إنسانيات عدد 35-36 | 2007 | قسنطينة. مدينة في تحول | ص 95-108 | النص الكامل
Nassima BOUSLAH : Enseignant, Université de Constantine, 25 000, Constantine, Algérie
1- مدخل إلى العينة والإجراء
تنتمي القصة الشعبية عموما إلى نوع من السرود يتسم بكونه سردا ابتدائيا على اعتبار أن الراوي فيه يكون غريبا عن الحكاية. له مسيرة مستقلة عن أحداثها نستطيع أن نعرفه بأنه "شخصية تاريخية بيوغرافية لا تنتمي إلى العمل بل إلى العالم"[1].
لذلك عادة ما يتعامل النقد مع هذا النوع من السرود على أساس أنها سرود من الدرجة الثانية ممّا يستفاد منها في الكشف عن الجانب الوثائقي في الأدب الشعبي.
كل هذه الإشكالات أدت إلى ندرة التجريب الذي خضعت وتخضع له النصوص الشعبية بوصفها منطقة معزولة يتوجس الكثير من النقاد الولوج إلى عوالمها حين ينظر إليه على أساس أنها نصوص في هوامش الثقافة أو على أنها نصوص ساذجة تقع بعيدا عن المتعاليات الخطابية.
إن "الراوي" بوصفه أدق مقولة سردية تخضع للقصدية في الكتابة الروائية على أساس أنه الموجه الأول لإيديولوجيا النص، والقناة الواعية التي تسرب الأحداث وتحرك الشخوص وتؤثث الفضاءات، وفق استراتيجية سردية مبيتة، عادة ما يكون أداة إجرائية منتجة وكاشفة في المتون السردية المكتوبة (غير العرضية)، فتطالعنا دراسات نقدية رائدة تشتغل فقط على مقولة الراوي، من أجل الكشف عن إيديولوجيا النص، بينما يعدي الخطاب النقدي عن الراوي الشعبي مسلما منذ الوهلة الأولى بحياده، بل ونافيا حتى على النصوص الشعبية أن تكون حاملة لوعي إيديولوجي، على اعتبار أنها نصوص ساذجة، وهذا ما طالعتنا به كثير من الدراسات التي تناولت السرود الشعبية بصفة عامة.
هل الراوي ناقل عازل حقا؟ لا يمكنه شحن النص المنقول بمحمولات دلالية (وبالتالي إيديولوجية) طارئة؟
إنه من خلال تجرتبنا المتواضعة مع القصص الشعبي لم نستطع يوما أن نطمئن إلى حياد الراوي، كانت دائما تؤرقنا عبارة جيرار جينيت (Gérard Genette) "إذا كان حضور الراوي في السرد وهما، فغيابه عنه خدعة"، لذلك حاولنا أن نعمل على درء هذه الخدعة من خلال المقاربة السيميائية لتجليات الراوي في قصة "البوغي" الشعبية، طارحين إشكالية أخرى، تتمثل في ما مدى نجاعة تفعيل الأدوات الإجرائية القرائية الحديثة داخل نص شفوي يتسم بالعرضية؟
سيجيب عن هذه الإشكالات تقصي مقولة الراوي من خلال هذا المتن الشعبي. لكن قبل المضي قدما في العملية التحليلية نرى أنه من الواجب المنهجي أن نحدد الأسيقة التاريخية والجغرافية للعينة كما تستوجب دقة استرسال الإجراءات وتتبعها قرائيا أن نقف مليا عند المضمون الحكائي للقصة.
إن هذه القصة الشعبية الواقعة - كما ذهب إلى ذلك القائلون بواقعيتها- إثر دخول الاحتلال الفرنسي إلى مدينة قسنطينة[2] تبلغ من العمر الآن 164 عاما، ورغم ذلك لم تكن دائرة روايتها تتعدى القلة القليلة من القسنطينيين.
تفتح القصة أبواب القول على نجمة بن حسين، امرأة من أشراف قسنطينة وزوجة لواحد من عائلة البايات، هذه المسرجة منذ اسمها الأول لعلياء ما، تقع في حب جاب الله هذا المغني الغريب، الذي لا يتأبط سوى مقطوعات الزجل، وأسرار البحر العنابي.
يطالبه أصحابه بأمارات مصاحبته لها، فيبعث لنجمة برسالة، يخبرها فيها بأنهم ينكرون عليه حبه ما لم تثبته يدليل من عندها. وتتوسط لنقل هذه الرسالة يهودية، تسلمها لطباخة بيت نجمة، ومربيتها.
تقرأ نجمة رسالة جاب الله، وتخفيها تحت القاعدة المزيفة للصندوق خوفا من اكتشافها، وتستجيب لطلبه بأن تقص خصلة من شعرها وتضفرها بحبات الجوهر، تربطها بحزامها، وتسقطها له من شرفة بيتها الكائن في أعلى القصبة.
يتلقف جاب الله دليل الحب هذا، وييمم شطر أصحابه، وعلى صينية "الرشق" يلقي بالخصلة، ويفصح باسم صاحبتها، ليبتدره أحد أصدقائه بأنه قد جاء شيئا نكرا، وعليه أن ينفي نفسه من المدينة وإلا سيكون جزاؤه الموت. يرسم هذا الصديق طريق الخلاص لجاب الله بأن يدله على زاوية بوالجبال كي يبيت فيها، على أن يرحل صباحا..
يغادر جاب الله إلى عنابة مدينته/المنفى، ولا يعود إلى قسنطينة إلا بعد ثلاث سنوات. عندما تؤكد العرافة لنجمة بأنه سيعود، وأنهما سيجتمعان في طيف واحد، ولا تدري هل ستكون مناسبة اجتماعهما فرح أو مأتم...
تبعث نجمة برسول إلى جاب الله، يطلب منه الحضور للغناء في حفل ختان ابنها، فيرد على رسالتها بالقبول... ويدخل بيتها كما دخل قسنطينة لأول مرة حاملا غربة وزجلا، لا يزال إلى اليوم يشتعل في أعراس هذه المدينة.
غنى جاب الله وأفصح في غنائه عن علاقة ضاقت بسريتها...
نجمة يا نجمة ما بقالك الصواب في اللوم علي راني غديت لقادك في الشنايع والباطل
هذا الإفصاح جعل زوجها يسارع لدرء الفضيحة، ويأمر بإخفاء فردة حذاء جاب الله...
انشغل جاب الله بالبحث عنها، حتى افترق الجمع، فاقتيد إلى دهليز البيت وطعن بالسكين... أما نجمة، وتصديقا للعرافة التي وقعت بين الفرح والمأتم، ألقت بنفسها مع ابنها الذي كانت تحمله من شرفة بيتها الداخلية...
كان هذا تلخيصا إجماليا للمضمون السردي في قصة البوغي وقد تخيرنا فيها المقام أن نقف مع أهم مقولة سردية وهي مقولة الراوي لعله يتكشف لنا أنها لا تتسم بالمجانية خاصة إذا تعلق الأمر بالنصوص الشعبية.
2- الراوي في قصة البوغي بين الحياد و الإيديولوجيا
إن عادة الحديث باللغة تقوم على نسق من العناصر اللسانية القابلة للتمظهر صوتيا، وظيفتها الاستجابة لمنبه معين (يتطلب عموما استجابة عاجلة)، بكيفية دينامية، معبرة عما يجب، لا على المظهر التواصلي الخالص فقط، ولكن أيضا على البعد الانفصالي المتضمن في الاستجابة اللسانية للذات المتحدثة[3]. إذ إن ملفوظا حيا ينبثق بدلالة، في لحظة تاريخية، وداخل بيئة اجتماعية محددتين، لا يمكن أن يفلت من ملامسة آلاف الأسلاك الحوارية الحية، المنسوجة من لدن الوعي الاجتماعي الإيديولوجي، القائم حول موضوع ذلك الملفوظ[4].
هذه الحيوية هي ما يطبع الخط العام للرواية في قصة "البوغي"، على اعتبار أنها عرضٌ شفوي لإديولوجيا أحادية يحتل فيها الراوي المقام السردي الأول، وملفوظُ حيٌّ يعتمد على قص الأحداث المدرجة في القضية (حب/موت) على اعتبار أن القضية هي سؤال عن حالة اختراق المحظور. ولكن هذا القص متلقى فقط من جهة الدليل، إنه العرض الإقناعي لشيء قد وقع أو متصور أنه وقع، وليس السرد إذن قصا بالمعنى الروائي المهمل، إنما هو تقديم حجاجي شفوي "يتوفر بالتالي على طبيعتين إلزاميتين:أولا عريه فلا استطراد ولا تشخيص ولا محاججات مباشرة؛ إذ ليس هناك تقنية صالحة للسرد، فعلى السرد فقط أن يكون شفافا محتملا موجزا. ثانيا وظيفته؛ إذ أنه تهييء للمحاججة، وأحسن تهييء هو ذلك الذي يكون فيه المعنى مختفيا حيث الأدلة موزعة على شكل أصول غير واضحة(بذور التصديقات)[5].
لذلك ينهض الراوي في قصة "البوغي" بوصفه راويا إطاريا، يعرف أكثر مما تعرفه الشخصية، غريبا عن الحكاية، مسجلا مستوى سرد ابتدائي بعيد عن الإشكال والتعقيد والتركيب، مراهن على العري، والبساطة، والبداهة، والبكارة، والإشراق الفطري، باعتبار هذه جميعا أهم مصادر الاختزال والضغط، والتسريع في الأمكنة والأزمنة، والأحداث، مأخوذا بطقوس الحكي الموروثة، والمحتشدة باليقظة والانتباه والتلخيص والاستشفاف، محكما السيطرة على متلقين مسجونين داخل فضاء اللغة القصصية الآسرة.
إن الراوي في هذه القصة متعين بسماته، وبالمسافة التي تفصله زمانيا عما يروي. بحيث يروي أحداثا لا تعاصره، وقد لا ترتبط به إلا لكونه راويا لها.
هذا الراوي المفارق لمرويِّه، والغريب عن الحكاية، يتصف بأنه يروي متنا لا ينتسب إليه، وإنما يقتصر دوره في الأخذ عن راوٍ سابق والإرسال إلى مروي له، يتعدد تبعا لتعدد الرواة، ويتكاثر كلما تكاثر عددهم. والأمر نفسه ينطبق على المروي (قصة "البوغي") المباح أمام عدد غير معروف من الرواة، مما يجعلها كغيرها من السرود الشفوية "تتسم بأنها عرضية"[6].
يبدأ الراوي في الموروث الشعبي عموما حكايته بجملة استهلال، "وتقف موضوعة الاستهلال في القصة عنصرا له تأثيره الذي يتوزع على مدارين: الأول نفسي استقبالي، على اعتبار القص رسالة (مرويا)، صادرة عن مرسل (راو)، قاصدة مستقبلا (مرويا له). وهذه هي أركان الرسالة الأدبية من منظور الاتصال. "ويتحتم النظر إلى أدبية القص أو شعريته، من خلال أركان الرسالة، وبين كل من المرسل والمستقبل سياق مشترك تقع الرسالة على مسافة منه. المسافة تشغل آليات تحويلية من السياق إلى المرسلة فيما يخص المرسل إبداعيا، ومن المرسلة إلى القص عبر السياق فيما يخص المستقبل تأويليا"[7].
يكتسب إذن النص السردي سلطته ليس لكونه نصا ملتهبا، ولكن عن طريق بعض الثوابت السردية التي تكرسها الثقافة، والممارسات المتعددة، واستعمالاتها المتواترة، والتي تجعل القارئ أو المستمع منذ البداية في قبضة الحكاية وأسر القصة. "كان يا ماكان"، "قال الراوي يا سادة يا كرام"، "بسم الله بديت وعلى النبي صليت"... إنها البوابات العديدة للولوج إلى العالم السحري للسرد، وبلغة علم السرد تسمى "عتبة النص القصصي، وتسمى أيضا بلغة التحليل الشكلي الثوابت السردية التي نجدها تتكرر في بداية كل حكاية، وتؤطر سلطتها، وتميز ما بينها وبين الخبر الذي يفيد الإعلام والإخبار"[8].
بما أن السرد المنطوق يستدعي "صيغة استجابة دينامية لدى المتلقي إلى جانب المظهر التواصلي المتضمن في الاستجابة"[9]، فإن هذه القصة المروية بضمير الغائب تبدأ بجملة الاستهلال التالية: "قالّك ما قالّك على نجمة بن حسين..."
تحيلنا هذه الجملة التي لا تشبه أيا من موضوعات الاستهلال السابقة، أولا على حساسية المجتمع القسنطيني المفرطة لمطارحات (القيل والقال)، إنها بمثابة إنذار بخدش وشيك لكريستالية العائلات المتلفعة بالألقاب الكبيرة. هذه الحساسية هي التي تجعل السامع القسنطيني ينأسر داخل عوالم الحكي بمجرد أن يسمع هذه الجملة الاستهلالية دون غيرها. وثانيا على راوٍ أولي يتكلم موهما بالغياب وبالموضوعية، وبطول المسافة التي تفصله عما يروي، لكن تخفيه ليس سوى خدعة ووهم ينجلي عندما نتحدث لاحقا عن نواياه الإيديولوجية.
لقد اتسم التشخيص الشفوي في قصة "البوغي" بتوسيع المسافة بين الراوي والعالم المشخص. فالراوي يكف نهائيا عن التعليق المباشر أو عن التبرير النفسي والإيديولوجي، وتكاد تنعدم تلك الوظائف التنبيهية التي توجه المتلقي، إلا في تركيزه على وجهة نظر دون أخرى، إذ أننا لا نكاد نعثر في حقيقة الأمر على مقاطع سردية تعكس نفسية الراوي، أو خواطره وانفعالاته، فهو يتعامل مع محيطه تعاملا حياديا يبدو أحيانا من خلال مجموعة من الأفعال القصيرة المتلاحقة (اشتات، عاونتها، جابتلها، حكمت، قرات، قصت، ...)[10]. مسجلا بذلك نموذجا سرديا محايدا، تَسِمُهُ رؤية خارجية محدودة، "تكتفي الكاميرا فيها بتسجيل عالم سردي مرئي ومسموع، تَسِمُهُ استحالة الرؤية الداخلية، إذ لا تتيح الكاميرا غير العرض الخارجي للحركة السردية، حيث تكون حياة الممثلين مجتزأة بطريقة غير مباشرة من كلام الراوي"[11].
والراوي في القصة ليس المتكلم الوحيد، إذ تشاركه الشخصيات الكلام، وهو الذي يورد كلامها، ويختار الأسلوب المناسب لنقله، لذلك يحتل خطابه الناقل المستوى الأولي من السرد، في حين يقع خطابها المنقول في المستوى الثاني منه. وخطاب الشخصيات يكون إما داخليا أو منطوقا، لكن الراوي ينقل ضربيه إما مباشرة وإما بصفة غير مباشرة[12].إذ غالبا ما يعمد إلى عدم نقل خطاب الممثلين في كل امتداداته وتفريعاته ملخصا إياه على هيئة خلاصات:
- خطاب خارجي مسرد يلخص الأحاديث المتلفظ بها بصوت عال.
- خطاب داخلي مسرد يلخص الأفكار والهواجس الداخلية[13].
لقد عمد الراوي إلى نقل الكلام الذي سبق نفي "جاب الله" بطل القصة، كما هو دون تلخيص، وكذلك كلام العرافة، و كلام "المناولية"(الطباخة). ومن خلال تركيز الراوي على نقل خطاب دون آخر تتضح لنا نواياه الإيديولوجية، إذ إن كل انتقال من حلقة سردية إلى أخرى يقتضي تقليص الوقائع القابلة للاشتغال كحدث، والسير بالخيط السردي إلى نهايته المنطقية، وهو ما يتطابق مع "التشبع" الذي يؤدي بالنص إلى الامتلاء الدلالي. ولكن الحدث يبنى أيضا في السياق الداخلي للنص أي المرجعية المباشرة التي يشيدها النص من خلال بنائه الخاص. يمنح هذا العنصر أو ذاك وضع حدث وبناء، وعليه فإن الانتقال المشار إليه أعلاه مرتبط أشد الارتباط بالخيار الإيديولوجي للسارد، فالتركيز على هذا العنصر دون ذاك واعتباره حدثا معناه تثمين لزاوية نظر معينة على حساب زاوية نظر أخرى[14].
فالراوي أثناء تعامله مع هذا المروي البعيد عنه، والذي يفترض حياده بإزائه، يجد نفسه أمام تجربته الحياتية بأبعادها النفسية والاجتماعية والإيديولوجية التي يتبناها، ومجمل الإيديولوجيات المتواجدة في مجتمعه وعصره وأشكال انعكاساتها في ذهنه وفي أذهان الناس الذين يحيا معهم[15]. هذا ما يوجه روايته للأحداث توجيها خاصا، فتظهر القصة كمنتوج معقد لتناقضات التاريخ والمرحلة التي أنتجت فيها. فالأدب ليس مضمونا إيديولوجيا له شكل أدبي جمالي، وبناءً معين للإيديولوجيا العامة، أو نسقا لغويا يعيد إنتاجها، أو كتابة واضحة شفافة للرؤية الإيديولوجية للراوي. إن الأدب والتاريخ والزمن والعلاقة الاجتماعية، يشكلون وحدة متناقضة وديناميكية ذلك أن علاقة الأدب الموضوعية بالإيديولوجيا تظهر في كونه هو ينتج آثارا إيديولوجية، لذا فالإيديولوجيا العامة تبدو مضمرة ومختفية في النص الذي تكشفه وتكشف بالتالي إيديولوجيته لتصبح صريحة[16]. إن السلطة القمعية المميتة التي فرضتها القصة لمواجهة "الحب" المنظور إليه كحرام مجتمعي، هي فعل إيديولوجي يهدف إلى المحافظة على نسق اجتماعي معين، عن طريق فرض مفاهيم خاصة بالعائلة، والمؤسسة، والطبقة، وثقافة المجتمع، ذلك أن الإيديولوجيا هي "منظومة من المفاهيم تضبط التوجه العام لكل الفئات؛ إذ ينطلق المفهوم السوسيولوجي من دراسة الإيديلوجيا كظاهرة اجتماعية تتحكم في السياسة، والأخلاق، والوعي الجمالي، والنظام الفكري. فقد تكون سائدة ومنتشرة بشكل واسع عن طريق مركَّبة من الأفكار، تعمل على تبرير النظام القائم، الذي يساعد على نشرها بمختلف الأجهزة الإيديولوجية: السياسية والقانونية، الدينية والمدرسية الإعلامية، النقابية، والعائلية، والثقافية، والقمعية، مخفية حقيقتها كإيديولوجيا. وهذه الإيديولوجيا لا تطفو على السطح بشكل بارز إذا قوبلت الطبقة التي تمثلها بالمواجهة والرفض من القوى المضادة"[17]. يمكّننا هذا من أن نسوّغ الاختلاف الطفيف الذي سجلناه -على مستوى السرد- في الروايتين؛ فكل رواية تمثل رؤية معينة لراوي معين وتعكس أفكاره. وقد سجلنا رواية لراو يركز بشكل لا فت على كلمة "مات"، بدل "اتّقتل" (قُتل) التي يكرسها راو آخر، في أثناء الحديث عن وفاة "جاب الله". إن صيغة "مات" التي يطلقها هذا الراوي تأسر حدث الموت في الماضي المنتهي، بصيغة تنزع عن الموت بسرعة سمة الحاضر والآتي، لتقذف به في فضاء الماضي واللاآتي. إنها تبرز إلى أي حد يروم الأحياء -ربما انطلاقا من إحساسهم المأساوي بكونهم فانين- إلى التخلص من آنية الموت وعدم تحيينها، كما لو كانت الحدث الذي مر والذي يتوجب نسيانه، عبر التخلص من الجثة بسرعة ودفنها، والتخلص في آن من ظلال المعنى الجنائزية التي ينشرها الموت. تبدو هذه الصيغة كثابت من ثوابت اللاوعي البشري لأننا لا نجدها في العربية وحدها إن الصيغة "مات"، تحيل فعلا على زمن فارغ يشتغل خارج التعاقب الزمني، مسكونا بنظامه الشكلي الجامد الذي تنسحق تحت وطأته الأجساد وتستسلم لغريزة الموت، دونما إحالة على الفاعل، إنه الموت في مجانيته، دون محاكمة، ولا إدانة.
إن "مات" هذه التي حلت محل "اتقتل" هي بمثابة الدفاع السري للراوي عن الموقف المجتمعي ككل من الانتهاك الذي وقّعه البطلان.
هذا الراوي نفسه تخير عبارة "طاحت مع جاب الله"[18]، للتعبير عن العلاقة العشقية بينهما بدلا من "اشتات (أحبت) جاب الله" التي أطلقها الراوي الآخر، وذلك لأن كلمة "طاحت مع" بكل ما فيها من سقوط وإسفاف، هي في حد ذاتها إدانة سرية يشهرها الراوي في وجه هذه العلاقة.
ربما لذلك ذهب رولان بارت (Roland Barthe) إلى أن "البشر يستطيعون دائما أن يحقنوا القصة بما عرفوه وما عاشوه، وإن لم يكن ذلك كذلك، فسيكون على الأقل في إطار شكل يكبح التكرار ويقيم للصيرورة نموذجها"[19].
إن المتخيل باعتباره مجالا لانبجاس الرموز، لا يكتفي بإعادة صياغة الأشياء، أو ترتيب الصور والحكايات، لأنه بقدر ما يورط الذات الفردية في عملية إنتاجه، بقدر ما يتجاوزها ليلتقي باعتبارات ما يسميه بول ريكور (Paul Ricœur ) بـ "المتخيل الاجتماعي"، وهنا تدخل لعبة التحرر والدمج والاختلاف والتطابق، سواء أكان ذلك على صعيد الثقافة الوطنية، أو على مستوى الأدب الكوني، الأمر الذي أدى بريكور إلى القول بأننا لا نمتلك السلطة الإبداعية للمخيلة، إلا ضمن علاقة نقدية مع هذين الشكلين من الوعي المغلوط -ويقصد الإيديولوجيا واليوتوبيا (Utopie)- على اعتبار أن الأولى تتستر وتتموه في صياغة خطاباتها، وأن الثانية تنسج أحاديث يتجاذبها الاستيهام والإبداع، وتتأرجح بين الرغبة في الهروب والتطلع إلى المكوث[20].
إن الإيديولوجيا قد تكون مرتبطة بطبقة اجتماعية حينما تكون في الحكم، وتقابلها اليوتوبيا أو الطوباوية. والفرق بينهما أن الأولى "هي نظام فكري يمكن أن يتعايش مع الحالة الراهنة في المجتمع، أما الطوباوية فهي معارضة واضحة للحالة الراهنة"[21]. وبصيغة أخرى فإن الإيديولوجيا هي ذهنية الفئة الحاكمة التي تسعى إلى تحقيق مصالحها، والطوباوية هي أفكار الطبقة المحكومة التي ترى في إيديولوجية الطبقة الحاكمة النزعة النفعية، فتحاول التخلص منها قصد تغيير الأوضاع واحتلال مكانها، ومن ثم تصبح هي الأخرى إيديولوجيا، لأنه بامتلاكها السلطة تسعى إلى الحفاظ على مصالحها. كما أن كل يوتوبيا تحمل في جذورها بذرة إيديولوجية"[22].
ولا تتحول اليوتوبيا إلى إيديولوجيا، إلا باعتبارها تشكل مجموعة الانعكاسات داخل المخ البشري للواقع الاجتماعي الذي يعبر عنها ويثبتها بواسطة الكلمة والرسم والخط أو بأي شكل سيميائي آخر[23].
إن الصراع الأول بين اليوتوبيا والإيديولوجيا في قصة "البوغي"، كان مؤسسا على حدث مكروه اجتماعيا (الحب)، وأنتج حدثا مكروها اجتماعيا أيضا (القتل)، ولكنه مسوغ كقصاص، وبالتالي أدى إلى انتصار الإيديولوجيا وتكريس طبقتها الممثلة لها (الطبقة الحاكمة).
انتقل هذا الحدث للرواية عبر قنوات متعددة الأولى[24] الأقرب إلى الحدث زمنيا وطبقيا، كرست الإيديولوجيا السابقة. أما الثانية[25] الأبعد عن زمن الحدث والطبقة، فقد قلبت اللعبة بأن كرست ما هو يوتوبيا كإيديولوجيا، وجعلت الحدث الذي كان مسوغا كقصاص مستنكرا على المستوى الإنساني كجريمة (فات الخريف وزاد الشتا، والروض حزين، لا نسري[26]، لا سوسن، والطيور الفصاح من كل جهة تنوح...) هذا ما شفع به الراوي الثاني مشهد الموت الأخير كنوع من الإدانة. وبالتالي لا نستطيع أن نقبض على عرض حجاجي ثابت لهذه القصة، بسبب الارتجاعات التأويلية المتعددة لها، وهذا ما يجعل الراوي هنا، بفعل تواشجه مع سلسلة من الدوال النصية المتعالقة فيما بينها، (الشخوص، الأحداث، الفضاءات)، حاملا لوعي ممزق أنهكه البحث عن يقين ضال ليس يسعفه في الاضطلاع بمهامه كمنظم للبرنامج السردي، إلا الانخراط في فضاء حركة الحكي الجوالة. ويمكننا أن نوضح هذا الوعي الممزق بأن نقف وقفة استنطاقية مع عنوان القصة: "البوغي".
العنوان/ الإيديولوجيا المقنَّعة
إن العنوان كتجسيد لأعلى اقتصاد لغوي ممكن، يقتضي قدرات عالية ومهارات لفك الترميز والشفرات مما يستوجب اللجوء إلى علوم التأويل. ويمكن أن ينظر إلى العنوان من زاويتين:
-
العنوان كنسق منغلق على نفسه ومتحقق بذاته ولذاته.
-
كنسق منفتح على النص وعلى اللانص.
و العنوان نص مختزل ومكثف ومختصر، إنه نظام دلالي رامز، له بنيته الدلالية السطحية، وبنيته الدلالية العميقة مثل النص. وعلى نقيض اعتباطية العلاقة بين الدال والمدلول عند سوسير (F.de Saussure)، فإن العلاقة بين العنوان والنص علاقة مؤسسة، ولكن هذه العلاقة المنطقية قد تأخذ أشكالا وتجليات لا حصر لها، لأن لعبة العنوان هي لعبة اللغة، وبالتالي لعبة الحرية والحياة والمطلق. إلى أي حد يعتبر العنوان دالا على مدلول النص؟. إن طرق التدلال لا حصر لها يرى جينيت أن العنوان ينتمي إلى ما يسمى بالنص الموازي (paratexte). والنص الموازي هو بمثابة الدليل، الذي يساعد النص المسافر إلى مملكة العلامات والرموز والمستحيلات[27].
أما أمبيرتو إيكو (U.Eco) فيرى أن على العنوان أن يشوش الأفكار لا أن يحصرها. و هناك من يرى أن الوظيفة البارزة في العنوان، هي وظيفة التعيين التي يشترك فيها مع الأسماء، ويقتصر دورها على التفريق بين المؤلفات والأعمال الفنية وهي وظيفة قد نسميها الوظيفة درجة صفر. [28]
وهناك وظائف عديدة قال بها كثير من النقاد مثل الإعلان عن المحتوى، وظيفة التجنيس (الكشف عن الجنس الأدبي) الوظيفة الإيحائية، الوظيفة التناصية... وقد درس العنوان كنوع من التكسير لأفق التوقع وكنوع من المراوغة والغواية والمفارقة كما درس العنوان كلافتة وكقناع[29].
يعجز النقاد أحيانا عن فك رموز وشيفرات بعض عناوين النصوص السردية، لأنها غامضة غموض لا يضاهيه إلا غموض الحياة. ولكن نلمّح في هذا المقام إلى استحالة فهم العنوان بمعزل عن النص، لأن العلاقة بين بينهما جدلية، فالعنوان مفتاح النص، وعتبته وبوابته، والنص بدوره حامل للعنوان ومبرمج له[30].
إن عنوان هذه القصة ليس مرتبطا كما هو شائع في البيئة المحلية روايته بالقصيدة المغناة التي تحمل الاسم نفسه، والتي تراوحت عناوينها بين "البوغي"، و"الباغي"، و"بالبغية تقوى غرامي"*، على عادة الذين يسمون القصيدة بشطرها الأول بل إن هذه القصيدة بوصفها جسدا نغميا يحيا داخل القصة، هي التي أخذت اسمها من القصة، هذا الاسم الذي أطلقه عليها الشعب، فغدا عنوانا للقصة، والقصيدة، والمسرحية التي استلهمت أحداث القصة**.
"الباغي" هو اسم فاعل مصوغ من الفعل (ابغى أمرا)، أي أراده. وهنا نعترض على التسمية التي وجدناها على شريط الشيخ ريمون (Raymond)[31] وهي (la désirée)، لأن هذه الصيغة في الفرنسية (participe passé) تفيد من وقع عليه الفعل، وليس القائم به. لكن لماذا أعرض الشعب عن "الباغي"، وأصر على تكريس "البوغي"، هذا المورفيم، الذي يقف عاريا من أي مدلول يحقق له وجوده كعلامة دالة في المعجم القسنطيني.
هذه الكلمة المختزلة البكماء، تشخص مسألة الإمعان في الكثافة والاختزال أحسن تشخيص. إن كونها كلمة واحدة، يعني أن العنوان لم يعد يلعب دور المفتاح بالنسبة إلى مغلقات النص، بقدر ما يلعب دور اللغز الذي يزيد من حيرتنا حول النص، ويضاف إلى سلسلة مغلقاته. ورغم ذلك -أو ربما بسببه- يبقى لغز العنوان الأبكم هذا هو مفتاح النص الأمثل، ونقطة نتوئه الكاشفة ومركزه الجامع.
هل "البوغي" هي تحوير صوتي لكلمة "الباغي"؟ سوف لن نقنع بهذا التبرير، خاصة أن التحويرات الصوتية تتم من الأصعب إلى الأسهل، على عكس ما هو واقع في هذه الحالة، فقد تحول الفتح إلى ضم وهذا مخالف لسنن اللسان. ولن نقنع بهذا أيضا لأن "ما يهم في الكلمة ليس هو الصوت في ذاته، بل الاختلافات الصوتية، التي تسمح لهذه الكلمة لكي تكون متميزة عن جميع الكلمات الأخرى، ونظرا لهذه الاختلافات تكون حاملة لمعنى"[32].
سنحاول الاستفادة بما جاء به رومان جاكوبسون (R. Jakobson)، في محاضراته في الصوت والمعنى، من أجل تسليط بعض الضوء على هذه الكلمة كعلامة ناقصة.
إننا متآلفون مع جذر هذه الكلمة وهو "بغى"، ومتآلفون أيضا مع تصريفها. لكننا لسنا متآلفين معها هي ككلمة بصورة كاملة. هل نقوم حينئذ بنوع من المصادرة، ونقول إنها معدومة المعنى؟ إنه عندما تجتمع مجموعة من الفونيمات لتكون كلمة، فإنما تتطلع إلى معنى لذاتها، وبعبارة أخرى فإنها عنصر دلالي كامن: الدال: البوغي، المدلول: عنصر دلالي لمضمون غير معروف[33]. الشعب له الحق في أن يمنح هذه الكلمة أي مدلول يريده، الذين يحملون إيديولوجيا الطبقة الحاكمة عند روايتهم لهذه القصة يربطون البوغي بالبغاء، أما الحاملون لليوتوبيا فيربطونها بالبغية.
ولا يعرف لهذه الكلمة استعمال آخر خارج هذا السياق؛ أي أنها لم تدخل القاموس القسنطيني، ذلك أن القاموس إبداع إيديولوجي، إنه مرآة للمجتمع والإيديولوجيا، فهو يلعب باعتباره أداة ثقافية وسلطة لا تناقش، دور الكابح للغة، والمحافظ عليها، ويقوم بنفس الدور بالنسبة للذهنيات والإيديولوجيا[34]. لقد ذهب رولان بارت إلى تعريف الإيحاء إيديولوجيا بأنه "لعب يضمن -نفعيا- للنص الكلاسيكي نوعا البراءة"[35]، من أجل هذه الاعتبارات جميعا، ذهبنا إلى القول بأن عنوان هذه القصة في إيحاءاته تعبير عن الإيديولوجيات المختزنة في ذهنيات الرواة، لذلك جاء مواربا بين "البغية" و"البغاء"، مفتوحا على الإيديولوجيا واليوتوبيا في آن معا.
وفي انفتاحه على اللادلالة قد يؤسس لنوع من الانثيال السيريالي، الذي يميل إلى تشقيق التراكيب على نحو عبثي يخرجها عن المنطق الدلالي، مما يجعله خطابا ميتا ينتمي إلى عالم آخر له نظامه التواصلي.
إن الاقتراب الحدسي من مقولة الراوي في نص شعبي مثل "البوغي" يقتضي بالضرورة رؤية قرائية واعية، تقدر على محاصرته، ويستدعي إدراكا دقيقا بخصوصيته وهويته.
وها نحن في نهاية هذه الدراسة لنقول إن الراوي في "البوغي" تراكمي اختزالي، ومثقف، يقدم نصا متعاليا ومتعدد الدلالة، مفتوحا على المجتمع والسياسة والدين والوجود.
إنه راو يتخلص باقتدار من صبغة السذاجة التي ألصقت -وهما- بالرواة الشعبيين ليراهن على نفسه كقناة دال مشحونة، غير عازلة ولا محايدة، وذلك بجعل النص قابلا للارتجاعات التأويلية في ظل سياقات جديدة تبيحها جملة من الخصائص النصية، من بينها الصياغة المواربة لبعض الدوال (العنوان مثلا).
إن هذه النتائج لم تكن لتتضح بمجرد الحوار الساذج مع نص ذي طابع إشكالي مثل "البوغي" ولا بمجرد خلق توليفة منهجية تجمع بين التحليلي والاجتماعي، ولكن تأتت بفضل تفعيل آليات إجرائية حديثة داخل النص، لم تسعَ إلى ربطه بالأسيقة الخارجية بقدر ما سعت إلى الحفر العمودي في مركباته الطبوغرافية من أجل ردم فجواته وملئها بما يعينها على الجلاء.
الهوامش
[1] Jean Michel, Adam, Le texte narratif, Nathan Université, collection Fac, 1999, p. 93.
[2] Boudjemàa, Haichour, (EL-Boughi), EL-Acil, 1 Août 2002.
[3] محمد، الماكري، الشكل والخطاب، مدخل لتحليل ظاهراتي، الدار البيضاء/ بيروت، المركز الثقافي العربي، ط1، 1991، ص90.
[4] ميخائيل، باختين، الخطاب الروائي، ترجمة وتقديم محمد برادة، الرباط، دار الأمان، ط2، 1987، ص44.
[5] رولان، بارت، قراءة جديدة للبلاغة القديمة، الدار البيضاء، ترجمة عمر أوكان، دار إفريقيا الشرق، دط، 1994. ص74-75.
[6] عبد الله، إبراهيم، السردية العربية، بحث في البنية السردية للموروث الحكائي، المركز الثقافي العربي، بيروت، ط1، 1992. ص15-16.
[7] ناهضة، ستار، السرد في القصص الصوفي، المكونات والوظائف. العنوان الرابط: http://www.awu-dam.org/book/03/study03/25-N-S/ind-book03-sd001.htm
[8] حسين، خمري، فضاء المتخيل، مقاربات في الرواية، الجزائر، منشورات الاختلاف، ط1، 2002. ص 25.
[9] محمد، الماكري، الشكل الخطاب، مدخل لتحليل ظاهراتي، بيروت/الدار البيضاء، المركز الثقافي العربي، ط1، ،1991 ص91.
[10] تفصيح هذه الأفعال هو: أحبت، ساعدتها، أحضرت لها ، أمسكت، قرأت، قطعت.
[11] Jaap, Lintvelt, Essais de Typologie narrative, Paris, édition José Corti, 1981, p76.
[12] محمد، نجيب العمامي، الراوي في السرد العربي المعاصر، رواية الثمانينيات في تونس، تونس، ط1، دار محمد علي الحامي، 2001. ص 39.
[13] Jaap, Lintvelt, Essais de Typologie narrative, op cit, p57.
[14] سعيد، بنكراد، سيميولوجية الشخصيات الروائية، وراية الشراع والعاصفة لحنا مينا نموذجا.
العنوان الرابط: http://saidbengrad.free.fr/ouv/spn/index.htm
[15] عمار، بلحسن، الأدب و الإيديولوجيا،1984 ، المؤسسة الوطنية للكتاب، دط، الجزائر، ص 95.
[16] المرجع نفسه، ص 94.
[17] عمرو، عيلان، الإيديولوجيا وبنية الخطاب الروائي، قسنطينة، منشورات جامعة منتوري،2001. ص14.
[18] تعني هذه العبارة أنها وقعت معه في الخطيئة.
[19] رولان، بارت، مدخل إلى التحليل البنيوي للقصص، ترجمة: منذر عياشي، مركز الإنماء الحضاري، ط2، المغرب، 2002، ص 92.
[20] محمد نور الدين، أفاية، المتخيل والتواصل، مفارقات العرب والغرب، بيروت، دار المنتخب، ط1، 1993 ص 9.
[21] مجدي، وهبة، (أية إيديولوجية)، مجلة فصول ، ع4، سبتمبر 1985، ج 2، ص 35.
[22] عمرو، عيلان، الإيديولوجيا وبنية الخطاب الروائي، ص 20.
[23] ميخائيل، باختين، الخطاب الروائي، ترجمة وتقديم محمد باردة، ص4.
[24] الراوي الأول مغني مالوف (نوع من الغناء الأندلسي) ينتمي إلى عائلة قسنطينية عريقة.
[25] الراوي الثاني دارس شاب للموسيقى الأندلسية، وافد على مدينة قسنطينة.
[26] هو النسرين.
[27] الطيب، بودربالة، قراءة في كتاب سيميائية العنوان، ص24-25.
[28] المرجع نفسه ص24-25.
[29] الطيب، بودربالة، قراءة في كتاب سيميائية العنوان، ص26-27.
[30] المرجع نفسه: ص27.
* عرفت هذه القصيدة بعدة عناوين الأول لمحمد الطاهر، الفرقاني، والثاني للشيخ ريمون، والثالث للشيخ تومي، وكلهم مغنو مالوف بقسنطينة.
** قدمها المسرح الجهوي لمدينة قسنطينة في عرض أفريل 2003 النص ليحي بولقرون والإخراج لحسن بوبريوة.
[31] مغني مالوف يهودي عاش في قسنطينة في الفترة الاستعمارية.
[32] رومان، جاكوبسون، ست محاضرات في الصوت والمعنى، ترجمة حسن ناظم وعلي حاكم صالح، المركز الثقافي العربي، بيروت، ط1، 1994، ص77.
[33] المرجع نفسه: ص 89-90.
[34] ماريانا، ياغيلو، (الكلمات والنساء، القاموس واضطهاد المرأة)، ترجمة سعيد بنكراد، العنوان الرابط: http://saidbengrad.free.fr/tra/ar/page7-2.htm
[35] عمر، أو كان، لذة النص، أو مغامرة الكتابة لدى بارت، الدار البيضاء، دار إفريقيا الشرق، د ط، 1996 ص39.