Sélectionnez votre langue

Morgan CORRIOU et M'hamed OUALDI (dir.), (2018). Une histoire sociale et culturelle du politique en Algérie et au Maghreb. Études offertes à Omar Carlier. Paris : Éditions de la Sorbonne, 532 p.


إنسانيات عدد 93، جويلية – سبتمبر2021 ، ص. 47-51.


 


قبل وفاته بثلاث سنوات[1]، اجتمع ثمانية وعشرون (28) طالبا وصديقا لعمر كارليي، من تخصصات ومناطق جغرافية متنوعة، في هذا العمل الحالي لتكريمه. هدفت هذه المبادرة، التي نسقها باحثان خلال أكثر من عامين، إلى تسليط الضوء على مسار ومساهمات عمر كارليي في تشكيل البحوث والدراسات حول المجتمعات المغاربية، سواء بصفته باحثا أو مُكوّنا. ذكر كارليي، في التقديم الذي خصصه لهذا الكتاب، أنّ "التخوف والاستكشاف والانتقال بين الضفتين" هي العمليات الرئيسية التي جعلت منه "مؤرخًا للجزائر"، لتصبح فيما بعد طريقته المفضّلة في مقاربة المسائل التاريخية والسياسية في هذا البلد. من حيث التكوين، تعكس جميع المساهمات في هذا الكتاب مسارات بحثية ومشاريع فكرية شارك في تطوريها بطريقة أو بأخرى. وكما يشير كلاّ من محمد والدي ومورجان كوريول، فإن "جميع (المساهمين في هذا الكتاب) قد تبادلوا قواسم مشتركة معه، سواء كطلاب دكتوراه أو في تحضير أعمالهم العلمية " (ص. 8).

تتوزع المساهمات على أربعة أجزاء. يجمع الجزء الأوّل تسعة (09) فصول، موضوعها الرئيسي تحليل "الأماكن والملابس والطقوس السياسية". وتناقش الفصول التي تدرس المتجر، والمقبرة والسينما والبيئة الريفية، أماكن ألفة اجتماعية، أين ظهرت وتبلورت أشكال متنوعة من التغيّر الاجتماعي، التسيس، والمقاومة السياسية، إما ضد الإدارة الاستعمارية وممارساتها كما هو الحال بالنسبة لتحول العلماء من المكتبات إلى المتاجر، أو كاستجابة للقضايا التاريخية والاجتماعية لحقبة زمنية فيما يخص السينما التونسية خلال سنوات السبعينيات، أو كمكان للصراع والتنافس بين الإصلاحيين والمحافظين كشأن المقابر، أو كتعبير عن مسائل الهوية والاختلاف وحتى "حس التفوق" مثلما يشرح ديدييه جينيارد في تحليله لمعاني الملابس في المجتمع الريفي. تقارب الفصول المتبقية بعض الطقوس السياسية. بّينت إليز فوجيت، من خلال عرضها لنموذج مستوطنة توات جنوب الصحراء الجزائرية من القرن 14 الى 16، مسألة الترسيخ المكاني لذاكرة النسب، وكيف يقدّم علماء توات تاريخ الاستيطان في منطقتهم. شكّل تمثال الدوق أورليانز في الجزائر العاصمة (1845) بالنسبة لجان جانسن استعمالا كولونياليا لفضاء حضري رمزي لتعزيز الاحتلال والاستيطان، بينما  كانت مظاهرات الأهالي في مدينة وهران خلال سنوات 1920-1930، بالنسبة لكلير مارينور، مثالا آخر لاستعمال الفضاء الحضري من أجل تأكيد الوجود ومقاومة  السلطات الاستعمارية. أمّا أنيك لاكروا، فقد فسّر تخريب معدات التلغراف والهاتف في جزائر 1870-1930 كرفض للنظام الاستعماري، ولكن أيضًا كانحراف للحداثة عندما يكون معنى هذا التخريب هو إعادة بيع المعدّات من أجل تحقيق الربح. أخيرا، حللت ميريام بوير الطقوس والمراسيم المرافقة للرحلات الرئاسية إلى الجزائر في ظل الجمهورية الثالثة كتعزيز وشرعنة للسيطرة الاستعمارية على المنطقة، وخلق تراتبية سلطوية لتقوية ممثلي السلطات الاستعمارية في الجزائر ومن مكانة المستوطنين.

في الجزء الثاني، تتطرق ثلاثة فصول إلى الحياة الاجتماعية للمنطقة المغاربية في ظل الفضاء" الامبراطوري". من خلال تحليل القهوة « Cahvé »، يتتبّع أوليفييه بوكيه أعمال عمر كارليي عن "القهوة المغاربية" في الجزائر العاصمة، وعلاقتها مع نمط الحياة في ظل الامبراطورية العثمانية، ثم يشرح لاحقا تـأثير ذلك على التأريخ العثماني  المناهض للاستعمار والعثمنة الجديدة. كشف محمد والدي عن مساهمة شخصيات من الجزائر وتونس في صياغة وتعميم حقوق الإنسان والحقوق العالمية ضمن الامبراطوريتين العثمانية والفرنسية، في حين ناقش جيمس ماكدوجال أشكال النفي التي يضمرها النموذج الامبراطوري الفرنسي عبر تتبع حركية الأشخاص في افريقيا، وخلص الى أنّ مسار رحلاتهم الطويلة وانفصالهم الطويل ثم عودتهم إلى الوطن تكشف عن فضاء امبراطوري فرنسي يناقض شعار حكم القانون والتساوي بين قاطني الامبراطورية الذي روّج له. في المقابل، تركّز ثلاثة فصول أخرى على الحياة الفنية. قاربت قمر بن دانة تأثير الصحف الصادرة باللغتين العربية والفرنسية في ديناميكية الحياة الثقافية في تونس خلال القرن العشرين، وخاصة من جانب مساحة الحرية وجودة المعلومات التي توفرها للنخب المتعلمة. في مصر بين الحربين العالميتين ، درست كارولين بيكيه المصريين من أصل أجنبي، ومن خلال مجموعة من المجلات الناطقة بالفرنسية، تساءلت عن مشكلاتهم التي تتعلق بالاندماج في المجتمع والبناء القومي، والتمثلات التي يطورنها حول "المجتمع المصري الأصيل" بناء على أشكال مستوحاة من الهوية العثمانية. أمّا آلان مسعودي، فقد اهتم بالثقافات الشعبية، وأبرز كيف تمكّن فنانون عصاميّون من التأثير في فترة الانتقال نحو الاستقلال، خاصّة من خلال دورهم في إنتاج أشكال جديدة من الفنون التشكيلية في المنطقة المغاربية بعد الحرب العالمية الثانية، ومدى الاعتراف بقيمة أعمالهم في الخارج وإدراجها ضمن الحركات الفنية عبر الوطنية. في الأخير، ولفهم تحديات الطاقة في تونس ما بعد 2011، يعود حبيب بلعيد إلى الفترة الاستعمارية (1894-1954)، ويستقي عناصر لتفسير واقع الطاقة الحالي انطلاقا من أولى سياسات الطاقة الحديثة التي برزت إبّان الحقبة الاستعمارية في هذا البلد.

تُشكل حَربُ التحرير الوطني الجزائرية محور اهتمام الجزء الثالث من هذا الكتاب. استعرض علي قنون، في إطار دراسة لدور المثقفين في تشكيل الفكرة الوطنية، مسار جماعة بن عكنون، في حين ركّز عمار محند عامر على النشاط العسكري للمنظمة الخاصة ضمن الهجوم على البريد المركزي يوم 5 أفريل 1949، سواء من حيث الحدث نفسه وسياقه العام، أو الروايات التي نتجت عنه، وأيضا أثره في تشكيل الذاكرة الوطنية. وفي اطار المنظمة الخاصة نفسه، عادت وناسة سياري تنقور إلى حيثيات قضية عبد المالك خياري ومسألة اكتشاف هذه المنظمة واعتقال مناضليها سنة 1950. وبالنسبة لسيلفي ثينولت، فقد كشفت على مجريات حرب التحرير في مدينة الجزائر، وبالتحديد خلال سنتي 1956-1957. كذلك، عرضت كاثرين مايور جوين معارضة المثقفين الكاثوليك للتعذيب والحرب في الجزائر، ونضال طلاب كاثوليكيين بشكل خاص ضد قمع السلطات الفرنسية بين 1955-1956، خاصة من خلال المقالات المكتوبة في مجلّة Vin nouveau. أمّا رافائيل رانش، فحلّلت دور الأناشيد في التعبئة السياسية والثورية، والروابط بين الوعي الوطني والموسيقى، خصوصا عبر أنشودة من "جبالنا"، واعتبرت هذه الأنشودة من بين الأناشيد التي هيأت الأرضية لحرب التحرير الوطنية، كما تشهد على فترة الاتحاد والوحدة بين مؤيدي الهوية الثقافية الجزائرية (الكشافة الإسلامية) ومروجي النضال السياسي والعسكري من أجل الاستقلال (حركة انتصار الحريات الديمقراطية). أخيرا، وصفت مليكة رحال احتفالات الاستقلال، منذ انطلاقها في مارس 1962، ثم في جويلية من السنة نفسها، وما رافقها من أداء اجتماعي للفاعلين فيه والديكور المصاحب لذلك، وانتهاءً بالمآسي المتمثلة في العنف والاقصاء الذي طال بعض الفاعلين.

في الجزء الرابع والأخير، توفّر أربع مساهمات قراءات لجزائر ما بعد الاستقلال. يقدّم حسين بن خيرة تحليلا لإعلان 19 جوان 1965 والرهانات التي حملها. وظهر بأن هذا الاعلان قد تجاهل البعد الديني بالمعنى الدقيق للكلمة، كما أن إعادة قراءته بعد خمسين عامًا من استقلال الجزائر يعطي مضمونًا "إيجابيًا"، مثل نقد النمط الاستبدادي للحكومة. فما اعتبره "الإعلان" في البداية مبررا للانقلاب على حكم بن بلة يمكن، حسب بن خيرة، أن ينطبق على حكم بومدين وبوتفليقة أيضا. تطرح كريمة ديرش مسألة "ريع الذاكرة" المرتبطة بحرب التحرير، سواء من حيث استمرار استعمالها من قبل جمعيات المجاهدين وأبناء الشهداء، أو من حيث مصيرها الذي تواجهه على ضوء التغيرات التي يحملها جيل من الشباب مختلف من حيث مستوى التعليم والتمدن والتوقعات الاجتماعية التي ينتظرها. في مكان آخر، يناقش محمد حشماوي آليات وأسباب استدامة الاستبداد في نظام الحكم الجزائري. وقد وصل الى نتيجة مفادها أن الدولة العميقة، التي تتراوح من "الصحافة المستقلة نسبيا" إلى "الاستبداد الانتخابي والقضائي"، مروراً بـ "رأسمالية المحسوبية"، قد تمكنت من فرض نظامها السردي، وهو ما يجعل النظام المؤسسي الذي أنشأته الشرطة السياسية غير مرءٍ لمدة ربع قرن. تختتم كورين كوفين فيرنر هذا الجزء بتقديم تشابه بين أنثروبولوجيا الطبخ وطبخ الأنثروبولوجيا. وبالإشارة إلى وجبة "اللحم البقري المطهي"، تعتقد أن هذا الطبق، من خلال مزيج من الهيكل والاستراتيجية والتاريخ والهوية الحالية والعالمية والمحلية المبتكرة والتهجين الأساسي، يبدو كأفضل نموذج معرفي للأنثروبولوجيا التي يجب الدفاع عنها.

يوفّر تنوع الموضوعات التي تم عرضها ومقاربتها في هذا العمل للقراء، إمكانية فهم أفضل للمجتمعات المغاربية، سواء من حيث عمقها الثقافي أو دينامياتها الاجتماعية والتاريخية. كما تغطي الأجزاء الأربعة من الكتاب فترات تاريخية مفصلية، وهي فترة ما قبل الاستعمار، فترة الاستعمار والنضال من أجل الاستقلال، وأخيراً فترة ما بعد الاستقلال. أيضا، يضفي التنوع الجغرافي الذي يأخذ الجزائر أو تونس أو مصر أو المنطقة المغاربية كلها كمجال بحثي. علاوة على المساهمات التي تركز على أماكن محددة، جوانب أنثروبولوجية ومونوغرافية مهمة.

يحي بن يمينة

الهوامش 

 [1]توفي عمر كارليي في 23 أكتوبر 2021 عن عمر يناهز 78 عامًا (1943-2021).

Appels à contribution

logo du crasc
insaniyat@ crasc.dz
C.R.A.S.C. B.P. 1955 El-M'Naouer Technopôle de l'USTO Bir El Djir 31000 Oran
+ 213 41 62 06 95
+ 213 41 62 07 03
+ 213 41 62 07 05
+ 213 41 62 07 11
+ 213 41 62 06 98
+ 213 41 62 07 04

Recherche