يقدم كتاب :"المواطنة في الجزائر اليوم : تمثلات و ممارسات" الذي شارك في محتواه أحد عشر باحثا اعتمدوا مداخل متعددة لمقاربة موضوع المواطنة في الجزائر اليوم. إذا كانت لحظة الاستقلال قد مثلت لحظة بلورة الجنسية الجزائرية فإنها عُدّت في الوقت نفسه لحظة بداية البحث عن بناء ورسم معالم المواطنة. يتعلق الأمر بالمساهمات التي حاولت مقاربة الأبعاد الفلسفية، المفاهيمية أو التاريخية لمفهوم المواطنة، سعت لتقديم التصورات والممارسات المرتبطة بمسألة المواطنة في الجزائر في الوقت الراهن.
يعود مفهوم المواطنة بالأذهان إلى المسار الذي عرفه تراث المدن – الدولة اليونانية والرومانية، وما عودة تجلي المفهوم بمعانيه الجديدة بداية من فلسفة الأنوار ولحظات تجلي الدول الوطنية في القرن الثامن عشر إلا تعبير عن شدة حاجة المجتمعات الإنسانية خصوصا في الغرب لبناء روابط تحاول أن تتجاوز الروابط الأولية للاجتماع الإنساني. محاولة طرح مقاربات حول واقع المواطنة في الجزائر من خلال مداخل متعددة ليست فقط ظرفية متعلقة بما يعرفه العالم العربي اليوم من موجة احتجاجات عارمة أدت في كثير من الأقطار إلى سقوط أنظمة الحكم وحتى التهديد الذي طال بقاء الدولة، وإنما هي خلاصة عمل مشروعي بحث حول موضوع المواطنة في الجزائر بدأ العمل فيهما منذ سنة 2004 وانتهى في أواخر 2010، ليكون الكتاب المقترح على القراء تعبير، عن جملة من الخلاصات النظرية والنتائج الميدانية حول مواضيع أثارتها نقاشات فرقتي البحث على مدار أكثر من ستة سنوات من العمل. تنطلق محتويات الكتاب من مجموعة من التساؤلات مثلت الإشكالية العامة للكتاب ولمشروعي البحث وهي: ما المواطنة؟ وكيف تم التعامل معها في المجتمع الجزائري؟ هل تبلورت المواطنة في الجزائر؟ هل اتخذت شكلا واضح المعالم؟ ما هي محفزاتها، عوائقها ورهاناتها؟
وزعت محتويات الكتاب على أربعة أبواب، احتوى كل منها مجموعة من الفصول. تناول الباب الأول الموسوم "المواطنة، مقاربات فلسفية، تاريخية ومؤسساتية" أربعة فصول عالجت "مفهوم المواطنة من خلال الفكر السياسي والتاريخ: عناصر من أجل مقاربة المفهوم"، "خطاب المواطنة من خلال اليوميات الوطنية: الإنتاج و التلقي" من خلال يوميتي الخبر والمجاهد، "المواطنة في خطابات الأحزاب السياسية" حالة حزب جبهة التحرير الوطني، حركة مجتمع السلم و جبهة القوى الاشتراكية، وموضوع " الحركة الجمعوية في الجزائر: نحو انطلاقة جديدة؟". احتوى الباب الثاني الموسوم "المواطنة، الهويات والحراك الاجتماعي" على أربعة فصول تناولت مواضيع "الحراك الاجتماعي والهوية السياسية في الجزائر"، "النساء في الفضاء السياسي: أقلية في حالة انبثاق؟"، "المواطنة والبيئة" و "متغيرات المواطنة في فرنسا: حالة الجزائرين و أبنائهم في فرنسا، سؤال برهانات متعددة".
اهتم الباب الثالث من الكتاب بـ"المواطنة والممارسات الانتخابية" وقد عالج ذلك في فصلين اثنين هما "المواطنة أمام تحديات المحلي: المنتخب المحلي والممارسات الانتخابية" حالة الانتخابات المحلية لسنة 2007 في ولايات وهران، سيدي بلعباس وغليزان و"مستخدمو تريفيلور والممارسات الانتخابية. خطاب حول المواطنة الاجتماعية" في مؤسسة صناعية عمومية، أما الباب الرابع من الكتاب الموسوم بـ "المواطنة والتنشئة الاجتماعية من خلال الدين والمدرسة" فقد تناولت محتويات فصليه مواضيع "الخطاب الديني ومسألة المواطنة في الجزائر اليوم: قراءة في الخطب المنبرية بمساجد وهران" و"رسالة المواطنة من خلال المدرسة: دراسة مقارنة للكتب المدرسية في مادة التربية المدنية في الجزائر، المغرب و تونس".
فؤاد نوار
