Télécharger le PDF
يضُمُّ هذا العدد المتنوّع من مجلّة إنسانيات مجموعة من المقالات تتطرّق إلى مواضيع مختلفة، وتمسّ في المقام الأوّل مجال الأدب، حيث اختصّت ثلاث مقالات من أصل خمسة بالرواية.
انطلاقا من رواية "من عيني إلى ماري كوراي: صورة المرأة المتمردة في سيرتين ذاتيتين لفاطمة وطاووس عمروش"، يكشف لنا كمال مجدوب الحالة النّسويّة عند آل عمروش، وتحديدا الأم والبنت، بحيث يتمّ تشريح هذا الواقع من خلال عدّة شخصيات (النساء) تواجه مجتمعًا يُعرف بأنّه ذكوري. يسمح المنهج المقارن الذي يطغى على هذا المقال بربط هاتين الروايتين وتصنيفهما ضمن أدب الحركة والمقاومة النسوية.
ومن المنظور نفسه، في مقال هوية، كرامة وأنوثة في رواية "شال زينب" لليلى حموتين، التي يمكن اعتبارها رواية "أنثروبولوجية"، تُصوّر لبنى الرايسي جرافي المرأة الجزائرية خلال فترة الاستعمار الفرنسي للجزائر وفق سرد قصص متنوعة لنساء جزائريات من أجيال مختلفة. وترتبط هذه الرواية ارتباطا جوهريا بتطوّر المجتمع من خلال عدة أبعاد أنثروبولوجية تتمثّل في الدين والتقاليد والهوية والوطنية، وغيرها.
وفي مقالها الموسوم عندما تخدم الأنوماستيك الشخصيات في رواية "فضل الليل على النهار" لياسمينة خضرا ، تذكر فاطمة الزهراء بوشاقور بأنّ هناك علاقة بين الأونوماستيك (أسماء العلم) والشخصيات الروائية التي تحملها. والتي تنبني على اختيار دقيق، أيْ أنّ هذه الأسماء ليست مجرّد تسميات بسيطة وغير معقّدة، بل على العكس، فإن وظيفتها تتجاوز ذلك لتشير إلى واقع سياسي واجتماعي وتاريخي أكثر تعقيدًا.
وفي مقال جماعي يركّز كل من وحيد ساعد سعود وبلقاسم الذيب وحمزة بشيري على حيّ "مخادمة" في مدينة ورڨلة، حيث يُبرز الباحثون مدى تواؤم الممارسة الاجتماعية في مجالات هذا النسيج العمراني مع مضامين التشريع المعمول به حاليا، والذي يعرف تحوّلات كبرى. وقد أظهرت النّتائج الأوّليّة للدراسة تنوّعا في البنية القانونية المسيّرة للمجال الحضري مع ضعف في آلياتها التنفيذية، كما أبرزت هيمنة العرف السائد، وكذلك أثر علاقات القرابة في تنظيم وتوجيه الممارسات الاجتماعية وتكييفها مع المجال. كما بيّن هذا المقال أنّ التسيير الحضري المخطّط لا يتيح إلا هامشا بسيطا من التشاركية مع سكان الحي، أو من يمثّلهم في تحديد حاضر الحيّ ومستقبله.
جاء المقال الخامس في هذا العدد المتنوّع لمؤلّفه خيرالدين سعيدي بعنوان أهمية الوثائق المحفوظة في أرشيفات رئاسة الجمهورية التركية في كتابة تاريخ الجزائر الحديث، وهو مصدر هامّ لكلّ طامح إلى المضي قدمًا في البحث في هذه الفترة من التاريخ الوطني، حيث قام المؤلّف بجمع وتحليل الوثائق الخاصة بالجزائر، والموجودة على مستوى رئاسة الجمهورية التركية بإسطنبول. إذ يسلط هذا المقال الضوء على رؤية الباحثين في الأرشيف العثماني في تعاملهم مع الوثائق التي تخصُّ الجزائر، كما يُقدّمُ أيضًا أمثلة على الوثائق الأرشيفية والمراسلات الرسمية، باللغتين العثمانية والعربية. ويناقش المؤلف أيضًا الأخطاء التي قد تكون وردت في دراسة هذه الفترة.
ويُختتم هذا العدد المتنوّع بمقال حول التاريخ القديم بعنوان الطفل في النقوش الجنائزية اللاَتينية بإفريقيا: مقاطعتي نوميديا وموريتانيا القيصرية ما بين القرن الأوّل والثّالث ميلادي نموذجا، حيث تقوم سليمة صيادة في هذه المساهمة الرّائدة، بجرد النقوش الجنائزية التي تخصّ الطفل في المقاطعات الرومانية بنوميديا وموريتانيا القيصرية خلال القرون الثلاثة الأولى للإمبراطورية. والهدف من ذلك هو التساؤل حول وضع الطفل في هذين المحافظتين وكذا الاحتفالات المخلّدة لهذه الطقوس.
يندَرجُ إذن هذا العدد المتنوّع من مجلّة إنسانيات ضمن تقاليدها الرّاسخة والتي تتمثّل في تشجيع الأبحاث متعدّدة التخصصات، خاصة تلك التي يقوم بها طلبة الدكتوراه الباحثون الشباب.
لجنة تحرير مجلّة إنسانيات
ترجمة فاطمة الزهراء هبري