إنسانيات عدد 44-45 | 2009 | مدينة الجزائر : ميتروبول في تحوّل | ص73-74| النص الكامل
Abed BENDJELID
يعتبر تصفح هذه المجلة التي تناولت في عددها الأول موضوع مدينة الجزائر في الفضاء العالمي، لحظة سعيدة، و ذلك بفضل اعتمادها أسلوبا بلاغيا في بعض النصوص المقترحة، حيث استطاعت أن تنسينا النقص الموجود في الكتابات الكلاسيكية التي تتناول مجال المدن وتعتبر مدينة الجزائر بوصفها فاعلا حقيقيا، تتشرف مدينة مرسيليا بمقابلتها في الضفة الأخرى، و لكنها توصف أيضا "انطلاقا من مقاربة أصيلة"، مستوحاة من رؤى داخلية كما يشير إلى ذلك تيري فابر (Thierry Fabre) في مقدمته.
و هكذا تتجلى هذه الرؤى حينما تكون الكتابـة الحرة مـن إبـداع سـكـانـهـا و صحفييها أمثال (بلحيمر، عبدو، دريدي، موفق.) و جامعييها أمثال (صفار زيتون، حجيج، سيدي بومدين، جربال، مادي، لعقون.) وشخصيات ثقافية أخرى أمثال (عمراني، عياشي، حجاج، مفتي، هلال.) يتميز أسلوب الكتابة بسلاسة معينة، و يعبر عن روح الكلمة، التي تثير مشاعر القارئ حيث يتعرف من خلالها على نمط العيش اليومي بمدينة الجزائر، و هذا بعد « السنوات العشر الأخيرة، سنوات العنف التي شهدت أشكالا من القمع و الاعتداءات».
و من هذا المنظور، تتمتع الحياة اليومية في هذه المدينة بأولوية انطلاقا من مقاربتين اثنتين:
تتمثل الأولى في « القيام بجولة في المدينة و رسم بورتريه للمشهد الثقافي لمدينة الجزائر اليوم».
و يدور كل شيء في هذا المقام حول مسألة السّكان، سكان مدينة الجزائر من نساء و شباب، و خصوصا « الذين يزاولون نشاط الترابندو».حيث يقدم لنا علماء الاجتماع تصورا للمدينة كما يعيشها الرجال و النساء الذين يشغلون الفضاء العمومي و ذلك من خلال إعادة ترتيب التنظيم المجالي و الاجتماعي للعاصمة الجزائرية.
و يتجلى كل من الوصف، الطرائف و النوستالجيا من خلال مختلف النصوص المقترحة.
أما المقاربة الثانية، فيبرز فيها مفهوم الثقافة، حيث نصادف من خلال المدينة موسيقى جيل الشباب و المتمثلة في الراب، الأغنية الرافضة، الشعبي، الفنون التشكيلية، السينما، الأدب و الصحافة.، حيث تطرح مسألة التجديد الثقافي بإلحاح.
إن هذا العدد المخصص من مجلة La pensée de midi لمدينة الجزائر جدير بالقراءة، لأنه يضع العاصمة ضمن مسار المدن المتوسطية من جهة، ويؤكد من جهة أخرى عن الإمكانيات التي يتمتع بها مثقفو مديـنـة الـجـزائـر، والـذيـن و بالرغم من كل شيء، رفعوا تحدي الكتابة بكل تألق و طرافة واعتراف بالآخر، باعتبارهم أفرادا ينتمون إلى المجتمع. يمكن أن تساهم جميع النصوص المقترحة في تحسين الصورة السلبية الحالية لمدينة الجزائر في بلدان المتوسط و قد يتطلب الأمر إعادة نشر هذا النوع من العمل الجماعي حول مدن جزائرية أخرى، مع التركيز على إنتاج نصوص ذات نوعية، مكتوبة بأسلوب سهل، وشعري يهدف إلى الاعتراف بذاتنا والتعرف عليها وتعتبر هذه الفكرة نوعا من أنواع الإضفاء على المجتمع صورة وتصورات، شوه ملامحها كل من العنف، المشاكل اليومية و الخوف.
عابد بن جليد