حوصلة الورشة المنعقدة يوم 13 ماي 2023
في عام 2023، تبلغ مجلة إنسانيات التي تصدر عن مركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية 27 سنة لتصل بذلك إلى عددها المائة، ما يُعدُّ إنجازاً كبيرا يتطلّب وقفة تأمل وتحليل ذاتي. ظهر أول عدد من المجلة سنة 1997، وقد مرّت برحلة طويلة اتسمت بالحماس والعزيمة، ولكن أيضًا بعدد من الصعوبات والعوائق. إذ أن المجلة نشأت في فترة زمنية صعبة (خلال التسعينيات)، حيثُ كانت الأمة وكذا مؤسساتها تواجه أزمة سياسية وأمنية كُبرى، مما دفع هيئة مجلة إنسانيات إلى أن تتبنّى منذ البداية منطقًا يكون فيه الإنتاج العلمي والجودة مرادفًا للنضال من أجل استمرارية الدولة والبحث الأكاديمي.
تهدف ورشة العمل التي نظمها المركز يوم 13 ماي 2023 إلى تقييم واقع راهن مجلة إنسانيات. وتجدر الإشارة إلى أنّ فكرة الورشة ، تمخّضت عن ظروف النقلة النوعية في مجال البحث والنشر العلمي، لا سيما تلك التي حددتها المديرية العامة للبحث العلمي والتطوير التكنولوجي، والتي تُعنى بمتابعة وتسيير المجلّات، إرسال المقالات، والنشر، والتثمين.
وقد تمّ في هذه الورشة التطرّق إلى عدّة تساؤلات أجملتها خمسُ محاور: يتعلّق المحور الأوّل بالظروف التي نشأت فيها مجلة إنسانيات وعملية وضع معايير التقييم العلمي للمقالات، واختيار الموضوعات التي سيتم معالجتها، بالإضافة إلى مسألة لغات النشر. وتناول المحور الثاني موضوع أبواب المجلة، مع التركيز بصفة خاصّة على باب "موقف البحث". فيما خصّص المحور الثالث تقييم العمل المُنجز والمتعلّق بمرئية المجلة، وبالتحدّي المرتبط بتصنيفها لتحظى بمزيد من الاعتراف الأكاديمي، لضمان ديمومتها واستمراريتها. فناول المحور الرابع العلاقة بين المجلة وإدارة النشر ومؤسسة الطباعة ، دون إغفال مسألة توافر الموارد البشرية لتقييم المقالات، وأسلوب التنظيم الداخلي لإدارة المجلة، والمغامرة مع تجربة إصدار الأعداد الأولى، ودور وعمل هيئة التحرير بمداوماتها وتغييراتها. أما المحور الخامس فخُصِّص لمسار الفاعلين في المجلة ومسألةالتجديد الجيلي.
في الكلمات الافتتاحية، رحّب مدير المركز الأستاذ عمّار مانع مدير النشر لمجلة إنسانيات بهذه المبادرة، مُثنيًا بذلك على جميع الفرق، ومذكراً بالمسار الذي تمّ قطعه وكذا التخطيط للمستقبل، عقبه بعد ذلك مدير التحرير الأستاذ بلقاسم بن زنين، والمدير بالنيابة الأستاذ محمد حيرش بغداد، حيث سلّطا الضوء على التحدّيات التي تواجهها مجلة إنسانيات اليوم.
نشّط الجلسة الأولى أربعة أعضاء من مؤسّسي المجلة: نورية بن غبريط-رمعون وفؤاد صوفي وحسن رمعون وعمارة بكوش. تطرّق كلّ منهم إلى السياق التاريخي الذي نشأت فيه المجلة والصعوبات والتحدّيات التي كانت تواجهها إنسانيات خلال مسارها، ثمّ إلي فلسفة المجلة وقواعدها مع التذكير بتجربتها وكذا عمليّة التّحكيم، بالإضافة إلى تقديم شهادة على مغامرة إصدار الأعداد الأولى للمجلة.
نتجت فكرة إعداد ونشر مجلة إنسانيات عن تغييرات كبرى مصحوبة بسلسلة طويلة من النقاشات التي بدأت عام 1993. مع التذكير بأنّ تاريخ المجلة يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالإطار المؤسّساتي، أي مركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية الذي سمح وشجّع على إنشاء المجلة مع ضمان احترام استقلاليتها العلمية، من خلال العقد الأخلاقي المبرم بين إدارة المركز والفريق القائم على المجلة، إذ يكفل فصل السلطة الإدارية عن الجانب العلمي.
استند إنشاء مجلة إنسانيات، منذ البداية، على مبدأ أساسي وبسيط، وهو أنّه لا يُمكن لمركز بحث أن يقوم من دون توافر نشر منتظم. لذلك، فإن إطلاق المجلة استجاب للحاجة إلى وضع سياسة تحريرية دقيقة في مواجهة الطلب المتزايد لنشر مقالات باحثي العلوم الاجتماعية. فكان من الضروري أولاً وقبل كل شيء فهم وتحليل التجارب التحّريرية السابقة في وهران، وفي كلّ الوطن وخارجه. تتمثّل الفكرة الأساسية في أنّ هذه المجلة تهدف إلى جعل الإنتاج مرئيًا ومقروءًا، ليس فقط لباحثي مركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية، ولكن أيضًا نشر الإنتاج الوطني في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية وفي العلوم الاجتماعية.
تخضع لجنة التحرير هي الأخرى لشروط تحكم علاقتها بمديرية النشر فيما يخصًّ محتوى الأبواب، الشكل والترقيم، الفترة الزمنية، واختيار الأعداد الموضوعاتية، وتقييم المقالات. سمح كلّ عدد من أعداد مجلة إنسانيات، سواء تلك التي سبق وأن نُشرت أو تلك التي ستُنشر مُستقبلاً، الفرصة لإثارة نقاشات فعلية كان لها أثر كبير في استمرارية المجلة، وذلك من خلال الاستفادة من الهفوات التي ارتكبت خلال هذا المسار الطويل، وخلق حياة فكرية حقيقية للمجلة.
على الرغم من نقص الخبرة في تحرير المجلات، وبفضل فريق ملتزم ومؤمن بهذه المهمة، كان من الضروري اتّخاذ قرار بشأن المحتوى الذي سيتم تقديمه للنشر مع اختيار طابع تعدّدية التخصصات وربطها بالأنثروبولوجيا. بعد ذلك، كان من الضروري إعطاء عنوان للمجلة وبعد مقترحات مختلفة، مثل: أناسة، العلوم الإنسانية، الأنثروبولوجيا، العلوم الإنسانية، العلوم الاجتماعية، انتهى بالإجماع على إنسانيات والاحتفاظ بالعنوان الفرعي التوضيحي " المجلة الجزائرية للأنثروبولوجيا والعلوم الاجتماعية ".
في الوقت نفسه، كان لا بدّ من تشكيل فريق الانطلاق وفقًا لمهارات وتوافر وتحمّس الزملاء الذين شاركوا في النقاشات. كان من الضروري أيضًا الشروع في مهمة طويلة الأمد للبحث عن متعاونين موثوق بهم (لاقتراح المواضيع، الخبرة، المترجمين، إلخ) وهذا داخل المجتمع العلمي من داخل الجزائر وخارجها. بقيت المشكلة الرئيسية في الحصول على الكتّاب والتجديد المستمر.
بعد ربع قرن من الوجود، تمكّنت إنسانيات من الحفاظ على وجودها وتجديدها، وذلك بفضل التعاقب الناجح للأجيال على وجه الخصوص، والمثابرة الصارمة. ومع ذلك، فإنّ مسألة الاستمرار في ضمان استدامتها لا تزال تمثّل تحديًا لكل من المجلة ومركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية الذي أنشأها وهي تمثّل عاملًا مهمًا في دعم مكانته ومرئيته الأكاديمية.
أخيرًا، يحتكم التقييم إلى تقرير خبرة وضعته لجنة التّحرير في شكل تعليقات دقيقة مصادق عليها من قبل لجنة القراءة. يتمّ تسجيل هذا التقييم في وثيقة داخلية تكون بمثابة دليل على ذلك. يخضع كل مقال لثلاث تقييمات من قبل الخبراء على الأقل مع الإبقاء على سريّة هويّة الكاتب. وفي حالة الخلاف بين المقيّمين، يتمّ تقديم المقال إلى مقيِّم رابع.
ركّزت الجلسة الثانية، التي أدارها جيلالي المستاري، وفؤاد نوار، وصادق بن قادة، على الأبواب وخاصّة على المواضيع المختارة، وتحليل "مواقف بحث" التي صدرت في مجلة إنسانيات، وتُعتبر هذه الأخيرة كمؤشر عن للبحث الذي يقوم به الشباب في العلوم الاجتماعية والإنسانية، وأخيرا خصص قسم من الجلسة لـــ "الذكرى" و"التكريم".
تصدر مجلة إنسانيات عموما أعداد موضوعاتية، وهذا لا يمنعها من نشر أعداد لمقالات متنوعة في بعض الأحيان. تنبع موضوعاتها الرئيسية من الدراسات والمشاريع البحثية التي تمثل أولويات البحث في مركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية. ومن الهامّ أيضا التّركيز على تطوّر بعض المواضيع التي يتناولها المجتمع العلمي الجزائري انطلاقا من التحدّيات التي تواجهها المجلة منذ نشأتها سنة 1997 إلى يومنا هذا، إضافةً إلى المواضيع التي خاضتها مجلة إنسانيات طيلة 27 سنة ، وكذا المواضيع المقترحة للسنوات القادمة والتي ستكون موضوع النقاش العام.
يمكن تصنيف المواضيع التي تمّ التطرّق إليها من 1997 إلى 2023، عام العدد المائة، على النحو التالي:
- التاريخ / الذاكرة / الدين / المواطنة (14 عدد)؛
- الفضاء والمدينة والحركية (17 إصدارًا).
- التعبير الثقافي والمخيال والتراث والمسألة اللغوية (15 عددًا).
- الفئات والمؤسسات الاجتماعية (الطفولة ، المرأة ، الانحراف ، الشباب. المدرسة ، الأسرة، الأشخاص المُسنّون) (11 عددًا).
- مواضيع البحث الأولى (عددان).
- أعداد متنوعة (6 أعداد): العمل، الرياضة، الصحة، الأنثروبولوجيا الاجتماعية في طور التكوين.
تشكل سياسة دمج الباحثين الشباب، استراتيجية حقيقية لمجلة إنسانيات بوصفها مكاناً لتبادل الخبرات، وللتكوين والتعلم والمتعة.
كان اختيار المواضيع غالبًا ما يُستوحى من ثلاثة مصادر: البحوث المنجزة في أقسام البحث، أجندة المؤسسات الدولية والمناقشات العلمية التي أجريت على المستويين الوطني والدولي.
تقدم المجلة ستة أبواب خارج المقالات الموضوعاتية: قراءات في كتب، الملاحظات النقدية، مواقف بحث، المقابلات، مسارات بحث، عروض مجلّات.
يكشف محتوى "مواقف البحث" عن وجود "تقاليد مؤسساتية" تضمن تدعيم عمل الباحثين الشباب. ويُعزى هذا الوفاء إلى الاهتمام المستمر للمركز ومجلته بموضوع التكوين من خلال البحث والمساهمة بذلك في إتاحة مساحة لمناقشة القضايا والإشكالات في مجال العلوم الاجتماعية والإنسانية في الجزائر.
تصدر "مواقف بحث" بشكل شبه دائم، حيث تمّ نشر 130 مساهمة. وتميّز هيئة التحرير بين "مواقف بحث" ومقال علمي، لا يعتبر كمقال بل كإثراء، وبالتّالي، يتم إخضاعه فقط للتقييم الداخلي. في الميثاق الموجه لمنسّق عدد من المجلة، يخضع "موقف بحث" لاتجاه ثلاثي: إبراز أهمية البحث في مركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية، الإسهام في التعريف ببحوث من أطروحات الدكتوراه وكذا النقاشات العلمية الحالية.
يعتبر باب "الذكرى" في مجلة إنسانيات أمرا أساسيا بالنسبة لإنسانيات لأنّها تهدف إلى عرض حالة تقدّم العلوم الاجتماعية في الجزائر. ومن هذا المنطلق، صنّف صادق بن قادة في مداخلة ضمن الورشة "الذكرى" من طرف في الورشة حسب الكاتب والتخصص والأشخاص المعنيين... ويكشف هذا الاهتمام على حرص المجلة على تقدير على المساهمين والتعريف بهم، وبآثارهم في العلوم الإنسانية والاجتماعية.
يجب التمييز بين الذكرى وإشعار بالوفاة. إن الشهادة مصطلح متعدّد المعاني، وهي كلمة تعود للعصور الوسطى وتطورت فيما بعد، ومن هنا جاءت صعوبة الترجمة إلى اللغة العربية. إنه عمل فكري صعب، لأن تحريره يقتضي أن يكون مُحّرر "الذكرى" قد عرف المعني بالذكرى ولازمه وعمل على أثره المعرفي.
ورغم أن العدد يبقى ضئيلا، إلّا أنّه تم نشر سبعة وثلاثين ذكرى (من رقم 6 إلى رقم 96). خصّت الذكرى الأولى عبد المالك صياد (1998) ، ثمّ عادل فوزي، بيار بورديو، ج .كامبس، محفوظ بنون، جاك داريدا، مصطفى لشرف، ايمي سيزر، جورج لابيكا، جيل دولوز، جيرمان تيون، خطابي، ليفي ستروس، حميدة آيت عمارة، حامد أبو زيد، محمد أركون، عبد القادر جغلول، عائشة غطاس، كلودين شولي، لافيرون، فاطمة مرنيسي، كامي لاكوست دوجاردان، براهيم صالحي، محمد شحرور، عبد الله حمودي، جيل دولوز، عمر كارليي، إلخ.
تدخّل في الجلسة الثالثة كل من بدرة معتصم- ميموني وبلقاسم بن زنين ومنال سجعي وخيرة بن دولة، وأشاروا إلى أنّه رغم السياق الاجتماعي والسياسي والأمني الصعب الذي رافق ظهور المجلة كما أشير إليه في الجلسة الأولى، كان انشغال طاقم المجلة أولا وقبل كل شيء مُنصبًّا على إصدار المجلة ثمّ ضمان استمراريتها، أما حصولها على التصنيف ودخولها في المرجعيات العالمية فلم يَكن موجودًا بالفعل في نهاية القرن العشرين. ثم تدريجياً ونظرا لالتزام الفريق ونجاح المجلة من جهة، وتطور الإنترنت وظهور المنصات من جهة أخرى ، بدأت طموحاتنا تتنامى من أجل التصنيف والمرجعية.
هناك ثلاثة مفاهيم في هذه الحوصلة جديرة بأن نوليها اهتمامنا، والتي تتعلّق بسيرورة مجلة إنسانيات: التصنيف، والمرجعية، والفهرسة، وكلها تساهم في ترسيخ سمعة المجلة وإمكانية الوصول إليها وتعزيز مقروئيتها إذ يعتبر تصنيف المجلات الأكاديمية وفهرستها ضمانًا لمرئيتها وسمعتها وجودتها وإمكانية الحصول إليها.
يُعدُّ النشر المفتوح Open Edition خطوة عملاقة فيما يخصّ نشر المعرفة العلمية والوصول إليها في جميع أنحاء العالم، فقد أصبح من الممكن إتاحتها لجميع البلدان وخاصّة الباحثين من دول العالم الثالث الذين يعانون بشدّة من نقص الوسائل ونقص الإنتاج المحلي للمعرفة والتبادل.
يعتبر تدوين المجلة في المرجعيات المرئية ضروريًا ويستجيب لثلاثة تحديات: جعل المجلة مرئية، وتوسيع آفاقها دوليًا، وضمان استمراريتها والاعتراف بها بوصفها مصدراً للمعرفة الأكاديمية. تحتاج المجلة إلى قرّاء للتعريف بمؤلفيها، ولإثارة نقاشات واسعة، والاعتراف بها، والتعريف بها دُوليًّا أو على الأقل لتوسيع جمهور قرائها في الوطن. يمثل دخول إنسانيات في النشر المفتوح Open Edition تحديًا في حدّ ذاته، بحيث سمح لها بأن تكون متاحة للقراء في الخارج و كذا بالنسبة للقراء المحليين الذين لم يكن لديهم إمكانية اقتناء المجلة الورقية. وهو ما تؤكّده الإحصائيات من خلال عدد التصفح وعدد تحميل المقالات.
تعتمد العديد من المجلات الدولية على عامل التأثير (IF) وهو مؤشّر لمعرفة المجلة والاعتراف بها. قامت أمانة المجلة بمجهودات جبّارة لجعل نصوص المقالات متوافقة معايير المنصات، وإدخال جميع أعدادها تدريجياً. إنّ دخول إنسانيات إلى منصّة النشر المفتوح قد سبق بعدّة سنوات (2013) تصنيفها في صنف "ب" من طرف المديرية العامة للبحث العلمي والتطوير التكنولوجي في عام 2021. و لابأس من التذكير هنا أن معظم الجامعات ومراكز البحث تستخدم المرجعية وتصنيف المجلات العلمية كأداة لتقييم الفاعلين المختلفين في البحث العلمي.
وتجدر الإشارة أيضًا إلى أنّ مجلة إنسانيات موجودة على عدة منصات علمية: فعلى المستوى الوطني، هي موجودة على موقع (www.crasc.dz) وفي سنة 2022 تمَّ تصفح صفحة المجلة 92.069 مرة مع تحميل 108.356 مرة المقالات بصيغة (PDF)، كما تتواجد المجلّة أيضًا على موقع منصة المجلات العلمية الجزائرية (ASJP)، وهي منصة للنشر الإلكتروني للمجلات العلمية الجزائرية تم تطويرها وإدارتها من قِبل مركز البحث في الإعلام العلمي والتقني منذ عام 2016 وبفضل عضويتها في الفهرس المرجعي الأوروبي للعلوم الإنسانية (Erih+) سبتمبر 2019 ، تمّ تصنيف إنسانيات في درجة "ب"(B) من طرف المديرية العامّة للبحث العلمي والتطوير التكنولوجي. تُبيّنُ الإحصائيات أنّ عدد تحميل المقالات من مجلة إنسانيات في المنصّة الوطنيّة سنة 2020 كان 14.593، وفي سنة 2021 ارتفع إلى 39.542 ليزيد عدد مرات التحميل في سنة 2022 إلى 54.570.
ويجدر التذكير أنّ مجلة إنسانيات هي الوحيدة التي تنشر باللغتين العربية والفرنسية على منصّة النّشر المفتوح 2019. كما نجد المجلة حاضرة أيضًا في منصات دولية أخرى منشورة باللغة العربية مثل : منصة "شمعة" التي تنشر أبحاثًا حول التعليم، وفي أرسيف (Arcif) أين كان مؤشر إنسانيات 0.1556 لعام 2022.
تم تصنيفها في المرتبة الأولى على منصّة النّشر المفتوح في عام 2022 بوصفها المجلة الأكثر اطلاعا، كما أنّها من بين المجلات العشر الأولى على مدار السنوات الخمس الماضية. ونذكر البلدان لموقع إنسانيات كالآتي: الجزائر (21٪)، الولايات المتحدة (18٪)، المغرب (11٪)، إيرلندا (10٪)، فرنسا (9٪)، تونس (5٪)، مصر (2٪)، إيران (2٪)، العراق (1٪) ....
ومن المهم أيضا التذكير أن إنسانيات انضمت إلى منصة النشر المفتوح Open Edition Freemium سنة 2022، وتمّ اختيارها بعد أوّل طلب مع 5 مجلات أخرى.
تدخّل في الجلسة الرابعة محمّد حيرش بغداد، عمّار محند عامر، زازة عبد الإله وسامية بن هندة، وتمّ التّركيز في هذه الجلسة على التجربة والعمل اليومي في مجلة إنسانيات. حرصاً على كفاءة المهام المراد أداؤها بدقة والحفاظ على جودة الانتاج، يرافق الموظفون الإداريون المعيّنون أي الأمانة، لجان التحرير ولجان القراءة لضمان اللوجستيات والتقييمات (الخبراء، المؤلّفين، المدقّقون اللغويون …). أخيرًا، تتمّ متابعة طباعة المجلة، التي تقوم بها المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية بالجزائر العاصمة (ENAG)، حيث تقوم أمانة التحرير بمتابعة دقيقة للمطابقة الشكلية للنماذج.
على الصعيد المؤسساتي، ترتبط إدارة مجلة إنسانيات بإدارة المركز، وبالتالي تستفيد بشكل ملموس من خبرته ودعمه والتعاون الدؤوب. كما يشهد المكان المخصّص لها في التصميم والتهيئة المكانية داخل المركز على مدى الاهتمام الذي تحظى به.
في هذا السياق ومنذ ميلاد المجلة في عام 1997، لا تزال عملية تقييم المقالات تمثل تحديًا مستمرًا في بيئة مضطربة. فمن التحديات التي تواجهها مجلة إنسانيات أحيانا عدم توافر الموارد البشرية في المجال العلمي باللغتين العربية والفرنسية، وتفاقم الحجة مع اللغة الإنجليزية التي أصبحت مفروضة لمواكبة وتنفيذ شروط النشر الدّوليّة لتصنيف المجلّات.
تتطلب الحياة اليومية للمجلة اتخاذ قرارات عديدة، من قِبَلِ لجنة التحرير ولجنة القراءة. إن تقديم أشكال صنع القرار الموجودة، وتحديد كيفية اتخاذها وإلقاء الضوء على العلاقة بين الذكاء الجماعي والذكاء الفردي، يشهد على روح الزمالة والجو السائد في المجلة، وهذه التبدلات المستمرة تساهم في تكوين تجارب شخصية ثرية. يعالج كل عدد على أساس الملاحظة والإصغاء، واستغلال محاضر الاجتماعات، والمصادر الببليوغرافية، والبحث الأكاديمي حول موضوع الدراسة.
يعتبر تقييم المقالات في إنسانيات حجر الزاوية في عملية تحرير المجلة بأكملها. لذا توليها المؤسّسة وأعضاء لجنة التحّرير وأمانة التحرير أهميّة قصوى، وهذا ما يجعل مجلة إنسانيات في مصاف المجلات الأكاديميّة الدّولية.
تبدو عملية التقييم شيء بسيط، لكنّها في الواقع عملية صعبة تستدعي سلسلة من القيود الموضوعية والذاتية أيضاً. لكن أصعب عقبة للتقييم تتعلق بتوافر وجودة الموارد البشرية العلمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية. إنّه لمن الصّعب الجمع بين تحدّي تقييم المقال بطريقة جيّدة وتوفير الموارد البشرية العلمية، خاصة وأن التحولات التي شهدتها الجامعة الجزائرية (السياسات اللغوية، محدودية تجديد الأجيال، إلخ) كان لها تأثير قويّ في عالم النشر الأكاديمي.
يعتبر تنظيم وعمل إدارة المجلة محورًا أساسيًا ضمن مجموعة من الفرق المُشكّلة (لجنة التحرير، لجنة الإشراف العلمي، الخبراء، المساهمون، المدقّقون اللّغويّون، إلخ)، تُمثّل أمانة مجلة إنسانيات، الرابط الأساسي في سلسلة التحرير، إذ تتعاون أيضًا بشكل مباشر مع مختلف المتدخلين. بعد عدّة تجارب، تمّ إسناد عمليّة النّشر للمؤسّسة الوطنية للفنون المطبعيّة ، والتي تربطها علاقة متينة مع مجلة إنسانيات على مدى أكثر من عشرين سنة، والتي كانت كفيلة بتحقيق عمليّة نشر بأقلّ تكلفة مقارنةً بمؤسّسات الطّباعة الأخرى.
وركّزت الجلسة الخامسة التي شارك فيها كلّ من فوزية بوغنجور ومصطفى مجاهدي، على مسألة الاستخلاف ودمج الباحثين الشباب في هيئة التحرير بُغية الحفاظ على استمرارية المجلة ونشرها بشكل دوري، وكذا ضمان جودتها ومكانتها العلمية التي هي ثمرة ثلاثة عقود من عمل جيل من مؤسّسي المجلة ومجموع الباحثين الذين انضموا إليها.
من خلال التركيز على مسار الفاعلين، قدمت الباحثة فوزية بوغنجور، التي التحقت حديثًا بهيئة التحرير، شهادة شيّقة على تجربتها الفتية. والتي أكّدت في مداخلتها على المكانة التي تحتلها هيئة التحرير بوصفها مدرسة تكوين حقيقية سواء في تأطير وتطوير الإثراءات مثل ملخصات كتب، والأخبار علمية، إلخ. وأيضا في كتابة المقالات. وبذلك سمح الدعم والمساندة المقدّم للأعضاء الجدد بتنشئة تتفق مع قيم وأخلاقيات الفريق وترسيخها.
يمكننا إذن التمييز بين مرحلتين على الأقلّ في سياق تطوّر المجلة: مرحلة التأسيس ومرحلة النضج وتعكس المرحلتان الإرادة القوية للفريق الأوّل من الباحثين الذي بلوروا المجلة، والتي تتميز بالتزام طوعي يحفزه مشروع مشترك. وتتواصل هذه الجهود حتى يومنا هذا لضمان استمرارية النشر والحفاظ على مستوى الجودة، وهو مسجّل في إطار مسابقة دولية حيث تسعى المجلات إلى تحقيق مراتب عالية من حيث التصنيف ورفع نسبة المقروئية. في هذا السياق، ستواجه إنسانيات، التي تدمج باستمرار الباحثين الشباب، امتحانا يرتبط بالقدرة على ضبط مؤشرات التقييم، في عمليّة اختيار مقالات عالية الجودة.
حوصلة المناقشة العامة
ضرورة التغيير: فيما يتعلق بهذه النقطة، يمكن حصر أهمّ النقاط الرئيسية التالية: هل يجب تغيير مظهر الغلاف واللون، والوتيرة (أشهر أم مواسم؟)، والموضوعات واللغة والتقديم والأبواب والرقمنة والمرئية، إلخ. يُظهر التحليل التغييرات التدريجية، وعلى جميع المستويات خلال هذه السنوات الـستة والعشرين، لأن هيئة التحرير كانت مهتمة باستمرار بإجراء التغييرات الضرورية للتكيفّ مع السياقات والمطالب المختلفة.
هوية المجلة: تتقارب آراء المشاركين حول فكرة أن المجلة لها هوية ترتبط أساسا بالمواضيع وبغلافها الخارجي. لقد صمدت إنسانيات، ولا تزال تُشكّل مصدرًا للبحث بفضل التزامها برزنامة منتظمة للنشر باختيار موضوعات البحث. ركّزت المجلة على القضايا الاجتماعية والثقافية والتاريخية التي تشغل البلاد والجامعة. لقد عمل الفريق باستمرار على تحسين جودة محتوى المجلة. تبقى هذه المعايير أساسيّة للتحديّات التي يجب مواجهتها والتي ترتبط ارتباطًا مباشرًا بتصنيف المجلة.
الأبواب: إدراج ملخّصات الكتب باللغة الإنجليزية قدر المستطاع وفتح قسم جديد يسمى "دولي" من أجل الإبلاغ، على سبيل المثال، عن ترجمة كتاب مهم. ويتطلّب هذا تخصيص فريق مصغّر منفتح على العالم، مع العلم أن اليقظة العلمية تتطلّب صبراً كبيراً. اقتراح ركن مخصّص لمؤلف مشهور في كل من تخصّصات العلوم الإنسانية والاجتماعية. وضع موسوعة السيرة الذاتية ومعجم للمفاهيم، وترجمة المقالات إلى الفرنسية والعربية والإنجليزية، إلخ. ينبغي توحيد شكل زاوية "موقف بحث". أخيرًا، يُمكن تخصيص ركن "الذكرى" ليس فقط لمن فارقوا الحياة بل للأحياء أيضا من الأسماء العظيمة.
آقاق التصنيف والفهرسة: يكمن هدفنا في إدماج المجلة في (WoS) Web Of Science وهي منصة قاعدة بيانات ببليوغرافية ببليومترية. إن الانضمام إلى قائمة مجلات Scopus هو من دون شك دلالة على جودة المجلة (بغض النظر عن تصنيفها). وكما هو معلوم، فإن Elsevier (ملكية Scopus) يفهرس المجلات بعد تحليل لسيرها ومضمونها.
وفي الختام، منح هذا اللقاء لأعضاء اللجان المختلفة ومسيّري المجلة فرصة للتفكير، بما أنّ مجلة إنسانيات اليوم هي قبل كل شيء مجال للنقاش وتبادل الآراء حول البحث في الأنثروبولوجيا والعلوم الاجتماعية والإنسانية في الجزائر. تعدّ إنسانيات بدون شك، مرجعًا للباحثين في الجزائر وحول العالم. إنها أيضًا شبكة تعاون علمي بين مختلف مؤسّسات التعليم العالي والبحث العلمي على الصعيد الوطني والدولي.
لجنة تحرير مجلة إنسانيات