "إدراج هذه التشوهات في الاستثناءات يعتبر من الأبواب التي يراد فتحها قصد التلاعب بالشرع والقانون، في غياب الرأي الفقهي المعزز بالخبرة الطبية الموثوقة"، فالمشكل الحقيقي في الإجهاض يتجلى في الـ 98% من الحالات المتبقية، وهي التي تشكل "الكارثة المجتمعية الحقيقية"، والتي يريد البعض أن يصوغ لها استثناءات فضفاضة ومطاطة، أصلها مثبت في القانون، لكن تطبيقاتها موكلة لبيئة قد تكون غير سليمة وغير مؤتمنة على شرع أو قانون". وهذا ما جعلها تتساءل عما إذا كان المطلوب "صياغة اجتهاد موثوق بأصول الشرع، ومستجيب استجابة إيجابية متجددة لحاجات المجتمع ولهويته وقيمه وثقافته، أم المطلوب إيجاد ذرائع ومناطق شبهات عائمة تقدم مخرجا لكل عابث، وتطبع مع ظاهرة مشينة موجودة".
وأشارت إلى ضرورة بلورة "مقاربة شمولية، وإصلاح جذري لعدد من الاختلالات المجتمعية، ينظر فيها إلى الفرد والمجتمع وإلى وضعية المرأة والأبناء والأسرة ككل. واعتبرت أن "الإصلاح التربوي الأخلاقي" هو المدخل الأساس للتغيير وصمام أمان من الوقوع في المحظور.
وعكس ما ذهبت إليه جماعة العدل والإحسان، يقترح سعد الدين العثماني[18] القيادي في صفوف حزب العدالة والتنمية (أمين عام الحزب العدالة والتنمية سابقا)، مراجعة القانون الجنائي في أفق توسيعه ليشمل الحالات الاستثنائية التي أباحها الاجتهاد القضائي، خصوصا في ظل المآسي الاجتماعية والنفسية المترتبة عن الإجهاض السري كمعضلة اجتماعية متصاعدة[19].
ومن الشخصيات الإسلامية التي شاركت في هذا الجدل، نذكر الأستاذ المتخصص في فقه المقاصد أحمد الريسوني، الذي انتقد دعاة تحرير الإجهاض، وأشار إلى أن وراء دعواتهم رغبة خفية في فتح الباب لتحرير سلوكيات أخرى، مثل "الحرية الجنسية" و"المثلية الجنسية"، وبالمقابل يستحسن -حسبه- "إطلاق مشاورات متأنية هادئة بين متخصصين وعلماء وأطباء يشتغلون بصفة رسمية ومسؤولة وتجنب أساليب الضغط والغوغائية والدعوة إلى حرية الجسد بلا حدود وما إلى ذلك"[20].
وبخلاف موقف أحمد الريسوني، شارك الأستاذ أحمد الخمليشي مدير مؤسسة دار الحديث الحسنية بالرباط في النقاش العمومي من خلال قناعته الشخصية في الموضوع "كمسلم يحاول أن يفهم النصوص الدينية، ذلك أن الدين أرفع من أن ينطق به أي كان". وأكد على غياب نص صريح بالقرآن والحديث يقول بتحريم أو إباحة الإجهاض، وأكد أنه" ليس مشكلا قانونيا، بل هو مشكل اجتماعي يتطور بتطور ملابسات الحياة الاجتماعية، وبالتالي يصعب أن يوضع له نص واحد يسري في كل زمان ومكان"[21].
وأوضح في مقابل ذلك وجود نصوص عامة في القرآن تتحدث عن قتل الأولاد وقتل النفس، اختلف الفقهاء في تفسيرها، بين من ضَيق تفسير هذه الآيات وذهب إلى تحريم العزل أثناء العلاقة الجنسية لاعتباره طريقة لقتل الأطفال وبين من يحرَم الإجهاض بمجرد تلقيح البويضة، وآخرين أباحوا الإجهاض في حالات معينة إلى أن تنفخ الروح في الجنين بظهور أعضاء الجنين، وهي المدة التي تتراوح بين 40 و120 يوما.
كما أشار إلى أن الخوض في نقاش الإجهاض يجب أن يكون مقترنا بالحديث عن الطفل وعن حقوقه وهويته. وأن من يقُمن بالإجهاض، "هن النساء اللواتي يعشن وضعية اقتصادية ضعيفة، ومستواهن التعليمي متدنَ، ما يفقد حسبه المرأة الحامل القدرة على إثبات نسب طفلها. واعتبر ذلك "ظلما كبيرا" حيث قال: “نعتني بالجنين في طور التكوين ونُهمله بعد الولادة، ونقول إنه لا ينسب إلى والده، وفي هذا ظلم كبير".
وعموما، فقد انتهت المشاورات العمومية بالتنسيق مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ووزارة العدل والحريات، ثم وزارة الصحة، إلى إباحة الإجهاض في حدود حالات حصرية واستثنائية[22]، تتعلق بالاغتصاب وزنا المحارم، تهديد حياة وصحة الأم، والتشوهات الخلقية.
ملامح "الأبوية المستنيرة" في جدل الإجهاض[23]
يعكس الأفق الذي رسمته المؤسسة الملكية للفاعلين الوطنيين في التشاور العمومي حول قضية "الإجهاض"، طبيعة العلاقة الجدلية بين السلطة والمجتمع، والتي يمكن وصفها بـ" الأبوية المستنيرة". ويبدو ذلك من خلال قدرة النظام السياسي على التفاعل مع التطورات المتسارعة للمنظومة القيمية والعلاقات الاجتماعية، وقدرته على استعادة التوازن بين المكونات المجتمعية المتصارعة، وبناء خيار توافقي بين مختلف الاتجاهات المجتمعية المتصارعة.
وهذا ما يبدو بعد المبادرة الملكية بفتح نقاش عمومي حول إعادة النظر في التشريع الخاص بالإجهاض، وهي خطوة وصفت بـ"الاستباقية" لتجنيب الفضاء العام حالة الاحتقان السياسي والاستقطاب الإيديولوجي التي عرفها خلال مرحلة مناقشة "مشروع الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية".
وتبدو ملامح نظام "الأبوية المستنيرة" بشكل أكثر وضوحا عندما قام الملك بتعيين لجنة مكونة من رئيس المجلس الوطني لحقوق الانسان ووزير العدل بالإضافة إلى وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، وكلفها بتنظيم لقاءات تشاورية مع مختلف الأطراف المعنية، وبلورة مشروع تصور جديد حول "تقنين الإجهاض"، وحدَد لها في نفس الوقت المنطلقات والضوابط التي ينبغي أن تتوافق معها مخرجات التشاور العمومي[24] حول قضية الإجهاض.
فرغم المبادرات النادرة والمتفرقة لبعض الفاعلين المدنيين وبعض الشخصيات السياسية والثقافية[25] لطرح القضية للنقاش العمومي، فقد ظلت قضية "الإجهاض" من القضايا "الطابو" بل ومن الملفات المُكلَفة سياسيا وانتخابيا بالنسبة للنخب الحزبية.
والملاحظ أن المبادرة الملكية أضفت على النقاش العمومي طابعًا مؤسساتيًّا، فقد تفاعلت معها كل الفعاليات المدنية والحقوقية والثقافية من مختلف التيارات الإيديولوجية والسياسية، وتقاسمت مواقفها وتصوراتها مع مؤسسات رسمية متنوعة، عكس المحاولات السابقة، التي كانت محدودة من حيث مضمون النقاش أو الجهات المساهمة فيه.
كما أدى النقاش العمومي المؤسساتي حول الإجهاض إلى تهيئة بيئة تفاعلية داخل المجال العام سمحت لكل الفاعلين من مختلف التيارات الدينية والسياسية والثقافية، بتجاوز حالة "الصمت" أو اللامبالاة، إلى وضع المشاركة والتدافع حول شرعنة الإجهاض أو إباحته.
لكن الملاحظ أن التدخل الملكي في الموضوع أدى إلى رسم الحدود المرجعية، والآفاق المحتملة للوضع التشريعي الجديد للإجهاض. وبالرغم من كون الإجهاض معضلة اجتماعية تترتب عنها عدة مخاطر صحية ونفسية واجتماعية، نتيجة الإقبال المتزايد على ممارسته خارج أي إطار قانوني وأي حماية صحية للأمهات والأطفال، فقد انحصرت المشاورات العمومية حول الموضوع في توسيع قاعدة الاستثناءات المبيحة للإجهاض فقط، وفق سقف مرجعي "محافظ"، يسمح بالاجتهاد والتشاور في إطار ما يقتضيه: "احترام تعاليم الدين الإسلامي الحنيف والتحلي بفضائل الاجتهاد، وبما يتماشى مع التطورات التي يعرفها المجتمع المغربي وتطلعاته، وبما يراعي وحدته وتماسكه وخصوصياته".
كما أن التدخل الملكي في هذه القضية الجدالية مجتمعيا له دلالات سياسية ورمزية. إذ تعتبر هذه المبادرة تفعيلا للمقتضيات المنصوص عليها في الدستور الجديد لعام 2011، في باب الأدوار الدستورية المنوطة بالمؤسسة الملكية بموجب الفصلين 41-42 ، كأمير للمؤمنين، ورئيس الدولة. كما أن تعيين لجنة مكونةمن ممثل المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ووزير العدل ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، فيه إشارة، للمنهجية التوفيقية بين المرجعية الكونية لحقوق الإنسان، والخصوصية الثقافية والدينية للمجتمع المغربي، والتي ينبغي التقاطها من طرف الفاعلين الوطنيين. وهي تفيد أيضا بأن" قضية الإجهاض السري لم تعد خطا أحمر، بل صارت "قضية طبية بامتياز"، لتجاوز حالة "الرُّهاب" التي كانت سائدة قبل ذلك لدى الفاعلين في المجال العام، وبالأخص مكونات الحركة النسوية الوطنية.
في هذا السياق، يبدو جليا طبيعة المسار المتعثر للديمقراطية في النظام السياسي المغربي، الذي لم يستطع التخلص من إرث السلطوية التقليدية. ما يجعلهفي الظروف الحرجة سياسيا من خلال أحداث "الربيع العربي" وحركة 20 فبراير...إلخ، يستبق الأزمات السياسية المحتملة، ويتبنى إجراءات تحديثية وديمقراطية، تعكس ميولاته "المستنيرة"، ويعمل على تفعيلها قسراً، رغم جهود المقاومة المضادة التي تواجهها من داخل البنية التقليدانية والمحافظة.
خاتمة
يوجد علاقة جدلية بين بروز الحركة النسوية الفاعلة والتحول الديمقراطي للأنظمة السلطوية، فقد انتقل الجيل الأول للحركة النسوية الذي حقق للمرأة الغربية مكاسب تهم الحقوق المدنية والسياسية، ليركز الجيل الثاني على الحقوق الجنسية والإنجابية، لما لها من دور في استكمال المرأة لاستقلاليتها وفردانيتها في التمتع بالحقوق الأساسية على قدم المساواة مع الرجل شريكها في المواطنة. في الحالة المغربية، لم تبرز قضايا الحقوق الجنسية والإنجابية للمرأة في أولويات الحركة النسوية، باختلاف تياراتها. ما يعكس التباين بين التجربة المغربية والعالمية المقارنة في هذا المجال؛ إذ تتباين في ظروف نشأتها ومضامين خطابها أيضا، فإذا كان منطلق الحركة النسوية الغربية هو الحرية الفردية للمرأة، باعتبارها ذاتا مستقلة عن البنيات الثقافية للمجتمع والأسرة، فإن الحركة النسوية المغربية لم تستطع ترسيخ استقلاليتها سواء عن البنية السياسية والحزبية التي نشأت قريبة منها، أو عن البنية الثقافية والدينية الأبوية السائدة اجتماعيا.
بالرغم من انطلاق النقاش العمومي حول الإجهاض، فإنه لم يفض إلى قلب المنطلقات الإيديولوجية والدينية المهيمنة، والتي تقوم على استدامة التراتبية الاجتماعية في العلاقة بين الرجل والمرأة. فهذه الأخيرة لا تملك حرية الاختيار المطلق في الاحتفاظ بجنينها أو التخلص منه، إلا في ظل الاستثناءات والتي تجعل حياة الجنين أولى من حرية المرأة سواء أكانت متزوجة أو لا. وهي المنطلقات التي حاول دعاة الإجهاض خلخلتها من خلال تقديم بنية حجاجية بديلة، تقوم على الحرية الفردية للمرأة والتركيز على المخاطر الاجتماعية من استمرار الوضع القانوني السابق، والذي يضيق على حرية ممارسة الإجهاض ويسمح بالنتيجة بتزايد حالات اللجوء للإجهاض غير الآمن[26].
وعموما، هذه بعض الاستنتاجات التي يمكن استخلاصها من مسار الجدل العمومي حول "الإجهاض" في علاقتها بالحركة النسوية وفعلية التحول الديمقراطي:
عدم خروج نتائج المشاورات الموسعة عن الإطار المحدد لها سلفا من طرف المؤسسة الملكية (إمارة المؤمنين)، ما يعكس استمرارية التقاليد الأبوية في التجربة الاجتماعية والسياسية المغربية، والتي استطاعت منذ نشوء الحركة النسوية تكريس عدة توافقات حول مكانة المرأة في المجتمع المغربي (قانون الأسرة لعام 2004، قانون الجنسية 2007 .. إلخ).
تعاظم دور مكونات الحركة النسائية، والتي يتأسس خطابها النسوي على أسس محافظة تنسجم- حسبها- مع الهوية الوطنية للمجتمع المغربي. وهذا ما يجعل خطاب باقي التنظيمات النسائية المنافسة، التي تدافع عن الحرية الفردية للمرأة من منظور كوني وليبرالي، يواجه مقاومة مجتمعية واسعة. وهو تصادم تاريخي بين القطبين، له امتداد لمرحلة تعديل مدونة الأسرة والخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية، نتيجة لعمق التناقض الإيديولوجي الموجود بينهما، وقد بلغت أوجها مع إثارة الحقوق الإنجابية والجنسية للمرأة، وبشكل خاص "قضية الإجهاض".
تم طرح قضية الإجهاض في المغرب وفق مقاربة محافظة تستحضر الخصوصية الثقافية والدينية للمجتمع المغربي. وبالرغم من ظهور بعض الأصوات التي تدافع عن الحرية الفردية للمرأة في الولوج لحقوقها الجنسية والإنجابية، إلا أن صداها بقي منحصرا في حدود ضيقة، ولم يحظ بترحيب باقي القوى المجتمعية. كما أن بعض الجمعيات الحقوقية عبرت عن استيائها من المشروع الجديد للقانون الجنائي للإجهاض الذي لا يعالج حسبها إلا الحالات النادر وقوعها؛ فأغلب الحالات التي تلجأ إلى الإجهاض السري، يكون ناجما عن حمل بعد علاقة جنسية حرة وغير شرعية..
عدم استطاعة الحركة النسوية بالمغرب بلورة خطاب "نسوي" حول الحقوق الإنجابية والجنسية للمرأة، بالنظر لهيمنة المفاهيم الأبوية على مكوناتها. ولم تستطع تحريك الوعي الجمعي السائد حول دور المرأة؛ إذ لا زال "الهابيتوس"Habitus المهيمن (الجماعي) لا يعترف للمرأة بحقوقها كفرد مستقل وحر في اختياراته وأذواقه وسلوكه، بل ينظر إليها كفرد ينتمي لأسرة ومجتمع له تقاليد وأعراف ينبغي الامتثال لها.
والجدير بالملاحظة هنا هو بروز دينامية فكرية وثقافية فريدة في السنوات الأخيرة، تؤطرها ثلة من الشخصيات النسائية، يتركز مدار اشتغالها في منطقة التماس بين القطبين العلماني والإسلامي، خصوصا ما يتعلق بمفهوم المساواة بين الجنسين في الإسلام، وحقوق المرأة في علاقتها بالرجل، ومن أبرزهن الباحثة المغربية أسماء لمرابط[27]. ومن شأن ذلك إحداث تراكم فكري عقلاني، قد تستفيد منه مكونات الحركة النسوية الوطنية لبناء خطاب نسوي جديد، يمزج بين متطلبات القيم الكونية والإنسانية وإكراهات البنية الداخلية المتحولة.
ببليوغرافيا
باللغة العربية
عبد اللطيف، كمال (2014)، العدالة الانتقالية والتحولات السياسية في المغرب: تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة، إصدارات المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، بيروت، الطبعة الأولى.
أتركين، محمد (2002)، "قراءة في فرضية الانتقال من دولة الرعايا إلى دولة المواطنين"، مجلة وجهة نظر، العدد 17.
الرجواني، عصام (2015) (إعداد وتنسيق)، الإجهاض بين الحق في الحياة وحرية التصرف في الجسد، منشورات المركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة، الرباط، طوب بريس، الطبعة الأولى.
المصلي، جميلة (2011)، الحركة النسائية بالمغرب المعاصر: اتجاهات وقضايا، منشورات المركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة، الرباط، طوب بريس.
إدواردز، مايكل (2015)، المجتمع المدني بين النظرية والممارسة، ترجمة عبد القادر شاهين عبد الرحمان، بيروت، منشورات المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الطبعة الأولى.
تقرير الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، الثورات العربية أي ربيع للنساء؟، متاح على الرابط التالي: https://www.fidh.org/IMG/pdf/28_05_12_women_ar_final.pdf
باللغة الفرنسية والانجليزية
Acte de conférence international organisé par la Fondation Konrad-Adenauer Stiftung et le centre Isis à Fès (2013), « Droit des femmes méditerranéennes après les révolutions arabes », http://www.kas.de/wf/doc/kas_35491-1522-3-30.pdf?130924120035.
Bakass,F.,Michèle,F.(2013),« L'entrée en sexualité à Rabat : les nouveaux «arrangements» entre les sexes », Population, vol.68, N°.1,http://www.cairn.info/revue-population-2013-1.htm>.
Baker, A, (1998), Voice of Resistance: Oral Histories of Moroccan Women, United States: State University of New York Press.
Benadada, A. (Janvier 2013 – Novembre 2014), « L’union d’action féminine », Benadada, A. El Bouhsini, L. (Coord.), Le mouvement des droits humains des femmes au Maroc : Approche historique et archivistique, Etude réalisée par Le Centre d’histoire du temps présent, http://cndh.ma/sites/default/files/histoire_du_mf2014-final.pdf.
Catusse, M. (2013), « Au-delà de " l'opposition à sa Majesté" : mobilisations, contestations et conflits politiques au Maroc », Pouvoirs, vol. 145, N°. 2, http://www.cairn.info/revue-pouvoirs-2013-2.htm.
Charaf, M. (1997), Etre au féminine, Casablanca : la voie Démocratique.
EL BOUHSINI, L. (2008), « Le féminisme au Maroc : histoire d’une évolution difficile », Actes des travaux du 5ème congrès des Recherches Féministes dans la Francophonie Plurielle, Le féminisme face aux défis du multiculturalisme,Maroc, /docactu,Sm9lbGxlX1BhbG1pZXJpL2RvY3MvNWVtZS1jb25n,13.pdf.
GALLAOUI, M. (2007), Le Maroc politique à l’aube du troisième millénaire (1990-2006), Casablanca, imprimerie Najah Eljadida.
Glacier, O. (2013), Les Femmes Politiques au Maroc, D’hier à aujourd’hui : Tarik Edition.
Janjar, M. (2004), « Emergence de la société civil au Maroc : le cas du mouvement associatif féminin », Roque, Maria-Angels (dir.), La société civil au Maroc, L’émergence de nouveaux acteurs de développement, Paris : Publisud.
Jonlet, S. (2010). « Féminisme et politique au Maghreb de Zakya Daoud : une lecture critique », http://www.academia.edu/2096928/F%C3%89MINISME_ET_POLITIQUE_AU_MAGHREB.
MADANI, M, (2006), Le paysage politique marocain, Rabat : Dar Al Qalam.
Ouali, N. (2008), « Les réformes au Maroc : enjeux et stratégies du mouvement des femmes », Nouvelles Questions Féministes, vol.27, N°. 3, http://www.cairn.info/revue-nouvelles-questions-feministes-2008-3.htm>.
Patricia, R., Céline, P., Gaël, P., Cossy, V. (2005), « Le militantisme n’échappe pas au patriarcat », Nouvelles Questions Féministes, vol. 24, N° 3, http://www.cairn.info/revue-nouvelles-questions-feministes-2005-3.htm.
Sadiqi, F. « The Moroccan Feminist Movement (1946-2014) », <https://www.researchgate.net/publicatio /308673745_The_Moroccan_Feminist_Movement>.
Salime, Z. (2012), « A New Feminism? Gender Dynamics in Morocco’s February 20th Movement ». in Journal of International Women's Studies, Vol.13, Issue 5 Arab Women Arab Spring, Available at: <http://vc.bridgew.edu/jiws/vol13/iss5/11>.
الهوامش
[1] ينص الفصل 453:" لا عقاب على الإجهاض إذا استوجبته ضرورة المحافظة على صحة الأم متى قام به علانية طبيب أو جراح بإذن من الزوج ولا يطالب بهذا الإذن إذا ارتأى الطبيب أن حياة الأم في خطر غير أنه يجب عليه أن يشعر بذلك الطبيب الرئيسي للعمالة أو الإقليم، وعند عدم وجود الزوج أو إذا امتنع الزوج من إعطاء موافقته أو عاقه عن ذلك عائق فإنه لا يسوغ للطبيب أو الجراح أن يقوم بالعملية الجراحية أو يستعمل علاجا يمكن أن يترتب عنه الإجهاض إلا بعد شهادة مكتوبة من الطبيب الرئيسي للعمالة أو الإقليم يصرح فيها بأن صحة الأم لا تمكن المحافظة عليها إلا باستعمال مثل هذا العلاج".
[2] من بينها الأبحاث التي قامت بها الجمعية المغربية لمكافحة الإجهاض السري، انظر الموقع الإلكتروني للجمعية: http://www.amlac.org.ma/ (تاريخ المرور 12 غشت 2016).
[3] على النقيض من ذلك ينص الفصل 449 على أن: "من أجهض أو حاول إجهاض امرأة حبلى أو يظن أنها كذلك، برضاها أو بدونه سواء كان ذلك بواسطة طعام أو شراب أو عقاقير أو تحايل أو عنف أو أية وسيلة أخرى، يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من مائتين إلى خمسمائة درهم. وإذا نتج عن ذلك موتها، فعقوبته السجن من عشر إلى عشرين سنة".
[4] العثماني، سعد الدين (2015)، "أي مقاربة لتعديل القانون الجنائي في مادة الإجهاض"، الرجواني، عصام (تنسيق)، الإجهاض بين الحق في الحياة وحرية التصرف في الجسد، الرباط، منشورات المركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة، ص. 23-24.
[5] أنظر الموقع الإلكتروني الخاص بالباحث السوسيولوجي عبد الصمد الديالمي:www.dialmy.over-blog.com
[6] لم تنشر الأوراق المتعلقة بمداخلات المشاركين بأشغال المناضرة الوطنية التي نظمتها وزارة الصحة حول "الإجهاض : التأطير القانوني ومتطلبات السلامة الصحية"، لكن تناقلت أجزاء منها بعض المواقع الإلكترونية مثل موقع هوية بريس: http://howiyapress.com/7583-2/، موقع جريد أخبار اليوم: http://www.alyaoum24.com/276179.html.
[7] يرى في هذا الصدد، الدكتور سعد الدين العثماني، وجود مقاربتان فيما يخص تقنين الإجهاض على الصعيد العالمي، الأولى تنطلق من كون الإجهاض حق للمرأة دون اعتبار للجنين، ولا اعتبار للأب بوصفه شريكا في الجنين، وهي مقاربة ليبرالية ومرجعية أساسية لقوانين الدول الأوربية التي تبيح الإجهاض بوصفه أصلا، لا بوصفه استثناء في حالات خاصة، والمقاربة الثانية تنظر إلى مستويات الحقوق الثلاث: حق الأم، صحتها ومصلحتها وراحتها، وحق الجنين، الذي يتمتع بحياة لها حرمة ومعصومية، وحق الأب الذي هو شريك في الحمل، ويجب أن يحترم على الرغم من كونه أدناها مرتبة.
[8] الديالمي، عبد الصمد (2015)، الانتقال الجنسي في المغرب: نحو الحق في الجنس، في النسب وفي الإجهاض، مطبعة الكرامة، ص 86-87.
[9] رفع التجريم عن الإجهاض الطبي ضرورة ملحة، الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، 30 مارس 2015، متاح على الرابط الالكتروني: http://ar.monasso.ma، أنظر رأي الجمعية في مقاربة المشرع الجنائي للعلاقات الجنسية الرضائية، عبر الرابط الالكتروني التالي
http://www.alaanpress.com/archives/126286، (تاريخ المرور 12 يوليوز 2016).
[10] بيان تحالف ربيع الكرامة حول: إصلاح مقتضيات القانون الجنائي الخاصة بالإجهاض بتاريخ 22 مارس 2015، الموقع الالكتروني للتحالف https://pdmaroc.wordpress.com/ (مرور بتاريخ 12 فبراير 2017)، للإشارة تحالف ربيع الكرامة المؤسس سنة 2010 للمساهمة في تغيير القوانين التمييزية والمكرسة للعنف ضد النساء، وتغيير العقليات، تتكون من أزيد من ثلاثين جمعية نسائية، تتخذ من المواثيق الدولية لحقوق الإنسان وحقوق المرأة والطفل بشكل خاص، مرجعيتها في عملها الترافعي والنضالي.
[11] تعتبر الجمعية المغربية من الجيل الأول للجمعيات المغربية المدافعة عن حقوق الإنسان في بعدها الكوني ووفق ما تدعو له المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، تأسست بتاريخ 24 يونيو 1979، http://www.amdh.org.ma
[12] أثارت هذه المطالب الكثير من النقاشات، خاصة بعدما تمت مناقشتها في إطار الندوة التي نظمتها بمناسبة تخليد الذكرى 33 لتأسيسها بتاريخ 16 يونيو 2012، حول موضوع "الحريات ودور الحركة الحقوقية بالمغرب"، حيث وجهت للجمعية الكثير من الانتقادات من طرف التيار المحافظ والإسلامي الوطني.
[13] منظمة تجديد الوعي النسائي: هي منظمة مغربية مستقلة تعمل على مساندة المرأة لنيل حقوقها ومطالبها الاجتماعية العادلة، تأسست المنظمة عام 1995 من أجل المحافظة على أصالة المرأة وعلى هويتها الإسلامية، ومن أجل تقديم خدمة اجتماعية تتميز بالفعالية والاقتراب من المشاكل الحقيقية للمرأة والطفل في الأسرة المغربية.
[14] الإدريسي، حنان (ماي 2015)، "في نقض مزاعم دعاة تقنين الإجهاض، مقاربة طبية مقارنة"، الرجواني، عصام (تنسيق)،الإجهاض بين الحق في الحياة وحرية التصرف في الجسد، الرباط، منشورات المركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة، ص. 17-37
[15] أنظر مداخلة، العثماني، سعد الدين (2015)، "أي مقاربة لتعديل القانون الجنائي في مادة الإجهاض"، منشورات المركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة، المرجع السابق، ص. 17.
[16] من جهته يعتقد الطبيب خالد فتحي، أستاذ بكلية الطب واخصائي أمراض النساء والولادة، بضرورة الوقوف ضد تحرير الإجهاض، وذلك بسبب تهافت الحجج التي يقدمها دعاة الإجهاض ولاسيما التوظيف الأيديولوجي للمفهوم الأممي للصحة الجيدة في هذا المجال، ما يتعارض مع مقومات الهوية الدينية والثقافية الوطنية. أشغال الندوة العلمية " الإجهاض بين الحق في الحياة وحرية التصرف في الجسد"، منشورات المركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة، ص. 51.
[17] نظمت الجمعية المغربية للدفاع عن الحق في الحياة هذه الندوة بالموازاة مع النقاش العمومي الذي أطلقته وزارة العدل حول مراجعة مدونة القانون الجنائي (2015).
[18] العثماني، سعد الدين (2015)، الإجهاض واستعجالية تعديل القانون الجنائي المغربي، http://www.pjd.ma/ (آخر مرور 02 فبراير 2017).
[19] أنظر بتفصيل مداخلة سعد الدين العثماني حول أي مقاربة لتعديل القانون الجنائي في مادة الإجهاض، منشورات المركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة، المرجع السابق، ص. 31.
[20] الريسوني، أحمد (2015)، "الإجهاض: وجهة نظر شرعية وفكرية"، الرجواني، عصام (تنسيق)، الإجهاض بين الحق في الحياة وحرية التصرف في الجسد، منشورات المركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة، ص: 12.
[21] أنظر التغطية الصحفية لأشغال الندوة التي شارك فيها الأستاذ أحمد الخمليشي والمنظمة من طرف "الجمعية المغربية لمكافحة الإجهاض السري"، من طرف الجريدة الإلكترونية هسبريس بتاريخ 16 مارس 2015: https://www.hespress.com/societe/258180.html (تاريخ المرور 25 ماي 2016)
[22] بلاغ الديوان الملكي بالمغرب حول المشاورات المتعلقة بموضوع الإجهاض بتاريخ 15 ماي 2015.
[23] أستعين بمفهوم "الأبوية المستنيرة" للدلالة على الأبعاد الإيجابية في نظام الأبوية المغربية، الذي يساهم في تكريس قيم المواطنة وحقوق الإنسان ولو بشكل تدريجي في مستويات متعددة: حقوقية، سياسية، اجتماعية واقتصادية، وخاصة الدور الإيجابي والحاسم الذي لعبته المؤسسة الملكية في تعزيز المساواة بين الجنسين وإقرار مجموعة من الحقوق الإنسانية للمرأة المغربية؛ حول مفهوم الأبوية، جذور نشأتها وخصائصها في السياق العربي، أنظر شرابي، هشام (1992) "نقد الأبوية الجديدة"، منشورات مركز دراسات الوحدة العربية.
[24] للمزيد حول تطور خصائص النقاش العمومي بالمجتمعات الديمقراطية، أنظر مايكل إدواردز، المجتمع المدني بين النظرية والممارسة، ترجمة عبد الرحمان عبد القادر شاهين، منشورات المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الطبعة الأولى ماي 2015، ص. 10-123.
[25] نخص بالذكر مبادرة الجمعية المغربية لتنظيم الأسرة من خلال إعداد تقرير حول "الإجهاض السري بالمغرب"، وبعدها الجمعية المغربية لمكافحة الإجهاض السري، وتقارير الجمعية المغربية لحقوق الإنسان.
[26] للمزيد حول استمرار الهيمنة الذكورية في العلاقات الجنسية الرضائية بين الرجل والمرأة، أنظر: Bakass, F. ; Ferrand, M. (2017), « L'entrée en sexualité à Rabat : les nouveaux "arrangements" entre les sexes », Population, 1/2013, (Vol. 68), p. 41-65, http://www.cairn.info/revue-population-2013-1 page-41.htm (consultée le 13 Février 2017).
[27] من مؤلفاتها المهمة: "النساء والرجال في القرآن: أية مساواة؟، أنظر الموقع الالكتروني للباحثة:http://asma- lamrabet.com/ (تاريخ المرور 22 فبراير 2017).