Sélectionnez votre langue

تحديات قطاع التربية في الجنوب الجزائري. دراسة ميدانية لمؤسسات التربية بمدينة بسكرة

الإشكالية

إن أهمية قطاع التربية والتعليم تفرض علينا دائما البحث فيه، ذلك أنه نظام مفتوح على باقي الأنظمة المشكلة للمجتمع فهو يتأثر بها ويِؤثر عليها كما أن القطاع يوصف دوما على أنه قطاع مستهلك ويأتي إنتاجه بعد فترات طويلة من الزمن والعمل فيه، لذا فأي استثمار فيه لا يكون من السهل تعويضه سريعا.

والجزائر من الدول الكثيرة الطامحة إلى بلوغ درجة عالية من التقدم والقضاء على مظاهر التخلف التي أصبحت سمة من سمات مجتمعها، فأخذت توجه جهودها في السنوات الأخيرة نحو قطاع التربية والتعليم كسبيل مضمون للتقدم والحصول على تنمية منشودة. وترجمت هذه الجهود في الإصلاحات الجذرية التي عرفتها المدرسة وكذا المجتمع الذي يعدّ جل أبنائه من المتمدرسين.

لذا حاولت، منذ نيلها لاستقلالها، أن تعطي للعالم صورة بأنها قادرة على إقامة المعالم الحضارية لوحدها، فكان قطاع التربية والتعليم بمثابة تحدّ لها، خاصة وأن هناك عدد كبير من أطفال الجزائر يطالب بحقه في التعلم، مما صعب الأمر كثيرا هذا في كان في سنوات الاستقلال الأولى، أما وبعد عقود فالتحدي قد تغير بسبب عوامل عدة خارجية وداخلية، لذا أصبح الهاجس هو كيف للمدرسة الجزائرية أن تواكب وتلحق بركب التقدم والحضارة خاصة.

لذا كان من الطبيعي أن تدخل الجزائر إصلاحات على هذا القطاع منذ نيل استقلالها، فعكفت على ترقيته وإيجاد الأنسب والأحدث له عن طريق سن العديد من القوانين والتشريعات التي تكفل لكل طفل جزائري وصل سن التمدرس مقعدا ومدرّسا، وجعله إجباريا ومجانيا، كما انتشرت المدارس في ربوعها المتباعدة دون أن ننسى تخصيص حصص كبيرة من الميزانيات التي تقدمها الدولة لقطاع يعد قطاعا خدماتيا، مع أن الجزائر تحتاج بذل هذه الميزانية على قطاع منتج.

إلا أنه ورغم هذه الجهود المبذولة نلاحظ أن القطاع يعاني من مشاكل وثغرات، فالمردود المدرسي المنخفض كما تعبّر عنه نتائج البكالوريا وباقي الشهادات و أرقام والرسوب والتسرب المثيرة للقلق، إضافة إلى تدني الأداء التربوي للمعلمين دون أن ننسى قدم المناهج الدراسية، كل هذا رسم صورة لواقع تربية وتعليم يتألم له كل غيور على هذا الوطن وكل حريص على رقي أفراده، لذا باشرت الدولة في إحداث تغييرات وإصلاحات علها تحسن نوعية التعليم وإعادة الثقة في خريجي مدارسنا ومؤسساتنا التربوية، خاصة على مستوى التعليم الابتدائي الذي يعدّ قاعدة هرم النظام التربوي وأرضية لغرس بذور الإبداع والتميز والفاعلية في نفوس الأجيال. وعلى مستوى التعليم الثانوي الذي هو الطريق المؤدي إلى قمة الهرم- الجامعة-، كان الإصلاح أمرا يتطلب دقة وموضوعية ومنهجية خاصة مع استبعاد المصادفة والمخاطرة عند القيام به، مما يجعل من العملية أمرا صعبا لأنه يصب في المجتمع مباشرة، وعليه وبعد كل هذا وغيره، فإن المنظومة التربوية فيها الكثير مما يستدعي الدراسة وهو ما دفعنا إلى اختيار دراستها بطريقة تتسم بالنقد والتحليل لواقعها الحالي الذي شهد تطبيق إصلاحات جذرية، وتتبع أهم محطاته أملا في إيجاد إجابة لسؤال يفرض نفسه هو: ما هي التحديات التي تجابه قطاع التربية في الجنوب الجزائري؟

فــروض الدراسة

انطلقت دراستنا من فرضيات تسهل علينا رسم الملامح الكبرى للموضوع، وقد جاءت على الصياغة التالية:

  1. 1. أدت المناهج الدراسية الجديدة إلى جعل مهمة التعلم أكثر يسرا مما كانت عليه في السابق

.2 الإصلاحات المطبقة على المنظومة التربوية وفرت الوسائل المادية والإيضاحية للمدرس.

  1. تؤثر المناهج الدراسية الجديدة إيجابا على طريقة التدريس التي يعتمدها المدرس.
  2. توفير الوسائل الإيضاحية وتغيير طريقة التدريس أدى إلى الرفع من التحصيل الدراسي الفصلي للتلميذ.

مـجالات الــدراسة

وضعت دراستنا ضمن ثلاثة حدود هي:

1.المجال المكاني:

تم الجزء الميداني من الدراسة في مدينة بسكرة حيث بدأنا باستطلاع المجال الجغرافي للمؤسسات التربوية قصد تحديد أماكن تواجدها والتعرف على عدد المؤسسات بالولاية وقمنا باختيار نسبة قدرت بـ 30% من مجموع المتوسطات - التسمية القديمة كانت الإكماليات- الموجودة في المدينة والبالغ عددها 26 متوسطة، وأخذنا ما مقداره 10% من مجموع الإبتدائيات التي تتوفر عليها مدينة بسكرة كحد أدنى وكذلك بسبب أن عدد التصريحات المقدمة من طرف مديرية التربية لولاية بسكرة لا يجب أن يتعدى عددها في أحسن الأحوال عشر رخص للقيام بالدراسة الميدانية.

وعليه تمت الدراسة الميدانية للمذكرة في مدينة بسكرة وعلى مستوى الإبتدائيات والمتوسطات فقط، ذلك أن مرحلة التعليم الثانوي لم يكن ليطبّق عليها أي إصلاح تربوي أثناء إجراء الدراسة الميدانية لذا تم استبعادها من دراستنا.

2.المجال الزمني:

دامت دراستنا الميدانية قرابة الشهر والنصف تقريبا وتمت عبر مراحل هي:

- النزول للميدان للاستطلاع: حيث تم التعرف على أماكن تواجد العشر مؤسسة التي ستتم بها الدراسة وكان ذلك في أواخر شهر أفريل2005 .

- توزيع الاستمارات وإجراء المقابلة: تم كل ذلك من 07/05/2005 وإلى غاية 26/05/2005، حيث وزعت الاستمارات على مختلف المعلمين والأساتذة بعد تعريفهم على طبيعة الموضوع وشرح بعض الأسئلة، كما تم إجراء المقابلات مع مدراء المدارس ومديري ومستشاري التربية والتوجيه في المتوسطات.

3.المجال البشري:

أما عن المجال البشري للدراسة فقد ضم مجموع أساتذة التعليم المتوسط ومعلمي المدارس الابتدائية الذين هم في التعليم لفترة تزيد عن خمس سنوات إضافة إلى مقابلات مع مدراء الإبتدائيات و المتوسّطات موضوع الدراسة.

المنهج المعتمد فـي الدراسة

انطلاقا من اعتبارات عدة فرضها موضوع البحث علينا، ومن الأهداف التي وضعت والمبينة أساسا على الدراسة النقدية التحليلية التي نحن بصدد إعدادها وجدنا أن أنسب أسلوب نعتمده في الدراسة هو المنهج الوصفي. كان الهدف منه جمع معلومات متصلة بظاهرة موجودة أصلا في المجتمع، وكذا مساعدتنا على إجراء مقارنة وتقييم بعض الظواهر واختيار العينة، إضافة إلى كشف ووصف تحديات المنظومة التربوية من خلال خطاب وتصورات القائمين عليها، حتى نتمكن من قراءتها قراءة تحليلية نقدية، مع استخدام مؤشرات للدراسة، نحاول من خلالها معرفة كيف أثرت الإصلاحات الأخيرة على تغيير ملامح هذا الواقع، خاصة أن نظرة الكثير من أفراد المجتمع الجزائري تملؤها الحسرة لما آل إليه قطاع التربية بسبب نتائج خريجه.

أدوات جــمع الـبيانات: استخدمنا كأدوات في جمع بيانات الدراسة مايلي:

الملاحظة:

 اعتمادنا على هذه الأداة من أجل جمع بعض المعلومات عن طريق رصد بعض سلوكيات التلاميذ أو الأساتذة داخل المؤسسة، وكذا التواجد الشخصي في بعض الحصص للقيام برصد العملية التعليمية التي تدار من طرف المدرس داخل القسم، أيضا اعتمدنا عليها بشكل كبير لملاحظة أهم الوسائل الإيضاحية التي يعتمدها المدرس وكيف أن غيابها يؤثر على السير الجيد للدرس، ومن النقاط التي وجب علينا ملاحظتها كانت بعض العلاقات الموجودة ضمن شبكة العلاقات الموجودة داخل المؤسسة التربوية كيف تؤثر على أداء المدرس وكذا تأثيرها بطريقة غير مباشرة على تحصيل التلاميذ مع ملاحظة الطريقة التي يعتمدها المدرس في تسيير الزمن الخاص بالدراسة، وكذا ملاحظة الشروط التدريسية(حجرة الدرس) التي يستخدمها المعلم والتلميذ طيلة أيام الأسبوع.       

المــقابلة:

 استخدمنا المقابلة في الدراسة الميدانية مع مديري و مستشاري التربية والتوجيه للمتوسطات، وكذا مديري بعض الإبتدائيات التي تم اختيارها، وهي نفس المؤسسات التي وزعت فيها استمارات البحث وكان هدفنا من وراء هذه المقابلات معرفة نظرة المسؤول الأول عن المؤسسة لتحدّيات التربية والتعليم في بسكرة، وكذا فهم بعض النقاط التي لا يعرف موقعها إلا هو، منها معرفة كيفية الاتصال مع المسؤولين وكبرى مشاكل المؤسسة التعليمية، وقد وجودنا من خلال بعض مقابلاتنا أن هناك اختلافا في المشاكل بين مؤسسة وأخرى وكذا التمويل الذي تتلقاه كل مؤسسة، فالمدارس الابتدائية التي تمول من طرف البلدية، أو من نشاط جمعية أولياء التلاميذ وضعيتها صعبة مقارنتها بالاكمالية التي تتلقى دعمها من الوزارة الممثلة في مديرية التربية. دارت جلّ الاسئلة حول وضعية المؤسسة التعليمية حاليا.

الإستبيان أو الاستمارة:

تضمنت الاستبيان قسمين من الأسئلة:

القسم الأول وضعنا فيه أسئلة خاصة بالمعلومات الشخصية للمبحوث، كالجنس والسن وعدد سنوات التدريس ووضعنا فيه عددا من الأسئلة قصد التعرف على جزئيات المبحوثين خاصة من ناحية طبيعة التكوين الأكاديمي، وعدد الأقسام التي يدرسها، ذلك أن كل ما تم السؤال عنه عوامل لها تأثيرها في الإجابة سواء على الأسئلة المفتوحة أو المغلقة، لكل أفراد العينة.

أما القسم الثاني فتضمن جملة من الأسئلة بلغ عددها ثمانية والعشرون سؤالا، مع تنوع في الأسئلة المفتوحة والمغلقة والأسئلة ذات الاحتمالات، وهذا حتى نترك للمدرس المجال ليعطي رأيه دون قيد وكان الهدف من ذلك الرغبة في اكتشاف نقاط لم ننتبه إليها قبلا.

و قسم هذا الجزء إلى أربعة محاور حسب عدد الفرضيات التي وضعناها سابقا، إذ أدرجنا لكل محور جملة من الأسئلة تقيس المؤشرات الموضوعة في الدراسة.

عينة الدراسة و كيفية اختيارها:

شملت عينة دراستنا أساتذة التعليم المتوسط ومعلمي التعليم الابتدائي، وقد قصدية، وكانت الشروط التي وضعناها هي:

- أن يكون المدرس قد درس في المنهاج القديم لمدة كافية.

- أن يدرس بالمنهاج الجديد المطبق أثناء ملئ الاستمارة.

- ألا يكون متربصا.

- أن تزيد خبرته في التدريس –عدد السنوات- أكثر من خمس سنوات.

و عليه، فقد تم استبعاد معلمي الطور الثاني من المدرسة الابتدائية، وكذا المدرسين الذين لم يدرسوا السنوات التعليمية التي تم فيها الإصلاح، إذ يفضل كثير من مدراء المؤسسات التربوية وضع الأستاذ الكفء يدرس سنوات التي سيجتاز التلاميذ فيها امتحانات مصيرية كشهادة التعليم الأساسي.

والنسبة المختارة للعينة كانت على الشكل التالي:

 

                      

                     النسبة الممثلةÏ المجتمع الأصلي

  عينة الدراسة:

                                        100 

                                     

                                           11 Ï990

بالنسبة لعينة المرحلة الابتدائية:                                = 108

                                            100

ولقد وضعنا نسبة 11 % وذلك حتى تتلاءم مع مجموع الأساتذة الذي وجد في عدد المؤسسات التي وقع عليها الإختيار للقيام بالدراسة الميدانية. إلا أنه وبعد جمع الاستمارات واستبعاد الاستمارات الملغاة تحصلنا على 95 إستمارة.

أما عينة أساتذة التعليم المتوسط فكانت على الشكل التالي:

 

                                18 Ï 743

عينة التعليم المتوسط:                                = 134.

                                  100 

وبعد الدراسة الاستطلاعية ومعرفة عدد الأساتذة الذين تتوفر فيهم الشروط السابقة الذكر تم توزيع الاستمارات، وبعد جمعها تم حذف الاستمارات التي فيها أخطاء، لنحصل في الأخير على90 إستمارة تم اعتمادها في الدراسة.

وقد تم صياغة استمارة لكل المدرسين في المرحلتين التعليميتين الموضوعتين قيد الدراسة، كما أننا حرصنا على أن يتم تسليم الاستمارات للاساتذة المعنيين شخصيا ومن دون وساطة. لم يتوفر العدد كله في المؤسسات التي أجريت فيها الدراسة الميدانية مما جعلنا نبحث عن مدرسين تتوفر فيهم نفس الشروط السابقة الذكر لكن في مؤسسات تعليمية أخرى موزعة على كامل الولاية لم يقع الاختيار عليها.

النتائــــــج العامة للدراســــة

كانت النتائج من خلال ما تم رصده في تحليل الجداول كما يلي:

1. البيانات العـامة للــدراسة

عينة دراستنا معظمها من فئة الإناث وذلك بنسبة تفوق 56.1% وهي نتيجة منطقية لأن الغالبية العظمى من الطلبة الذين يزاولون هذا النوع من التخصص هم إناث،  كما أن احتياجات قطاع التربية ولاية بسكرة لهن كبيرة بسبب طبيعة الطفل التي تتطلب تعامل شبيه بمعاملة الأم له، كذلك وجدنا أن سن أفراد العينة يتراوح بين 40 و45 سنة مع متوسط قدره 42 سنة وبلغت النسبة 27%، كما أن غالبية أفراد العينة هم من خريجي المعاهد أو المدارس العليا وذلك ما عبرت عنه النسبة 71.4%، وجل هؤلاء قضوا في قطاع التربية والتعليم فترة تزيد عن 22 سنة ووصلت نسبتهم 42.2%، ويزاولون عملهم ضمن أقسام تضم بين جدرانها أزيد من 42 تلميذ في القسم، وبعضهم بحكم التخصص يدرس أكثر من ثلاثة أقسام، ولقد اخترنا جميع المدرسين دون استثناء بمعنى المدرسين الذين يدرسون كل المواد الدراسية.

2. نتــائج الفرضـية الأولى

صيغت الفرضية كالتالي: أدت المناهج الدراسية الجديدة إلى جعل مهمة التعلم أكثر يسرا مما كانت عليه في السابق:

من خلال الجداول التي عبرت عن أسئلة الفرضية وجدنا أن المناهج الدراسية الجديدة صارت أحدث مما كانت عليه في السابق بفضل التغييرات التي وجدناها وبلغت النسبة المعبرة عن ذلك55.7% رغم أن المنهج الجديد قد اعتمد على المنهج القديم في بعض الجزئيات كما ذكر المدرسون، أيضا الشق التطبيقي فيه صار يحتل مكانا أكبر وقد عبر عن ذلك ما نسبته77.3% من أفراد العينة، دون أن نهمل نقطة مهمة وهي أن كثافة البرنامج قد قلت لكن ليس بالحد الذي يريده المدرسون، كما أن هناك عدد من التغيرات التي لمسها المدرس الجزائري في سير عمله مع التلاميذ منذ تطبيق المنهاج الجديد، منها أن التلميذ صار أكثر مشاركة من قبل بسبب الجانب التطبيقي للمنهج الذي يجعله دائم التفاعل والتركيز أثناء الدرس لإعادة تطبيقه. فمعرفة المدرس في منطقة بسكرة للأهداف والغايات المرجوة من كل درس أو محور سهل المهمة عليه كثيرا ووصلت النسبة المعبرة عن هذا الطرح 73%، أيضا جل المدرسين رأوا أن نتائج تلاميذهم حسنة والبعض من مدراء ومستشاري التربية وجدوها نتائج مبشرة وجيدة. من خلال النتائج المتحصل عليها من عملية تحليل البيانات نجد أن مهنة التدريس حاليا صارت أصعب مما كانت عليه خاصة مع غياب الوسائل، قلة الزاد المعرفي بجميع فروعه: العلمية والسيكولوجية وحتى اللغوية، مع وجود عدد كبير من التلاميذ في القسم في ولاية بسكرة، ومع كذلك حجم ساعي لم يناسب الخطة التي أمرت الوزارة الوصية العمل بها، كلها مؤشرات تنفي أن يكون المدرس الجزائري يقوم بمهمته بيسر. وهذا لا يثبت صحة الفرضية.

3. نتـائج الــفرضية الثانية

و قد صيغت كالتالي: الإصلاحات المطبقة على المنظومة التربوية وفرت الوسائل المادية والإيضاحية للمدرس:

من خلال تحليل الجداول التي تضمنت أسئلة تتمحور حول هذه الفرضية وجدنا ما يلي:

إن المنهج الدراسي الذي أرادت الوزارة الوصية تطبيقه يحتاج كثيرا إلى وسائل الإيضاح أكثر من المنهاج القديم ووصلت النسبة المعبرة عن ذلك54.1% أما توفير هذه الوسائل فقد كان شبه معدوم وإن وجدت فهي لا تكاد تؤدي الدور المرجو منها وهذا ما عبرت عليه النسبة والمقدرة بـ 40.5% وهذا لعدم كفايتها وتطورها حتى تسهل عمل المدرس في منطقة بسكرة، والحديث كله كان منصبا على الكتاب المدرسي كوسيلة متوفرة لكل تلميذ فوجدنا أنه من حيث المضمون حسن وبلغت النسبة المعبرة عن ذلك 54.1%، أما من باقي النواحي فقد حاز على رضا الجميع سواء أساتذة أو تلاميذ.

ونستخلص من هذا أن صحة الفرضية لم تثبت لأن الإصلاحات الأخيرة التي طبقتها وزارة التربية الوطنية لم توفر الوسائل الإيضاحية والمادية التي يحتاجها المدرس للقيام بوظيفة التدريس.وهي نفس النتيجة التي توصل إليها الطالب هويدي عبد الباسط في مذكرته عندما وجد أن عدم استقرار المنظومة التربوية بسبب الإصلاحات جعلها عائقا أمام تفعيل المنظومة التربوية للمساهمة في التنمية.

4. نـــتائج الــفرضية الثالثة

و قد صيغت على النحو التالي: تؤثر المناهج الدراسية الجديدة إيجابيا على طريقة التدريس التي يعتمدها المدرس:

من تحليل النتائج وجدنا أن تأثير تغيير المنهاج كان كبيرا على طريقة التدريس التي كان يعتمدها المدرس في ولاية بسكرة، فأفراد العينة أجابوا بأنهم غيروا طريقة تدريسهم مع تغيير المنهج الدراسي ووصلت النسبة المعبرة عن ذلك 70.3% ومنهم ما نسبته 59.4% قد حسن من طريقة تدريسه، وبالموازاة فالطريقة التي يجب على المدرس أن يدرس بها لا تتناسب والعدد الكبير للتلاميذ الموجودين في القسم –حوالي 45 تلميذ-في بعض مؤسسات ولاية بسكرة إضافة إلى زمن الحصة الذي هو غير كافي تماما للقيام بالعملية التربوية كما هو مطلوب ونسبة من أيد هذا الطرح 100%، فقد وأوضح ما نسبته 70.3% أن طريقة التدريس الحالية تعتمد بشكل كلي على وسائل إيضاح مهما كانت طبيعة المادة التي يدرسها، وهذا كله يثبت صحة فرضيتنا بأن التغيير الذي طرأ على المنهاج جعل المدرس يعرف طريقة جديدة في التدريس ويحسن من آدائه في القسم مما سيعود بالفائدة على قطاع التعليم ككل.

5. نــتائج الــفرضية الرابعة

وقد كانت بالعبارة التالية: توفير الوسائل الإيضاحية وتغيير طريقة التدريس أدى إلى رفع من التحصيل الدراسي الفصلي التلميذ:

وجدنا أن المشكل الأول الذي يعانيه كل الطاقم المدرسي دون استثناء وعبر كامل المؤسسات التربوية بولاية بسكرة كان نقص وسائل الإيضاح وهو من الأسباب التي تجعل المدرس يتخلى عن طريقة التدريس حتى لو كانت هي الأصلح، فالتلميذ الجزائري لا ينقصه الذكاء فقد زادت مشاركته في الإعداد للدرس وإحضار بعض الوسائل التي يحتاجها في القسم، وعبرت على هذا الطرح أزيد من 77.8% من أفراد العينة فقد تم تغيير المنهاج الدراسي بما يقتضيه التطور وبما تنادي به الدراسات الحديثة، وحسن المدرس من طريقة تدريسه في القسم وهما يشكلان نسبة 50.8% من ضمان تحسن نتائج التلميذ الفصلية فالعامة مما يمكنه من اجتياز عقبة الامتحانات المصيرية كالبكالوريا بيسر.

وعليه فتوفير بعض الاهتمام يجعل منه تلميذا ناجحا، إلا أن هذه العملية ككل تتطلب توفير وسائل الإيضاح له والوسائل المادية التي تعين المدرس لأن ما وفر له حتى الآن لم يزد من عنصر التشويق لديه ولم يجعله منتبه طول الحصة لذا فالنسبة التي عبرت عن ذلك هي 61.6%، خاصة وأننا وجدنا أن التلميذ قد شكل محور الإصلاحات التربوية الأخيرة وقد وجدنا نسبة 58.4%.

كما أن إثبات صحة هذه الفرضية مرهون بصحة الفرضية الثانية والتي لم تتحقق لأن الإصلاحات الأخيرة لم توفر الوسائل التي يعتمد عليها المدرس لشرح وتبسيط الدرس مما يضمن وصولها إلى التلميذ بطريقة سليمة، لذا الفرضية الرابعة صحيحة لأن توفير وسائل الإيضاح وجعل المدرس يحسن اختيار وتطبيق طريقة التدريس سيحسن من نتائج التلميذ وهذا ما ينقص المنظومة التربوية ككل.

خلاصة

 بناء على ما تمّ عرضه من نتائج، نتصور أن تحديات قطاع التربية في الجنوب الجزائري كبيرة جدا، فرغم ما لاحظناه من تحسن في المنهج الدراسي إلاّ أنّ عدد التلاميذ في القسم وكذا مستوى الأساتذة الأكاديمي يبدو منخفضا خاصة في اللغات، فالجميع قد فقد الثقة في تكوين الأستاذ القادم من الجامعة، كما أن ظروف العمل لم يحدث فيها أي تغيير بحطم مشكلة عدد التلاميذ، فكيف يقوم المدرس بوظيفته في قسم يضم وداخل الولاية بين 45 و50 تلميذا؟ وماذا سنجد من تلميذ غابت عن نفسه دافعية التعليم؟ و ماذا ننتظر من فرد لم يجد عملا فاتخذ من التعليم سبيل للحصول على لقمة العيش؟  أسئلة تكررت في خطاب الأساتذة المستجوبين.

نتصور أن تجاوز هذا الواقع يقتضي إعادة تكوين جميع عمال القطاع من إداريين ومفتشين وأساتذة بالدرجة الأولى والسهر على تلبية مطالبهم بما يساعد على التحسين من مستواهم المادي والمعرفي وهذا ما يسهل عليهم وظيفتهم. بالإضافة إلى توفير كل ما يتطلبه الدرس من وسائل إيضاح، دون أن نهمل عدد التلاميذ الذي يعد مشكلا كبيرا ذلك أنّه غير مطابق لما دعت إليه المراجع المختصة.

أحلام مرابط**


الهوامش

*مذكرة لنيل شهادة الماجستير في علم اجتماع، إشراف:أ.د بلقاسم سلاطنية، نوقشت بقسم علم الاجتماع، جامعة  بسكرة، سنة 2006.

** قسم علم الاجتماع، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة محمد خيضر، بسكرة.

 

 

Appels à contribution

logo du crasc
insaniyat@ crasc.dz
C.R.A.S.C. B.P. 1955 El-M'Naouer Technopôle de l'USTO Bir El Djir 31000 Oran
+ 213 41 62 06 95
+ 213 41 62 07 03
+ 213 41 62 07 05
+ 213 41 62 07 11
+ 213 41 62 06 98
+ 213 41 62 07 04

Recherche