إنسانيات عدد 93، جويلية – سبتمبر2021 ، ص. 13-14
يقترح العدد 93 من مجلّة إنسانيات ستّة أوراق علمية متنوعة، ضمن المقال الأوّل لهذا العدد المتنوّع "موجات التنقل وإعادة تنظيم المركزيات الحضرية في تجمع الجديدة (المغرب) "، يقدّم محمد الأديب قراءة جديدة للتطورات التي طرأت على المدن المغربية، لاسيما تجمّع الجديدة تحديدا، حيث اهتمّ الكاتب بمسألة إعادة تنظيم وتوزيع الوسط الحضري للمدينة في ظل موجات التنقل. تؤكد هذه الدراسة مرة أخرى على دور العولمة في سيرورة تحوُّل المدن بشكل عام وفي العلاقة بين المراكز الحضرية والأحياء المحيطة بها بشكل خاص، إذ وبالاستناد على جملة من مناهج التحليل يؤكّد الكاتب نهاية المركزية الأحادية للمدن والأحياء الأوروبية القديمة، لتفسح المجال أمام تكتلات جديدة.
في ذات السياق، يحاول إسهام كل من أمينة بن عميرة، مسعود عيش وفؤاد بن غضبان "دور البعد العمراني في تقييم جودة الحياة من منظور الاستدامة الحضرية بالمدينة الجديدة علي منجلي-قسنطينة"، استكشاف دور البعد الحضري في تقييم جودة الحياة ضمن إشكالية الاستدامة الحضرية، وبفضل تطوير نموذج تحليلي تمكن المؤلفون من تحديد المؤشّرات التي يمكن أن تقيس البعد الحضري. ومن خلال إجراء مسح لعينة مكوّنة من 500 أسرة، تمكن الباحثون من إثبات الخلل الموجود بين فضاء المدينة التي تم تشييدها مؤخرا وبين معيش السكان الذين يعانون من الكثير من الاختلالات والنقائص التي تؤثّر على حياتهم. هذه النقائص -حسب المؤلفين- هي نتيجة التخطيط لتجمُّع عمراني دون مراعاة أساسيات المدينة المستدامة.
يغوص بنا نص دهية بلخوس في عالم الأدب، وتحديدا في أعمال الطاهر جاووت من خلال روايته "ابتكار الصحراء". تكشف الرواية التصورات المختلفة للصحراء وتحديات ابتكارها، فباعتبارها مساحة أسطورية مليئة بالرمزية، مثّلت الصحراء موضوع تفكير في الأدب كما في العلوم الإنسانية والاجتماعية الأخرى، كالأنثروبولوجيا وأيضا التاريخ. ترتكز المؤلفة على قراءة وتحليل نص طاهر جاووت، مسلطة الضوء على التمثلات المختلفة للفضاء الصحراوي، مع محاولة تحديد دلالاته ومعاني حضوره في النص.
في ذات السياق المرتبط بحقل الأدب، يتناول مقال محمد عبد اللطيف بن عمر رواية "الكاهنة" للكاتبة والمناضلة في مجال حقوق الإنسان، والنسوية الفرنكو- تونسية جيزيل حليمي، فبين الخيال والتاريخ تقف رواية "الكاهنة" في موضع وسط لتحكي قصة ملكة أمازيغية وقفت في وجه "الفتح" العربي الإسلامي في إفريقيا. يحاول المؤلف في هذا المقال تحديد معالم خطاب حليمي ورؤيتها للعالم من زاوية تخييلية وفق مقاربة "سيميائية- بلاغية". يظهر إسهام المؤلف التزام كتابة جيزيل حليمي وتمحورها حول مقاومة ومصالحة الشعوب.
يصحبنا محمد صالح أيت منقلات في مقاله إلى حكايات فطيمة بخاي وثلاثية "إيزوران". يرصد هذا المشروع الأدبي تاريخ الشعب الجزائري منذ فترة ما قبل التاريخ وحتى بداية التواجد الاستعماري الفرنسي سنة 1830، بالاعتماد على استراتيجيات الكتابة التي وظفتها بخاي في ثلاثيتها، إضافة إلى شكل ومضمون الرواية يستنتج المؤلف وفق تحليله نوعًا من التشابك بين العمل التخييلي والمراجع الأنثروبولوجية وهذا ما يفسّر تساؤل المؤلف حول العلاقة بين الأدب والأنثروبولوجيا، إذ يثير هذا المقال إشكالية العلاقة الإجرائية بين النص الأدبي والنص الأنثروبولوجي بشكل عام وعند فاطمة بخاي بشكل خاص.
ختاما، وإثراء لهذا العدد أجرت عائشة بن عمّار مقابلة مع البروفيسور مصطفى حدّاب (أستاذ الفلسفة، متخصّص في التربية والتعليم والتكوين). وقد تمحور الحوار حول ستة أسئلة محورية: نظام التمدرس، الأسرة، اللغات، الثقافة، الجامعة والتكوين. انطلاقا من إنتاجه العلمي (دراسات ميدانية، مقالات وكتب)، يعطينا مصطفى حداب رؤيته العامّة حول نظام التعليم في الجزائر، حيث ركز من خلال تحليلاته المتعدّدة على عدة قضايا، تعتبر مركزية، وهي: التعليم في المناطق الريفية، انخفاض معدل الأمية، التفاوت الكبير بين أعداد خريجي نظام التّعليم والقدرة على استيعابهم من قبل المؤسسات المنتجة في الاقتصاد الجزائري.
حياة نموشي
ترجمة: فوزيةبوغنجور
