إنسانيات عدد 04 | 1998 | الأسرة: الأمس و اليوم | ص 77-100 | النص الكامل
Ibrahim MEHDID: Département d'Histoire, Université d'Oran, 31 000, Oran, Algérie.
مدخل
تفيد الدراسات التي أعدت عن القبائل الجزائرية والعروش الكبيرة منذ بداية عملية الاحتلال الفرنسي وحركة الاستيطان الأوروبية التي صحبته، أن عدد القبائل المستوطنة - و الموجودة - داخل ربوع القطاع الوهراني يشتمل ما يقل عن 219 قبيلة وأسرة واسعة[1] تجمعت أغلبها في شكل اتحاد قبلي موسع و هو ما يطلع عليه بالكونفيدرالية القبلية (Confédération).
و لقد استوطنت هذه الإتحادات و الكونفيدراليات القبلية عبر الفترة التركية - بل و قبل - و خلال القرن التاسع عشر مناطق عمالة وهران عرفت بأسمائها، وذلك حسب خصوصياتها العرقية والحضارية والثقافية و الاجتماعية حيث المعاش و المنفعة. و من بينها قبائل "ترارة" و "ولهاصة" و "دواير و زمالة"[2]، "وجعفرة" و"لحشم" و "بنو عامر" و "لغسول" و أهل آنكاد و"أولاد سيدي الشيخ[3] و ترافي[4] و قبائل حمييان[5].
أ. الإطار التقليدي و تباثه
مما تجدر ملاحظته - منهجيا - عند دراسة هذا التوزيع الاقليمي لأهم القبائل و العروش الجزائرية، أنه مصطحب من الناحية الاجتماعية بتأطير داخلي من طرف أسر و عائلات برزت بقياداتها وزعاماتها، إذ لعبت دورا قياديا داخلها، إما إجتماعيا، إقتصاديا، سياسيا، أو دينيا، سواء خلال فترة الأتراك المتأخرة وخلال القرن التاسع عشر و حتى عقدي القرن العشرين الأول و الثاني.
و المعروف تاريخيا أيضا أن إتحادات العروش والكونفيدراليات القبلية كان يشكل من الناحية الإدارية "آغويات" و وحدات ادارية يخضع فيها الآغاوات (Agha) الى سلطة بايات المناطق الجزائرية، وهو التنظيم-الفعال- الذي حافظ عليه الأمير عبد القادر بن محي الدين في مرحلة و الذي اتبعت تسطيره في غالب الأمر سلطة الإحتلال الفرنسي. و جدير بالاشارة هنا أن بعض الإتحادات القبلية كانت تلعب دور "المخزن" (Makhzen) بكاملها في صالح السلطات "السياسية" المختلفة، و نمودج ذلك نلقاه عند قبائل "دواير و زمالة" في الغرب الجزائري. إلا أن ظاهرة إستعمال "مخزن" القبيلة من طرف الإحتلال الفرنسي طوال فترة الثورات المسلحة في الريف الجزائري ما بين 1831 و 1881 سيعرف تطور هذه البنية السياسية - "العربية (أي المخزن)". هذا الذي سيخترق و يحاصر مجتمع القبائل الجزائرية، و هو ما شكل طبقة مخزنية وطبقة "الأجواد" (Djouad) وقسما من الأرستقراطية الدينية (Aristocratie Religieuse) من بعد.
فالبنسبة للقطاع الوهراني إشتهرت عائلة "بني شيحا" من عين تموشنت وهي العائلة التي برزت مع بداية القرن الثامن عشر و"بوعناني" من سعيدة و هي من أصل قريشي، و أولاد قادي من وهران و فرندة الذين ينحدرون من أسرة مصطفى بن اسماعيل، زعيم دواير و زمالة، و عائلة، "العريبـي" التي ارتبطتا فيها بمنطقة مينا. و هناك عائلة "صحراوي" بخير الدين (منطقة مستغانم) و "بنو الحاج جلول الذين يعتبرون أسيادا بالوراثة لدى قبائل "فليتة"[6].
كما أن الأرشيف الوثائقي أصبح اليوم أقل صمت فيما يتعلق بسيرة هذه العائلات و الأسر و الأفراد الذين انحدروا منها[7].
فالبنسبة لعائلة "سيدي العريبـي" التي تعتبر أقدم وأهم عائلة في عمالة وهران، و التي أدارت منطقتي مينا والشلف السفلى خلال فترة الأتراك و حتى عقد الاربعينات من القرن التاسع عشر، نجدها منطوية بنفس القيادة خلال العقدين التاليين؛ و يعين خليفة على المنطقة، "سي ابن عبد اللـه ولد سيدي العريبـي" كضابط سامي وحامل وسام جوقة الشرف ابتداء من 1865. و تقلدت من بعد، شخصيات أخرى من هذه العائلة وظائف قيادة مثل "محمد ولد بن عبد اللـه، و"قدور بن و علي ولد بن عبد اللـه" و "شعبان ولد الحاج محمد ولد سيدي لعربـي" و "سي لكحل وعلي"[8].
و هناك بشرق عمالة وهران دائما، عائلة أولاد بومدين التي تضاهي عائلة "لعربـي" من ناحية تأثيرها السياسي - الاجتماعي على القبائل الموجودة بنفس المنطقة، و كلتا القبيلتين تربطهما قرابة المصاهرة. و يمثل "ابن على بومدين" زعامة "أولاد بومدين" الذي تقلد آغوية الأصنام في الفترة التركية، و آغوية "الصباحية" من بعد.
و اسندت قيادة هذه الآغوية الإدارية الى ابنه الأكبر مصطفى وأخيه "الحبيب بن على بومدين". أما "سي أحمد ولد بن علي بومدين"، فعين قائدا - "قايد" - على قبيلة "لمحال"؛ إذ أنه قتل يوم 4 فبراير 1865 إبان ثورة أولاد سيدي الشيخ حيث رافق الجنرال دولينييه (DELIGNY) في حملته و عوض بإبن أخيه سي محمد ولد مصطفى[9].
و في جنوب القطاع الوهراني برزت أربع عائلات ذات النفوذ الكبير، والقيادة داخل القبايل و الأسر الواسعة؛ و هي "أولاد قادي" و "أولاد صافي بن أحمد" و"بنو يحي" و أولاد سيدي الشيخ.
و تعتبر عائلة أولاد قادى أهم بطن من أسرة "لبحايتية" وسط قبيلة دواير المعروفة تاريخيا بالقبيلة المخزنية، (Tribu - makhzen) التي انحدر منها إسماعيل ولد قادي - المشهور - و الذي توفى سنة 1864 برتبة ملازم صبايحي. وتزعم القبيلة من بعده أخوه سي أحمد ولد قادي الذي تقلد منصب باش - آغا فرندة. و هو حامل وسام جوقة الشرف. أما ابنه الأول "علي"، فكان قائدا على قبيلة شلاق؛ و ابنه الثاني الحبيب ولد قادي، "قايد" قبيلة لمحاميد. أما ابن أخيه محمد بن اسماعيل ولد قادي فكان آغا على قبيلة "لحشم شراقة". و عرفت هذه العائلة كلها بثرائها الواسع في المنطقة الوهرانية[10].
و في الـمنطقة الجنوبية دائما عرفت عائلة أولاد صافي بن أحمد بكونها عائلة دينية ذات تأثير واسع وسط قبائل "لحرار"، و هي العائلة التي تنحدر من أولاد سيدي لخضر. و يعتبر "سي صافي بن أحمد" زعيم عائلته تحت آخر باي تركي في المنطقة. و بعد وفاته عام 1830، ورث ابنه الحاج صحراوي مرتبته الدينية، عهد الأمير عبد القادر. وخلال هذه الفترة تقلد سي قدور ولد الحاج صحراوي من طرف "الأمير" الزعامة الدينية وسط قبيلة "لحرار" التي ناصرته. كما عينه قائدا على أولاد سيدي خالد. وينحدر من سلالة سي قدور "سي صحراوي بن قدور"[11].
أما عائلة "بنويحي" فتستوطن جبل عمور منذ القرن الثالث عشر ميلادي، أصلها من أولاد ميمون و هي شريفة النسب؛ تزعم هذه العائلة سنة 1830 جلول بن يحي الذي آزر الأمير عبد القادر. تقلد جلول بن يحي آغوية جبل عمور حتى 1854 رفقة أخيه "الدين" الذي تقلد منصب "خليفة" معه؛ و خلفه في منصبه بين 1859 و1860 حيث أدار مناطق العريشة و آفلو. ولقد قاد فرسان المخزن في منطقة جبل عمور رفقة ولديه طاهر بن الدين "قايد" أولاد ميمون و "الوقال بن الدين"، "قايد" أولاد يعقوب لغرابة.
أما عائلة أولاد سيدي الشيخ العريقة بمشيختها الدينة فقد حلت بالصحراء الجزائرية منتقلة من تونس مع زعيمها الروحي "سيد الشيخ" (1534 - 1615) الذي أورثها إسمه و مؤسس أحدى الزوايا المهمة التي لعبت دورها في الجنوب الوهراني في العصر الحديث. ولقد تعاقب على رأس هذه الزاوية كل من سي الحاج بوحفص وسي الحاج عبد الحاكم و سيدي شيخ بن الدين و سي العربي مولاي العافرة و سي أبو بكر بن سيدي العربي وسيدي العربي بن أبو بكر و سي أبو بكر بن سيدي العربي و أخيرا سي حمزة بن سيدي أبي بكر[12].
فمنذ 1850 تألقت أسماء كل من سي حمزة بن سيدي أبي بكر وابنه أبي بكر و أخيه سي سليمان - الزعيم الروحي و الحربي لثورة أولاد سيد الشيخ - وسي محمد وأحمد (رابع أبناء سي حمزة). وجدير بالذكر أيضا أسماء أخرى مؤثرة من عائلة سيدي الشيخ بعد 1867، مثل "سي لعلا بن أبي بكر" و "سي زوبير بن أبي بكر"[13].
و في الناحية الغربية من عمالة وهران اشتهرت عائلة "أولاد زين بن داود" التي تأخذ شجرتها من "أولاد علي" أحد بطون اتحاد "بني عامر" القبلي. فبعد مبايعة الأمير عبد القادر عام 1833 من طرف بني عامر، و خضوعهم للسلطة الفرنسية إبتداء من 1842؛ برز على رأسهم "زين بن عودة" الذي عين باش- آغا عليهم و عين كل من "شحط ولد زين بن عودة" وسي عبد القادر كآغا لاحقا. وتقلد هذا الأخير وسام جوقة الشرف؛ مما خول له أن يكون نائبا في المجلس البلدي بمدينة سيدي بلعباس و ممثلا في المجلس العام لعمالة وهران. أما إبن سي عبد القادر، حمو فكتب له أن يكون قائدا على قبيلة " علي غوالم"، و أخوه أحمد ولد الزين قائدا على "أولاد علي لفاقة"، هذا الأخير الذي تأثر كثيرا بمظاهر الحضارة الفرنسية فألحق ولده بثانوية وهران سنة 1864[14].
إمتاز أحمد ولد الزين بقدرته على إدارة "قيادته" رفقة أخيه العربي ولد الزين المحنك.
و أخيرا، و داخل عمالة وهران، تعتبر عائلة "لبحايثية" أهم فصيلة لدى قبيلة "دواير" حيث احتلت مكانة مرموقة في "المخزن" طيلة القرن التاسع عشر [15]. و إبتداءا من مصطفى بن اسماعيل زعيم هذه العائلة وآغا في "بايلك الغرب" في الفترة التركية، فمنذ سنة 1835 وبعد خضوع "دواير و زمالة" الى قوات الإحتلال الفرنسي، عين مصطفى بن اسماعيل على رأس مخزن وهران، و من بعد جنرالا في الجيش الفرنسي (1837-1843).
و تعتبر عائلة مصطفى بن اسماعيل من أوسع العائلات عددا وهي تحتل بذلك مراكز قيادية قوية في الغرب الجزائري. و أهم الشخصيات التي تنحدر من سلالته هي سي محمد ولد مصطفى آغا القبائل الصحراوية - أولا - و آغا عين تيموشنت، ومصطفى ولد مصطفى "قايد" (caïd) بني زنطيس بدائرة مستغانم، ومحمد بن الحضري رئيس (قائد) "قياد" قبائل فليتة، و الموفق ولد البشير، قايد دواير وهو ابن محمد بلبشير الآغا السابق لدوايير (ابن عم الجنرال مصطفى). وهناك محمد بن اسماعيل ولد قادي آغا "لحشم شراقة"، و كان ثراء عائلة لبحايثية يأتي من الرواتب و المكفآت التي يحصل عليها أفرادها فتصل إلى 23.500 فرنك فرنسي سنويا [16] بين 1850 و 1868.
تلك هي أهم الأسر التي شكلت الأرستقراطية التقليدية الحربية و الإدارية والسياسية و الدينية في المجتمع الريفي بغرب الجزائر؛ وهي الأرستقراطية التي أطرت القبائل وكونفدراليات العروش والعائلات وعرفت هذه العائلات القيادية والمخزنية بالثراء و"الإقطاعية" (Féodalisation) و ملكية الأراضي والحيازات الواسعة طيلة القرن التاسع عشر؛ كما امتلكت بعضها عقارات عديدة في بعض المدن. ولقد استفاد الأحفاد المنحدرون من هذه العائلات، مع نهاية القرن التاسع عشر و بداية القرن العشرين من مكانة ونفوذ أسلافهم.
فالمعروف تاريخيا بالنسبة للمجتمع الجزائري الريفي خلال القرن التاسع عشر أن هذه "القيادات" التقليدية (caïdats) قد حافظت في غالبيتها على مكانتها، قبل أن تتأثر لاحقا و ابتداءا من 1863، حيث تطبيق محتوى قرار السيناتوس - كونسولت (Sénatus - Consulte) المتعلق بتجزئة "الأراضي الجماعية للقبائل و العروش" و ذلك من أجل خلق - فرص - الملكية الفردية لدى العائلة الجزائرية الريفية، أولا ؛ وصولا إلى الهدف المنوط بهذا القرار الاقتصادي الاجتماعي الجرئ، لتفكيك عرى العروش والإتحادات القبلية القوية، تلك التي صمدت ضد الاحتلال الفرنسي بثوراثها وانتفاضاتها[17].
إن حتمية التطور التاريخي للمجتمع الجزائري الذي خضع لتطبيقات القرارات السياسية بين 1863 و1870 وخاصة بين 1871 و 1881- الذي عرف زوال الحكم العسكري في الجزائر و نجاح سياسة الجمهوريين - أكدت تقلص دور القيادات التقليدية (الأجواد) كلما انتزعت مناطق من الحكم العسكري وإنظمت إلى حوزة المناطق "المدنية". و من ذا فقدان هذه الفئة الإستقراطية لكثير من الإمتيازات المادية (كإنخفاظ الرواتب) و الاقتصادية (كمدخول إستغلال الأراضي و فلاحتها) و الإدارية (جمع الضرائب) والمعنوية في مناسبات عديدة (شكاوي الريفيين من بطش وتجاوزات "القياد" و الآغاوات).
ذلك أن مناطق الحكم المدني (المبعثرة) التي حوت مساحة 1.279.361 هكتار عام 1870 و جامعة لـ 493.000 نسمة، ارتفعت عام 1876 إلى 4.200.000 هكتار مع تجمعات سكانية تصل 1.316.000 نسمة. وبعد قرار الحاكم العام ألبير جريفي (Albert Grevy) عام 1881 الخاص بإلحاق الأراضي الى السلطة المدنية وضمها لحوالي 5.834.000 هكتار في غضون عامين مع 926.000 نسمة، إرتفعت مساحة هذه الأراضي المدنية عام 1900 إلى 13.087.000 هكتار رفقة كثافة سكانية، وصلت إلى 4.150.00؛ و في سنة 1911 اصبـحــت الأرقام ضـخــمــة بـ 16.576.535 هكتار و4.863.151 نسمة[18].
تقدم بعض الدراسات المعاصرة تقديرات هامة عن هذه " الطبقة المسيطرة" والعائلات، فهي تقدم - أوتحصل تقليديا على - وظائف قيادية (آغا و باش-آغا) خلال القرن التاسع عشر - (ثم "قايد" أو "معين أهلي" خلال القرن العشرين)؛ فاحتملت أن عددها تباين من 4000 الى 5000 عائلة عبر مناطق الجزائر كلها[19] وهي العائلات التي حافظت على تمثيلها مع بداية 1900 سواء داخل الادارة الفرنسية أو المجالس التمثيلية، من مجلس عام ومفوضيات مالية وبلدية، أو وسط البرجوازية التقليدية الكبيرة، أي باقتراب هذه العائلات من الادارة أكثر فأكثر آنذاك.
و نظرا لما لعبته هذه الطبقة من دور سياسي وإداري وعسكري بجانب- و في صالح - الادارة الفرنسية خلال القرن الماضي، أكدت أحدى التعليمات الرسمية سنة 1898 (أمضاها ليـبين LEPINE يوم 4 جوان) بمطالبة الاداريين الفرنسيين بتزويد "مصلحة الشؤون الأهلية" لدى الحكومة العامة بجميع و أدق المعلومات عن الأعيان الجزائريين (les notabilités) - الحاضرين، الباقين أو الجدد -، وهذا ما انجر عنه تحقيق 1900 - 1910 المشهور عن هذه الطبقة الأرستقراطية الجزائرية؛ إدارية كانت، سياسية، دينية أو إقتصادية من ملاك وتجار. وتعدت فترة هذا التحقيق أحيانا سنة 1914، إذ تتأخر بعضها حتى 1917و 1918.
و بدراستنا و تحليلنا للملفات و البطاقات التي توفرت لدينا[20]، بالنسبة لهذه الفئات كلها (حوالي 570 بطاقة) جعلنا نخرج ببعض الانطباعات العامة[21] مثل اندثار العائلات التقليدية الواسعة "حيث انعدمت الشروط الصحيحة في الحياة الريفية الأهلية، لتطور ونفوذ تلك الاستقراطية" القديمة. إلا أن بعض العائلات الكبيرة - والانتهازية - استطاعت ان تحافظ على نفوذها وقوتها المادية بتأقلمها مع تغير الأوضاع و الظروف الإقتصادية.
على مستوى إقليم تلمسان مثلا، و بالنسبة للفئة الثانية، المعنية دائما، والمصنفة إداريا داخل الأعيان والنبلاء (أي الأجواد والشرفاء)، لوحظ تقلص دور عائلة "أولاد ملوك" المشهورة بأدوارها العديدة في القرن الماضي (فترة الأتراك، وعهد الأمير عبد القادر، و الإدارة الفرنسية من بعد، بتصديها، و محاربتها قبائل بني يزناسن بعمالة وجدة، شرق المغرب)، و هي العائلة التي قدمت خمسة "قياد" للإدارة الفرنسية، ثلاثة منهم "لبني وسين" وهم محمد بن عبد الرحمن ولد الصايم ومحمد ولد سليمان و ابن شادلي ولد محمد، و"قائدا" لأولاد منصور، و آخر الى "لمعزيز"؛ إضافة إلى وظيفة مولاي رحمون كخليفة على قبيلة "عطية" و"اليمنى"، كخوجة. و بتبعثر ثروة هذه العائلة بين أفرادها، إضافة الى مشاكلها المحيطية، و خاصة فقدانها لثروة الأراضي، فلث منها وظيف القيادة لصالح عائلة أولاد قدور. بينما نسجل بروز عائلة "بني رحال" على الساحة الندرومية. فبعد "بن رحال سي حمزة" آغا قبيلة "ترارة"، هناك ابنه الأكبر رحال بومدين قاضي مدينة ندرومة و أخوه سي محمد بن رحال (ضابط سابق وقايد سابق).
و على مستوى دائرة تلمسان دائما حافظت بعض العائلات الشريفة على دورها الديني المنوط بها تقليديا، ونذكر منها على سبيل المثال - مع بداية القرن العشرين - الهاشمي مختار بن الهاشمي، خوجا بأولاد زيري (الغزوات) و مالك لمقهى؛أو كمدرسين -"درار" - للقرآن الكريم و اللغة العربية مثل بوفلجة سي محمد بن محمد (بمسجد الشيخ سنوسي بتلمسان) و العالم المثقف بو عبد اللـه مولاي العربي بن محمد بالقلعة (تلمسان) وصاحب عقارات كثيرة بتلمسان ومشرية وراس الماء، و دحنون بن علي ولد الحاج محمد، الذي يملك حوالي 50 هكتار من "السابقة" وقطعان غنم، و هناك المثقف مرابط محمد بن محامد، النائب البلدي ( ممثل أولاد زيري، بالغزوات) و هو تاجر و صاحب عقارات، قدرت ثورته بـ 5000 فرنك فرنسي[22] آنذاك.
و بالنسبة لدائرة مستغانم هناك من زمورة "بني الحاج ولد جلول" من الاشراف الدينيين الذين ينحدرون من سيدي محمد بن عودة وسيدي يحي وسيدي علي راشد، التي تقلدت عدة آغويات مثل "بلعالية (المتوفى 1898) وقيادية (caïdat) مثل بن أحمد ولد يحي قائد دوار لعناترة و دوار بن عودة، إذ استطاع أفرادها، مثل جلول ولد بلقاسم، و ابن احمد ولد بن يحي، ومحمد ولد الحاج منور أن يركزوا مكانتهم كمزارعين كبار تفاوتت ثرواتهم الفردية من 60 الى 1000 هكتار رفقة "ثروات حيوانية معتبرة".
و على مستوى غيليزان عرفت منطقة المطمر (Clinchant) عائلة "لطرش" الطرقية التي تنحدر من سيدي عبد اللـه بن الخطاب، وهي العائلة التي انفردت بتوليها ثلاث مناصب أعوان - أهالي (أحمد ولد الحاج سنوسي و الشارف ومحمد) -تقرير 1900- و أربعة مناصب "قايد" سنة 1914؛ في حين ظلت عائلة هني بوراس محتفظة بمكانتها العلمية والدينية بمدينة مازونة مثل المفتى هني بوراس ولد الحاج محمد ولد أحمد ولد سيدي هني، و ابن عمه هني محمد ولد أحمد السيخ ولد عبد الرحمن ولد هني. أما الطرقيين - الدينيين - من شيوخ الزوايا و " المقدمين" فلا يزاولون يؤطرون الريف الجزائري في القطاع الوهراني، تأطيرا متينا بتكاثر مريديهم داخل المجتمع.
و بالنسبة للقطاع الوهراني نال الفقر كلا من بوراس، قائد دوار عين تموشنت، و عائلة أولاد الزاير بنفس المنطقة؛ و خاصة عائلة أولاد الزين ("أجواد" أولاد علي)، و هم فرع رئيسي في الاتحاد القبلي لبني عامر و هي العائلة التي اشتهرت بثرائها و ملكيتها الحيازات و الأراضي الشاسعة و الثروات الحيوانية المعتبرة. كما تشير تحريات 1910 الادارية الى تآكل ثروة "القايد" رحو، و هو من الأرستقراطية العسكرية لدى "دواير"، و إلى حالة البؤس التي آلت اليه كل من عائلة بومدبن (من لمحال) و عائلة أولاد سيدي لعريبي بفقدانهما كل نفوذهما داخل منطقة مينا و الشلف، أما في الجنوب، فنجد سي حمزة بوبكر، آغا جبل عمور يعاني من الصعوبات الاقتصادية و الديون المترتبة عليه مع نهاية القرن التاسع عشر (1895-1892) و مستهل القرن العشرين.
إلا أن نتائج "تحقيق 1900 - 1910 " أكدت من جهة ثانية ثبات ذلك الإطار التقليدي بمحافظة العديد من العائلات على نفوذها وقوتها المادية و مكانتها الاجتماعية، برقيها و ارتقائها الإداري والوظيفي مع بداية 1900، وهو الأمر الذي سيمكنها من تعزيز مكانتها الاجتماعية والاقتصادية، و أن تتطور لاحقا، لتشكل قسما مهما في البرجوازية الجزائرية الريفية أو الحضرية؛ حيث تستطيع بعضها أن تلعب دورا سياسيا مهما باحتلالها وظائف إدارية ومراكز نيابية مختلفة سواء على المستوى البلديأو المجلس العام والمفوظيات المالية خلال العقود التاريخية المقبلة.
ب. التطور الاجتماعي البطيئ
نعتقد، أن المجتمع الجزائري بدأ يعرف بروز وتطور طبقات برجوازية مع نهاية القرن التاسع و خلال العشريتين الأوليتين من القرن العشرين؛ و ذلك على مستوى الريف الجزائري و المدن. وعندما نتتبع تاريخ الجزائريين الاجتماعي - الاقتصادي، نجد أن نواة هذه البرجوازية أو "ما شابهها" حسب تعريف أوغستان بيرك (Augustin BERQUE)[23] بدأت تتبلور لما استفادت هي الأخرى من الأحكام الإدارية الاستيطانية، عندما تعزز ونـما الجهاز التشريعي لنزع ملكية الأراضي من الفلاحين، بعد قرار سيناتوس - كونسولت (Sénatus - Consulte) لعام 1863 وقانون فارنيية (Warnier) لعام 1873، الأمر الذي حتم متطلبات تراكم رأس المال التي نمت بسرعة اعتبارا من 1880، لسن قوانين عقارية يهدف من ورائها تسريع عملية انتزاع الأراضي من الفلاحين مباشرة حتى يتم امتلاكها من قبل البرجوازية، الكبيرة منها أو المتوسطة، أوروبية كانت أم جزائرية. و من أجل هذا الهدف، شكلت قوانين 1887 و 1897 و أخيرا 1926[24] ترسانة قضائية صلبة موضوعة بين أيدي البرجوازية لتحقيق غرضها.
ب.1. " البرجوازية" الجزائـرية الريفية:
تألفت هذه البرجوازية أساسا من الملاكين العقاريين الكبار الذين يملكون من 50 هكتار الى 100 هكتار، أو أزيد. و هذه الطبقة العقارية تشكل جزءا من الطبقة المسيطرة من وجهة النظر الاقتصادية و ليس من وجهة النظر السياسية، فهي مبعدة عن السلطة السياسية بحكم الواقع الاستعماري، و قد حصلت هذه البرجوازية على الأرض ضمن ظروف متنوعة جدا، باستثناء فئة صغيرة منها استطاعت الحصول على الأرض مقابل دورها وخدماتها للنظام الاستعماري خلال القرن التاسع عشر أو الذين احتكروا الأراضي التابعة للبلديات الكاملة الصلاحية و المختلطة. وفي هذا الطرح علينا أن نشير إلى وجود برجوازية جزائرية وسطى أو صغيرة تملك بين 10 و50 أو حتى 100 هكتار؛ تستفيد هي الأخرى من قوة العمل المتوفرة والزهيدة التي تجعلها تتطور باستمرار[25]. و هذه الطبقة البرجوازية الجديدة (Néo-bourgeoisie terrienne) من الجزائريين هي التي استطاعت بحكم التقدم الاقتصادي أن تتطور بسرعة من 1891 إلى 1912، باستعمالها التقنيات والأساليب الإنتاجية المربحة من جهة، كما أنها فرضت نفسها- تدريجيا - من محيطها الاقتصادي وأصبحت تناضل أكثر فأكثر في الجمعيات التي تشترك فيها من أجل تحقيق و ضمان المساواة في الاعتماد (البنوك و القروض).
و عقاريا فإن هذه البرجوازية الجزائرية استطاعت أن تشتري - تسترجع- من المعمرين الأوربيين عام 1916، حوالي 7.264,74 هكتارا من الأراضي الريفية بقيمة 3.641,925 فرنكا، و,90123 هكتارا من الأراضي الحضرية (أي المدن) بقيمة 811.681 فرنكا[26]. و هو ما يوحي لنا تحول -و تحفز هذه البرجوازية التقليدية- في أسلوب و عمليات الاستثمار اتجاه المدن، الأمر الذي سيشكل في المستقبل قسما من برجوازية المدن الحضرية[27].
كما أن هناك فئات إجتماعية أخرى تدخل ضمن هذه الطبقة البرجوازية وهي التي استفادت من الإدارة الفرنسية بحكم مناصب إدارية أو وظائف تمثيلية، ومنهم "القياد" (Caïds) و أعوان - الأهالي " (Adjoints-Indigènes)، و حراس - الغابات (Gardes-champetres)، و غيرهم من "الأعيان والنبلاء" الذين أشارت إليهم "تحقيقات 1900- 1910" ( و فيما بعد 1914-1918) "كالخوجة" و "المفتي" و "النائب" و بعض رجال الدين من مرابطين و شيوخ الزوايا.
جاء سبرنا حول ثروة هذه الفئة من البرجوازية الإدارية و الذي مس حوالي 500، بالرسم الوارد:
"عدد الأعيان" |
الأراضي بالهكتار |
النسبة % |
150 |
من 10 إلى 49 |
31,2 |
91 |
من 50 إلى 99 |
19 |
66 |
من 100 إلى 199 |
13,10 |
53 |
من 200 إلى 299 |
11 |
38 |
من 300 إلى 599 |
8 |
34 |
من 600 إلى 999 |
7 |
22 |
أزيد من 1000 |
4,5 |
30 |
أغنياء بثروات أخرى |
6,2 |
484 |
|
|
مصدر : أرشيف آكس و محفوظات ولاية وهران راجع الهامش رقم 1 والهامش رقم 7.
كان بروز هذه الفئة من البرجوازية الجزائرية التقليدية "متوقعا" كما أسلفنا، نظرا للدور السياسي الذي قامت به اتجاه الإدارة الفرنسية، باستفادتها من الأحكام التشريعية العقارية - هي الأخرى - للحصول على ملكية الأراضي من جهة، و اعتبارا للمكانة الاجتماعية والتاريخية التي تميزت به خلال القرن التاسع عشر من جهة ثانية، فأكدت "تحقيقات 1900-1910"و التي استمرت حتى عام 1918، ثبات نسبة كبيرة من تلك العائلات ذات الزعامة الحربية والدينية (مخزن و أجواد) و أن تعزز مكانتها الاجتماعية والاقتصادية باقترابها من الإدارة الفرنسية[28]. و لنا مثال آخر يتعلق بالبرجوازية الإدارية الجديدة التي أثرت بسرعة مثل رحو حبيب ببلدية بوتليليس (ناطور و هو ولد قايد سابق)، نائب بلدي منذ 1887 و معين أهلي؛ يصبح عضواً بالغرفة الزراعية بوهران سنة 1901، يملك أربعة مزارع تشغل بالطريقة العصرية الأوربية ، و 1400 هكتار ذا مدخول سنوي يصل 20.000 فرنك؛ و هناك قاد صغير، ناطور هو الآخر ثم نائب بلدي حتى 1909، يصبح عضو بمجلس العمالة سنة 1910؛ تقدر ثروته العقارية بـ 150.000 فرنك فرنسي. كما يلمح جدولنا إلى شريحة أخرى من هذه البرجوازية الإدارية و هم الأغنياء الرأسماليين ( هم 30، أي 5,45 %) الذين استطاعوا أن يحولوا بعض ثرواتهم داخل المدن - و ان يتمدنوا - بشراء عقارات و مساكن وحمامات و طاحونات (moulins). كما استطاع بعضهم أن يستثمر في تجارة الحبوب و القماش و اللحوم و البقالة. و الشريحة الأخيرة من هذا السبر، شمل 66 "نبيلا" لا يملكون أرضا، و هم متقاعدون وإداريون يحصلون على أجورهم الشهرية و السنوية.
وجدير بالإشارة : أن سبرنا هذا، لم يشر - بقصد - إلى شريحة أخرى مهمة و واسعة، تتكون من "النواب المنتخبين" و "المساعدين" (assesseurs) (حتى عام 1912) على مستوى دوائر عمالة وهران وبمختلف المجالس، خلال هذين العقدين الأولين من القرن العشرين، إذ آثرنا منهجيا - إدراجها مع برجوازية المدن المالكة، كما سنراه ضمن المحور القادم.
جـ. برجوازية المدن
عند مقاربتنا لموضوع " البرجوازية الجزائرية" مع نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، يجب أن نقر - منهجيا - "بمجازية" هذا الاستعمال أثناء التطرق إلى المجتمع الجزائري الحديث قبيل الحرب العالمية الأولى. فحتى 1919 لا تزال التقارير الرسمية ودراسات "مصالح" الإدارية الاستعمارية المختلفة تشيرإلى الطابع الريفي المسيطر على شرائح المجتمع الجزائري المسلم رغم بروز وتطور نواة طبقة حضرية مالكة في المدن المتوسطة والكبرى كوهران و العاصمة وقسنطينة وعنابة و تلمسان و مستغانم وغيرها. "فالهيسطوغرافية الفرنسية" المبكرة L’historiographie française)) أو على الأقل قسم من أدبياتها لدى الجغرافيين مثل أوغستان برنار ولاكروا (N.Lacroix و A.Bernard) وروني ليسباس (R.Lespes) والمؤرخين مثل غوتييه (E.F.Gautier) ومارسي (G.Marçais) والاقتصاديين مثل ديمونتيس (V.Demontes) و الاجتماعيين مثل لويس ماسنيون (L. Massignon) و ايميل ماسكوراي (E.Masqueray) والحقوقين مثل لارشي (E.Larcher) وريكتانويل (G.Rectenwald) وغيرهم، أشارت في دراستها بتناولها هذا الموضوع، الى فقدان المجتمع الجزائري إلى تلك الطبقة البرجوازية بالمفهوم الغربي "ككيان متميز، ذي قاعدة اقتصادية متينة" داخل البنية الاجتماعية المسلمة؛ بل جاء التلميح فقط الى وجود طبقة وسطى (couche moyenne). فالإداري المثقف - أم المفكر - أوغستان بيرك (Augustin Berque) عبر في محاولته الفريدة - الاولى- عن البرجوازية الجزائرية[29] بأنـها "طبقة وسيطة بين النبلاء... وعامة الناس...، تحوي الندر الباقين من حرفيين وتجار الـ "مور" (Maures أي السكان الأصليين) لسنة 1830... وهم الأحفاد الذين كونوا ثروتهم؛ و هناك المثقفون و الإداريون أو غيرهم... وخاصة الريفيون الوافدون إلى المدن و الذين تبرجزوا؛ و هذه الشريحة الأخيرة هي التي حضيت طويلا من تلك الرفاهية العامة، داخل حبور مالي، امتد حتى عام 1911 رغم تقلبات الأوضاع"[30].
رغم هذا التعريف "التوفيقي" المباشر و الشامل الذي يفي -أولايفي- لمعالجة هذه الطبقة الوسطى من الشعب الجزائري مع بداية العشرينات، فإننا نرى أن هذه الطبقة الثرية داخل المدن - وخارجها- استطاعت البقاء عندما حافظت شرائحها على قاعدتها المادية المنوطة بالأرض. أي -و كما سنرى و بفحصنا رصيد وثائق تلك العائلات البرجوازية الحضرية - أن عامل الثروة وتراكم رأسمال هذه الطبقة ظل مرتبطا بعلاقته بالعقار الزراعي الريفي، بل و هو أحد شروطه ليحقق نموه الطبيعي و ببطئ، قبيل الحرب العالمية الأولى، ولينطلق فيما بعد.
فإضافة إلى اندفاع الثروة الريفية اتجاه المدن -و تمدنها- نجد بالمقابل شريحتين أخرتين من أغنياء المدن، و هم المثقفون من نواب ومساعدين (assesseurs) و أستاذة ، و الإداريون من الخوجا والعادل و الباش- عادل والمفتي و الوكيل و غيرهم، ممن يدخلون اجتماعيا تحت ظل هذه " البرجوازية"، أو " البرجوازية الوسطى" كما نفضل. سيستند كلهم و بصفة أساسية على ركن "العقار الزراعي"، و يستثمرون باستمرار خارج المدن؛ و هو اجتهاد لعملية توفير الفائض من الرأسمال، من الريف، و نقله إلى المدينة، بقصد تراكمي و بهدف تنشيطه في مجالات أخرى، إما عقاريا أو صناعيا أو في استثمار "تحولي" أو في الخدمات. و هو ما ستفعله بعض العائلات في جزائر ما قبل الحرب و بعدها؛ و عبر مدن القطاع الوهراني.
و في هذا الإطار جدير بالإشارة أيضا معرفة تطور النمو السكاني للعنصر المسلم بمدن الغرب الجزائري كتلمسان[31] وندرومة[32] ومعسكر و القلعة و مستغانم ومازونة[33] و وهران[34] مع نهاية القرن التاسع عشر للتأكد من استعادة تلك المدن لعمرانها، و تجديده مع بداية القرن العشرين، حيث ستنشط شرائح تلك البرجوازية المتحضرة. فما بين 1886 و 1906. تطورت ديموغرافية بعض المدن الكبيرة بالشكل الوارد:
تلمسان : من 11.974 نسمة إلى 14.567
وهران : من 11.200 نسمة إلى 16.292
معسكر : من 6.958 نسمة إلى 9.993
مستغانم : من 5.534 نسمة إلى 8.907 [35]
أصبحت بعض الفئات الاجتماعية الثرية في المدن قادرة على البقاء و التكيف مع الأوضاع الاقتصادية الجديدة مع بداية القرن، رغم التدهور الذي أصاب اقتصاد المدن الجزائرية، حيث حافظت هذه الفئات على قاعدتها العقارية التقليدية و هي ملكية الأرض؛ إذ استطاعت أن تتحول إلى برجوازية تجارية وأعمال في غالبية الأمر بصورة أخف كبرجوازية صناعية. ذلك شأن فئة من "الكراغلة" (Kouloùgli) التلمسانيين - مثلا - الذين أحيوا صنائعهم في النسيج عموما بصورة راقية و متطورة، و هي فئة صاحبة رفاهية (4800 نسمة سنة 1906)، امتلكت 22 مصنع يتم تشغيلها بواسطة حوالي تسعين حائك؛ رغم معاناة هذه الصناعة التي تتلقى منافسة أوربية شديدة في الميدان.
و هذه الفئة هي التي مثلت نخبة المثقفين "المتفرنسين" في تلمسان، و اهتمت مبكرا بالتعليم الأوروبي لأبنائها؛ إذ حول قسم كبير من "الكراغلة" نشاطه إلى الاستيراد و التصدير؛ مستبقين في ذلك الفئة الثانية من سكان تلمسان و هم "الحضريون" (لحضر) - 9760 نسمة - الذين اختصوا هم أيضا في صناعة النسيج (21 ورشة)، والذباغة و غيرها من الحرف والصنائع. و لكن مؤشر الثراء المميز لدى الكراغلة كان له دوره في احتلال عدد الوظائف الكبير داخل الإدارة والتعليم و المهن الحرة في مدينة تلمسان، مع 1914. فأمام أغلبية الأعضاء التي يشكلها الكراغلة داخل مجلس إدارة "نادي الشبان الجزائريين" مثلا، هناك عضو واحد من "لحضر"[36] فالبرجوازية التلمسانية نجحت في تكيفها مع الواقع بشكل خاص عند الكراغلة.
و على مستوى تلمسان دائما، نجد عائلة بن ديمراد الواسعة مع محافظتها على أراضيها العقارية، مستثمرة في تجارة الجملة - وتخرج أحد أبنائهم كمساعد- طبيب ، حدت حدوها كل من عائلة بخشي و بوجاقجي.
أما صغيرهم بن ديمراد العربي (20 سنة)، فقد أسس سنة 1912 أهم شبكة نقل، بالشاحنات و الحافلات في القطاع الوهراني منافسا بذلك الشركة الفرنسية "ريفي" (Ruffie) الكبرى كما استطاعت عائلة "قارة سليمان" أن تكون على رأس أحد أهم مؤسسة صناعية في العمالة و ممارسة للتجارة. أما عائلة بن قلفاط العريقة حرفيا فقد تحول نشاطها إلى الصناعة و المبادلات التجارية و الي تجارة الجملة في التبغ وغيرها، كما استثمرت في معاصر الزيوت.
أما في مدينة ندرومة فالاقبال على الصناعة كان قليلا من طرف البرجوازية المحلية، اذا استثنينا عائلة زرهوني التي ملكت صناعة الساف النباتي و مطحنة القمع و الشعير، لكن الندروميين استمروا تقليديا في التجارة [37].
و داخل هذا النشاط المرتبط بالتجارة و الصناعة على مستوى مدن القطاع الوهراني، نجد عائلة "بن كريتلي" العريقة و الغنية بمستغانم بأملاكها العقارية، تتوجه الى تجارة الجملة، و استيراد البضائع الكولونيالية، و تشغيل مطحنة.
أما في وهران فهناك عائلتا "ابن محمد" و "بَنِ سعدون" ممن يملكون المطاحن، أما عائلة "ابن كلة" فقد تخصصت في صناعة الجواهر و التجارة، مع عائلة عبد القادر بن حرثي التي احتكرت صناعة البراميل[38]. تلك إذن هي إحدى الشرائح البرجوازية الهامة في المجتمع الجزائري مع بداية العقدين الأولين من القرن العشرين.
أما الشريحة الأخرى من برجوازية المدن فتتمثل في أولائك المثقفين من أساتذة و نواب و إداريين خاصة. ففي عام 1911 يصبح طالب عبد السلام، ابن أحد قضاة تلمسان، محاميا. وهو عضو بالمجلس الإداري "لنادي الشبان الجزائريين عام 1912؛ أما ابن الصناعي محمد بخشي، فسيصبح مدرسا ورئيس النادي المذكور مع محمد بن إسماعيل و العربي فخار الذي سيباشر التدريس بوهران. أما أخو هذا الأخير و هو ابن علي فخار فسيحصل على شهادة ليسانس في الحقوق و يعين أستاذا للغة العربية بمدرسة الغرفة التجارية بمدينة لييون الفرنسية. و في تلمسان دائما هناك الغوثي ويس ككاتب محامي مع مصطفى بن دادوش ابن ضابط "تيرايور" وصاحب وسام شرف، و هناك محمد بن يادي محاسب. أما ندرومة فقد تخرج منها عدد كبير من الإداريين (عائلة رحال) وطبيب وهو الدكتور نقاش.
و بالنسبة لهذه الشريحة دائما يقدم إسماعيل حامد (Ismael) عرضا من أصناف أولائك المثقفين الجزائريين عام 1906، نشير إلى بعضهم على مستوى عمالة وهران، مثل الأستاذ صوالح محمد بن معمر (فرندة) خريج مدرسة المعلمين بالعاصمة، و هو معيد بمدرسة اللغات الشرقية الحية بباريس، و عبد الرحمن (وهران)- فهو عبد الرحمن محمد - تلميذ سابق بثانوية وهران، متحصل على شهادة الباكالوريا، و هو أستاذ بتلمسان. أما في سلك القضاء فنجد منهم ابن عودة (كاتب موثق)، و علال عبدي (وهران) موظف بالقنصلية لدى المغرب، و هناك بلعيد كقابض بالبريد و الموصلات بوهران[39]. أما سلك الطب فشمل الدكتور نقاش ابن قائد بندرومة (طبيب الاستيطان بِيَلاَّل) و الدكتور بوزيان عبد القادر من ولهاصة (دائرة تلمسان) و الدكتور ابن ثامي بلقاسم ولد حميدة من مستغانم؛ مع الصيدليين حفيظ بومدين من تلمسان و خزندار محمد من سيدي بلعباس[40].
أما النواب (Elus)، و "المساعدون" من الاعيان المعينين داخل المجلس العام لعمالة وهران assesseurs musulmans au conseil) général d’Oran ) فيشكل هم الآخرون القسم الهام من تلك البرجوازية "المتحضرة"، داخل المدن الكبرى والمتوسطة، و هي شريحة متميزة من ناحية ثرائها و ملكيتها ونمط نشاطها الاجتماعي و السياسي.
فهؤلاء "المساعدون" مثلا ((Les assesseurs ماهم في نظرنا إلا الصورة لتلك البرجوازية التقليدية، بحكم ملكيتهم العقارية في الريف و مكانتهم الاجتماعية باحتلال مراكز آغوية و باش-آغوية وقيادية و قضائية و غيرها؛ لكنهم يقطنون المدن و يستملكون تدريجيا داخلها - تحويل رؤوس أموالهم - و يسهل ذلك لديهم، نظرا لمحاباتهم للإدارة واقترابهم من السلطة للدور الذي يلعبونه في صالحها. أما النواب المنتخبون في المدن فهم "حضريون" بالطبع، وتكثر نسب المثقفين منهم، سواء عربيا أو فرنسيا أو هم مزدوجي اللغة عادة في مدن معسكر وتلمسان و مستغانم و ندرومة ومازونة. و يغلب لدى هذه الشريحة من السياسيين الجزائريين، مع بداية القرن العشرين، طابع التملك للعقارات خارج مدنها، بحيازة الاراضي الزراعية، إما وراثيا أو استثماريا، و هو ما يوحي بقاعدة هذه الشريحة من النواب المادية من توفير للرأسمال من الريف قصد استثماره باستمرار.
فنصادف في سيدي بلعباس نواب مثل لالوت عبد الرحمن (1900) و أسعد قدور (1912) و مامون محمد (1912) وحساني حاج محمد و اسعد محمد (1900) و صابلي طيب ولد زملاش (بسفيزف 1912) مع بوهد أحمد ولد بلاحة ومعطلة قادة و مكيكة عبد القادر. و على مستوى دائرة وهران يوجد عودة - معزوز أحمد و بوناب لخضر و ابن أحمد بلقاسم علي. أما بالنسبة لدائرة معسكر فإن طابع ملكية الاراضي الزراعية هو سائد عند النواب المنتخبين خلال هذه الفترة (1900-1918) مثل بن سفير علي ولد قدور (مدرس)[41].
وصفة الملكية هذه نلقاها بصورة مركزة - و مطولة أيضا لدى النواب التلمسانيين المنتخبين في هذه الفترة من "كراغلة" و "لحضر"، مثل قارا-سليمان جيلالي ولد محمد ( مع ثورة تقدر 200.000 فرنك) فهو عضو في المجلس الإداري لبنك الجزائر و رئيس الجمعية الدينية التلمسانية 1908، و هناك بن ددوش مصطفى بن غوتي (1902) و بن قلفاط غوتي ولد البشير (1904-1908) صاحب ثروة تقدر بـ 150.000 فرنك و بن عمر بن علي بن محمد (ثروة 100.000، 1912) عضو المجلس الإداري في الجمعية الأهلية للاحتياط الزراعي (S.I.P) و نائب رئيس الجمعية الدينية المذكورة، ومصطفاوي بومدين ( 6 "سكة" أرض، مثقف بالعربية)، و بن منصور محمد ولد سيدي الحبيب (ثروة حيوانية زائد 15000 فرنك، مثقف بالعربية)، و بن مجاهد بكاي (1904-1904؛ 4 "سكة" أرض)، وقناديل عمر (4 سكة، و مثقف بالعربية)، و خاصة بن رحو أحمد بن محمد صغير (1892-1912، صاحب عقارات كثيرة تقدر بـ 200.000 فرنك و هو مزدوج الثقافة عربيا و فرنسيا) مع النائب سلكا بن علي بن محمد (1912، ملاكا وصاحب عقارات كثيرة بتلمسان)، وبجاوي محمد (1912)[42].
و صحبة هؤلاء النواب التلمسانيين هناك فئة أخرى من نواب الدوائر مثل مختاري محمد بالحاج مختار من الغزوات وبن رحال محمد بن محمد من ندرومة ( وهو عضو بالمجلس العام وهران حتى 1908) و لبلاق بوشنتوف ولد محمد مع جلولي بوعلي ولد محمد وحجاري ولد محمد من لحناية. وهناك من "ولهاصة شراقة"- بلدية بني صاف - كل من فقيه سي برحو ولد أحمد، و مختاري ولد محمد، و بلعباس حسين ولد محمد، مع عائلة كل من بلهاشمي حاج أحمد ولد عبد القادر، و بن صافي ميلود ولد محمد (1892، و هو مثقف)، ومنقوري محمد ولد عبد القادر، و مختاري مختار ولد محمد (1888)[43].
خلاصة
و أخيرا فإن هذه البرجوازية الجزائرية "الحضرية" رغم نسبتها الصغيرة وصحبة سكان المدن، هي التي ستلعب دورها خلال العقود التاريخية المقبلة في جزائر ما قبل الحرب وفيما بعدها؛ تستطيع أن تسترجع سياسيا ما فقدته القوى الريفية في السابق، الأمر الذي سيحفز على تغيير العلاقات الإديولوجية، السياسية والاقتصادية، داخل ما نسميه تبلور الوعي السياسي و الديني والثقافي داخل المجتمع الجزائري وتدشين مرحلة حوار تاريخي، تميزت به الحركة الوطنية الجزائرية خلال فترة ما بين الحربين العالميتين ( 1919 و1939)[44].
الهوامش
[1] - أنظر أرشيف ما وراء البحار بآكس أون بروفانس (الفرنسية)
أ: السلسلة الصغرى رقم "2ن" الخاصة بفهرست ملفات السيناتوس - كونسولت المتعلقة بالقبائل الجزائرية داخل القطاع الوهران، جرد رقم 1029.
A: Sous-Serie 2N, Répertoire des dossiers du Sénatus-Consulte des tribus d’Algérie (dans le département d’Oran), établi par BOYER, P.- inventaire n°.1029.
ب: سلسلة 1هـ-هـ 76 (1852) و 1هـ-هـ 77 (1853).- إحصاء و معلومات عن قبائل معاطعة، وهران.
[2] للإطلاع عن أصل و سيرة "دواير و زمالة " و حركاتهم، أنظر المؤلف الذي تركه أحد زعمائهم و هو أحمد ولد قادي باللغة العربية، تحت عنوان "دواير و زمالة ".- وهران، مطبعة هانتز، 1883.- 77ص. و المؤلف مترجم إلى اللغة الفرنسية (Douïars et Zmalas) من طرف نفس المطبعة و في نفس السنة و ذلك في 116 صفحة.
[3] - أنظر انجاز برنار أوغستان (BERNARD Augustin) حول "الحدود الجزائرية-المغربية" تحت إشراف الحاكم العام جونار.- باريس.- للمراجعة، معهد الجغرافية، جامعة باريس، رقم الترتيب (AB - 212)
[5] - المكتب العربي بتلمسان، "معلومات مستقات عن جنوب إقليم تلمسان"، تلمسان.- 17 أفريل 1850.- 23 صفحة، (أرشيف آكس).
[6] - بيرك، أغستان (BERQUE, Augustin).- مقاربة تاريخية حول السيادة الإقطاعية الجزائرية، مجلة البحر الأبيض المتوسط، 1949.- عدد (جانفي-فبراير).- ص.ص 18-34 وعدد 30 (مارس-أفريل).- ص.ص 168-180. كون الباحث إداريا سابقا في مدينة فرندة (تيارت)، و لاحقا مديرا "لمصلحة الشؤون الأهلية" بالحكومة العامة فترة الثلاثينيات و بداية الربعينيات وفر له فرصة إستغلال كثير من الملفات المنوطة بهذه العائـلات.
[7]- إرجع إلى أرشيف ما وراء البحار بآكس أون بروفانس، سلسلة 7هـ (Série 7H).- "زعماء الأهالي في القطاع الوهراني (1836-1907 )" و منها علبة 7هـ 19 و 7هـ 20 و 7هـ 23 و10هـ 56 (1849 - 1886). كما يقدم رصيد مديرية المحفوظات بولاية وهران مادة و ثائقية لا يمكن الإستغناء عنها بالنسبة لهذا الموضوع. أنظر علب رقم 4471 و 4474 و 4065.
[8]- أرشيف آكس، علبة 10 هـ 56.- "سيرة العائلات في عمالة وهران".- مؤرخة 25 فبراير 1868.
[9] - مثله.
[10] - أرشيف آكس، نفس المصدر أعلاه.
[11]- مثله.
[12]- أ. آكس، علبة 21 هـ.- مناطق الجنوب.- زعماء الأهالي و المسائل الحربية (1862 - 1940).
[13] - مثله.
[14]- أ. آكس، علبة 7هـ 19 (1845-1875).
[15]- أحمد ولد قادي.- نفس المصدر، ص.ص 3-4 و ص.ص 10-43.
[16]- أ. آكس، علبة 10هـ 56.
[17] - طالع أهم التحاليل لهذه الثورات الريفية خلال القرن التاسع عشر، لدى مصطفى لشرف.- الجزائر أمة و مجتمع، خاصة القسم 1 و 2 و 7.
[18]- بيرك، أوغستان (BERQUE Augustin).- محاولة بيبليوغرافية نقدية عن الطرق الاسلامية الجزائرية.- نشرة الجمعية الجغرافية و الأثرية لعمالة وهران.- مطبعة فوك، 1920.
[19] - بيرك، أوغستان.- مقاربة تاريخية حول السيادة الإقطاعية الجزائرية.- نفس المرجع.
[20] - راجع الهامش رقم 7 طي هذا الباب.
[21]- هذه الإنطباعات العامة التي نشاطر بها الرأي آجرون.ش.ر.- "الجزائريون المسلمون وفرنسا".- باريس، 1968، 1308 صفحة، ص.ص 818 - 819. و ما نييه جيلبير.- "الجزائر الظاهرة".- جنيف، 1981.- 793 صفحة، ص.ص 206-208.
[22] - أ. أكس، علبة 16 هـ 32.
[23] - أنظر دراسات أوغستان بيرك (Augustin BERQUE) مجموعة و معلق عليها من طرف ابنه جاك بيرك (Jacques BERQUE) و فاتان ج.ك (Jean Claude VATIN) ضمن "كتابات عن الجزائر"، سلسلة الارشيف المغاربي، المعهد الوطني للآداب، آكس اون بروفاس، 1966.- 300صفحة.
[24] - يفترض قانون 1926 أن المالك هو من يملك التربة، و الذين لا يملكون التربة لا يعتبرون ملاكين و لو كان يحق لهم ذلك. بالاضافة الى ذلك فإن قانون 1926 يلغى حق الشفعة (أي حق الأفضلية للشركاء في المشاع) في كل عملية بيع يكون للاوربي علاقة بها.
[25] - طالع بن اشنهو عبد اللطيف.- تكون التخلف في الجزائر، محاولة لدراسة حدود التنمية الرأسمالية في الجزائر بين عامي 1830 و 1962.- الجزائر، 1979.- ص 210.
[26]- دراسات بيرك أوغستان.- كتابات عن الجزائر.- ص 50. قارن بوردو (BURDEAU)، تقرير عن ميزانية الجزائر (لسنة 1891) و الوثائق البرلمانية ( لسنة 1916).
[27]- ابن شنهو (ع.أ)، نفس المرجع، ص 212. قارن "ريفبير ولاك"، مبحث في الزراعة الاستيطانية، 1911، ص 235؛ و آجرون (ش.ز)، نفس المرجع أعلاه، الجزء الثاني، الكتاب الثاني، تطور ملكية الاهالي، صص 737-776.
[28] - هناك نسب أخرى بالنسبة لعمالة وهران مست 300 نبيل ( من بين 1000) أفادت بـ 70 (23,33 %) للشريحة الأولى و 61 (20,33 %) للثانية 75 (25 %) للشريحة الثالثة و 34 (11,33 %) للشريحة الرابعة و 32 (10,66 %) للشريحة الخامسة و 12 ( 4 %) للشريحة السادسة و 16 (5,33 %) للشريحة السابعة؛ أنظر تواتي هـ.- إقتصاد، مجتمع و تثاقف، قطاع وهران المستوطن، 1881 -1937.- رسالة درجة ثالثة، ج 1، 1984.- ص. 113.
[29] - البرجوازية الجزائرية أو البحث عن سيزار بروتو، مجلة هيسببيريس، سنة 1948.
La bourgeoisie algérienne ou la recherche de César BIROTTEAU, in Hesperis, 1948, 35, 1er - 2e trimestre, p.p. 1-29.
[30]- مثله.
[31] - أنظر ساري جيلالي (SARI Djillali)، مدن الغرب الجزائري قبيل الاستعمار، الجزائر، ش.ن.ت، 1977؛ و أيضا الفريد بال (Alfred BEL)، سكان تلمسان المسلمين، مجلة الدراسات الانثولوجية والسيولوجية، عدد 1908، طبعة باريس، 1908، 77ص؛ وريكار (ب) وبال (أ)، "حرفة الصوف في تلمسان"، الجزائر، 1913.
[32]- أنظر باسي روني (BASSET. R)، ندرومة و ترارة، باريس، طبعة لورو، 1901؛ وخاصة الانجاز الجامعي لـ قراند - كييوم (ح) (GRANDGUILLAUME. G)، ندرومة: تطور مدينة، بريل، طليدن، أ.ج، 1976.
[33] - بالنسبة "للمونوغرافيات التاريخية لمعسكر و القلعة و مستغانم و مازونة، طالع سارلي جيلالي، نفس المرجع أعلاه.
[34] - بالنسبة لمدينة وهران طالع ابن قادة صادق، الحيز العمراني و البنيات الاجتماعية بوهران بين 1792 و1831، شهادة الدراسات المعمقة، جامعة وهران، 1988.-قارن ليسبيس .ر (Réné LESPES)، وهران: دراسة جغرافية و تاريخية حضرية، الجزائر العاصمة، 1938.
[35] - إحصاء الجزائر العام (Statistique générale de l’Algérie).
[36] - مينييه ج.- نفس المرجع السابق.- ص 210.
[37] - مثل الندروميون 25 % سنة 1911 و 26,5 % سنة 1921 كشريحة تنشط في التجارة، انظر برونان، أ (André PRENANT)، ندرومة : دراسة عمرانية، دبلوم دراسات إختصاص، باريس، 1956، صص73-76.
[38]- حامد إسماعيل (Ismaël HAMET).- مسلمو شمال إفريقيا الفرنسيين.- باريس، 1906.- 316 صفحة، ص. 176.
[39] - حامد اسماعيل.- نفس المرجع.- ص.ص 208-209.
[40] - مثله.
[41] - إرتكز اعتمدنا الوثائقي بالنسبة لهذه الفئة الاولى على م.م.و.و. (ولاية وهران).
[42] - إعتمدنا يكاد أن يكون كليا على أرشيف آكس، علبة 16 هـ 32 (16H32)، بالنسبة لنواب دائرة تلمسان.
[43] - مثله.
[44] - يوجد مشروع عمل طموح من طرف بعض الباحثين (صادق بن قادة، إبراهيم مهديد و فؤاد صوفي) يفي بسيرة الشخصيات الجزائرية في القطاع الوهراني خلال القرن 19 و القرن 20،
(Biographie des personnalités de l’Oranie au XIXè et XX siècle) يسير مع بعض المضامين المطروحة داخل هذا الانجاز.