إنسانيات عدد 42 | 2015 | تنوّعات ثقافية | ص 61-82 | النص الكامل
Commercial exchange between Maghreb towns from the 4th to 10th centuriesAbstract: Inter Maghreb trade was widespread in the Maghreb countries in the middle ages, and the traders often imported products which were inexistent in their town markets, they would sell necessities even to the inhabitants of different inland regions. Commercial exchange was not affected by political conditions in the Maghreb, nor by the different systems of power, the only exception being banditry, a world wide phenomenon. Keywords: Communication network - commercial routes - land routes - sea routes - agricultural production. |
Fatima BELHOUARI : Maïtre-conférence, Université d'Oran, Faculté des Sciences Humaines et Civilisation Islamique, Département d'Histoire et d'Archéologie, 31 000, Oran, Algérie
تقديم
إن ظهور الإتحاد المغاربي الحالي جاء استناداً إلى معاهدات وقّعت بين جميع أطراف الدول المشاركة فيه، لأجل خلق مشروع تعاون وتكامل اقتصادي، وهذه المبادرة ليست تقليدا لما شاهدته التغيرات العالمية الحالية من تكتلات سياسية واقتصادية فحسب، بل الفكرة متأصلة ضمن تاريخه العريق وأن التجربة التاريخية لقرون طويلة برهنت على مدى فعالية المسألة بحكم المقومات الحضارية والتاريخية المشتركة بين بلدانه.
كما أن التكتلات الاقتصادية الحالية أصبحت تمليها الضرورة والمصلحة الاقتصادية العامة لمواجهة الأخطار والتحديات العالمية، وبالتالي لم يعد هنالك للتشتت والتفرد مجالا. إذ اجتمعت أمم متباعدة عرقيا ودينيا لتشكل تجمعات اقتصادية لها وزنها في النظام العالمي الجديد، بل والأدهى من ذلك أن أصبحت هذه الدول تتحكم في مصير الشعوب الأخرى. وعليه، أضحى من الضروري اتخاذ خطوات جادة لتوحيد المنهج الاقتصادي، انطلاقا من بلورة معالمه على ضوء رصيدنا الفكري المستمد من حضارتنا وتراثنا.
ولا يتأتّى هذا التكامل والتعاون الاقتصادي إلاّ بإلغاء القيود التي تعرقل حركته، وذلك بتجميع وتعبئة الموارد الإنتاجية والبشرية والمالية المتوفرة لدى هذه الدول وتسخيرها من أجل اقتصاد موحد، تتوافر فيه حرية انتقال السلع والأشخاص ورؤوس الأموال.
و لأجل ذلك أسعى من خلال هذا المقال تقريب عملية التبادل التجاري التي مارستها مدن بلاد المغرب خلال العصر الوسيط، وبالتحديد القرن الرابع الهجري/10م، لأنه قرن اتسم بالانتعاش الاقتصادي من جهة، وبالتنافس والصراع بهدف التحكم في منافذ تجارة الذهب والرقيق والملح من جهة أخرى.
تحكمت خلال هذا القرن عوامل أساسية طبيعية وبشرية، في هذا التبادل، إذ كان لموقع بلاد المغرب الجغرافي، الذي يمتد على سواحل بحر الرّوم (البحر الأبيض المتوسط) وبحر المحيط (المحيط الأطلسي) من جهة، واتصاله بالصحراء الكبرى من جهة أخرى، دورا في توفيّر اتصال تجاري بحري وبري واسع مع الكثير من الأقطار المجاورة والبعيدة منه.
كما لا يخفى أن بلاد المغرب خلال القرن الرابع الهجري/10م خضعت إلى حكم الفاطميين وخلفائهم من بني زيري بعد خروجهم إلى مصر، ضف إلى ذلك تأرجح بعض المناطق بين النفوذ الفاطمي حينا وأموي بلاد الأندلس أحايين أخرى[1]. هذا وقد مورست ولو بشكل مؤقت سلطة بعض القبائل المغربية في مناطق المغرب الأوسط والأقصى، مما ترتب عن هذا الوضع حالة عدم استقرار.
والظاهر أنه، باستثناء ظاهرة قطع السبيل وهي شائعة في كل زمان ومكان، لم تتأثر حركة التبادل الداخلية كثيرا بالأحوال العامة التي طبعتها الاضطرابات المتتالية من ثورات وحركات معارضة[2]، أو بتلك الضرائب التي فرضت على أغلب السلع والبضائع المصنوعة محليا والواردة من الخارج، بعضها كانت رسمية فرضتها السلطة الحاكمة، والبعض الآخر فرضتها سلطة بعض القبائل المقيمة في مناطق سير الطرق التجارية، وخاصة الصحراوية منها[3].
وعلى عكس من ذلك، انعكست مظاهر الآثار الإيجابية للجانب السياسي في تأسيس مدن عديدة كمراكز سياسية واقتصادية، والتي كان لها أثر مهما في حركة النشاط التجاري المحلي والخارجي. ففي إفريقية أسست المهدية عام (300هـ/912م) وأنشئت القاسمية في عام (305هـ/917م)، حيث انتقل إليها التجار وأهل الصناعات. وفي عام (336هـ/947م) تم بناء المنصورية، ونقلت إليها أسواق المهدية والقيروان بسبب ثورة "أبي يزيد مخلد بن كيداد الزناتي"[4]. وأنشئت في المغرب الأوسط المسيلة في عام (313هـ/925م) و أشير في عام (334هـ/945م) وقد كانت لكلتي المدينتين، وخاصة المسيلة دور مهم في النشاط التجاري.
وكانت ظاهرة تأسيس مدن جديدة في بلاد المغرب، تقوم في الغالب على حساب مدن أخرى فقدت أهميتها الاقتصادية لأسباب سياسية، وبالتالي انعكس ذلك على نشاطها الاقتصادي. فمثلا تيهرت كانت مركزا تجاريا وزراعيا ورعويا مهما في القرن الثالث الهجري/9م، لكن عندما فقدت مكانتها السياسية بعد انتهاء الإمارة الرستمية على يد الفاطميين، تراجعت مكانتها الاقتصادية وبخاصة التجارية منها، فانتقل النشاط الاقتصادي إلى مدن أخرى مثل المسيلة وأشير.
وبالمثل، شهدت المهدية مصيرا مماثلا، إذ كانت كثيرة التجارة إلاّ أن أحوالها قد اختلفت بعد ثورة أبي يزيد مخلد بن كيداد الزناتي، فانتقل أكثر أهلها إلى مدينة المنصورية، وهذا يعني أنه كان للعامل السياسي أثار سلبية على النشاط التجاري مثلما له أثار ايجابية.
وباستثناء بعض الحالات، تأكد أنه تم نقل السلع والبضائع خلال هذا القرن في ظروف عادية، دون أي عائق بين مختلف الأقاليم، عبر مختلف المسالك والطرق التجارية البرية والبحرية منها، إذ تقاربت في ما بينها اقتصاديا في إطار التبادل السلعي المدعم بشبكة من المسالك والطرق التجارية.
أولا: شبكة المسالك والطرق التجارية
لقد خففت شبكة المسالك والطرق من صعوبة المواصلات بين المناطق الداخلية والساحلية، هذا وعملت على الربط بين المراكز الصحراوية والمدن الرئيسية. وبذلك أصبحت المنطقة الصحراوية منطقة ربط بين أقاليم المغرب المختلفة وليست مجالا معزولا.
بدأت شبكة المسالك والطرق على مر العصور من مركز وانتهت بمركز آخر، وكان نشاط حركتها هو الذي يحدد أهمية تلك المراكز. وهنا يأتي عامل الموقع ودوره في نمو المركز وتحويله إلى مدينة بأبعادها الحضارية على طول الطرق الرابطة بين جميع الجهات المحلية والعالمية. وبالتالي نقف أمام مسألة البنية التاريخية ودورها في تنظيم وتطوير هذه الشبكة من جهة، وتطرح أيضا في الجوانب السلبية الأخرى من حيث الإهمال والتخريب والعرقلة بإفساد السابلة[5]. واتخذت مقاييس لقياس المسافات القصيرة والطويلة، وهي لا تختلف عن مثيلتها في بلاد المشرق، مثل المرحلة[6]، والذراع[7]، والفرسخ[8]، والميل[9]، واليوم[10].
إن الطرق شريان حياة المجتمع الكلي، وأساس تنظيم المجال وإعادة تنظيمه باستمرار. وقد أنتجت أهمية الطرق في التاريخ المغربي صراعا اجتماعيا صارخا في مراحل الأزمات السياسية التي مرت بها الأنظمة الحاكمة، وصامتا على امتداد التاريخ كله سلما وحربا[11]. فكيف تكونت شبكة الطرق في بلاد المغرب وكيف تطورت تاريخيا إلى حدود القرن الرابع الهجري/10م؟
لقد أنبنى تنظيم الطرق على" الماء" فتلازمت مع الشبكة المائية في القسم الشمالي من هذه البلاد، فمثلت النقطة المائية نقطا للالتقاء والتوزيع كالآبار من فعل الإنسان أو العيون والأنهار من واقع الطبيعة. وبالتالي كانت قلة الماء أو وفرته من خواص تنظيم هذه الطرق وحركتها وتوجيهاتها.
وعليه، فأن هذه الشبكة تعقدت بتطور المدن وتوسعها، كما تأثرت بحركية النظام القبلي الذي برز بحدة خلال القرن الرابع الهجري/10م، وقد ارتبط في ذلك بمدى قوة وضعف السلطة المركزية التي حكمت البلاد. ولمتابعة تطور المسالك في بلاد المغرب الإسلامي خلال هذا القرن، يجب الاعتماد على المرجعية الجغرافية العربية الإسلامية والتي أنتجتها مرحلة القرن الثالث والرابع الهجريين/9-10م على وجه الدقة. ويعتبر هذان القرنان مرحلة التأسيس الحقيقي لجغرافية المسالك والممالك في العالم الإسلامي برمته، و كذا معرفة علمية وتخطيطيا مسلكيا واقعيا. فمصطلح "المسالك والممالك" يعني الجغرافية الشاملة طبوغرافيا وتخطيطا، وبشريا، وحضاريا، ومجاليا[12].
وقد كان ضمن أهداف هذا التأليف إنارة السبيل للحاج، والسائح، والتاجر، والإداري، وعامل الديوان. وفي هذا الباب قد نوه "كراتشوفسكي" بريادة المدرسة الكلاسكية للجغرافيين العرب، لما تميزت به من اهتمامها بوصف المسالك والممالك، وصلتها الوثيقة بأطلس الإسلام الذي يمثل قمة الكارتوغرافيا عند العرب، أي فن رسم المصورات الجغرافية أو الخرائط[13].
وفي نفس السياق، كان من التخريجات التي توصل إليها اندري ميكل، "Miquel. A" في دراسته عن الأدب الجغرافي العربي أن "اعتبر القرن الرابع الهجري/10م قرن الجغرافية العربية العظيم، وقرن هيمنة سلطة المواصلات القوافلية والبحرية على مجتمعات دار الإسلام الكبرى". "فالمغرب في هذا الزخم التاريخي هو بلد المرور وقطعة لعب أساسية على رقعة شطرنج الثورة العالمية"[14].
اخترقت بلاد المغرب شبكة من الطرق ربطته بأنحائه المتباعدة، وبالعالم الخارجي، فهنالك طرق اتصلت ببلاد المشرق وبلاد السودان وطرق ربطتها ببلاد الأندلس وبلاد الروم عن طريق الموانئ وسنقتصر على الطرق التي ساهمت في تفعيل التجارة الداخلية.
1. المسالك البرية
تناول الجغرافيون العرب الطرق البرية الرئيسية لبلاد المغرب، وبينوا مراحلها ومسافاتها وما اكتنفها من صعاب، وما توفرت عليه من تسهيلات في تفعيل الحركة التجارية. فاهتموا بالطريق الساحلي ابتداء من برقة إلى البحر الغربي، والذي أطلق عليه اسم طريق الجادة[15]. لقد كانت برقة أول محطة تجارية على هذا طريق، ينزلها القادم من مصر باتجاه مدن افريقية. وكان هذا الطريق يجتاز عدة مدن ساحلية قبل أن يصل إلى القيروان، ومن بينها مدينة اجدابية[16] ثم طرابلس الواقعة على ساحل البحر كما كان يمر على صبرة الواقعة على بعد يوم من طرابلس.
ومن المحطات التجارية الواقعة على طريق الجادة مدينة قابس الساحلية، ومنها يسير الطريق إلى مدينة صفاقس، ومنها إلى المهدية ثم مدينة سوسة البحرية، ليصل الطريق إلى مدينة تونس. ومن هذه الأخيرة إلى طبرقة مارا على مدينة باجة ثم يجتاز مرسى الخرز ليصل في النهاية إلى جزائر بني مزغنة[17] وفي آخر مدينة في إفريقية[18].
ومن جزائر بني مزغنة يواصل الطريق الساحلي مسيره باتجاه المدن الساحلية في إقليمي المغرب الأوسط والأقصى، فيجتاز تنس ووهران وواسلن ثم أرشكول[19] ونكور[20]. وكانت هذه المدن محطات نشطة للتجارة البحرية عصرئد، وارتبطت فعالياتها التجارية مع مدن الداخل كما سنرى فيما بعد. وكانت آخر محطة تجارية في الطريق الساحلي سبتة و طنجة ومنها ينعطف الطريق إلى مناطق المغرب الأقصى الساحلية والداخلية[21].
أما الطريق الداخلي البري فيجتاز مناطق المغرب الواقعة بين المنطقة الساحلية وبين البراري والمفاوز(الصحراء) والتي تفصل المغرب عن السودان. ويبدأ هذا الطريق من إفريقية ويسير إلى آخر أعمال طنجة ويمر في بلاد عامرة ومدن متصلة[22]. إن هذا الطريق عبارة عن شبكة كبيرة من الطرق التي تربط المراكز أو الأسواق التجارية المغربية. ونجد في هذه الشبكة طرقا برية رئيسية وأخرى فرعية كثيرة منها:
الطريق البري الأول، يبدأ من القيروان، وهو بثلاثة فروع تلتقي عند المسيلة في الزاب، حيث عدت مركز التقاء الطرق البرية الداخلية خلال القرن الرابع الهجري. والملاحظ أن إنشاء مدينة المسيلة قام على عامل اقتصادي، له مساس بتأمين المسلك التجاري الذي يبدأ من سجلماسة إلى القيروان، لأن المسلك الشمالي كان مهددا من قبل أمويي الأندلس، والمسلك الصحراوي الجنوبي تسيطر عليه قبائل زناتة على الأقل في هذه المرحلة التاريخية[23]. وهذا يعني أن أهمية المسيلة التجارية ليست فقط محليا، وإنما لعبت دورا هاما في النشاط الخارجي وخاصة في التجارة العابرة للصحراء.
كما يتوسط الفرع الأول للطريق البري الفرعين الآخرين، و يبدأ من القيروان باتجاه مدينة تيهرت غربا، فقد ذكر "الأصطخري" هذا الطريق بإيجاز شديد، مكتفيا بالإشارة إلى أنه يستغرق مسيرة ست وثلاثون مرحلة على الإبل[24]، بينما ذكرها "البكري" بتسع عشر مرحلة[25]، وقد يكون عدم ذكر التفاصيل في وصف هذا الطريق إلى طبيعة الأدب الجغرافي المنجز في هذا النوع من المصادر. ويمر هذا الطريق ببغاي[26] وبلزمة[27] وطبنة[28] وأدنة ببلاد الزاب إلى أن يصل إلى تيهرت ثم تلمسان وليتوقف في بلاد السوس. فهذا المسلك يشكل المعبر الرئيسي الذي ضمن للقيروان الإشراف الإداري مباشرة بعد الفتح الإسلامي[29].
وقدم "ابن حوقل"[30] تفاصيل حول هذا الطريق باتجاه تيهرت، فهو يجتاز مرماجنة[31]، هذه المدينة التي اعتبرت أول مفترق طرق، إذ يتفرع منها طريقان، واحد باتجاه شمال غرب في ناحية تيجس[32] والآخر باتجاه الغرب في ناحية مسكيانة ثم باغاي. ومن هذه المدينة انشطر هذا الطريق إلى فرعين، واحد باتجاه بلزمة ونقاوس وطبنة، وهذا الممر يلتقي بالفرع المؤدي من مرماجنة إلى تيجس ثم إلى قسنطينة ثم ميلة وسطيف وآشير. أما الفرع الثاني فيفترق من باغاي نحو دوفانة ودار ملول[33] ثم نحو طبنة ومقرة[34]، والمسيلة لتنتهي بتيهرت[35].
وينتهي هذا الطريق عند مدينة فاس، فهو يمر بالسير إلى باغاي وطبنة مارّا بدار مدلول، وقبل أن يصل هذا الطريق إلى المسيلة يمر على مقره وهو منزل فيه مرصد لجباية الضرائب التجارية[36]. أما الفرع الثاني فهو الفرع الشمالي من الطريق البري العام الذي يربط القيروان بالمسيلة، حيث يمر عبر بلاد كتامة والأربس، و يسير باتجاه مدينة تيجس ومنها إلى قرى عديدة حتى يصل إلى مدينة المسيلة[37]. في حين نجد الفرع الثالث وهو الفرع الجنوبي، الذي يربط القيروان بالمسيلة ويمر على المناطق الواقعة جنوب جبال الأوراس، وهي مناطق الواحات والجريد، ويربط هذا الطريق المسيلة بطبنة ثم تهوذا وبادس الواقعتان على حافة جبال الأوراس الغربية، وهما من مدن الزاب، ومنها إلى المدن الواقعة جنوب الأوراس كتامريت ومدالة، ثم نفطة وقسطيلة[38] وينتهي بقفصة[39].
وبعد أن تنتهي الفروع الثلاثة من القيروان عند المسيلة، يسير الطريق البري باتجاه المغرب نحو مدينة تيهرت وفاس مركز التقاء الطرق التجارية البرية الداخلية. ويوافق "المقدسي"[40] قول "ابن حوقل"[41] في وصفه لهذا الطريق، ويحدد مسافته فيذكر أنه يبدأ من تيهرت إلى مدينة آشير ثم على المسيلة ثمانية أيام و منها على مجانة ثم إلى القيروان ستة أيام، وهو أقصر الطرق، إذ لا تتعدى مسافته أربعة عشر يوما. ومن مدينة تلمسان ثم على مدن العلويين، ويستمر هذا الطريق إلى مدينة فاس، ويستغرق الطريق بين مدينتي تيهرت وفاس حوالي خمسين يوما[42].
ويصف "ابن حوقل"[43] الطريق بين فاس والمسيلة بالمقلوب، مبتدئا بمدينة فاس ومنتهيا بالمسيلة ثم القيروان والسبب كما قال هذا الجغرافي:"لأنني سلكته من المغرب إلى إفريقية[44]". والواضح أن هذا الطريق يسير من مدينة فاس باتجاه المسيلة في مناطق سهلية وذات أنهار ووديان، فمن فاس على سبو، وهو نهر عظيم، ونمالته التي تقع على واد يقال له إيناون.
ويسير الطريق في هذا الجزء من بلاد المغرب بموازاة الساحل وليس بعيدا عنه، فهو يمر بجرارة أبي العيش التي تقع على بعد ستة أميال من البحر، ومنها إلى تلمسان ويستمر سيره إلى مدينة أفكان[45]، ومنها يتفرع إلى فرعين، أحدهما يسير باتجاه الشرق إلى تيهرت الواقعة على بعد ثلاثة مراحل من أفكان. أما الفرع الثاني فيسير من هذه المدينة بموازاة البحر إلى مدن شلف وتنس والخضراء، ومنها ينحرف الطريق إلى مدينة مليانة ليصل بعدها إلى مدينة أشير التي تبعد بثلاث مراحل من المسيلة، ومن هناك يرتبط هذا الطريق بالطرق الفرعية الثلاثة المتفرعة من المسيلة و المؤدية إلى القيروان[46]. ويبدو أن منافسة مدينة أفكان لتيهرت بلغت ذروتها في القرن الرابع الهجري، حيث أصبحت نقطة اتصال للطرق التجارية في المغرب الأوسط، الأمر الذي يدعو للاعتقاد بأن تيهرت كانت قد دخلت في مرحلة الضعف.
أما الطريق البري الثاني، الذي يربط إفريقية بالمغرب الأقصى، فإنه يسير بمناطق الواحات المغربية وبلاد الجريد، التي أصبحت حلقة اتصال بين أجزاء المغرب المختلفة، وسارت عبرها القوافل التجارية. وقد قدم "اليعقوبي" وصفا لهذا الطريق الذي يبدأ من القيروان عبر مناطق بلاد الجريد، ثم إلى تيهرت ومنها إلى سجلماسة[47]. وفي السياق نفسه، وصف "ابن حوقل" الطريق من سجلماسة إلى القيروان عبر بلاد الجريد ذاكرا أهم المراكز التجارية التي يمر بها وهي سماطة من أرض نفزاوة، ونفطة ثم قسيطيلية ومدينة قفصة، ثم يستمر الطريق حتى يصل إلى القيروان، ويقدر المسافة التي تقطعها القوافل التجارية بين سجلماسة والقيروان عبر هذا الطريق حوالي شهرين[48].
أما الطرق الفرعية التي تربط مدينة بأخرى، فنجدها كثيفة في افريقية، وبخاصة عند مدينة القيروان بوصفها مركزا تجاريا مهما، إذ ارتبطت بطرق تجارية مع مدينة قابس وطرابلس[49]. كما أنها ترتبط بطريق تجاري آخر مع تونس وطريق آخر إلى جزائر بني مزغنة[50]. كما أن هناك طرقا فرعية كثيرة ربطت مدن الساحل في إفريقية، وهي مطلة على سواحل بحر الروم مع مدن الداخل[51]. وعبر هذه الطرق نقلت السلع بين الداخل والخارج، كما تم عبرها حمل الفائض من إنتاج المدن إلى مدن أخرى.
في حين أن الطرق الفرعية في المغرب الأوسط لم نجد لها ذكرا في القرن الثالث الهجري، فأغلب الطرق التي مرت بالحاضرة تيهرت في زمن بني رستم كانت تأتي من المدن الرئيسية في أقاليم المغرب الأخرى كالقيروان وفاس وسجلماسة. أما في القرن الرابع الهجري، وبعد أن تدهورت أحوال تيهرت، نجد أن كل من مدينة المسيلة و أفكان وأشير غذت من أهم المراكز التجارية التي تلتقي عندها القوافل التجارية. فضلا عن الطرق التي كانت تصل بين تنس والخضراء وسوق إبراهيم[52] ومليانة وغيرها[53].
بينما تجمعت الطرق الفرعية في المغرب الأقصى فيما بين مدن الساحل والمدن الداخلية، فمثلا مدينة البصرة ارتبطت بمدينة تشمش[54] بطريق يستغرق المسير فيه على الظهر دون مرحلة[55]، وترتبط مع مدينة الأقلام[56] بطريق يستغرق المسير فيه أقل من المرحلة[57]. واتصلت مدينة أغمات بساحل البحر المحيط عبر طرق فرعية تجارية ارتبطت بمناطق السوس الأقصى وخاصة بمنطقة ماسّة على ساحل البحر[58]. ومن الطرق البرية الفرعية طريق يربط فاس بسجلماسة وطوله ثلاث عشر مرحلة[59]، وترتبط أغمات بطرق تجارية مع سجلماسة تستغرق الرحلة فيها عشرة أيام[60]، كما أنها ترتبط بطريق آخر يربط أغمات بمدينة فاس يستغرق المسير فيه ثماني عشرة مرحلة[61].
- 2. المسالك المائية
أ- عن طريق الأنهار: استخدمت المسالك النهرية في النشاط التجاري الداخلي، حيث أشار "ابن حوقل" إلى أهل البصرة -في المغرب الأقصى- أنّهم كانوا يستخدمون مياه نهر سفدد في تسيير مراكبهم ليصلوا إلى البحر المحيط، (المحيط الأطلسي) ويعودون إلى البحر الغربي أي بحر الروم (البحر الأبيض المتوسط) فيسيرون منه حيث شاءوا[62]. وقد أشار في السياق نفسه "البكري" إلى نهر كبير تدخله السفن الكبار وتخرج في بحر طبرقة[63]. وذكر "ابن سعيد" أن المراكب المتوسطة كانت تدخل إلى نهر سبو بفاس[64]. وبالمثل وصف "البكري" وادي تافنة، أن السفن كانت تدخل فيه من البحر إلى مدينة أرشكول[65]، وقد أكد ذات المعلومة صاحب الاستبصار[66].
وعموما، إن استخدام الطرق النهرية في بلاد المغرب كان قليلا في التجارة الداخلية مقارنة مع النشاط البحري، ولعل السبب في ذلك يعود إلى أن أغلب الوديان كانت غير صالحة للملاحة، لأنها غير عميقة. هذا إلى جانب التذبذب النسبي في تساقط الأمطار، مما يؤثر حتما في نسبة المياه في هذه الأنهار على الرغم من كثرتها وبالتالي ينعكس على عملية النقل النهري.
ب- عن طريق البحار: لا تفيد المصادر المتاحة كثيرا في الكشف عن هذا الجانب من التجارة البحرية الداخلية، فالظاهر أنها لم تستخدم كثيرا ويحتمل سبب ذلك إلى نقص تقنيات الملاحة المغربية قديما، بخلاف ما شهدته الأساطيل الإسلامية في المحيط الهندي[67]. ولحسن الطالع ثمة نصوص قليلة تفيد في الكشف عن المسالك البحرية بين المدن المغربية، كتلك الإشارات التي نقلها "البكري" عن "محمد بن يوسف الوراق" أن الخروج من طنجة إلى سبتة في البحر فإنه يأخذ إلى جانب الشرق[68].
وفي إشارة أخرى للمؤلف نفسه، ذكر أن السفن تسير من ساحل نول إلى وادي سوس ثلاثة أيام ثم تنتقل إلى مرسى امقدول و قوز لتقف في أسفي وتستمر إلى البيضاء ثم الفضالة، فمازغين، ثم تواصل طريقها إلى طنجة، فسبتة وتقف في مراسي الشاطئ الغربي لبحر الروم[69]. وفي رواية مماثلة، لكنها مقتضبة أوردها "ابن حوقل" أن أهالي البصرة استخدموا البحر المحيط لنقل بضائعهم ويعودون إلى بحر الروم[70]. إذن كانت هناك ملاحة مغربية حول الساحليين لبحر المحيط وبحر الروم، ولكن حصة هذا الأخير كانت أكبر بكثير، وهذا ما تدل عليه كثرة المراسي القائمة على شواطئه.
ثانيا : الأسواق
وقد شكلت الأسواق عصب الحياة الاقتصادية في المجتمع المغربي، وهذا ما عكسته الأدبيات التراثية المختلفة، من حوليات تاريخية وجغرافية وكتب حسبة ونوازل فقهية وغيرها.
إن استقراء المصادر يكشف عن وجود ثلاثة أنواع من الأسواق كان ينظمها المجال الاقتصادي في المغرب الإسلامي: النوع الأول، وهي الأسواق اليومية التي كانت موجودة بصفة دائمة في كل المدن. فقد كانت تعج بضروب السلع وأصناف المتاجر، ويتقاطر عليها التجار من كل حدب وصوب، فقد ذكر "الإدريسي" أن حصن تأكلات[71] "به سوق دائمة "[72]، وحسبنا في ذلك أن سوسة "كانت عامرة بالناس، كثيرة المتاجر والمسافرين إليها قاصدون وعنها صادرون بالمتاع الذي يعدم قرينه"[73].
أما النوع الثاني، فيمكن أن نطلق عليه بالأسواق المؤقتة أو الموسمية التي كانت تعقد لأيام معدودة من الأسبوع أو الشهر أو السنة. فظهر منها الأسواق الأسبوعية التي كانت تعقد في أيام معينة من الأسبوع، وكثيرا ما وردت في المصادر الجغرافية معلومات في غاية الدقة عند تحديدها لليوم بعينه، وعلى سبيل الذكر لا الحصر سوق الأحد[74]، وسوق الثلاثاء[75]، وسوق الخميس[76]، وسوق الجمعة[77]. غير أن بعض الأسواق كسوق غزة لم تضبط أيامها وقد اكتفى "الإدريسي" بقوله أن بالمدينة سوق مشهورة لها يوم معلوم[78]. والقاعدة نفسها تنسحب على مدينة أشير، إذ كان لها سوق في يوم معروف يجلب إليها كل لطيفة ويباع بها كل طريفة[79]. والظاهر أنه كان ينعقد أحيانا سوقان في يوم واحد، كسوق درعة الذي يقول فيه البكري:" وعلى وادي درعة سوق في كل يوم من أيام الجمعة في مواضع مختلفة منه معلومة وربما كان عليه سوقان وذلك لبعد مسافته وكثرة الناس عليه"[80]. ويرجع صاحب الاستبصار أن احتمال وجود هذه الظاهرة مرتبط بالمناطق النائية وأنها شاعت في سائر بلاد المغرب[81].
بالإضافة إلى الأسواق الأسبوعية، كان ثمة أسواق موسمية، ونسوق في هذا الصدد مثال للسوق الذي قال عنه "البكري": "إن به سوق جامعة ثلاث مرات في السنة وهو وقت اجتماعهم من ذلك في شهر رمضان وفي عشر ذي الحجة وفي عاشوراء"[82]. وهذا يعني أن السوق كان ينعقد خلال ثلاثة مناسبات دينية هامة في السنة.
وحسبما أكدت المصادر، أن هذه الأصناف من الأسواق عجت بضروب من السلع وأنواع المتاجر، وحسبنا دليلا على ذلك أن سوق أغمات كان يذبح فيها أكثر من مائة ثور وألف شاة و ينفذ في ذلك اليوم جميع ذلك[83]. ورغم ما يحمله هذا النص من طابع المبالغة، إلاّ أنه يعكس الإقبال الواسع على هذه الأسواق، بل إن بعضها بلغت حدا من الازدحام، ما جعل الناس لا يقدرون على سماع بعضهم البعض لكثرة الهرج والضوضاء[84].
أما الصنف الثالث فهي أسواق العسكر غير أن المعلومات حولها عديمة باستثناء إشارة واحدة ذكرها "العزيزي الجؤذري" في قوله: "إن ما يباع بأسواق العسكر قد خبث لارتكابهم النهي واحتياطهم على النهب"[85]. وواضح أنها أسواق كان بها اشتباه في أموالهم. وطالما أن القرن الرابع الهجري ميزته الحروب والمعارك فلا نستبعد انتشار هذه الأسواق في مناطق متعددة من بلاد المغرب.
وإلى جانب عنصر التنظيم الخاص بالتوقيت الذي كان يتراوح ما بين اليوم والأسبوع والموسم، عرفت أسواق مدن المغرب تنظيما على مستوى الأمكنة، حيث قسم السوق فيها حسب نوعية البضائع المعروضة للبيع كسوق الخبازين وسوق الغزل، والزياتين، والسماكين، والقصابين، والعطارين، والنخاسين، أو حسب الحرف كما في مدينة مكناس التي وجد بها سوق الملاح، وأسواق النجارين والحدادين، والسقالين، والسمارين[86].
كما نسبت الأسواق إلى أسماء القبائل المشرفة عليها كسوق هوارة وكتامة ومغراوة[87] أو القائم عليها كسوق إسماعيل[88]، وسوق إبراهيم[89]، وسوق ابن هاشم[90]. وربما كانت هذه الأسواق تنسب إلى الجماعة الدينية كسوق المسلمين[91]، وسوق اليهود[92]. في حين اشتهرت أسماء بعض المدن بالأسواق، كمدينة سوق إبراهيم وسوق كرام[93]. ولا شك أن هذه المدن كانت أسواقا عند نشأتها ثم تحولت بتطور العمران والنمو السكاني إلى مدن ذات شهرة مع الاحتفاظ بطابعها التجاري[94].
تكاد تخلو المصادر من المعطيات حول التنظيم والتخطيط المعماري لأسواق مدن المغرب خلال القرون الأربعة الأولى للهجرة، فكثيرا ما كانت توصف بالحسنة والصالحة كأسواق سبيبة والبصرة والسوسة وبونة وريغة[95]، أو عامرة كأسواق صفاقس[96]، وكبيرة كأسواق طرابلس[97].
ثالثا: التبادل السلعي
ويقصد به مجموعة المعاملات الجارية التي حصلت داخل أقاليم ومدن المغرب، وشملت المبادلات بالسلع والبضائع التي أنتجت محليا أو التي استوردت من الخارج. وقد كانت هذه المعاملات تتم بواسطة عوامل مساعدة كالتي ذكرناها سالفا، منها توفر طرق ومسالك المواصلات بين مختلف مناطقه المتباعدة، وكذلك انتشار الأسواق، التي تعد عاملا مؤثرا في الحركة التجارية.
أطنبت المصادر الجغرافية لهذه الحقبة التاريخية في الحديث عن الرواج والانتعاش التجاري الذي تميزت به بعض المدن، إذ كان للثروة المتنوعة بين المنتوج الفلاحي والصناعي، أثرها الواضح في تفعيل الحركة التجارية الداخلية، فمدينة تيهرت اشتهرت بتربية الماشية، فالأغنام كانت تجلب منها إلى سائر مدن المغرب لرخصها وطيب لحومها[98]. وربما كان ينقل منها إلى مدينة القيروان، حيث أشار "البكري" إلى أعداد كبيرة من الحيوانات كانت ترد إلى القيروان. وقد نوه هذا الجغرافي في وصفه لهذه المدينة بقوله :"ويرد للقيروان كل يوم من الدواب والإبل العدد العظيم الألف والأكثر"[99].
وبالمثل، اشتهرت بونة بتجارة الأنعام من سائر الماشية والدواب والكراع[100]، وليس ببعيد أن تم تصديرها إلى المناطق المجاورة و بالأخص إلى الأسواق الأكثر شهرة. وكما تميزت أيضا مرسى الدجاج بوفرة الألبان والمواشي ما يغرق غيرهم ممن يجاورهم[101]. وفي هذا دلالة واضحة على الوفرة والفائض في الإنتاج.
أما فيما يتعلق بالمواد الأولية للثروة الحيوانية، نلتمس تبادلا قويا جرى خلال القرن الرابع الهجري في بلاد المغرب بين مختلف مدنه وأقاليمه. فقد صدرت مدينة قابس الصوف الكثير، والجلود المدبوغة التي كانت تعم أكثر بلاد المغرب[102]. كما كانت جلود مدينة أوجلة تدبغ في برقة[103]. ولاقت أحذية سجلماسة رواجا في أسواق القيروان.[104] وكانت مدن إفريقية بصورة عامة تصدر جلود الفنك والصوف إلى مدن المغربين الأوسط والأقصى[105].
وشكلت المحاصيل لزراعية نسبة كبيرة في التبادل التجاري الداخلي، خاصة وأن الكثير من مدنه شهدت وفرة في الإنتاج الزراعي بأنواعه وكثيرا ما كان يزيد عن الحاجة، فعلى سبيل الذكر وللحصر أن مدينة بونة كان بها القمح والشعير في أكثر أوقاتها ما لا قدر له، وربما كان يزيد عن حاجتها فتصدره على بقية المدن التي لا تتوفر فيها هذا المحصول[106].
أما بوادي البرشك فكانت لهم من الزرع والحنطة ما كان يزيد عن حاجتهم[107]. وقد اشتهرت كل من مدينة زلول والمسيلة وتيهرت والبصرة وسجلماسة بكثرة المحاصيل من القمح والشعير[108]. وكانت هذه المدن تصدر ما يفيض عن حاجة سكانها إلى بقية مدن المغرب الأخرى.
وبالمثل، كان القطن وقصب السكر والزيتون والسمسم والزعفران وأنواع الفواكه من البضائع التي دخلت في التبادل التجاري الداخلي خلال هذه المرحلة التاريخية، إذ لم يرد ذكرها ضمن قوائم السلع قبل ذلك. فالقطن مثلا كان يحمل من تونس إلى القيروان، ويظهر الانتفاع به في مجال الصناعة النسيجية[109]. والحديث نفسه ينسحب على قطن سجلماسة، حيث كانت تنتج أنواعا منه ويتجهز منها إلى سائر مدن المغرب[110].
في حين نجد الزيتون من منتوجات المناطق الساحلية الغربية لتونس وصفاقس، حيث شكل سلعة مربحة في الأسواق. وفي هذا السياق أشار "البكري"[111] إلى أن زيت هذه المدينة الأخيرة، كان يجهز به محليا وعالميا، واعتبرت الصقلية سوقا هاما في تصريفه. وقد أكد جغرافيو الحقب اللاحقة ذات الحقيقة[112]، مما في ذلك دلالة على غزارة إنتاج الزيتون وتحويله إلى مادة الزيت. هذا وقد كان للقيروان، بحكم مركزها الاقتصادي الهام جدا، دور في استيراد زيت طرابلس وإعادة تسويقه إلى جهات مختلفة[113].
وفضلا عن ذلك، عدت التمور من المنتوجات المهمة التي كانت تفيض عن حاجة بعض المدن المنتجة لها، فقد كانت أوجلة تجهز برقة بأنواع التمور[114]. ومن ودان تصدر الأنواع الممتازة من التمر وبخاصة النوع البرني إلى سرت[115]. في حين كان يخرج من توزر في أكثر الأيام ألف بعير موقرة تمرا[116]. ومن المحتمل أن يكون لمدن المغرب الأخرى نصيب من هذه الحمولة. ومن منطقة السوس بالمغرب الأقصى كان التمر يجلب إلى سائر بلاد المغرب[117]. وكانت سجلماسة كثيرة التمور، حيث أحصى "الحموي" رستاق النخيل بها في ستة عشر صنفا ما بين عجوة ودقل[118]، مما لا يستبعد أن الفائض منه كان يصدر إلى باقي المدن المجاورة.
وتعد مدينة جلولاء من المناطق المشهورة بإفريقية في تصدير قصب السكر، إذ كانت تجهز القيروان بكميات كثيرة منه[119]. و كان يجلب أيضا من السوس حتى اشتهر السكر السوسي بنوعيته المتميزة وبكمياته الوفيرة، وكان يتجر منه إلى سائر المدن[120]. وبالمثل اشتهرت سبتة بتصديرها لهذه المادة إلى المدن التي تفتقرها[121].
ومن الفواكه التي كانت تشكل سلعا مهمة في التبادل التجاري المحلي، محصول التين الذي كان من المنتوجات الشهيرة لجزائر بني مزغناي، إذ كان يجهز منها إلى القيروان .وكان يحمل من بونة إلى سائر المدن الأخرى[122]. وذكر "البكـري": "أن مذكور وهي أم أقاليم بلد قمونية ...و حولها ثمار كثيرة من جميع الأصناف أكثرها شجر التين، وهو يفوق تين افريقية طيبا ومنها يحمل التين زبيبا إلى القيروان..."[123]. في حين كان معظم إنتاج القاط -حصن كبير في المغرب الأقصى- من التين الذي يحمل زبيبا إلى مدينة فاس[124].
وهنالك أنوع أخرى من الفواكه كانت تصدرها مدن المغرب مع بعضها البعض، فمدينة قابس كانت تمون القيروان بأنواع الفواكه وخاصة الموز[125]. وتعد قفصة من أكثر بلاد إفريقية فستقا وكان يحمل منها إلى المغرب الأقصى وخاصة إلى سجلماسة[126]. و من جلولاء كان يرد كل يوم إلى القيروان من أحمال الفواكه ما لا يحصى كثرة[127]. كانت ترد إلى المهدية كميات كبيرة من مختلف أنواع الفواكه من المحمدية (صبرة)[128]، واشتهرت المسيلة بالسفرجل العنق، وكان يحمل منها إلى القيروان[129]. ومن مدينة سطيف كان يحمل الجوز إلى سائر المدن المجاورة[130]، وإلى فاس كانت تجلب أنواع الفواكه من صفروي وخاصة الجوز واللوز[131] .
وثمة محاصيل أخرى كانت ضمن قائمة التبادل المحلي كالقنب والعصفر والكمون والكراويا، وهي من منتوجات تونس وصادراتها إلى سائر البلاد المغربية. كما راجت هذه المحاصيل أيضا بمدن المغرب الأقصى، وتم تصديرها إلى سائر المدن الأخرى[132]، حيث صدرت مدينة درعة الحناء إلى مدن المغرب المختلفة[133]. كما صدرت سجلماسة الكمون والكراويا إلى القيروان[134]. وذكر صاحب "الاستبصار" أن مدينة تنس كان يحمل منها الكثير من المواد الغذائية إلى سائر مدن المغرب وإفريقية[135]. غير أنه لم يصرح بنوعيتها وأصنافها. وبالمثل خضعت المنسوجات للتبادل التجاري الداخلي، حيث كانت المنسوجات الحريرية تنتج بالقيروان وتجهز بسوسة[136].
ولم يكن للثروات المعدنية وغير المعدنية أثر واضح في عملية التبادل التجاري الداخلي إلاّ في بعض الحالات، وحول ذلك أشار "ابن حوقل" إلى مدينة بونة حيث قال: "وبها معدن الحديد كثير ويحمل منه إلى الأقطار الغزير الكثير"[137]. هذا وقد ذكر "البكري" أن كان يجلب من مرسى جيجل معدن النحاس، حيث كان يحمل إلى إفريقية وغيرها[138]. وكان يجلب من مدينة السوس بالمغرب الأقصى معدن النيل الدرعي والنحاس المصبوغ إلى سائر افريقية وبلاد المغرب[139]. وكانت حجارة المطاحن التي اشتهرت بها مجانة تصدر إلى مختلف مدن المغرب لاستعمالها في صناعة الرّحى[140]. ولم يفصح هؤلاء الجغرافيون عن الوسائل التي استعملت في نقل هذه السلع، غير أنه ليس بالمستبعد أن اتخذ الحيوان وسيلة أساسية للحمولة.
وكان لابدّ أن يصاحب هذا النشاط التجاري الواسع، وجود تنظيمات خاصة لتسهيل مهمة التجار من جهة، واستمرار تدفق ومرور البضائع والسلع إلى البلاد بسهولة كبيرة من جهة أخرى. فعرفت أنواع متعددة من صيغ العمل التجاري الداخلي والخارجي كأسلوب المقايضة، والسلف، والوكالة، والشركة، والقراض، واستخدام الصكوك في المعاملات التجارية، وهي أعلى مستوى ضمن ما وصلت إليه النظم التجارية خلال هذا القرن.
وخلاصة القول، أن حركة التبادل التجاري انتعشت في هذه المرحلة التاريخية بشكل واسع بين مختلف مدن بلاد المغرب، إذ غالبا ما كان يستورد التجار ما تفتقر إليه أسواق مدنهم، ويصدرون ما فيض من حاجة السكان سواء كان داخل الإقليم الواحد أو الأقاليم الأخرى، متحديين في ذلك جميع المعوقات، التي كثيرا ما كانت تسبب في عرقلة تحركاتهم من اضطرابات وثورات وضرائب.
وعليه، أضحى من الضروري اتخاذ خطوات جادة للتعاون والتكامل الاقتصادي بين البلدان المغاربية الحالية، انطلاقا من بلورة معالمه على ضوء رصيدنا التاريخي والحضاري.
الهوامش
[1] القاضي النعمان، المجالس والمسايرات ،تحقيق، الحبيب الفقي وإبراهيم شبوح ومحمد اليعلاوي، بيروت، دار الغرب الإسلامي، ط 2، 1997، ص.ص 152-180. أبو مروان حيان بن خلف الأندلسي القرطبي، المقتبس في أخبار بلاد الأندلس، نشر، ب، شالميتا و-ف كورينطي، و ب. صبح، مدريد، وكلية الآداب الرباط، نشر المعهد الاسباني العربي للثقافة، ج 5، 1979، ص.ص. 290-312. ابن عذاري، البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب، تحقيق، ج.س.كولان، ليفي بروفنصال، بيروت، دار الثقافة، 1983، ج1، ص 200. فرحات الدشراوي، الخلافة الفاطمية بالمغرب، ترجمة، حمادي الساحلي، بيروت، دار الغرب الإسلامي، 1994،ص.ص. 334- 357.
[2] يراجع تاريخ الحركات والثورات المعارضة التي قامت خلال القرن الرابع الهجري / 10م كل من، سنوسي يوسف إبراهيم، زناتة والخلافة الفاطمية، القاهرة، مكتبة سعيد رأفت، جامعة عين شمس،1981، ص.ص. 187-248، محمد بن عميرة، دور زناتة في الحركة المذهبية بالمغرب الإسلامي، الجزائر، المؤسسة الوطنية للكتاب،1984، ص.ص197-218، فاطمة بلهواري، الفاطميون وحركات المعارضة في المغرب الإسلامي، القاهرة، جامعة عين شمس، رسالة ماجستير غير منشورة، 1991، ص.ص 233- 281.
[3] يراجع أنواع الضرائب التي فرضت خلال القرن الرابع الهجري /10م على التجارة الداخلية المغربية، ابن حوقل، صورة الأرض، القاهرة، دار الكتاب الإسلامي، ب ت، ص.ص. 71-72.
[4] يراجع حول تفاصيل هذه الثورة ومخلفاتها، الداعي إدريس، تاريخ الخلفاء الفاطميين بالمغرب، جزء من كتاب عيون الأخبار وفنون الآثار في فضائل الأئمة الأطهار، تحقيق فرحات الدشراوي، تونس، الإتحاد العام التونسي للشغل،1981، ص.ص. 272-461.
[5] العلوي هاشم، مجتمع المغرب الأقصى حتى منتصف القرن الرابع الهجري، منتصف القرن العاشر الميلادي، الرباط، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، 1995، ج 1، ص.360.
[6] شاع استعمالها في قياس المسافات بين مدينة وأخرى وتم تحديدها بحوالي ثلاثون كلم،
Golvin, L., Le Maghrib central à l’époque des Zirides, Paris, Ed. Arts et métiers graphiques, 1954, p.84.
[7] فهو قياس ذراع رجل معتدل. وقدرت ما بين 24 إلى 48 سم. المقدسي، أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم، ليدن، 1906، ص 65. جودت عبد الكريم يوسف، الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في المغرب الأوسط خلال القرنين الثالث والرابع الهجريين 9/10م، الجزائر، ديوان المطبوعات الجامعية، 1992، ص. 73.
[8] أحصى "المقدسي" قياسه باثني عشر ألف ذراع. المصدر السابق، ص.65.
[9] قدر بثلث الفرسخ. وهو ما يعادل 1,440 كلم. جودت عبد الكريم، المرجع السابق، ص.74.
[10] يصعب تحديد اليوم لأنه يحتكم إلى عوامل خارجية كطبيعة الطريق في سهولته و وعورته. المرجع نفسه، ص. 75.
[11] العلوي هاشم، المرجع السابق، ج 1، ص.360.
[12] لمزيد من التفاصيل حول تاريخ الجغرافية الأدبية وبخاصة المتعلقة بالقرن الرابع الهجري، ينظر: اغناطيوس يوليانوقتش كراتشوفسكي، تاريخ الأدب الجغرافي العربي، ترجمة صلاح الدين عثمان هاشم، القاهرة، طبعة جامعة الدول العربية، 1957، ج1 ص.153، 219. ميكيل أندري، جغرافية دار الإسلام البشرية حتى منتصف القرن الحادي عشر، ترجمة، إبراهيم خوري، دمشق، منشورات وزارة الثقافة والإرشاد القومي، 1953، القسم الثاني، ص. 68، 75، 143.
[13] اغناطيوس يوليانوقتش كراتشوفسكي، المرجع السابق، ج 1، ص. 197.
[14] نفسه، ج 3، ص.120.
[15] يسميه "ابن عبد الحكم" بالطريق الأعظم، فتوح أفريقية والأندلس، بيروت، دار الكتاب اللبناني، 1964، ص.53. و يسميه "البكري" و" ابن أبي الزرع" الجادة، المغرب، ص. 14، الأنيس المطرب بروض القرطاس في أخبار ملوك المغرب وتاريخ مدينة فاس، دار المنصور للطباعة والوراقة، الرباط، 1973، ص. 18. وقد قال عنه "عز الدين أحمد موسى": كان ساحليا أيام البيزنطيين، النشاط الاقتصادي في المغرب الإسلامي خلال القرن السادس الهجري، بيروت، القاهرة، دار الشروق، 1983، ص. 308.
[16] تقع مدينة اجدابية على الطريق الساحلي على بعد 160 كم جنوبي مدينة بنغازي بالجماهيرية العربية الليبية.
[17] أسسها بلكين بن زيري بن مناد الصنهاجي في عهد والده وبأمر منه، وذلك على أنقاض المدينة الفينيقية ايكسيوم و حملت اسم قبيلة بني مزغنة، التي كانت مستقرة بهذه النواحي، وهي اليوم عاصمة للجمهورية الجزائرية.
[18] ابن حوقل، صورة الأرض، القاهرة، دار الكتاب الإسلامي، د.ت، ص.ص. 72-73، 75، 77، ينظر: "اليعقوبي" الذي رسم هذا الطريق، إلا أنه لم يشر إلى مدينتي المهدية و صبرة التي أنشأت في القرن الرابع الهجري/10م، كتاب البلدان، بيروت ،دار إحياء التراث ،1987، ص.103.
[19] من أهم المدن الساحلية للمغرب الأوسط خلال القرن الرابع الهجري/10م، تعرف حاليا برشقون وهي تابعة لولاية عين تموشنت بالغرب الجزائري.
[20] ابن حوقل، المصدر السابق، ص.ص.77-79. البكري، المغرب في ذكر بلاد إفريقية والمغرب، Paris، مطبعة Librairie d'Amérique et d'Orient، 1963، ص.57.
[21] اليعقوبي، المصدر السابق، ص.107.
[22] ابن حوقل، المصدر السابق، ص.84.
[23] الجنحاني، دراسات مغربية في التاريخ الاقتصادي والاجتماعي للمغرب الإسلامي، بيروت، دار الطليعة، 1980، ص.81.
[24] المسالك والممالك، تحقيق، محمد عبد العال الحسني، القاهرة، دار القلم، 1961، ص.37.
[25] المغرب، ص.79.
[26] بلدية تابعة لدائرة الحامة، ولاية خنشلة، الجزائر.
[27] تعرف بقصر بلزمة حاليا وهي تابعة لدائرة مروانة ولاية باتنة، الجزائر.
[28] عاصمة الزاب الجزائري، تقع جنوب غرب بسكرة.
[29] Said Dahmani, Essai d’établissement d’une carte des voies de circulation dans l’Est du Maghrib central du IXe au XIIe siècles, 110ème congrès national des sociétés savantes, Montpellier, 1985, IIIème colloque sur l’histoire et l’archéologie d’Afrique du Nord, p.338
[30] صورة الأرض، ص.ص. 84 -85.
[31] قرية من قرى هوارة بإفريقية، وهي تقع بين الأربس وتادميت، الإدريسي، نزهة المشتاق في اختراق الآفاق، القاهرة، مكتبة الأفاق الدينية، 2002، ج1، ص.ص. 293- 294.
[32] تقع غرب الأربس، المصدر نفسه، ج2، ص.293، البكري، المصدر السابق، ص.53.
[33] تقع غرب طبنة، الإدريسي، المصدر السابق، ج1، ص.ص. 263-264.
[34] تقع بالقرب من المسيلة، ابن حوقل، المصدر السابق، ص. 119.
[35] Dahmani, Said, op.cit., p.340.
[36] ابن حوقل، المصدر السابق، ص.ص. 84-85.
[37] المصدر نفسه، ص.ص. 86-87.
[38] تشكل مجموعة مدن من بلاد الجريد بتونس وهي: توزر ونفطة والحمة وتقيوس وقفصة، البكري، المصدر السابق، ص.14.
[39] ابن حوقل المصدر السابق، ص.87.
[40] أحسن التقاسيم، 1906، ليدن، ص.247. و يذكر "ابن خردذابة" أن الطريق بين القيروان و تيهرت يستغرق شهرا على الإبل. المسالك والممالك، ليدن، مطبعة بريل،1889، ص.88.
[41] صورة الأرض، ص.ص.87-88.
[42] المقدسي، المصدر السابق، ص. 246. الأصطخري، المصدر السابق، ص37.
[43] صورة الأرض، ص.ص. 88- 89.
[44] المصدر نفسه، نفس الصفحة.
[45] انتعشت هذه المدينة بعد أن اضطرب وضعف حال تيهرت إذ كانت تقع على الطريق الرئيس والرابط بين تيهرت و تلمسان، البكري، المصدر السابق، ص.79.
[46] ابن حوقل، المصدر السابق، ص.ص. 88-89.
[47] ترتبط تيهرت بسجلماسة بطريق يسلك بين القبلة و الغرب نحو مدينة تعرف باسم أوزكا على بعد ثلاث مراحل من تيهرت، و من أوزكا نحو سجلماسة، و يستغرق هذا الطريق عشر مراحل. اليعقوبي، البلدان، ص. 114.
[48] صورة الأرض، ص.109. و قد وصف هذا الطريق كل من المقدسي، المصدر السابق، ص.246. "البكري"، المصدر السابق، ص.76. الاصطخري، المصدر السابق، ص.ص. 37-38.
[49] المصدر نفسه، ص.37. اليعقوبي، المصدر السابق، ص.ص. 103-104. ابن حوقل، المصدر السابق، ص.71.
[50] المصدر، نفسه، ص.ص. 75، 77.
[51] نفسه، ص.ص. 72-73،77.
[52] تقع على مصب نهر اسلي الذي يصب بوادي الشلف.
[53] ابن حوقل، المصدر السابق، ص.ص. 88-89.
[54] ومن مدينة طنجة ينعطف البحر المحيط آخذا من جهة الجنوب إلى أرض تشمش، كانت هذه المدينة تشرف على نهر سفدد. الإدريسي، المصدر السابق، ج 2، ص.531.
[55] ابن حوقل، المصدر السابق، ص.80. الإدريسي، المصدر السابق، ج2، ص.530.
[56] بناها عبد الله بن ادريس، المصدر نفسه، ج 2، ص.531.
[57] ابن حوقل، المصدر السابق، ص.81. بينما يذكر "الإدريسي" أن المسافة بين البصرة و مدينة الأقلام تقدر بـ 18 ميلا. المصدر السابق، ج 2، ص.531.
[58] اليعقوبي، المصدر السابق، ص.115.
[59] ابن حوقل، المصدر السابق، ص.90.
[60] المصدر نفسه، نفس الصفحة.
[61] نفسه، نفس الصفحة.
[62] نفسه، ص.80.
[63] المغرب، ص.57.
[64] الجغرافيا، تحقيق إسماعيل العربي، الجزائر، ديوان المطبوعات الجامعية، ط2، 1982، ص.145.
[65] المغرب، ص.77.
[66] مجهول، الاستبصار في عجائب الأمصار وصف مكة والمدينة ومصر وبلاد المغرب، نشر وتعليق، سعد زغلول عبد الحميد، الإسكندرية، مطبعة جامعة الإسكندرية، 1958، ص.134.
[67] زنيبر، محمد، المغرب في العصر الوسيط، الدولة- المدينة- الاقتصاد-، الرباط، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، 1999، ص.389.
[68] المغرب، ص.105.
[69] المصدر نفسه، ص.ص.86 -87.
[70] صورة الأرض، ص.80.
[71] يقع على طريق بجاية – القلعة.
[72] نزهة المشتاق، ج1، ص.262.
[73] المصدر نفسه، ج1، نفس الصفحة.
[74] العزيزي الجؤذري، سيرة الأستاذ الجؤذري و به توقيعات الأئمة الفاطميين، تحقيق، محمد كامل حسين ومحمد عبد الهادي شعيرة، القاهرة، دار الفكر العربي، 1954، ص.88. وكان سوق مكناسة المعروف بسوق غبار وسوق أغمات ينعقد في يوم الأحد ينظر، محمد ابن غازي العثماني، الروض الهتون في أخبار مكناسة الزيتون، تحقيق عبد الوهاب ابن منصور، الرباط، المطبعة الملكية، 1999، ط3، ص.18. البكري، المصدر السابق، ص.153.
[75] المصدر نفسه، ص.107.
[76] الحموي، المصدر السابق، ج1، ص.239.
[77] البكري، المصدر السابق، ص.152، مجهول الاستبصار، ص.206.
[78] نزهة المشتاق، ج1، ص.251.
[79] المصدر نفسه، ج1، ص.254.
[80] المغرب، ص.152.
[81] الاستبصار، ص.206.
[82] المغرب، ص.ص.111-112.
[83] المصدر نفسه، ص.153.
[84] نفسـه، ص.159.
[85] سيرة الأستاذ الجؤذري، ص.43.
[86] الدباغ، معالم الإيمان في معرفة أهل القيروان، تحقيق محمد ماضور، تونس، المكتبة العتيقة، القاهرة، مكتبة الخانجي، 1978، ج2، ص.ص.34، 36.
[87] البكري، المصدر السابق، ص.60.
Vanacker, C., « Géographie économique de l'Afrique du Nord», in Annales, S.E.C, 1973, p. 673.
[88] وعرف بتاجر الله نسبة إلى الفقيه "إسماعيل بن عبيد الأنصاري" وقد صنف ضمن الطبقة الأولى من علماء مدينة القيروان، ينظر المالكي، رياض النفوس في طبقات علماء القيروان وافريقية وزهادهم ونساكهم، تحقيق، بشير البكوش ومحمد العروسي المطوي، بيروت، دار الغرب الإسلامي، ط 2، 1994، ج 1، ص106-107،109. الدباغ، المصدر السابق، ج2، ص.192.
[89] اليعقوبي، البلدان، ص.109.
[90] سوق بني هشام بالقيروان، تنسب إلى "هشام بن حاجب"، أبو العرب، علماء إفريقية وتونس، تحقيق، علي الشابي ونعيم اليافي، تونس، الدار التونسية للنشر، الجزائر، المؤسسة الوطنية للكتاب، 1985، ص.180.
[91] القاضي النعمان، دعائم الإسلام وذكر الحلال والحرام والقضايا والأحكام من أهل بيت رسول الله عليه وعليهم أفضل السلام، تحقيق، أصف بن علي فيضي، القاهرة، دار المعارف، 1969، ط3، ج2، ص.18.
[92] القاضي عياض، ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب الإمام مالك، بيروت ،دار مكتبة الحياة، طرابلس دار مكتبة الفكر، د.ت، ص.359.
[93] البكري، المصدر السابق، ص.61.
[94] عبد الرازق، محمود إسماعيل، سوسيولوجيا الفكر الاسلامي، القاهرة، كتبة مدبولي، 1988، ط3، ص.489.
[95] ابن حوقل، المصدر السابق، ص. 74، 77، 81، 89.
[96] المصدر نفسه، ص.73.
[97] نفسه، ص.71.
[98] مجهول، الاستبصار، ص.179.
[99] المغرب، ص.56.
[100] ابن حوقل، المصدر السابق، ص.77.
[101] المصدر نفسه، نفس الصفحة.
[102] نفسه، ص.72.
[103] الإدريسي ،المصدر السابق ،ج 1 ص.311.
[104] محمود إسماعيل عبد الرازق، الخوارج في بلاد المغرب حتى منتصف القرن الرابع الهجري، الدار البيضاء، المغرب، دار الثقافة، 1976، ص.277.
[105] مجهول، الاستبصار، ص.153.
[106] ابن حوقل، المصدر السابق، ص.77.
[107] المصدر نفسه، ص.78.
[108] نفسه، ص.80، 85، 88، 90.
[109] نفسه، ص.75.
[110] الإدريسي، المصدر السابق ،ج 1 ،ص.226.
[111] المغرب، ص.20.
[112] مجهول، الاستبصار، ص.ص. 116 -117. الحموي، معجم البلدان، بيروت، دار الصادر للطباعة والنشر، دار بيروت للطباعة والنشر، 1984، ج3، ص.223.
[113] أرشيبالد، لويس، القوى البحرية والتجارية في حوض البحر المتوسط، ترجمة أحمد عيسى، مراجعة، محمد شفيق غربال، القاهرة، نيويورك، مكتبة النهضة المصرية، مؤسسة فرنكلين للطباعة، د. ت.، ص.253.
[114] ابن حوقل، المصدر السابق، ص.69.
[115] البكري، المصدر السابق، ص.11.
[116] المصدر نفسه، ص.48.
[117] الزهري، المصدر السابق، ص.ص. 118-119.
[118] المعجم ، ج 3، ص.192.
[119] البكري، المصدر السابق، ص.32.
[120] المصدر نفسه، ص.161.
[121] الإدريسي، المصدر السابق،ج 2، ص.528.
[122] ابن حوقل، المصدر السابق، ص.ص.77- 78.
[123] المغرب، ص.75.
[124] المصدر نفسه، ص.147.
[125] نفسه، ص.17.
[126] نفسه، ص.47. مجهول، الاستبصار، ص.153. الحموي، المصدر السابق ،ج 4، ص.382.
[127] البكري، المصدر السابق، ص.32.
[128] المقريزي، اتعاظ الحنفاء بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفاء، تحقيق جمال الدين شيال، القاهرة، دار الفكر العربي، 1948، ص.105.
[129] ابن حوقل، المصدر السابق، ص.85.
[130] القلقشندي، صبح الأعشى في صناعة الإنشاء، شرح وتعليق، نبيل خالد الطيب،، بيروت، دار الكتب المحلية، 1987،ج 5 ،ص.106.
[131] مجهول، الاستبصار، ص.193. الزهري، كتاب الجغرافية، تحقيق، محمد الحاج الصادق، القاهرة، مكتبة الثقافة الدينية، د.ت، ص.115.
[132] ابن حوقل، المصدر السابق، ص. 75، 90.
[133] الإدريسي، المصدر السابق، ج 1، ص.227.
[134] المصدر نفسه، ج 1، ص.226.
[135] مجهول، الاستبصار، ص.133.
[136] لويس أرشبالد، المرجع السابق، ص.329.
[137] صورة الأرض، ص.77.
[138] المغرب، ص.ص. 82- 83.
[139] الزهري، المصدر السابق، ص.117.
[140] ابن حوقل، المصدر السابق، ص.84. البكري، المصدر السابق، ص.49.