تدخل المجلة الجزائرية في الأنثروبولوجية والعلوم الاجتماعية إنسانيات في عقدها الثاني، إذ فتحت صفحاتها ونشرت مجموعة من الأبحاث المتنوعة وذات الطابع الراهني، وهذا يعني أن التحدي الذي تم رفعه سنة 1997 والمتمثل في ضمان إنتاج منتظم للمجلة، قد تم تجسيده فعليا.
وإذا كان ولابد من وضع حصيلة عشر سنوات من صدور المجلة، ينبغي علينا أولا وقبل كل شيء الإشادة الخاصة والصادقة بجهود ومواظبة أعضاء لجنة الإشراف ومجلس المجلة ولجنة التحرير، وبتفاني كل الزملاء الذين تعاونوا مع لجنة القراءة من خلال مشاركتهم في تقويم الدراسات التي تم اقتراحها على المجلة، كما يجب التنويه أيضا بالعمل الدؤوب الذي قام به المستخدمون الإداريون والتقنيون التابعون لمركز البحث، وبإسهامات كل المتعاونين والمترجمين. ولا يفوتنا بطبيعة الحال، أن نذكر بهذه المناسبة ما بذلته المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية التي تطبع مجلتنا من جهود، كما نثني أيضا على مساعي كل من الموزعين وأصحاب المكتبات والكتبيين ومختلف المؤسسات الذين قدموا لنا يد العون في توزيع مجلة إنسانيات وفي جعلها متداولة في الجزائر وفي الخارج.
وقد تسمح لنا بعض الإحصائيات بالكشف عن الأشواط التي قطعتها المجلة خلال هذا العقد؛ إذ تم نشر 34 عددا من المجلة، وتضمنت هذه الأعداد 354 دراسة مرتبطة بالملفات الخاصة بكل موضوع، أنجزها 219 باحثا يشتغلون في الجزائر و 66 باحثا يقيمون في الخارج، بالإضافة إلى عشرات مواقف البحث و مئات العروض لكتب، علاوة على القراءات و الأخبار العلمية و طبع من المجلة 8707 صفحة، أما التبادل أو الاشتراك فقد تحقق مع 128 مؤسسة علمية، منها المكتبات والجامعات التي تتوزع في أنحاء العالم.
سعت اللجنة منذ سنة 2002 بخاصة، إلى التحسين التدريجي لإجراءات تقويم المقالات، وذلك باعتمادها على تجربتها في تجاوز الصعوبات التي اعترضتها في مختلف عمليات إنجاز المجلة.
وضمن هذا الأفق، تخضع كل المقالات مرفوقة بملخص و كلمات مفتاحية وسيرة ذاتية للمؤلفين - يتمّ إرسالها للمجلة عن طريق البريد الإلكتروني-، للقراءة الأولية من قبل عضوين من لجنة التحرير، وفي حالة مطابقتها لمعايير النشر الخاصة بالمجلة، تبعث المقالات التي تقيد في سجل خاص إلى مختصين يعملون في المؤسسات الجامعية الجزائرية أو الأجنبية بغية إعطاء رأي مكتوب ومفصل حول نوعيتها العلمية، كما تبعث هذه الدراسات أحيانا إلى ثلاثة أو أربعة مختصين في المجال.
يُِِعْتبر هذا الإسهام الإضافي في التقويم العلمي ضمانا يمكّن مجلة إنسانيات من تبوء مكانة ذات مستوى دولي، والغاية من هذا المسعى تكمن في رغبة إثراء مشهد المجلات الجزائرية و المغاربية في العلوم الإنسانية والاجتماعية من خلال الاستعانة بمجموعة من وجهات النظر التي تتوخى التعدد والتكامل في الاختصاصات.
وقد شمل هذا التحسين كذلك مظهر وشكل غلاف المجلة، والسعي للضبط العلمي للدراسات بإعداد مدونة للمؤلفين وبالاهتمام الثابت بالأبواب التي تثري محتويات هذه المجلة الجامعية (القراءات المتعلقة بالموضوع المدروس و بالكتب الصادرة حديثا، والعروض للأبحاث الجامعية التي نوقشت في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية، التأملات، الأخبار العلمية، مجلة المجلات ...)
فإلى جانب اهتمامها بالموضوعات المتنوعة في العلوم الإنسانية والاجتماعية (المدن والمجالات اللغات و الثقافة، التاريخ و الذاكرة، الدين، التأهيل الاجتماعي و الفاعلون الاجتماعيون، منهجية البحث...) فقد قدمت المجلة دعمها لكتابة نصوص أنجزها باحثون شباب و بخاصة خلال إعداد عددين مزدوجين لإنسانيات تحت عنوان "بحوث أولى 1" سنة 2001 و "بحوث أولى 2" سنة 2005، مما سمح في الحقيقة بتثمين بحوثهم، و قد تشكل هذه المبادرة على الأرجح نوعا من أنواع التوقع لوضع أسس مدرسة للكتابة بالمركز. و لكون المجلة تتوجه لجمهور من القراء يتشكل أساسا من الجامعيين، فإنها قد فرضت أسلوب تحرير في متناول مجموع الطلبة الذين هم في حاجة ماسة إلى نصوص بيداغوجية و خصوصا باللغة العربية. فإلى جانب ترجمة بعض المقالات، يظل الانفتاح العلمي على بلدان المغرب العربي مطلوبا و كذلك في جهات أخرى من العالم، أما فيما يخص هدف توسيع صيت المجلة و انتشارها، فيتمثل في ترجمة الملخصات إلى اللغة العربية و الفرنسية و الإنجليزية والإسبانية.
كما تم الانتفاع من إنتاج السنوات العشر لتكييف المجلة مع مقتضيات سوق الكتب والاستجابة لطلباته بتوفير قرص مضغوط يجمع الأعداد الأربعة و الثلاثين الصادرة. و إذا كان إصدار المجلة قد كشف عن بعض النقائص، فإننا نسعى إلى اختزالها تدريجيا بمساعدة الهيئات القائمة مثل لجنة الإشراف و مجلس المجلة و لجنة التحرير و بالاعتماد على إسهامات مجموع الزملاء الذين يتعاونون مع لجنة القراءة. و إذا كان لا بد من إعطاء رأي على النشاط القائم حول مجلة إنسانيات، فإنه يوضع في علاقة مع الجهود التي يبذلها مركز البحث في الأنثروبولوجية الاجتماعية و الثقافية لأجل تشجيع و ترقية إصدارات أخرى مثل دفاتر إنسانيات التي تتوجه إلى جمهور ملائم بنشرها للمقالات التي صدرت باللغة العربية أو ترجمت إليها، و كذلك أخذ بعين الاعتبار طبعا سلسلة المنشورات التي تصدر تحت عنوان دفاتر الكراسك و كذلك أعمال الملتقيات والمؤلفات المتنوعة التي تتعرض للقضايا السوسيو-أنثروبولوجية و للعلوم الاجتماعية و الإنسانية الأخرى.
و لا يفوتنا بالمناسبة أن نشير في هذا السياق إلى تعاوننا في إصدار منذ حوالي ثلاث سنوات تقريبا، للمجلة الإفريقية للكتبRevue Africaine des Livres / (ARB/RAL) Africa Review of Books، التي تصدرها منذ ثلاث سنوات الكوديسريا (دكار) بالتعاون مع فوروم العلوم الاجتماعية (ف. س. س.، أديس أبيبا) فيما يخص الجزء المكتوب باللغة الإنجليزية و الكراسك فيما يخص الجزء المكتوب باللغة الفرنسية. و يمكن الإطلاع على مختلف المعلومات المتعلقة بهذه المنشورات على موقع الإنترنت الخاص بمركز البحث.
و مما لا شك فيه أن هذه الذكرى العاشرة لمجلة إنسانيات تشجعنا و تدفع بنا إلى المثابرة في مواصلة هذا العمل المشترك من خلال بذل المزيد من الجهود لاسيما و بأفضل ما يستطاع. و نجزل الشكر، بهذه المناسبة، لكل الجامعيين والباحثين في الجزائر و في المغرب العربي و في مختلف أقطار العالم الذين قدموا لنا، و بأشكال مختلفة، يد العون في هذا المشروع.
كما نشكر وزارة التعليم العالي و البحث العلمي التي ظلت حريصة على الاستجابة لطلباتنا إذ وفرت للمؤسسة الوسائل الكفيلة ببسط إشعاعها العلمي.
سنواصل، بطبيعة الحال، التماس إسهام كل من يرى في مركز البحث في الأنثروبولوجية الاجتماعية و الثقافية و في مجلة إنسانيات عملا إضافيا لفائدة مجتمعنا و لمجموع الأسرة الجامعية.
الكاتب
نورية بنغبريط – رمعون
مديرة النشر
مديرة مركز البحث في الأنثروبولوجية الاجتماعية و الثقافية