انسانيات عدد 79| 2018 | عدد متنوع| ص 7-9| النص الكامل
تقدم مجلة إنسانيات في هذا العدد مجموعة متنوعة من المقالات التي تقرّب بين التخصّصات المختلفة في العلوم الإنسانية والاجتماعية، وتثري المواضيع المتطرق إليهابداية، يقترح سيدي محمّد لخضر بركة قراءة سيميائية لعدد من النصوص السياسيّة "الأساسية" و"المؤسِّسة" الصادرة منذ بيان أوّل نوفمبر إلى يومنا هذا، وهي نصوص ذات صلة بظواهر لغويّة، وتنتمي إلى مدونة ميّزت المراحل المختلفة التي مرّت بها عملية بناء الهويّة الوطنيّة في الجزائر. بالمقابل يناقش حاج ملياني سيرورة تأسيس الموروث الثقافي والاستراتيجيات التراثيّة من خلال العودة إلى دراسة الأنواع الموسيقية الحضرية في الجزائر إبّان الفترة الاستعمارية، كما أنه يحلّل رهاناتها المرتبطة بتحقيق الاستقلالية الثقافية، ومختلف ردود الأفعال المتعلّقة بهذه الطبوع الموسيقيّة.
أمّا محمد غالم فيعرض في مقاله أهميّة حدث تحرير وهران في شهر فيفري 1792، ويناقش تأثيره في المخيال الاجتماعي المغاربي خاصة على مستوى التمثّلات الجماعيّة، كما يحلّل المؤلف الأثر النفسي والاجتماعي المضاعف الذي ترك بصمته على هذه المدينة أثناء الاحتلال الإسباني. هذا، في حين تسلّط مساهمة صادق بن قادة الضوء، في سياق تاريخي مغاير، على تجربة جريدة "المصباح" بوصفها أوّل جريدة لحركة "الشباب الجزائري" الوهراني والتلمساني، والتي أُنشِئت في شهر ماي من سنة 1904، مستعرضا دورها في نشر الوعي العام لدى السكان المسلمين والمتزامن مع بوادر ظهور استقلاليّة في النشر لاسيما في مجال الصّحافة المكتوبة.
تطرّق كل من سمير ربيعي وعبد القادر لقجع، وفق مقاربة اجتماعية-أنثروبولوجية، لسيرورة العلاقة الموجودة بين الإقليم والتحوّلات المحليّة في بلديّة سيدي خطاب (ولاية غليزان)، مع التركيز على الدّور الذي تلعبه قبيلة "قطع الواد" في انبثاق هذا الإقليم وتنميته، كما استعرض الباحثان الاستراتيجيات التي تتبنّاها في فرض هوياتها والتأكيد عليها. وتُسَائِل هدايات بن اباجي مهديد ، وفق قراءة تحليلية ونقدية، العملية التعليميّة من خلال النصّ الأدبي، ولهذا الغرض تقدّم الكاتبة مثالا عن قصّة "عنزة السيد سوغان" لألفونس دوديه المدرجة ضمن الكتاب المدرسي للسنة الخامسة من التعليم الابتدائي (الجزائر- نسخة 2010)، وتسعى الباحثة إلى ترسيخ نوع من التجديد في العملية التعليمية التي تتيح تثمين طرق تحويل النّصوص الأدبيّة الموجّهة إلى التعليم/التّعلم.
وتتطرق ليلى دنيا ميموني مسلم في مقالها المقترح لهذا العدد إلى الرسوم المتحرّكة الجزائرية (المانغا) والصّورة التي ترسمها عن الشيخوخة في الجزائر منذ سنوات 2000. وحسب الباحثة، تبدو صورة "الشيخ" الحكيم، حامي الأحفاد وصاحب النصائح السّديدة هي الصورة المهيمنة، سواء أتعلّق الأمر بالأجداد العصريين أو التقليديين و حين يتمّ التركيز على العجز، فذلك لا يكون من باب التعجيز، بل على العكس تماما؛ لأنّ العجز في هذه الحالة يمثّل مصدرا للحنان، العطف والأحاسيس الجياشة عند الأقرباء والقرّاء على حدّ سواء. وفي مساهمته حول استراتيجية اختيار أسماء العطور في الجزائر، يتبنى سفيان بن ڤوة مقاربة لسانيّة في التحليل المورفو-معجمي لأسماء العطور بغية تحديد مختلف الطرق التي تتبنّاها مؤسّسات تصنيع مواد التجميل الجزائريّة في اختيار هذه الأسماء وتثمينها، ويستعرض الكاتب بالتحليل النسيج اللّغوي لأسماء مائة وسبعين عطرا تخصّ خمس مؤسسات جزائرية.
في الأخير، تجدر الإشارة إلى أن هذا العدد من مجلة إنسانيات هو امتداد للأعداد المتنوعة الصادرة عن مركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية والهادفة إلى تعميق المعارف في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية وتعزيزها.
صورية مولوجي- ڤروجي