Sélectionnez votre langue

المدرسة في البلدان المغاربية و الخطاب حول المواطنة: مقاربة من خلال كتب التربية المدنية

إنسانيات عدد 60-61 | 2013 | المدرسة. رهانات مؤسساتية و اجتماعية | ص35-64 | النص الكامل  


School in the Maghreb countries and the discourse on Citizenship: an approach through civic educational textbooks

Abstract: This article, related to the teaching of citizenship, was completed from the content of the discourse that textbooks include and marked: "Message of citizenship through school" on the basis of the analytic results of the contents of textbooks in circulation in the three stages of education: primary, intermediate and secondary, and comprising the three Maghreb countries: Algeria, Morocco and Tunisia, depending on a comparing approach. And it comes out as a result of a work within two research projects. The first, during the period 2006-2008 under the title, “Approach and practice of citizenship: Algeria as a model”, the second, “Citizenship in Algeria today, assimilations and embodiment in the field” was completed between 2008-2010. The analysis of this discourse allows determining the desired objective from civic education in its relationship with the declared citizenship formation and with the gap between them, and between the various areas in the three countries covered by this work.

Keywords: school, citizenship, textbooks, Algeria, Tunisia, Morocco.


Hassan REMAOUN: Université d'Oran, Faculté des sciences sociales, Département de sociologie, 31 000, Oran, Algérie.
                               Centre de Recherche en Anthropologie Sociale et Culturelle, 31 000, Oran, Algérie.



أنجزت هذه المساهمة المتعلقة بتدريس المواطنة من خلال محتوى الخطاب الذي تحمله الكتب المدرسية الخاصة بالتربية المدنية، في إطار مشروع بحث أكثر شمولية أجري ما بين 2008-2010 تحت عنوان: "المواطنة في الجزائر اليوم، تمثلات و تطبيقات"، وتندرج ضمن محور يهتم بشكل خاص بـ:" رسالة المواطنة من خلال المدرسة".

يندرج هذا العمل في سياق أعمال أخرى ويأتي في حقيقة الأمر ليتمم تحقيقات أشرف عليها باحثون من مركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية لاسيما تلك التي أنجزت في إطار قسم البحث سوسيوأنثروبولوجيا التّاريخ والذّاكرة حيث ضم مشروع البحث الموسوم: مقاربات حول ممارسة المواطنة: الجزائر نموذجا، و الذي أجري خلال الفترة 2006-2008 محورا اشتغل عليه الباحث نوار فؤاد يعالج فيه موضوع: " المدرسة وممارسات المواطنة: الأساتذة، تمثلات و ممارسات". ويمكن أن نذكر أيضا الدراسة التي أنجزها الباحث جيلالي المستاري مؤخرا حول الخطاب الديني في الكتب المدرسية الخاصة بالتربية الإسلامية، ناهيك عن الأعمال التي أنجزتها شخصيا أو زملاء آخرين حول تدريس التاريخ والتي انطلقت هي الأخرى من مقاربة تعتمد على الكتب المدرسية.

يسمح كل هذا النّشاط بالتّأكيد على أن الخطاب المدرسي حول المواطنة لا يمكن اختزاله في مجرد قراءة تفكيكية للكتب المدرسية والاكتفاء أكثر من ذلك بتلك التي تعالج التّربية المدنية بشكل حصري، إلا أن ذلك لا يمنعنا من توظيف مقاربة مسألة المواطنة من خلال هذه الكتب (بما فيها البرامج الرسمية التي تعكسها محتويات الكتب) لاستثمار هذا الخطاب الذي تعمل المدرسة على نشره، وهذا ما دفعنا إلى خوض هذه المغامرة.

يسمح لنا تحليل هذا الخطاب دون شك بتحديد الغاية المرجوة من التربية المدنية في علاقتها بالتكوين فيما يخص المواطنة المعلن عنها والفجوة بينها وبين مختلف المجالات الأخرى. نذكر على سبيل المثال التربية الخلقية التي ميزت المنظومة التربوية لفترة طويلة، أثر الفلسفة، العلوم السياسية أو الاهتمامات المتعلقة بالبيئة، فضلا عن الغايات مثل تلك التي تحيل إلى كل ما له صلة بالهوية واستعمالها للوطنية وللديني، وبشكل عام تمثلات العلاقات الاجتماعية والاندماج في العالمية. نتطرق لهذه الافتراضات والتساؤلات بحذر لأنها تتعلق في كثير من الأحيان بما يستبطنه الخطاب. سنبدأ باستعمال الكتب المدرسية من خلال مجموعة من مداخل نقترحها والتي تبدو لنا أقرب إلى الخطاب الصريح والمعلن في محتويات الفصول ومختلف البنود أين تظهر التكرارات بشكل جلي في مختلف الكتب المدرسية.

وبدا لنا من المهم اللجوء إلى المقاربة المقارنة إذ تعتبر البلدان المغاربية من وجهة النظر هذه، حقلا مهمّا بشكل خاص، لا يعود ذلك للتقارب الجيو-تاريخي والأنثروبولوجي فقط، وإنما للرهانات المتعلقة بتأكيد الدولة الوطنية والمطالب المرتبطة بالمواطنة. دفعتنا هذه المحفزات إلى اللجوء إلى مقارنة ما يجري عندنا في الجزائر مع ممارسات لدى جيراننا المغاربة والتونسيين في هذا الحقل، ولا ننكر أن هناك خيارات أخرى ممكنة أيضا لمقاربة هذا الموضوع.

اعتمدنا مخططا لعرض هذا لأسباب متعلقة بالتحقيق وكذلك لتيسير قراءة النّص:

الفصل الأول: تقديم مجموعة الكتب التي خضعت للتحليل

الكتب المدرسية الجزائرية،

الكتب المدرسية المغربية،

الكتب المدرسية التونسية.

الفصل الثاني: تدريس المواطنة في الدول الثلاث: عناصر مقاربة مقارنة

المداخل المختلفة المختارة لمعالجة المواطنة،

تدريس المواطنة في الجزائر،

تدريس المواطنة من خلال الكتب المدرسية المغربية والتونسية.

الفصل الثالث: التّشابه و الاختلاف

أساسيات متعلقة بالمقارنة و حدودها،

مقاربة مختلف المداخل، المندمجة و المعالجة في محتوى الكتب المدرسية في الدول الثلاث،

المحتويات المتشابهة مع بعض التباين وفقا للدول الثلاث،

المواطنة والإسلام من خلال قراءة الكتب المدرسية الجزائرية.

الفصل الأول: تقديم مجموعة الكتب التي خضعت للتحليل

نستند من أجل إجراء تحقيقنا على الكتب المدرسية الخاصة بالتربية المدنية المستعملة في الجزائر (تسع سنوات من التعليم). تقتضي المقارنة بطبيعة الحال العودة إلى الكتب المستعلمة في المغرب (أربع سنوات من التعليم)، وفي تونس (ثماني سنوات). تعطينا هذه الكتب مجموعا قدره 23 كتابا في حد أدنى (وعمليا العدد أكثر من ذلك، إذ استعملنا العديد من الكتب بالنسبة للمغرب)، وبدا لنا من المهم انجاز تقديم شامل. نبين هنا أيضا المؤشرات الخاصة بالمداخل التي حددناها من أجل إجراء هذا التحليل.

الكتب المدرسية الجزائرية

1. التنظيم العام لهذا التعليم

تتضمن البرامج المدرسية في الجزائر، تعليما موسوما: تربية مدنية [1] ويعتمد على برامج وكتب مدرسية خاصة بهذه المادة، نشير إلى ميزاتها فيما يلي:

يوجد بالمجموع تسعة كتب مدرسية خاصة بالتربية المدنية مدونة بلغة التعليم – أي اللغة العربية- يناسب كل واحد منها طورا من أطوار الدراسية.

تقدم هذه المادة، في التعليم الابتدائي ( البرنامج الجديد)، ابتداء من السنة الأولى ابتدائي إلى غاية السنة الخامسة ابتدائي.

تدّرس مادة التربية المدنية في طور التعليم المتوسط خلال السنوات الأربع التي تستغرقها هذه المرحلة ، أي من السنة الأولى متوسط إلى غاية السنة الرابعة. 

نلاحظ إذن أنه على خلاف ما هو معمول به في الجزائر التي يبدأ فيها هذا التعليم منذ السنة الأولى، فإنه لا يباشر في الدول الأخرى (المغرب وتونس) سوى في السنة الرابعة أو الخامسة من التعليم.

على خلاف الحالة التونسية على سبيل المثال، لا يوجد دروس خاصة بالتربية المدنية خلال كل السنوات التي يستغرقها الطور الثانوي.

لا يوجد، فضلا عما سبق، سوى مجموعة واحدة وكتب التربية المدنية (غنية بالتوضيحات) والتي نشرتها منظمة رسمية (الديوان الوطني للمطبوعات المدرسية)[2] الذي تشرف عليه وزارة التربية الوطنية.

نحاول فيما يلي الوقوف على الموضوعات المختلفة التي يتم تقديمها والتّوسع فيها من خلال هذه الكتب.

2. الكتب المستعملة في التّعليم الابتدائي

تقدم للأطفال خلال السنة الأولى ابتدائي مفاهيم تحيل إلى الهوية و إلى تلك التي لها علاقة بالمخاطر التي يمكن مواجهتها (في البيت، في المدرسة أو في الشارع)، ومفاهيم أخرى ذات صلة بالزمان والمكان، الحقوق و الواجبات المتعلقة بالمحافظة على البيئة (وتأخذ هذه بعين الاعتبار السياق المتعلق بالطفل)، وفي الأخير الرموز الوطنية ( العلم، النشيد الوطني) والاحتفالات الوطنية والدينية.

ينتقل الدّرس في السنة الثانية من التعليم الابتدائي إلى المحيط الاجتماعي القريب (العائلة، الجيران...)، الحياة داخل المدرسة، القيم ( التّضامن، التّكافل والتّسامح)، الديمقراطية وفي الأخير حماية البيئة (الماء، الصحة، المساحات الخضراء...).

يعود الكتاب المدرسي في السنة الثالثة[ من التعليم الابتدائي إلى الهوية الجزائرية ومرجعياتها (وثائق رسمية، احتفالات وطنية)، الحياة الجماعية (داخل مجموعة أو داخل المدرسة)، التضامن واحترام القواعد المعمول بها في المؤسسات العمومية، المسائل المتعلقة بالبيئة والمحافظة على الصّحة وفي الأخير تكوينا أوليا خاصا بقواعد الأمن والنجدة.

هناك عودة في السّنة الرابعة[4]إلى المواطنة (واجبات، مسؤولية ورموز)، إلى الحياة الديمقراطية (المدرسة، الحركة الجمعوية) و إلى وسائل الإعلام و الاتصال ومصالح الخدمة العمومية ( مركز صحي، مركز بريد، البلدية).

تبرز من جديد خلال السنة الخامسة[5] مسألة الهوية الوطنية والدينية (مع تلقين النشيد الوطني)، الواجبات والحقوق (في الصحة، في التعليم والمنح العائلية)، الحياة الديمقراطية (الهيئات المنتخبة، الحوار، حرية التعبير)، الميزانية العائلية، السوق و التبذير، الحياة الثقافية (العلم والتقدم...)، وفي الأخير تبرز الحياة في الريف وفي المدينة فضلا عن معطيات وافية حول التنشئة الثقافية.

لا يخلو برنامج الابتدائي من تعليم الأناشيد الوطنية.

3الكتب المستعملة في التعليم المتوسط

يتناول الكتاب في السّنة الأولى من التّعليم المتوسط الحياة الجماعية في المؤسسة المدرسية (الغايات، الحقوق والواجبات، جمعية أولياء التلاميذ...)، المواطنة (الهوية الشخصية، الحالة المدنية، الجنسية، وممارسة المواطنة)، وفي الأخير البيئة ودور التراث وضرورة الحفاظ عليه.

يبدأ الكتاب في السنة الثانية من التعليم المتوسط بالقيم الاجتماعية (الأسرة والمجتمع، العادات، التضامن والتكافل) ثم يواصل مع الهوية الوطنية (من خلال معالجة رموز الأمة والحقوق والواجبات)، المصالح العمومية (البلدية، البريد، المحكمة).ويطرح كذلك، الديمقراطية والعمل وفي الأخير حماية البيئة والصحة. 

يهتم الكتاب المدرسي للسنة الثالثة من الطور المتوسط بالمؤسسات والمصالح العمومية (الولاية، الأملاك العمومية، الضمان الاجتماعي)، الحياة الديمقراطية (الحوار، الجمعيات، المجلس الشعبي الولائي)، الإعلام والاتصال (الوسائل، المثاقفة...)، المواطن والقانون ( الآفات الاجتماعية، الغرفة القضائية)، المواطن والاستهلاك (المواد الغذائية والصحة، الماء، الطاقة)، وفي الأخير الجزائر والمجموعة الدولية (الهلال الأحمر، اليونسكو، ومصالح التمثيليات في الخارج).

ينتقل الكتاب المدرسي في السنة الرّابعة من المرحلة نفسها إلى موضوع المجتمع والدولة الجزائرية (مع تقديم الدستور، والعلاقات بين المواطن والادارة)، مختلف السلطات (التنفيذية، التشريعية، القضائية، المحكمة العليا...)، حقوق الانسان (الإعلان العالمي، الاختراقات، السلم والأمن...)، الحياة الديمقراطية (حرية التعبير، الحركة النقابية، الأحزاب السياسية...)، العلوم والتكنولوجيا(وأثرهما على المجتمع والمحيط، دور المكتبات)، وسائل الإعلام والاتصال (الجرائد، الأقمار الاصطناعية، الانترنيت)، وفي الأخير الجزائر والمجموعة الدولية ( منظمة الأمم المتحدة، اليونسكو، الرابطة  العربية والأليسكو، المؤتمر الإسلامي).

II. الكتب المدرسية المغربية

1. التنظيم العام لهذا التعليم

يتميز تعليم التربية المدنية في المغرب بخصوصيات مقارنة بما هو معمول به في الجزائر. قبل أن نشرع في تحليل مضمونه نقدم توصيفا موجزا لتنظيمه من حيث الشكل أين تبرز من خلال مقاربة أولية أربعة مميزات مثيرة للانتباه:

يقدم هذا التّعليم خلال ست سنوات في إطار تخصص التربية على المواطنة[6].

يعتمد هذا التّعليم على كتب مدرسية تتناول في الوقت نفسه، التاريخ، الجغرافيا والتربية على المواطنة مندرجة تحت تسمية التخصصات الاجتماعية.

يمتلك المدرّسون حرية الاختيار والمفاضلة ما بين عدة كتب متوفرة للقسم الواحد، تحمل كلها رقم اعتماد منحته وزارة التربية الوطنية للناشرين.

ونقول في الأخير أن التعليم الموسوم: التربية على المواطنة يقدم خلال ست سنوات، أي من السنة الرّابعة من الطّور الابتدائي إلى السنة السادسة ابتدائي ومن الأولى إلى الثالثة من الطّور المتوسط[7].

ما هي أهم الموضوعات التي يطرحها هذا التّعليم في الطورين الابتدائي والمتوسط؟

2. الكتب المدرسية المستعملة في الطّّور الابتدائي

تمكّنا بالنسبة للسّنة الرابعة من التّعليم الابتدائي وهي السّنة التي يُباشر فيها تدريس هذه المادة من فحص كتابين مخصصين لها[8]. تعالج هذه الكتب بصوّرها الكثيرة، موضوعات مرتبطة بالهوية الشخصية، احترام الذات والآخرين، احترام القواعد والقانون، حماية الذات من مخاطر يستوجب تجنبها ( مخاطر الطريق، مخاطر التدخين...)، كيف ننظم حياتنا في البيت وفي المدرسة، المشاركة في العمل الجماعي، العمل التضامني و كيف نستعمل الوثائق للحصول على المعلومات والمعرفة.  سُبل تحقيق الرغبات، الحاجات و الحصول على الحقوق.

يعالج الكتاب المخصص للسّنة الخامسة من التّعليم الابتدائي والذي تسنى لنا فحصه العناصر التالية: الحقوق، الواجبات، مسؤولية الفرد والآخرين والتفاعلات المرتبطة بذلك مع مراعاة بطبيعة الحال، الحق في اختلاف الرأي. يسري هذا مثلما تُبين ذلك النّصوص بشكل صريح على العلاقة مع الوسط العائلي، استعمال الطرقات ومن خلال أمثلة أخرى: انتخاب ممثلي القسم، إعداد جريدة المدرسة أو اعداد مشروع جماعي لمقارنته بشكل يسمح بفهم سير المجلس البلدي وممارسة المواطنة على المستوى المحلي. يعالج الكتاب فضلا عن ذلك، مسألة استهلاك المياه والكهرباء.  

- تسنّى لنا فحص كتابين مخصصين للسّنة السادسة من التعليم الابتدائي[9]يطرح كلاهما مسألة المعاهدة الدّولية لحقوق الطفل (منظمة الأمم المتحدة، 20 نوفمبر 1989)، بوصفها حقوقاً ذات أولوية، يتمتع فيها الطفل بعيدا عن أي تمييز أو إقصاء، بالحق في الهوية والجنسية ، الصحة، التعليم، التّطور والحماية، وبالمشاركة في اتخاذ القرارات التي تَهّمه، ويُحترم حقه في الرّأي والتّعبير.

3. الكتب المدرسية المستعملة في التّعليم المتوسط

يتناول الكتاب المدرسي المخصص للسنة الأولى من التّعليم المتوسط مجموعة عناصر محددة ترتبط بالمواطنة من خلال معالجة المواضيع الفرعية التالية: الكرامة الانسانية، الحرية، المساواة (لاسيما من خلال محاربة التفرقة القائمة على الجنس، والعنصرية)، العدالة، التضامن (على الصعيد الفردي، الوطني والدولي)، التسامح (خاصة في الجال الديني)، الديمقراطية (وما يرتبط بها من مبادئ وما يميزها عن الدكتاتورية)، القانون والقاعدة القانونية، وفي الأخير الدفاع عن حقوق الإنسان (لاسيما المنظّمات المعنية سواء كانت هيئات رسمية أو من المجتمع المدني).

يتناول الكتاب المدرسي[10]في السنة الثانية بشكل أكثر دقة حالة المغرب. يتطرق إلى العناصر(أو المكونات) المؤسسة للدولة المغربية (الأرض، السكان، ومميزات نظام الحكم)؛ دستور البلاد بوصفه قانونا أساسيا ومن ثم المؤسسات التي يُقّرها( القانون، البرلمان، الحكومة، العدالة)؛ الحقوق المدنية والسياسية؛ الحريات العامة، الأحزاب السياسية، النقابات والتنظيمات المهنية، الصحافة، الحقوق الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية، الديمقراطية المحلية ومؤسساتها، وفي الأخير الحركة الجمعوية بوصفها تعبيرا عن المواطنة. 

- يتوجه الكتاب المدرسي لتلاميذ السنة الثالثة من التّعليم المتوسط مركّزا على الممارسات التي تندرج في خانة تجسيد المواطنة: ضرورة المشاركة في حياة المؤسسة أو المدرسة ( من خلال الهيئات المنتخبة على وجه التحديد)وفي محاربة الآفات الاجتماعية بالتعاون مع المنظمات المعنية بذلك، (الأمية، السكن الهش، العنف، استغلال الأطفال...)، المحافظة على أملاك التي توفر خدمات للصالح العام؛ أخلقة الحياة العامة ( محاربة الرشوة)، الهيئات التي يجب التّوجه إليها في حالة التعدي على الحقوق؛ المحافظة على التراث وإثرائه، البيئة على المستوى المحلي والعالمي، المحافظة على الموارد الطبيعية والتفكير في الأجيال القادمة؛ حوار الأديان والسلم في العالم، و في الأخير ترقية قيم المواطنة (اقتراح برامج إعلامية).

III. الكتب المدرسية التونسية

1. التنظيم العام لهذا التدريس

تتميز التّربية المدنية في تونس بمواصفات خاصة، إذ يجب أن ننوّه  أنه من باب التنظيم الرّسمي أن نظام التعليمي التونسي يتكون من طور أساسي يستمر تسع سنوات وطور ثانوي يدوم أربعة سنوات، وهذا يجعل منه متميزا بالمقارنة مع باقي الدول التي لا يتجاوز فيها التعليم الثانوي ثلاث سنوات وتفضي إلى البكالوريا.

يتم تعليم الاختصاص الذي يهمّنا في هذه الدراسة وفقا للمميِِزات التالية:

تحمل عنوان " تربية مدنية" (مثلما هو الحال في الجزائر)،

تُعتمد الكتب المدرسية لتخصصات اجتماعية كحوامل بيداغوجية لهذا التّعليم في الطور الأساسي وتعالج التاريخ، الجغرافيا والتربية المدنية في الوقت نفسه (مثلما هو معمول به في المغرب)،

على خلاف ما هو موجود في الجزائر والمغرب، يستمر هذا التّعليم في تونس في الطّور الثانوي (ولكن فقط من السّنة الأولى إلى الثالثة) ويعتمد على كتب خاصة بالتربية المدنية، ( بينما يخصص لمادتي التاريخ والجغرافية اللتان تدرسان من السنة الأولى إلى الرابعة كتب خاصة بكل منهما)،

تدرّس إذن مادة التربية المدنية خلال ثمان سنوات بالمجموع (من السنة الخامسة إلى السنة التاسعة أساسي ومن السّنة الأولى إلى السنة الثالثة ثانوي)،

نشير في النهاية إلى أنه لا توجد سوى سلسلة من الكتب ينشرها المركز الوطني البيداغوجي التابع لوزارة التربية والتكوين.

ما هي إذن أهم المواضيع التي تعالجها الكتب المدرسية المتداولة خلال السنوات الثمانية من التعليم؟ هذا ما سنحاول الإجابة عليه من خلال تحليل محتوى الكتب المدرسية التي استعملت في تونس منذ الدخول المدرسي 2010-2011.

2. الكتب المدرسية المستعملة في التّعليم الابتدائي

يبرز الكتاب الخاص بالسّنة الخامسة من التعليم الأساسي- الغني بالرسومات- الطفل ضمن ثلاثة فضاءات في علاقاتها المتبادلة: الأسرة، المدرسة والوطن. يوضح أدوار الطفل-التلميذ وباقي الشركاء في علاقاتهم مع مختلف النشاطات الاجتماعية والثقافية، الحقوق والواجبات، المخاطر والحماية من  الحوادث المرور على سبيل المثال، احترام الجيران والنظافة، عرض التقسيم الجغرافي والاداري لتونس بما في ذلك رموز الأمّة والنّضال في سبيل الوطن (أمثال النقابي فرحات حشاد الذي اغتاله الاستعمار الفرنسي في ديسمبر 1952). يتعلق الأمر هنا بمساعدة الطفل على كيفيات التحرك ضمن المحيط الاجتماعي والوطني.

يشرح كتاب السّنة السّادسة أساسي للتلميذ علاقات المواطن مع الإدارة مُجسّدا ذلك في مؤسسات مثل البلدية، الولاية (الحافظة)، الحكومة (الوزير الأوّل)، رئاسة الجمهورية و مسؤوليات كلّ جهة من الجهات المذكورة فيما يتعلّق بالخدمات العمومية (الوقاية، الصّحّة) و ما يقتضيه ذلك من احترام للقوانين، الموظفين و حقوق المواطنين. و ينتقل بعد ذلك لعرض اطلالة على النظام الانتخابي.

يعود الكتاب المدرسي للسنة السابعة من الطّور الأساسي إلى العلاقة بالفضاءات الثلاثة : الأسرة، المدرسة والمجتمع مركزا على حقوق وواجبات كل منها، فهو يشدد فيما يخص الأسرة على حقوق الطفل، المرأة والمسنين وباقي النشاطات الاجتماعية (السياسية، الثقافية والاقتصادية).

يطرح كتاب السنة الثامنة من التعليم في الطور نفسه، مشاركة الطفل في الحياة العامّة (في المدرسة مثل انتخاب الممثلين)، ومشاركة المواطنين في الحياة الجمعوية و الحزبية، ويولي أهمية للتّعددية والتداول مركزا في ذلك على النظام الانتخابي.

يعالج الكتاب في السنة التاسعة مسائل الأمة أو الوطن والهوية الوطنية وينتهي إلى إشكالية المواطنة في أبعادها القانونية، السياسية، الإدارية والاجتماعية: حرية الرأي، حرية التعبير، حرية الصحافة ، حرية التجمع والتجمهر، وحرية اختيار مكان الاقامة وممارسة المسؤولية في المحيط الاجتماعي، الثقافي والطبيعي. يعالج الكتاب كذلك مسألة الحقوق (الجمعوية والسياسية، الحق في الصحة وفي التعليم والعمل)، الواجبات والالتزام (بالدفاع على الوطن، دفع الضرائب، واحترام القانون)، التساوي أمام العدالة والمحاكم، التسامح ورفض الإقصاء والعنف، وترقية الحوار والتّبادل.

3. الكتب المستعملة في الطور الثانوي

يثير الكتاب المدرسي[11] المخصص للسنة الأولى من المرحلة الثانوية مسألة المواطنة ضمن بيئتها الاجتماعية والسياسية ودورها في تنظيم الحكم (مرفقة بتقديم للنظام المؤسساتي وقواعده التنفيذية)، ومساهمة كل طرف في تعدّدية المجالات السياسية والثقافية.

يطرح الكتاب المدرسي[12] المعتمد في السنة الثانية من الطور الثانوي في محوره الأول مسألة الدولة الديمقراطية العصرية بما في ذلك خصوصياتها وجذورها. يحيل كذلك إلى المرجعية المتمثلة في تقليد الدولة في العالم الإسلامي خلال العصر الوسيط وفي الغرب ويثير كذلك سقوط الدول الشمولية. يعالج المحوران الثاني والثالث من الكتاب مواضيع الدولة والقانون والمجتمع المدني. لا يخلو ذلك من نصوص توضيحية وتصريحات لكتّابٍ كلاسيكيين مثلما هو موجود في الكتب الأخرى.

يطرح كتاب[13]السنة الثالثة مسألة حقوق الإنسان بين العالمية والخصوصية وعلاقتهما بالتنمية المستدامة. يتحدث الكتاب كذلك عن المنظمات الدولية ودور المواطن تجاه الفوارق والتحدّيات الدولية: الديمقراطية، العلمية والتكنولوجية، الفقر، النزاعات وحماية البيئة.

سنعتمد في الجزء الثاني من بحثنا على سبعة مداخل حددناها سلفا ويسمح لنا بحصر عناصر تمكِن من إجراء مقارنة فيما يخص تدريس المواطنة في الجزائر من جهة والمغرب وتونس من جهة أخرى. ولا يفوتنا أن ننوه بنسبية هذا العمل نظرا للخصوصيات التي يتميز بها كل نظام تعليمي في الدول الثلاث.

VI. المداخل المختلفة التي تمّ اختيارها للتطرّق إلى المواطنة

انطلقنا من افتراض مفاده أن تدريس التربية المدنية يهدف أساسا إلى ضمان تكوين للتلميذ فيما يخص ممارسة المواطنة، نستطيع من خلال قراءة أولية للكتب المدرسية القول بأن هذه المسألة تطرح من خلال سبعة مداخل أساسية (حتى وإن كان هذا التقسيم لا يخلو من التداخل بعض الشيء)، فهذه المداخل يمكن معالجتها سواء بشكل متزامن أو بشكل متفاوت تبعا للسنوات التي يدرس خلالها هذا التخصص في هذه الدول. ونقترح أن ندرسها وفقا للتسلسل التالي:

- التمثلات الهوياتية الفردية أو الجماعية في علاقتهما بالأمة ورموزها،

- الحياة الجماعية، مبادئ التضامن والقيم الاجتماعية الأخرى،

- الإدارة، المصالح العمومية والدولة بشكل عام،

- الديمقراطية وما يتصل بها من حوار، تسامح ومسؤولية،

- واجبات وحقوق التلميذ و المواطن،

- أهمية التراث الثقافي، للعلم و التكنولوجيا ولحماية البيئة،

- العلاقات الدولية والحفاظ على السلم والأمن في العالم.

V.تدريس المواطنة في الجزائر

1. تمثل الهوية

يتم معالجة هذه المسألة طيلة ستّ سنوات (السنة أولى، الثالثة، الرابعة والخامسة ابتدائي، ثم السنة الأولى والثانية من الطور المتوسط).

يتم خلال السنة الأولى ابتدائي معالجة موضوع الهوية الشخصية منذ الولادة إلى التسجيل في الحالة المدنية وكيف تبدأ في التبلور من خلال الوسط العائلي، المدرسة، علاقتها بالجوار وكل ما يمكن أن يحتك به الفرد منذ الطفولة. يحتوي الكتاب في الواقع صورا تُعرض على الطفل للتعليق عليها ولا يتضمن سوى القليل من النصوص باعتبار أن الطفل لا يزال في بداية المسار التعليمي.

يصوغ البرنامج الخاص بالسنة الثالثة من الطور نفسه العلاقة بين مفهومي الهوية والمواطنة من خلال عرض موضوع الوطن الجزائري و ذلك من خلال عرضه على خريطة جغرافية والعروض الشاملة المختلفة، وأيضا من خلال الوثائق الرسمية للهوية والأعياد الدينية والوطنية.

يعود البرنامج خلال السنة الرابعة من هذا التعليم إلى الحديث عن هذه الأعياد وتواريخها مثلما ترد على رزنامة التأريخ الهجري والمدني.

ويبرز موضوع المواطنة من جديد خلال السنة الخامسة لاسيما من خلال الهوية الوطنية وتعلم النشيد الوطني إلى جانب أناشيد وطنية الأخرى.

في الطور المتوسط، يثير كتاب السنة الأولى موضوع الثقافة وممارسة المواطنة، يقدم الموضوع في علاقته بالجنسية ومصالح الحالة المدنية، بينما يصوغ الكتاب في السنة الثانية المواطنة في علاقتها بالقيم الاجتماعية (العائلة والمجتمع، الأعراف والتقاليد) والهوية الوطنية. يقدم إلى جانب ذلك عرضا عن رموز الأمة وسيادتها ومقدمة متعلقة بالحقوق والواجبات.

يتبين من خلال مجمل الدُروس أن التعليم يهدف أساسا إلى مساعدة التلميذ لاكتساب معالم هويته التي تربطه بمحيطه الاجتماعي والثقافي منذ الخلية الأساسية المتمثلة في العائلة إلى غاية إدراك المجموعة الوطنية التي يشارك فيها، كما يسعى إلى تلقينه المرجعيات الأساسية.

2. الحياة الجماعية والتضامن

يتم التركيز على العناصر المتعلقة بالحياة الجماعية، التكافل والتضامن من السنة الثانية إلى الخامسة من التعليم الابتدائي، ثم خلال السنتين الأولى والثانية من الطور المتوسط أي خلال ست سنوات من التعليم.

يسعى كتاب السنة الثانية إلى توضيح التكافل من خلال تقديم مثال نملتين تحملان معا حبة طعام موجهة دون شك إلى المجموعة، وطفلين يحملان معا قفة مشتريات. يعرض الكتاب ذاته المساعدة الواجب تقديمها للمسن حتى يتسنى له التنقل وأيضا مساهمة الفتاة في الأشغال المنزلية. ويمكن إلى جانب ذلك أن نرى الأطفال وكيف يشاركون معا في أشغال الاعتناء بالحديقة والنظافة.

يتم خلال السنة الثالثة من التعليم الابتدائي تثمين المساعدات للمنكوبين ضحايا الكوارث، وتثمين روح العمل الجماعية خلال النشاطات الرياضية والأعمال شبه البيداغوجية الهادفة للمتعة وللتسلية.

يركز التعليم خلال السنة الرابعة من هذا الطور على قواعد الأمن والنجدة فضلا عن مهام صناديق الضمان الاجتماعي. ينتقل كتاب السنة الخامسة إلى طرح الميزانية العائلية والقواعد التي تسيّر التجارة والتبادلات وكل ما يتصل بالتبذير والاقتصاد بشكل عام.

يعالج التعليم المتوسط في سنته الاُولى مميزات الحياة الجماعية داخل المؤسسات المدرسية (التنظيمات المتعلقة بحقوق وواجبات التلميذ، وعمل جمعيات أولياء التلاميذ).ويعود الكتاب في السنة الثانية من هذا التعليم إلى القيم الاجتماعية : الأسرة والمجتمع العادات والتقليد (تعدد أشكال اللباس والطقوس) وضرورة التكافل والتضامن (على المستوى الوطني والدولي).

يحظى هنا المدخل الهوياتي الذي طرحناه سابقا بأهمية خاصة ويبرز بشكل ملفت في العلاقة مع الآخر والنشاط التّضامني.

3. الإدارة، الدولة و المصالح العمومية

يحتل عمل الإدارة والمصالح العمومية والمهام المسندة إليها مكانة هامة في البرامج التعليمية لاسيما خلال السنة الثانية والرابعة من التعليم الابتدائي وخلال السنوات الأربع من التعليم المتوسط .

يهتم التعليم منذ السنة الثانية ابتدائي بالمؤسسة المدرسية ويتواصل الاهتمام بها بشكل أعمق في السنة الأولى من التعليم المتوسط إلى جانب المؤسسات الأخرى، المراكز الاستشفائية، البريد والبلدية وأيضا المؤسسة القضائية. يمتد هذا التعليم خلال السنة الثالثة إلى مصالح الولاية، المحاكم، الأملاك العمومية والضمان الاجتماعي. يتناول برنامج السنة الرابعة الأجهزة المركزية للدولة وتقسيم السلطات كما يقدم عرضا للدستور والمحكمة العليا.

يقف التلميذ من وراء هذا التعليم عل معالم الشخصية الفردية و الاجتماعية في علاقتها مع الادارة العمومية ومختلف مؤسسات الدولة.

لا يقتصر درس التربية المدنية على عرض عناصر الثلاثي: فرد - مجتمع –دولة، فهذه المركبات المختلفة ستتفاعل فيما بينها من خلال العمل الديمقراطي المنتج لفضاء عمومي ومع عناصر أخرى مثل الثقافة والتراث والمحيط الطبيعي والعالمي.

4. الديمقراطية وما يرتبط بها من حوار و تسامح و مسؤولية

تقدم العلاقة بين الفرد، المجتمع والدولة على أنها محكومة بقواعد متصلة بالتسيير الديمقراطي. تفترض الديمقراطية مثلما يبرز ذلك في كتاب السنة الثانية من التعليم الابتدائي، إمكانية الحوار مع الآخرين بمعنى قبول وجهات نظر مخالفة والحق في الوصول إلى المسؤولية في تسيير الشؤون العامّة.

في السنة الثالثة تُطرح مسألة احترام حرية الآخرين والقانون والقبول بالعيش المشترك في إطار احترام الاختلاف.

يدرج في السنة الرابعة مفهوم الفعل الانتخابي لتعيين ممثلي الأقسام وطرق عمل الجمعيات الثقافية والرياضية. تربط الديمقراطية بالالتزام بالبقاء إلى جانب الحق كما هو الحال بالنسبة للوضع المسلط على الشعب الفلسطيني.

ينتهي برنامج الفصل الابتدائي أي السنة الخامسة بموضوع المجالس الشعبية المنتخبة وتسييرها للشؤون العامة (على مستوى البلدية، الولاية أو على المستوى الوطني).

يزيد الاهتمام بالفعل الانتخابي من أجل تعيين المسؤولين في مرحلة التعليم المتوسط، ففي السنة الثانية من هذا التعليم يتم التطّرق إلى المجلس الشعبي البلدي، وينتقل في السنة الثالثة إلى المجلس الشعبي الولائي و الحركة الجمعوية ويعود كذلك إلى نوعية الحوار. ويتناول التعليم في السنة الرابعة من هذه المرحلة الهيئات الوطنية التي يميز الدستور بين مسؤولياتها فضلا عن عمل الأحزاب السياسية والنقابات وتثمين حرية التعبير. و بطبيعة الحال، فالديمقراطية وممارسة المواطنة تفترض واجبات وحقوق مثلما ذكرنا ذلك.

5. الواجبات والحقوق

يتوجه هذا التعليم أي التربية المدنية للأطفال المتمدرسين في الطورين الابتدائي والمتوسط والذين يتراوح سنهم ما بين ست وخمس عشرة سنة. ويفسر ذلك أسباب تلقين الأطفال القواعد الأولى فيما يخص الحقوق والواجبات للعيش في المجتمع، النظم الأخلاقية والمدنية التي نختصرها في العناصر التالية:

يركّز التعليم منذ السنة الأولى الابتدائي على التعاون المتبادل، احترام الآخر والتهذيب؛ احترام سلطة الوالدين والمعلّم وتعلّم معايير الوقاية والأمن.

تتواصل التنشئة في المواضيع نفسها خلال السنين اللاحقة، إذ في السنتين الثانية والثالثة يقدم للتلميذ مقدمة في مبادئ الحوار والتسامح، التنظيم المدرسي والمحافظة على البيئة. ينتقل في السنتين الرابعة والخامسة إلى أبجديات المسؤولية الفردية واحترام القانون والرموز الوطنية مع إحياء فيه الاهتمام بالدراسة والعلم.

في المرحلة المتوسطة يفتح أمامه مجال التقاليد والأعراف (السنة الثانية من الطور المتوسط) واحترام المؤسسات والقانون وتتم توعيته لتجنب الآفات الاجتماعية مثلما هو الحال في السنة الثالثة من هذه المرحلة.

يتم ربط مسألة الحقوق بإرادة التنشئة المدنية من خلال مواضيع تبدأ منذ مرحلة التعليم الاولى والتي تحيل إلى الحق في التعبير( انطلاقا من السنة الثانية ابتدائي)، المشاركة في انتخاب ممثل القسم وتشكيل معارف حول الإعلام والاتصال (السنة الرابعة من الطور نفسه)، وتشمل المواضيع بعد ذلك مسألة التمرس والحماية الصحية والمنح العائلية ( السنة الخامسة ابتدائي).

يتطرق التعليم في مرحلة المتوسط  إلى مسائل متعلقة بالرقي الثقافي والعلمي والانتخاب السياسي ( السنة الثانية متوسط) ثم إلى الحماية الاجتماعية، الحركة الجمعوية والنقابية والأحزاب السياسية وذلك خلال السنة الثالثة والرابعة من هذا التعليم.

تُخصّص خلال السنة الرابعة ما يُقارب العشرين صفحة لمسألة حقوق الإنسان وانتهاكاتها وترفق بتقديم للأحكام الأساسية للإعلان العالمي لسنة 1948 دون نسيان التركيز على الحق في العيش المشترك في ظل السلم والأمن.

6. التراث الثقافي، العلم، التكنولوجيا والمحيط

بعيدا عن علاقة المجتمع بالنظام السياسي، تدرج مسألة المواطنة ضمن كل شامل، يوظف فيه التراث الثقافي وعلاقة الإنسان بالقدرة على التحكم في المعرفة العلمية والتكنولوجية والبيئة الطبيعية وغير ذلك من العناصر التي يمكن استخلاصها من قراءة البرنامج ومناهج التربية المدنية.

يتم خلال السنة الخامسة من التعليم الابتدائي والأولى متوسط التوسع في موضوع الحياة الثقافية والتراث التاريخي والعالمي ثم يأتي التوّسع في موضوع دور المكتبات خلال السنة الرابعة من التعليم المتوسط. لا تغفل معالجة هذه المواضيع ضرورة التحكم في المعرفة العلمية والتكنولوجية مثلما يتجلى ذلك في الأهمية التي يوليها المحتوى للتقنيات الحديثة المستعملة في مجال الإعلام والاتصال خلال السنة الرابعة ابتدائي والثالثة والرابعة من الطور المتوسط، وتولى للثنائية العلم/ العمل أهمية جلية خلال السنة الثانية متوسط (أين يتم كذلك التّركيز على الآثار السلبية للأمية).

تلقى ضرورة التكّيف مع البيئة التكنولوجية والطبيعية عرضا تفصيليا في إطار التمييز بين الثنائية ريف/ مدينة وذلك طيلة التدريس في السنتين الأولى والخامسة ابتدائي، بينما ينحى التعليم خلال السنة الثالثة ابتدائي والثالثة متوسط إلى التركيز على الوقاية من المخاطر  الناجمة عن التغذية، والمخاطر التي تهدد حياة  الطفل في البيت (الآلات المنزلية) أو خارجه (حركة المرور وغيرها من المخاطر) ويظهر الاهتمام بهذه المواضع في الحقيقة خلال كل سنوات المرحلة الابتدائية.

يعالج التعليم موضوع المحيط الطبيعي وضرورة حمايته خلال السنوات التسع في مادة التربية المدنية من خلال التطرق إلى الواقع الأيكولوجية، المساحات الخضراء والموارد التي نستخرجها (مثل الماء، الطاقة، التغذية...)، ويقضي ذلك تفادي مخاطر التلوث والإسراف وترقية قواعد الوقاية والحماية الصحية.

7. العلاقات الدولية والمحافظة على السلم والأمن في العالم

يتم التطرق إلى علاقات الجزائر مع المجموعة الدولية بشكل خاص خلال السنة الثالثة متوسط لعرض المهام المسندة للتمثيليات الدبلوماسية والقنصلية الجزائرية في الخارج ولاسيما مراعاة شؤون المهاجرين الجزائريين المقيمين بالخارج ونشاطات أخرى مثل التعاون والتدخل لتقديم المساعدة الإنسانية (عن طريق الهلال الأحمر الجزائري).

تعرض خلال السنوات الثالثة والرابعة متوسط المنظمات الدولية التي تنخرط فيها الجزائر (منظمة الأمم المتحدة، الجامعة العربية...)، ولا يخلو برنامج السنة الرابعة من بعض العناصر المتعلقة بالمحافظة على السلم والأمن في العالم إضافة إلى التهديد النووي.

الفصل الثاني: تدريس المواطنة في الكتب المدرسية المغربية والتونسية

1. حالة الكتب المدرسية المغربية

أ) تتم معالجة مسألة الهوية خاصة خلال السنة الرابعة ابتدائي، أين يسعى المحتوى إلى تنمية وعي الطفل بذاتيته في إطار العلاقة مع المحيط القريب الذي يعيش فيه (العائلة، المدرسة...)،ولا يخلو المحتوى هنا من ضرورة احترام الآخرين وما يتطلّبه ذلك من انضباط. يدرج خلال السنة السادسة من هذا التعليم مفهوم الجنسية، وتعرض فيما بعد، أي خلال السنة الثانية متوسط، الهوية الوطنية في صلتها مع الأرض، السكان والنظام المؤسساتي في علاقته مع القانون، النظام الملكي ومختلف السلطات الدستورية.

ب) يتم خلال السنة الخامسة ابتدائي تطوير التعليم المتعلق بالحياة الجماعية والتضامن في علاقتهما بالهوية وذلك في تواصل دائم مع الوسط العائلي والمدرسي أو حتى في الشارع وما ينطوي عليه من مخاطر مثل تلك المرتبطة بالحركة المرورية. ويربط هذا الموضوع خلال السنة الأولى متوسط بترقية القيم الاجتماعية والانسانية وفي السنة الثالثة بالحياة في المدرسة وفي المؤسسة، ويربط كذلك بمكافحة الآفات الاجتماعية (الأمية، السكن الهش، العنف، استغلال الأطفال...) و أخلقة الحياة العامة (مكافحة الرشوة).

لا تطرح المدرسة في طورها الابتدائي المسائل المتعلقة بالإدارة، المصالح العمومية والمؤسسات، إذ يتكفل بذلك التعليم المتوسط. يتم التطرق للدستور، القوانين، الملك ومختلف السلطات خلال السنة الثانية من هذا التعليم. وينتقل هذا التعليم في السنة الثالثة إلى مواضيع المصالح العمومية (الادارات، المؤسسات...)، وجهاز العدالة. 

يلج المتمدرس خلال السنة الرابعة ابتدائي إلى مدخل الديمقراطية وما يرتبط بها من حوار، تسامح ومسؤولية والتي تثمن من خلال احترام الآخر واحترام مبادئ الديمقراطية المحلية (مجلس القسم في المدرسة والمجالس البلدية  مثلما يعرض ذلك كتاب السنة الخامسة ابتدائي).يتم خلال السنة الأولى من التعليم المتوسط مقاربة الثنائي ديمقراطية/ دكتاتورية وموضوع التسامح الديني، ويطرح التعليم خلال السنتين الثانية والثالثة من الطور نفسه سير النظام المؤسساتي المغربي، دور الأحزاب السياسية، النقابات والصحافة.

- تعرف الميزة الديمقراطية إثراء انطلاقا من مدخل حقوق وواجبات الطفل والمواطن. يشرع في معالجة دور كليهما في مجال النشاط الاجتماعي والثقافي ابتداء من السنة الرابعة ابتدائي وتربط المسألة خلال السنة الخامسة بمواضيع الحريات والمواطنة.

تُشرح للتلميذ الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل خلال السنة السادسة ابتدائي وحقوق الانسان خلال السنة الأولى من المتوسط دون إغفال دور الحركة الجمعوية وضرورة الإشارة إلى الظواهر السلبية مثل التمييز الجنسي والعنصري.

يتطرق البرنامج خلال السنة الثانية متوسط إلى الحقوق المدنية السياسية والاجتماعية الثقافية، ومع نهاية السنة الثالثة من المرحلة نفسها يركز على حالات خاصة متعلقة باختراق الحقوق والوسائل القانونية لمحاربة ذلك.

تعالج المواضيع المرتبطة بالتراث، العلوم والبيئة (استهلاك الماء والكهرباء) خلال السنة الخامسة ابتدائي، بينما تطرح مسألة (حماية التراث، الموارد والبيئة محليا وعالميا) خلال السنة الثالثة متوسط.

يطرح موضوع العلاقات الدولية وكل ما يمس السلم والأمن خلال السنة الأولى متوسط (السلم العالمي، دور منظمة الأمم المتحدة)، وينتقل التعليم بالتلميذ خلال السنة الثالثة من هذا الطور إلى موضوع ( حوار الأديان والسلام في العالم).

2. المواطنة من خلال قراءة في الكتب المدرسية التونسية

أ- تظهر مسألة الهوية ابتداء من السنة الخامسة أساسي وذلك عبر دور الطفل في علاقته مع كل طرف من الشركاء الاجتماعيين المتمثلين في العائلة، المدرسة والأمة، وتمثّل جغرافي لتونس ورموز الوطن وما يمكن أن يترتب عن إنكار (النقابي "فرحات حاشد" الذي قتله الفرنسيون في ديسمبر 1952 والذي يقدم هنا كمثال). تطرح مرة أخرى في السنة الثانية أساسي مسألة الأمة في علاقتها مع الهوية الوطنية وإشكالية المواطنة.

ب- يبدأ الطفل منذ السنة الخامسة أساسي بمعرفة الأساسيات المرتبطة بالحياة المشتركة(التضامن والقيم الاجتماعية) كما رأينا بالنسبة للمدرسة، العائلة والأمة، لكن أيضا من خلال المخاطر والحماية مثل(حوادث الطرقات...)، احترام الجار والممتلكات. تظهر مسألة الهوية من جديد في السنة السابعة أساسي بفضاءاتها الاجتماعية الثلاثة المتمثلة في العائلة، المدرسة والمجتمع، من الثامنة أساسي تبدأ مشاركة التلميذ في الحياة العامة خصوصا داخل المدرسة، ثم في السنة الأولى ثانوي المشاركة في الحياة الثقافية والسياسية. في حين تُتناول مسألة مكافحة الفقر في السنة الثالثة ثانوي كَتَحَدِّ من بين التحديات العالمية.

ج- يبدأ التعريف بالإدارة والخدمات العمومية للدولة في السنة الخامسة أساسي، حيث يتعرف التلميذ على التقسيم الإداري للأقاليم، ليلتقي في السنة السادسة أساسي مع تقديم المؤسسات مثل الولاية (المحافظة)،الوزير الأول، رئاسة الجمهورية، ولكن أيضا الاحترام الواجب اتجاه الموظفين ومختلف الهيئات التي تكون مسؤوليتها محددة (خصوصا المشاكل التي لها علاقة بالصّحة والنظافة).

هذا اللقاء يمس في السنة أولى ثانوي سير عمل النظام المؤسساتي التونسي ويأخذ طابعا فلسفيا وتاريخيا في الغالب، أما في الثانية ثانوي فتطرح مسألة الدولة الحديثة وأصولها الموجودة في العالم الإسلامي خلال فترة القرون الوسطي أكثر منه في الغرب.

د- يُطرح موضوع الديمقراطية وعلاقتها بالحوار، التسامح والمسؤولية في السنة السادسة أساسي انطلاقا من مفاهيم القانون، المواطنة ومرجعيات سير النظام الانتخابي ويتعّرف التلميذ في السنة الثامنة أساسي على كيفيات انتخاب ممثلي الأقسام (في المدرسة) والمشاركة في الحياة عن طريق (الجمعيات والأحزاب السياسية ) فضلا عن الأهمية التي يكتسيها النظام الانتخابي الذي يُفترض أن يكون مجالا للتعددية والتداول على ممارسة المسؤوليات السياسية.

تُثّمن في السنة التاسعة أساسي عبارة المواطنة وما تقتضيه على المستوى السوسيو-ثقافي من ممارسة لمسؤولية التسامح، رفض التمييز العنصري والعنف، والحث على الحوار والتبادل. تعود عبارة المواطنة في السنة الأولى ثانوي لتطرح مسألة احترام التعددية ضمن الحقل السوسيوسياسي وفق مقاربة نظرية وتاريخية. تعرض على التلميذ في السنة الثانية ثانوي مرجعيات الدولة الديمقراطية الحديثة  أو دولة القانون(من النشأة إلى أيامنا هذه) والفرق الذي يميزها عن التوتاليتارية والمجتمع المدني.

هــ- تبرز الحقوق والواجبات (التي تناولنا بعض الجوانب منها في السابق) في الأجزاء الثمانية المعنية (من الخامسة أساسي إلى الثالثة ثانوي). ابتداء من الخامسة أساسي وعبر حقوق وواجبات الطفل والتلميذ وكذلك حقوق وواجبات مجموع المواطنين، فيما يتعلق بضرورة الدّفاع عن الوطن. وفي السادسة أساسي تُطرح العلاقة مع الخدمة العمومية (احترام القوانين، حقوق المواطنين). و في السابعة أساسي تُطرح حقوق الطفل من جديد ولكن أيضا مع حقوق المرأة والأشخاص المسنين وكل المواطنين(فيما يتعلق بالنشاط السياسي والاقتصادي). وفي الثامنة أساسي تطرح ضمن مجال النشاط الجمعوي والحزبي. تحدد في التاسعة أساسي الميادين التي تُمارس فيها الحقوق والحريات، الآراء والتعبير، النشر والصحافة، الاجتماعات، الجمعيات، التنقّلات واختيار مكان الإقامة، الصحة، التربية والشغل، المساواة أمام القانون مع الواجبات والالتزامات، الدفاع عن الوطن، دفع الضرائب واحترام القانون...

في التعليم الثانوي، يتناول التلميذ في الأولى ثانوي موضوع المشاركة في الحكم، وفي الثانية ثانوي موضوع دولة الحق، ثم في الثالثة ثانوي حقوق الإنسان بين العالمية والخصوصية بشكل عام، وتُدعّم الكتب المدرسية بنصوص لِكُتاب وتصريحات ذات مرجعية تونسية وعالمية(في الميدان المتعلق بالديمقراطية وحقوق الإنسان على وجه الخصوص).

ز- يأتي المدخل الذي يتناول التراث العلمي والتكنولوجي والمحيط في السنة التاسعة أساسي، عندما يتعلق الأمر بممارسة المسؤولية في المجالات السوسيو-ثقافية والطبيعية، كما تطرح أيضا في السنة الثالثة ثانوي إشكاليات لها علاقة بالتنمية المستدامة والتّحدي العلمي والتكنولوجي (على المستوى العالمي) وحماية البيئة.

ي- المدخل الأخير في النهاية ، والذي يتناول العلاقات الدولية، السلم والأمن في العالم، لا يظهر إلاّ في الثالثة ثانوي مع تقديم المنظمات العالمية والتحديات الدولية (الديمقراطية، العلمية والتكنولوجية)،الفقر، الأزمات وكذلك حماية البيئة.

الفصل الثالث: التشابه والاختلاف بين الكتب المدرسية في البلدان الثلاث

بعد أن قدمنا محتوى كتب التربية المدنية في البلدان الثلاث بالنسبة لكل سنة دراسية، وبعد دراسة مضامين التدريس بالتركيز على سبعة نقاط تم انتقاؤها، نستطيع المرور إلى مرحلة المقارنة وتسجيل بعض الملاحظات:

مقدمات فيما يخص المقارنة وحدودها

نقترح مقارنة برامج ومحتويات كتب لها غاية مشتركة في البلدان الثلاث، لاسيما غرس في أذهان الأطفال مبادئ التحضّر والمواطنة. تشير هذه المفاهيم إلى عدد قليل من المراجع التي تتضمن أعمال الفلسفة السياسية والسياسة والتي ترقى إلى مستوى العالمية والديمقراطية وما تمليه من حقوق وواجبات واحترام حقوق الإنسان. وعليه يجب الأخذ بعين الاعتبار بعض الصعوبات التي بإمكانها أن تأثر على النتائج المحقّقة، والتي نذكر البعض منها :

- يبقى الاستناد إلى العالمية في المجال الاجتماعي محدودا ولا يُشكّل كلا من ميداني علم الفلسفة السياسية وعلم السياسة في حقيقة الأمر علوما دقيقة.

- ترتبط المواطنة في الدول المغاربية الجنسية على وجه الخصوص ويمكن للأنظمة السياسية أن تتشابه لكن دون أن تتطابق، وكل دولة يحكمها ولو شكليا دستور وقوانين أخرى.

- تمارس كل دولة سيادتها في تأسيس برامج التعليم حسب الشرائح العمرية لتلاميذ المدارس. وهكذا وكما رأينا في من قبل، تدرس مادة التربية المدنية في الجزائر لمدة تسع سنوات ابتداء من السنة الأولى للطور الابتدائي (بدءا من ستة سنوات) حتى السنة الرابعة متوسط (أي في سن 15)، في حين تدرس في المغرب لمدة ستة سنوات فقط، أي من السنة الرابعة ابتدائي (في سن التاسعة) إلى غاية نهاية السنة الثالثة متوسط (سن 15). ترافق مادة التربية المدنية التلاميذ في تونس خلال ثمانية سنوات، من السنة الخامسة أساسي في سن العاشرة إلى السنة الثالثة ثانوي (عندما يبلغ التلميذ سن الثامنة عشر).

- باعتبار أن مصمّمي البرامج ومحرري الكتب بإمكانهم أن يضيفوا بصماتهم الشخصية فذلك يتطلب منا عدم الاكتفاء بعملية معالجة الكتب وإنما الاطلاع على دليل الأستاذ (المسألة التي لم نستطيع أن نلم بها كلية). لم يمنعنا ذلك من إجراء عملية مقارنة بين مختلف المضامين ومحاولة تأسيس مقاربة عن طريق المحتويات السبع المنتقاة انطلاقا من البرامج والكتب بالنسبة للبلدان الثلاث موضوع دراستنا.

مقارنة مختلف العوامل ومضامين برامج الكتب المدروسة في الدول الثلاث

1. الهوية الفردية والجماعية

تدرس هذه المسألة في البلدان الثلاث من زاوية الجمع بين ثلاث نقاط: الطفل في فردانيته، العلاقة مع المحيط القريب (العائلة، الجيران، المدرسة) وأخيرا كشف الهوية عن طريق الدولة وميزاتها ورموزها الأساسية، مع انفتاح على خطابات الجنسية والمواطنة. في الجزائر، نتعرض إلى المسألة مدة ستّ سنوات من مجموع تسعة (السنة الأولى، الثالثة، الرابعة والخامسة ابتدائي والسنة الأولى والثانية متوسط). في المغرب، تدرّس لمدة ثلاث سنوات (السنة الرابعة والسادسة ابتدائي والسنة الثانية متوسط) أما في تونس تدرس المسألة خلال سنتين من مجموع ثمانية سنوات (في السنة الخامسة والتاسعة أساسي).

2. الحياة الجماعية و التضامن و قيم اجتماعية أخرى

تثمن الحياة الجماعية بالمقدار نفسه في البلدان الثلاث، وتظهر ضرورية بالنسبة لرفاهية الفرد وبقاء المجتمع. قواعد النظافة، الحماية والانضباط، احترام الآخر وأهمية العمل، الدعم والتّضامن وكذلك محاربة الآفات الاجتماعية وهي كلها قيم يعمل على تجسيدها وإعطائها الأولوية.

تدرس هذه المسألة في الجزائر لمدة ست سنوات (من السنة الثانية إلى السنة الخامسة ابتدائي وبعدها في السنتين الأولى والثانية متوسط)، في المغرب تدرس طيلة ثلاث سنوات (في السنة الخامسة ابتدائي والأولى والثالثة متوسط) و أما في تونس فيرافق التلاميذ تلقين هذه القيم ضمن مادة التربية المدنية طيلة خمس سنوات من مجموع ثمانية (الخامسة، السابعة والثامنة أساسي والسنة أولى والثالثة ثانوي).

3. الإدارة و الخدمات العمومية و الدولة

تعطى لموضوع الإدارة و الخدمات العمومية و الدولة لما لها من فائدة اجتماعية بدءًا من المدرسة، البلدية و المركز الصحي إلى أعلى المؤسسات التي تسير البلاد. غالبا ما تُدرس وظيفة هذه المؤسسات في السهر على خدمة المواطنين، كما نُذكِّر بالعلاقة بين ممارسة المسؤولية والمشاركة في الانتخابات. يتم التعرّض إلى هذه النقطة في الجزائر طيلة ست سنوات (الثانية و الرابعة ابتدائي ومن السنة الأولى إلى السنة الرابعة متوسط) في حين تُدرّس لمدة عامين فقط من مجموع ستة سنوات في المغرب(في الثانية والثالثة متوسط) أما في تونس يدرس التلاميذ هذا الدرس لمدة أربع سنوات من أصل ثمانية(في السنة الخامسة والسادسة ابتدائي والأولى والثانية ثانوي).

4. الديمقراطية و الحوار و التسامح والمسؤولية

تهدف كتب التربية المدنية في البلدان الثلاث إلى إبراز أهمية الديمقراطية في علاقة فرد-مواطن، الجماعات مع الدولة. وهذا بطبيعة الحال عن طريق الانتخاب من أجل الحصول على مناصب المسؤولية المسجلة في مختلف الدساتير كما تهدف هذه الدروس إلى تسليط الضوء على الأهمية المعطاة للحركة الجمعوية والأحزاب السياسية وكل ما ينجر عنه من فضائل كالحوار واحترام آراء الآخرين بما فيها الرؤى الدينية. تبرمج هذه الدروس وفق برامج التربية المدنية في الجزائر خلال سبع سنوات من أصل تسعة(من الثانية إلى الخامسة ابتدائي ومن الأولى إلى الثالثة متوسط). أما في المغرب، فهي تتوزّع على خمس سنوات من مجموع ستة (الرابعة والخامسة ابتدائي ومن الأولى إلى الثالثة متوسط) في حين تدرّس في تونس على مدى خمس سنوات من أصل ثمانية (السادسة، الثامنة والتاسعة أساسي والثانية والأولى ثانوي).

5. الحقوق و الواجبات، البيئة و العلاقات الدولية

تعالج هذه المسألة في البلدان الثلاث بالتوجُّه في البداية إلى أطفال يتلقون مجموعة قواعد مطالبون باحترامها: النظافة والحماية، طاعة الوالدين واحترام نظام التعليم، كما يعمل المعلمون مبدئيا على تلقين مصطلح الحقوق: الحماية الأبوية، الصحة، التمدرس، الانفتاح الثقافي وحرية التّعبير. يدرس التلاميذ فيما بعد الحقوق و الواجبات المتعلقة بالمواطنة: احترام القانون، حريات الآخر، الرموز، السيادة الوطنية، الحريات الفردية والجماعية بما فيها حرية إبداء الرأي في شأن أي معلومة أو تنظيم، حق الانتخاب والمنتخب، الحق في العمل والحماية والضمان الاجتماعي، حقوق الأطفال، النساء والشيوخ...وهذا بالاعتماد على مراجع عالمية كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948).

يرافق التلاميذ في الجزائر برنامج الحقوق والواجبات طيلة فترة التّمدرس (ثمانية سنوات من أصل تسعة، من الأولى الى الخامسة ابتدائي ومن الثانية الى الرابعة متوسط)، في حين تدرس هذه المادة في المغرب لمدة ستة سنوات كاملة من التّعليم (من السنة الرابعة إلى السنة السادسة ابتدائي ومن السنة الأولى إلى السنة الثالثة متوسط)، في حين تدوم فترة تدريس هذه المادة في تونس ثمان سنوات (من الخامسة إلى التاسعة أساسي ومن الأولى إلى الثالثة ثانوي).

يأخذ تدريس التراث الثقافي والطبيعي لعلوم التكنولوجيا والحفاظ على البيئة حصة الأسد من الدروس المقدمة في مادة التربية المدنية في الجزائر (تسع سنوات)،الأمر الذي ينطبق على المغرب (خصوصا في السنة الخامسة ابتدائي والثالثة متوسط) وتونس (خصوصا في السنة التاسعة أساسي والثالثة ثانوي)،مع الأخذ بعين الاعتبار التراث التاريخي الوطني والعالمي وكذا المعرفة بصفة عامة في المجال التكنولوجي وغيره من المجالات، يتضمن برنامج هذه المادة أيضا دروسا حول الطبيعة والمحيط وما لهما من ثروات (ماء، طاقة، زراعة، وتنمية مستدامة).

وأخيرا العلاقات الدولية والحفاظ على السّلم والأمن في العالم، مواضيع يُتطّرق إليها في نهاية مرحلة التّمدرس (في السنة الثالثة والرابعة متوسط في الجزائر، في السنة الأولى والثالثة متوسط في المغرب وفي السنة ثالثة ثانوي فقط في تونس). تُدرس إلى جانب هذا، مسائل متعلقة بالدبلوماسية، أهم المؤسسات الدولية، الصراعات، الأمن، مدى خطورة النووي وأهم التحدّيات العالمية.

جدول يختزل المداخل حسب الدول وسنوات التدريس

6. مضامين متشابهة مع اختلافات بين البلدان الثلاث

نلاحظ من خلال ما سبق ذكره أن هناك تشابها كبيرا في مضامين كتب التربية المدنية في بلدان المغرب. لكن وكما يظهر فإن أوجه الاختلاف تكمن في المكانة المعطاة لكل عامل من العوامل التسعة التي تم التطرق إليها، وأكثر من ذلك، يظهر اختلاف كبير من خلال الحصة أو الفضاء الذي يخصصه كل بلد لبرامجه التربوية ولكتبه. تظهر على سبيل المثال العلاقة بالهوية بشكل فعّال في الكتب الجزائرية، حيث يتم تدريسها ست سنوات من أصل تسعة ضمن مادة التربية المدنية مقابل ثلاث من مجموع ستة سنوات بالنسبة للمغرب، والملفت للانتباه هو حال تونس حيث تقدر فترة تدريس المواضيع المتعلقة بالهوية بسنتين فقط من أصل ثماني سنوات. وعليه، بإمكاننا إسناد هذا الاختلاف إلى تاريخ الجزائر الذي جعل من الدولة أكثر حساسية وانتباها الى مسألة الهوية. فكيف نفسّر إذن أن المسائل المتعلقة بالتراث، العلم، التكنولوجية والبيئة تستطيع أن تستمر في البرامج الجزائرية خلال ثمانية سنوات مقابل تواجدها لمدة سنتين فقط في المغرب وفي تونس؟ نفس الشيء بالنسبة للمواضيع المتعلقة بالإدارة والخدمات العمومية التي تظهر كبرامج مطولة في الجزائر (ست سنوات) مقارنة بالمغرب (سنتين) وبتونس (أربع سنوات).

في حقيقة الأمر وكما اقترحنا سابقا نعتقد أن اختيار البرامج ومحتويات الكتب يتم بطريقة عشوائية خصوصا مادة التربية المدنية، مادة يترك فيها التدريس حسب الظروف الوطنية وهذا من قبل أهل الاختصاص في الجغرافيا، التاريخ، الآداب وأحيانا الفلسفة أو حتى أساتذة في التربية الدينية.

وينتج عن هذا أن الكتب الرسمية التي تنشر كل سنة دراسية ليست بالمحتوى نفسه كما هو الحال في الجزائر وتونس. بإمكان مجموعة ناشرين الحصول على رخصة نشر الكتب المدرسية كما يحصل في المغرب .

تأخذ بعين الاعتبار عوامل أخرى كتجمع أو تشتت أساتذة التعليم الابتدائي، المتوسط، الثانوي والجامعي تحت نفس الهيئة الإدارية وهذا دون تجاهل العامل اللغوي لدى الأساتذة (أحادي اللغة أو متعددي اللغات) إلى جانب تواجدهم في جيل كان في وقت ما هو المهيمن ويبدو مختلفا عن جيل الحاضر.

ونسجل أيضا تباين على مستوى الفئات العمرية للتلاميذ الذين توجه لهم مادة التربية المدنية في كل بلد من البلدان الثلاث (انطلاقا من سن السادسة إلى سن الخامسة عشر في الجزائر ومن سن التاسعة إلى الخامسة عشر في المغرب و من سن العاشرة إلى الثامنة عشر في تونس).

تتواجد أوجه الاختلاف نفسها على مستوى الحجم الساعي وعدد الصفحات المخصصة للتربية المدنية في كل بلد مغاربي، خاصة في المغرب وفي الطور الأساسي بتونس، أين نجد كتب في العلوم الاجتماعية تتضمن في الوقت نفسه التاريخ، الجغرافيا والتربية المدنية.

يجدر بنا مراعاة التوجيهات التي يقدمها مقرر والبرامج تصريحا أو ضمنيا والتي تتوافق مع برامج النظام السياسي المجسد على أرض الميدان، وهذا ما يظهر جليا من خلال الظهور الدائم لبورتري "صورة" الرئيس مرافقا أجهزة دولته وكذا الإنجازات المطالب بتحقيقها إلى جانب تصريحاته، أفعاله، حركاته وتصّرفاته.

يترتب عن هذا معيار دولي في مجال التربية المدنية والمواطنة يجب احترامه، معيار تضمنه التزامات مفروضة من قبل الهيئات الدولية وإبرام معاهدات واتفاقيات ومراسيم أخرى.

نجد على سبيل الذكر نصوصا ومواضيع مذكورة في كتب التربية المدنية تتعلق بحقوق العمل، الطفولة، المرأة، محاربة أشكال التمييز العنصري وزرع روح التسامح والحوار. هذا ما يفسر حضور العامل الديمقراطي وكل ما يترتب عنه من ثقافة الحوار، التسامح والمسؤولية في برامج التعليم للبلدان الثلاث : ففي الجزائر ترافق المواضيع المتعلقة بالديمقراطية التلاميذ خلال سبع سنوات من التدريس و هي خمس سنوات بالنسبة للمغرب، وثماني سنوات كاملة بتونس، كما نسجل حضور مواضيع العلاقات الدولية بنسبة قليلة خلال سنتين بالنسبة للجزائر والمغرب وسنة واحدة فقط بالنسبة لتونس.

إن الاستناد إلى المعايير العالمية للتسيير السياسي وحقوق الإنسان يجب أن يأخذ على عاتقه حركية المجتمعات وتنميتها دون تجاهل دور السياسي والديني في ذلك. فبالرغم من المطالبة بالعلمانية، فإن الإسلام يبقى دين الدولة، و هذا يظهر كثيرا في الكتب المغربية والجزائرية التي تتصّدر فيها البسملة مقدمة الكتاب. بإمكان القيم الحضارية أن تُبرّر بإقرانها بسورة قرآنية أو حديث شريف و هذا ما نلمسه في الكتب التونسية ذات الطابع العلماني.

7. المواطنة و الإسلام انطلاقا من قراءة الكتب الجزائرية

تتضمن الكتب الجزائرية عددا من المراجع التي تتخذ من الدين الاسلامي مرجعا لها. نذكر على سبيل المثال ما يلي:

- في السنة الأولى ابتدائي، يتم التذكير بالأعياد الدينية والأعياد الوطنية في الوقت نفسه.

- في السنة الثانية ابتدائي، يرافق مواضيع المياه سورة قرآنية.

- في السنة الثالثة ابتدائي، ترافق الأعياد الدينية سورة قرآنية للاستشهاد بمسألة النظافة وحماية المحيط.

- في السنة الرابعة ابتدائي، نسجل أيضا الأعياد الدينية والاستشهاد بالأحاديث.

- في السنة الخامسة ابتدائي، يرمز إلى يوم العلم (16أفريل من كل سنة ) بالثلاثية: علم، معرفة ووعي ديني.

- في السنة الأولى متوسط، يرافق أيضا مسألة الماء سورة قرآنية.

- في السنة الثانية متوسط، يُِستشهد بحديث للتأكيد على مسؤولية الإنسان في الحفاظ على البيئة.

- في السنة الثالثة متوسط، ثلاث سور قرآنية مذكورة بخصوص مكافحة الآفات الاجتماعية واحترام القانون.

- في السنة الرابعة متوسط، الشيء نفسه بالنسبة لممارسة الديمقراطية التي نبررها بذكر حديث وثلاث سور.

نلاحظ إذن أن الديني حاضر بقوة على الأقل في تسعة مستويات تعليمية من برامج التربية المدنية، أغلبها تبدأ بالبسملة، هذا إلى جانب وجود دروس أخرى خاصة بالتربية الإسلامية التي تتواصل إلى غاية الطّور الثانوي (التربية الدينية) مع تلقين من حين لآخر دروسا حول الديانات الأخرى.

تتخذ البرامج الرسمية القرآن والسنة مصدرا لها لتلقين أسس التربية المدنية كما هو الحال بالنسبة لبرامج السنة الثالثة للطور المتوسط التي صدرت في 2004. للتذكير فإن أولوية الاعتماد على المصدر الديني تأتي قبل الدستور، وقوانين البلاد، الأمر الذي يخلق غموضا لدى التلاميذ في حين أن حرية الضمير والمعتقد معترف بهما من طرف الدستور الذي ينص على ثقافة الحوار والتسامح ويوضح ما معنى سلوك المواطنة رغم وجود اختلاف نسبي بين ما يمليه الدستور وما يظهر في البرامج الدراسية بشأن المواطنة، ولاجتناب هذا الخلط يجب الإشارة إلى أن الاستدلالات والاستشهادات القائمة على الجانب الديني في الكتب المدرسية تظهر في غالبيتها "إيجابية" وتستخدم للدفاع عن مبادئ عالمية (قواعد النظافة، الحفاظ على المياه والبيئة، تنمية روح الديمقراطية...). هي نزعة تتماشى إذن مع الانفتاح على قيم الحوار والتسامح والتفكير المدني الذي سجل حضوره في برامج التربية الوطنية في نهاية التسعينات، أي في مرحلة عرفت "تسييس الدين"   بدرجة قصوى لاسيما بعد صعود الأحزاب السياسية والإرهاب في البلاد. الوضع نفسه عرفته بلدان المغرب المجاورة لكن ليس بدرجة التأثير نفسها.

لا يكمن المشكل في هذا السياق (الشرعية الدينية أو الشرعية عن طريق الدين) في معرفة مدى إمكانية توافق الدين مع حداثة النظام السياسي وتنمية المواطنة التي تملي حرية الأفراد، المسؤولية ومبادئ الحوار والإنسانية إلى جانب مسؤولية المدرسة كمؤسسة متواجدة في الفضاء العمومي. للتذكير فإن المجهودات المبذولة في إطار تجديد المنظومة التربوية لم تقتصر على مواد التربية الدينية والتربية المدنية ولكن شملت أيضا الانفتاح على اللغات الأجنبية وإعادة النظر في تدريس مواد أخرى كالفلسفة والتاريخ.

تظهر من هذا كله علاقة جد متينة بين المدرسة، التفكير النقدي والمواطنة، كما تمثل هذه المقاربة حول التربية المدنية والكتب المدرسية المستعملة في الجزائر و مقارنتها بالنموذجين المغربي والتونسي جانبا من دراسة إشكالية المواطنة. في الأخير نستطيع القول أن هذه النتائج والأعمال الأخرى التي أنجزت في الجزائر وفي بلدان أخرى تستحق أن تُدرس و يطلع عليها.

 ترجمة: مصطفى مجاهدي


الهوامش

*نشر هذا المقال باللغة الفرنسية: Le message de la citoyenneté à travers l’école : cas des manuels d’éducation civique. Etude comparée du cas algérien avec du Maroc et de la Tunisie.

في كتاب  موسوم الجزائر اليوم: مقاربات حول ممارسة المواطنة، تحت إشراف حسن رمعون، منشورات مركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية و الثقافية، المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية، الجزائر،2012.

[1] Education civique باللغة الفرنسية

[2] L’Office National des Publications Scolaires(O.N.P.S الديوان الوطني للمطبوعات المدرسية)

[3] 109 p. pour le manuel de 3èmea.p. réédité depuis 2005, format 28x20 cm.

[4] Le manuel de 4èmea.p. 127 p. réédité depuis 2006, format 28x20 cm.

[5] Le manuel de 5èmea.p. 96 p. réédité depuis 2007, format 28,5x20 cm.

[6]باللغة الفرنسية: Education à la citoyenneté .

[7] Le cycle moyen est appelé ici : Enseignement secondaire élémentaire, soit en arabe : التعليم الثانوي الإعدادي.

[8] Le 1er a été coédité en 2003 à Casablanca par Maktabat AS-Salâm al-Jadîda et Dâr Al âlmiyaLilKitâb, le livre de format 21×27cm comprend 127 pages dont 39 consacrés à la discipline (le reste étant réparti entre l’histoire, la géographie, la bibliographie générale et le sommaire pour chaque matière, une présentation des concepts et notions utilisé ; le second édité aussi à partir de 2003 à Rabat par Dâr an-nachrwa-l-marifa, comprend 112 pages, dont 40 consacrés à la discipline (en dehors de l’index conceptuel, de la bibliographie et des sommaires qui concernent les 3 disciplines. Format 21x27cm.

[9] Le premier édité en 2005 par Matbuaannajahal-jadida, (Casablanca), comprend 176 p., dont 53 p. traitant de l’éducation à la citoyenneté! Le second réédité en 2006-2007, par Nadia Edition comprend 175 p. dont 48 consacrées à la matière qui nous intéresse. Format 21x27cm.

[10] Le manuel considéré a été édité en 2004 à Casablanca par TOP Edition. Il est composé de 208 pages dont 58 consacrées aux cours d’éducation à la citoyenneté. Format 21x27 cm.

[11] Manuel d’éducation civique, de 1ère a.s., 115 pages, Format 27x20cm, Ed. 2009.

[12] Manuel de 2ème a.s., 168 pages, Format 27x20cm, s.d.

[13] Manuel de 3èmea.s., 72 pages, s.d. Format 27x20cm.

 

Appels à contribution

logo du crasc
insaniyat@ crasc.dz
C.R.A.S.C. B.P. 1955 El-M'Naouer Technopôle de l'USTO Bir El Djir 31000 Oran
+ 213 41 62 06 95
+ 213 41 62 07 03
+ 213 41 62 07 05
+ 213 41 62 07 11
+ 213 41 62 06 98
+ 213 41 62 07 04

Recherche