إنسانيات عدد 27 | 2005 | السوسيو-أنثروبولوجيا في تحول | ص 03-04 | النص الكامل
يتضمن هذا العدد الجديد من مجلة إنسانيات موضوعا عنوانه "السوسيو-أنثروبولوجيا في تحول" و يشكل في الواقع مساهمة في النقاشات التي تدور حول علم الاجتماع (السوسيولوجيا) و الأنثروبولوجيا خلال عدة عشريات خلت، وبخاصة فيما يتعلق بتحولها المستقبلي في/و حول الجزائر و بنسبة معينة في المغرب العربي و في العالم العربي.
و بلا شك، قد سمحت هذه النقاشات التي تم إجراؤها بمناسبة اللقاءات العلمية و الأعمال المختلفة[1] التي تم نشرها، بتهيئة الأرضية للخوض في هذه الأبحاث دون استنفاذ المسألة و بطبيعة الحال نحن لا نزعم لأنفسنا القيام بذلك من خلال مبادرتنا بهذا العدد من مجلة إنسانيات.
و بالفعل لا نستطيع ذلك بحكم أن الورشة واسعة و أن المجتمعات هي محل تساؤلات جديدة و هو الأمر الذي يدفع بالعلوم الاجتماعية إلى تجديد مقارباتها بشكل دائم و مستمر.
و من هذا المنطلق، مكنت بلاشك الندوة التي تم تنظيمها من قبل مركز الأبحاث في الأنثروبولوجية الاجتماعية و الثقافية بوهران في شهر سبتمبر 2004 تحت عنوان "الجزائر بعد خمسين من 1954 : حوصلة للمعارف في العلوم الإنسانية و الاجتماعية " (و التي يحضر لنشر أعمالها) من إجراء تبادل ثري بين الزملاء من مختلف التخصصات.
أما فيما يتعلق بما نقوم به الآن، و بخاصة في هذا العدد من المجلة، فإنه يرتبط بالسؤال الذي يطرح بشكل متواصل و المتمثل في كون السوسيولوجيا والأنثروبولوجيا يشكلان تخصصين مختلفين انبثقا من تقاليد بحثية متباعدة، أو قد تمكنا من الذوبان في بعضهما البعض بخصوبة من خلال المقاربة السوسيو-أنثروبولوجية.
و لهذا السبب، تعتبر كلودين شولي و من خلال مسارها الطويل في التعليم والبحث، أن علماء الاجتماع في الجزائر قد استوعبوا ضرورة القيام بـ "مقاربة تفهمية" و العمل "المتعدد الاختصاصات" أي ممارسة الأنثروبولوجيا التي هي الآن بعيدة بشكل كبير عن تلاعبات الفترة الكولونيالية (يتعلق الأمر في الحقيقة ببعض الممارسات الخاصة بالإيثنوغرافيا) و عن الأحكام المسبقة التي ميزت الدولة الوطنية في عشرياتها الأولى تجاه هذا العلم. و في هذا الباب، يحاول علي الكنز توسيع النقاش إلى العلوم الاجتماعية و الإنسانية في مجموعها و ذلك بعرضه للإشكالية التي تأسس عليها التحقيق الميداني الذي أشرف عليه، و يدور هذا التحقيق حول التعليم و البحث في هذه العلوم في خمسة بلدان عربية (لبنان، سوريا، مصر، الجزائر و المغرب) أما بقية الدراسات التي يحتويها هذا الملف، فإنها تتطرق بدورها إلى :
- نموذج النظرية الجزئية الذي لا يزال يهيمن على العديد من الأعمال في علم الاجتماع والأنثروبولوجيا في المغرب العربي و الذي عاد إليه هوق روبيرتس ليدرسه دراسة نقدية.
- التطبيق التجريبي للعلوم الاجتماعية، و بخاصة في علاقتها بالحاكم ولأغراض الحكم، و قد برز ذلك من خلال ما حاوله حسن رمعون من حوصلة أولية في عرضه.
- تقييم أولي للأبحاث في علم الاجتماع التي تم إنجازها بالجامعات التونسية، قامت بها فتيحة السعيدي.
كما تم بهذا العدد تدشين باب تحصى فيه كل الأطروحات ورسائل الماجستير التي تمت مناقشتها في الجزائر، و قد رافقت ذلك أول مساهمة مشتركة لكل من مصطفى مجاهدي، منصور مرقومة و فؤاد نوار تدور حول تخصص الأنثروبولوجيا في الجامعة الجزائرية.
- نظرية النظام و الفوضى المطبقة بشكل عام على الأنثروبولوجيا في دراسة من إنجاز أحمد مورو.
- هذا بالإضافة إلى القراءات النقدية (حسن رمعون و مختار عطا الله) والعروض (إبراهيم صالحي و صادق بن قادة) التي تكمل هذا الملف، كما يشتمل هذا العدد على مساهمات أخرى تتمثل في دراسة خارجة عن الملف (آحاد) لكمال كاتب و مواقف بحث (عبد القادر خليفة و العلاوي حول المهاجرين بباريس ومونريال)، و عرض كتب (عمارة بكوش و نجاة زطلا).
و أخيرا نشير إلى أن العدد يتضمن تكريمين لرجلين فقدناهما مؤخرا و قد تركا لنا أعمالا ثرية لانتوانى في اعتمادها باستمرار : جاك ديريدا (بقلم فتحي بن سلامة) و نور الدين سرايب (بقلم جون كلود صانتوسي).
و يهدى هذا العدد الجديد من مجلة إنسانيات إلى روحيهما الكريمتين.
إنسانيات
ترجمة محمد داود
الهوامش
[1] نقترح على القارئ العودة للمراجع و البييليوغرافيا المعتمدة في الدراسات المختلفة المنشورة بهذا العدد، وبخاصة القراءات النقدية و العروض لبعض الكتب.