ا إنسانيات عدد 63-64 | 2014 | الحمّام في البلدان المتوسطية | ص143-166 | النص الكامل
Popular Hammam in Tlemcen Abstract: The status of the traditional hammam in Tlemcen reflects the state of the heritage and traditions. The article proposes to analyze, from a case study, social and cultural roles informing on social practices and on their modes of operation. For the author, the hammam represents not only a cultural and identity component of local society in Tlemcen, but also an analyzer of what constitutes the social and religious imagination. Also, the text emphasizes the relationship of different generations with hygiene and its role, which is sometimes continuing, sometimes broken in a building whose status and social value of hygiene keeps changing Keywords: Hammam - social values - stereotypes - Mediterranean heritage - popular imagination - religious imagination - Tlemcen. |
El Hadi BOUAOUCHMA: Département de sociologie, université Djilali Liabes, 22000, Sidi bel Abbes, Algérie.
Centre de recherche en anthropologie sociale et culturelle, 31000, Oran, Algérie.
تقديم
سوسيولوجية العلاقة بين الإنسان و الحمّام، يمكن تفكيك على ثلاثة أوجه مختلفة، من جهة الحمام هو فضاء لعلاقة الإنسان بجسده وبمكان وزمن الحمام، و من ناحية أخرى، يحقق هذا الفضاء حاجيات الجسد من الماء، أما الوجه الثالث، فإنه يحقق علاقة انسانية و جسدية من خلال فرص لقاء و حميمية الانسان بالإنسان أو الجسد بالجسد الآخر.
هذه العلاقات تتغذى و تتأسس على اعتبار الحمام كفضاء حاضن و عاكس إلى اليوم للجزء المجسد و المتجلي من حياة و تقاليد و أعراف و قيم الكثير من المجتمعات المتوسطية، و منها بالخصوص المجتمع التلمساني.
هذا يجعل منه (الحمام) التراث و التقليد العريقين، اللذين عرفهما هذا المجتمع، فهو عالم وشبكة من الأنساق و الممارسات و التمثلات، التي تتغذى تاريخيا و سوسيولوجيا من فاعليه، إنه أكبر من أن يعد فضاء للاغتسال و طقسا للعبور من النجاسة إلى الطهارة ومن المدنس إلى المحرم، فهو العالم الآخر للذكريات و التخيّيلات، و هو الفضاء الذي تتشبك فيه العلاقات الاجتماعية، كما أنه كان ولا يزال مركز المدينة في مقابل ثنائية المسجد و السوق كفضائين ملازمين.
و منه فإن الحمام نواة للهوية الثقافية و منظومة من القيم، التي تشكل حاوية مهمة من معيش الانسان التلمساني، كما أنه الفضاء، الذي يتقاطع فيه المقدس بالدنيوي، و الاجتماعي بالثقافي، و الاقتصادي بالديني، فهو اللحظة المُثلى لتعرية الجسد و الجماعة الاجتماعية في نفس الوقت، وإعادة النظر و مراجعة مقولة الجسد انطلاقا مما يمنح هذا الفضاء من علاقة و تواصل معه.
في نفس السياق، كان الحمام ولا يزال بأبعاده و وظائفه الاجتماعية و الثقافية و الاقتصادية ذو دور ريادي في منظومة وأنساق المجتمع التلمساني و قيمه و ذاكرته، فهو فضاء للنقاش والتواصل و المراقبة و المعاقبة، كما أنه المجال السانح لإعادة إنتاج تعليمية الجنسي عبر جدلية التعري والتستر و الحياء و الوقاحة، ومن ثمة كان الحمام ضرورة سوسيولوجية وعتبة للعالم الخارجي و مسلك لفهم المجتمع التلمساني وتعرية طقوسياته الخاصة وقيمه وموروثه الخضاري، ذلك ما دفعنا إلى محاولة البحث والمقاربة الأمبريقية وفقا لرؤية اثنوغرافية وظيفية للحمّامات الشعبية بتلمسان.
-
I. وظائف الحمّام في المجتمع التلمساني
اضطلع الحمام التلمساني بعديد الوظائف، التي جعلت منه معلما مهما عاكسا لهوية و ذاكرة هذا المجتمع، حاولنا تفصيلها حسب الأهمية على الشكل التالي:
-
1. وظيفة صحية
عدّ الحمّام منذ نشأته الأولى، خصوصا منه الذي أقيم حول الينابيع المعدنية (حمّامات علاجية) من أساسيات الصحة، إذ كان ولا يزال يلجأ إليه الناس و يتجهون إليه كلّما أحسوا بالتعب، أو استعصى عليهم المرض، ففي حرارة الحمّام تنشيط لعملية التعرّق الضرورية للصحة الجيدة. وفي تلمسان الكثير من أنواع الحمّامات المشهورة بعلاج الروماتيزم و الأمراض الجلدية و حصى الكلى، من ذلك حمّام بوغرارة، شيقر، سيدي العبدلي، و بعض العيون الطبيعية كتحمّامين بأوزيدان... إضافة إلى بعض الحمّامات القريبة من المدينة كحمّام بوحنيفية بمعسكر، و بوحجر بعين تموشنت إلى غير ذلك من الحمّامات المعدنية بالجزائر عموما، غير أن أهمية الحمّام بعمومه تبقى صحية و تتفاوت أهميتها بين الحمّام العمومي العادي و الحمّام المعدني، كما يعدّ بعد النظافة كأهم مقوم صحي تنشيطي لصحة الإنسان، لذلك راعى الأطباء القدامى ببلاد الأندلس و المغرب ذلك من خلال:
-
1. 1 المقاصد الطبية للاستحمام
قدّم العديد من الأطباء والعلماء المسلمين منذ القدم - و الذين يبقى تراثهم الفكري متداولا إلى اليوم بتلمسان - وصفات و شروط و ضوابط في ولوج الحمّامات، من ذلك عبد الرحمان بن نصر الشيزري[1] وابن خلصون وابن الخطيب[2]، الذين خلصوا إلى القول على لسان الباحث المغربي بنحمادة سعيد: "ألا يدخل المرء الحمّام في يوم شديد الحر، فإنه ييبس البدن، و لا في يوم شديد البرد و الريح، فإنه لا يأمن من النزلات عند الخروج منه، و لا يدخله عند امتلاء المعدة، فإنه يولد السدود و الحمى العفونية، و لا على جوع فإنه يُيَبِّسُ البدن و يُشعِلُ حرارته و يُولَّد حُمَّى يوم، و لا بأثر جماع، [...]، و لا سهر و لا تعب [...]، و ليكن في دخول الحمّام على خلاء المعدة، و وفرة القوة، و نشاط النفس، و اعتدال الفصل، و اعتدال النهار و ضحوته"[3]، كما حدّد ابن سينا أحسن الحمّامات صحية في كتابه القانون بقوله "خير الحمّام ما قدم بناؤه و اتسع فضاؤه و عذب ماؤه"[4].
-
1. 2 كيفية الاستحمام
بالمقابل المقاصد العلاجية و الطبية للاستحمّام، وصف الأطباء العرب و المسلمين، و منهم أهل تلمسان الكيفيات المثالية والأنسب لعملية الاستحمام من خلال تحديدهم و تنظيمهم له و ذلك بالانتقال التدريجي بين بيوت الحمّام الثلاث و تجنب الإطالة به، فوضعوا تنظيما محكما و رشيدا غير مهلك وجب لكل داخل الحمّام الالتزام به تجنبا للهلك والمرض، فكان هذا جزء من قواعد وعادات و تقاليد المجتمع الإسلامي - ومنه التلمساني بالخصوص- في الاستحمام و ولوج الحمّامات، و التي ترسّخت في أعرافه، فكانت تعبيرا عن حجم المعرفة المائية التي تعارف عليها الأطباء الأسلاف، و الذين أعطوا من خلالها بناء نظريا للممارسة الواقعية لتدبير البدن[5].
-
2. وظيفة جسدية و سيكولوجية
إن علاقة الإنسان بجسده قديمة قدم البشرية غير أن تطوّرات الإنسانية و تشعّب معارفها و عاداتها و أعرافها و دياناتها و مقدساتها جعل أساس العلاقة في مقام أول ترتبط به كمفهوم ثقافي اجتماعي يختلف من بيئة إلى أخرى و من عصر لآخر. فالجسد هو الصورة المحددة و المعبرة في مقام أول لهوية الإنسان، كما أنه المكان الصغير الذي يربط الإنسان بالمكان الكبير للكون، فالإنسان يعبر عن علاقته مع العالم عبر جسده، و بالمقابل فإن الحمّام عُدّ الفضاء الأهم في علاقة الإنسان بجسده من خلال تفاعله معه، و ما نتج عنها لحالات من الشعور.
و منه فإذا اعتبرنا الوجود الانساني في الزمن التاريخي هو وجود جسدي في الأساس، فإنّ الحمّام اعتبر مكان لتفاعلات هذا الجسد مع روحه و عقله، و مع الجسد الاجتماعي المحيط به. و إنّ نخصّ به مرتدي الحمام في المقام الأول، إذ إن العلاقات التي توفرها عمليات الاستحمام، من خلال ممارسات الجسد و طقوسه أثناء ذلك، تجعل منه اجتماعيا أكثر و في حاجة للآخر، خصوصا ما تعلق بتنظيفه الجسد و ما يتطلبه من استرخاء و راحة، هذه الأخيرة، التي تعد شعورا نفسيا و جسديا يجنيه المستحم بعد عملية الاستحمام، التي عرف من خلالها الإنسان منافع متعددة لعلاج مشاكله الصحية و المعنوية و الجسدية، بفضل عنصري الحرارة و الماء. فاستسلم لذلك و صنع لنفسه في علاقته بالحمّام طقوسا غالبا ما كانت تظهر من خلال صور التردد المنتظم عليه و استسلامه لمن يُدَلِّكُ له جسده و ينظفه من قشوره الميتة، إلى أن يترك جسمه نظيفا لماعا يشعره بالراحة من متعة الاغتسال[6] التي جعلت من الحمّام فضاء يجمع بين ملء الفراغ ومتعة الاستحمام[7]، أو كما يقول الحميري: "[...] يرطب الأبدان، و ينميها و يزيد في حرّها الغريزي و يفرح النفس و يذهب الحزن"[8]، و من جهة أخرى عدّ فضاءًا للبحث عن الجمال و الزينة، ينعكس البحث عن ذلك من طرف المرأة التلمسانية، في استعملها العديد المستلزمات أثناء عملية الاستحمام و بعدها، و التي لا تزال تحافظ على الجزء المهم منها إلى اليوم.
في الأخير، الحمام بقدر ما هو فضاء "للتطهر الفيزيولوجي، فإنه أيضا يحيل إلى نوع من التطهر السيكولوجي بما يمنحه من إمكانية للاسترخاء والتفرغ للجسد والعناية به"[9] كما تقول الباحثة المغربية خلود السباعي، فهو مبني لخدمة و تحقيق متعة الجسد و مكان للالتذاذ، و في نفس الوقت تحقيق تناغم نفسي للذات، و من ثمة يوفر الحمام فرصتين الأولى تخص الاغتسال الجسدي أما الثانية فتوفر الاغتسال العقلي[10].
3.وظيفة اجتماعية و استراتيجية
من الناحية الاجتماعية عُدَّ الحمام عند أهل تلمسان ميدانا لإنتاج الاجتماعي، كما أعتبر واحد من أهم فضاءات تشبيك العلاقات و توطيد التضامنات الاجتماعية بين ساكنة هذه المدينة و زوارها، فكان ملتقى اجتماعي بامتياز، و مصدرا للنشاط و السرور و الفرجة من جهة، و مسرحا للأفراح العائلية من جهة أخرى[11]. برغم بعض المنافسة، التي يلقاها من مؤسسات أخرى، غير أن دوره يبقى مستمرا، ومعه تبقى طقوس و عادات المجتمع التلمساني مرتبطة في تمثلاتها و مخيالها الاجتماعي بالحمّام و منافعه، الذي يجعل منه إلى اليوم فضاء للقاء و التعارف و نسج علاقات جديدة و حتى التجسس، و تبادل الأخبار سواء بين الرجال أو النساء فيما بينهن. نظرا للزمن الذي تقضيه النسوة في الحمّام -حتى عدّ الحمّام فضاء نسوي خالص[12]- و اعتبر الذهاب إليه من الاستراتيجيات الأنثوية في صناعة جسد يغري و يحافظ على البيت الزوجية، أو في كسب زوج و التأسيس لمشروع زواج.
من ناحية أخرى يمكن قراءة تأويلية لعلاقة المرأة بالحمام من زاوية اعتبار و لوجها الطويل له كأحد قواعد اللعب الأنثوية ضد التسلط الذكوري في شغل الفضاء العام و الانفتاح على المجال الخارجي[13] عن فضاء المنزل خصوصا في المجتمعات الأبوية- الريفية، و يشكل بذلك الخروج إلى الحمّام عند الكثير منهن فضاء موفرا لعنصر التحرر من السيطرة الذكورية للأب و الأخ، حيث يستغل زمن الحمام لقضاء المرأة لمشاغل أخرى كأن تستغل الفرصة للذهاب إلى السوق أو زيارة صديقة...الخ، و من ثمة "الحمام عند النساء هو أكثر من مجرد مكان للتطهر، بل هو خاصة المخرج، و كذلك المجال للتسلية و المراوحة، إنه بمثابة المشهد المسرحي"[14].
من جهة أخرى فإن الحمّام شكّل أيضا استراتيجية ذكورية في صناعة الجسد، و في اكتساب معارف جنسانية...الخ، كما أنه لا يزال أحد الفضاءات الأكثر تأثير في التحولات البنيوية و القيمية لمجتمعاتنا، مثلما هو بدوره أصبح مجال للتحول في ذاته نتيجة للظروف و التغيرات المحيطة به.
لكن ما يمكن استنتاجه من الميدان اليوم هو أن دور الحمّام كفاعل اجتماعي عرف بعض التراجع أما اتساع و تعدد المؤسسات، التي أصبحت تزاحم أدواره (الحمّام)، و لم يعد اليوم الملجأ المهم في الحياة الاجتماعية كما كان عليه في القديم. رغم ذلك فإن عودته الآني و حضوره اليوم أصبح أكثر انسجاما مع العصر الحديث، من خلال توسّع حجم مرافقه و لواحقه مع تطعيمها بمنشآت عصرية كالمرشات و الجاكوزي و الصونا...الخ، كما لم يعد المسجد و السوق الفضاءات الوحيدة، التي تستهوي وجوده، بل أصبحت مرافق جديدة اليوم كالملاعب مثلا تتوفر بدورها على الحمّامات.
في سياق ذي صلة، كان و لا يزال الحمّام بتلمسان فضاءا للمساواة و امحاء الطبقية و انعدام للفوارق الاجتماعية و التمايزات، و لولا الملابس و الحلّي، التي يمكن أن تميز زبونا عن آخر و تجلب الانتباه لانتمائه الطبقي، لبقيّ الحمام الفضاء، الذي تمارس فيها المساواة بامتياز.
رغم ذلك يبقى الحمام فضاء لتجلي مظاهر المساواة الاجتماعية بفعل تخلص المستحمين من الألبسة، التي يتفاضل بها الناس، لذا كان هذا الفضاء يحيل دائما و رمزيا بالأخص على الآخرة و يوم الحشر[15].
-
4. وظيفة ثقافية و حضارية
مثّل الحمّام الفضاء المهمّ في التاريخ الثقافي و العمراني بهذا المجتمع المحلي، إذ أنّ محتواه الطقسي و عاداته، عادة ما كانت المرآة الثقافية العاكسة لتراثه و موروثه الحضاري، فالكثير من عاداته و تقاليده و مستلزماته في الاستحمام لا تزال مستمرة اليوم، و تعكس جزءا مهما من هويّته و تجذره في التاريخ و الحضارة، كما يعكس امتزاجات المنطقة تاريخيا و ثقافيا بين الجنس البربري و المسيحي و العربي و التركي و الأندلسي و اليهودي، مع كل ما خلقه هذا الغنى الثقافي من تميّز للحضارة الزيّانية و أهل تلمسان عموما بتقاليد حاضرة اليوم و مؤرّخة لعلاقة هؤلاء بالحمّام ماضيا و حاضرا، و من ذلك طقوس الزواج مثلا.
إِذْ كان للحمّام، و ما يزال، حضور قوي في هذه العادات و التقاليد بالمجتمع التلمساني، فكان دوره على سبيل المثال، حاضرا بقوة في عادات الزيانيين في الزواج، خصوصا عندما كان الأمر يتعلق بالبحث عن خطيبة، ففيه كانت تتمّ عملية معاينة العروس و مراقبة حركاتها و جسدها و هي عارية تماما للتأكد من خلو جسمها من العيوب. يقول محمد كرد علي في ذلك: " [...] و متى أصبح الأمر تقريباً واقعاً، يذهبن (الخاطبات) إلى الحمّام معاً و يرين جسمها عارية و شعرها و يشمّمن آذانها (كذا) و فمها و تحت إبطها و رائحة عرقها و ثيابها، و ينقلن ذلك إلى الخاطب و عميد الأسرة مع وصف شكلها و جمال وجهها و طولها و غير ذلك[16]"، و بالمقابل كانت الفتيات تحاولن لفت الأنظار بإظهار رشاقتهن و جمالهن و أنوثتهن.
في سياق ذلك، و بقدر ما كان الحمّام فضاءا تزويجيا، فإنه أيضا كان و لا يزال فضاء للاحتفال و الفرجة، فأثناء الزفاف مثلا، كان أهل تلمسان و لا يزالون يحتفلون بدخول العروس الحمّام "يوم الحناء" كما تسمى محليا مع جمع غفير من صديقاتها و قريباتها، و الأمر نفسه بالنسبة للعريس، الذي يمثل الحمّام له "طقس عبور" سواء في اختيار الزوجة أو لليلة الدخول على عروسه. الأمر نفسه من الاحتفال و الاستحمام كان يصاحب ذهاب المرأة النفساء بعد مرور أربعين يوما عن الولادة إلى الحمّام، أين يُحتفل بها أيضا، و تبقى الكثير من هذه الطقوس تحافظ على نمطيتها و يعاد انتاجها إلى اليوم، كما أنّ الحمّام كان دوما فضاء للسحر و الشعر و النثر[17].
تمدينيا، فقد كان الحمام بتلمسان الرومانية و الزيانية و المرابطية و الموحدية و الزيانية ذا دور هام ساهم في تطوير نسيج و تحضّر المدينة و تمدين مجالها و باقي أمصارها، كما بيّن من جهة أخرى تفاضل تلمسان و تطور عمرانها المائي، لأنها (أي الحمّامات) كما يستأثر عن ابن خلدون "إنما توجد في الأمصار المستحضرة المستبحرة العمران، لما يدعو إليه الترف و الغنى من التنعم، و لذلك لا تكون في المدن المتوسطة"[18]، هذا من جهة، ومن جهة أخرى كان الحمّام فضاء للقاء الحضر بالبدو كما يقول عمر كارلي Carlier Omar[19] و من خلالهم أوساط اجتماعية ذات قيم متعددة.
و لعل ذاك ما تساهم به حمّامات تلمسان اليوم خصوصا منها المعدنية، إذ رغم الترييف، الذي أصاب المدينة نتيجة الحراك الاجتماعي و هجرات بعد الاستقلال، فإنها ساهمت إلى حدود كبيرة في تمدين مجال كبير من تلمسان الحالية، و توسّعت شبكة حمّاماتها لتشمل العديد من القرى بعد 1980م خصوصا، كما جلبت فوائد حمّاماتها الصحية عددا كبيرا من السياح للتداوي والنزهة، فتحولت معها حمّامات كحمّام بوغرارة و الشيقر و سيدي العبدلي إلى فضاءات استشفائية و سياحية. ساهم تردد المرضى عليها في تمدينها - بمفهوم المدينة الحالية بتناقضاتها السوسيو ديمغرافية و العمرانية، إذ أن الإقامة فيها تتطلب إنشاء مرافق عمرانية تستجيب لطول فترات العلاج.
-
5. وظيفة دينية
كان الحمّام في المجتمع التلمساني المسلم موازيا دوما في لدور المسجد "و الغرفة الخلفية منه"[20]، فمتطلبات أداء الصلوات و الفرائض الدينية و ما يتوجبه من نظافة و غسل أديّا إلى تحوّل في دوره خصوصا بعد ظهور الإسلام، مما جعله مؤسسة لا غنى للمسلم عنها في طهارته[21]، و هوما يعكس ارتباط الإنسان المشرقي و المغربي بالحمّام عن بقية الأمم، إذ عرفه منذ القدم و جعله معبدا له في الاغتسال و التطهر، و من ثمة كان موقعه غالبا بالقرب من المساجد[22] و مدخلا له.
الإسلام كدين ربط كثيرًا من تكاليف العبادة بالماء، وجعل من الطهارة شرطًا لأدائها، و غالبا ما كانت عملية الاستحمام سواء في الحمّام الفردي المنزلي أو الحمّام العمومي مقصدا لنظافة الإنسان المسلم على الرغم من الخلافات الفقهية حول دوره، و ضوابطه...الخ، و اعتباره بؤرة للاختلاط و مكانا هابطا للعري الفاضح بين زبائنه.
في سياق مرتبط، مثّلت العديد من الحمّامات بتلمسان الزيانية و بعدها مصدرا للدخل أو ما يصطلح عليه بالوقف دينيا، إذ أنشأت الحمّامات بجواري المساجد و المدارس و الزوايا و كانت وقفا لعديد المؤسسات سواء منها الدينية أو الثقافية أو الجهادية أو الخيرية في التسيير و العمل. و من الأمثلة على ذلك حمّام الطّبول بتلمسان الزيانية، الذي ورد اسمه في وثيقة الأوقاف، التي أصدرها أبو حمو موسى الثاني و الخاصة بالمدرسة اليعقوبية، و كذلك حمّام العالية و الحمّام القديم، اللّذين حبسهما السلطان أبو الحسن بن أبي سعيد وقفا لمدرسة و جامع بناهما[23]، و كانت أغلب الحمّامات بتلمسان موقوفة على المساجد و المدارس و الزوايا[24].
-
6. وظيفة اقتصادية و خدماتية
شكّلت الحمّامات بتلمسان وسيلة من الوسائل المادية الأساسية، التي اعتمدها صانعو الحمّامات منذ أول صناعة لها، كما ساهمت في الحياة بعمومها سواء منها الدينية أو السياسية و الاجتماعية، من خلال مداخيلها الاقتصادية، التي سخرت في تاريخ الدول بتلمسان كوقف، إضافة إلى العديد من المشكلات و الصفقات وقعت و أبرمت بداخلها، و من ثمة كان و لا يزال الحمّام فضاءا للعديد من الأنشطة التجارية[25] فالكثير من حمامات تلمسان، يضم فضاءاها البراني، مكانا للعديد من المنتوجات من قبيل المشروبات الغازية والماء، ومختلف مستلزمات الاستحمام من صابون و العطور و الكاسات و المحكاك، عوضت هذه المواد وظيفيا الدلوك والسدر و هو ورق شجر النبق و نبات الليف، الذي كان يستخدم قديما في عملية الغسل و حكّ الجسم[26]، إضافة إلى الخطمي أو الغاسول، الذي كان يستعمل إلى زمن قريب...الخ، كما أن و لوج الحمّام لم يكن أبدا حكراً على أبناء المنطقة التي يوجد بها، بل كان يرتاده أيضاً الغرباء وعابرو السبيل، وهي عادات لا تزال قائمة اليوم، على الرغم من أنّ الحمّام بتلمسان تحوّل إلى ملكية عائلية وخاصة و لم يعد وقفا.
مع بداية القرن الثامن عشر تحولت الحمامات بالمغرب و الجزائر و تلمسان إلى فنادق تؤدي خدماتها ليلا، خصوصا مع اشتداد الحركة التجارية، باعتبار أن الحمّام كان دوما ملازما للمسجد و السوق[27]،ولا يزال إلى اليوم فعله بتلمسان. كما وفّرت هذه المنشأة فرص شغل متعددة و متنوعة تراوحت بين الخدمة و التجارة، فقد شكّلت فضاء لتقديم خدمات متنوعة ومتكاملة لولاها لما أمكن ضمان استمرار نشاط هذا المرفق العمومي، فهنالك الحمّامي، و الناطور أو الوقاف، و المزيّن أو البلان و حتى الحجّام أحيانا[28]، و المدلّك (الكياس)، و الوقّاد، و أخيراً الزبّال.
*الحمّامي: مهمته إدارة أمور الحمّام و تدبيرها. فهو المسؤول الأول (المْعَلَّمْ)، الذي يقوم باستقبال الزبناء و استخلاص ريع الاستحمام والسهر على التسيير العام[29].
*الناطور أو الوقاف: كان يسهر على حفظ أثواب الناس[30]، و على استبدال المآزر النظيفة بالمآزر المستعملة، و أدوات الاستحمام الأخرى، كما كان، أحياناً، مكلفاً بنظافة الغرف[31].
*المدلّك أو الحكّاك و الكيّاس بلغة أهل تلمسان: كان يدلّك بيده أجسام المستحمين، أما اليوم فإنه يعمل بواسطة ما يسمى بـ"الكاسة".
*المزيّن أو البلان: كان مكلفاً بالحلاقة خصوصا، كما أنه ببعض الحمّامات كان يوجد حجّامون يقومون بوظيفة التطبيب التقليدي (الحجامة).
خدمات أخرى تتعلق بتدبير عمل الحمّام من الخارج خصوصا، كانت تحتاج إلى قيميين يشرفون عليها نذكر من هؤلاء:
*الوقّاد: و كان مكلفاً بإيقاد النار و تسخين الحمّام، و قد أصبح غير موجود حاليا، نظرا لعامل التكنولوجيا و استبدال الحطب و الفحم بالغاز.
*الزبّال: ومهمته جلب روث الجمال و الحمير و البقر و الحطب و الأخشاب و ما إلى ذلك، إلى الحمّام على ظهر الحمير[32]، و كان مكلفاً أيضاً بتطعيم الفرن أو الموقد بالوقود الطبيعي كلما تطلب الأمر ذلك[33]، غير أن ذلك لم يعد اليوم موجودا نظرا لعوامل التكنولوجيا، حيث بدأت الحمامات تكتفي في تسييرها وتدبيرها على عاملين أو ثلاثة منهم الحمامي (المعلم)، الذي يتكفل بقبض ثمن الاستحمام و بيع مختلف الحاجيات، يضاف له الكياس تقابله الطيابة عند النساء.
-
7. وظيفة سياسية
مثّل الحمّام في العهد الروماني بتلمسان إلى جانب اعتباره كفضاء للراحة و الترفيه و الاستمتاع، مكانا للقاء و الاجتماع بين كِبار الساسة في قلب القاعة الساخنة لمناقشة المسائل المالية والسياسية[34]. بينما عرف في عهد الدول الاسلامية العديد من "الاغتيالات كما حبكت به العديد من المؤامرات ودسّ الدسائس، كما كان ويبقى بؤرة للاستخبارات و وكالة أخبار تستقي أحوال المجتمع المدني و السياسي"[35].
في سياق متصل، يبقى الحمام اليوم إلى جانب بعض أدواره السالفة الذكر، ذي أهمية لا تقل عما سبق، إذ الكثير من الأحزاب و التنظيمات خصوصا بمجتمع تلمسان تستغل الحمّام لنشر أفكارها و إيديولوجياتها، خصوصا أثناء الحملات الانتخابية بين جميع شرائح المجتمع و بالأخص الفئة النسوية، التي توظف للدعاية لزوج أو لأحد معارفها. و تحظى ما يعرف بالطيّابة بالأهمية نظرا لدورها و علاقاتها المتعددة بزبوناتها.
رغم كل ذلك ممّا اضطلع به الحمام من أدورا و وظائف، فإن فترة منتصف التسعينات، و بخاصة مع اشتداد الأزمة الأمنية، عرف كسادا رهيبا ميزه عزوف النسوة عنه خصوصا، بسبب الخوف من الأعمال الإرهابية، كما أدلج الحمّام وأصبح نافذة سياسية - اجتماعية لممارسة الرقابة على المجتمع وعلى الفضاء العام.
-
II. بنية الحمّام التلمساني
في هذا الجزء الثاني من البحث سنقف أساسا على الوصف لبنية الحمام التلمساني سواء منها المتعلقة باعتباره كفضاء فيزيقي ورمزي من حيث أقسامه وآليات اشتغاله سواء منها التقليدية أو الحديثة، أو تلك المتعلقة ببنيته الزمنية والطقوسية، وسننتهي إلى تجليات ذلك على مستوى طقوس الاستحمام خصوصا.
-
1. مورفولوجية الحمّام و فضاءاته
الحمام كبنية متجانسة تعكس وظائف الحمام و ممارساته المتنوعة و ذلك لطبيعة تنوع الفضاء الذي يحويه، إذ كانت الغرف ترتب وفق نظام خاص، السقيفة في المقدمة يعادل جوها الأسطوري و الوظيفي غرفة ارتداء الثياب في الحمامات اليونانية و الرومانية القديمة، تليها حجرة الأمانات، حيث يخلع الرواد ملابسهم و يرتدون مآزر الاستحمام، و منه يكون المرور عبر البيت البارد إلى القاعة الوسطى، و هي مركزية واسعة بها ماء فاتر و تستخدم للتوطئة بين البيتين البارد و الساخن. أما البيت الأخير فهو أكثر فضاءات الحمام سخونة ما يجعل المرء يتصبب عرقا، و تقع خارجه غرفة صغيرة للاستعمال الشخصي و للوضوء، و بذلك يحتوي كل من الحمامين الروماني و الإسلامي على استعدادات فذة للاغتسال من حمامات البخار و أخرى باردة و ساخنة، إلى جانب برك السباحة و المرشات الباردة والساخنة [36].
و بالمجمل يمكن الوقوف في الحمام التلمساني الشعبي على ثلاث فضاءات أساسية، الفضاء الأول منها يتعلق بما يمكن أن نسميه بالفضاء البراني (Frigidarium) باعتباره الأقرب للفضاء الخارجي من جهة، و من درجة الحرارة من جهة أخرى، و يعتبر أساسيا في بنية الحمام، لأن به مجموعة من الممارسات، التي تتعلق بالوجاهة الاجتماعية من خلال تغيير الملابس و التفاخر و المزايدات .
و الفضاء الثاني هو الوسطاني[37] (Tepidarium)، و هو متدرج بالنسبة لحرارته مقارنة مع البراني، و هو تحضير للفضاء، الذي يليه من حيث درجة الحرارة، كما أنه المكان الأنسب لأخد قسط من الراحة دون الإضرار بالجسد ودون الاحساس بالبرد و السخونة، كما يعد المكان الأنسب لتبادل أطراف الحديث.
أما الفضاء الثالث فيتعلق بالفضاء الجواني (Caldarium) و هو الأكثر حرارة و المكان الأفضل للتعرق و التمدد و التكياس[38] كما يحلو لأهل تلمسان تسميته، و يتم التدرج بين هذه الفضاءات الثلاثة و لكل فضاء ممارساته الخاصة به .
ينتهي الاستحمام، إلى العودة عبر البيوت الثلاثة إلى غرفة استبدال الثياب بعد لباس مئزر الخروج (فوطة كبيرة تغطي الجسم من السرة إلى الركبتين، وأخرى تستعمل لتنشيف بقية الأعضاء وتغطية الرأس تفاديا عن الاصابة من نزلة برد) حيث يأخذ الزبون قسطا من الراحة على المقاعد الوثيرة، التي تتباين أغطيتها وتتعدد، و بعد ذلك يقدم ثمن الاستحمام ومستلزماته، و الذي يمكن أن يكون مسبقا مع زمن الدخول، و يهم بالمغادرة إلى بيته.
-
2. آليات اشتغال الحمام التلمساني التقليدي
تتوزع بنيتي اشتغال الحمام و ممارسة طقوس الاستحمام بمجتمع تلمسان على قسمين، الأول متعلق بالأدوات، التي اشتغل ويشتغل بها فضاء الحمام سواء في صورته التقليدية أو الحديثة، أما القسم الثاني فيه فيتعلق بالأدوات الأساسية، التي تدخل في عملية الاستحمام في حد ذاته، و تشكل أحد طقوسه.
- 1.2.أدوات اشتغال الحمام
إن الحمام كثقافة و مؤسسة تقليدية و مركز أساسي في مدينة تلمسان توارثته الأجيال عن بعضها، ما خلف معه مجموعة من الممارسات المرتبطة به في صورته التقليدية، و كان ذلك آلية أساسية أسهمت في اشتغاله بطريقة جعلته يستمر تاريخيا، و يبقى مطلبا اجتماعيا و ثقافيا، و ذلك لطبيعة سحره الأخاذ، نتيجة تقليديته المستمدة من طبيعة هندسيه و سمك جدرانه و منافذ دخول الهواء إليه و خروجه منه، بحيث جعلته يحتفظ بدرجة حرارة متوازنة داخل فضاءات الثلاث السابقة الذكر، و كان من عناصر جودة الحمام التلمساني اشتغاله إلى أزمنة قريبة على الحطب و المخلفات القابلة للاشتعال و خصوصا ما يسمى محليا "بالفيتور"[39]، من أجل تسخين الماء و توزيعه تحت مسارب موزعة بطرق منظمة تحت أرضية الحمام، حيث يصهر عامل (قَيِّمْ) يراقب فرن الحطب، و ينظم دراجة حرارته بشكل تقليدي، ذلك أعطى للحمامات "لذاذة وطيبة" كما قال ياقوت الحموي[40].
في ذات السياق، ورغم انتشار حمامات جديدة عصرية مبنية في اشتغالها على الأدوات الكهربائية السهلة التسيير إلا أن الحمام التقليدي، الذي يعمل بالحطب كان و لا يزال أكثر اهتماما من طرف الفاعلين، حيث يَحِنُّ العديد من المبحوثين لتلك الحمامات، التي كانت منتشرة بمحيط تلمسان القديمة، و التي كانت أرضيتها موضوعة من حجر طبيعى يستمد حرارته من مسارب المياه، التي تجري تحته، عكس الحمامات المعاصرة اليوم بتلمسان، التي يغلب على أرضيتها بلاطات رخامية والزليج ولا تجري تحتها مياه ساخنة، و إن كان الأمر لا ينطبق على جميع الحمامات، حيث لاحظنا في الميدان محافظة بعض الخواص في بناء حماماتهم على النمط القديم و المتعلق أساسا بوضع أرضيات من الحجر الطبيعي المرصوص بالبيت الساخن.
- 2. 2 الأدوات التقليدية الأساسية في فعل الاستحمام
فعل الاستحمام في السياق التلمساني يقتضي حضور مجموعة من المستلزمات، التي يراها أهل تلمسان أساسية في عملية الاستحمام، و ذلك يوحي بأهمية الحمام في الحياة المعيشية للأفراد، حيث وجد بالمدينة دور لصناعة الصابون المعطر، و العطور و الاهتمام بالغاسول و السواك و الحناء، و ذلك كله مرتبط بثقافة الاستحمام و طقوس التطهير، التي تقتضيها التعاليم الإسلامية من جهة و تمثلاث الجسد من طرف الفاعلين لقيم النظافة و الصحة العمومية من جهة أخرى. و يصح قول عبد الوهاب بوحديبة أن الحمام هو" مقدمة و خاتمة لأعمال البدن أو بتعبير آخر وضع نهاية لأعمال البدن"[41].
إن الدخول إلى الحمام – كما سلف الذكر- يقتضي وجوب ارتداء الفوطة للدخول و فوطة للخروج، الأولى تتعلق بستر العورة في عملية الاستحمام لكن سرعان ما يستغنى عنها داخل الحمام و الثانية من أجل تجفيف الشعر و البدن من مياه الاستحمام، و تعتبر هذه الفوطات جزء من زينة المرأة حيث تستعمل الفوطات المغرية والجذابة و المطروزة بخيط لامع، كما تُخَصُّ العروس بفوطة خاصة، حتى يتم التعرف عليها داخل الحمام و السؤال عنها و عن عائلتها، ليتم دمجها ضمن المجتمع و ربط الصلة بها، كما تدخل التلمسانيات إلى وقت قريب بالقبقاب الخشبي، الذي كان منتشرا إلى زمن قريب بالحمام التلمساني، و الذي يحمي المستحم من التزحلق داخل الحمام بسبب المواد المنظفة، و بعد الدخول تجد مجموعة من الدلاء الخشبية و الطاسات للاغتسال، و تستعمل "الكياسة" للفرك و إزالة الأوساخ، و تصنع في الغالب من مواد محلية و نباتات، كما تستعمل المرأة الغسول لتحفظه من التقصف و تكسبه قوة و حيوية و تلينه، و غسله مرة ثانية بورق الزيتون و غيرها، كما تختلف المواد المستعملة حسب الفئات الاجتماعية.
مقارنة، يختلف الأمر اليوم، حيث العديد من المواد المصنعة، لم تعد تحمل معالمها الطبيعية، التي كانت عليها قديما، حيث مواد كثيرة مصنعة اليوم، يحملها الرجل و المرأة التلمسانية إلى الحمام، و رغم ذلك حافظت بعضها على عتاقتها ونمطيتها من قبيل البشكير و الكاسة و الطفل و السطل...الخ، أما من النواحي الفيزيقية، فعوض ما يسمى بالجابيات[42]، الدلاء الخشبية و البلاستكية القديمة التي كانت تستعمل، كما أصبحت تتوفر البيوتات الساخنة بالحمامات على حنفيات مزدوجة الماء (البارد والساخن) لكل فرد، و بالتالي لم يعد مرتدي الحمام مطالبين بمشقة جلب الماء من الحوض الاسمنتي.
-
3. زمن الحمام و طقس الاستحمام
زمن الاستحمام هو زمن الترفيه و المتعة و التواصل مع العالم الخارجي، خصوصا عند النساء، حيث تقضي النسوة معظم يومها داخله، مقسمتا له بحسب تقسيمات الفضاء، حيث يأخذ فضاء البراني وقتا للتحضير للحمام و نزع الملابس أو ارتداءها و الدردشات الجانبية و اللقاءات الحميمية لقاءا و فراقا. حيث يعتبر زمن الحمام الفرصة النموذجية لعقد اللقاءات الاجتماعية.
كما يأخذ زمن المخصص للفضاء الجواني الحصة الأكبر، حيث يتقاطع فيه الاستحمام بمتعة البخار وحرارة اللقاء، و التدليك و الغسل و التجميل كطقس الحناء و الغاسول و معالجة القدمين و إزالة الشعر من مختلف أجزاء الجسم و تبيض الأسنان و الاعتناء بالبشرة.
أما الزمن الخاص بالفضاء الوسطاني فهو في غاية الأهمية من الناحية الأنثروبولوجية، حيث يتقاطع فيه المقدس مع الأرضي، إنه فضاء أخذ قسط من الراحة زمنيا و مكانيا، و تفتح فيه المواضيع المحرمة و المغلقة التي تتلعق بالجنس و الجسد و العلاقات الحميمة و الزواج و الطلاق و مراقبة الأجساد.
إن زمن الحمام هو الآخر مرتبط بالذكورة و الأنوثة حيث تقسيم الوقت بما يتناسب ونشاط كل جنس، يقول عمر كارلي Omar Carlier: "أن ولوج الحمّام كان دوما مضبوطا بزمن مقسّم حسب الجنس الأنثوي و الذكوري، فعادة ما يكون زمن الرجال في الصباح، أو قبل صلاة الفجر، أو في المساء، أو قبل العمل، أما النساء فتلجن الحمّام قبل منتصف النهار (قبل وقت الغذاء) و عادة ما يكون استحمامهنّ بصحبة أطفالهن"24 ، دون سن البلوغ، و لكن بعد هذا السن يصبح الطفل غير مقبولا استحمامه وسط النسوة، و هنا تبادر الطيابة أو الحمامية إلى لفت انتباه الأم بقولها: "لقد كبر ابنك فلا تصطحبيه معك"[43].
إن البعد الديني و تحذير الفقهاء من الاختلاط و مراقبة المجتمع لبعضه، ترك مجموعة تقاليد محلية ضابطة للحمام التلمساني، حيث يعرف أن النهار للنساء و المساء للرجال و الوقت الفاصل بينهما يستعمل مجموعة من الرموز المحلية مثل تعليق الفوطة عند مدخل الحمام لمعرفة أن وقت النساء لم ينتهي، أو تكون الطيابة هي المُبلغة لانتهاء وقت الحمام بالنسبة للنساء و بدايته للرجال.
إن زمن الحمام هو زمن تطويع الفرد للجسد و المجتمع للجنسي و القدسي و تفريغ لشحناته، ومكان لتقاطع اللذات و الحاجيات و فضاء استراتيجي و ضروري للمجتمع المحلي لتدبير شؤونه الخاصة.
-
4. تجليات طقس الاستحمام
الحمام تقليد في المجتمع التلمساني يُعاد إعادة إنتاج منظومة قيمه و معاييره الاجتماعية باستمرار، خصوصا من خلال التكريس الزمني لثقافة الاستحمام، المحددة عند الانسان التلمساني وفقا لرزنانة قد تكون يومية في أحيان أو أسبوعية في أغلب الوقت وحسب الضرورة، هذا جعل من الحمام ظاهرة اجتماعية لافتة، يمكن من خلالها فهم سلوكات و ممارسات ساكنة تلمسان و علاقاتهم بالحمام و الاستحمام و طقوسه، فقد دأب هؤلاء على تنظيم رزنامة حياتهم الجنسية و الاجتماعية مثل الزواج، الوضع و الخطبة و غيرها مع ما يتناسب و زمن الحمام و فضاءه .
و الاستحمام كظاهرة سوسيولوجية و أنثروبولوجية يمكن تقسيمها على ثلاث متواليات أساسية :
- 1.4. ما قبل الاستحمام
و يتعلق الأمر بتقديم الجسد و الواجهة الاجتماعية و الخطاب عبر الألبسة و الأقمشة و طرق التزين و كمية المجوهرات و نوعيتها، التي تأتي بها النسوة إلى الحمام على خلاف عن الرجل من أجل التباهي و توضع عند صاحبة الحمام، و التي تقوم بدورها بتمرير الخطاب المراد توصيله سواء قصدا أو بغير قصد و تصبح بعض النسوة محل نقاش و جدل داخل الحمام و خارجه، و بعد أن يستوفي المستحم/ المستحمة كل شروط تقديم الذات، ينتقل أو تنتقل إلى الفضاءات الأخرى .
- 2.4. لحظة الاستحمام
يدخل المستحم الفضاء الجواني الكثيف بالبخار فيختار و يُحَضّر المكان، الذي يناسبه و المبنى على الجوار داخل الحمام و استراتيجية و وضعية المراقبة، فيختار الرجل الكياس، الذي يقوم بتدليكه و هو الأمر نفسه مع المرأة، و بداية يُغسل مكان الاستحمام و يحرص الجنسين على ذلك بنفسهما، لوجود اعتقاد شعبي راسخ يخص المرأة، التي لا تغسل مكان جلوسها أنها معرضة للحمل عبر التقاطها لمني رجل خصوصا أن حمام الرجال هو نفسه حمام النساء، حيث يتم التداول عليه على حسب توقيت كل فئة. و هذا ما سماه بوحديبة بـ " جنون الحمام"[44]، و بعد ذلك يتم ملأ الجابيات بالماء بعدما يتم تعديل درجة حرارته بحسب كل فرد و الغرض من استحمامه، ليكون الماء ساخنا أو فاترا أو باردا.
و بعد عملية التعرق تقوم الطيابة أو الكياس بحك جسم المستحم/ المستحمة، و هنا تختلف الممارسات الرجالية عن الممارسات النسائية لعملية الاستحمام و خصوصا حركات التكياس، و التي تقوم على القوة البدنية للمكيس و المتكيس عكس المرأة، التي يتم فقط تدليكها بلطف، و بعده تقوم بغسل شعرها و ترطيبه و تليينه وربما تغيير لونه، و بعدها تحضر نفسها للخروج من الحمام سواء بطلب المآزر من الطيابة للخروج منه، أو قد تأتي بها هي سلفا.
- 3.4. ما بعد الاستحمام
بعد خروج المستحم سواء منه الرجل أو المرأة من الحمام يقومون بتجفيف أجسادهم من الماء و الاسترخاء و تناول بعض الفواكه و خصوصا الحمضيات في فصل الشتاء، و كذا بعض المشروبات الباردة، بعدها ينخرطون في سوق الحمام الصغير، الذي تباع فيه بعض الألبسة و أدوات التزيين. تتبع هذه المرحلة الأخيرة بعملية التجميل و التزيين، و التي تأخذ وقتا خصوصا عند الجنس الأنثوي المعني بها أكثر، و في خضم ذلك تبدأ المراقبة، و كما يقول عبد الوهاب بوحديبة "الحمام هو المكان الذي يرق فيه حسّ الملاحظة و خصوصا مراقبة جسد المرأة"[45] كما هو فضاء للحوار و النقاش و الحميمية، التي تجعل من الحمام "الفضاء الأكثر اجتماعية و ألفة و مخالطة"[46]، التي قد تمتد لزمن قد يقصر أو يطول كما هو الحال عند النساء، اللاتي تعتبرن الحمام عالمهن الخاص، في مقابل تعدد فضاءات عند الرجال، و تنتهي هذه المرحلة بالعودة إلى الأسرة و فضاء البيت.
III. الحمّام التلمساني: معمار حضاري و فضاء للمشاكل الاجتماعية
ما سنحاول مقاربته ضمن هذا الجزء الثالث من البحث، هو ثلاثة نقط تصب كلها في بعدين كبيرين، يتعلق الأول منه بالجانب الحضاري للحمام، في مقابل ما خلفه تحول المجتمع و الهجرات إليه و ما أدى معه من ترييف للمدينة، أما في البعد الثاني فسنقارب معمار الحمام من حيث المشاكل الاجتماعية، التي أصبحت تطرح مع سياقات العصرنة، التي عرفها، في الجزء الثاني منه سنتوقف بالتحليل للمسرحة الاجتماعية، التي تجري بين جدرانه، و التي تجعل من الحمام الفضاء- المنتدى، الذي يوفر سبل التحاور و التبادل الاجتماعي و الحميمية.
-
1. الحمّام فضاء للّتحضر أو للترييف
منذ تأسيس تلمسان أو بوماريا الرومانية عرفت المدينة بناء عدد من الحمّامات، حيث عرف سكانها الأوائل هذا الفضاء التمديني الجديد بشكل طوّر علاقتهم بالماء و العمران، من خلال ترسخ ثقافة استحمامية- مائية و عمرانية جديدة على المجتمع البربري الذي قطن بالمنطقة، و بعد إسلامها صاحبت ذلك بالكثير من القيم التحضرية من قبيل التضامنات و الاجتماعية الإنسانية، التي عرفتها حياة هذا المجتمع المحلي، و التي أضيفت إلى جانب الأدوار الأخرى للحمّام. و كان في التعاقب الحضاري على المدينة و أهلها سواء أثناء حكم الموحدين أو الزيانيين، و حتى الأتراك أثر بارز لدور الحمّام التحضيري، و قد خص في زمن لاحق خلال الاستعمار الفرنسي النسيج المديني عن الريفي، بحيث كان يشكل هوية الحضري عن الريفي، غير أن الزمن اللاحق من الاستقلال، فإن النسيج المديني بتلمسان عرف حراكا و هجرات ريفية لمناطق مختلفة بشكل أثر سلبا و إيجابا في أدوار الحمّام من قيم و عادات مصاحبة لحياة هؤلاء، و الذين أعادوا إنتاجها في فضاء المدينة و من خلالها الحمّام، بشكل لم يعد معه هذا الأخير امتيازا وتميزا مديني، بل شمل معماره جميع أرياف تلمسان ودخل حياة أفرادها مثلما دخلوه هم أيضا.
-
2. الحمّام و مشاكله العصرية
إن الانفتاح الذي عرفه المجتمع التلمساني الحديث عبر توريد قيمي و سلوكي و معارفي مسّ الإنسان بالمنطقة و من خلاله معمار الحمّام، فإضافة إلى المشاكل الكلاسيكية من قبيل العري، فإن مشاكل التجسس و التصوير بآلة التصوير و الكاميرا و حتى بالهاتف النقّال، أصبح موضة سلبية ولجت بعض حمّامات المدينة. فكان من مخلفات هذه العصرنة التكنولوجية اليوم الكثير من المشاكل، التي مسّت أدوار الحمّام، برغم لما لدورها من تنمية و تطوير كمي و نوعي في تسيير و عمل الحمّامات.
-
3. الحمّام كفضاء لمسرحة اجتماعية
عادة ما يرتبط الحوار و النقاش الداخلي في الحمّام بين المستحمين أو المستحمات بشكل أو بآخر بالحياة الاجتماعية بمختلف مشاكلها و أبعادها جعل من "الحمّام منتدى اجتماعي"، و عادة ما يتميز حديث الرجال عن النساء، فالحوار النسوي عادة ما يأخذ وقتا أطول منه عند الرجال، و ذلك نظير الزمن، الذي تقضيه النسوة في الحمّام عكس الرجال، الذين يتوفرون بدورهم على فضاءات تتيح لهم ذلك مثل "المقهى"، فيأخذ تبادل الحوار، الأخبار و عناوين و محطات عديدة طوال فترة الاستحمام. فقد تتعلق بالجسد نظرا لحضوره الرئيسي و رهانيته في الاستحمام، فيكون محور ذلك النقاش و من أهم موضوعاته، خصوصا ما تعلّق منه بالبحث عن معايير الجمال و الزينة و التجمّل باعتبار ذلك مطلب الجنسين. كما أن مشاكل البيوت و الأقارب بدورها لها حضور في الحديث والحوار، و تتسع دائرة هذا الحوار و كثرة الأخبار كلما اتسع حجم المستحمّين و تعارفهم. فيأخذ تبادل الأخبار فضاء يتسع بشكل قد يتناول الحي أو المدينة أو المناطق المجاورة لها، و حتى البلد و من ثمّة العالم، كما يكون الحزب الفلاني، الطبيب الفلاني أو الولي والمرابط الفلاني أو حتى المشعوذ الفلاني من مضمون الحوار بين مختلف الجنسين، يقول عمر كارلي Carlier Omar في هذا الصدد: " الحمّام ميدان و فضاء خصب للسحر..."[47] ، و الحمّام في الأخير هو فضاء للاجتماعية الذكورية و الأنثوية، التي تتشكّل معالمها بالتعارف و الحوار والتحادث المتبادل.
خلاصة
لقد ارتبط تاريخ تلمسان ومجتمعها بالحمّام، حتى أصبح معيشا أساسيا و رمزا لهويته. فقد زخرت هذه المدينة منذ القدم بأحسن الحمّامات و أميزها ببلاد المغرب، فكان ذلك عنصر رامز لتميّز المجتمع التلمساني، و من ثمة ساهم الحمّام بوصفه فضاء تنظيفي و اجتماعي و ثقافي و خدماتي في ترسيخ ذاكرة و هوية المنطقة، بشكل مكّن من تواصل وإعادة إنتاج هذا التراث و قيمه ضمن طقوس و ممارسات ساكنة تلمسان عبر أجيالهم المختلفة، و طبع مخيالهم السوسيو ثقافي انطلاقا من التأريخ لهم عبر مؤسسة الحمّام.
إذا كان ذلك يمس الجانب الثقافي خصوصا، فإن دور الحمام اجتماعيا تعدى ذلك إلى صناعة اجتماعية الإنسان التلمساني كما وطد تضامناته سواء في فترات رخائه و هنائه، أو حتى في فتراته العصيبة. في المقابل كان دوره الديني ذي أهمية كبيرة أيضا فقد ربط المخيال الشعبي المحلي دوما بين الحمّام و الدين من خلال عنصري النظافة و الطهارة، و من ثمة شطري الإنسان الدنيوي و القدسي، و ما يتضمنه الحمام من رمزية تحيل إلى النظافة و الإيمان و الجنة على عكس مع الوسخ، الذي ربطه بالشيطان و جهنم. و منه شكّل الحمام دوما طقسا ضروريا للعبور من النجاسة و الدنيوي إلى الطهارة و الدين و فرائضه و شعائره.
عموما يبقى الحمام ظاهرة تحيل إلى كل ما هو سوسيولوجي و أنثروبولوجي، فهو جزء مهم من ممارسات مجتمع تلمسان اليومية و طريقته في العيش، كما يطبع جزء مهما من ذاكرة و ثقافة هذا المجتمع و تمثلاته، فهو الفضاء الأبرز في مورفولوجية المدينة إلى جانب المسجد والسوق، اللذين يعتبران مركز التقاء الرجال بينما يظل الحمام إلى جانب المقبرة الفضاء النموذجي للقاء و تبادل الخبرات و التواصل عند النساء.
و إلى جانب اعتباره عتبة للمرور من الدنس إلى الطهارة، و من الأرضي إلى المقدس، فإن الحمام يوفر سبل الانتقال من الواقعي إلى التخييلي، عبر رسم معالم محددة لهوية الشعوب و ثقافتها، كما يعتبر مؤسسة مساهمة في التنشئة و تفريخ قيم المجتمع و معاييره الاجتماعية، عبر التبادل المادي و الرمزي و اللقاء، و تمتين أواصر العلاقات و الحميمية الاجتماعية عبر الصداقة و الخطبة و الزواج.
و من ثمة كان و يبقى الحمام بتلمسان الموروث الثقافي و الصحي و الطهوري، الذي وفر دوما سبل العلاقة الانسانية و الجسدية، كما كان دوما عالما للترفيه و الفرجة، و مصدرا للالتذاذ و تطوير الذات و استخدام مختلف المواد التقليدية و التجميلية، لصناعة جسد، يتقن قواعد لعب المعاشرة الزوجية و استراتيجياتها و جالب للاهتمام، و سامح للعلاقة مع الآخر و مع الله و عبادته خصوصا.
بيبليوغرافيا
ابن خلدون، عبد الرحمن (2004)، مقدمة العلامة ابن خلدون المسمّى: ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر، دار الفكر للطباعة و النشر و التوزيع، بيروت، ط1.
ابن منظور محمد بن مكرم الأفريقي (1988)، لسان العرب، ج1، ج12، دار الجيل، بيروت، دار لسان العرب، ط1.
الشيخ الإمام عبد الرؤوف المناوي (1987)، كتاب النزهة الزهية في أحكام الحمّام الشرعية و الطبية، تحقيق و تقديم الدكتور عبد الحميد صالح حمدان، الدار المصرية اللبنانية للطباعة و النشر و التوزيع، (د.م.ط)، ط1.
بن نصر الشيزري، عبد الرحمان (1946)، كتاب نهاية الرتبة في طلب الحسبة، نشر السيد الباز العريني، القاهرة.
الحموي، ياقوت بن عبد الله (بتط)، معجم البلدان، ج1، دار الفكر، بيروت، ط1.
بنحمادة، سعيد (2007)، الماء و الإنسان في الأندلس، دار الطليعة للطباعة و النشر، بيروت، ط1.
كريم، فضيلة (2007)، الحمّامات" موجز تاريخ الحمّامات، ترجمة يوسفي حضرية، دار النشر دحلب، الجزائر.
فيلالي، عبد العزيز (2002)، تلمسان في العهد الزياني دراسة سياسية عمرانية، اجتماعية، ثقافية، ج1، موفم للنشر و التوزيع، الجزائر.
كرد، محمد علي (1972)، خطط الشام، ج 6، دار العلم للملايين، بيروت، ط2.
بهيني، عبد المجيد (2008)، "الحمامات العمومية و الديمغرافية التاريخية: أية علاقة؟، الحمامات الشامية أنموذجا"، من الكتاب الجماعي دراسات تاريخية في العمارة و السكن، منشورات كلية الآداب و العلوم الانسانية، رقم 94، جامعة محمد الأول، وجدة.
بوحديبة، عبد الوهاب (2000)، الجنسانية و الاسلام ، ترجمة مقلد محمد علي، سراس للنشر، تونس.
بوحديبة، عبد الوهاب (2001)، الإسلام و الجنس، ترجمة و تعليق العوري، هالة، مكتبة مدبولي، القاهرة، ط2.
لعيبي، شاكر (2007)، العمارة الذكورية: فن البناء و المعايير الاجتماعية و الأخلاقية في العالم العربي، رياض الريس للكتب والنشر، بيروت، ط1.
موساوي، سليمة (1999)، " حمامات مدينة تلمسان: نموذج حمام الصباغين"، من مجلة الثقافة، اصدار وزارة الثقافة و الاتصال، الجزائر، السنة الرابعة والعشرون، العدد. 119.
بوعزيزي، محسن. (2010)، السيميولوجيا الاجتماعية، إصدارات مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، ط1.
السباعي، خلود (2006)، الجسد الأنثوي و هوية الجندر، دار القلم للطباعة و النشر و التوزيع، الرباط، ط1.
وارهام، أحمد بلحاج آية (1997)، شعرية الحمامات، دار وليلي للطباعة و النشر، مراكش، ط1.
Lewis, B., Ménage, V.-L, Pellait, Ch., Schacht, J. (1990), Encyclopédie de l'Islam, t. III, Paris, nouvelle édition, maison œuvre et la rose.
Brosselard, Ch. (1985), « Les inscriptions arabes de Tlemcen », 3ème année, n° 03, in Revue Africaine, années 1858-1859, Office des publications universitaires, Alger, Edition n° 1928.
Carlier, O. (2000), « les Enjeux Sociaux du Corps, le Hammam Maghrébin (19-20 siècle) lieu pérenne, menacé ou recréé », in Annales, Histoire, Sciences sociales, 55 année, n° 6, Nov-Déc 2000, Paris, Editions de l’Ecole des Hautes Etudes en Sciences Sociales.
Traki, Z. (1984), « Symbolique corporelle et espaces musulmans », in Horizon maghrébin, Tunis.
الهوامش
[1] لأكثر تفاصيل أنظر، بن نصر، الشيزري عبد الرحمن (1946)، كتاب نهاية الرتبة في طلب الحسبة، نشر السيد الباز العريني، القاهرة.
[2] هذه المصادر يشير إلى بعضها بنحمادة، سعيد (2007)، في عمله، الماء و الإنسان في الأندلس، دار الطليعة للطباعة و النشر، بيروت،ط1، ص .231، نذكر منها:
ابن خلصون، أبو عبد الله محمد بن يوسف، (ت. 8ه/14م)، قلائد العقبان في صحة الأبدان، مخ، خ، ق، فاس، رقم 1564.
ابن الخطيب، لسان الدين عبد الله بن عبد الله، (ت. 776ه/1375م)، الوصول لحفظ الصحة في الفصول، مخ، خ، ح، الرباط، رقم 77.
[3] بنحمادة، سعيد، المرجع نفسه ، ص. 231.
[4] المناوي، عبد الرؤوف (1987)، كتاب النزهة الزهية في أحكام الحمّام الشرعية و الطبية، تحقيق و تقديم الدكتور عبد الحميد صالح حمدان، الدار المصرية اللبنانية للطباعة و النشر و التوزيع، (د.م.ط)، ط1، ص. 60.
[5] بنحمادة سعيد، مرجع سابق، ص .232-233.
[6] كريم، فضيلة (2007)، الحمّامات موجز تاريخ الحمّامات ، ترجمة يوسفي حضرية، دار النشر دحلب، الجزائر، ص 18-19.
[7] المرجع نفسه، ص 15.
[8] بنحمادة، سعيد، مرجع سابق، ص. 231.
[9] السباعي، خلود (2006)، الجسد الأنثوي و هوية الجندر، دار القلم للطباعة و النشر و التوزيع، الرباط، ط1، ص 110.
[10] وارهام، أحمد بلحاج آية (1997)، شعرية الحمامات، دار وليلي للطباعة و النشر، مراكش، ط1، ص. 43- 110.
[11] كريم، فضيلة، مرجع سابق، ص .09.
[12] السباعي خلود، المرجع نفسه، ص. 109.
[13] المرجع نفسه، ص. 109.
[14] بوعزيزي، محسن (2010)، السيميولوجيا الاجتماعية، إصدارات مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، ط 1، ص. 97.
[15] بنحمادة سعيد، مرجع سابق، ص .130-131.
[16] كرد محمد علي، (1972)، خطط الشام، ج. 6، دار العلم للملايين، بيروت، ط2، ص. 277.
[17] Carlier, O. (2000), « Les Enjeux Sociaux du Corps, le Hammam Maghrébin (19-20 siècle) lieu pérenne, menacé ou recréé, Annales, Histoire, Sciences sociales, 55 année, N°6, Nov- Déc 2000, Paris, éd. l’Ecole des Hautes Etudes en Sciences Sociales, p. 1312.
[18] ابن خلدون، عبد الرحمن (2004)، مقدمة العلامة ابن خلدون المسمّى: ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر، دار الفكر للطباعة و النشر و التوزيع، بيروت، ط1، ص. 394.
[19] Carlier, O., op.cit., p. 1307.
[20] بوحديبة، عبد الوهاب (2000)، الجنسانية و الاسلام، ترجمة مقلد محمد علي، سراس للنشر، تونس، ص. 215.
[21] موساوي، سليمة (1999)، " حمامات مدينة تلمسان: نموذج حمام الصباغين "، من مجلة الثقافة، إصدار وزارة الثقافة والاتصال، الجزائر، السنة الرابعة والعشرون- العدد 119، ص. 195.
[22] وارهام، أحمد بلحاج آية. مرجع سابق، ص. 37.
[23] Brosselard, Ch. (1985), « Les inscriptions arabes de Tlemcen », 3ème année, n° 03, in Revue Africaine, années 1858-1859, Office des publications universitaires, Alger, Edition n° 1928, p. 410-412.
[24] فيلالي، عبد العزيز (2002)، تلمسان في العهد الزياني دراسة سياسية عمرانية، اجتماعية، ثقافية، ج1، موفم للنشر والتوزيع، الجزائر، ص.297.
[25] بهيني، عبد المجيد (2008)، "الحمامات العمومية والديمغرافية التاريخية: أية علاقة؟، الحمامات الشامية أنموذجا"، من الكتاب الجماعي دراسات تاريخية في العمارة والسكن، منشورات كلية الآداب والعلوم الانسانية، رقم 94، جامعة محمد الأول، وجدة، ص. 82.
[26] ابن منظور، محمد بن مكرم الأفريقي (1988)، لسان العرب، ج1-ج12، دار الجيل، بيروت، دار لسان العرب، ط1، مادة "سدر".
[27] Carlier, O., op.cit., p. 1311.
[28] Lewis, B., Ménage, V.-L, Pellait, Ch., Schacht, J. (1990), Encyclopédie de l'Islam, t. III, nouvelle édition, Paris, maison œuvre et la rose, p. 143.
[29] بهيني، عبد المجيد، مرجع سابق، ص. 84.
[30] المرجع نفسه، ص. 84.
[31] الشيزري، بن نصر عبد الرحمان، مصدر سابق، ص. 88.
[32] شاكر، لعيبي (2007)، العمارة الذكورية: فن البناء و المعايير الاجتماعية و الأخلاقية في العالم العربي، رياض الريس للكتب و النشر، بيروت، ط1، ص. 184.
[33] بهيني، عبد المجيد، المرجع نفسه، ص. 85.
[34] كريم، فضيلة، مرجع سابق، ص. 15.
[35] وارهام، أحمد بلحاج آية، مرجع سابق، ص. 87-93.
[36] بوحديبة، عبد الوهاب (2001)، الإسلام و الجنس، ترجمة و تعليق العوري، هالة، مكتبة مدبولي، القاهرة، ط2، ص. 234.
[37] شاكر، لعيبي، مرجع سابق، ص. 173.
[38] التكياس، يعني التدليك و يقوم بهذه الوظيفة "الكياس" بالنسبة للرجال و "الطيابة" بالنسبة للنساء.
[39] "الفيتور"، من مخلفات الزيتون المعصور و القابل للاشتعال بسرعة لصغر حجمة و لبقايا زيت الزيتون به و يعطي رائحة جميلة.
[40] الحموي، ياقوت بن عبد الله، (بتط)، معجم البلدان، ج1، دار الفكر، بيروت، ط1، ص.267.
[41] ، بوحديبة، عبد الوهاب، مرجع سابق، ص. 238.
[42] الجابية، هي آنية إسمنتية و رخامية كبيرة، تعوض وظيفيا الدلاء القديمة التي كان يستعملها مرتدي الحمام في الاغتسال.
24 Carlier, O, op.cit., p. 1306.
[43] بوحديبة، عبد الوهاب، مرجع سابق، ص. 218.
[44] بوحديبة، عبد الوهاب، مرجع سابق، ص. 244.
[45] بوحديبة، عبد الوهاب، مرجع سابق، ص. 222.
[46] Traki, Z. (1984), « Symbolique corporelle et espaces musulmans », in Horizon maghrébin, Tunis, p. 65.
[47] Carlier, O, op.cit., p. 1312.